الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَعَلَى هَذَا، فَإِنَّ بَعْضَ الْفُقَهَاءِ يُفَرِّقُ بَيْنَ اللُّقَطَةِ وَالضَّالَّةِ؛ بِاعْتِبَارِ أَنَّ اللُّقَطَةَ تُطْلَقُ عَلَى غَيْرِ الْحَيَوَانِ، وَالضَّالَّةَ تُطْلَقُ عَلَى الْحَيَوَانِ، وَبَعْضُهُمْ يُطْلِقُ لَفْظَ اللُّقَطَةِ عَلَى الْجَمِيعِ (1) .
الْحُكْمُ الإِْجْمَالِيُّ:
3 -
الضَّوَال الَّتِي تَمْتَنِعُ مِنْ صِغَارِ السِّبَاعِ لِقُوَّتِهَا وَكِبَرِ جُثَّتِهَا - كَالإِْبِل وَالْبَقَرِ وَالْخَيْل وَالْبِغَال - أَوْ تَمْتَنِعُ لِسُرْعَةِ عَدْوِهَا كَالظِّبَاءِ أَوْ تَمْتَنِعُ لِطَيَرَانِهَا، هَذِهِ الضَّوَال إِنْ كَانَتْ فِي الصَّحْرَاءِ فَإِنَّهُ يَحْرُمُ أَخْذُهَا لِلتَّمَلُّكِ، وَهَذَا عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ، وَذَلِكَ لِحَدِيثِ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ: سُئِل النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَنْ ضَالَّةِ الإِْبِل فَقَال: مَا لَكَ وَلَهَا، دَعْهَا، فَإِنَّ مَعَهَا حِذَاءَهَا وَسِقَاءَهَا، تَرِدُ الْمَاءَ وَتَأْكُل الشَّجَرَ حَتَّى يَجِدَهَا رَبُّهَا (2) .
إِلَاّ أَنَّهُ يَجُوزُ لِوَلِيِّ الأَْمْرِ أَخْذُهَا عَلَى وَجْهِ الْحِفْظِ لِرَبِّهَا، لَا عَلَى أَنَّهَا لُقَطَةٌ، فَإِنَّ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - حَمَى مَوْضِعًا يُقَال لَهُ: النَّقِيعُ لِخَيْل الْمُجَاهِدِينَ وَالضَّوَال، وَلأَِنَّ لِلإِْمَامِ نَظَرًا فِي حِفْظِ مَال الْغَائِبِ، وَفِي أَخْذِ
(1) البدائع 6 / 200.
(2)
حديث زيد بن خالد: " سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن ضالة الإبل. . . ". أخرجه البخاري (5 / 84) ومسلم (3 / 1349) واللفظ لمسلم.
الضَّوَال حِفْظٌ لَهَا عَنِ الْهَلَاكِ، وَلَا يَلْزَمُ الإِْمَامَ تَعْرِيفُهَا، لأَِنَّ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ لَمْ يَكُنْ يُعَرِّفُ الضَّوَال، وَمَنْ كَانَتْ لَهُ ضَالَّةٌ فَإِنَّهُ يَجِيءُ إِلَى مَوْضِعِ الضَّوَال، فَإِذَا عَرَفَ ضَالَّتَهُ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ وَأَخَذَهَا، لَكِنْ قَال السُّبْكِيُّ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ: إِنْ لَمْ يُخْشَ عَلَى الضَّالَّةِ الضَّيَاعُ فَلَا يَتَعَرَّضُ لَهَا وَلِيُّ الأَْمْرِ، بَل جَزَمَ الأَْذْرَعِيُّ بِتَرْكِهَا عِنْدَ اكْتِفَائِهَا بِالرَّعْيِ وَالأَْمْنِ عَلَيْهَا.
كَمَا أَجَازَ الشَّافِعِيَّةُ فِي الأَْصَحِّ لِغَيْرِ وَلِيِّ الأَْمْرِ أَخْذَهَا لِلْحِفْظِ لِرَبِّهَا إِذَا خَشَى عَلَيْهَا مِنْ أَخْذِ خَائِنٍ، فَإِذَا أَمِنَ عَلَيْهَا امْتَنَعَ أَخْذُهَا قَطْعًا، فَإِذَا أَخَذَهَا ضَمِنَهَا لِرَبِّهَا، وَلَا يَبْرَأُ إِلَاّ بِرَدِّهَا لِلْحَاكِمِ، لَكِنْ هَذَا إِذَا لَمْ يَعْرِفْ صَاحِبَهَا، وَإِلَاّ جَازَ لَهُ أَخْذُهَا، وَتَكُونُ أَمَانَةً فِي يَدِهِ.
أَمَّا زَمَنُ النَّهْبِ وَالْفَسَادِ فَيَجُوزُ الْتِقَاطُهَا لِلتَّمَلُّكِ فِي الصَّحْرَاءِ وَغَيْرِهَا.
وَيَضْمَنُ كَذَلِكَ - عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ - مَنْ أَخَذَ مَا حُرِّمَ الْتِقَاطُهُ مِنَ الضَّوَال إِنْ تَلِفَ أَوْ نَقَصَ، لِعَدَمِ إِذْنِ الشَّارِعِ فِيهِ، فَإِنْ كَتَمَهُ عَنْ رَبِّهِ ثُمَّ ثَبَتَ بِإِقْرَارٍ أَوْ بَيِّنَةٍ فَتَلِفَ فَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ مَرَّتَيْنِ لِرَبِّهِ نَصًّا، لِحَدِيثِ: وَفِي الضَّالَّةِ الْمَكْتُومَةِ غَرَامَتُهَا وَمِثْلُهَا مَعَهَا (1)
(&# x661 ;) حديث: " في الضالة المكتوبة. . . ". أخرجه الأثرم كما في كشاف القناع (4 / 210) .</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٧٠)</span><hr/></div>وَهَذَا حُكْمُ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَلَا يُرَدُّ (1) .</p>وَيَزُول الضَّمَانُ بِرَدِّ الضَّالَّةِ إِلَى رَبِّهَا إِنْ وَجَدَهُ، أَوْ دَفَعَهَا إِلَى الإِْمَامِ إِنْ لَمْ يَجِدْ رَبَّهَا، أَوْ رَدَّهَا إِلَى مَكَانِهَا إِنْ أَمَرَهُ الإِْمَامُ بِذَلِكَ.</p>هَذَا بِالنِّسْبَةِ لِلضَّوَال الَّتِي بِالصَّحْرَاءِ وَالْمُمْتَنِعَةِ مِنْ صِغَارِ السِّبَاعِ، أَمَّا إِنْ وُجِدَتْ بِقَرْيَةٍ، فَعِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ فِي الأَْصَحِّ يَجُوزُ الْتِقَاطُهَا لِلتَّمَلُّكِ، لأَِنَّ فِي الْعُمْرَانِ يَضِيعُ بِامْتِدَادِ الْيَدِ الْخَائِنَةِ إِلَيْهِ، بِخِلَافِ الْمَفَازَةِ فَإِنَّ طُرُوقَهَا لَا يَعُمُّ، وَمُقَابِل الأَْصَحِّ: الْمَنْعُ لإِِطْلَاقِ الْحَدِيثِ، وَلَمْ يُفَرِّقِ الْحَنَابِلَةُ فِي الْحُكْمِ بَيْنَ الصَّحْرَاءِ وَغَيْرِهَا.</p> </p><font color=#ff0000>4 -</font> أَمَّا الضَّوَال الَّتِي لَا تَمْتَنِعُ مِنْ صِغَارِ السِّبَاعِ - كَالشَّاةِ وَالْفَصِيل - فَإِنَّهُ يَجُوزُ الْتِقَاطُهَا، سَوَاءٌ كَانَتْ فِي الصَّحْرَاءِ أَوْ فِي الْعُمْرَانِ، وَذَلِكَ صَوْنًا لَهَا عَنِ الْخَوَنَةِ وَالسِّبَاعِ، وَذَلِكَ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ، قَال ابْنُ قُدَامَةَ: إِذَا وَجَدَ الشَّاةَ بِمِصْرٍ أَوْ بِمَهْلَكَةٍ فَإِنَّهُ يُبَاحُ أَخْذُهَا وَالْتِقَاطُهَا، هَذَا الصَّحِيحُ مِنْ مَذْهَبِ أَحْمَدَ، وَقَوْل أَكْثَرِ أَهْل الْعِلْمِ. قَال ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ ضَالَّةَ الْغَنَمِ فِي الْمَوْضِعِ الْمَخُوفِ عَلَيْهَا لَهُ أَكْلُهَا، وَكَذَلِكَ الْحُكْمُ فِي كُل مَا لَا يَمْتَنِعُ مِنْ صِغَارِ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) كشاف القناع 4 / 210.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٧٠)</span><hr/></div>السِّبَاعِ، كَفُصْلَانِ الإِْبِل وَعُجُول الْبَقَرِ وَأَفْلَاءِ الْخَيْل، وَالدَّجَاجِ وَالإِْوَزِّ وَنَحْوِهَا يَجُوزُ الْتِقَاطُهُ، لِقَوْل النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لَمَّا سُئِل عَنِ الشَّاةِ: خُذْهَا فَإِنَّمَا هِيَ لَكَ، أَوْ لأَِخِيكَ أَوْ لِلذِّئْبِ (1) وَلأَِنَّهُ يُخْشَى عَلَيْهِ التَّلَفُ وَالضَّيَاعُ فَأَشْبَهَ لُقَطَةَ غَيْرِ الْحَيَوَانِ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَجِدَهَا فِي مِصْرٍ أَوْ مَهْلَكَةٍ، لأَِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَال: خُذْهَا وَلَمْ يُفَرِّقْ وَلَمْ يَسْتَفْصِل، وَلَوِ افْتَرَقَ الْحَال لَسَأَل وَاسْتَفْصَل، وَلأَِنَّهَا لُقَطَةٌ فَاسْتَوَى فِيهَا الْمِصْرُ وَالصَّحْرَاءُ، كَسَائِرِ اللُّقَطَاتِ.</p>وَرُوِيَ عَنِ الإِْمَامِ أَحْمَدَ رِوَايَةٌ أُخْرَى: أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِغَيْرِ الإِْمَامِ الْتِقَاطُهَا، وَقَال اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ: لَا أُحِبُّ أَنْ يَقْرَبَهَا إِلَاّ أَنْ يُحْرِزَهَا لِصَاحِبِهَا لأَِنَّهُ حَيَوَانٌ أَشْبَهَ الإِْبِل، إِلَاّ أَنَّ جَوَازَ الأَْخْذِ مُقَيَّدٌ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ بِمَا إِذَا أَمِنَ نَفْسَهُ عَلَى اللُّقَطَةِ، وَقَوِيَ عَلَى تَعْرِيفِهَا، أَمَّا مَنْ لَمْ يَأْمَنْ نَفْسَهُ عَلَيْهَا فَلَا يَجُوزُ لَهُ أَخْذُهَا.</p>وَيَتَخَيَّرُ أَخْذُ هَذَا النَّوْعِ بَيْنَ ثَلَاثِ خِصَالٍ.</p>أ - أَنْ يَحْفَظَهُ لِرَبِّهِ، وَيُعَرِّفَهُ وَيُنْفِقَ عَلَيْهِ مُدَّةَ التَّعْرِيفِ، وَيَتَمَلَّكَهُ بَعْدَ التَّعْرِيفِ إِنْ لَمْ يَجِدْ رَبَّهُ.<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حديث:" خذها فإنما هي لك أو لأخيك ". أخرجه البخاري (5 / 83) ومسلم (3 / 1348) .</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٧١)</span><hr/></div>ب - أَنْ يَبِيعَهُ وَيَحْفَظَ الثَّمَنَ لِرَبِّهِ، ثُمَّ يُعَرِّفَ الضَّالَّةَ الَّتِي بَاعَهَا، وَيَتَمَلَّكَ الثَّمَنَ إِنْ لَمْ يَجِدْ رَبَّ الضَّالَّةِ.</p>ج - أَنْ يَأْكُلَهُ وَيَغْرَمَ قِيمَتَهُ إِنْ ظَهَرَ مَالِكُهُ، لِحَدِيثِ: هِيَ لَكَ أَوْ لأَِخِيكَ أَوْ لِلذِّئْبِ (1) .</p>لَكِنَّ التَّخْيِيرَ بَيْنَ هَذِهِ الْخِصَال إِنَّمَا هُوَ بِالنِّسْبَةِ لِلضَّوَال الَّتِي أُخِذَتْ مِنَ الصَّحْرَاءِ، فَإِنْ أُخِذَتْ مِنَ الْعُمْرَانِ فَالتَّخْيِيرُ بَيْنَ الْخُصْلَتَيْنِ الأُْولَيَيْنِ، أَيِ: الْحِفْظِ أَوِ الْبَيْعِ، وَلَيْسَ لَهُ الأَْكْل فِي الأَْظْهَرِ. وَمُقَابِل الأَْظْهَرِ: لَهُ الأَْكْل، وَهَذَا عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ (2) .</p><font color=#ff0000>5 -</font> وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى أَنَّهُ يُنْدَبُ الْتِقَاطُ الْبَهِيمَةِ الضَّالَّةِ لِلْحِفْظِ لِرَبِّهَا، لأَِنَّهَا لُقَطَةٌ يُتَوَهَّمُ ضَيَاعُهَا، فَيُسْتَحَبُّ أَخْذُهَا وَتَعْرِيفُهَا صِيَانَةً لأَِمْوَال النَّاسِ، كَالشَّاةِ، وَأَمَّا قَوْل النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي ضَالَّةِ الإِْبِل: مَا لَكَ وَلَهَا، مَعَهَا سِقَاؤُهَا وَحِذَاؤُهَا، تَرِدُ الْمَاءَ وَتَأْكُل الشَّجَرَ حَتَّى يَلْقَاهَا رَبُّهَا (3) فَقَدْ قَال<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حديث:" هي لك أو لأخيك أو للذئب ". تقدم تخريجه ف 4.</p><font color=#ff0000>(2)</font> مغني المحتاج 2 / 409 - 410، ونهاية المحتاج 5 / من 429 إلى 433، والمغني 5 / من 735 إلى 739، وكشاف القناع 4 / 210، 211، 212.</p><font color=#ff0000>(3)</font> حديث: " ما لك ولها، معها سقاؤها وحذاؤها. . . ". أخرجه البخاري (5 / 84) ومسلم (3 / 1349) واللفظ للبخاري.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٧١)</span><hr/></div>السَّرَخْسِيُّ فِي الْمَبْسُوطِ: إِنَّ ذَلِكَ كَانَ إِذْ ذَاكَ لِغَلَبَةِ أَهْل الصَّلَاحِ وَالأَْمَانَةِ لَا تَصِل إِلَيْهَا يَدٌ خَائِنَةٌ، فَإِذَا تَرَكَهَا وَجَدَهَا، وَأَمَّا فِي زَمَانِنَا فَلَا يَأْمَنُ وُصُول يَدٍ خَائِنَةٍ إِلَيْهَا بَعْدَهُ، فَفِي أَخْذِهَا إِحْيَاؤُهَا وَحِفْظُهَا عَلَى صَاحِبِهَا فَهُوَ أَوْلَى، فَإِنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ ضَيَاعُهَا وَجَبَ الْتِقَاطُهَا، وَهَذَا حَقٌّ، لِلْقَطْعِ بِأَنَّ مَقْصُودَ الشَّارِعِ وُصُولُهَا إِلَى رَبِّهَا وَأَنَّ ذَلِكَ طَرِيقُ الْوُصُول، لأَِنَّ الزَّمَانَ إِذَا تَغَيَّرَ وَصَارَ طَرِيقَ التَّلَفِ تَغَيَّرَ الْحُكْمُ بِلَا شَكٍّ، وَهُوَ الاِلْتِقَاطُ لِلْحِفْظِ.