الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
صِيَالٌ
التَّعْرِيفُ:
1 -
الصِّيَال فِي اللُّغَةِ: مَصْدَرُ صَال يَصُول، إِذَا قَدِمَ بِجَرَاءَةٍ وَقُوَّةٍ، وَهُوَ: الاِسْتِطَالَةُ وَالْوُثُوبُ وَالاِسْتِعْلَاءُ عَلَى الْغَيْرِ.
وَيُقَال: صَاوَلَهُ مُصَاوَلَةً، وَصِيَالاً، وَصِيَالَةً، أَيْ: غَالَبَهُ وَنَافَسَهُ فِي الصَّوْل، وَصَال عَلَيْهِ، أَيْ: سَطَا عَلَيْهِ لِيَقْهَرَهُ، وَالصَّائِل: الظَّالِمُ، وَالصَّئُول: الشَّدِيدُ الصَّوْل، وَالصَّوْلَةُ: السَّطْوَةُ فِي الْحَرْبِ وَغَيْرِهَا، وَصَؤُل الْبَعِيرُ: إِذَا صَارَ يَقْتُل النَّاسَ وَيَعْدُو عَلَيْهِمْ.
وَفِي الاِصْطِلَاحِ: الصِّيَال الاِسْتِطَالَةُ وَالْوُثُوبُ عَلَى الْغَيْرِ بِغَيْرِ حَقٍّ (1) .
الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:
أ -
الْبُغَاةُ:
2 -
الْبَغْيُ: الظُّلْمُ وَالاِعْتِدَاءُ وَمُجَاوَزَةُ الْحَدِّ.
وَالْبُغَاةُ هُمْ: قَوْمٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، خَالَفُوا الإِْمَامَ الْحَقَّ بِخُرُوجٍ عَلَيْهِ وَتَرْكِ الاِنْقِيَادِ لَهُ، أَوْ
(1) لسان العرب، المصباح المنير، المعجم الوسيط، مادة:(ص ي ل) ، وحاشية الباجوري على ابن قاسم 2 / 256، ومغني المحتاج 4 / 194، وحاشية الجمل على شرح المنهج 5 / 165.
مَنْعِ حَقٍّ تَوَجَّهَ عَلَيْهِمْ، بِشَرْطِ شَوْكَةٍ لَهُمْ، وَتَأْوِيلٍ لَا يُقْطَعُ بِفَسَادِهِ (1) .
ب -
الْمُحَارِبُ
.
3 -
وَهُوَ: قَاطِعُ الطَّرِيقِ لِمَنْعِ سُلُوكٍ، أَوْ أَخْذِ مَال مُسْلِمٍ أَوْ غَيْرِهِ، عَلَى وَجْهٍ يَتَعَذَّرُ مَعَهُ الْغَوْثُ
وَالصَّائِل أَعَمُّ مِنْهُ، لأَِنَّهُ يَشْمَل الْحَيَوَانَ وَغَيْرَهُ (2) .
الْحُكْمُ التَّكْلِيفِيُّ:
4 -
الصِّيَال حَرَامٌ، لأَِنَّهُ اعْتِدَاءٌ عَلَى الْغَيْرِ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ} (3) وَقَوْل الرَّسُول صلى الله عليه وسلم: كُل الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ حَرَامٌ: دَمُهُ، وَمَالُهُ، وَعِرْضُهُ (4) .
دَفْعُ الصَّائِل عَلَى النَّفْسِ وَمَا دُونَهَا:
5 -
اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي حُكْمِ دَفْعِ الصَّائِل عَلَى النَّفْسِ وَمَا دُونَهَا.
فَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ - وَهُوَ الأَْصَحُّ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ - إِلَى وُجُوبِ دَفْعِ الصَّائِل عَلَى النَّفْسِ
(1) المصباح المنير وغريب القرآن مادة (بغى) ، والشرح الكبير على مختصر سيدي خليل مع حاشية الدسوقي 4 / 298، ومغني المحتاج 4 / 123.
