الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقد أشير إليها في الحديث. ويقال لها الوليجة، وهو الذي يختص بالولوج والاطلاع على باطن الأمر. وذكرت "البطانة" في القرآن. بمعنى مختصين بقوم، ويستبطن بهم الأمور1. فهم النخبة الخاصة التي يركن إليها في السراء والضراء وفي أخذ الرأي.
ولـ"سقاة" الملوك حظوة عند الملوك بحكم قربهم منهم واتصالهم بهم، ولا سيما وقت شرابهم، ويسمعون من أفواههم وبخاصة في أوقات الشراب أمورًا لا يبيحون بها في وقت صحوهم وشعورهم. وقد كانت "السقاية" منزلة رسمية كبيرة عند الفرس والأشوريين والعبرانيين2. وقد استعمل اللخميون والغساسنة السقاة، لإسقائهم الشراب ولإسقاء ضيوفهم أيضًا.
ولا يستبعد وجود "الخصيان" في قصور الملوك والأشراف. فقد كان من عادة الناس في ذلك الوقت استخدامهم في البيوت. فكانوا يدخلون على مخدرات الملوك والسادات، ويتصلون بهن، لخدمة البيت. ولهذا لجأ الملوك إلى شراء الخصيان، أو إخصاء مماليكهم حتى يكونوا بمأمن من اتصالهم بالقصر ودخولهم على نسائهم.
1 تاج العروس "9/ 141"، "بطن".
2 Hastings، P. 271، Hastings، A Dictionary of the Bible، I، p. 533
إدارة المملكة:
لا نستطيع أن نتكلم بوجه صحيح مضبوط عن كيفية إدارة المملكة عند الجاهليين وعن طرق توزيع العمال وتقسيم المملكة إلى وحدات إدارية يديرها الموظفون، وعن أسماء تلك الوحدات. إذ لم يصل أي شيء عن ذلك إلينا في كتابات المسند أو الكتابات الجاهلية الأخرى. كما لم يصل إلينا أي شيء عن النظم الإدارية الجاهلية في كتب أهل الأخبار والتواريخ.
وفي كتب اللغة والأدب مصطلحات ذات معان إدارية مثل "الطسوج" و"الكور" وردت فيها عرضًا، غير أن ما أورده علماء اللغة عنها لا يبين لنا بوضوح استعمالها ولا الأزمنة التي استعملت فيها، ولا المراد منها. فهم يقولون.
عن "الطسوج"، الطسوج: الناحية وربع الدانق. وقيل: مقدار من الوزن، وقيل: معرب واحد من طساسيج السواد. فنحن إذن أمام معان ثلاثة: هي جزء من دانق أو درهم، ومقدار من الوزن وجزء من أرض1. والمعنى الثالث هو المعنى الملائم لبحثنا، لأنه يدل على وحدة إدارية، كانت مستعملة في العراق بتأثير الحكم الفارسي.
وأما "الكور" فجمع "كورة". قال علماء اللغة: إنها المدينة والصقع، والمخلاف. وهي القرية من قرى اليمن2 والكلمة من أصل يوناني، هو "خورة" Khora. بمعنى ناحية من بلد، أي مصر. ولم يشر علماء اللغة إلى أنها كانت مستعملة في جزيرة العرب. ولعل العربية أخذتها من التقسيمات الإدارية لبلاد الشأم.
وجاء في أثناء حديث "الطبري" عن فتح "أمغيشيا" وعن سير خالد بن الوليد إليها، أنها كانت مصرًا كالحيرة3. وورد في كتب اللغة والأخبار أن "عمر" كان قد مصر الأمصار منها البصرة والكوفة. وذكر علماء اللغة أن المصر الحد4.
ويظهر من ذلك أن "أمغيشيا" كانت مصرًا، أي: من إمارات الحدود، التي أقيمت على الحدود المغربية للدولة الساسانية لحمايتها من الروم ومن غارات الأعراب وغزوهم. وكان أهلها على النصرانية. وأن لفظة "مصر" كانت تؤدي هذا المعنى عند ظهور الإسلام.
