الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مِنْ أَجْل هَذَا الْخِلَافِ، نَبَّهَ ابْنُ الشِّحْنَةِ عَلَى أَنَّهُ يَنْبَغِي إِلْقَاءُ النُّخَامَةِ، حَتَّى لَا يَفْسُدَ صَوْمُهُ عَلَى قَوْل الإِْمَامِ الشَّافِعِيِّ، وَلِيَكُونَ صَوْمُهُ صَحِيحًا بِالاِتِّفَاقِ لِقُدْرَتِهِ عَلَى مَجِّهَا (1) .
عَاشِرًا: الْقَيْءُ:
80 -
يُفَرَّقُ بَيْنَ مَا إِذَا خَرَجَ الْقَيْءُ بِنَفْسِهِ، وَبَيْنَ الاِسْتِقَاءَةِ.
وَعَبَّرَ الْفُقَهَاءُ عَنِ الأَْوَّل، بِمَا: إِذَا ذَرَعَهُ الْقَيْءُ، أَيْ غَلَبَ الْقَيْءُ الصَّائِمَ.
فَإِذَا غَلَبَ الْقَيْءُ، فَلَا خِلَافَ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ فِي عَدَمِ الإِْفْطَارِ بِهِ، قَل الْقَيْءُ أَمْ كَثُرَ، بِأَنْ مَلأََ الْفَمَ، وَهَذَا لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال: مَنْ ذَرَعَهُ الْقَيْءُ فَلَيْسَ عَلَيْهِ قَضَاءٌ، وَمَنِ اسْتَقَاءَ عَمْدًا فَلْيَقْضِ (2) .
أَمَّا لَوْ عَادَ الْقَيْءُ بِنَفْسِهِ، فِي هَذِهِ الْحَال، بِغَيْرِ صُنْعِ الصَّائِمِ، وَلَوْ كَانَ مِلْءَ الْفَمِ، مَعَ تَذَكُّرِ الصَّائِمِ لِلصَّوْمِ، فَلَا يَفْسُدُ صَوْمُهُ، عِنْدَ مُحَمَّدٍ - مِنَ الْحَنَفِيَّةِ - وَهُوَ الصَّحِيحُ عِنْدَهُمْ، لِعَدَمِ وُجُودِ الصُّنْعِ مِنْهُ، وَلأَِنَّهُ لَمْ تُوجَدْ صُورَةُ الْفِطْرِ، وَهِيَ الاِبْتِلَاعُ، وَكَذَا مَعْنَاهُ، لأَِنَّهُ
(1) مراقي الفلاح ص 362.
(2)
حديث: " من ذرعه القيء فليس عليه قضاء ". أخرجه الترمذي (3 / 89) وقال: حديث حسن غريب.
لَا يُتَغَذَّى بِهِ عَادَةً، بَل النَّفْسُ تَعَافُهُ.
وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ: يَفْسُدُ صَوْمُهُ؛ لأَِنَّهُ خَارِجٌ، حَتَّى انْتَقَضَتْ بِهِ الطَّهَارَةُ، وَقَدْ دَخَل.
وَإِنْ أَعَادَهُ، أَوْ عَادَ قَدْرُ حِمَّصَةٍ مِنْهُ فَأَكْثَرُ، فَسَدَ صَوْمُهُ بِاتِّفَاقِ الْحَنَفِيَّةِ، لِوُجُودِ الإِْدْخَال بَعْدَ الْخُرُوجِ، فَتَتَحَقَّقُ صُورَةُ الْفِطْرِ وَلَا كَفَّارَةَ فِيهِ.
وَإِنْ كَانَ أَقَل مِنْ مِلْءِ الْفَمِ، فَعَادَ، لَمْ يَفْسُدْ صَوْمُهُ؛ لأَِنَّهُ غَيْرُ خَارِجٍ، وَلَا صُنْعَ لَهُ فِي الإِْدْخَال.
وَإِنْ أَعَادَهُ فَكَذَلِكَ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ لِعَدَمِ الْخُرُوجِ، وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ يَفْسُدُ صَوْمُهُ، لِوُجُودِ الصُّنْعِ مِنْهُ فِي الإِْدْخَال (1) .
وَمَذْهَبُ الْمَالِكِيَّةِ: أَنَّ الْمُفْطِرَ فِي الْقَيْءِ هُوَ رُجُوعُهُ، سَوَاءٌ أَكَانَ الْقَيْءُ لِعِلَّةٍ أَوِ امْتِلَاءِ مَعِدَةٍ، قَل أَوْ كَثُرَ، تَغَيَّرَ أَوْ لَا، رَجَعَ عَمْدًا أَوْ سَهْوًا، فَإِنَّهُ مُفْطِرٌ وَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ (2) .
وَمَذْهَبُ الْحَنَابِلَةِ: أَنَّهُ لَوْ عَادَ الْقَيْءُ بِنَفْسِهِ، لَا يُفْطِرُ لأَِنَّهُ كَالْمُكْرَهِ، وَلَوْ أَعَادَهُ أَفْطَرَ، كَمَا لَوْ أَعَادَ بَعْدَ انْفِصَالِهِ عَنِ الْفَمِ (3) .
(1) الهداية وشروحها 2 / 259 و 260، والدر المختار ورد المحتار 2 / 110 و 111.
(2)
شرح الخرشي 2 / 250، والشرح الكبير للدردير 1 / 525، والقوانين الفقهية ص 81.
(3)
كشاف القناع 2 / 321، وانظر الروض المربع 1 / 140.