(2)
فتح القدير 5 / 422، والبدائع 7 / 90، والمغني 8 / 287، وتبصرة الحكام 2 / 271.
(3)
سورة البقرة / 190.
(4)
حديث: " كل المسلم على المسلم حرام. . . . ". أخرجه الترمذي (4 / 325) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، وقال: حديث حسن غريب.
وَمَا دُونَهَا، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الصَّائِل كَافِرًا أَوْ مُسْلِمًا، عَاقِلاً أَوْ مَجْنُونًا، بَالِغًا أَوْ صَغِيرًا، مَعْصُومَ الدَّمِ أَوْ غَيْرَ مَعْصُومِ الدَّمِ، آدَمِيًّا أَوْ غَيْرَهُ.
وَاسْتَدَل أَصْحَابُ هَذَا الرَّأْيِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} (1) فَالاِسْتِسْلَامُ لِلصَّائِل إِلْقَاءٌ بِالنَّفْسِ لِلتَّهْلُكَةِ، لِذَا كَانَ الدِّفَاعُ عَنْهَا وَاجِبًا. وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى:{وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ} (2) وَلِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: مَنْ قُتِل دُونَ دَمِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ (3) وَقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: مَنْ أَشَارَ بِحَدِيدَةٍ إِلَى أَحَدٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ - يُرِيدُ قَتْلَهُ - فَقَدْ وَجَبَ دَمُهُ (4) .
وَلأَِنَّهُ كَمَا يَحْرُمُ عَلَى الْمَصُول عَلَيْهِ قَتْل نَفْسِهِ، يَحْرُمُ عَلَيْهِ إِبَاحَةُ قَتْلِهَا، وَلأَِنَّهُ قَدَرَ عَلَى إِحْيَاءِ نَفْسِهِ، فَوَجَبَ عَلَيْهِ فِعْل ذَلِكَ، كَالْمُضْطَرِّ لأَِكْل الْمَيْتَةِ وَنَحْوِهَا (5) .
وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ إِلَى أَنَّهُ إِنْ كَانَ الصَّائِل كَافِرًا، وَالْمَصُول عَلَيْهِ مُسْلِمًا وَجَبَ الدِّفَاعُ
(1) سورة البقرة / 195
(2)
سورة الأنفال / 39.
(3)
حديث: " من قتل دون دمه فهو شهيد ". أخرجه الترمذي (4 / 30) من حديث سعيد بن زيد رضي الله عنه، وقال حديث حسن صحيح.
(4)
حديث: " من أشار بحديدة إلى أحد من المسلمين. . . ". أخرجه أحمد (6 / 266) وفي إسناده جهالة كما في المجمع للهيثمي 7 / 292.
(5)
حاشية ابن عابدين 5 / 351، وأحكام القرآن للجصاص 2 / 487، وجواهر الإكليل 2 / 297، ومواهب الجليل 6 / 323.
سَوَاءٌ كَانَ هَذَا الْكَافِرُ مَعْصُومًا أَوْ غَيْرَ مَعْصُومٍ، إِذْ غَيْرُ الْمَعْصُومِ لَا حُرْمَةَ لَهُ، وَالْمَعْصُومُ بَطَلَتْ حُرْمَتُهُ بِصِيَالِهِ، وَلأَِنَّ الاِسْتِسْلَامَ لِلْكَافِرِ ذُلٌّ فِي الدِّينِ، وَفِي حُكْمِهِ كُل مَهْدُورِ الدَّمِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، كَالزَّانِي الْمُحْصَنِ، وَمَنْ تَحَتَّمَ قَتْلُهُ فِي قَطْعِ الطَّرِيقِ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِنَ الْجِنَايَاتِ.