ولا تظهر التقسيمات الإدارية إلّا في حكومة كبيرة تحكم مساحة واسعة نوعًا ما.
لذا نستطيع أن نتحدث باطمئنان عن وجود تقسيمات إدارية في العربية الجنوبية، لأن حكوماتها كانت قد حكمت أرضين متسعة نوعًا ما، وجعلت البلاد في حكم موظفين تولوا إدارتها. وقسموها إلى وحدات إدارية. أما في الحجاز، فلما كان الغالب عليها عند ظهور الإسلام نظام حكم القرى والمدن، لذلك، فلا يمكن أن نجد فيه شيئًا من هذا التقسيم. وأما ملوك الحيرة، فقد عينوا عمالًا على الأقاليم التي حكموها. ولكن أهل الأخبار لم يذكروا شيئًا عن أنواع العمالات وعن درجات حكامها. لذلك لا نستطيع التحدث عنها بشيء.
1 تاج العروس "2/ 70"، "الطسوج".
2 اللسان "5/ 156"، "كور".
3 تاريخ الطبري "3/ 358"، "حديث أمغيشيا"، "مغش""أمغيشا"، تاج العروس 4/ 351"، "مغش".
4 تاج العروس "3/ 544"، "مصر".
ولقد سبق لي أن ذكرت أسماء بعض الوظائف والمناصب في الممالك العربية الجنوبية.
فقلت: مثلًا إن درجة "كبر" أي: "كبير" هي من المناصب العالية عند العرب الجنوبيين، و"الكبر" هو في مقام "محافظ" و"متصرف" و"عامل" في مصطلحات الدول العربية في يومنا هذا. ولا أسبتعد أن تكون تلك الدول قد أطلقت لفظة "كبر" على الوحدة الإدارية التي كانت تحت حكم الكبير.
و"المخلاف"، هي الكلمة التي ترد في كتب علماء اللغة والأخبار عن التقسيمات الإدارية الجغرافية لليمن، إذ يذكرون أن "المخلاف" مثل "الكورة" بالنسبة لأهل اليمن، وأن اليمن كانت مقسمة على مخاليف1.
ويعبر عن القرى بالأعراض، والواحد عرض جاء في بعض كتب عبد الملك بن مروان لعماله:"وليتك المدينة وأعراضها"، أي: قراها ونواحيها2.
وللقرى والمدن حدود ومعالم. خارجها ضاحيتها. وأما داخلها فجوفها، وهو من شعاب، ومن "ربعات". والربع و"الربعة" المحلة والشِعب وجماعة الناس3.
وقد أشير إلى "الرباع" في الكتاب الذي أمر الرسول بتدوينه بين "قريش" وأهل يثرب.
ويظهر أن الجاهليين قد عرفوا لفظة "الدسكرة"، بدليل ورودها في الحديث.
وقد ذكر بعض علماء اللغة أنها بناء كالقصر حوله بيوت ومنازل للخدم والحشم.
وخصصه بعضهم بالملوك. وقال قوم: القرية4. ويظهر أنهم أخذوها من الفارسية، فهي فيها مدينة وضيعة كبيرة.
و"الضواحي" النواحي، وضواحي الروم ما ظهر من بلادهم. وضواحي مدينة أو قرية، ما كان خارج السور أو خارج حدود المدينة أو القرية. وضواحي قريش، النازلون بظواهر مكة، ولذلك قيل لقريش: النازلة بظواهر مكة، قريش الظواهر. وأهل الضاحية، أو أهل الضواحي، هم أهل البادية، والساكنون على سيف الحضارة وحدودها5. وكانت الحكومات تحسب لهم حسابات، وتراقب أحوالهم، خشية مهاجمتهم الحضر.
1 اللسان "5/ 156"، "خلف".
2 شرح ديوان لبيد "ص92".
3 تاج العروس "5/ 338"، "ربع".
4 تاج العروس "3/ 207"، "دسكرة".
5 تاج العروس "10/ 217 وما بعدها"، "ضحى"، اللسان "14/ 481"، "ضحى".