الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أَوْ قَطَعَ حُلْقُومَهُ وَمَرِيئَهُ (1) .
وَهَذَا كُلُّهُ فِي الْبُنْدُقِ الْمَصْنُوعِ مِنَ الطِّينِ أَوِ الرَّصَاصِ مِنْ غَيْرِ نَارٍ، أَمَّا مَا صُنِعَ مِنَ الْحَدِيدِ وَيُرْمَى بِالنَّارِ، فَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي ذَلِكَ: فَصَرَّحَ الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ بِالْحُرْمَةِ، قَال ابْنُ عَابِدِينَ: وَلَا يَخْفَى أَنَّ الْجُرْحَ بِالرَّصَاصِ إِنَّمَا هُوَ بِالإِْحْرَاقِ وَالثِّقَل بِوَاسِطَةِ انْدِفَاعِهِ الْعَنِيفِ، إِذْ لَيْسَ لَهُ حَدٌّ، وَبِهِ أَفْتَى ابْنُ نُجَيْمٍ (2)، وَيَقُول الزَّيْلَعِيُّ: الْجُرْحُ لَا بُدَّ مِنْهُ، وَالْبُنْدُقَةُ لَا تَجْرَحُ (3) .
وَقَال الْبُجَيْرِمِيُّ: أَمَّا مَا يُصْنَعُ مِنَ الْحَدِيدِ وَيُرْمَى بِالنَّارِ فَحَرَامٌ مُطْلَقًا، مَا لَمْ يَكُنِ الرَّامِي حَاذِقًا، وَقَصَدَ جَنَاحَهُ لإِِزْمَانِهِ، وَأَصَابَهُ (4) .
وَقَال الْقَلْيُوبِيُّ بِحُرْمَةِ الاِصْطِيَادِ بِالْبُنْدُقَةِ فِيمَا يَمُوتُ بِهَا كَالْعَصَافِيرِ، سَوَاءٌ أَكَانَ الاِصْطِيَادُ بِالْبُنْدُقَةِ بِوَاسِطَةِ نَارٍ أَمْ لَا (5) .
وَصَرَّحَ الدَّرْدِيرُ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ بِالْجَوَازِ حَيْثُ قَال: وَأَمَّا الرَّصَاصُ فَيُؤْكَل بِهِ لأَِنَّهُ أَقْوَى مِنَ السِّلَاحِ، كَذَا اعْتَمَدَهُ بَعْضُهُمْ (6) .
(1) كشاف القناع 6 / 219.
(2)
حاشية ابن عابدين على الدر المختار 5 / 304.
(3)
تبيين الحقائق 6 / 59.
(4)
البجيرمي على شرح المنهج 4 / 290.
(5)
حاشية القليوبي على شرح المنهاج 4 / 244.
(6)
الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي 2 / 103.
ثُمَّ فَصَّل الدُّسُوقِيُّ فَقَال: الْحَاصِل أَنَّ الصَّيْدَ بِبُنْدُقِ الرَّصَاصِ لَمْ يُوجَدْ فِيهِ نَصٌّ لِلْمُتَقَدِّمِينَ، لِحُدُوثِ الرَّمْيِ بِهِ بِحُدُوثِ الْبَارُودِ فِي وَسَطِ الْمِائَةِ الثَّامِنَةِ.
وَاخْتَلَفَ فِيهِ الْمُتَأَخِّرُونَ، فَمِنْهُمْ مَنْ قَال بِالْمَنْعِ، قِيَاسًا عَلَى بُنْدُقِ الطِّينِ، وَمِنْهُمْ مَنْ قَال بِالْجَوَازِ. . . . لِمَا فِيهِ مِنَ الإِْنْهَارِ وَالإِْجْهَازِ بِسُرْعَةٍ، الَّذِي شُرِعَتِ الذَّكَاةُ لأَِجْلِهِ، وَقِيَاسُهُ عَلَى بُنْدُقِ الطِّينِ فَاسِدٌ لِوُجُودِ الْفَارِقِ، وَهُوَ وُجُودُ الْخَزْقِ وَالنُّفُوذِ فِي الرَّصَاصِ تَحْقِيقًا، وَعَدَمُ ذَلِكَ فِي بُنْدُقِ الطِّينِ، وَإِنَّمَا شَأْنُهُ الرَّضُّ وَالْكَسْرُ (1) .
ج -
الاِصْطِيَادُ بِالسَّهْمِ الْمَسْمُومِ:
37 -
ذَهَبَ الْفُقَهَاءُ إِلَى عَدَمِ جَوَازِ الاِصْطِيَادِ بِالسَّهْمِ الْمَسْمُومِ إِذَا تَيَقَّنَ أَوْ ظَنَّ أَنَّ السُّمَّ أَعَانَ عَلَى قَتْل الصَّيْدِ أَوِ احْتُمِل ذَلِكَ، لأَِنَّهُ اجْتَمَعَ فِي قَتْلِهِ مُبِيحٌ وَمُحَرَّمٌ، فَغَلَبَ الْمُحَرَّمُ، كَمَا لَوِ اجْتَمَعَ سَهْمُ مَجُوسِيٍّ وَمُسْلِمٍ فِي قَتْل الْحَيَوَانِ. فَإِنْ لَمْ يُحْتَمَل ذَلِكَ فَلَا يَحْرُمُ (2) .
وَفَصَّل الْمَالِكِيَّةُ فِي الْمَسْأَلَةِ فَقَالُوا: مَا مَاتَ
(1) الدسوقي مع الشرح الكبير 2 / 103، 104.
(2)
المواق بهامش الحطاب 3 / 217، وحاشية الجمل على شرح المنهج 5 / 241، ومطالب أولي النهى 6 / 345، وكشاف القناع 6 / 220.