الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والمزاح: الدعابة، والمزح نقيض الجد1. وليس في طبع العربي ميل إلى المزاح، إذ يراه منقصة بحق الرجل وإسفافًا يعرضه إلى التهكم والازدراء به.
وذكر بعض علماء اللغة أن الدعابة المزاح مع لعب2. وقيل: يتكلم بما يستملح3.
1 اللسان "2/ 593"، "صادر""مزح"، تاج العروس "2/ 222"، "مزح".
2 تاج العروس "2/ 407"، "الكويت"، "دعب".
3 تاج العروس "1/ 247"، "دعب".
الخصومات:
ويقع النزاع بين الناس، يقع بين الأهل كما يقع بين الجيران أو بين الأباعد. وقد يتحول إلى "عراك" وإلى وقوع معارك1. والمشاجرة الخلاف والاشتباك. وقد تكون المشاجرة بسيطة بأن يشاتم ويسابب طرف طرفًا آخر. ويعبر عن ذلك باللحاء. ونظرًا لجهل الناس في ذلك الوقت، فشا السباب والتشاتم بينهم. بين الرجال والرجال وبين النساء والنساء وبين الجنسين. وإذا طال واشتد تدخل الناس في الأمر لإصلاح ذات البين. وقد تتطور الخصومة البسيطة فتتحول إلى خصومة كبيرة يساهم فيها آل المتخاصمين وأحياؤهم، وقد يقع بسبب ذلك عدد من القتلى. وقد حفظت كتب الأخبار والأدب أسماء معارك وأيام، سقط فيها عدد من القتلى بسبب خصومات تافهة، كان بالإمكان غض النظر عنها، لو استعمل أحد الجانبين الحكمة والعقل في معالجة الحادث.
1 الحيوان "7/ 96"، "عداوات الناس"، "هارون".
قتل الوقت:
وقد أشرت إلى أن "النعمان بن المنذر" كان يستخدم المضحكين، وعلى رأسهم "سعد القرقرة" لإضحاكه. وقد عد في المستأكلين والمتطفلين. وقد استعان السادة والأشراف بالمضحكين أيضًا ليقصوا لهم القصص المضحك. والقرقرة الضحك إذا استغرب فيه. وقد لقب بها سعد هازل النعمان بن المنذر ملك الحيرة. كان يضحك منه1. وكان من أهل هجر2.
1 تاج العروس "3/ 488 وما بعدها"، "قرر".
2 تاج العروس "6/ 136"، "سدف".
والمخنثون مادة من مواد التسلية والفكاهة والطرب. وقد خصي بعضهم، وعادة الخصاء عادة قديمة معروفة عند مختلف الشعوب، ذلك لأنهم كانوا يدخلون على النساء في البيوت، فخصوا اتقاء حدوث اتصال بين هؤلاء والنساء. وكان في المدينة على عهد الرسول ثلاثة من المخنثين: هيت، وهرم، وماتع، فسار المثل من بينهم بهيت، فقيل: أخنث من هيت1. ومن المخنثين في الإسلام طويس، ويقال له: إنه أول من غنى بالمدينة في الإسلام، ونقر الدفّ المربع.
وكان أخذ طرائف الغناء عن سبي فارس. وقد خصي مع غيره من المخنثين.
وكان مألوفًا خليعًا يضحك كل ثكلى2.
وقد عير العرب بالخنث، والخنث من فيه انخناث وتثن. وهو المسترخي.
وهو جبان لا يطيق القتال. وتكون المرأة أشجع منه مع أنه رجل. ويقال للجمع: "الخناث". قال الشاعر:
لعمرك ما الخناث بنو قشير
…
بنسوان يلدن ولا رجال3
والمحمقون مادة من مواد التسلية والترويح عن النفس. ومنهم من اتخذ التحمق وسيلة للوصول إلى الملوك والسادات. ومنهم من كان محمقًا بطبعه. مثل هؤلاء يكونون وسيلة من وسائل السمر، بما يظهر منهم طبعًا أو تصنعًا من حمق. وقد عرف "نعامة"، واسمه "بيهس"، بالتحمق، فقيل:"أحمق من بيهس".
