الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَاسْتَعْمَلَهُ الْفُقَهَاءُ بِمَعْنَى: الإِْصَابَةِ الْقَاتِلَةِ لِلْحَيَوَانِ فِي أَيِّ مَوْضِعٍ كَانَتْ مِنْ بَدَنِهِ، إِذَا كَانَ غَيْرَ مَقْدُورٍ عَلَيْهِ، سَوَاءٌ أَكَانَتْ بِالسَّهْمِ أَمْ بِجَوَارِحِ السِّبَاعِ وَالطَّيْرِ (1) . (ر: عَقْر) .
أَقْسَامُ الصَّيْدِ:
5 -
الصَّيْدُ نَوْعَانِ: بَرِّيٌّ وَبَحْرِيٌّ.
فَالصَّيْدُ الْبَرِّيُّ: مَا يَكُونُ تَوَالُدُهُ فِي الْبَرِّ، وَلَا عِبْرَةَ بِالْمَكَانِ الَّذِي يَعِيشُ فِيهِ.
أَمَّا الصَّيْدُ الْبَحْرِيُّ: فَهُوَ مَا يَكُونُ تَوَالُدُهُ فِي الْمَاءِ، وَلَوْ كَانَ مَثْوَاهُ فِي الْبَرِّ، لأَِنَّ التَّوَالُدَ أَصْلٌ، وَالْكَيْنُونَةَ بَعْدَهُ عَارِضٌ.
فَكَلْبُ الْمَاءِ وَالضُّفْدَعُ، وَمِثْلُهُ السَّرَطَانُ وَالتِّمْسَاحُ وَالسُّلَحْفَاةُ بَحْرِيٌّ يَحِل اصْطِيَادُهُ لِلْمُحْرِمِ (2)، لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{أُحِل لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ} (3) .
وَأَمَّا الْبَرِّيُّ: فَحَرَامٌ عَلَيْهِ إِلَاّ مَا يُسْتَثْنَى مِنْهُ. ر: (حَرَم، فِقْرَة: 13) .
الْحُكْمُ التَّكْلِيفِيُّ:
6 -
الأَْصْل فِي الصَّيْدِ الإِْبَاحَةُ، إِلَاّ لِمُحْرِمٍ أَوْ فِي الْحَرَمِ، يَدُل عَلَيْهَا الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ وَالإِْجْمَاعُ، وَالْمَعْقُول.
(1) لسان العرب، والبدائع 5 / 43.
(2)
الاختيار 1 / 166، ابن عابدين 2 / 212.
(3)
سورة المائدة / 96.
أَمَّا الْكِتَابُ فَآيَاتٌ، مِنْهَا قَوْله تَعَالَى:{أُحِل لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعًا لَكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُمًا} (1) .
وقَوْله تَعَالَى: {وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا} (2) .
وَأَمَّا السُّنَّةُ فَأَحَادِيثُ، مِنْهَا: حَدِيثُ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ رضي الله عنه قَال: قُلْتُ: يَا رَسُول اللَّهِ، إِنَّا قَوْمٌ نَتَصَيَّدُ بِهَذِهِ الْكِلَابِ، فَمَا يَحِل لَنَا مِنْهَا؟ فَقَال: إِذَا أَرْسَلْتَ كِلَابَكَ الْمُعَلَّمَةَ وَذَكَرْتَ اسْمَ اللَّهِ فَكُل مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكَ، إِلَاّ أَنْ يَأْكُل الْكَلْبُ فَلَا تَأْكُل، فَإِنِّي أَخَافُ أَنْ يَكُونَ إِنَّمَا أَمْسَكَ عَلَى نَفْسِهِ، وَإِنْ خَالَطَهَا كَلْبٌ مِنْ غَيْرِهَا فَلَا تَأْكُل (3) .
وَحَدِيثُ أَبِي ثَعْلَبَةَ الْخُشَنِيِّ رضي الله عنه أَنَّهُ سَأَل رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنِ الصَّيْدِ بِالْقَوْسِ، وَالْكَلْبِ الْمُعَلَّمِ، وَالْكَلْبِ غَيْرِ الْمُعَلَّمِ، فَقَال لَهُ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. مَا صِدْتَ بِقَوْسِكَ فَاذْكُرِ اسْمَ اللَّهِ ثُمَّ كُل، وَمَا صِدْتَ بِكَلْبِكَ الْمُعَلَّمِ فَاذْكُرِ اسْمَ اللَّهِ ثُمَّ كُل، وَمَا صِدْتَ بِكَلْبِكَ الَّذِي لَيْسَ مُعَلَّمًا فَأَدْرَكْتَ ذَكَاتَهُ فَكُل (4) .
(1) سورة المائدة / 96.
(2)
سورة المائدة / 2.
(3)
حديث عدي بن حاتم: " إذا أرسلت كلابك المعلمة. . . ". أخرجه البخاري (الفتح 9 / 612) .
(4)
حديث أبي ثعلبة الخشني: " ما صدت بقوسك فاذكر اسم الله. . . ". أخرجه البخاري (الفتح 9 / 612) ومسلم (3 / 1532) .
وَأَمَّا الإِْجْمَاعُ فَبَيَانُهُ أَنَّ النَّاسَ كَانُوا يُمَارِسُونَ الصَّيْدَ فِي عَهْدِ الرَّسُول صلى الله عليه وسلم وَعُهُودِ أَصْحَابِهِ وَتَابِعِيهِمْ مِنْ غَيْرِ نَكِيرٍ.