كَمَا يَجِبُ دَفْعُ الْبَهِيمَةِ الصَّائِلَةِ، لأَِنَّهَا تُذْبَحُ لاِسْتِبْقَاءِ الآْدَمِيِّ، فَلَا وَجْهَ لِلاِسْتِسْلَامِ لَهَا، مِثْلُهَا مَا لَوْ سَقَطَتْ جَرَّةٌ وَنَحْوُهَا عَلَى إِنْسَانٍ وَلَمْ تَنْدَفِعْ عَنْهُ إِلَاّ بِكَسْرِهَا.
أَمَّا إِنْ كَانَ الصَّائِل مُسْلِمًا غَيْرَ مَهْدُورِ الدَّمِ فَلَا يَجِبُ دَفْعُهُ فِي الأَْظْهَرِ، بَل يَجُوزُ الاِسْتِسْلَامُ لَهُ، سَوَاءٌ كَانَ الصَّائِل صَبِيًّا أَوْ مَجْنُونًا، وَسَوَاءٌ أَمْكَنَ دَفْعُهُ بِغَيْرِ قَتْلِهِ أَوْ لَمْ يُمْكِنْ، بَل قَال بَعْضُهُمْ: يُسَنُّ الاِسْتِسْلَامُ لَهُ لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: كُنْ كَابْنِ آدَمَ (1) يَعْنِي هَابِيل - وَلِمَا وَرَدَ عَنِ الأَْحْنَفِ بْنِ قَيْسٍ قَال: خَرَجْتُ بِسِلَاحِي لَيَالِيَ الْفِتْنَةِ، فَاسْتَقْبَلَنِي أَبُو بَكْرَةَ فَقَال: أَيْنَ تُرِيدُ؟ قُلْتُ: أُرِيدُ نُصْرَةَ ابْنِ عَمِّ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. قَال: قَال رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: إِذَا تَوَاجَهَ الْمُسْلِمَانِ بِسَيْفَيْهِمَا فَكِلَاهُمَا مِنْ أَهْل النَّارِ، قِيل: فَهَذَا الْقَاتِل، فَمَا بَال الْمَقْتُول؟
(1) حديث: " كن كابن آدم. . . ". أخرجه الترمذي (4 / 486) من حديث ابن أبي وقاص رضي الله عنه. وقال: هذا حديث حسن.
قَال: إِنَّهُ أَرَادَ قَتْل صَاحِبِهِ (1) وَلأَِنَّ عُثْمَانَ رضي الله عنه تَرَكَ الْقِتَال مَعَ إِمْكَانِهِ، وَمَعَ عِلْمِهِ بِأَنَّهُمْ يُرِيدُونَ نَفْسَهُ، وَمَنَعَ حُرَّاسَهُ مِنَ الدِّفَاعِ عَنْهُ - وَكَانُوا أَرْبَعَمِائَةٍ يَوْمَ الدَّارِ - وَقَال: مَنْ أَلْقَى سِلَاحَهُ فَهُوَ حُرٌّ، وَاشْتُهِرَ ذَلِكَ فِي الصَّحَابَةِ رضي الله عنهم فَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِ أَحَدٌ.
وَمُقَابِل الأَْظْهَرِ - عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ - أَنَّهُ يَجِبُ دَفْعُ الصَّائِل مُطْلَقًا، أَيْ سَوَاءٌ كَانَ كَافِرًا أَوْ مُسْلِمًا، مَعْصُومَ الدَّمِ أَوْ غَيْرَ مَعْصُومِ الدَّمِ، آدَمِيًّا أَوْ غَيْرَ آدَمِيٍّ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} (2) .
وَفِي قَوْلٍ ثَالِثٍ عِنْدَهُمْ: أَنَّهُ إِنْ كَانَ الصَّائِل مَجْنُونًا أَوْ صَبِيًّا فَلَا يَجُوزُ الاِسْتِسْلَامُ لَهُمَا؛ لأَِنَّهُمَا لَا إِثْمَ عَلَيْهِمَا كَالْبَهِيمَةِ.
