الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
نصيبه من اللحم لو فاز قدحه، فإن لم يخرج الفذ ولا التوأم وخرج الرقيب أخذ صاحبه ثلاثة أجزاء، ثم ضربوا ثانية فخرج المعلى، أخذ صاحبه السبعة الأجزاء الباقية، وهي تتمة الجزور، وكانت الغرامة على من لم يخرج قدحه، وهم أصحاب القداح الخمسة التي خابت. وقد ينحرون جزورًا آخر لأن في القداح التي خابت نصيبًا يزيد على نصيب ما بقي من اللحم. وإن فضل من أجزاء اللحم شيء وقد خرجت القداح كلها كانت تلك الفاضلة لأهل الوبد من العشيرة، وهم أهل الضعف وسوء الحال1.
1 بلوغ الأرب "3/ 62 وما بعدها".
الأسفار:
ومن أيام الفرح والسرور عندهم يوم العودة من السفر ومن حقهم أن يفرحوا به. فقد كان السفر شاقًّا خطرًا في تلك الأيام، ولا سيما إذا طال. فقد يتعرض المسافر فيه للهلاك والموت جوعًا أو عطشًا، عدا ما يتعرض له من السلب والنهب.
لذلك كانوا يحاولون جهدهم أن يسافروا جماعة وقوافل يتعاونون ويشد بعضهم أزر بعض. وكانوا إذا عادوا فرح أهلهم بعودتهم سالمين، وتلقوهم بالبشر والتهنئة، وذبحوا الذبائح ووزعوا لحومها بين الأصدقاء والفقراء، وأولموا الولائم للمهنئين والجيران. وكان أول ما يفعله المسافر إلى مكة عند عودته إلى مدينته الذهاب إلى "البيت" للطواف به ولشكر رب البيت على حمايته له وإغداقه نعمته عليه بالعودة سالمًا.
وقد عثر السياح والمنقبون عن الآثار في جزيرة العرب على كتابات جاهلية توسل فيها أصحابها إلى آلهتهم لترعاهم في سفرهم، وتحفظهم من لصوص الطرق ومن كل شر وسوء. وقد تعهدوا فيها بتقديم نذور لمعابدها بعد عودتهم سالمين غانمين.
كما عثر على كتابات فيها حمد وشكر لتلك الآلهة لأنها أجابت دعوة أصحاب الكتابات، فحمتهم ورحمتهم في سفرهم ويسرت لهم العودة سالمين.
وكانوا إذا أرادوا السفر عمدوا إلى فعل الجاهلية في زجر الطير والاستقسام بالأزلام لاختيار الطالع، فإذا خرج سهم "الأمر" فسروه بالأمر بالسفر، وإذا
خرج "النهي""الناهي"، انتهوا عنه1.
وكانوا إذا خرجوا إلى الأسفار أوقدوا نارًا بينهم وبين المنزل الذي يريدونه.
ولم يوقدوا بينهم وبين المنزل الذي خرجوا منه تفاؤلًا بالرجوع إليه2.
وللمهنئين بسلامة العودة، تعابير خاصة يقولونها للمسافرين حين السفر وحين العودة. وفي جملة ما كانوا يقولونه للإياب من السفر:"سفر رجيع". وسفر رجيع: مرجوع فيه مرارًا3.
ومن مناسبات الفرح والسرور، الإبلال من مرض والشفاء منه. فالشفاء من المرض عودة إلى الحياة وولادة من جديد، وعمر يضاف إلى عمر المريض. لذلك كان المرضى يتوسلون إلى آلهتهم أن تمن عليهم بالصحة والشفاء والعافية مما ابتلوا به، ويعدونها بتقديم نذر إن أعادت إليهم صحتهم وعافيتهم. وقد حصل المنقبون على ألواح كثير كتب فيها شكر وحمد وثناء على الآلهة لأنها أجابت دعوة صاحب الكتابة، فعافته من مرضه، ومنت عليه بالصحة والعافية، وأبرأته مما أصيب به من أمراض أو جروح في معارك، فهو يوفي بوعده لها ويقدم لها نذره ويحمدها على نعمها عليه. وقد يولمون وليمة يقولون لها "البلة"، و"البلّة" العافية من المرض4.
ويعود أهل الجاهلية مرضاهم، للإعراب لهم عن تمنياتهم لهم بالشفاء العاجل والإبلال من المرض، كما يعودونهم بعد الشفاء لتهنئتهم على عودة الصحة إليهم، وشفائهم مما ابتلوا به من مرض. ويقع "العود" من الرجال والنساء5. ويقال لمن حسنت حاله بعد الهزال، ولمن شفي من مرض "بل الرجل"، من مرضه و"بل من مرضه"، و"أبل"6.
1 ابن قيم الجوزية، كتاب الهدي النبوي "2/ 31"، "في هديه صلى الله عليه وسلم في أذكار السفر وآدابه".
2 بلوغ الأرب "2/ 324".
3 تاج العروس "5/ 351"، "رجع".
4 تاج العروس "7/ 233"، "بلل".
5 تاج العروس "2/ 436"، "عود".
6 تاج العروس "7/ 233"، "بلل".