</p>وَيُؤَيِّدُ هَذَا مَا رُوِيَ عَنْ عِيَاضِ بْنِ حِمَارٍ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَال فِي اللُّقَطَةِ: فَإِنْ وَجَدَ صَاحِبَهَا فَلْيَرُدَّهَا عَلَيْهِ، وَإِلَاّ فَهُوَ مَال اللَّهِ عز وجل يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ (1)</p>وَلَمْ يُفَرِّقِ الْحَنَفِيَّةُ بَيْنَ الشَّاةِ وَغَيْرِهَا فِي الْحُكْمِ، كَمَا أَنَّهُمْ لَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ الصَّحْرَاءِ وَالْعُمْرَانِ (2) .</p><font color=#ff0000>6 -</font> وَلِلْمَالِكِيَّةِ تَفْصِيلٌ يَخْتَلِفُ عَنِ الْمَذَاهِبِ الأُْخْرَى، وَذَلِكَ عَلَى النَّحْوِ التَّالِي:</p> </p>‌<span class="title">‌أَوَّلاً: الضَّالَّةُ إِذَا كَانَتْ فِي الصَّحْرَاءِ:</span></p>أ - ضَالَّةُ الإِْبِل فِي الصَّحْرَاءِ لَا يَجُوزُ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حديث عياض بن حمار: " فإن وجد صاحبها. . . ". أخرجه أبو داود (2 / 335) وإسناده صحيح.</p><font color=#ff0000>(2)</font> ابن عابدين 3 / 321 - 322، وفتح القدير 5 / 354، نشر دار إحياء التراث، والاختيار 3 / 32.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٧٢)</span><hr/></div>أَخْذُهَا، وَلَوْ كَانَتْ فِي مَوْضِعٍ يُخَافُ عَلَيْهَا مِنَ السِّبَاعِ أَوِ الْجُوعِ أَوِ الْعَطَشِ، لِحَدِيثِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: دَعْهَا فَإِنَّ مَعَهَا حِذَاءَهَا وَسِقَاءَهَا، تَرِدُ الْمَاءَ وَتَأْكُل الشَّجَرَ (1) فَإِنْ تَعَدَّى وَأَخَذَهَا فَإِنَّهُ يُعَرِّفُهَا سَنَةً ثُمَّ يَتْرُكُهَا بِمَحَلِّهَا، لَكِنْ إِذَا خَافَ عَلَيْهَا مِنْ خَائِنٍ وَجَبَ الْتِقَاطُهَا وَتَعْرِيفُهَا.</p>ب - ضَالَّةُ الْبَقَرِ فِي الصَّحْرَاءِ إِذَا كَانَ لَا يُخْشَى عَلَيْهَا مِنَ السِّبَاعِ أَوِ الْجُوعِ أَوِ الْعَطَشِ أَوِ السَّارِقِ فَإِنَّهَا تُتْرَكُ، وَلَا يَجُوزُ أَخْذُهَا.</p>وَإِنْ كَانَ يُخْشَى عَلَيْهَا مِنَ السَّارِقِ فَقَطْ وَجَبَ الْتِقَاطُهَا، وَإِنْ كَانَ يُخْشَى عَلَيْهَا مِنَ السِّبَاعِ أَوِ الْجُوعِ أَوِ الْعَطَشِ فَإِنَّهُ يَأْخُذُهَا، فَإِنْ أَمْكَنَ سَوْقُهَا لِلْعُمْرَانِ وَجَبَ سَوْقُهَا، وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ سَوْقُهَا لِلْعُمْرَانِ جَازَ لَهُ ذَبْحُهَا وَأَكْلُهَا، وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ.</p>فَالإِْبِل وَالْبَقَرُ عِنْدَ خَوْفِ السَّارِقِ سِيَّانِ فِي وُجُوبِ الاِلْتِقَاطِ، أَمَّا عِنْدَ الْخَوْفِ مِنَ الْجُوعِ أَوِ السِّبَاعِ فَإِنَّ الإِْبِل تُتْرَكُ، وَالْبَقَرَ يَجُوزُ أَكْلُهَا بِالصَّحْرَاءِ إِنْ تَعَذَّرَ سَوْقُهَا لِلْعُمْرَانِ.</p>ج - الشَّاةُ يَجُوزُ أَخْذُهَا وَأَكْلُهَا بِالصَّحْرَاءِ إِذَا لَمْ يَتَيَسَّرْ حَمْلُهَا أَوْ سَوْقُهَا لِلْعُمْرَانِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، وَقِيل بِجَوَازِ أَكْلِهَا فِي الصَّحْرَاءِ وَلَوْ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حديث:" دعها فإن معها حذاءها وسقاءها، ترد الماء وتأكل الشجر ". أخرجه مسلم (3 / 1349) .</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٧٢)</span><hr/></div>مَعَ تَيَسُّرِ سَوْقِهَا لِلْعُمْرَانِ، وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ.</p>وَإِنْ أَتَى بِهَا حَيَّةً لِلْعُمْرَانِ وَجَبَ تَعْرِيفُهَا لأَِنَّهَا صَارَتْ كَاللُّقَطَةِ، وَلَوْ ذَبَحَهَا فِي الصَّحْرَاءِ وَلَمْ يَأْكُلْهَا حَتَّى دَخَل الْعُمْرَانَ فَلَا يَجُوزُ لَهُ أَكْلُهَا إِلَاّ إِذَا لَمْ يَعْرِفْ رَبَّهَا، وَلَمْ يَتَيَسَّرْ بَيْعُهَا.</p> </p>‌<span class="title">‌ثَانِيًا: الضَّالَّةُ إِذَا كَانَتْ فِي الْعُمْرَانِ:</span></p>إِذَا كَانَتِ الضَّالَّةُ فِي الْعُمْرَانِ فَإِنَّهُ يَجِبُ الْتِقَاطُهَا عِنْدَ خَوْفِ الْخَائِنِ، دُونَ تَفْرِيقٍ بَيْنَ إِبِلٍ وَخَيْلٍ وَبَقَرٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ (1) .</p>هَذَا وَلِلتَّفْصِيل يُنْظَرُ مُصْطَلَحُ:(لُقَطَة)</p> </p>‌<span class="title">‌ضَبٌّ</span></p> </p>انْظُرْ: أَطْعِمَة<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الفواكه الدواني 2 / 242 - 243، والدسوقي 4 / 122.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٧٣)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌ضَبَّةٌ</span></p> </p>انْظُرْ: آنِيَة</p> </p>‌<span class="title">‌ضَبُعٌ</span></p> </p>انْظُرْ: أَطْعِمَة</p> </p>‌<span class="title">‌ضُحًى</span></p> </p>انْظُرْ: صَلَاةُ الضُّحَى</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٧٣)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌ضَحِكٌ</span></p>‌<span class="title">‌التَّعْرِيفُ:</span></p><font color=#ff0000>1 -</font> الضَّحِكُ فِي اللُّغَةِ: مَصْدَرُ ضَحِكَ بِكَسْرِ الْحَاءِ، وَالضَّحِكُ: انْبِسَاطُ الْوَجْهِ وَبُدُوُّ الأَْسْنَانِ مِنَ السُّرُورِ (1) ، وَالتَّبَسُّمُ مَبَادِئُ الضَّحِكِ، وَيُسْتَعْمَل فِي السُّرُورِ الْمُجَرَّدِ، نَحْوَ قَوْله تَعَالَى:{وُجُوهٌ يَوْمئِذٍ مُسْفِرَةٌ ضَاحِكَةٌ مُسْتَبْشِرَةٌ} (2) ، وَاسْتُعْمِل لِلتَّعَجُّبِ الْمُجَرَّدِ (3) .</p>وَلَا يَخْرُجُ التَّعْرِيفُ الاِصْطِلَاحِيُّ عَنِ التَّعْرِيفِ اللُّغَوِيِّ، وَقَدْ حَدَّهُ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ: بِأَنَّهُ مَا يَكُونُ مَسْمُوعًا لَهُ لَا لِجِيرَانِهِ (4)</p>‌<span class="title">‌الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:</span></p>أ -‌<span class="title">‌ الْقَهْقَهَةُ:</span></p><font color=#ff0000>2 -</font> فِي اللُّغَةِ: قَهْقَهَ: أَيْ رَجَّعَ فِي ضَحِكِهِ،<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المغرب للمطرزي (ص: 28) ط. دار الكتاب العربي.</p><font color=#ff0000>(2)</font> سورة عبس / 38، 39.</p><font color=#ff0000>(3)</font> تاج العروس 7 / 155 ط. دار البيان. بنغازي.</p><font color=#ff0000>(4)</font> التعريفات ص 179 ط دار الكتاب العربي.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٧٤)</span><hr/></div>أَوِ اشْتَدَّ ضَحِكُهُ (1) . وَحَدَّهُ الْجُرْجَانِيُّ: بِمَا يَكُونُ مَسْمُوعًا لَهُ وَلِجِيرَانِهِ (2) .</p> </p>ب -‌<span class="title">‌ التَّبَسُّمُ:</span></p><font color=#ff0000>3 -</font> هُوَ مَا عَرَى عَنِ الصَّوْتِ، وَهُوَ مَبَادِئُ الضَّحِكِ، وَتَبْدُو فِيهِ الأَْسْنَانُ فَقَطْ (3) .</p> </p>‌<span class="title">‌الْحُكْمُ التَّكْلِيفِيُّ:</span></p><font color=#ff0000>4 -</font> الضَّحِكُ إِمَّا أَنْ يَكُونَ تَبَسُّمًا أَوْ قَهْقَهَةً، وَالأَْصْل فِيهِ: أَنَّهُ إِنْ كَانَ تَبَسُّمًا جَازَ بِاتِّفَاقِ الْعُلَمَاءِ، بَل كَانَ مِنْ فِعْلِهِ صلى الله عليه وسلم وَقَدْ حَثَّ عَلَيْهِ صلى الله عليه وسلم فَقَدْ وَرَدَ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ رضي الله عنه أَنَّهُ قَال: مَا كَانَ ضَحِكُ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَاّ تَبَسُّمًا (4) وَقَال الرَّسُول صلى الله عليه وسلم: تَبَسُّمُكَ فِي وَجْهِ أَخِيكَ لَكَ صَدَقَةٌ (5) وَأَمَّا الضَّحِكُ قَهْقَهَةً فَقَدْ كَرِهَهُ الْفُقَهَاءُ وَنَهَوْا عَنْ كَثْرَتِهِ، فَقَدْ قَال صلى الله عليه وسلم: لَا تُكْثِرُوا الضَّحِكَ، فَإِنَّ كَثْرَةَ الضَّحِكِ تُمِيتُ الْقَلْبَ (6) وَقَال ثَابِتٌ الْبُنَانِيُّ: ضَحِكُ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) ترتيب القاموس المحيط 4 / 708 ط. الدار العربية للكتاب.</p><font color=#ff0000>(2)</font> التعريفات للجرجاني (ص 230) ط دار الكتاب العربي.</p><font color=#ff0000>(3)</font> رد المحتار على الدر المختار 1 / 98.</p><font color=#ff0000>(4)</font> حديث: " ما كان ضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا تبسما ". أخرجه الترمذي (5 / 601) وقال: (حديث صحيح غريب) .</p><font color=#ff0000>(5)</font> حديث: " تبسمك في وجه أخيك لك صدقة ". أخرجه الترمذي (4 / 340) وقال: حديث حسن غريب.</p><font color=#ff0000>(6)</font> حديث: " لا تكثروا الضحك، فإن كثرة الضحك تميت القلب ". أخرجه ابن ماجه (2 / 1403) من حديث أبي هريرة، وصحح إسناده البوصيري في مصباح الزجاجة (2 / 336) .</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٧٤)</span><hr/></div>الْمُؤْمِنِ مِنْ غَفْلَتِهِ - يَعْنِي: غَفْلَتَهُ عَنْ أَمْرِ الآْخِرَةِ - وَلَوْلَا غَفْلَتُهُ لَمَا ضَحِكَ (1) .</p> </p>‌<span class="title">‌الضَّحِكُ دَاخِل الصَّلَاةِ</span></p><font color=#ff0000>5 -</font> الضَّحِكُ بِصَوْتٍ يُفْسِدُ الصَّلَاةَ عِنْدَ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ إِنْ ظَهَرَ حَرْفَانِ فَأَكْثَرُ، أَوْ حَرْفٌ مُفْهِمٌ مِنَ الْمُصَلِّي، فَالْبُطْلَانُ فِيهَا مِنْ جِهَةِ الْكَلَامِ الْمُشْتَمِلَةِ عَلَيْهِ، وَالْكَلَامُ فِي الصَّلَاةِ مُبْطِلٌ لَهَا (2) .</p>وَالْمُقَابِل لِلأَْصَحِّ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ: أَنَّهَا لَا تَبْطُل بِذَلِكَ مُطْلَقًا، لِكَوْنِهِ لَا يُسَمَّى فِي اللُّغَةِ كَلَامًا، وَلَا يَتَبَيَّنُ مِنْهُ حَرْفٌ مُحَقَّقٌ، فَكَانَ شَبِيهًا بِالصَّوْتِ الْغُفْل (3) .</p>أَمَّا الضَّحِكُ بِغَيْرِ صَوْتٍ وَهُوَ التَّبَسُّمُ، فَلَا تَفْسُدُ الصَّلَاةُ بِهِ عِنْدَ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ لأَِنَّهُ لَمْ يَحْدُثْ فِيهَا كَلَامٌ (4)، وَلِمَا رُوِيَ عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه قَال: بَيْنَمَا كُنَّا نُصَلِّي مَعَ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي غَزْوَةِ بَدْرٍ إِذْ تَبَسَّمَ فِي صَلَاتِهِ، فَلَمَّا قَضَى الصَّلَاةَ، قُلْنَا: يَا رَسُول اللَّهِ رَأَيْنَاكَ تَبَسَّمْتَ. قَال: مَرَّ بِي مِيكَائِيل وَعَلَى<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) تنبيه الغافلين للسمرقنيدي (1 / 216 ط. دار الشروق) .