الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بِسَهْمٍ مَسْمُومٍ وَلَمْ يَنْفُذْ مَقْتَلَهُ وَلَا أُدْرِكَتْ ذَكَاتُهُ طُرِحَ، فَإِنْ أَنْفَذَ السَّهْمُ مَقَاتِلَهُ قَبْل أَنْ يَسْرِيَ السُّمُّ فِيهِ لَمْ يَحْرُمْ أَكْلُهُ، إِلَاّ أَنَّهُ يُكْرَهُ، خَوْفًا مِنْ أَذَى السُّمِّ، قَال الْمَوَّاقُ نَقْلاً عَنِ الْبَاجِيِّ: فَإِنْ أَنْفَذَ مَقَاتِلَهُ فَقَدْ ذَهَبَتْ عِلَّةُ الْخَوْفِ مِنْ أَنْ يُعِينَ عَلَى قَتْلِهِ السُّمُّ، وَبَقِيَتْ عِلَّةُ الْخَوْفِ مِنْ أَكْلِهِ، فَإِنْ كَانَتْ مِنَ السُّمُومِ الَّتِي يُؤْمَنُ عَلَى أَكْلِهَا كَالْبَقْلَةِ فَقَدِ ارْتَفَعَتِ الْعِلَّتَانِ، وَجَازَ أَكْلُهُ عَلَى قَوْل ابْنِ الْقَاسِمِ.
وَإِذَا رَمَى بِسَهْمٍ مَسْمُومٍ وَلَمْ يَنْفُذْ مَقَاتِلَهُ، وَأُدْرِكَتْ ذَكَاتُهُ، قَال ابْنُ رُشْدٍ فِي سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ: لَا يُؤْكَل، وَنَحْوَهُ حَكَى ابْنُ حَبِيبٍ، وَقَال سَحْنُونٌ: إِنَّهُ يُؤْكَل، وَاسْتَظْهَرَهُ ابْنُ رُشْدٍ، لأَِنَّهُ قَدْ ذُكِيَ وَحَيَاتُهُ فِيهِ مُجْتَمِعَةٌ قَبْل أَنْ يُنْفِذَ مَقَاتِلَهُ (1) .
ثَانِيًا - الْحَيَوَانُ:
38 -
يَجُوزُ الاِصْطِيَادُ بِالْحَيَوَانِ الْمُعَلَّمِ وَهُوَ مَا يُسَمَّى بِالْجَوَارِحِ، مِنَ الْكِلَابِ وَالسِّبَاعِ وَالطُّيُورِ مِمَّا لَهُ نَابٌ أَوْ مِخْلَبٌ، وَيَسْتَوِي فِي ذَلِكَ الْكَلْبُ الْمُعَلَّمُ وَالْفَهْدُ وَالنَّمِرُ وَالأَْسَدُ وَالْبَازِي وَسَائِرُ الْجَوَارِحِ الْمُعَلَّمَةِ، كَالشَّاهِينِ وَالْبَاشِقِ وَالْعُقَابِ وَالصَّقْرِ وَنَحْوِهَا.
فَالْقَاعِدَةُ: أَنَّ كُل مَا يَقْبَل التَّعْلِيمَ وَعُلِّمَ
(1) التاج والإكليل بهامش الحطاب 3 / 217.
يَجُوزُ الاِصْطِيَادُ بِهِ فِي الْجُمْلَةِ (1) وَسَيَأْتِي مَا يُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ عِنْدَ بَعْضِ الْفُقَهَاءِ.
وَلَا يُشْتَرَطُ فِي الْحَيَوَانِ أَنْ يَكُونَ مِمَّا يُؤْكَل لَحْمُهُ عِنْدَ عَامَّةِ الْفُقَهَاءِ، كَمَا لَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ طَاهِرًا عِنْدَ بَعْضِهِمْ، كَمَا سَيَأْتِي تَفْصِيلُهُ.
وَالأَْصْل فِي ذَلِكَ قَوْلُهُ سبحانه وتعالى {أُحِل لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللَّهُ فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ وَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ} (2) .
وَاسْتَثْنَى الْفُقَهَاءُ مِنْ ذَلِكَ الْخِنْزِيرَ، فَلَا يَحِل الاِصْطِيَادُ بِهِ، لأَِنَّهُ لَا يَجُوزُ الاِنْتِفَاعُ بِهِ (3) .
وَاسْتَثْنَى الْحَنَابِلَةُ كَذَلِكَ الْكَلْبَ الأَْسْوَدَ، وَالْبَهِيمَ الأَْسْوَدَ، وَهُوَ مَا لَا بَيَاضَ فِيهِ، أَوْ كَانَ أَسْوَدَ بَيْنَ عَيْنَيْهِ نُكْتَتَانِ، قَال الْبُهُوتِيُّ: وَهُوَ الصَّحِيحُ (4) .
وَوَجْهُ الاِسْتِثْنَاءِ: مَا وَرَدَ فِي حَدِيثِ جَابِرٍ رضي الله عنه مَرْفُوعًا: عَلَيْكُمْ بِالأَْسْوَدِ
(1) تبيين الحقائق للزيلعي 6 / 50 - 51، وابن عابدين على الدر المختار 5 / 298، والقوانين الفقهية ص 181، وحاشية الدسوقي مع الشرح الكبير للدردير 2 / 104، 105، ومغني المحتاج 4 / 275، وكشاف القناع 6 / 222، 225.
(2)
سورة المائدة / 4.
(3)
الزيلعي 6 / 51، وكشاف القناع 6 / 223، وانظر الشبراملسي بذيل نهاية المحتاج 8 / 114.
(4)
كشاف القناع 6 / 222.