الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والعناية. وهو بعرض أربعة أمتار تقريبًا، ويؤدي إلى "قصر غيمان". وقد أقيم في موضع منه على سدّ ارتفاعه خمسة أمتار، وقد حفظ من الجانبين بجدارين1.
ويقال للطرق الضيقة التي يسلكها الإنسان للوصول إلى أعلى البرج أو القلعة "محول" في اللهجة المعينية. وقد تكون مسقوفة، وقد تكون بغير سقف، كما تكون مدرجة أي ذات سلالم، وربما لا تكون كذلك، وقد تؤدي إلى ارتفاع، وقد تكون ممرًا مستويًا يخترقه الإنسان كالدهليز2.
واتخذ الجاهليون القناطر، والقنطرة لغة في الجسر3. ويراد بها القنطرة المعقودة المعروفة عند الناس. والعرب تسمي كل أزج قنطرة. وقد ورد ذكرها في شعر لطرفة بن العبد. وهي تعقد بالحجارة وتشاد بالجص أو بجياد وهو الكلس4.
ويعبر عليها الناس ووسائط النقل وقد عثر على آثار قناطر في مواضع متعددة من جزيرة العرب، ولا سيما في اليمن وبقية العربية الجنوبية حيث تكثر الأودية والسيول.
وجاء في شعر لـ"طرفة بن العبد"، هذا البيت:
كقنطرة الرومي اقسم ربّها
…
لتكتفنن حتى تشاد بقرمد
وقد ذكر "الزوزني"، أن صاحب القنطرة وهو رومي، حلف ليحاطن بها حتى ترفع أو تجصص بالصاروج أو بالآجر. وأن القرمد: الآجر، وقيل: هو الصاروج، والشيد الرفع والطلي بالشيد وهو الجص. ولم يذكر الشارح موضع القنطرة المذكورة التي بناها صاحبها وهو رومي فنسبت إليه5.
1 Rathjans، Sabaeica، I، 77، 141، Arabien، S. 147
2 Rhodokanakis، Stud. Lexi، II، S. 31
3 شمس العلوم، الجزء الأول، القسم الثاني "ص333".
4 الكامل، "1/ 59".
5 شرح المعلقات "للزوزني""دار صادر""ص52".
أثاث البيوت:
وليست لدينا صور واضحة دقيقة عن بيوت أغنياء المدن، وعن محتوياتها وعما فيها من أثاث وأدوات. غير أن بعضًا منها يجب أن يكون واسعًا كبيرًا حوى
كل وسائل الراحة المتوفرة بالقياس إلى ذلك العهد. فرجل مثل "عبد الله بن جدعان" كان ثريًّا ثقيل الثراء، يملك آنية من الذهب والفضة، ويشرب بكئوس غالية، ويأكل أكلات غريبة، ويتفنن في مأكله، وقد استحضر لذلك طباخين من الخارج من العراق مثلًا، ليطبخوا له طعامًا غريبًا عجميًّا، أقول: إن رجلًا مثل هذا لا بُدَّ أن يكون بيته بيتًا كبيرًا يتناسب مع ثراء صاحبه وماله وقد بني بناء محكمًا، وأحصنت جدرانه وارتفعت حتى يكون في مستطاعه التحصن فيه وقت الخطر والمحافظة على نفسه، السراق والطامعين في ماله في الليل والنهار.
ولا بد أن يكون بيت عبد الله بن جُدْعان هذا قد بني من أجنحة متعددة، جناح لسكناه مع نسائه، وجناح لقيانه وخادماته وجناح لخدامه وعبيده، وجناح لاستقبال أصحابه وندمائه وأصحاب الحجات والأشغال، فقد كان يجلس للأصدقاء يتسامر معهم ويسمع معهم غناء قيانه، وعلى رأسهن "الجرادتان"، وهما قينتاه المختارتان، وكان لهما صوتان شجيان، وقد اشتهرتا بمكة، وخلد ذكرهما حتى الآن، فلا يعقل أن يكون بيته صغيرًا أو حقيرًا أو بدائيًّا، إذْ لا يتناسب ذلك مع ما يذكره أهل الأخبار ويروونه عن ثرائه وبذخه وعن شربه بآنية من ذهب وفضة، إلى غير ذلك مما يحملنا –لو صدقنا روايات الأخباريين- على أن بيته يجب أن يتناسب مع ثرائه.