</p><font color=#ff0000>(2)</font> ابن عابدين 1 / 97 - 98 ط. بولاق. مواهب الجليل 2 / 34، نهاية المحتاج 2 / 34، المغني 2 / 51.</p><font color=#ff0000>(3)</font> نهاية المحتاج 2 / 34، والمغني 2 / 51.</p><font color=#ff0000>(4)</font> رد المحتار على الدر المختار 1 / 98، مواهب الجليل 2 / 33، نهاية المحتاج 2 / 34.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٧٥)</span><hr/></div>جَنَاحِهِ أَثَرُ غُبَارٍ وَهُوَ رَاجِعٌ مِنْ طَلَبِ الْقَوْمِ، فَضَحِكَ إِلَيَّ، فَتَبَسَّمْتُ إِلَيْهِ (1) .</p>وَقَدْ قَسَّمَ الأَْقْفَهْسِيُّ، مِنَ الْمَالِكِيَّةِ الضَّحِكَ إِلَى وَجْهَيْنِ: بِغَيْرِ صَوْتٍ وَهُوَ التَّبَسُّمُ، وَبِصَوْتٍ وَهُوَ الْمُرَادُ بِقَوْل الرِّسَالَةِ: وَمَنْ ضَحِكَ فِي الصَّلَاةِ أَعَادَهَا وَلَمْ يُعِدِ الْوُضُوءَ. وَقَال أَصْبَغُ كَذَلِكَ: لَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي التَّبَسُّمِ، إِلَاّ الْفَاحِشُ مِنْهُ شَبِيهٌ بِالضَّحِكِ، فَأَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ يُعِيدَ فِي عَمْدِهِ، وَيَسْجُدَ فِي سَهْوِهِ (2) .</p> </p>‌<span class="title">‌ضِرَابُ الْفَحْل</span></p> </p>انْظُرْ: عَسْبُ الْفَحْل</p> </p>‌<span class="title">‌ضِرَارٌ</span></p> </p>انْظُرْ: ضَرَر<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حديث: " بينما كان يصلي العصر في غزوة بدر إذ تبسم ". أورده الهيثمي في مجمع الزوائد (6 / 83) وقال: (رواه أبو يعلى، وفيه الوازع بن نافع وهو متروك) .</p><font color=#ff0000>(2)</font> مواهب الجليل 2 / 33.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٧٥)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌ضَرْبٌ</span></p>‌<span class="title">‌التَّعْرِيفُ:</span></p><font color=#ff0000>1 -</font> يُطْلَقُ الضَّرْبُ لُغَةً عَلَى مَعَانٍ، مِنْهَا: الإِْصَابَةُ بِالْيَدِ أَوِ السَّوْطِ أَوْ بِغَيْرِهِمَا، يُقَال: ضَرَبَهُ بِيَدِهِ أَوْ بِالسَّوْطِ يَضْرِبُهُ ضَرْبًا: عَلَاهُ بِهِ، وَالسَّيْرُ فِي الأَْرْضِ ابْتِغَاءَ الرِّزْقِ أَوِ الْغَزْوِ فِي سَبِيل اللَّهِ، وَصِيَاغَةُ النُّقُودِ، وَطَبْعُهَا، وَتَضْعِيفُ أَحَدِ الْعَدَدَيْنِ بِالآْخَرِ (1) ، وَمَعَانٍ أُخْرَى، مِنْهَا ضَرْبُ الدُّفِّ. وَلَا يَخْرُجُ الْمَعْنَى الاِصْطِلَاحِيُّ لِلضَّرْبِ عَنْ هَذِهِ الْمَعَانِي اللُّغَوِيَّةِ.</p> </p>‌<span class="title">‌الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:</span></p>أ -‌<span class="title">‌ التَّأْدِيبُ:</span></p><font color=#ff0000>2 -</font> التَّأْدِيبُ مَصْدَرُ أَدَّبَهُ تَأْدِيبًا: إِذَا عَاقَبَهُ عَلَى إِسَاءَتِهِ بِالضَّرْبِ، أَوْ بِغَيْرِهِ.</p> </p>ب -‌<span class="title">‌ التَّعْزِيرُ:</span></p><font color=#ff0000>3 -</font> التَّعْزِيرُ: عُقُوبَةٌ غَيْرُ مُقَدَّرَةٍ شَرْعًا تَجِبُ حَقًّا لِلَّهِ أَوْ لآِدَمِيٍّ فِي كُل مَعْصِيَةٍ لَيْسَ فِيهَا حَدٌّ وَلَا كَفَّارَةٌ غَالِبًا (2) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) لسان العرب، والمصباح المنير.</p><font color=#ff0000>(2)</font> المبسوط 9 / 36، والقليوبي 4 / 205، وكشاف القناع 4 / 205.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٧٦)</span><hr/></div>ج -‌<span class="title">‌ الْقَتْل:</span></p><font color=#ff0000>4 -</font> الْقَتْل إِزْهَاقُ الرُّوحِ بِالضَّرْبِ أَوْ بِغَيْرِهِ</p> </p>‌<span class="title">‌الْحُكْمُ التَّكْلِيفِيُّ:</span></p><font color=#ff0000>5 -</font> تَخْتَلِفُ أَحْكَامُ الضَّرْبِ بِاخْتِلَافِ الْمَعَانِي الَّتِي يُطْلَقُ عَلَيْهَا:</p>فَالضَّرْبُ بِالسَّوْطِ أَوِ الْيَدِ، أَوْ بِغَيْرِهِمَا: يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ سَبَبِهِ، وَتَعْتَرِيهِ الأَْحْكَامُ التَّالِيَةُ: فَتَارَةً يَكُونُ حَرَامًا، كَضَرْبِ الْبَرِيءِ، وَتَارَةً يَكُونُ وَاجِبًا، كَضَرْبِ شَارِبِ الْمُسْكِرِ، وَالزَّانِي غَيْرِ الْمُحْصَنِ لإِِقَامَةِ الْحَدِّ عَلَيْهِمَا، وَضَرْبِ الْقَاذِفِ بِطَلَبِ الْمَقْذُوفِ، بِاتِّفَاقِ الْفُقَهَاءِ، وَبِدُونِ طَلَبِهِ - أَيْضًا - عِنْدَ بَعْضِهِمْ، وَضَرْبِ ابْنِ عَشْرِ سِنِينَ لِتَرْكِ الصَّلَاةِ، وَنَحْوِهَا.</p>وَتَارَةً يَكُونُ جَائِزًا كَضَرْبِ الزَّوْجِ زَوْجَتَهُ لِحَقِّهِ، كَالنُّشُوزِ وَغَيْرِهِ، وَضَرْبِ الْمُعَلِّمِ الصَّبِيَّ لِلتَّعْلِيمِ، وَضَرْبِ السُّلْطَانَ مَنِ ارْتَكَبَ مَحْظُورًا لَا حَدَّ فِيهِ، وَلَا كَفَّارَةَ، عَلَى خِلَافٍ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ فِي الْوُجُوبِ وَالْجَوَازِ.</p>وَالتَّفْصِيل فِي مُصْطَلَحَاتِ:(حُدُود ف 31، تَأْدِيب ف 8 تَعْزِير ف 14) .</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٧٦)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌أَدَاةُ الضَّرْبِ:</span></p><font color=#ff0000>6 -</font> لَا خِلَافَ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ فِي أَنَّ الضَّرْبَ فِي الْحُدُودِ يَكُونُ بِالسَّوْطِ إِلَاّ حَدَّ الشُّرْبِ، فَقَدِ اخْتَلَفُوا فِيهِ، فَذَهَبَ بَعْضُهُمْ إِلَى أَنَّهُ يُضْرَبُ بِالسَّوْطِ، كَمَا يُضْرَبُ أَيْضًا بِالنِّعَال وَالأَْيْدِي وَأَطْرَافِ الثِّيَابِ، وَاسْتَدَلُّوا بِمَا وَرَدَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ قَال: أُتِيَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِسَكْرَانَ فَأَمَرَ بِضَرْبِهِ، فَمِنَّا مَنْ يَضْرِبُهُ بِيَدِهِ، وَمِنَّا مَنْ يَضْرِبُهُ بِنَعْلِهِ، وَمِنَّا مَنْ يَضْرِبُهُ بِثَوْبِهِ (1) .</p>وَذَهَبَ آخَرُونَ إِلَى أَنَّهُ يَتَعَيَّنُ السَّوْطُ، وَقَالُوا: يُفْهَمُ مِنْ إِطْلَاقِ الْجَلْدِ الضَّرْبُ بِالسَّوْطِ، وَلأَِنَّهُ صلى الله عليه وسلم جَلْدٌ فِي الْخَمْرِ (2) . كَمَا أَمَرَ اللَّهُ بِجَلْدِ الزَّانِي، فَكَانَ بِالسَّوْطِ مِثْلَهُ، وَالْخُلَفَاءُ الرَّاشِدُونَ ضَرَبُوا بِالسَّوْطِ فَكَانَ ذَلِكَ إِجْمَاعًا.</p>أَمَّا الضَّرْبُ لِلتَّعْزِيرِ، أَوِ التَّأْدِيبِ فَيَكُونُ بِالسَّوْطِ وَالْيَدِ، وَأَمَّا ضَرْبُ الصَّبِيِّ فِي التَّأْدِيبِ فَلَيْسَ لِلْوَلِيِّ الضَّرْبُ بِسَوْطٍ وَنَحْوِهِ، وَإِنَّمَا يَضْرِبُ بِيَدٍ، وَلَا يُجَاوِزُ ثَلَاثًا، وَكَذَا: الْمُعَلِّمُ وَالْوَصِيُّ (3) لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم لِمِرْدَاسٍ الْمُعَلِّمِ: إِيَّاكَ أَنْ تَضْرِبَ فَوْقَ الثَّلَاثِ، فَإِنَّكَ إِنْ ضَرَبْتَ فَوْقَ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حديث أبي هريرة:" أتى النبي صلى الله عليه وسلم بسكران. . . ". أخرجه البخاري (12 / 75) .</p><font color=#ff0000>(2)</font> حديث: " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جلد في الخمر ". أخرجه البخاري (12 / 66) من حديث أنس بن مالك.</p><font color=#ff0000>(3)</font> ابن عابدين 1 / 235، والرهوني 8 / 164، والمغني 8 / 319.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٧٧)</span><hr/></div>ثَلَاثٍ اقْتَصَّ اللَّهُ مِنْكَ (1) .</p>وَالتَّفْصِيل فِي مُصْطَلَحِ: (شُرْب، وَحُدُود ف 31، وَتَعْزِير ف 14 وَتَأْدِيب ف 8) .</p> </p>‌<span class="title">‌صِفَةُ سَوْطِ الضَّرْبِ:</span></p><font color=#ff0000>7 -</font> يَكُونُ سَوْطُ الضَّرْبِ فِي الْحُدُودِ وَالتَّعَازِيرِ وَسَطًا بَيْنَ قَضِيبٍ، وَعَصًا، وَرَطْبٍ، وَيَابِسٍ، لِمَا رُوِيَ: أَنَّ رَجُلاً اعْتَرَفَ عَلَى نَفْسِهِ بِالزِّنَا فِي عَهْدِ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَدَعَا لَهُ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِسَوْطٍ فَأُتِيَ بِسَوْطٍ مَكْسُورٍ فَقَال: فَوْقَ هَذَا، فَأُتِيَ بِسَوْطٍ جَدِيدٍ لَمْ تُقْطَعْ ثَمَرَتُهُ فَقَال: دُونَ هَذَا، فَأُتِيَ بِسَوْطٍ قَدْ رَكِبَ بِهِ وَلَانَ، فَأَمَرَ بِهِ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَجُلِدَ (2) .</p>وَكَذَلِكَ الضَّرْبُ يَكُونُ وَسَطًا، لَا شَدِيدًا فَيَقْتُل، وَلَا ضَعِيفًا فَلَا يَرْدَعُ، لأَِنَّ الْمَقْصُودَ تَأْدِيبُهُ، لَا قَتْلُهُ (3) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حديث:" إياك أن تضرب فوق الثلاث ". أورده ابن عابدين في الحاشية (1 / 235) وعزاه إلى أحكام الصفار للاستروشيني ولم نهتد إليه في أي مصدر من المصادر الحديثية لدينا.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حديث: " أن رجلا اعترف على نفسه بالزنى في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ". أخرجه مالك في الموطأ (2 / 825) من حديث زيد بن أسلم مرسلا.</p><font color=#ff0000>(3)</font> ابن عابدين 3 / 181، حاشية الدسوقي 4 / 354 - 355، والقليوبي 4 / 202 - 203.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٧٧)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌كَيْفِيَّةُ الضَّرْبِ:</span></p><font color=#ff0000>8 -</font> يُفَرَّقُ الضَّرْبُ عَلَى الأَْعْضَاءِ، فَلَا يُجْمَعُ عَلَى عُضْوٍ وَاحِدٍ، وَيَتَّقِي الْمَقَاتِل، كَالْوَجْهِ، وَالرَّأْسِ، وَالنَّحْرِ، وَالْفَرْجِ.</p>وَأَشَدُّ الضَّرْبِ فِي الْحُدُودِ: ضَرْبُ الزَّانِي، ثُمَّ ضَرْبُ حَدِّ الْقَذْفِ، ثُمَّ ضَرْبُ حَدِّ الشُّرْبِ، ثُمَّ ضَرْبُ التَّعْزِيرِ وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ الْحَنَابِلَةُ. وَقَال الْحَنَفِيَّةُ: أَشَدُّ الضَّرْبِ: ضَرْبُ التَّعْزِيرِ؛ لأَِنَّهُ خُفِّفَ عَدَدًا فَلَا يُخَفَّفُ وَصْفًا، ثُمَّ ضَرْبُ حَدِّ الزِّنَا لِثُبُوتِهِ بِالْكِتَابِ، ثُمَّ حَدُّ الشُّرْبِ لِثُبُوتِهِ بِإِجْمَاعِ الصَّحَابَةِ، ثُمَّ ضَرْبُ حَدِّ الْقَذْفِ لِضَعْفِ سَبَبِهِ لاِحْتِمَال صِدْقِ الْقَاذِفِ (1)، وَقَال مَالِكٌ: كُلُّهَا وَاحِدٌ؛ لأَِنَّ اللَّهَ تَعَالَى شَأْنُهُ أَمَرَ بِجَلْدِ الزَّانِي، وَالْقَاذِفِ أَمْرًا وَاحِدًا، وَالْمَقْصُودُ مِنْهَا وَاحِدٌ، وَهُوَ الزَّجْرُ فَيَجِبُ تَسَاوِيهَا فِي الصِّفَةِ.