الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والفرس، وأمور المراسلة فيما بين ملوك الحيرة وبين عمالهم على الأرضين التابعة لهم وبينهم وبين سادات القبائل. أما ما ورد في أخبار أهل الأخبار من أن الخليفة "عمر بن الخطاب"، هو أول من أمر بتدوين الدواوين، فإنهم قصدوا بذلك موضوع تأسيس ديوان العطاء وموضوع تدوين الدواوين في الإسلام. مما لا مجال للبحث عنه في هذا المكان. وورد اسم "الديوان" في الحديث. ذكر أن الرسول قال:"إن لله حراسًا، فحرّاسه في السماء الملائكة، وحراسه في الأرض الذين يأخذون الديوان"1.
1الدينوري، عيون الأخبار "1/ 2"، "كتاب السلطان"، "1/ 50"، "إنما قيل: ديوان لموضع الكتبة والحساب، لأنه يقال: للكتاب بالفارسية ديوان، أي: شياطين لحذقهم بالأمور ولطفهم فسمي موضعهم باسمهم".
صاحب السر:
وذكر علماء اللغة أن الملوك كانوا يسرّون أمورهم إلى من يثقون من رجالهم المقربين إليهم. وقد عرف صاحب سر الملك بـ"الناموس"، وذكر بعضهم أن "الناموس" هو صاحب سر الخير، وأن "الجاسوس" هو صاحب سر الشر1.
1 تاج العروس "4/ 264".
الموظفون:
ودون الملك أناس يختلفون في المنزلة والمكانة، عهدت إليهم أمور إدارة الحكومة والشعب. وهم نوعان: موظفون مدنيون، واجبهم النظر في الأمور المدنية.
وموظفون عسكريون، واجبهم إعداد الجيش والدفاع عن حدود الدولة والقضاء على الفتن والاضطرابات، وتوسيع رقعة أرض الدولة عند الطلب.
وإني آسف إذ أقول إن من غير الممكن في الزمن الحاضر تثبيت درجات الوظائف، وتعيين سلالمها من أدنى درجة إلى أعلى درجة، لعدم وصول كتابات جاهلية إلينا فيها حصر تلك الدرجات وعدها وترتيبها، لهذا سأحاول ترتيبها على حسب ما وصل إلينا من شأنها من مختلف الكتابات، وعلى وفق ما ورد من أسماء
بعضها في المسند أو في روايات أهل الأخبار، وعلى حسب اجتهاد الباحثين الذي توصلوا إليه باستنادهم إلى المرجعين المذكورين.
وإذا سألتني عن المصدر الذي استقيت منه أسماء الوظائف والدرجات التي أذكرها هنا، فإني أقول: لقد حصلت عليها من ورودها في الكتابات التي عثر عليها المنقبون في مواضع من العربية الجنوبية وفي أعالي الحجاز وفي مواضع أخرى من جزيرة العرب أخذتها من هذه الكتابات، وعينت درجتها ومكانتها بالاستناد على المعنى المستنبط من النصوص. وبالقياس أحيانًا إلى المفردات الواردة في معاجم اللغة أو في اللغات السامية الأخرى حيث يرد ما يماثلها في تلك اللغات علمًا لوظائف معروفة، بقيت أساء بعض منها معروفة أو متداولة إلى يومنا هذا.
ونستطيع أن نقول بالقياس إلى ما هو مألوف في قصور الملوك المعاصرين لملوك الجاهلية أن كبار متولي أمور قصور الملوك وكبار قادة الجيش، كانوا من أقرب الناس إلى الملوك، ومن أكثر الناس تأثيرًا فيهم، وذلك بحكم اتصالهم بهم والتصاقهم بالعرش. فكانت لهم كلمة مسموعة عندهم. فهم من الصنف الممتاز من أصناف الموظفين، ولهم أثر خطير في تاريخ تلك الحكومات.
وتختلف درجات المشرفين على أمور القصور الملكية، فمنهم الحرس الخاص الذي يتولى حراسة القصر، ومنهم الخدم والطباخون، ومنهم من اختص بخدمة الملك وحده، كأن يقوم بتقديم الطعام إليه، ومنهم من اختص بتقديم الشراب إليه، أو يتولى أمر الحجابة له، ومنهم من كان يكتب له، أو يخدم زوجاته وذريته، إلى غير ذلك من أعمال اقتضتها طبيعة تلك القصور ودرجة الملك ومنزلته وقد عرف كل هؤلاء بـ"عبيد الملك" عند بعض الشعوب1.
والطبقة المذكورة، وإن كانت من الطبقات الدنيا بالنسبة لطبقات المجتمع، وظيفتها الطبخ وتقديم الأشربة والأطعمة والسهر على راحة الملك وضيوفه، إلا أن رهطًا منها تمكن مع ذلك من لعب دور خطير في أمور المملكة، وفي مقدرات الناس، بفضل استخدام ذكائهم وقربهم من الملك ووجودهم بحضرته بصورة دائمة، من التأثير على سيدهم وتوجيهه الوجهة التي يريدونها. كما تمكنّوا من الحصول على مكانة كبيرة عند قومهم، باتصالهم بحكم مراكزهم بأعيان الناس. وبنوال
1 Ancient Israel، P. 120