وَاسْتَثْنَى الْقَائِلُونَ بِالْجَوَازِ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ مَسَائِل مِنْهَا:
أ - لَوْ كَانَ الْمَصُول عَلَيْهِ عَالِمًا تَوَحَّدَ فِي عَصْرِهِ، أَوْ خَلِيفَةً تَفَرَّدَ، بِحَيْثُ يَتَرَتَّبُ عَلَى قَتْلِهِ ضَرَرٌ عَظِيمٌ، لِعَدَمِ مَنْ يَقُومُ مَقَامَهُ، فَيَجِبُ دَفْعُ الصَّائِل.
ب - لَوْ أَرَادَ الصَّائِل قَطْعَ عُضْوِ الْمَصُول عَلَيْهِ
(1) حديث أبي بكرة: " إذا تواجه المسلمان. . . ". أخرجه البخاري (13 / 31 - 32) ومسلم (4 / 2213 - 2214) واللفظ للبخاري.
(2)
سورة البقرة 195.
فَيَجِبُ دَفْعُهُ لاِنْتِفَاءِ عِلَّةِ الشَّهَادَةِ.
قَال الأَْذْرَعِيُّ رحمه الله: وَيَجِبُ الدَّفْعُ عَنْ عُضْوٍ عِنْدَ ظَنِّ السَّلَامَةِ، وَعَنْ نَفْسٍ ظَنَّ بِقَتْلِهَا مَفَاسِدَ فِي الْحَرِيمِ وَالْمَال وَالأَْوْلَادِ.
ج - قَال الْقَاضِي حُسَيْنٌ: إِنَّ الْمَصُول عَلَيْهِ إِنْ أَمْكَنَهُ دَفْعَ الصَّائِل بِغَيْرِ قَتْلِهِ وَجَبَ عَلَيْهِ دَفْعُهُ وَإِلَاّ فَلَا (1) .
وَذَهَبَ الْحَنَابِلَةُ إِلَى وُجُوبِ دَفْعِ الصَّائِل عَنِ النَّفْسِ فِي غَيْرِ وَقْتِ الْفِتْنَةِ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} وَلأَِنَّهُ كَمَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ قَتْل نَفْسِهِ يَحْرُمُ عَلَيْهِ إِبَاحَةُ قَتْلِهَا.
أَمَّا فِي زَمَنِ الْفِتْنَةِ، فَلَا يَلْزَمُهُ الدِّفَاعُ عَنْ نَفْسِهِ، لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: فَإِنْ خَشِيتَ أَنْ يَبْهَرَكَ شُعَاعُ السَّيْفِ، فَأَلْقِ ثَوْبَكَ عَلَى وَجْهِكَ (2) وَلأَِنَّ عُثْمَانَ رضي الله عنه تَرَكَ الْقِتَال عَلَى مَنْ بَغَى عَلَيْهِ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ، وَمَنَعَ غَيْرَهُ قِتَالَهُمْ، وَصَبَرَ عَلَى ذَلِكَ. وَلَوْ لَمْ يَجُزْ لأََنْكَرَ الصَّحَابَةُ عَلَيْهِ ذَلِكَ (3) .
(1) روضة الطالبين 10 / 188، ومغني المحتاج 4 / 195، وتحفة المحتاج 9 / 184، ونهاية المحتاج 8 / 23، وحاشية الجمل 5 / 166، وحاشية الباجوري 2 / 256.
(2)
حديث أبي ذر رضي الله عنه عندما ذكر له الرسول صلى الله عليه وسلم شيئا من الفتن، قال أبو ذر: " أفلا آخذ سيفي وأضعه على عاتقي؟ قال: شاركت القوم إذن. قلت: فما تأمرني؟ قال: تلزم بيتك. قلت: فإن دخل علي بيتي؟ قال: فإن خشيت أن يبهرك شعاع السيف فألق ثو والحاكم 4 / 424، وصححه الحاكم ووافقه الذهبي.
(3)
كشاف القناع 6 / 154، والمغني 8 / 331.