</p>وَالتَّفْصِيل فِي مُصْطَلَحِ:(حُدُود ف 31، وَتَعْزِير ف 14) .</p> </p>‌<span class="title">‌ضَرْبُ الزَّوْجَةِ:</span></p><font color=#ff0000>9 -</font> يَجِبُ فِي ضَرْبِ الزَّوْجَةِ لِلنُّشُوزِ أَوْ لِغَيْرِهِ: أَنْ يَكُونَ الضَّرْبُ غَيْرَ مُبَرِّحٍ، وَلَا مُدْمٍ، وَأَنْ يَتَوَقَّى الْوَجْهَ، وَالأَْمَاكِنَ الْمُخِيفَةَ، وَلَا يَضْرِبَهَا<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المصادر السابقة.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٧٨)</span><hr/></div>إِلَاّ لِمَا يَتَعَلَّقُ بِحَقِّهِ كَالنُّشُوزِ، فَلَا يَضْرِبُهَا لِحَقِّ اللَّهِ عِنْدَ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ، كَتَرْكِ الصَّلَاةِ.</p>(ر: نُشُوز) .</p> </p>‌<span class="title">‌ضَرْبُ الدَّرَاهِمِ:</span></p><font color=#ff0000>10 -</font> ضَرْبُ الدَّرَاهِمِ مِنَ الْمَصَالِحِ الْعَامَّةِ الْمَنُوطَةِ بِالإِْمَامِ فَلَيْسَ لِلأَْفْرَادِ ضَرْبُهَا، لِمَا يَتَرَتَّبُ عَلَى ذَلِكَ مِنْ مَخَاطِرِ الْغِشِّ، وَمَنَعَ الإِْمَامُ أَحْمَدُ مِنَ الضَّرْبِ بِغَيْرِ إِذْنِ الإِْمَامِ، لِمَا فِي ذَلِكَ مِنَ الاِفْتِيَاتِ عَلَيْهِ.</p>وَالتَّفْصِيل فِي مُصْطَلَحِ:(دَرَاهِم ف 7) .</p> </p>‌<span class="title">‌ضَرْبُ الدُّفِّ:</span></p><font color=#ff0000>11 -</font> يَجُوزُ ضَرْبُ الدُّفِّ لِعُرْسٍ وَخِتَانٍ وَعِيدٍ مِمَّا هُوَ سَبَبٌ لإِِظْهَارِ الْفَرَحِ (1)، لِحَدِيثِ عَائِشَةَ رضي الله عنها: قَالَتْ: قَال رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: أَعْلِنُوا هَذَا النِّكَاحَ، وَاجْعَلُوهُ فِي الْمَسَاجِدِ، وَاضْرِبُوا عَلَيْهِ الدُّفُوفَ (2) .</p>وَعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها أَنَّهَا زَفَّتِ امْرَأَةً إِلَى رَجُلٍ مِنَ الأَْنْصَارِ فَقَال نَبِيُّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المغني 7 / 10، فتح القدير 2 / 343، شرح مختصر الخليل 1 / 326 و 103، والقليوبي 4 / 320.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حديث:" أعلنوا هذا النكاح. . . ". أخرجه الترمذي (3 / 389 - 390) وضعف إسناده ابن حجر في الفتح (9 / 226) .</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٧٨)</span><hr/></div>: يَا عَائِشَةُ مَا كَانَ مَعَكُمْ لَهْوٌ؟ ، فَإِنَّ الأَْنْصَارَ يُعْجِبُهُمُ اللَّهْوُ (1) وَحَدِيثُ: فَصْل مَا بَيْنَ الْحَلَال وَالْحَرَامِ الدُّفُّ وَالصَّوْتُ (2) وَعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها: أَنَّ أَبَا بَكْرٍ دَخَل عَلَيْهَا وَعِنْدَهَا جَارِيَتَانِ فِي أَيَّامِ مِنًى: تُدَفِّفَانِ وَتَضْرِبَانِ، وَالنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مُتَغَشٍّ بِثَوْبِهِ، فَانْتَهَرَهُمَا أَبُو بَكْرٍ، فَكَشَفَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَنْ وَجْهِهِ، فَقَال: دَعْهُمَا يَا أَبَا بَكْرٍ، فَإِنَّهَا أَيَّامُ عِيدٍ (3) .</p>وَالتَّفْصِيل فِي:(لَهْو، وَلِيمَة، عُرْس) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حديث عائشة " أنها زفت امرأة إلى رجل من الأنصار. . ". أخرجه البخاري (9 / 225) .</p><font color=#ff0000>(2)</font> حديث: " فصل ما بين الحرام والحلال. . . ". أخرجه الترمذي (3 / 389) من حديث محمد بن حاطب، وحسنه الترمذي.</p><font color=#ff0000>(3)</font> حديث عائشة:" أن أبا بكر دخل عليها وعندها جاريتان. . . ". أخرجه البخاري (2 / 474) ومسلم (2 / 608) .</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٧٩)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌ضَرَرٌ</span></p>‌<span class="title">‌التَّعْرِيفُ:</span></p><font color=#ff0000>1 -</font> الضَّرَرُ: اسْمٌ مِنَ الضَّرِّ، وَقَدْ أُطْلِقَ عَلَى كُل نَقْصٍ يَدْخُل الأَْعْيَانَ، وَالضَّرُّ - بِفَتْحِ الضَّادِ - لُغَةً: ضِدُّ النَّفْعِ، وَهُوَ النُّقْصَانُ، يُقَال: ضَرَّهُ يَضُرُّهُ إِذَا فَعَل بِهِ مَكْرُوهًا وَأَضَرَّ بِهِ، يَتَعَدَّى بِنَفْسِهِ ثُلَاثِيًّا وَبِالْبَاءِ رُبَاعِيًّا. قَال الأَْزْهَرِيُّ: كُل مَا كَانَ سُوءَ حَالٍ وَفَقْرٍ وَشِدَّةٍ فِي بَدَنٍ فَهُوَ ضُرٌّ بِالضَّمِّ، وَمَا كَانَ ضِدَّ النَّفْعِ فَهُوَ بِفَتْحِهَا (1) .</p>وَلَا يَخْرُجُ اسْتِعْمَال الْفُقَهَاءِ لِلَفْظِ الضَّرَرِ عَنِ الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ (2) .</p> </p>‌<span class="title">‌الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:</span></p>أ -‌<span class="title">‌ الإِْتْلَافُ:</span></p><font color=#ff0000>2 -</font> الإِْتْلَافُ فِي اللُّغَةِ: الإِْفْنَاءُ، يُقَال: تَلِفَ الْمَال يَتْلَفُ إِذَا هَلَكَ، وَأَتْلَفَهُ: أَفْنَاهُ، وَهُوَ فِي اصْطِلَاحِ الْفُقَهَاءِ: إِخْرَاجُ الشَّيْءِ مِنْ أَنْ يَكُونَ مُنْتَفَعًا بِهِ مَنْفَعَةً مَطْلُوبَةً مِنْهُ عَادَةً (3) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) القاموس المحيط والمصباح المنير وقواعد الفقه للمجددي البركتي، والكليات للكفوي 3 / 147.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حاشية الجمل 5 / 206.</p><font color=#ff0000>(3)</font> القاموس، المصباح المنير، البدائع 7 / 164، وانظر الموسوعة الفقهية 1 / 216.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٧٩)</span><hr/></div>فَهُوَ فِي اللُّغَةِ لَا يُطْلَقُ إِلَاّ عَلَى مَا أَصَابَهُ الْعَدَمُ، فَإِذَا تَعَطَّل الشَّيْءُ وَلَمْ يُمْكِنِ الاِنْتِفَاعُ بِهِ عَادَةً كَانَ تَالِفًا لَدَى الْفُقَهَاءِ دُونَ اللُّغَوِيِّينَ، وَعَلَى هَذَا فَالإِْتْلَافُ نَوْعٌ مِنَ الضَّرَرِ وَبَيْنَهُمَا عُمُومٌ وَخُصُوصٌ وَجْهِيٌّ.</p> </p>ب -‌<span class="title">‌ الاِعْتِدَاءُ:</span></p><font color=#ff0000>3 -</font> الاِعْتِدَاءُ فِي اللُّغَةِ وَفِي الاِصْطِلَاحِ: الظُّلْمُ وَتَجَاوُزُ الْحَدِّ، يُقَال: اعْتَدَى عَلَيْهِ إِذَا ظَلَمَهُ، وَاعْتَدَى عَلَى حَقِّهِ أَيْ جَاوَزَ إِلَيْهِ بِغَيْرِ حَقٍّ (1) .</p>وَعَلَى هَذَا فَالاِعْتِدَاءُ نَوْعٌ مِنْ أَنْوَاعِ الضَّرَرِ وَفَرْعٌ عَنْهُ.</p> </p>‌<span class="title">‌الْحُكْمُ التَّكْلِيفِيُّ:</span></p><font color=#ff0000>4 -</font> الأَْصْل تَحْرِيمُ سَائِرِ أَنْوَاعِ الضَّرَرِ إِلَاّ بِدَلِيلٍ (2) ، وَتَزْدَادُ حُرْمَتُهُ كُلَّمَا زَادَتْ شِدَّتُهُ، وَقَدْ شَهِدَتْ عَلَى ذَلِكَ النُّصُوصُ الشَّرْعِيَّةُ الْكَثِيرَةُ، مِنْهَا:</p>قَوْله تَعَالَى: {لَا تُضَارَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا وَلَا مَوْلُودٌ لَهُ بِوَلَدِهِ} (3) .</p>وقَوْله تَعَالَى: {وَلَا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لِتَعْتَدُوا} (4) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الموسوعة الفقهية 5 / 202.</p><font color=#ff0000>(2)</font> فيض القدير للمناوي 6 / 431.</p><font color=#ff0000>(3)</font> سورة البقرة / 233.</p><font color=#ff0000>(4)</font> سورة البقرة / 231</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٨٠)</span><hr/></div>وَقَال رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ (1) ، وَهَذَا الْحَدِيثُ يَشْمَل كُل أَنْوَاعِ الضَّرَرِ لأَِنَّ النَّكِرَةَ فِي سِيَاقِ النَّفْيِ تَعُمُّ، وَفِيهِ حَذْفٌ، أَصْلُهُ لَا لُحُوقَ أَوْ إِلْحَاقَ، أَوْ لَا فِعْل ضَرَرٍ أَوْ ضِرَارٍ بِأَحَدٍ فِي دِينِنَا، أَيْ: لَا يَجُوزُ شَرْعًا إِلَاّ لِمُوجِبٍ خَاصٍّ (2) .</p>أَمَّا إِدْخَال الضَّرَرِ عَلَى أَحَدٍ يَسْتَحِقُّهُ لِكَوْنِهِ تَعَدَّى حُدُودَ اللَّهِ فَيُعَاقَبُ بِقَدْرِ جَرِيمَتِهِ، أَوْ لِكَوْنِهِ ظَلَمَ نَفْسَهُ وَغَيْرَهُ فَيَطْلُبُ الْمَظْلُومُ مُقَابَلَتَهُ بِالْعَدْل، فَهَذَا غَيْرُ مُرَادٍ بِالْحَدِيثِ قَطْعًا (3) .</p>كَمَا أَنَّ الضَّرَرَ يُبَاحُ اسْتِثْنَاءً فِي أَحْوَالٍ أُخْرَى، ضَبَطَتْهَا بَعْضُ الْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ مِنْ أَمْثَال قَاعِدَةِ " الضَّرُورَاتُ تُبِيحُ الْمَحْظُورَاتِ "، وَقَاعِدَةِ " الضَّرَرُ الأَْشَدُّ يُزَال بِالضَّرَرِ الأَْخَفِّ " وَمَا إِلَى ذَلِكَ مِنَ الْقَوَاعِدِ الَّتِي يَأْتِي ذِكْرُهَا.</p> </p>‌<span class="title">‌الْقَوَاعِدُ الْفِقْهِيَّةُ الضَّابِطَةُ لأَِحْكَامِ الضَّرَرِ:</span></p><font color=#ff0000>5 -</font> لَقَدْ عَنَى الْفُقَهَاءُ كَثِيرًا بِدِرَاسَةِ مَوْضُوعِ الضَّرَرِ وَمُعَالَجَةِ آثَارِهِ، وَذَلِكَ لِمَا لَهُ مِنْ أَهَمِّيَّةٍ بَالِغَةٍ فِي اسْتِقْرَارِ الْعَلَاقَاتِ بَيْنَ النَّاسِ،<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حديث:" لا ضرر ولا ضرار ". أخرجه مالك في الموطأ (2 / 745) من حديث يحيى المازني مرسلا، ولكن له شواهد موصولة يتقوى بها، ذكرها ابن رجب في جامع العلوم والحكم. (ص 286 - 287) وحسنه النووي</p><font color=#ff0000>(2)</font> فيض القدير 6 / 431.</p><font color=#ff0000>(3)</font> جامع العلوم والحكم لابن رجب الحنبلي ص 288.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٨٠)</span><hr/></div>وَقَعَّدُوا لِذَلِكَ مَجْمُوعَةً مِنَ الْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ الْكُلِّيَّةِ تَضْبِطُهُ، وَتُوَضِّحُ مَعَالِمَهُ الْعَامَّةَ وَتُنَظِّمُ آثَارَهُ، وَأَهَمُّ هَذِهِ الْقَوَاعِدِ هِيَ:</p> </p>‌<span class="title">‌الضَّرَرُ يُزَال:</span></p><font color=#ff0000>6 -</font> أَصْل هَذِهِ الْقَاعِدَةِ قَوْل النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ (1) وَيُبْتَنَى عَلَى هَذِهِ الْقَاعِدَةِ كَثِيرٌ مِنْ أَبْوَابِ الْفِقْهِ، فَمِنْ ذَلِكَ الرَّدُّ بِالْعَيْبِ، وَجَمِيعُ أَنْوَاعِ الْخِيَارَاتِ، وَالْحَجْرُ بِسَائِرِ أَنْوَاعِهِ، وَالشُّفْعَةُ، وَمَا إِلَى ذَلِكَ (2) .