وهو من "بني ظالم بن فزارة"4. وذكر أنه أحد الأخوة السبعة الذين قتلوا وترك هو لحمقه. وهو القائل:
ألبس لكل حالة لبوسها
…
إما نعيمها وإما بوسها5
واشتهرت بمكة امرأة عرفت بالحمق. قيل لها: "خرقاء مكة". ذكر أنها كانت إذا أبرمت غزلها نقضته. فاشتهر أمرها حتى ضرب بها المثل. وإليها أشير
1 مجمع الأمثال "1/ 260"، إرشاد الساري "10/ 26 وما بعدها".
2 مجمع الأمثال "1/ 268 وما بعدها".
3 تاج العروسة "1/ 619 وما بعدها"، خنث".
4 المعارف "ص37"، "83"، "طبعة ثروت عكاشة".
5 تاج العروس "9/ 79"، "نعم".
في القرآن في قوله: {وَلا تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ} 1. "وقيل: المراد امرأة معينة من قريش: ريطة بنت سعد بن تيم. وكانت خرقاء. اتخذت مغزلًا قدر ذراع وصنارة مثل أصبع. وهي الحديدة في رأس المغزل وفلكه عظيمة على قدرها. وكانت تغزل هي وجواريها من الغداة إلى الظهر، ثم تأمرهن فينقضن ما غزلن"2. وذكر أن تلك المرأة هي:"ريطة بنت عمرو بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة"، وكانت امرأة حمقاء بمكة، وكانت تفعل ذلك3. والظاهر أن أهل مكة كانوا يتندرون بذكر حمقها، فضرب القرآن بها المثل لتذكير قريش قومها بها، لئلا يكونوا مثلها في الحمق.
وعرف الجاهليون لونًا آخر من ألوان الترويح عن النفس والترفيه عنها، هو التنزه في البساتين وفي مواطن الكلأ والأماكن الجميلة من البادية في أيام الربيع حيث تكتسي ببسط من الخضرة، وحيث تظهر الأزهار البرية، ذات الروائح الزكية.
فكان ملوك وأهل الحيرة يقضون أيامًا في المتنزهات القريبة منهم وفي مواطن في البادية يروحون عن أنفسهن ويتلهون بالصيد. وكان أهل يثرب يخرجون إلى "العقيق" متنزههم للتسلية4. وهكذا فعل غيرهم من سكان بلاد الشام وجزيرة العرب.
ومن ملوك الحيرة الذين ارتبط اسمهم باسم الأزهار التي تجود بهام البوادي أيام الربيع الملك "النعمان بن المنذر" فقد قيل للشقائق التي تنبتها البادية، مثل أرض النجف، "شقائق النعمان". قيل: إنها دعيت باسمه لأنه جاء إلى موضع وقد اعتم نبته من أصفر وأحمر، وإذا فيه من هذه الشقائق ما راقه ولم ير مثله، فحماها فسميت "شقائق النعمان" بذلك5.
وكان من عادة أهل مكة الذهاب إلى الطائف في أيام القيظ، للتخلص من حر مكة الشديد، لطيب هواء الطائف واعتداله، ولوجود الماء البارد بها الخارج من العيون والآبار. ولوجود مختلف الأثمار والخضرة بها. وقد كان لأغنياء مكة
1 سورة النحل، 16، الآية 92، تفسير الطبري "14/ 11".
2 تفسير النيسابوري، حاشية على تفسير الطبري "14/ 113".
3 الجامع لأحكام القرآن "10/ 171".
4 الأغاني "2/ 167""طبعة الساسي".
5 تاج العروس "6/ 398".