الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَهَذَا إِذَا مَاتَ الصَّيْدُ بِسَهْمَيْهِمَا أَوْ بِكَلْبَيْهِمَا، وَلَا يَخْتَلِفُ الْحُكْمُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ إِذَا وَقَعَ سَهْمَاهُمَا فِيهِ دَفْعَةً وَاحِدَةً، أَوْ وَقَعَ سَهْمُ أَحَدِهِمَا قَبْل الآْخَرِ.
أَمَّا إِذَا أَرْسَلَا كَلْبَيْنِ أَوْ سَهْمَيْنِ عَلَى صَيْدٍ فَسَبَقَتْ آلَةُ الْمُسْلِمِ فَقَتَلَتْهُ أَوْ أَنْهَتْهُ إِلَى حَرَكَةِ مَذْبُوحٍ (1) ، ثُمَّ أَصَابَ كَلْبُ الْمَجُوسِيِّ أَوْ سَهْمُهُ حَل، وَلَا يَقْدَحُ مَا وُجِدَ مِنَ الْمَجُوسِيِّ (2) .
قَال الْبُهُوتِيُّ: وَإِنْ كَانَ الْجُرْحُ الثَّانِي (أَيْ مِنَ الْمَجُوسِيِّ) مُوحِيًا أَيْضًا؛ لأَِنَّ الإِْبَاحَةَ حَصَلَتْ بِالأَْوَّل، فَلَمْ يُؤَثِّرْ فِيهِ الثَّانِي (3) .
وَإِذَا رَدَّهُ كَلْبُ الْمَجُوسِيِّ عَلَى كَلْبِ الْمُسْلِمِ فَقَتَلَهُ حَل كَذَلِكَ، كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْحَنَفِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ، وَإِذَا رَمَى الْمَجُوسِيُّ سَهْمَهُ فَرَدَّ السَّهْمُ الصَّيْدَ فَأَصَابَهُ سَهْمُ الْمُسْلِمِ فَقَتَلَهُ فَإِنَّهُ يَحِل، لأَِنَّ الْمُسْلِمَ انْفَرَدَ بِقَتْلِهِ، لَكِنَّ الْحَنَفِيَّةَ وَصَفُوا الْحِل فِي صُورَةِ رَدِّ كَلْبِ الْمَجُوسِيِّ بِالْكَرَاهَةِ (4) .
أَمَّا إِذَا سَبَقَتْ آلَةُ الْمَجُوسِيِّ فَقَتَلَتْهُ، أَوْ أَنْهَتْهُ إِلَى حَرَكَةِ مَذْبُوحٍ، أَوْ لَمْ يَسْبِقْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا
(1) وقد عبر عنه الحنابلة بالجرح الموحى (كشاف القناع 6 / 217) .
(2)
مغني المحتاج 4 / 266.
(3)
كشاف القناع 6 / 217.
(4)
تبيين الحقائق 6 / 54، وكشاف القناع 6 / 217.
وَجَرَحَاهُ مَعًا، وَحَصَل الْهَلَاكُ بِهِمَا، أَوْ جُهِل ذَلِكَ، أَوْ جَرَحَاهُ مُرَتَّبًا وَلَكِنْ لَمْ يُذَفِّفْ (1) أَحَدُهُمَا فَهَلَكَ بِهِمَا - حَرُمَ الصَّيْدُ تَغْلِيبًا لِلتَّحْرِيمِ (2) .
ب -
اشْتِرَاكُ مَنْ هُوَ أَهْلٌ لِلصَّيْدِ مَعَ مِثْلِهِ:
47 -
إِنِ اشْتَرَكَ فِي الرَّمْيِ أَوِ الإِْصَابَةِ مَنْ هُوَ أَهْلٌ لِلصَّيْدِ مَعَ مِثْلِهِ، كَمُسْلِمَيْنِ أَوْ نَصْرَانِيَّيْنِ أَوْ مُسْلِمٍ وَنَصْرَانِيٍّ، فَلَهُ صُوَرٌ:
الأُْولَى: إِنْ رَمَيَا مَعًا وَأَصَابَاهُ وَقَتَلَاهُ كَانَ الصَّيْدُ حَلَالاً، كَمَا لَوِ اشْتَرَكَا فِي ذَبْحِهِ، وَيَكُونُ الصَّيْدُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ بِاتِّفَاقِ الْفُقَهَاءِ (3) .