</p> </p>‌<span class="title">‌وَيَتَعَلَّقُ بِهَذِهِ الْقَاعِدَةِ قَوَاعِدُ:</span></p><font color=#ff0000>7 -</font>‌<span class="title">‌ الأُْولَى: </span>الضَّرُورَاتُ تُبِيحُ الْمَحْظُورَاتِ: وَمِنْ ثَمَّ جَازَ أَكْل الْمَيْتَةِ عِنْدَ الْمَخْمَصَةِ وَإِسَاغَةُ اللُّقْمَةِ بِالْخَمْرِ.</p>وَزَادَ الشَّافِعِيَّةُ عَلَى هَذِهِ الْقَاعِدَةِ " بِشَرْطِ عَدَمِ نُقْصَانِهَا عَنْهَا "(3) .</p> </p><font color=#ff0000>8 -</font>‌<span class="title">‌ الثَّانِيَةُ: </span>" مَا أُبِيحَ لِلضَّرُورَةِ يُقَدَّرُ بِقَدْرِهَا " وَمِنْ فُرُوعِهَا: الْمُضْطَرُّ لَا يَأْكُل مِنَ الْمَيْتَةِ إِلَاّ قَدْرَ سَدِّ الرَّمَقِ، وَالطَّعَامُ فِي دَارِ الْحَرْبِ يُؤْخَذُ عَلَى سَبِيل الْحَاجَةِ؛ لأَِنَّهُ إِنَّمَا أُبِيحَ لِلضَّرُورَةِ، قَال فِي الْكَنْزِ: وَيَنْتَفِعُ فِيهَا بِعَلَفٍ وَطَعَامٍ وَحَطَبٍ وَسِلَاحٍ وَدُهْنٍ بِلَا قِسْمَةٍ،<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حديث:" لا ضرر ولا ضرار ". سبق تخريجه ف 4</p><font color=#ff0000>(2)</font> الأشباه والنظائر لابن نجيم ص 94 (نشر دار الفكر بدمشق) .</p><font color=#ff0000>(3)</font> الأشباه والنظائر لابن نجيم ص 94، والأشباه للسيوطي ص 84.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٨١)</span><hr/></div>وَبَعْدَ الْخُرُوجِ مِنْهَا لَا يَنْتَفِعُ بِهَا، وَمَا فَضَل رُدَّ إِلَى الْغَنِيمَةِ (1) .</p>وَلِلتَّفْصِيل:(ر: ضَرُورَة) .</p> </p>‌<span class="title">‌الضَّرَرُ لَا يُزَال بِمِثْلِهِ</span>.</p><font color=#ff0000>9 -</font> هَذِهِ الْقَاعِدَةُ مُقَيِّدَةٌ لِقَاعِدَةِ " الضَّرَرُ يُزَال " بِمَعْنَى أَنَّ الضَّرَرَ مَهْمَا كَانَ وَاجِبَ الإِْزَالَةِ، فَإِزَالَتُهُ إِمَّا بِلَا ضَرَرٍ أَصْلاً أَوْ بِضَرَرٍ أَخَفَّ مِنْهُ، كَمَا هُوَ مُقْتَضَى قَاعِدَةِ " الضَّرَرُ الأَْشَدُّ يُزَال بِالأَْخَفِّ " وَأَمَّا إِزَالَةُ الضَّرَرِ بِضَرَرٍ مِثْلِهِ أَوْ أَشَدَّ فَلَا يَجُوزُ، وَهَذَا غَيْرُ جَائِزٍ عَقْلاً - أَيْضًا - لأَِنَّ السَّعْيَ فِي إِزَالَتِهِ بِمِثْلِهِ عَبَثٌ.</p>وَمِنْ فُرُوعِ هَذِهِ الْقَاعِدَةِ مَا لَوْ أُكْرِهَ عَلَى قَتْل الْمُسْلِمِ بِالْقَتْل مَثَلاً لَا يَجُوزُ؛ لأَِنَّ هَذَا إِزَالَةُ الضَّرَرِ بِضَرَرٍ مِثْلِهِ، بِخِلَافِ أَكْل مَالِهِ فَإِنَّهُ إِزَالَةُ الضَّرَرِ بِمَا هُوَ أَخَفُّ.</p>وَمِنْهَا لَوِ ابْتَلَعَتْ دَجَاجَةٌ لُؤْلُؤَةً، أَوْ أَدْخَل الْبَقَرُ رَأْسَهُ فِي قِدْرٍ، أَوْ أَوْدَعَ فَصِيلاً فَكَبِرَ فِي بَيْتِ الْمُودَعِ وَلَمْ يُمْكِنْ إِخْرَاجُهُ إِلَاّ بِهَدْمِ الْجِدَارِ، أَوْ كَسْرِ الْقِدْرِ، أَوْ ذَبْحِ الدَّجَاجَةِ، يَضْمَنُ صَاحِبُ الأَْكْثَرِ قِيمَةَ الأَْقَل؛ لأَِنَّ الأَْصْل أَنَّ الضَّرَرَ الأَْشَدَّ يُزَال بِالأَْخَفِّ (2) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الأشباه لابن نجيم ص 34 (ط: المطبعة الحسينية المصرية) ، والأشباه للسيوطي 84.</p><font color=#ff0000>(2)</font> شرح المجلة للآتاسي 1 / 63 - 64 المادة (25) و (906) .</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٨١)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌يُتَحَمَّل الضَّرَرُ الْخَاصُّ لِدَفْعِ الضَّرَرِ الْعَامِّ:</span></p><font color=#ff0000>10 -</font> هَذِهِ الْقَاعِدَةُ مُقَيِّدَةٌ لِقَاعِدَةِ " الضَّرَرُ لَا يُزَال بِمِثْلِهِ " أَيْ لَا يُزَال الضَّرَرُ بِالضَّرَرِ إِلَاّ إِذَا كَانَ أَحَدُهُمَا عَامًّا وَالآْخَرُ خَاصًّا، فَيُتَحَمَّل حِينَئِذٍ الضَّرَرُ الْخَاصُّ لِدَفْعِ الضَّرَرِ الْعَامِّ.</p>وَهَذِهِ قَاعِدَةٌ مُهِمَّةٌ مِنْ قَوَاعِدِ الشَّرْعِ مَبْنِيَّةٌ عَلَى الْمَقَاصِدِ الشَّرْعِيَّةِ فِي مَصَالِحِ الْعِبَادِ اسْتَخْرَجَهَا الْمُجْتَهِدُونَ مِنَ الإِْجْمَاعِ وَمَعْقُول النُّصُوصِ، قَال الأَْتَاسِيُّ نَقْلاً عَنِ الْغَزَالِيِّ: إِنَّ الشَّرْعَ إِنَّمَا جَاءَ لِيَحْفَظَ عَلَى النَّاسِ دِينَهُمْ وَأَنْفُسَهُمْ وَعُقُولَهُمْ وَأَنْسَابَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ، فَكُل مَا يَكُونُ بِعَكْسِ هَذَا فَهُوَ مَضَرَّةٌ يَجِبُ إِزَالَتُهَا مَا أَمْكَنَ وَإِلَاّ فَتَأْيِيدًا لِمَقَاصِدِ الشَّرْعِ يُدْفَعُ فِي هَذَا السَّبِيل الضَّرَرُ الأَْعَمُّ بِالضَّرَرِ الأَْخَصِّ (1)</p> </p>‌<span class="title">‌إِذَا تَعَارَضَ مَفْسَدَتَانِ رُوعِيَ أَعْظَمُهُمَا ضَرَرًا بِارْتِكَابِ أَخَفِّهِمَا:</span></p><font color=#ff0000>11 -</font> هَذِهِ الْقَاعِدَةُ وَقَاعِدَةُ " الضَّرَرُ الأَْشَدُّ يُزَال بِالأَْخَفِّ " وَقَاعِدَةُ " يُخْتَارُ أَهْوَنُ الشَّرَّيْنِ " مُتَّحِدَاتٌ، وَالْمُسَمَّى وَاحِدٌ، وَإِنِ اخْتَلَفَ التَّعْبِيرُ. وَمَا يَتَفَرَّعُ عَلَيْهَا يَتَفَرَّعُ عَلَى أُخْتَيْهَا.</p>وَمِنْ فُرُوعِهَا جَوَازُ شَقِّ بَطْنِ الْمَيْتَةِ لإِِخْرَاجِ الْوَلَدِ إِذَا كَانَتْ تُرْجَى حَيَاتُهُ (2) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) شرح المجلة للآتاسي 1 / 66 المادة (26) .</p><font color=#ff0000>(2)</font> الأشباه لابن نجيم ص 35، (ط: المطبعة الحسينية) ، وشرح المجلة للآتاسي 1 / 69.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٨٢)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌اسْتِعْمَال الْحَقِّ بِالنَّظَرِ إِلَى مَا يَئُول إِلَيْهِ مِنْ أَضْرَارٍ:</span></p><font color=#ff0000>12 -</font> يَقُول الشَّاطِبِيُّ: جَلْبُ الْمَصْلَحَةِ أَوْ دَفْعُ الْمَفْسَدَةِ إِذَا كَانَ مَأْذُونًا فِيهِ عَلَى ضَرْبَيْنِ:</p> </p>‌<span class="title">‌أَحَدُهُمَا: </span>أَنْ لَا يَلْزَمَ عَنْهُ إِضْرَارُ الْغَيْرِ.</p> </p>‌<span class="title">‌وَالثَّانِي: </span>أَنْ يَلْزَمَ عَنْهُ ذَلِكَ، وَهَذَا ضَرْبَانِ: أَحَدُهُمَا:</p>أَنْ يَقْصِدَ الْجَالِبُ أَوِ الدَّافِعُ ذَلِكَ الإِْضْرَارَ كَالْمُرَخِّصِ فِي سِلْعَتِهِ قَصْدًا لِطَلَبِ مَعَاشِهِ، وَصَحِبَهُ قَصْدَ الإِْضْرَارِ بِالْغَيْرِ.</p>وَالثَّانِي: أَنْ لَا يَقْصِدَ إِضْرَارًا بِأَحَدٍ، وَهُوَ قِسْمَانِ:</p>أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَ الإِْضْرَارُ عَامًّا كَتَلَقِّي السِّلَعِ وَبَيْعِ الْحَاضِرِ لِلْبَادِي وَالاِمْتِنَاعِ عَنْ بَيْعِ دَارِهِ أَوْ فَدَّانِهِ، وَقَدِ اضْطُرَّ إِلَيْهِ النَّاسُ لِمَسْجِدٍ جَامِعٍ أَوْ غَيْرِهِ.</p>وَالثَّانِي: أَنْ يَكُونَ خَاصًّا، وَهُوَ نَوْعَانِ:</p>أَحَدُهُمَا: أَنْ يَلْحَقَ الْجَالِبَ أَوِ الدَّافِعَ بِمَنْعِهِ مِنْ ذَلِكَ ضَرَرٌ، فَهُوَ مُحْتَاجٌ إِلَى فِعْلِهِ، كَالدَّافِعِ عَنْ نَفْسِهِ مَظْلِمَةً يَعْلَمُ أَنَّهَا تَقَعُ بِغَيْرِهِ، أَوْ يَسْبِقُ إِلَى شِرَاءِ طَعَامٍ، أَوْ مَا يُحْتَاجُ إِلَيْهِ، أَوْ إِلَى صَيْدٍ أَوْ حَطَبٍ أَوْ مَاءٍ أَوْ غَيْرِهِ عَالِمًا أَنَّهُ إِذَا حَازَهُ تَضَرَّرَ غَيْرُهُ بِعَدَمِهِ، وَلَوْ أُخِذَ مِنْ يَدِهِ تَضَرَّرَ.</p>وَالثَّانِي: أَنْ لَا يَلْحَقَهُ بِذَلِكَ ضَرَرٌ، وَهُوَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَنْوَاعٍ:</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٨٢)</span><hr/></div>الأَْوَّل: مَا يَكُونُ أَدَاؤُهُ إِلَى الْمَفْسَدَةِ قَطْعِيًّا، أَعْنِي الْقَطْعَ الْعَادِيَ كَحَفْرِ الْبِئْرِ خَلْفَ الدَّارِ فِي الظَّلَامِ، بِحَيْثُ يَقَعُ الدَّاخِل فِيهِ، وَشِبْهُ ذَلِكَ.</p>وَالثَّانِي: مَا يَكُونُ أَدَاؤُهُ إِلَى الْمَفْسَدَةِ نَادِرًا كَحَفْرِ الْبِئْرِ بِمَوْضِعٍ لَا يُؤَدِّي غَالِبًا إِلَى وُقُوعِ أَحَدٍ فِيهِ، وَأَكْل الأَْغْذِيَةِ الَّتِي غَالِبًا لَا تَضُرُّ أَحَدًا وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ.</p>وَالثَّالِثُ: مَا يَكُونُ أَدَاؤُهُ إِلَى الْمَفْسَدَةِ كَثِيرًا لَا نَادِرًا، وَهُوَ عَلَى وَجْهَيْنِ:</p>أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَ غَالِبًا كَبَيْعِ السِّلَاحِ مِنْ أَهْل الْحَرْبِ، وَالْعِنَبِ مِنَ الْخَمَّارِ، وَمَا يُغَشُّ بِهِ مِمَّنْ شَأْنُهُ الْغِشُّ، وَنَحْوِ ذَلِكَ.</p>وَالثَّانِي: أَنْ يَكُونَ كَثِيرًا لَا غَالِبًا كَمَسَائِل بُيُوعِ الآْجَال. فَهَذِهِ ثَمَانِيَةُ أَقْسَامٍ:</p> </p>‌<span class="title">‌الْقِسْمُ الأَْوَّل: اسْتِعْمَال الْحَقِّ بِحَيْثُ لَا يَلْزَمُ عَنْهُ مَضَرَّةٌ:</span></p>اسْتِعْمَال الْحَقِّ إِذَا لَمْ يَلْزَمْ عَنْهُ مَضَرَّةٌ بِالْغَيْرِ - حُكْمُهُ أَنَّهُ بَاقٍ عَلَى أَصْلِهِ مِنَ الإِْذْنِ وَلَا إِشْكَال فِيهِ وَلَا حَاجَةَ إِلَى الاِسْتِدْلَال عَلَيْهِ لِثُبُوتِ الدَّلِيل عَلَى الإِْذْنِ ابْتِدَاءً.</p> </p>‌<span class="title">‌الْقِسْمُ الثَّانِي: اسْتِعْمَال الْحَقِّ بِقَصْدِ الإِْضْرَارِ بِالْغَيْرِ:</span></p>لَا إِشْكَال فِي مَنْعِ الْقَصْدِ إِلَى الإِْضْرَارِ مِنْ</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٨٣)</span><hr/></div>حَيْثُ هُوَ إِضْرَارٌ لِثُبُوتِ الدَّلِيل عَلَى أَنَّهُ لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ فِي الإِْسْلَامِ (1) .</p>وَالضَّابِطُ الْكُلِّيُّ فِي اسْتِعْمَال الْحَقِّ هُوَ مَا ذَكَرَهُ الْغَزَالِيُّ حَيْثُ يَقُول: أَنْ لَا يُحِبَّ لأَِخِيهِ إِلَاّ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ، فَكُل مَا لَوْ عُومِل بِهِ شَقَّ عَلَيْهِ وَثَقُل عَلَى قَلْبِهِ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يُعَامِل بِهِ غَيْرَهُ (2) .</p>وَجَاءَ فِي مُعِينِ الْحُكَّامِ فِي شَرْحِ حَدِيثِ لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ فَنَهَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَتَعَمَّدَ أَحَدُهُمَا الإِْضْرَارَ بِصَاحِبِهِ وَعَنْ أَنْ يَقْصِدَا ذَلِكَ جَمِيعًا (3) .