الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أَوْ غَيْرَهُ صِيَانَةً لِلأَْمْوَال (1) .
ب - إِذَا تَأَنَّسَ وَحْشِيُّ الأَْصْل، كَالظَّبْيِ مَثَلاً، أَوْ قُدِرَ عَلَى الْمُتَوَحِّشِ بِطَرِيقَةٍ أُخْرَى، كَأَنْ وَقَعَ فِي حِبَالِهِ أَوْ شَبَكٍ مَثَلاً، لَا يُؤْكَل بِالْعَقْرِ، وَإِنَّمَا بِالتَّذْكِيَةِ، لأَِنَّهُ صَارَ مَقْدُورًا عَلَيْهِ.
أَمَّا إِذَا تَأَنَّسَ الْمُتَوَحِّشُ، ثُمَّ نَدَّ وَتَوَحَّشَ مَرَّةً أُخْرَى، فَأَصْبَحَ غَيْرَ مَقْدُورٍ عَلَيْهِ، فَيُؤْكَل بِالاِصْطِيَادِ (2) .
ج - مَنْ رَمَى صَيْدًا فَأَثْخَنَهُ حَتَّى صَارَ لَا يَقْدِرُ عَلَى الْفِرَارِ، ثُمَّ رَمَاهُ آخَرُ فَقَتَلَهُ لَمْ يُؤْكَل، لأَِنَّهُ صَارَ مَقْدُورًا عَلَيْهِ (3) .
وَأَضَافَ الْحَنَابِلَةُ: أَنَّهُ إِنْ كَانَ الْقَاتِل أَصَابَ مَذْبَحَهُ حَل، لأَِنَّهُ صَادَفَ مَحَل الذَّبْحِ، وَلَيْسَ عَلَيْهِ إِلَاّ أَرْشُ ذَبْحِهِ، كَمَا لَوْ ذَبَحَ شَاةً لِغَيْرِهِ، بِخِلَافِ مَا إِذَا كَانَ أَصَابَ غَيْرَ مَذْبَحِهِ فَإِنَّهُ لَا يَحِل لأَِنَّهُ لَمَّا أَثْبَتَهُ صَارَ مَقْدُورًا عَلَيْهِ لَا يَحِل إِلَاّ بِالذَّبْحِ (4) .
وَهَذَا كُلُّهُ إِذَا لَمْ تَكُنْ حَيَاةُ الصَّيْدِ حَيَاةَ
(1) نفس المراجع.
(2)
تبيين الحقائق للزيلعي 6 / 60، 61، وحاشية الدسوقي مع الشرح الكبير 2 / 103، والقوانين الفقهية لابن جزي ص 182، 183، والبجيرمي على المنهج 4 / 291.
(3)
الزيلعي على كنز الدقائق 6 / 60، حاشية الدسوقي 2 / 103، والمغني لابن قدامة 8 / 559، وانظر كذلك كشاف القناع 6 / 215.
(4)
المغني لابن قدامة 8 / 559، 560.
مَذْبُوحٍ، بَل كَانَتْ حَيَاةً مُسْتَقِرَّةً، وَإِلَاّ فَفِيهِ تَفْصِيلٌ يَأْتِي ذِكْرُهُ.
22 -
الشَّرْطُ الثَّالِثُ:
أَنْ لَا يَكُونَ صَيْدَ الْحَرَمِ: فَقَدِ اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّهُ يَحْرُمُ فِي الْحَرَمِ صَيْدُ الْحَيَوَانِ الْبَرِّيِّ - أَيْ مَا يَكُونُ تَوَالُدُهُ وَتَنَاسُلُهُ فِي الْبَرِّ - سَوَاءٌ أَكَانَ مَأْكُول اللَّحْمِ أَمْ غَيْرَ مَأْكُول اللَّحْمِ.
أَمَّا حُرْمَةُ صَيْدِ الْحَرَمِ الْمَكِّيِّ فَلِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَ مَكَّةَ، فَلَمْ تَحِل لأَِحَدٍ قَبْلِي وَلَا تَحِل لأَِحَدٍ بَعْدِي، إِنَّمَا حُلَّتْ لِي سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ، لَا يُخْتَلَى خَلَاهَا، وَلَا يُعْضَدُ شَجَرُهَا وَلَا يُنَفَّرُ صَيْدُهَا (1) .
