الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يعطيها للفلاحين للاشتغال بها بشروط يتفق عليها معهم. ويكون الإقطاعي قد استفاد من إقطاعه من غير تعب أو جهد.
وفي الكتابات الجاهلية أن سادات القبائل كانوا يملكون إقطاعيات واسعة يديرونها باسم قبائلهم، وقد تزيد إقطاعياتهم عن حاجات القبيلة، لذلك يؤجرونها لقبائل أخرى تكون في حاجة إلى الأرض في مقابل خدمات تؤديها للقبيلة المؤجرة صاحبة الأرض وفي مقابل حقوق عينية تثبت وتعين وتدفع عند حلول الآجال المعينة في العقد. وتعتبر القبيلة التي تستغل الأرض نفسها تابعة للقبيلة التي تملك الأرض.
وللفقهاء آراء في الإقطاع في الإسلام، بأنواعه: إقطاع التمليك، وإقطاع الإرفاق، وإقطاع المَوَات1.
وقد عاش الإقطاعيون على استغلالهم لخيرات الأرضين الواسعة التي امتلكوها، والتي درَّت عليهم أموالًا طائلة، خلقت لهم قوة مهابة في البلاد، صيّرت بعضهم حكومة في داخل حكومة. عاشوا في قلاع وقصور حصينة حمتها حصون متينة، لهم أتباعهم وحرسهم، وصارت لهم سطوة لا تقل عن سطوة كبار رجال الدين، بل زادت على سطوتهم فيما بعد الميلاد، حيث صاروا ينافسون الملوك ويَتَحدوَّن إرادتهم في كثير من الأحايين، مما أقلق الوضع السياسي، وهزَّ صرح الحكومات. وأوجد مجالًا لتدخل الأحباش في شئون اليمن.
1 اللسان "8/ 281".
حقوق سادات القبائل وامتيازاتها:
ولسادات القبائل بحكم منازلهم ومكانتهم في قومهم امتيازات وحقوق، ولهم في مقابلها واجبات عليهم أدبيًّا تبعة القيام بها لرعيتهم، وهم أفراد القبيلة.
وفي جملة حقوق سيد القبيلة حق "المرباع" وهو حقه في أخذ ربع الغنائم إذا وقع الغزو1. وأخذ "المرباع" هو من أمارات الفخر والجاه والرئاسة عند العرب ولذلك كان يتباهى به من له هذا الحق، ويفتخر أهله بهذا الحق، لأنه من سيماء
1 اللسان "9/ 457"، تاج العروس "5/ 332" وما بعدها، المعاني الكبير "2/ 948"، النهاية "2/ 62"، الصاحبي "ص90".
الرئاسة والشرف. وقد افتخر "الزبرقان بن بدر التميمي" أمام الرسول بأنه من حي كرام، فلا حي يعادلهم منهم الملوك وفيهم يقسم الربع، أي: أنهم كانوا يأخذون ربع الغنيمة خالصًا، وهوالمرباع1. وكان "عديّ بن حاتم" ممن يأكل "المرباع"2. ويرى أن الرسول قال له:"إنك لتأكل المرباع وهو لا يحل لك في دينك"3.
وقد عرف سادات القبائل الذين يأخذون المرباع بـ"ذوي الآكال"4، ولهم مقام عندهم بالطبع، ولهذا منحوا امتيازات في الغنائم، فوقتهم على سائر الناس. وقد ذكرهم "ابن حبيب السُّكري"، فقال عنهم:"ذوو الآكال من وائل. وهم أشراف كانت الملوك تقطعهم القطائع. فأما مضر، فكانوا لقاحًا لا يدينون للملوك إلا بعض تميم ممن كان باليمامة وما صاقبها. فذوو الآكال: قيس بن مسعود بن قيس بن خالد بن عبد الله ذي الجدين بن عمرو بن الحارث بن همام بن مرة بن ذهل بن شيبان. وكان كسرى أطعمة الأبلة وثمانين قرية من قراها، ويزيد بن مسهر بن أصرم بن ثعلبة بن أسعد بن همام بن مُرّة بن ذهل بن شيبان، والحارث بن وعلة بن المجالد بن يثربي بن الزبّان بن الحارث بن مالك بن ذهل بن ثعلبة بن عكاية"5.