</p>وَفِيمَا يَلِي نَذْكُرُ بَعْضَ الْفُرُوعِ الْفِقْهِيَّةِ تَطْبِيقًا لِهَذَا النَّوْعِ مِنِ اسْتِعْمَال الْحَقِّ:</p> </p>‌<span class="title">‌الإِْضْرَارُ فِي الْوَصِيَّةِ:</span></p><font color=#ff0000>13 -</font> رَوَى الدَّارَقُطْنِيُّ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما مَرْفُوعًا الإِْضْرَارُ فِي الْوَصِيَّةِ مِنَ الْكَبَائِرِ (4) وَوَرَدَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَال: إِنَّ الرَّجُل لَيَعْمَل وَالْمَرْأَةُ بِطَاعَةِ اللَّهِ سِتِّينَ سَنَةً ثُمَّ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الموافقات للشاطبي 2 / 348 وما بعدها (نشر المكتبة التجارية الكبرى) .</p><font color=#ff0000>(2)</font> إحياء علوم الدين 2 / 76.</p><font color=#ff0000>(3)</font> معين الحكام ص 244 (ط. الميمنية) .</p><font color=#ff0000>(4)</font> تفسير القرطبي 2 / 252، وحديث:" الإضرار في الوصية من الكبائر ". أخرجه الدارقطني (4 / 151) والبيهقي (6 / 271) وصوب البيهقي وقفه على ابن عباس.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٨٣)</span><hr/></div>يَحْضُرُهُمَا الْمَوْتُ فَيُضَارَّانِ فِي الْوَصِيَّةِ فَتَجِبُ لَهُمَا النَّارُ (1) قَال شَهْرُ بْنُ حَوْشَبٍ (2)(رَاوِي الْحَدِيثِ) ثُمَّ قَرَأَ عَلَيَّ أَبُو هُرَيْرَةَ {مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا أَوْ دَيْنٍ غَيْرَ مُضَارٍّ} إِلَى قَوْلِهِ {وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} (3)</p>وَالإِْضْرَارُ فِي الْوَصِيَّةِ تَارَةً يَكُونُ بِأَنْ يَخُصَّ بَعْضَ الْوَرَثَةِ بِزِيَادَةٍ عَلَى فَرْضِهِ الَّذِي فَرَضَهُ اللَّهُ لَهُ فَيَتَضَرَّرَ بَقِيَّةُ الْوَرَثَةِ بِتَخْصِيصِهِ، وَلِهَذَا قَال النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَعْطَى كُل ذِي حَقٍّ حَقَّهُ فَلَا وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ (4) وَتَارَةً بِأَنْ يُوصِيَ لأَِجْنَبِيٍّ بِزِيَادَةٍ عَلَى الثُّلُثِ فَيُنْقِصَ حُقُوقَ الْوَرَثَةِ، وَلِهَذَا قَال النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم الثُّلُثُ، وَالثُّلُثُ كَثِيرٌ (5) وَمَتَى أَوْصَى لِوَارِثٍ أَوْ لأَِجْنَبِيٍّ بِزِيَادَةٍ عَلَى الثُّلُثِ لَمْ يَنْفُذْ مَا أَوْصَى بِهِ إِلَاّ بِإِجَازَةِ الْوَرَثَةِ (6) .</p>وَلِلْفُقَهَاءِ خِلَافٌ وَتَفْصِيلٌ فِي رَدِّ وَصِيَّةِ الْمُوصِي إِذَا قَصَدَ بِوَصِيَّتِهِ الْمُضَارَّةَ يُنْظَرُ فِي مُصْطَلَحِ:(وَصِيَّة) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حديث: " إن الرجل ليعمل والمرأة بطاعة الله ستين سنة. . ". أخرجه الترمذي (4 / 431) وأشار المناوي إلى تضعيفه في فيض القدير (2 / 335) .</p><font color=#ff0000>(2)</font> تفسير الجصاص 1 / 201 (المطبعة البهية المصرية) .</p><font color=#ff0000>(3)</font> سورة النساء / 12 - 13.</p><font color=#ff0000>(4)</font> حديث: " إن الله قد أعطى كل ذي حق حقه. . . ". أخرجه الترمذي (4 / 433) من حديث أبي أمامة، وحسنه ابن حجر في التلخيص (3 / 92) .</p><font color=#ff0000>(5)</font> حديث: " الثلث والثلث كثير ". أخرجه البخاري (7 / 269) ومسلم (3 / 1250) .</p><font color=#ff0000>(6)</font> جامع العلوم والحكم لابن رجب الحنبلي ص 288.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٨٤)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌الإِْضْرَارُ بِالرَّجْعَةِ:</span></p><font color=#ff0000>14 -</font> مَنْ طَلَّقَ زَوْجَتَهُ ثُمَّ رَاجَعَهَا وَكَانَ قَصْدُهُ بِالرَّجْعَةِ الْمُضَارَّةَ فَإِنَّهُ آثِمٌ بِذَلِكَ، وَقَدْ نَهَى اللَّهُ سبحانه وتعالى عَنْ هَذَا التَّصَرُّفِ بِقَوْلِهِ:{وَلَا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لِتَعْتَدُوا وَمَنْ يَفْعَل ذَلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ} (1) يَقُول الطَّبَرِيُّ فِي تَفْسِيرِ هَذِهِ الآْيَةِ: وَلَا تُرَاجِعُوهُنَّ إِنْ رَاجَعْتُمُوهُنَّ فِي عِدَدِهِنَّ مُضَارَّةً لَهُنَّ لِتُطَوِّلُوا عَلَيْهِنَّ مُدَّةَ انْقِضَاءِ عِدَدِهِنَّ، أَوْ لِتَأْخُذُوا مِنْهُنَّ بَعْضَ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ بِطَلَبِهِنَّ الْخُلْعَ مِنْكُمْ لِمُضَارَّتِكُمْ إِيَّاهُنَّ، بِإِمْسَاكِكُمْ إِيَّاهُنَّ وَمُرَاجَعَتِكُمُوهُنَّ ضِرَارًا وَاعْتِدَاءً (2) .</p>@ @ @ وَبِهَذَا تَبَيَّنَ أَنَّ اللَّهَ سبحانه وتعالى نَهَى الأَْزْوَاجَ أَنْ يُمْسِكُوا زَوْجَاتِهِمْ بِقَصْدِ إِضْرَارِهِنَّ بِتَطْوِيل الْعِدَّةِ، أَوْ أَخْذِ بَعْضِ مَالِهِنَّ، وَالنَّهْيُ يُفِيدُ التَّحْرِيمَ فَتَكُونُ الرَّجْعَةُ مُحَرَّمَةً فِي هَذِهِ الْحَالَةِ (3) .</p>وَلِلْفُقَهَاءِ تَفْصِيلٌ وَخِلَافٌ فِي حُكْمِ الرَّجْعِيَّةِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ. يُنْظَرُ فِي مُصْطَلَحِ (رَجْعَة ف 4) .</p><font color=#ff0000>15 -</font> وَمِنْ صُوَرِ الإِْضْرَارِ: الإِْيلَاءُ، وَغَيْبَةُ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) سورة البقرة / 231.</p><font color=#ff0000>(2)</font> تفسير الطبري 5 / 7 - 8 (نشر دار المعارف) .</p><font color=#ff0000>(3)</font> جامع العلوم والحكم لابن رجب ص 288.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٨٤)</span><hr/></div>الزَّوْجِ، وَالْحَبْسُ، فَيُفَرَّقُ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ دَفْعًا لِلضَّرَرِ، بِشُرُوطِهِ عَلَى تَفْصِيلٍ وَخِلَافٍ فِيهِ.</p>وَانْظُرْ مُصْطَلَحَ:(إِيلَاء، وَطَلَاقٌ، وَفَسْخٌ، وَغَيْبَةٌ، وَمَفْقُودٌ) .</p> </p>‌<span class="title">‌الإِْضْرَارُ فِي الرَّضَاعِ:</span></p><font color=#ff0000>16 -</font> إِنْ رَغِبَتْ الأُْمُّ فِي إِرْضَاعِ وَلَدِهَا أُجِيبَتْ وُجُوبًا سَوَاءٌ كَانَتْ مُطَلَّقَةً أَمْ فِي عِصْمَةِ الأَْبِ عَلَى قَوْل جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{لَا تُضَارَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا} (1) وَالْمَنْعُ مِنْ إِرْضَاعِ وَلَدِهَا مُضَارَّةٌ لَهَا (2) .</p>وَقِيل: إِنْ كَانَتِ الأُْمُّ فِي حِبَال الزَّوْجِ فَلَهُ مَنْعُهَا مِنْ إِرْضَاعِ وَلَدِهَا إِلَاّ أَنْ لَا يُمْكِنَ ارْتِضَاعُهُ مِنْ غَيْرِهَا، وَلَكِنْ إِنَّمَا يَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ إِذَا كَانَ قَصْدُ الزَّوْجِ بِهِ تَوْفِيرَ الزَّوْجَةِ لِلاِسْتِمْتَاعِ، لَا مُجَرَّدَ إِدْخَال الضَّرَرِ عَلَيْهَا (3) ، وَيَلْزَمُ الأَْبَ إِجَابَةُ طَلَبِ الْمُطَلَّقَةِ فِي إِرْضَاعِ وَلَدِهَا مَا لَمْ تَطْلُبْ زِيَادَةً عَلَى أُجْرَةِ مِثْلِهَا، أَمَّا إِنْ طَلَبَتْ زِيَادَةً عَلَى أُجْرَةِ مِثْلِهَا زِيَادَةً كَبِيرَةً، وَوَجَدَ الأَْبُ مَنْ يَرْضِعُهُ بِأُجْرَةِ الْمِثْل لَمْ يَلْزَمِ الأَْبَ إِجَابَتُهَا إِلَى مَا طَلَبَتْ، لأَِنَّهَا تَقْصِدُ الْمُضَارَّةَ (4) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) سورة البقرة / 233.</p><font color=#ff0000>(2)</font> المغني 7 / 627، وأسنى المطالب 3 / 445، والدسوقي 2 / 526، وابن عابدين 2 / 675 - 676، وجامع العلوم والحكم ص 289.</p><font color=#ff0000>(3)</font> جامع العلوم والحكم لابن رجب ص 289.</p><font color=#ff0000>(4)</font> نفس المرجع.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٨٥)</span><hr/></div>وَلِلتَّفْصِيل: (ر: رَضَاعٌ) .</p> </p>‌<span class="title">‌الإِْضْرَارُ فِي الْبَيْعِ:</span></p><font color=#ff0000>17 -</font> مِنْ أَمْثِلَةِ الضَّرَرِ فِي الْبُيُوعِ بَيْعُ الرَّجُل عَلَى بَيْعِ أَخِيهِ، وَالسَّوْمُ وَالشِّرَاءُ عَلَى شِرَاءِ أَخِيهِ، وَالنَّجْشُ وَتَلَقِّي الْجَلْبَ أَوِ الرُّكْبَانِ، وَبَيْعُ الْحَاضِرِ لِلْبَادِي، وَبَيْعُ الْمُضْطَرِّ (1) وَيُنْظَرُ أَحْكَامُ هَذِهِ الْبُيُوعِ فِي (بَيْعٌ مَنْهِيٌّ عَنْهُ: ف 100 - 132) .</p><font color=#ff0000>18 -</font> وَمِمَّا يَنْدَرِجُ فِي الْقِسْمِ الثَّانِي حَسَبَ تَقْسِيمَاتِ الشَّاطِبِيِّ: اسْتِعْمَال صَاحِبِ الْحَقِّ حَقَّهُ لِتَحْقِيقِ مَصْلَحَةٍ مَشْرُوعَةٍ لَهُ عَلَى وَجْهٍ يَتَضَرَّرُ مِنْهُ غَيْرُهُ.</p>يَقُول الشَّاطِبِيُّ: لَكِنْ يَبْقَى النَّظَرُ فِي الْعَمَل الَّذِي اجْتَمَعَ فِيهِ قَصْدُ نَفْعِ النَّفْسِ، وَقَصْدُ إِضْرَارِ الْغَيْرِ هَل يُمْنَعُ مِنْهُ فَيَصِيرُ غَيْرَ مَأْذُونٍ فِيهِ، أَمْ يَبْقَى عَلَى حُكْمِهِ الأَْصْلِيِّ مِنَ الإِْذْنِ وَيَكُونُ عَلَيْهِ إِثْمُ مَا قَصَدَ؟ هَذَا مِمَّا يُتَصَوَّرُ فِيهِ الْخِلَافُ عَلَى الْجُمْلَةِ، وَهُوَ جَارٍ فِي مَسْأَلَةِ الصَّلَاةِ فِي الدَّارِ الْمَغْصُوبَةِ مَعَ ذَلِكَ فَيُحْتَمَل الاِجْتِهَادُ فِيهِ.</p>وَهُوَ أَنَّهُ إِمَّا أَنْ يَكُونَ إِذَا رَفَعَ ذَلِكَ الْعَمَل وَانْتَقَل إِلَى وَجْهٍ آخَرَ فِي اسْتِجْلَابِ تِلْكَ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) جامع العلوم والحكم ص 289 - 290.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٨٥)</span><hr/></div>الْمَصْلَحَةِ، أَوْ دَرْءِ تِلْكَ الْمَفْسَدَةِ جُعِل لَهُ مَا أَرَادَ أَوْ لَا، فَإِنْ كَانَ كَذَلِكَ فَلَا إِشْكَال فِي مَنْعِهِ مِنْهُ، لأَِنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ غَيْرَ الإِْضْرَارِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَحِيصٌ عَنْ تِلْكَ الْجِهَةِ الَّتِي يَسْتَضِرُّ مِنْهَا الْغَيْرُ، فَحَقُّ الْجَالِبِ أَوِ الدَّافِعِ مُقَدَّمٌ وَهُوَ مَمْنُوعٌ مِنْ قَصْدِ الإِْضْرَارِ، وَلَا يُقَال: إِنَّ هَذَا تَكْلِيفٌ بِمَا لَا يُطَاقُ، فَإِنَّهُ إِنَّمَا كُلِّفَ بِنَفْيِ قَصْدِ الإِْضْرَارِ وَهُوَ دَاخِلٌ تَحْتَ الْكَسْبِ لَا بِنَفْيِ الإِْضْرَارِ بِعَيْنِهِ (1) .</p><font color=#ff0000>19 -</font> وَمِنْ فُرُوعِ هَذَا النَّوْعِ مَا ذَكَرَهُ التَّسَوُّلِيُّ، فِيمَنْ أَرَادَ أَنْ يَحْفِرَ بِئْرًا فِي مِلْكِهِ وَيَضُرَّ بِجِدَارِ جَارِهِ: وَأَمَّا إِنْ وَجَدَ عَنْهُ مَنْدُوحَةً وَلَمْ يَتَضَرَّرْ بِتَرْكِ حَفْرِهِ فَلَا يُمَكَّنُ مِنْ حَفْرِهِ لِتَمَحُّضِ إِضْرَارِهِ بِجَارِهِ حِينَئِذٍ (2) .