الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الأبراج:
وتؤلف الأبراج والحصون صفحة من صفحات كتاب الفن المعماري والحربي في التاريخ الجاهلي. فقد بنيت لتؤدي واجب الدفاع والحماية والوقوف بجبروت وتعنت في وجه من يريد الكيد بمن يحتمي وراء تلك الحصون. وطبيعي أن تراعى في تصميمها وبنائها الأغراض التي من أجلها شيدت وبنيت والمكان الذي تقام عليه. ويراعى في جدران الحصون أن تكون سميكة وأن تبنى بمواد متماسكة تماسكًا شديدًا حتى لا تنهار عند ضرب المهاجمين لها ومحاولتهم تهديمها لإيجاد ثغر فيها يهجمون منها، وتنشأ فيها مخازن لخزن الأسلحة، ويُيَسَّر فيها الماء ومواد المعيشة التي يحتاج إليها المدافعون، وتحدث منافذ في أعالي الأبراج لرمي المهاجمين منها.
ويكون سمك الحائط عند القاعدة أكثر من سمكه أعلاه. وأما الأبواب المؤدية إلى الحصن، فإن الطريق إليها لا يكون مستقيمًا ممتدًّا، بل يأخذ اتجاهات مختلفة، ويمر بممرات وقاعات، ليكون في إمكان المدافعين الاحتماء بها حين يتمكن المهاجمون من اقتحام الباب الخارجي.
وتقام الأبراج فوق الأسوار والأبواب لحمايتها من المهاجمين. وتكون هندسة بنائها عندئذ متناسبة مع هندسة بناء السور أو أعلى الباب. وقد تنتهي بما يشبه الأسنان والأفاريز، ليتمكن المدافع من إصابة المهاجمين بما عنده من مواد مؤذية فيمنعهم بذلك من اقتحام السور ومن إلحاق أي أذى به. وذكر علماء العربية أن "البرج" بيت يبنى على السور والحصن. وقد يسمى بيتًا. وذكروا أن برج الحصن ركنه1. ولم يذكر أولئك العلماء أصل الكلمة. وهو من الألفاظ المعربة عن اليونانية، إذ هو Pirghos فيها. بمعنى "بناء" وبرج فوق بناء يدافع به المدافعون ولصدّ المهاجمين من التقدم نحوه2.
1 تاج العروس "2/ 7ح، "برج"، الكشاف "4/ 199" تفسير الطبري "30/ 127 وما بعدها".
2 غرائب اللغة "254".
الطرق:
وتوجد آثار طرق جاهلية في اليمن وفي بقية العربية الجنوبية مبلطة تبليطًا حسنًا،
وأخرى ممهدة تمهيدًا فنيًّا. وقد أنشئ بعضها في أرض جبلية وفي أرضين وعرة، وذلك باستعمال آلات بمهارة في قطع الصخور لإنشاء هذه الممرات. وأنشئ بعض آخر في الأودية وفي السهول برفق وعناية وقد كسيت ورصفت بالأحجار رصفًا متينًا قويًّا كالذي يظهر من بقايا هذه الطرق التي لا تزال متماسكة شديدة، تقاوم الأيام بالرغم من طول عمرها ومن عدم اهتمام الناس بها.
ومن الطرق الجاهلية التي وجدها السياح والباحثون، طريق "مبلقة""مبلقت"1 في وادي بيحان. الذي يتراوح طوله من ثلاثة أميال إلى أربعة أميال، ويرجع عهده إلى حوالي السنة "325" قبل الميلاد في تقدير بعض الباحثين2 وهو يؤدي إلى "حريب". وقد رصف وجهه وكسي بصفاح ضخم عريض. ونحت قسم منه طوله زهاء مئة قدم في الصخر نحتًا إلى عمق ثلاثين قدمًا، وذلك اختصارًا للمسافة. وهو عمل يقدر بالنسبة إلى ذلك الزمن3.
