الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يَأْكُل مِنْهُ لَمْ يَحْرُمْ، كَمَا صَرَّحَ بِهِ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ (1) .
وَأَضَافَ الشَّافِعِيَّةُ: أَنَّهُ يُشْتَرَطُ تَكَرُّرُ هَذِهِ الأُْمُورِ الْمُعْتَبَرَةِ فِي التَّعْلِيمِ بِحَيْثُ يُظَنُّ تَأَدُّبُ الْجَارِحَةِ، وَلَا يَنْضَبِطُ ذَلِكَ بِعَدَدٍ، بَل الرُّجُوعُ فِي ذَلِكَ إِلَى أَهْل الْخِبْرَةِ بِالْجَوَارِحِ.
وَلَوْ ظَهَرَ بِمَا ذُكِرَ مِنَ الشُّرُوطِ كَوْنُهُ مُعَلَّمًا، ثُمَّ أَكَل مِنْ لَحْمِ صَيْدٍ لَمْ يَحِل ذَلِكَ الصَّيْدُ فِي الأَْظْهَرِ عِنْدَهُمْ، فَيُشْتَرَطُ تَعْلِيمٌ جَدِيدٌ (2) .
وَقَال الْحَنَابِلَةُ: لَا يُعْتَبَرُ تَكْرَارُ تَرْكِ الأَْكْل، بَل يَحْصُل التَّعْلِيمُ بِتَرْكِ الأَْكْل مَرَّةً، لأَِنَّهُ تَعَلَّمَ صَنْعَةً أَشْبَهَ سَائِرَ الصَّنَائِعِ، فَإِنْ أَكَل بَعْدَ تَعْلِيمِهِ لَمْ يَحْرُمْ مَا تَقَدَّمَ مِنْ صَيْدِهِ، لِعُمُومِ الآْيَةِ وَالأَْخْبَارِ، وَلَمْ يُبَحْ مَا أَكَل مِنْهُ، وَلَمْ يَخْرُجْ بِالأَْكْل عَنْ كَوْنِهِ مُعَلَّمًا، فَيُبَاحُ مَا صَادَهُ بَعْدَ الَّذِي أَكَل مِنْهُ (3) .
وَعِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ عِصْيَانُ الْمُعَلَّمِ مَرَّةً لَا يُخْرِجُهُ عَنْ كَوْنِهِ مُعَلَّمًا، كَمَا لَا يَكُونُ مُعَلَّمًا بِطَاعَتِهِ مَرَّةً، بَل الْعُرْفُ فِي ذَلِكَ كَافٍ (4) .
وَقَال الدُّسُوقِيُّ: إِنَّ شَرْطَ الاِنْزِجَارِ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ فِي الْبَازِي، لأَِنَّهُ لَا يَنْزَجِرُ بِالزَّجْرِ بَل
(1) المرجعين السابقين، ومطالب أولي النهى 6 / 350، وحاشية البجيرمي على شرح المنهج 4 / 290.
(2)
مغني المحتاج 4 / 275، 276.
(3)
كشاف القناع 6 / 223، 224.
(4)
حاشية العدوي على شرح الرسالة 1 / 520، وحاشية الدسوقي على الشرح الكبير 2 / 104.
رَجَّحَ بَعْضُهُمْ عَدَمَ اعْتِبَارِ الاِنْزِجَارِ مُطْلَقًا، لأَِنَّ الْجَارِحَ لَا يَرْجِعُ بَعْدَ اسْتِيلَائِهِ (1) .
وَقَال الصَّاحِبَانِ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ: إِنَّ التَّعْلِيمَ فِي الْكَلْبِ وَنَحْوِهِ يَكُونُ بِتَرْكِ الأَْكْل ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، وَفِي الْبَازِي وَنَحْوِهِ مِنَ الطُّيُورِ بِالرُّجُوعِ إِذَا دُعِيَ، قَال الزَّيْلَعِيُّ: رُوِيَ ذَلِكَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما. . . وَإِنَّمَا شَرَطَ تَرْكَ الأَْكْل ثَلَاثَ مَرَّاتٍ. . . لأَِنَّ تَعَلُّمَهُ يُعْرَفُ بِتَكْرَارِ التَّجَارِبِ وَالاِمْتِحَانِ.
وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ لَا يَثْبُتُ التَّعَلُّمُ مَا لَمْ يَغْلِبْ عَلَى ظَنِّهِ أَنْ قَدْ تَعَلَّمَ، وَلَا يُقَدَّرُ بِشَيْءٍ، لأَِنَّ الْمَقَادِيرَ تُعْرَفُ بِالنَّصِّ لَا بِالاِجْتِهَادِ. وَلَا نَصَّ هُنَا، فَيُفَوَّضُ إِلَى رَأْيِ الْمُبْتَلَى بِهِ، كَمَا هُوَ دَأْبُهُ، وَلأَِنَّ مُدَّةَ التَّعَلُّمِ تَخْتَلِفُ بِالْحَذَاقَةِ وَالْبَلَادَةِ، فَلَا يُمْكِنُ مَعْرِفَتُهَا (2) .
قَال ابْنُ عَابِدِينَ: ظَاهِرُ الْمُلْتَقَى تَرْجِيحُ عَدَمِ التَّقْدِيرِ (3) .
أَمَّا شُرْبُ الْجَارِحِ دَمَ الْمَصِيدِ فَلَا يَضُرُّ عِنْدَ الْجَمِيعِ (4) .
40 -
الشَّرْطُ الثَّانِي:
أَنْ يَجْرَحَ الْحَيَوَانُ الصَّيْدَ فِي أَيِّ مَوْضِعٍ مِنْ بَدَنِهِ، وَهَذَا عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ، وَهُوَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ وَالْمُفْتَى بِهِ عِنْدَ
(1) حاشية الدسوقي على الشرح الكبير 2 / 104.
(2)
تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق 6 / 51.
(3)
ابن عابدين 5 / 299.
(4)
نفس المرجع.