</p>وَمَذْهَبُ الْحَنَابِلَةِ وَمُتَأَخِّرِي الْحَنَفِيَّةِ قَرِيبٌ مِنْ مَذْهَبِ الْمَالِكِيَّةِ فِي هَذَا الصَّدَدِ، إِذْ هُمْ يُقَيِّدُونَ حَقَّ الْمَالِكِ فِي التَّصَرُّفِ بِمِلْكِهِ بِمَا يَمْنَعُ الإِْضْرَارَ الْفَاحِشَ عَنْ جَارِهِ فَقَدْ جَاءَ فِي الْمُغْنِي: لَيْسَ لِلْجَارِ التَّصَرُّفُ فِي مِلْكِهِ تَصَرُّفًا يُضِرُّ بِجَارِهِ، نَحْوَ أَنْ يَبْنِيَ فِيهِ حَمَّامًا بَيْنَ الدُّورِ، أَوْ يَفْتَحَ خَبَّازًا بَيْنَ الْعَطَّارِينَ (3) .</p>وَالزَّيْلَعِيُّ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ يُقَرِّرُ هَذَا الْمَعْنَى وَيَقُول: إِنَّ لِلإِْنْسَانِ أَنْ يَتَصَرَّفَ فِي مِلْكِهِ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الموافقات 2 / 349.</p><font color=#ff0000>(2)</font> البهجة في شرح التحفة 2 / 336.</p><font color=#ff0000>(3)</font> المغني لابن قدامة 4 / 572.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٨٦)</span><hr/></div>مَا شَاءَ مِنَ التَّصَرُّفَاتِ مَا لَمْ يُضِرَّ بِغَيْرِهِ ضَرَرًا ظَاهِرًا. . . وَلَوْ أَرَادَ بِنَاءَ تَنُّورٍ فِي دَارِهِ لِلْخَبْزِ الدَّائِمِ، كَمَا يَكُونُ فِي الدَّكَاكِينِ، أَوْ رَحًا لِلطَّحْنِ، أَوْ مِدَقَّاتٍ لِلْقَصَّارِينَ لَمْ يَجُزْ، لأَِنَّ ذَلِكَ يُضِرُّ بِالْجِيرَانِ ضَرَرًا ظَاهِرًا فَاحِشًا لَا يُمْكِنُ التَّحَرُّزُ مِنْهُ، وَالْقِيَاسُ أَنَّهُ يَجُوزُ لأَِنَّهُ تَصَرُّفٌ فِي مِلْكِهِ، وَتُرِكَ ذَلِكَ اسْتِحْسَانًا لأَِجْل الْمَصْلَحَةِ (1) .</p> </p>‌<span class="title">‌الْقِسْمُ الثَّالِثُ: لُحُوقُ الضَّرَرِ بِجَالِبِ الْمَصْلَحَةِ أَوْ دَافِعِ الْمَفْسَدَةِ عِنْدَ مَنْعِهِ مِنَ اسْتِعْمَال حَقِّهِ:</span></p><font color=#ff0000>20 -</font> هَذَا لَا يَخْلُو أَنْ يَلْزَمَ مِنْ مَنْعِهِ الإِْضْرَارُ بِهِ بِحَيْثُ لَا يَنْجَبِرُ أَوَّلاً، فَإِنْ لَزِمَ قُدِّمَ حَقُّهُ عَلَى الإِْطْلَاقِ (2) .</p>وَمِنْ فُرُوعِ هَذَا النَّوْعِ مَا ذَكَرَهُ ابْنُ قُدَامَةَ مِنْ أَنَّهُ إِذَا اشْتَدَّتْ الْمَخْمَصَةُ فِي سَنَةِ الْمَجَاعَةِ وَأَصَابَتْ خَلْقًا كَثِيرًا، وَكَانَ عِنْدَ بَعْضِ النَّاسِ قَدْرُ كِفَايَتِهِ وَكِفَايَةِ عِيَالِهِ، لَمْ يَلْزَمْهُ بَذْلُهُ لِلْمُضْطَرِّينَ، وَلَيْسَ لَهُمْ أَخْذُهُ مِنْهُ لأَِنَّ ذَلِكَ يُفْضِي إِلَى وُقُوعِ الضَّرَرِ بِهِ وَلَا يَدْفَعُهُ عَنْهُمْ، وَكَذَلِكَ إِنْ كَانُوا فِي سَفَرٍ وَمَعَهُ قَدْرُ كِفَايَتِهِ مِنْ غَيْرِ فَضْلَةٍ، لَمْ يَلْزَمْهُ بَذْل مَا مَعَهُ لِلْمُضْطَرِّينَ، لأَِنَّ الْبَذْل فِي هَذِهِ الْحَالَةِ يُفْضِي إِلَى هَلَاكِ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) تبيين الحقائق للزيلعي 4 / 196.</p><font color=#ff0000>(2)</font> الموافقات 2 / 349.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٨٦)</span><hr/></div>نَفْسِهِ وَهَلَاكِ عِيَالِهِ فَلَمْ يَلْزَمْهُ، كَمَا لَوْ أَمْكَنَهُ إِنْجَاءُ الْغَرِيقِ بِتَغْرِيقِ نَفْسِهِ، وَلأَِنَّ فِي بَذْلِهِ إِلْقَاءً بِيَدِهِ إِلَى التَّهْلُكَةِ، وَقَدْ نَهَى اللَّهُ عَنْ ذَلِكَ (1) .</p>أَمَّا إِذَا أَمْكَنَ انْجِبَارُ الإِْضْرَارِ وَرَفْعُهُ جُمْلَةً فَاعْتِبَارُ الضَّرَرِ الْعَامِّ أَوْلَى فَيُمْنَعُ الْجَالِبُ أَوِ الدَّافِعُ مِمَّا هَمَّ بِهِ، لأَِنَّ الْمَصَالِحَ الْعَامَّةَ مُقَدَّمَةٌ عَلَى الْمَصَالِحِ الْخَاصَّةِ بِدَلِيل النَّهْيِ عَنْ تَلَقِّي السِّلَعِ وَعَنْ بَيْعِ الْحَاضِرِ لِلْبَادِي، وَاتِّفَاقِ السَّلَفِ عَلَى تَضْمِينِ الصُّنَّاعِ مَعَ أَنَّ الأَْصْل فِيهِمُ الأَْمَانَةُ، وَقَدْ زَادُوا فِي مَسْجِدِ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ غَيْرِهِ مِمَّا رَضِيَ أَهْلُهُ وَمَا لَا، وَذَلِكَ يَقْضِي بِتَقْدِيمِ مَصْلَحَةِ الْعُمُومِ عَلَى مَصْلَحَةِ الْخُصُوصِ لَكِنْ بِحَيْثُ لَا يَلْحَقُ الْخُصُوصَ مَضَرَّةٌ (لَا تَنْجَبِرُ) (2) وَهُوَ مُفَادُ قَاعِدَةِ " يُتَحَمَّل الضَّرَرُ الْخَاصُّ لِدَفْعِ الضَّرَرِ الْعَامِّ " (3) .</p> </p>‌<span class="title">‌الْقِسْمُ الرَّابِعُ: دَفْعُ الضَّرَرِ بِالتَّمْكِينِ مِنَ الْمَعْصِيَةِ:</span></p><font color=#ff0000>21 -</font> فَمِنْ ذَلِكَ الرِّشْوَةُ عَلَى دَفْعِ الظُّلْمِ إِذَا لَمْ يَقْدِرْ عَلَى دَفْعِهِ إِلَاّ بِذَلِكَ، وَإِعْطَاءُ الْمَال لِلْمُحَارِبِينَ وَلِلْكُفَّارِ فِي فِدَاءِ الأَْسْرَى،<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المغني 8 / 603.</p><font color=#ff0000>(2)</font> الموافقات 2 / 250 والذي بين القوسين من التعليقات على الموافقات.</p><font color=#ff0000>(3)</font> مجلة الأحكام العدلية المادة (26) ، والأشباه والنظائر لابن نجيم ص 96 نشر دار الفكر بدمشق.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٨٧)</span><hr/></div>وَلِمَانِعِي الْحَاجِّ حَتَّى يُؤَدُّوا خَرَاجًا، كُل ذَلِكَ انْتِفَاعٌ أَوْ دَفْعُ ضَرَرٍ بِتَمْكِينٍ مِنَ الْمَعْصِيَةِ، وَمِنْ ذَلِكَ طَلَبُ فَضِيلَةِ الْجِهَادِ، مَعَ أَنَّهُ تَعَرُّضٌ لِمَوْتِ الْكَافِرِ عَلَى الْكُفْرِ، أَوْ قَتْل الْكَافِرِ الْمُسْلِمَ، بَل قَال عليه الصلاة والسلام: وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوَدِدْتُ أَنِّي أُقْتَل فِي سَبِيل اللَّهِ ثُمَّ أُحْيَا ثُمَّ أُقْتَل (1) وَلَازِمُ ذَلِكَ دُخُول قَاتِلِهِ النَّارَ، وَقَوْل أَحَدِ ابْنَيْ آدَمَ {إِنِّي أُرِيدُ أَنْ تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ} (2) بَل الْعُقُوبَاتُ كُلُّهَا جَلْبُ مَصْلَحَةٍ أَوْ دَرْءُ مَفْسَدَةٍ يَلْزَمُ عَنْهَا إِضْرَارُ الْغَيْرِ، إِلَاّ أَنَّ ذَلِكَ كُلَّهُ إِلْغَاءٌ لِجَانِبِ الْمَفْسَدَةِ لأَِنَّهَا غَيْرُ مَقْصُودَةٍ لِلشَّارِعِ فِي شَرْعِ هَذِهِ الأَْحْكَامِ، وَلأَِنَّ جَانِبَ الْجَالِبِ وَالدَّافِعِ أَوْلَى (3) .</p> </p>‌<span class="title">‌الْقِسْمُ الْخَامِسُ: التَّصَرُّفُ الْمُفْضِي إِلَى الْمَفْسَدَةِ قَطْعًا:</span></p><font color=#ff0000>22 -</font> الْمَفْرُوضُ فِي هَذَا الْوَجْهِ أَنَّهُ لَا يَلْحَقَ الْجَالِبَ لِلْمَصْلَحَةِ أَوِ الدَّافِعَ لِلْمَفْسَدَةِ ضَرَرٌ، وَلَكِنَّ أَدَاءَهُ إِلَى الْمَفْسَدَةِ قَطْعِيٌّ عَادَةً فَلَهُ نَظَرَانِ: نَظَرٌ مِنْ حَيْثُ كَوْنِهِ قَاصِدًا لِمَا يَجُوزُ أَنْ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حديث: " والذي نفسي بيده لوددت. . . ". أخرجه البخاري (فتح الباري 6 / 16 ط. السلفية) من حديث أبي هريرة.</p><font color=#ff0000>(2)</font> سورة المائدة / 29.</p><font color=#ff0000>(3)</font> الموافقات 2 / 350 وما بعدها.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٨٧)</span><hr/></div>يُقْصَدَ شَرْعًا مِنْ غَيْرِ قَصْدِ إِضْرَارٍ بِأَحَدٍ، فَهَذَا مِنْ هَذِهِ الْجِهَةِ جَائِزٌ لَا مَحْظُورَ فِيهِ.</p>وَنَظَرٌ مِنْ حَيْثُ كَوْنِهِ عَالِمًا بِلُزُومِ مَضَرَّةِ الْغَيْرِ لِهَذَا الْعَمَل الْمَقْصُودِ مَعَ عَدَمِ اسْتِضْرَارِهِ بِتَرْكِهِ، فَإِنَّهُ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ مَظِنَّةٌ لِقَصْدِ الإِْضْرَارِ، لأَِنَّهُ فِي فِعْلِهِ إِمَّا فَاعِلٌ لِمُبَاحٍ صِرْفٍ لَا يَتَعَلَّقُ بِفِعْلِهِ مَقْصِدٌ ضَرُورِيٌّ وَلَا حَاجِيٌّ وَلَا تَكْمِيلِيٌّ فَلَا قَصْدَ لِلشَّارِعِ فِي إِيقَاعِهِ مِنْ حَيْثُ يُوقَعُ، وَإِمَّا فَاعِلٌ لِمَأْمُورٍ بِهِ عَلَى وَجْهٍ يَقَعُ فِيهِ مَضَرَّةٌ مَعَ إِمْكَانِ فِعْلِهِ عَلَى وَجْهٍ لَا يَلْحَقُ فِيهِ مَضَرَّةٌ وَلَيْسَ لِلشَّارِعِ قَصْدٌ فِي وُقُوعِهِ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي يَلْحَقَ بِهِ الضَّرَرُ دُونَ الآْخَرِ.</p>وَعَلَى كِلَا التَّقْدِيرَيْنِ فَتَوَخِّيهِ لِذَلِكَ الْفِعْل عَلَى ذَلِكَ الْوَجْهِ مَعَ الْعِلْمِ بِالْمَضَرَّةِ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ أَحَدِ أَمْرَيْنِ: إِمَّا تَقْصِيرٌ فِي النَّظَرِ الْمَأْمُورِ بِهِ وَذَلِكَ مَمْنُوعٌ، وَإِمَّا قَصْدٌ إِلَى نَفْسِ الإِْضْرَارِ وَهُوَ مَمْنُوعٌ - أَيْضًا - فَيَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ مَمْنُوعًا مِنْ ذَلِكَ الْفِعْل، لَكِنْ إِذَا فَعَلَهُ يُعَدُّ مُتَعَدِّيًا بِفِعْلِهِ وَيَضْمَنُ ضَمَانَ الْمُتَعَدِّي عَلَى الْجُمْلَةِ (1) .</p> </p>‌<span class="title">‌الْقِسْمُ السَّادِسُ: التَّصَرُّفُ الْمُفْضِي إِلَى الْمَفْسَدَةِ نَادِرًا:</span></p><font color=#ff0000>23 -</font> الْمَفْرُوضُ فِي هَذَا الْوَجْهِ أَنَّ الْجَالِبَ أَوْ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الموافقات للشاطبي 2 / 350، 357، 358.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٨٨)</span><hr/></div>الدَّافِعَ لَا يَقْصِدُ الإِْضْرَارَ بِأَحَدٍ إِلَاّ أَنَّهُ يَلْزَمُ عَنْ فِعْلِهِ مَضَرَّةٌ بِالْغَيْرِ نَادِرًا، هُوَ عَلَى أَصْلِهِ مِنَ الإِْذْنِ، لأَِنَّ الْمَصْلَحَةَ إِذَا كَانَتْ غَالِبَةً فَلَا اعْتِبَارَ بِالنُّدُورِ فِي انْخِرَامِهَا، إِذْ لَا تُوجَدُ فِي الْعَادَةِ مَصْلَحَةٌ عَرِيَّةٌ عَنِ الْمَفْسَدَةِ جُمْلَةً، إِلَاّ أَنَّ الشَّارِعَ إِنَّمَا اعْتَبَرَ فِي مَجَارِي الشَّرْعِ غَلَبَةَ الْمَصْلَحَةِ وَلَمْ يَعْتَبِرْ نُدُورَ الْمَفْسَدَةِ إِجْرَاءً لِلشَّرْعِيَّاتِ مَجْرَى الْعَادِيَّاتِ فِي الْوُجُودِ، وَلَا يُعَدُّ - هُنَا - قَصْدُ الْقَاصِدِ إِلَى جَلْبِ الْمَصْلَحَةِ أَوْ دَفْعِ الْمَفْسَدَةِ - مَعَ مَعْرِفَتِهِ بِنُدُورِ الْمَضَرَّةِ عَنْ ذَلِكَ - تَقْصِيرًا فِي النَّظَرِ وَلَا قَصْدًا إِلَى وُقُوعِ الضَّرَرِ، فَالْعَمَل إِذَنْ بَاقٍ عَلَى أَصْل الْمَشْرُوعِيَّةِ، وَالدَّلِيل عَلَى ذَلِكَ أَنَّ ضَوَابِطَ الْمُشَرِّعَاتِ هَكَذَا وَجَدْنَاهَا: كَالْقَضَاءِ وَالشَّهَادَةِ فِي الدِّمَاءِ وَالأَْمْوَال وَالْفُرُوجِ مَعَ إِمْكَانِ الْكَذِبِ وَالْوَهْمِ وَالْغَلَطِ، وَكَذَلِكَ إِعْمَال الْخَبَرِ الْوَاحِدِ وَالأَْقْيِسَةِ الْجُزْئِيَّةِ فِي التَّكَالِيفِ مَعَ إِمْكَانِ إِخْلَافِهَا وَالْخَطَأِ فِيهَا مِنْ وُجُوهٍ، لَكِنَّ ذَلِكَ نَادِرٌ فَلَمْ يُعْتَبَرْ وَاعْتُبِرَتِ الْمَصْلَحَةُ الْغَالِبَةُ (1) .