الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَفِي حَدِيثِ أَبِي قَتَادَةَ رضي الله عنه قَال: قَال عُمَرُ: يَا رَسُول اللَّهِ، كَيْفَ بِمَنْ يَصُومُ الدَّهْرَ كُلَّهُ؟ قَال: لَا صَامَ وَلَا أَفْطَرَ، أَوْ لَمْ يَصُمْ وَلَمْ يُفْطِرْ (1) أَيْ: لَمْ يُحَصِّل أَجْرَ الصَّوْمِ لِمُخَالَفَتِهِ، وَلَمْ يُفْطِرْ لأَِنَّهُ أَمْسَكَ.
وَقَال الْغَزَالِيُّ: هُوَ مَسْنُونٌ (2) .
وَقَال الأَْكْثَرُونَ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ: إِنْ خَافَ مِنْهُ ضَرَرًا، أَوْ فَوَّتَ بِهِ حَقًّا كُرِهَ، وَإِلَاّ فَلَا.
وَالْمُرَادُ بِصَوْمِ الدَّهْرِ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ: سَرْدُ الصَّوْمِ فِي جَمِيعِ الأَْيَّامِ إِلَاّ الأَْيَّامَ الَّتِي لَا يَصِحُّ صَوْمُهَا، وَهِيَ الْعِيدَانِ وَأَيَّامُ التَّشْرِيقِ (3) .
الصَّوْمُ الْمُحَرَّمُ:
20 -
ذَهَبَ الْجُمْهُورُ إِلَى تَحْرِيمِ صَوْمِ الأَْيَّامِ التَّالِيَةِ:
أ - صَوْمِ يَوْمِ عِيدِ الْفِطْرِ، وَيَوْمِ عِيدِ الأَْضْحَى، وَأَيَّامِ التَّشْرِيقِ، وَهِيَ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ بَعْدَ يَوْمِ النَّحْرِ (4) .
(1) حديث أبي قتادة: " قال عمر: يا رسول الله، كيف بمن يصوم الدهر كله؟ . . . ". أخرجه مسلم (2 / 819 ط. الحلبي) .
(2)
نيل الأوطار 4 / 255، والوجيز ص 105، وانظر شرح المنهج 2 / 351.
(3)
المجموع 6 / 388.
(4)
حاشية الطحطاوي على مراقي الفلاح ص 351، والبدائع 2 / 78، والقوانين الفقهية ص 78، وشرح المحلي على المنهاج 2 / 60 و 4 / 290، وكشاف القناع 2 / 342.
وَذَلِكَ لأَِنَّ هَذِهِ الأَْيَّامَ مُنِعَ صَوْمُهَا لِحَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ رضي الله عنه أَنَّ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْ صِيَامِ يَوْمَيْنِ: يَوْمِ الْفِطْرِ، وَيَوْمِ النَّحْرِ (1) وَحَدِيثِ نُبَيْشَةَ الْهُذَلِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - قَال: قَال رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: أَيَّامُ التَّشْرِيقِ أَيَّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ، وَذِكْرِ اللَّهِ عز وجل (2) .
وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى جَوَازِ الصَّوْمِ فِيهَا مَعَ الْكَرَاهَةِ التَّحْرِيمِيَّةِ، لِمَا فِي صَوْمِهَا مِنَ الإِْعْرَاضِ عَنْ ضِيَافَةِ اللَّهِ تَعَالَى، فَالْكَرَاهَةُ لَيْسَتْ لِذَاتِ الْيَوْمِ، بَل لِمَعْنًى خَارِجٍ مُجَاوِرٍ، كَالْبَيْعِ عِنْدَ الأَْذَانِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، حَتَّى لَوْ نَذَرَ صَوْمَهَا صَحَّ، وَيُفْطِرُ وُجُوبًا تَحَامِيًا عَنِ الْمَعْصِيَةِ، وَيَقْضِيهَا إِسْقَاطًا لِلْوَاجِبِ، وَلَوْ صَامَهَا خَرَجَ عَنِ الْعُهْدَةِ، مَعَ الْحُرْمَةِ (3) .
وَصَرَّحَ الْحَنَابِلَةُ بِأَنَّ صَوْمَهَا لَا يَصِحُّ فَرْضًا وَلَا نَفْلاً، وَفِي رِوَايَةٍ عَنْ أَحْمَدَ أَنَّهُ يَصُومُهَا عَنِ الْفَرْضِ.
وَاسْتَثْنَى الْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ فِي رِوَايَةٍ: صَوْمَ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ عَنْ دَمِ الْمُتْعَةِ وَالْقِرَانِ، وَنَقَل الْمِرْدَاوِيُّ أَنَّهَا الْمَذْهَبُ، لِقَوْل ابْنِ عُمَرَ
(1) حديث أبي سعيد: " نهى عن صيام يومين. . . ". أخرجه البخاري (الفتح 4 / 239 ط. السلفية) ومسلم (2 / 800 ط. الحلبي) واللفظ لمسلم.
(2)
حديث نبيشة الهذلي: " أيام التشريق. . . ". أخرجه مسلم (2 / 800 ط. الحلبي) .
(3)
الدر المختار ورد المحتار 2 / 124.