وعاصر ابنَ جُدْعان نفر آخر كانوا من أغنياء مكة ومن أصحاب المال والثراء، لهم ذوق في الجمال وحب للشراب. وكان لهم خدم وحشم، ورجال من هذا الطراز لا بد أن تكون بيوتهم حسنة ومن حجارة، وفيها وسائل الراحة، ولها مواضع خاصة بإقامة النساء، وأماكن خاصة باستقبال الضيوف، ومواضع لإقامة الخدم والعبيد. والحيوانات التي يرتبطها للركوب، وحجر لحفظ الأطعمة والأشربة بمقادير كافية احتمالا لحالات الطوارئ.
وعرفت الزرابي، وهي "الطنافس"، في بيوت أثرياء الجاهليين وقصور الأمراء. وقد ذكرت "الزرابي" و"النمارق" في القرآن الكريم1. وورد أن الزرابي ضرب من الثياب محبر، منسوب إلى موضع2، وذكرت "الزرابي" في شعر "حسان"3.
1 الغاشية، الآية 16.
2 المفردات، للأصفهاني "ص211".
3
تَرى فَوقَ أَثناءِ الزَرابِيِّ ساقِطًا
…
نِعالًا وَقَسّوبًا وَرَيطًا مُعَضَّدا
البرقوقي "ص146".
وعرف عند الجاهليين نوع خاص من الطنافس قيل له: "الرحال"، ذكر أنه من طنافس الحيرة. وإليه أشار الأعشى بقوله:
وَمَصابِ غادِيَةٍ كَأَنَّ تِجارَها
…
نَشَرَت عَلَيهِ بُرودَها وَرِحالَها1
وقد استعملت الكراسي والأسرة في بيوت الأغنياء. والكرسي السرير. وأما السرير، فهو ما يجلس عليه وينام فوقه أيضًا. وقد عبر به عن الملك والنعمة2.
والظاهر أن ذلك بسبب كونه من مظاهر الغنى والجاه. و"الخلب" الكرسي قوائمه من حديد3.
ويقال للمجلس "الموثب" في لغة "حمير". ويراد بها أسفل الشيء وما يستقر على الأرض. وهي قريبة في المعنى من لفظة "شت" و"اشدو"4.
وقد استورد أهل مكة الأواني الغالية والأثاث الراقي من بلاد الشام، لما عرفت به هذه البلاد من التقدم في الصنعة وحسن الذوق، ولقربها من الحجاز، كما استوردوها من العراق. ويمكن معرفة أصولها والأماكن التي وردت منها بدراسة أسمائها. فأكثر أسماء الأشياء المستوردة، هي أسماء معربة. عربت من أصول أعجمية، ويمكن الوقوف على أصلها بدراسة أصولها اللغوية التي جاءت منها.
وقد تبنى "دكك" عند باب البيت، يجلس عليها الدرابنة، أي "البوابون"، لمنع الغرباء من الدخول داخل البيت، ولحراسة الدار. وقد أشير إليها في شعر ينسب للمثقب العبدي:
فَأَبقى باطِلي وَالجِدُّ مِنها
…
كَدُكّانِ الدَرابِنَةِ المَطينِن5
أما بيوت الفقراء، فهي كما يظهر من روايات أهل الأخبار، بيوت حقيرة إن جاز إطلاق لفظة "بيت" و"بيوت" عليها. وهي من طين ومن بيوت شعر، لا تقي من برد ولا من حر، لذلك فإن الطبقة الفقيرة عاشت عيشة
1 تاج العروس "7/ 342"، "رحل".
2 تاج العروس "3/ 264 وما بعدها"، "سرر".
3 اللسان "1/ 365"، "خلب".
4 Rhodokanakls، Stud.، II، S.37
5 تاج العروس "7/ 130"، "دك".