الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قَبْلَهُ، وَالسَّنَةَ الَّتِي بَعْدَهُ (1) .
قَال الشِّرْبِينِيُّ الْخَطِيبُ: وَهُوَ أَفْضَل الأَْيَّامِ لِحَدِيثِ مُسْلِمٍ: مَا مِنْ يَوْمٍ أَكْثَرَ مِنْ أَنْ يُعْتِقَ اللَّهُ فِيهِ عَبْدًا مِنَ النَّارِ مِنْ يَوْمِ عَرَفَةَ (2) .
وَذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ - الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ - إِلَى عَدَمِ اسْتِحْبَابِهِ لِلْحَاجِّ، وَلَوْ كَانَ قَوِيًّا، وَصَوْمُهُ مَكْرُوهٌ لَهُ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ، وَخِلَافُ الأَْوْلَى عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ، لِمَا رَوَتْ أُمُّ الْفَضْل بِنْتُ الْحَارِثِ رضي الله عنهما أَنَّهَا أَرْسَلَتْ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِقَدَحِ لَبَنٍ، وَهُوَ وَاقِفٌ عَلَى بَعِيرِهِ بِعَرَفَةَ، فَشَرِبَ (3) وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما: أَنَّهُ حَجَّ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ أَبِي بَكْرٍ، ثُمَّ عُمَرَ، ثُمَّ عُثْمَانَ، فَلَمْ يَصُمْهُ أَحَدٌ مِنْهُمْ (4) ، لأَِنَّهُ يُضْعِفُهُ عَنِ الْوُقُوفِ وَالدُّعَاءِ، فَكَانَ تَرْكُهُ أَفْضَل، وَقِيل: لأَِنَّهُمْ أَضْيَافُ اللَّهِ وَزُوَّارُهُ.
وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: وَيُسَنُّ فِطْرُهُ لِلْمُسَافِرِ وَالْمَرِيضِ مُطْلَقًا، وَقَالُوا: يُسَنُّ صَوْمُهُ لِحَاجٍّ لَمْ يَصِل عَرَفَةَ إِلَاّ لَيْلاً؛ لِفَقْدِ الْعِلَّةِ.
(1) حديث أبي قتادة: " صيام يوم عرفة، أحتسب على الله أن يكفر. . . ". أخرجه مسلم (2 / 819) .
(2)
حديث: " ما من يوم أكثر من أن يعتق الله فيه. . . ". أخرجه مسلم (2 / 983) من حديث عائشة.
(3)
حديث أم الفضل: " أنها أرسلت إلى النبي صلى الله عليه وسلم. . . ". أخرجه البخاري (4 / 237) ومسلم (2 / 791) .
(4)
حديث: " ابن عمر أنه حج مع النبي صلى الله عليه وسلم ". أخرجه الترمذي (2 / 116) وقال: حديث حسن.
وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى اسْتِحْبَابِهِ لِلْحَاجِّ - أَيْضًا - إِذَا لَمْ يُضْعِفْهُ عَنِ الْوُقُوفِ بِعَرَفَاتٍ وَلَا يُخِل بِالدَّعَوَاتِ، فَلَوْ أَضْعَفَهُ كُرِهَ لَهُ الصَّوْمُ (1) .
د -
صَوْمُ الثَّمَانِيَةِ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ:
10 -
اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى اسْتِحْبَابِ صَوْمِ الأَْيَّامِ الثَّمَانِيَةِ الَّتِي مِنْ أَوَّل ذِي الْحِجَّةِ قَبْل يَوْمِ عَرَفَةَ، لِحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ: رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا مَرْفُوعًا: مَا مِنْ أَيَّامٍ الْعَمَل الصَّالِحُ فِيهَا أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنْ هَذِهِ الأَْيَّامِ - يَعْنِي أَيَّامَ الْعَشْرِ - قَالُوا: يَا رَسُول اللَّهِ، وَلَا الْجِهَادُ فِي سَبِيل اللَّهِ؟ قَال: وَلَا الْجِهَادُ فِي سَبِيل اللَّهِ، إِلَاّ رَجُلٌ خَرَجَ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ، فَلَمْ يَرْجِعْ مِنْ ذَلِكَ بِشَيْءٍ (2) .
قَال الْحَنَابِلَةُ: وَآكَدُهُ الثَّامِنُ، وَهُوَ يَوْمُ التَّرْوِيَةِ. وَصَرَّحَ الْمَالِكِيَّةُ: بِأَنَّ صَوْمَ يَوْمِ التَّرْوِيَةِ يُكَفِّرُ سَنَةً مَاضِيَةً.
وَصَرَّحَ الْمَالِكِيَّةُ، وَالشَّافِعِيَّةُ: بِأَنَّهُ يُسَنُّ صَوْمُ هَذِهِ الأَْيَّامِ لِلْحَاجِّ أَيْضًا. وَاسْتَثْنَى الْمَالِكِيَّةُ مِنْ ذَلِكَ صِيَامَ يَوْمِ التَّرْوِيَةِ لِلْحَاجِّ. قَال فِي الْمُتْيَطِيَّةِ: وَيُكْرَهُ لِلْحَاجِّ أَنْ يَصُومَ بِمِنًى وَعَرَفَةَ تَطَوُّعًا. قَال الْحَطَّابُ: بِمِنًى
(1) ابن عابدين 2 / 83، حاشية الدسوقي 1 / 515، مواهب الجليل 2 / 403، القليوبي وعميرة 2 / 73، مغني المحتاج 1 / 446 كشاف القناع 2 / 339.
(2)
حديث ابن عباس: " ما من أيام العمل الصالح فيهن. . . ". أخرجه البخاري (2 / 459) .