الثَّانِيَةُ: إِنْ جَرَحَاهُ مَعًا، وَأَزْمَنَاهُ، وَلَمْ يَكُنْ جُرْحُ أَحَدِهِمَا مُذَفِّفًا، ثُمَّ مَاتَ الصَّيْدُ بِسَبَبِ جُرْحِ الاِثْنَيْنِ، حَل وَيَكُونُ بَيْنَهُمَا.
الثَّالِثَةُ: إِنْ كَانَ جُرْحُ أَحَدِهِمَا مُوحِيًا (مُذَفِّفًا) ، وَالآْخَرُ غَيْرَ مُوحٍ، وَلَا يُثْبِتُهُ مِثْلُهُ، فَالصَّيْدُ لِصَاحِبِ الْجُرْحِ الْمُوحِي، لاِنْفِرَادِهِ بِذَلِكَ.
(1) التذفيف هو إسراع القتل بقطع حلقوم ومريء أو أحدهما أو إخراج حشوه أو نحو ذلك.
(2)
البدائع 5 / 56، والزيلعي 6 / 54، ومغني المحتاج 4 / 266، وجواهر الإكليل 1 / 211 وما بعدها، وكشاف القناع 6 / 217.
(3)
الزيلعي 6 / 61، ومغني المحتاج 4 / 281، وكشاف القناع 6 / 215، وجواهر الإكليل 1 / 212.
الرَّابِعَةُ: إِذَا رَمَيَا وَأَصَابَا مُتَعَاقِبَيْنِ، فَذَفَّفَ الثَّانِي، أَوْ أَزْمَنَ دُونَ الأَْوَّل مِنْهُمَا، بِأَنْ لَمْ يُوجَدْ مِنْهُ تَذْفِيفٌ وَلَا إِزْمَانٌ حَل، وَالصَّيْدُ لِلثَّانِي، لأَِنَّ جُرْحَهُ هُوَ الْمُؤَثِّرُ فِي امْتِنَاعِهِ أَوْ قَتْلِهِ، وَلَا شَيْءَ لَهُ عَلَى الأَْوَّل بِجُرْحِهِ، لأَِنَّهُ كَانَ مُبَاحًا حِينَئِذٍ، وَهَذِهِ الصُّوَرُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهَا فِي الْجُمْلَةِ (1) .
الْخَامِسَةُ: إِذَا رَمَيَا مُتَعَاقِبَيْنِ، فَأَثْخَنَهُ الأَْوَّل، ثُمَّ رَمَاهُ الثَّانِي وَقَتَلَهُ يَحْرُمُ، وَيَضْمَنُ الثَّانِي لِلأَْوَّل قِيمَتَهُ غَيْرَ مَا نَقَصَتْهُ جِرَاحَةُ الأَْوَّل، أَمَّا الْحُرْمَةُ فَلأَِنَّهُ لَمَّا أَثْخَنَهُ الأَْوَّل فَقَدْ خَرَجَ مِنْ حَيِّزِ الاِمْتِنَاعِ، وَصَارَ مَقْدُورًا عَلَى ذَكَاتِهِ الاِخْتِيَارِيَّةِ، وَلَمْ يُذَكَّ، وَصَارَ الثَّانِي قَاتِلاً لَهُ، فَيَحْرُمُ.
وَهَذَا إِذَا كَانَ بِحَالٍ يَسْلَمُ مِنَ الْجُرْحِ الأَْوَّل، لأَِنَّ مَوْتَهُ يُضَافُ إِلَى الثَّانِي.
أَمَّا إِذَا كَانَ حَيًّا حَيَاةَ مَذْبُوحٍ فَيَحِل وَالْمِلْكُ لِلأَْوَّل، لأَِنَّ مَوْتَهُ لَا يُضَافُ إِلَى الرَّمْيِ الثَّانِي، فَلَا اعْتِبَارَ بِوُجُودِهِ.