وَحُرْمَةُ صَيْدِ الْحَرَمِ تَشْمَل الْمُحْرِمَ وَالْحَلَال، كَمَا تَشْمَل إِيذَاءَ الصَّيْدِ وَتَنْفِيرَهُ وَالْمُسَاعَدَةَ عَلَى الصَّيْدِ بِأَيِّ وَجْهٍ مِنَ الْوُجُوهِ، مِثْل الدَّلَالَةِ عَلَيْهِ، أَوِ الإِْشَارَةِ إِلَيْهِ أَوِ الأَْمْرِ بِقَتْلِهِ (2) .
أَمَّا صَيْدُ الْحَرَمِ الْمَدَنِيِّ فَفِيهِ خِلَافٌ وَتَفْصِيلٌ، يُنْظَرُ فِي مُصْطَلَحِ:(حَرَم ف 30) .
23 -
الشَّرْطُ الرَّابِعُ:
أَنْ لَا يُدْرَكَ الصَّيْدُ حَيًّا حَيَاةً مُسْتَقِرَّةً بَعْدَ الإِْصَابَةِ، وَذَلِكَ بِأَنْ يَذْهَبَ
(1) حديث: " إن الله حرم مكة. . . ". أخرجه البخاري (فتح الباري 4 / 46) من حديث ابن عباس رضي الله عنهما.
(2)
البدائع 2 / 207، 209، وابن عابدين 2 / 212، والدسوقي 2 / 72، ومغني المحتاج 1 / 524، والمغني لابن قدامة 3 / 344، 345.
الصَّائِدُ، أَوْ تَأْتِيَ بِهِ الْجَارِحَةُ فَيَجِدَهُ مَيِّتًا، أَوْ فِي حَرَكَةِ مَذْبُوحٍ، أَوْ يَكُونُ بِحَيْثُ لَوْ ذَهَبَ إِلَيْهِ لَوَجَدَهُ كَذَلِكَ، فَفِي
الْحَالَةِ الأُْولَى: وَهِيَ وُجُودُهُ مَيِّتًا يَحِل بِاتِّفَاقِ الْفُقَهَاءِ، وَفِي
الْحَالَةِ الثَّانِيَةِ - وَهِيَ وُجُودُهُ فِي حَيَاةٍ غَيْرِ مُسْتَقِرَّةٍ - إِذَا ذَبَحَهُ حَل، وَكَذَا إِذَا لَمْ يَذْبَحْهُ وَمَاتَ، لأَِنَّ الذَّكَاةَ فِي مِثْل هَذَا لَا تُفِيدُ شَيْئًا، إِلَاّ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ إِمْرَارُ السِّكِّينِ عَلَيْهِ.
أَمَّا إِذَا وَجَدَ الصَّائِدُ الصَّيْدَ حَيًّا حَيَاةً مُسْتَقِرَّةً بَعْدَ الإِْصَابَةِ، أَوْ كَانَ بِحَيْثُ لَوْ ذَهَبَ إِلَيْهِ لَوَجَدَهُ كَذَلِكَ وَلَمْ يَذْبَحْهُ مَعَ تَمَكُّنِهِ مِنْ ذَلِكَ، فَمَاتَ لَمْ يَحِل أَكْلُهُ، لأَِنَّ ذَكَاتَهُ تَحَوَّلَتْ مِنَ الْجُرْحِ إِلَى الذَّبْحِ، فَإِذَا لَمْ يُذْبَحْ كَانَ مَيْتَةً، لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: مَا رَدَّ عَلَيْكَ كَلْبُكَ الْمُكَلَّبُ، وَذَكَرْتَ اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ، وَأَدْرَكْتَ ذَكَاتَهُ فَذَكِّهِ، وَإِنْ لَمْ تُدْرِكْ ذَكَاتَهُ فَلَا تَأْكُل، وَمَا رَدَّتْ عَلَيْكَ يَدُكَ، وَذَكَرْتَ اسْمَ اللَّهِ وَأَدْرَكْتَ ذَكَاتَهُ فَذَكِّهِ، وَإِنْ لَمْ تُدْرِكْ ذَكَاتَهُ فَكُلْهُ (1) .