وذوو الآكال، سادة الأحياء الآخذين للمرباع وغيره. قال الأعشى:
حولي ذوو الآكال من وائل
…
كالليل من باد ومن حاضر6
والمرباع حق قديم نجده عند أكثر القبائل، وظلَّ إلى مجيء الإسلام، لا ينازعها عليه منازع من القبيلة، فكان آل الحارث بن عبد الله بن بكر يشكر المعروفون بالغطاريف يأخذون ربع ما يغنم الأزد جميعًا، لأن الرئاسة في
1
نحن الكرام فلا حي يعادلنا
…
منا الملوك وفينا يقسم الربع
شرح ديوان حسان "ص245""للبرقوقي"، اللسان "8/ 101"، النهاية "2/ 62".
2 معجم الشعراء "250".
3 النهاية "2/ 62"، اللسان "8/ 101""صادر".
4 شمس العلوم "حـ1 ق1 ص89".
5 المحبر "253".
6 تاج العروس "7/ 210"، "آكل".
الأزد كانت لهم1.
ومن أكل "المرباع""عامر الضحيان"، وكان سيّد "النمر بن قاسط" في الجاهلية وصاحب مرباعهم2.
ومن "المرباع" جاءت "الرباعة"، بمعنى الرئاسة. يقال: هو على رباعة قومه، أي: سيدهم. ويقال: ما في بني فلان من يضبط ربا عته غير فلان، أي: أمره وشأنه الذي عليه. ويقال: لا يقيم رباعة القوم غير فلان. و"الرباعة"3، الحال والطريقة والاستقامة. وفي كتاب الرسول للمهاجرين والأنصار: أنهم أمة واحدة على رباعتهم. أي: على استقامتهم. وأمرهم الذي كانوا عليه4.
ولسيد القبيلة حق آخر مفروض على قبيلته، هو حق "الصفايا"، وهو ما يصطفيه الرئيس لنفسه من الغنيمة من فرس وسلاح أو جارية وغير ذلك من الأموال قبل القسمة. وكانت "صفية بنت حيي" في جملة الصفايا التي اصطفاها الرسول لنفسه يوم خيبر، ومنه قيل للضياع التي يستخلصها السلطان لخاصته "الصوافي"5.
وقيل: الصفايا ما يصطفيه الرئيس لنفسه دون أصحابه مثل الفرس، وما لا يستقيم أن يقسم على الجيش لقلته وكثرة الجيش. وقيل: أيضًا الصفي أن يصطفي الرئيس لنفسه بعد الربع شيئًا كالناقة والفرس والجارية والصفى في الإسلام على تلك الحالة6.
ثم له حق "النشيطة"، وهو ما أصاب من الغنيمة قبل أن يصير إلى مجتمع الحي. وقيل: النشيطة من الغنيمة، ما أصاب الرئيس في الطريق قبل أن يصير إلى بيضة القوم. وقيل: ما يغنمه الغزاة في الطريق قبل بلوغهم المواضع التي قصدوها، أو ما أنشط من الغنائم ولم يوجفوا عليه بخيل ولا ركاب7.
وأما الفضول، وهو حق آخر من حقوق الرئيس، فهو ما عجز أن يقسم
1 الأغاني "12/ 48 وما بعدها".
2 الاشتاق "202".
3 بالفتح وتكسر.
4 تاج العروس "5/ 342 وما بعدها"، "بعد".
5 اللسان "9/ 457"، تاج العروس "5/ 232"، المعاني الكبير "2/ 948"، النهاية "2/ 292"، الخراج "22 وما بعدها"، الصاحبي "ص90"، النهاية "2/ 268".
6 تاج العروس "10/ 211"، صفا".
7 المعاني الكبير "2/ 949"، اللسان "7/ 414". تاج العروس "5/ 231"، الصاحبي "90".