الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَالظَّاهِرُ مِنْ مَذْهَبِ الْمَالِكِيَّةِ: وُجُوبُ مُدٍّ عَنْ كُل يَوْمٍ أَفْطَرَهُ إِذَا فَرَّطَ، بِأَنْ كَانَ صَحِيحًا مُقِيمًا خَالِيًا مِنَ الأَْعْذَارِ (1) .
ثَانِيًا: الْكَفَّارَةُ الْكُبْرَى:
89 -
ثَبَتَتِ الْكَفَّارَةُ الْكُبْرَى بِالنَّصِّ فِي حَدِيثِ الأَْعْرَابِيِّ الَّذِي وَاقَعَ زَوْجَتَهُ فِي نَهَارِ رَمَضَانَ.
وَلَا خِلَافَ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ فِي وُجُوبِهَا بِإِفْسَادِ الصَّوْمِ بِالْوِقَاعِ فِي الْجُمْلَةِ، وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي وُجُوبِهَا بِإِفْسَادِهِ بِالطَّعَامِ وَالشَّرَابِ، فَتَجِبُ - فِي الْجُمْلَةِ أَيْضًا - بِإِفْسَادِ صَوْمِ رَمَضَانَ خَاصَّةً، طَائِعًا مُتَعَمِّدًا غَيْرَ مُضْطَرٍّ، قَاصِدًا انْتِهَاكَ حُرْمَةِ الصَّوْمِ، مِنْ غَيْرِ سَبَبٍ مُبِيحٍ لِلْفِطْرِ.
وَقَال الْحَنَفِيَّةُ: إِنَّمَا يُكَفِّرُ إِذَا نَوَى الصِّيَامَ لَيْلاً، وَلَمْ يَكُنْ مُكْرَهًا، وَلَمْ يَطْرَأْ مُسْقِطٌ، كَمَرَضٍ وَحَيْضٍ.
فَلَا كَفَّارَةَ فِي الإِْفْطَارِ فِي غَيْرِ رَمَضَانَ، وَلَا كَفَّارَةَ عَلَى النَّاسِي وَالْمُكْرَهِ - عِنْدَ الْجُمْهُورِ - وَلَا عَلَى النُّفَسَاءِ وَالْحَائِضِ وَالْمَجْنُونِ، وَلَا عَلَى الْمَرِيضِ وَالْمُسَافِرِ، وَلَا عَلَى الْمُرْهَقِ بِالْجُوعِ وَالْعَطَشِ، وَلَا عَلَى الْحَامِل، لِعُذْرِهِمْ،
(1) الشرح الصغير 1 / 721.
وَلَا عَلَى الْمُرْتَدِّ، لأَِنَّهُ هَتَكَ حُرْمَةَ الإِْسْلَامِ، لَا حُرْمَةَ الصِّيَامِ خُصُوصًا.
فَتَجِبُ بِالْجِمَاعِ عَمْدًا، لَا نَاسِيًا - خِلَافًا لأَِحْمَدَ وَابْنِ الْمَاجِشُونِ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ - وَتَجِبُ بِالأَْكْل وَالشُّرْبِ عَمْدًا، خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ، وَتَقَدَّمَتْ مُوجِبَاتٌ أُخْرَى مُخْتَلَفٌ فِيهَا، كَالإِْصْبَاحِ بِنِيَّةِ الْفِطْرِ، وَرَفْضِ النِّيَّةِ نَهَارًا، وَالاِسْتِقَاءِ الْعَامِدِ، وَابْتِلَاعِ مَا لَا يُغَذِّي عَمْدًا (1) .
أَمَّا خِصَال الْكَفَّارَةِ فَهِيَ: الْعِتْقُ وَالصِّيَامُ وَالإِْطْعَامُ، وَهَذَا بِالاِتِّفَاقِ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ، لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ قَال: بَيْنَمَا نَحْنُ جُلُوسٌ عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إِذْ جَاءَهُ رَجُلٌ، فَقَال: يَا رَسُول اللَّهِ، هَلَكْتُ، قَال: مَا لَكَ؟ قَال: وَقَعْتُ عَلَى امْرَأَتِي وَأَنَا صَائِمٌ، فَقَال رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم هَل تَجِدُ رَقَبَةً تُعْتِقُهَا؟ قَال: لَا، قَال: فَهَل تَسْتَطِيعُ أَنْ تَصُومَ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ؟ قَال: لَا، قَال: فَهَل تَجِدُ إِطْعَامَ سِتِّينَ مِسْكِينًا؟ قَال: لَا، قَال: فَمَكَثَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَبَيْنَا نَحْنُ عَلَى ذَلِكَ، أُتِيَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِعَرَقٍ (2) فِيهَا
(1) الدر المختار 2 / 110، والقوانين الفقهية ص 83، ومراقي الفلاح ص 366، وروضة الطالبين 2 / 374 وما بعدها، وشرح المحلي على المنهاج 2 / 69 و 70 وكشاف القناع 2 / 324، وما بعدها.
(2)
العرق: وهو مكتل من خوص النخل يسع خمسة عشر صاعا، والصاع أربعة أمداد، فهي ستون مدا (حاشية القليوبي على شرح المحلي 2 / 72) .