وَأَمَّا ضَمَانُ الثَّانِي لِلأَْوَّل فِي حَالَةِ الْحُرْمَةِ، فَلأَِنَّهُ أَتْلَفَ صَيْدًا مَمْلُوكًا لِلْغَيْرِ، لأَِنَّهُ مَلَكَهُ بِالإِْثْخَانِ، فَيَلْزَمُهُ قِيمَةُ مَا أَتْلَفَ (2) .
(1) تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق 6 / 60، 61، ومغني المحتاج 4 / 281، 282، وكشاف القناع 6 / 215، وحاشية الدسوقي مع الشرح الكبير 2 / 103.
(2)
المراجع السابقة.
وَصَرَّحَ الشَّافِعِيَّةُ بِأَنَّهُ إِنْ أَزْمَنَ الأَْوَّل، ثُمَّ ذَفَّفَ الثَّانِي بِقَطْعِ حُلْقُومٍ وَمَرِيءٍ فَهُوَ حَلَالٌ، وَإِنْ ذَفَّفَ لَا بِقَطْعِهِمَا، أَوْ لَمْ يُذَفِّفْ أَصْلاً، وَمَاتَ بِالْجُرْحَيْنِ فَحَرَامٌ، أَمَّا الأَْوَّل فَلأَِنَّ الْمَقْدُورَ عَلَيْهِ لَا يَحِل إِلَاّ بِذَبْحِهِ، وَأَمَّا الثَّانِي فَلاِجْتِمَاعِ الْمُبِيحِ وَالْمُحَرِّمِ، كَمَا إِذَا اشْتَرَكَ فِيهِ مُسْلِمٌ وَمَجُوسِيٌّ، وَفِي كِلْتَا الصُّورَتَيْنِ يَضْمَنُهُ الثَّانِي لِلأَْوَّل، لأَِنَّهُ أَفْسَدَ مِلْكَهُ (1) .
وَالاِعْتِبَارُ فِي التَّرْتِيبِ وَالْمَعِيَّةِ بِالإِْصَابَةِ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ - وَهُوَ الْمَفْهُومُ مِنْ كَلَامِ الْحَنَابِلَةِ وَقَوْل زُفَرَ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ - لَا بِابْتِدَاءِ الرَّمْيِ، كَمَا أَنَّ الاِعْتِبَارَ فِي كَوْنِهِ مَقْدُورًا عَلَيْهِ أَوْ غَيْرَ مَقْدُورٍ عَلَيْهِ بِحَالَةِ الإِْصَابَةِ، فَلَوْ رَمَى غَيْرَ مَقْدُورٍ عَلَيْهِ، أَوْ أَرْسَل عَلَيْهِ الْكَلْبَ فَأَصَابَهُ وَهُوَ مَقْدُورٌ عَلَيْهِ، لَمْ يَحِل إِلَاّ بِإِصَابَتِهِ فِي الْمَذْبَحِ، وَإِنْ رَمَاهُ وَهُوَ مَقْدُورٌ عَلَيْهِ فَأَصَابَهُ وَهُوَ غَيْرُ مَقْدُورٍ عَلَيْهِ حَل مُطْلَقًا عِنْدَهُمْ (2) .
وَقَال الْحَنَفِيَّةُ - عَدَا زُفَرَ - إِنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي حَقِّ الْحِل وَالضَّمَانِ وَقْتُ الرَّمْيِ، لأَِنَّ الرَّمْيَ إِلَى صَيْدٍ مُبَاحٍ، فَلَا يَنْعَقِدُ سَبَبًا لِوُجُوبِ الضَّمَانِ، وَلَا يَنْقَلِبُ بَعْدَ ذَلِكَ مُوجِبًا، وَالْحِل يَحْصُل بِفِعْلِهِ وَهُوَ الرَّمْيُ وَالإِْرْسَال، فَيُعْتَبَرُ وَقْتُهُ، أَمَّا فِي حَقِّ الْمِلْكِ فَيُعْتَبَرُ وَقْتُ الإِْثْخَانِ، لأَِنَّ بِهِ
(1) مغني المحتاج 4 / 281.
(2)
مغني المحتاج 4 / 282، وانظر كشاف القناع 6 / 219، والزيلعي 6 / 61.