الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يَثْبُتُ الْمِلْكُ (1)، وَعَلَى ذَلِكَ يَحِل الصَّيْدُ وَيَكُونُ مِلْكًا لِلأَْوَّل عِنْدَ جُمْهُورِ الْحَنَفِيَّةِ فِي الصُّوَرِ التَّالِيَةِ: - إِنْ رَمَيَاهُ مَعًا فَأَصَابَهُ أَحَدُهُمَا قَبْل الآْخَرِ فَأَثْخَنَهُ، ثُمَّ أَصَابَهُ الآْخَرُ وَمَاتَ.
رَمَاهُ أَحَدُهُمَا أَوَّلاً، ثُمَّ رَمَاهُ الثَّانِي قَبْل أَنْ يُصِيبَهُ الأَْوَّل، أَوْ بَعْدَمَا أَصَابَهُ قَبْل أَنْ يُثْخِنَهُ، فَأَصَابَهُ الأَْوَّل وَأَثْخَنَهُ.
رَمَيَا مَعًا فَأَثْخَنَهُ الأَْوَّل ثُمَّ أَصَابَهُ الثَّانِي فَقَتَلَهُ.
فَفِي هَذِهِ الصُّوَرِ يَحِل الصَّيْدُ وَيَكُونُ مِلْكًا لِلأَْوَّل، أَمَّا الْحِل فَلأَِنَّ وَقْتَ الرَّمْيِ لَمْ يَكُنِ الصَّيْدُ مَقْدُورًا عَلَيْهِ، وَأَمَّا الْمِلْكُ فَلأَِنَّ الإِْثْخَانَ بِفِعْل الأَْوَّل.
وَقَال زُفَرُ - وَهُوَ مُقْتَضَى كَلَامِ الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ -: لَا يَحِل أَكْلُهُ لأَِنَّ الصَّيْدَ حَالَةَ إِصَابَةِ الثَّانِي غَيْرُ مُمْتَنِعٍ، فَلَا يَحِل بِذَكَاةِ الاِضْطِرَارِ، فَصَارَ كَمَا إِذَا رَمَاهُ الثَّانِي بَعْدَ مَا أَثْخَنَهُ الأَْوَّل (2) .
48 -
وَهُنَاكَ صُوَرٌ أُخْرَى ذَكَرَهَا بَعْضُ الْفُقَهَاءِ، مِنْهَا:
قَال الشَّافِعِيَّةُ: لَوْ جَهِل كَوْنَ التَّذْفِيفِ أَوِ الإِْزْمَانِ مِنْهُمَا أَوْ مِنْ أَحَدِهِمَا كَانَ لَهُمَا، لِعَدَمِ
(1) تبيين الحقائق شرح الكنز 6 / 61.
(2)
الزيلعي 6 / 61.
التَّرْجِيحِ، وَيُسَنُّ أَنْ يَسْتَحِل كُلٌّ مِنْهُمَا مِنْ صَاحِبِهِ تَوَرُّعًا مِنْ مَظِنَّةِ الشُّبْهَةِ (1) .
وَنَظِيرُهُ مَا قَالَهُ الْحَنَابِلَةُ مَعَ اخْتِلَافِ الْعِبَارَةِ، قَال الْبُهُوتِيُّ: إِنْ أَصَابَ أَحَدُهُمَا بَعْدَ صَاحِبِهِ فَوَجَدَاهُ مَيِّتًا، وَلَمْ يَعْلَمْ هَل صَارَ بِالْجُرْحِ الأَْوَّل مُمْتَنِعًا أَوْ لَا؟ حَل، لأَِنَّ الأَْصْل بَقَاءُ امْتِنَاعِهِ، وَيَكُونُ مِلْكُهُ بَيْنَهُمَا، لأَِنَّ تَخْصِيصَ أَحَدِهِمَا بِهِ تَرْجِيحٌ بِلَا مُرَجِّحٍ (2) .
ذَكَرَ الْحَنَابِلَةُ أَنَّهُ إِنْ قَال كُلٌّ مِنْهُمَا: أَنَا أَثَبْتُهُ، ثُمَّ قَتَلْتَهُ أَنْتَ وَلَمْ يَكُنِ التَّذْفِيفُ وَالإِْزْمَانُ مَعْلُومَيْنِ حَرُمَ، لإِِقْرَارِ كُلٍّ مِنْهُمَا بِتَحْرِيمِهِ، وَيَتَحَالَفَانِ لأَِجْل الضَّمَانِ (3) .
ثَانِيًا - الاِشْتِرَاكُ فِي آلَةِ الصَّيْدِ:
49 -
ذَهَبَ الْفُقَهَاءُ إِلَى أَنَّهُ إِذَا اشْتَرَكَ فِي الصَّيْدِ آلَتَانِ أَوْ سَبَبَانِ يُبَاحُ بِأَحَدِهِمَا الصَّيْدُ، وَيَحْرُمُ بِالآْخَرِ - يَحْرُمُ الصَّيْدُ، فَالأَْصْل أَنَّهُ إِذَا اجْتَمَعَ الْحِل وَالْحُرْمَةُ يُغَلَّبُ جَانِبُ الْحُرْمَةِ، عَمَلاً بِقَوْلِهِ: مَا اجْتَمَعَ الْحَلَال وَالْحَرَامُ إِلَاّ وَقَدْ غَلَبَ الْحَرَامُ الْحَلَال (4) أَوِ احْتِيَاطًا، كَمَا قَال الْفُقَهَاءُ.
فَلَوْ وَجَدَ الْمُسْلِمُ أَوْ الْكِتَابِيُّ مَعَ كَلْبِهِ كَلْبًا
(1) مغني المحتاج 4 / 181.
(2)
كشاف القناع 6 / 215.
(3)
نفس المرجع.
(4)
حديث: " ما اجتمع الحلال والحرام. . . ". تقدم تخريجه في فقرة رقم 46.