ومن هذه الطرق طريق مدرج عمله الجاهليون في المرتفعات المؤدية إلى "وادي ذنه" على مقربة من مأرب. "مدرج نقيل""نقيل مدرج". وقد نحت في الصخر4 وطريق آخر عرضه زهاء أربعة أمتار يقع شمال "معبر"، وطريق آخر يؤدي من هضبة "عقبة" إلى وادي عرمة ثم إلى "شبوة"5. وطريق في جنوب حافة جبل اللوذ، نحت نحتًا في الصخر حتى يؤدي بسالكيه من "خربة السود" إلى "كعاب اللوذ"6. ونجد طرقًا نحتت في صخور المرتفعات والهضاب والجبال لتؤدي إلى الحصون "العر" والمحافد والقصور والمدن مثل "عر ذو مرمر" و"عراتوت""حصن أتوت" في أرحب، و"قصر ريدان""ذو ريدان""جبل ريدان في بيحان"7.
وأشير في النص: Glaser إلى طريق جبلي،
1 "مبلقت" في الكتابات.
2 Arabien، S. 146
3 G. Ryckmans، In Le Museon، 62، 1949، Num: 399، P. 74، 77، Arabien، S. 148.
4 Arabien، S. 146
5 المصدر نفسه.
6 كذلك.
7 كذلك.
عمل على جبل "جحاف" في هضبة "الضالع"1.
ومن الطرق الجبلية المسماة "منقل" في المسند2، طريق في جبل "علمان" يؤدي إلى "مأرب"3. وقد ذكر علماء اللغة أن "المنقل: الطريق في الجبل"4.
وقد وصفه "هاملتون"، الطريق القديم الذي ربط عدن بالداخل5. وهناك طريق معروف مشهور اشتهر باسم "درب الفيل"، ينسب إلى "التبع أسعد كامل" في حوالي السنة "400" للميلاد، ومنه بقايا بين "تربة" ومواضع أخرى من أعالي اليمن6.
وقد وجدت شوارع المدن وطرقها مبلطة مرصوفة رصفًا حسنًا في بعض الأحيان بحجارة وضع بعضها فوق بعض، وربطت بينها مادة بناء مثل الجبس، ذات قوة وتماسك كقوة "السمنت" وتماسكه حين يجف. وقد رصف بعض آخر بحجارة مربعة أو مستطيلة قدت من صخر، وضع بعضها إلى جانب بعض وضعًا محكمًا بحيث بدت وكأنها حجر واحد، ورصف بعض آخر بحجارة هذبت أوجهها وصقلت وجعلت لها حواشي منخفضة، وحواشي بارزة يكون سمكها سمك القسم المنخفض من الحواشي المنخفضة حتى توضع فوقها فتغطيها، فتكون الأحجار متماسكة بذلك كقطعة واحدة7. وقد وجد بعض الطرق مكسوًّا بـ"الأسفلت".
وقد ذكر علماء اللغة أن "البلق" الرخام، وحجارة باليمن تضيء ما وراءها كالزجاج8. ولم يذكروا أن "مبلقة" بمعنى الطريق الممهد.
وقد تبين من فحص البقية الباقية من الطريق القريب من "غيمان"، وعهده أيام ما قبل الإسلام، أن تبليطه ورصفه لم يكونا على جانب كبير من الدقة
1 Arabien، S. 147، G. U. R. Yule، A Rock-Cut Himyarite Inscription on jabal Jahaf in the aden Hinterland، in PSBA، 27، 1905، 153-155، D. H. Muller، The Himyaritic Inscription from jabal jegaf، PSBA 28، 1906، 143
2 "نقيل" في اللغة اليمانية.
3 CIH، 418، Arabien، S. 147
4 اللسان، "نقل"، تاج العروس "8/ 143"، "نقل".
5 R. A. B. Hamilton، Archaeological Sites in the Western Aden Protectorate Gj، 101، 1943، 113، Rathjens، Sabaeica، I، 94، 139
6 Arabien، S. 147، Philby، Arabian Highlands، 183، 259، 365
7 Arabien، S. 147، Rathjens، Sabaeica، I، 94، 139
8 تاج العروس "6/ 298"، "بلق".