وَكَذَا إِذَا جَاءَ الصَّائِدُ وَلَيْسَ مَعَهُ آلَةُ الذَّبْحِ، أَوْ تَرَاخَى فِي اتِّبَاعِ الصَّيْدِ، ثُمَّ وَجَدَهُ
(1) حديث: " ما رد عليك كلبك المعلم. . . ". أورده بهذا اللفظ الشيرازي في المهذب (9 / 114 - بشرح النووي) . وقال النووي: " أخرجه البخاري ومسلم مختصرا ". وهو في البخاري (فتح الباري 9 / 612) ومسلم (3 / 1532) من حديث أبي ثعلبة.
مَيِّتًا، أَوْ جَعَل الآْلَةَ مَعَ غُلَامِهِ، وَكَانَ شَأْنُهُ أَنْ يَسْبِقَ الْغُلَامُ فَسَبَقَهُ، وَأَدْرَكَ الصَّيْدَ حَيًّا، وَلَمْ يَأْتِ الْغُلَامُ إِلَاّ بَعْدَ مَوْتِ الصَّيْدِ، أَوْ وَضْعِ الآْلَةِ فِي خُرْجِهِ أَوْ نَحْوِهِ مِمَّا يَسْتَدْعِي طُول زَمَنٍ فِي إِخْرَاجِهَا مِنْهُ، فَأَدْرَكَهُ حَيًّا فَلَمْ يَتِمَّ إِخْرَاجُ الآْلَةِ إِلَاّ بَعْدَ مَوْتِ الصَّيْدِ أَوْ تَشَبَّثَتِ الآْلَةُ فِي الْغِمْدِ وَكَانَ ضَيِّقًا، أَوْ سَقَطَتْ مِنْهُ، أَوْ ضَاعَتْ فَمَاتَ الصَّيْدُ حَرُمَ أَكْلُهُ فِي هَذِهِ الصُّوَرِ، وَكَذَا كُل صُورَةٍ لَا يُتَمَكَّنُ فِيهَا مِنْ ذَبْحِ الصَّيْدِ بِتَقْصِيرٍ مِنْهُ.
أَمَّا إِذَا تَعَذَّرَ ذَبْحُهُ بِدُونِ تَقْصِيرٍ مِنْ صَائِدِهِ، كَأَنْ سَل السِّكِّينَ فَمَاتَ قَبْل إِمْكَانِ ذَبْحِهِ، أَوِ امْتَنَعَ بِقُوَّتِهِ، وَمَاتَ قَبْل الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ وَاشْتَغَل الصَّائِدُ بِطَلَبِ الْمَذْبَحِ، أَوْ وَقَعَ الصَّيْدُ مُنَكَّسًا فَاحْتَاجَ إِلَى قَلْبِهِ فَقَلَبَهُ، أَوِ اشْتَغَل بِتَوْجِيهِهِ إِلَى الْقِبْلَةِ، أَوْ تَشَبَّثَتِ السِّكِّينُ فِي الْغِمْدِ لِعَارِضٍ وَلَمْ يَكُنْ ضَيِّقًا، أَوْ حَال بَيْنَ الصَّيْدِ وَصَائِدِهِ سَبُعٌ فَمَاتَ الصَّيْدُ الْمُصَابُ حَل أَكْلُهُ لِعَدَمِ تَقْصِيرِهِ.
وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: لَوْ مَشَى الصَّائِدُ عَلَى هَيْئَتِهِ وَلَمْ يَأْتِهِ عَدْوًا فَوَجَدَهُ مَيِّتًا بِسَبَبِ الإِْصَابَةِ حَل عَلَى أَصَحِّ الْقَوْلَيْنِ، وَفِي الْقَوْل الثَّانِي: يُشْتَرَطُ الْعَدْوُ إِلَى الصَّيْدِ عِنْدَ إِصَابَتِهِ، لأَِنَّهُ هُوَ الْمُعْتَادُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ.
وَقَال الْحَنَابِلَةُ - فِي أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ أَحْمَدَ - إِذَا أَدْرَكَ الصَّائِدُ الصَّيْدَ وَفِيهِ حَيَاةٌ