الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تَمْرٌ، قَال: أَيْنَ السَّائِل؟ فَقَال: أَنَا، قَال: خُذْ هَذَا فَتَصَدَّقْ بِهِ، فَقَال الرَّجُل: عَلَى أَفْقَرَ مِنِّي يَا رَسُول اللَّهِ، فَوَاللَّهِ مَا بَيْنَ لَابَتَيْهَا - يُرِيدُ الْحَرَّتَيْنِ - أَهْل بَيْتٍ أَفْقَرُ مِنْ أَهْل بَيْتِي، فَضَحِكَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم حَتَّى بَدَتْ أَنْيَابُهُ، ثُمَّ قَال: أَطْعِمْهُ أَهْلَكَ (1) .
قَال ابْنُ تَيْمِيَّةَ الْجَدُّ فِي تَعْلِيقِهِ عَلَى هَذَا الْحَدِيثِ: وَفِيهِ دَلَالَةٌ قَوِيَّةٌ عَلَى التَّرْتِيبِ.
قَالُوا: فَكَفَّارَتُهُ كَكَفَّارَةِ الظِّهَارِ، لَكِنَّهَا ثَابِتَةٌ بِالْكِتَابِ، وَأَمَّا هَذِهِ فَبِالسُّنَّةِ.
وَقَال الشَّوْكَانِيُّ: ظَاهِرُ الْحَدِيثِ أَنَّ الْكَفَّارَةَ بِالْخِصَال الثَّلَاثِ عَلَى التَّرْتِيبِ. قَال ابْنُ الْعَرَبِيِّ: لأَِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم نَقَلَهُ مِنْ أَمْرٍ بَعْدَ عَدَمِهِ إِلَى أَمْرٍ آخَرَ، وَلَيْسَ هَذَا شَأْنَ التَّخْيِيرِ (2) .
وَقَال الْبَيْضَاوِيُّ: إِنَّ تَرْتِيبَ الثَّانِي عَلَى الأَْوَّل، وَالثَّالِثِ عَلَى الثَّانِي، بِالْفَاءِ يَدُل عَلَى عَدَمِ التَّخْيِيرِ، مَعَ كَوْنِهَا فِي مَعْرِضِ الْبَيَانِ وَجَوَابِ السُّؤَال، فَنَزَل مَنْزِلَةَ الشَّرْطِ. وَإِلَى الْقَوْل بِالتَّرْتِيبِ ذَهَبَ الْجُمْهُورُ. وَأَنَّهَا كَكَفَّارَةِ الظِّهَارِ، فَيَعْتِقُ أَوَّلاً، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ صَامَ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ أَطْعَمَ
(1) حديث أبي هريرة: " بينما نحن جلوس عند النبي صلى الله عليه وسلم. . . ". تقدم في فقرة رقم 68.
(2)
منتقى الأخبار 4 / 214، والدر المختار 2 / 109.
سِتِّينَ مِسْكِينًا، لِهَذَا الْحَدِيثِ (1) .
ثَالِثًا: الْكَفَّارَةُ الصُّغْرَى:
90 -
الْكَفَّارَةُ الصُّغْرَى: هِيَ الْفِدْيَةُ، وَتَقَدَّمَ أَنَّهَا مُدٌّ مِنْ طَعَامٍ لِمِسْكِينٍ إِذَا كَانَ مِنَ الْبُرِّ، أَوْ نِصْفُ صَاعٍ إِذَا كَانَ مِنْ غَيْرِهِ، وَذَلِكَ عَنْ كُل يَوْمٍ، وَهِيَ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ كَالْفِطْرَةِ قَدْرًا، وَتَكْفِي فِيهَا الإِْبَاحَةُ، وَلَا يُشْتَرَطُ التَّمْلِيكُ هُنَا، بِخِلَافِ الْفِطْرَةِ (2) .
وَتَجِبُ عَلَى مَنْ أَخَّرَ قَضَاءَ رَمَضَانَ حَتَّى دَخَل رَمَضَانُ آخَرُ، وَعَلَى الْحَامِل وَالْمُرْضِعِ وَالشَّيْخِ الْهَرَمِ.
وَيُنْظَرُ التَّفْصِيل فِي مُصْطَلَحِ: (فِدْيَة) .
رَابِعًا: الإِْمْسَاكُ لِحُرْمَةِ شَهْرِ رَمَضَانَ:
91 -
مِنْ لَوَازِمِ الإِْفْطَارِ فِي رَمَضَانَ: الإِْمْسَاكُ لِحُرْمَةِ الشَّهْرِ، قَال النَّوَوِيُّ: وَهُوَ مِنْ خَوَاصِّ رَمَضَانَ، كَالْكَفَّارَةِ، فَلَا إِمْسَاكَ عَلَى مُتَعَدٍّ بِالْفِطْرِ، وَفِي نَذْرٍ أَوْ قَضَاءٍ (3) وَفِيهِ خِلَافٌ وَتَفْصِيلٌ وَتَفْرِيعٌ فِي الْمَذَاهِبِ الْفِقْهِيَّةِ:
فَالْحَنَفِيَّةُ وَضَعُوا أَصْلَيْنِ لِهَذَا الإِْمْسَاكِ:
(1) نيل الأوطار 4 / 215، وروضة الطالبين 2 / 379، وحاشية القليوبي على شرح المحلي 2 / 72، والمغني 3 / 66.
(2)
حاشية البجيرمي على شرح الشربيني الخطيب 2 / 346، والدر المختار 2 / 117.
(3)
روضة الطالبين 2 / 371.