وَأَمَّا الْمَعْقُول: فَهُوَ أَنَّ الصَّيْدَ نَوْعُ اكْتِسَابٍ وَانْتِفَاعٍ بِمَا هُوَ مَخْلُوقٌ لِذَلِكَ، وَفِيهِ اسْتِيفَاءُ الْمُكَلَّفِ وَتَمْكِينُهُ مِنْ إِقَامَةِ التَّكَالِيفِ، فَكَانَ مُبَاحًا بِمَنْزِلَةِ الاِحْتِطَابِ (1) . وَبِهَذَا تَتَبَيَّنُ حِكْمَةَ مَشْرُوعِيَّتِهِ.
7 -
وَإِذَا عُلِمَ أَنَّ الأَْصْل فِي الصَّيْدِ الإِْبَاحَةُ، فَلَا يُحْكَمُ بِأَنَّهُ خِلَافُ الأَْوْلَى أَوْ مَكْرُوهٌ أَوْ حَرَامٌ أَوْ مَنْدُوبٌ أَوْ وَاجِبٌ إِلَاّ فِي صُوَرٍ خَاصَّةٍ بِأَدِلَّةٍ خَاصَّةٍ نَذْكُرُهَا فِيمَا يَلِي:
8 -
أ - يَكُونُ الصَّيْدُ خِلَافَ الأَْوْلَى إِذَا حَدَثَ لَيْلاً، صَرَّحَ بِذَلِكَ الْحَنَفِيَّةُ، وَصَرَّحَ الْحَنَابِلَةُ بِخِلَافِهِ، فَفِي الْمُغْنِي: قَال أَحْمَدُ: " لَا بَأْسَ بِصَيْدِ اللَّيْل "(2) .
9 -
ب - وَيُكْرَهُ الصَّيْدُ إِذَا كَانَ الْغَرَضُ مِنْهُ التَّلَهِّيَ وَالْعَبَثَ (3) ؛ لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: لَا تَتَّخِذُوا شَيْئًا فِيهِ الرُّوحُ غَرَضًا (4) . أَيْ هَدَفًا.
(1) تبيين الحقائق للزيلعي 6 / 50.
(2)
تنوير الأبصار بهامش ابن عابدين 5 / 306، نقلا عن الخانية، والمغني لابن قدامة مع الشرح الكبير 11 / 11.
(3)
ابن عابدين نقلا عن مجمع الفتاوى 5 / 297، والشرح الكبير للدردير 2 / 108، ومطالب أولي النهى 6 / 340.
(4)
حديث: " لا تتخذوا شيئا فيه الروح غرضا ". أخرجه مسلم (3 / 1549) من حديث ابن عباس.
وَذَكَرَ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ صُوَرًا أُخْرَى لِلْكَرَاهَةِ، فَقَدْ ذَكَرَ الْحَنَفِيَّةُ أَنَّ تَعْلِيمَ الْبَازِي بِالصُّيُودِ الْحَيَّةِ مَكْرُوهٌ، لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ تَعْذِيبِ الْحَيَوَانِ (1) .
أَمَّا مَا ذَكَرَهُ بَعْضُ الْحَنَفِيَّةِ مِنْ كَرَاهَةِ حِرْفَةِ الاِصْطِيَادِ عُمُومًا، فَقَدْ رَدَّهُ الْحَصْكَفِيُّ وَابْنُ عَابِدِينَ: وَقَالُوا: إِنَّ التَّحْقِيقَ إِبَاحَةُ اتِّخَاذِهِ حِرْفَةً، لأَِنَّهُ نَوْعٌ مِنَ الاِكْتِسَابِ، وَكُل أَنْوَاعِ الْكَسْبِ فِي الإِْبَاحَةِ سَوَاءٌ عَلَى الْمَذْهَبِ الصَّحِيحِ - قَال ابْنُ عَابِدِينَ: وَهَذَا إِذَا لَمْ يَكُنِ الْكَسْبُ بِالرِّبَا وَالْعُقُودِ الْفَاسِدَةِ، وَلَمْ يَكُنْ بِطَرِيقٍ مَحْظُورٍ، فَلَا يُذَمُّ بَعْضُهَا، وَإِنْ كَانَ بَعْضُهَا أَفْضَل مِنْ بَعْضٍ (2) .
وَذَكَرَ الْحَنَابِلَةُ أَنَّهُ يُكْرَهُ الاِصْطِيَادُ فِي صُوَرٍ مِنْهَا:
أ - أَنْ يَكُونَ بِشَيْءٍ نَجِسٍ، كَالْعَذِرَةِ، وَالْمَيْتَةِ لِمَا يَتَضَمَّنُهُ مِنْ أَكْل الْمَصِيدِ لِلنَّجَاسَةِ.
ب - وَيُكْرَهُ أَنْ يَكُونَ بِبَنَاتِ وَرْدَانَ، لأَِنَّ مَأْوَاهَا الْحُشُوشُ (3) .
ج - وَيُكْرَهُ أَنْ يَكُونَ بِالضَّفَادِعِ، لِلنَّهْيِ عَنْ قَتْلِهَا.
(1) الدر المختار على هامش ابن عابدين 5 / 306.
(2)
حاشية ابن عابدين 5 / 297.
(3)
بنات وردان مفرده بنت وردان، وهي دويبة نحو الخنفساء حمراء اللون، وأكثر ما تكون في الحمامات وفي الكنف، والحشوش بالضم (جمع حش بالضم والفتح وله معان منها الكنيف)(المعجم الوسيط مادتي " ورد، وحش ") .