</p> </p>‌<span class="title">‌الْقِسْمُ السَّابِعُ: التَّصَرُّفُ الْمُؤَدِّي إِلَى الْمَفْسَدَةِ ظَنًّا:</span></p><font color=#ff0000>24 -</font> قَدْ يَكُونُ التَّصَرُّفُ وَسِيلَةً مَوْضُوعَةً لِلْمُبَاحِ إِلَاّ أَنَّهُ يُظَنُّ أَدَاؤُهُ إِلَى الْمَفْسَدَةِ فَيَحْتَمِل<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الموافقات 2 / 358.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٨٨)</span><hr/></div>الْخِلَافَ، أَمَّا أَنَّ الأَْصْل الإِْبَاحَةُ وَالإِْذْنُ فَظَاهِرٌ، وَأَمَّا أَنَّ الضَّرَرَ وَالْمَفْسَدَةَ تَلْحَقُ ظَنًّا فَهَل يَجْرِي الظَّنُّ مَجْرَى الْعِلْمِ فَيَمْنَعُ مِنَ الْوَجْهَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ أَمْ لَا؛ لِجَوَازِ تَخَلُّفِهِمَا وَإِنْ كَانَ التَّخَلُّفُ نَادِرًا؟ لَكِنَّ اعْتِبَارَ الظَّنِّ هُوَ الأَْرْجَحُ، وَلَا يُلْتَفَتُ إِلَى أَصْل الإِْذْنِ وَالإِْبَاحَةِ لأُِمُورٍ:</p> </p>‌<span class="title">‌أَحَدُهَا: </span>أَنَّ الظَّنَّ فِي أَبْوَابِ الْعَمَلِيَّاتِ جَارٍ مَجْرَى الْعِلْمِ فَالظَّاهِرُ جَرَيَانُهُ هُنَا (1) .</p> </p>‌<span class="title">‌وَالثَّانِي: </span>قَوْله تَعَالَى: {وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ} (2) فَحَرَّمَ اللَّهُ تَعَالَى سَبَّ آلِهَةِ الْمُشْرِكِينَ مَعَ كَوْنِ السَّبِّ غَيْظًا وَحَمِيَّةً لِلَّهِ وَإِهَانَةً لآِلِهَتِهِمْ، لِكَوْنِهِ ذَرِيعَةً إِلَى سَبِّهِمْ لِلَّهِ تَعَالَى وَكَانَتْ مَصْلَحَةُ تَرْكِ مَسَبَّتِهِ تَعَالَى أَرْجَحَ مِنْ مَصْلَحَةِ سَبِّنَا لآِلِهَتِهِمْ، وَهَذَا كَالتَّنْبِيهِ بَل كَالتَّصْرِيحِ عَلَى الْمَنْعِ مِنَ الْجَائِزِ لِئَلَاّ يَكُونَ سَبَبًا فِي فِعْل مَا لَا يَجُوزُ (3) .</p> </p>‌<span class="title">‌الْقِسْمُ الثَّامِنُ: التَّصَرُّفُ الْمُؤَدِّي إِلَى الْمَفْسَدَةِ كَثِيرًا:</span></p><font color=#ff0000>25 -</font> إِذَا كَانَ أَدَاءُ التَّصَرُّفِ إِلَى الْمَفْسَدَةِ كَثِيرًا لَا غَالِبًا وَلَا نَادِرًا، فَهُوَ مَوْضِعُ نَظَرٍ وَالْتِبَاسٍ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الموافقات 2 / 359، وإعلام الموقعين لابن القيم 3 / 136.</p><font color=#ff0000>(2)</font> سورة الأنعام / 108.</p><font color=#ff0000>(3)</font> إعلام الموقعين لابن القيم 3 / 137.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٨٩)</span><hr/></div>وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي حُكْمِهِ.</p>فَيَرَى فَرِيقٌ مِنَ الْفُقَهَاءِ أَنَّ الأَْصْل فِيهِ الْحَمْل عَلَى الأَْصْل مِنْ صِحَّةِ الإِْذْنِ، لأَِنَّ الْعِلْمَ وَالظَّنَّ بِوُقُوعِ الْمَفْسَدَةِ مُنْتَفِيَانِ، إِذْ لَيْسَ - هُنَا - إِلَاّ احْتِمَالٌ مُجَرَّدٌ بَيْنَ الْوُقُوعِ وَعَدَمِهِ وَلَا قَرِينَةَ تُرَجِّحُ أَحَدَ الْجَانِبَيْنِ عَلَى الآْخَرِ، وَاحْتِمَال الْقَصْدِ لِلْمَفْسَدَةِ، وَالإِْضْرَارِ لَا يَقُومُ مَقَامَ نَفْسِ الْقَصْدِ وَلَا يَقْتَضِيهِ.</p>وَذَهَبَ الْفَرِيقُ الآْخَرُ إِلَى الْمَنْعِ مِنْ مِثْل هَذَا التَّصَرُّفِ، لأَِنَّ الْقَصْدَ لَا يَنْضَبِطُ فِي نَفْسِهِ لأَِنَّهُ مِنَ الأُْمُورِ الْبَاطِنَةِ لَكِنْ لَهُ مَجَالٌ - هُنَا - وَهُوَ كَثْرَةُ الْوُقُوعِ فِي الْوُجُودِ أَوْ هُوَ مَظِنَّةُ ذَلِكَ، فَكَمَا اعْتُبِرَتِ الْمَظِنَّةُ وَإِنْ صَحَّ التَّخَلُّفُ، كَذَلِكَ نَعْتَبِرُ الْكَثْرَةَ لأَِنَّهَا مَجَال الْقَصْدِ (1) .</p>وَلِلتَّفْصِيل:(ر: سَدُّ الذَّرَائِعِ) .</p> </p>‌<span class="title">‌دَفْعُ الضَّرَرِ بِتَرْكِ الْوَاجِبِ:</span></p><font color=#ff0000>26 -</font> الْمَعْهُودُ فِي الشَّرِيعَةِ دَفْعُ الضَّرَرِ بِتَرْكِ الْوَاجِبِ إِذَا تَعَيَّنَ طَرِيقًا لِدَفْعِ الضَّرَرِ كَالْفِطْرِ فِي رَمَضَانَ، وَتَرْكِ رَكْعَتَيْنِ مِنَ الصَّلَاةِ لِدَفْعِ ضَرُورَةِ السَّفَرِ، وَكَذَلِكَ يُسْتَعْمَل الْمُحَرَّمُ لِدَفْعِ الضَّرَرِ كَأَكْل الْمَيْتَةِ لِدَفْعِ ضَرَرِ التَّلَفِ، وَتُسَاغُ الْغُصَّةُ بِشُرْبِ الْخَمْرِ كَذَلِكَ، وَذَلِكَ كُلُّهُ لِتَعَيُّنِ الْوَاجِبِ أَوِ الْمُحَرَّمِ طَرِيقًا لِدَفْعِ الضَّرَرِ.<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الموافقات للشاطبي 2 / 361.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٨٩)</span><hr/></div>أَمَّا إِذَا أَمْكَنَ تَحْصِيل الْوَاجِبِ، أَوْ تَرْكُ الْمُحَرَّمِ مَعَ دَفْعِ الضَّرَرِ بِطَرِيقٍ آخَرَ مِنَ الْمَنْدُوبَاتِ أَوِ الْمَكْرُوهَاتِ فَلَا يَتَعَيَّنُ تَرْكُ الْوَاجِبِ وَلَا فِعْل الْمُحَرَّمِ، وَلِذَلِكَ لَا يُتْرَكُ الْغُسْل بِالْمَاءِ، وَلَا الْقِيَامُ فِي الصَّلَاةِ وَلَا السُّجُودُ لِدَفْعِ الضَّرَرِ وَالأَْلَمِ وَالْمَرَضِ، إِلَاّ لِتَعَيُّنِهِ طَرِيقًا لِدَفْعِ ذَلِكَ الضَّرَرِ، وَهَذَا كُلُّهُ قِيَاسٌ مُطَّرِدٌ (1) .</p> </p>‌<span class="title">‌وُجُوبُ دَفْعِ الضَّرَرِ:</span></p><font color=#ff0000>27 -</font> قَال الْحَصْكَفِيُّ: يَجِبُ قَطْعُ الصَّلَاةِ لإِِغَاثَةِ مَلْهُوفٍ وَغَرِيقٍ وَحَرِيقٍ (2) وَيَقُول ابْنُ عَابِدِينَ: الْمُصَلِّي مَتَى سَمِعَ أَحَدًا يَسْتَغِيثُ وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْهُ بِالنِّدَاءِ، أَوْ كَانَ أَجْنَبِيًّا وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ مَا حَل بِهِ، أَوْ عَلِمَ وَكَانَ لَهُ قُدْرَةٌ عَلَى إِغَاثَتِهِ قَطَعَ الصَّلَاةَ فَرْضًا كَانَتْ أَوْ غَيْرَهُ (3) .</p>وَفِي الْجُمْلَةِ يَجِبُ إِغَاثَةُ الْمُضْطَرِّ بِإِنْقَاذِهِ مِنْ كُل مَا يُعَرِّضُهُ لِلْهَلَاكِ مِنْ غَرَقٍ أَوْ حَرْقٍ، فَإِنْ كَانَ قَادِرًا عَلَى ذَلِكَ دُونَ غَيْرِهِ وَجَبَتِ الإِْعَانَةُ عَلَيْهِ وُجُوبًا عَيْنِيًّا، وَإِنْ كَانَ ثُمَّ غَيْرُهُ كَانَ ذَلِكَ وَاجِبًا كِفَائِيًّا عَلَى الْقَادِرِينَ، فَإِنْ قَامَ بِهِ أَحَدٌ سَقَطَ عَنِ الْبَاقِينَ وَإِلَاّ أَثِمُوا جَمِيعًا (4)<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الفروق للقرافي 2 / 123.</p><font color=#ff0000>(2)</font> الدر المختار 1 / 440.</p><font color=#ff0000>(3)</font> ابن عابدين 1 / 478.</p><font color=#ff0000>(4)</font> الموسوعة الفقهية إعانة ف 5.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٩٠)</span><hr/></div>وَهَذَا مَحَل اتِّفَاقٍ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ، وَإِنَّمَا اخْتَلَفُوا فِي تَضْمِينِ مَنِ امْتَنَعَ عَنْ دَفْعِ الضَّرَرِ عَنْ الْمُضْطَرِّ مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَى ذَلِكَ، فَيَرَى أَكْثَرُ الْفُقَهَاءِ أَنَّ كُل مَنْ رَأَى إِنْسَانًا فِي مَهْلَكَةٍ فَلَمْ يُنْجِهِ مِنْهَا مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَى ذَلِكَ لَمْ يَلْزَمْهُ ضَمَانُهُ، وَقَدْ أَسَاءَ؛ لأَِنَّهُ لَمْ يُهْلِكْهُ، وَلَمْ يَكُنْ سَبَبًا فِي هَلَاكِهِ كَمَا لَوْ لَمْ يَعْلَمْ بِحَالِهِ.</p>وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ وَأَبُو الْخَطَّابِ مِنَ الْحَنَابِلَةِ إِلَى أَنَّ الْمُمْتَنِعَ مَعَ الْقُدْرَةِ يَلْزَمُهُ الضَّمَانُ، لأَِنَّهُ لَمْ يُنْجِهِ مِنَ الْهَلَاكِ مَعَ إِمْكَانِهِ، فَيَضْمَنُهُ كَمَا لَوْ مَنَعَهُ الطَّعَامَ وَالشَّرَابَ (1) .</p>وَالتَّفْصِيل فِي:(ضَمَانٌ) .</p> </p>‌<span class="title">‌الْحَجْرُ لِدَفْعِ الضَّرَرِ:</span></p><font color=#ff0000>28 -</font> يُحْجَرُ عَلَى بَعْضِ النَّاسِ الَّذِينَ تَكُونُ مَضَرَّتُهُمْ عَامَّةً، كَالطَّبِيبِ الْجَاهِل، وَالْمُفْتِي الْمَاجِنِ، وَالْمُكَارِي الْمُفْلِسِ، لأَِنَّ الطَّبِيبَ الْجَاهِل يَسْقِي النَّاسَ فِي أَمْرَاضِهِمْ دَوَاءً مُخَالِفًا يُفْسِدُ أَبْدَانَهُمْ لِعَدَمِ عِلْمِهِ، وَمِثْلُهُ الْمُفْتِي الْمَاجِنُ وَهُوَ الَّذِي يُعَلِّمُ الْحِيَل الْبَاطِلَةَ، كَتَعْلِيمِ الْمَرْأَةِ الرِّدَّةَ لِتَبِينَ مِنْ زَوْجِهَا، أَوْ لِتَسْقُطَ عَنْهَا الزَّكَاةُ، ثُمَّ تُسْلِمَ، وَكَالَّذِي يُفْتِي عَنْ جَهْلٍ، وَكَذَا الْمُكَارِي الْمُفْلِسُ، لأَِنَّهُ يَأْخُذُ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المغني 8 / 834 - 835، والدسوقي 4 / 242 و 2 / 112، ومغني المحتاج 4 / 5، والاختيار 4 / 175، وبدائع الصنائع 7 / 234، 235.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٩٠)</span><hr/></div>الْكِرَاءَ أَوَّلاً لِيَشْتَرِيَ بِهَا الْجِمَال وَالظَّهْرَ وَيَدْفَعَهُ إِلَى بَعْضِ دُيُونِهِ مَثَلاً، فَإِنَّ كُل وَاحِدٍ مِنْ هَؤُلَاءِ مُضِرٌّ بِالْعَامَّةِ، الطَّبِيبُ الْجَاهِل يُهْلِكُ أَبْدَانَهُمْ، وَالْمُفْتِي الْمَاجِنُ يُفْسِدُ عَلَيْهِمْ أَدْيَانَهُمْ، وَالْمُكَارِي الْمُفْلِسُ يُتْلِفُ أَمْوَالَهُمْ فَيُحْجَرُ عَلَى هَؤُلَاءِ، لَكِنَّ الْمُرَادَ مِنَ الْحَجْرِ الْمَنْعُ مِنْ إِجْرَاءِ الْعَمَل لَا مَنْعُ التَّصَرُّفَاتِ الْقَوْلِيَّةِ، وَالْمَنْعُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ مِنْ بَابِ الأَْمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنِ الْمُنْكَرِ (1) .</p>(ر: حَجْرٌ ف 22) .</p> </p>‌<span class="title">‌التَّفْرِيقُ لِضَرَرِ عَدَمِ الاِتِّفَاقِ</span>.</p><font color=#ff0000>29 -</font> ذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ فِي الأَْظْهَرِ وَالْحَنَابِلَةُ فِي قَوْلٍ إِلَى أَنَّ الزَّوْجَ إِذَا أَعْسَرَ بِالنَّفَقَةِ فَالزَّوْجَةُ بِالْخِيَارِ إِنْ شَاءَتْ صَبَرَتْ وَأَنْفَقَتْ عَلَى نَفْسِهَا مِنْ مَالِهَا أَوْ مِمَّا اقْتَرَضَتْهُ، وَإِنْ شَاءَتْ رَفَعَتْ أَمْرَهَا إِلَى الْقَاضِي وَطَلَبَتْ فَسْخَ نِكَاحِهَا (2) .</p>وَرُوِيَ نَحْوُ ذَلِكَ عَنْ عُمَرَ وَعَلِيٍّ وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَبِهِ قَال سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ وَالْحَسَنُ وَعُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَرَبِيعَةُ وَحَمَّادٌ وَيَحْيَى الْقَطَّانُ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) شرح المجلة للآتاسي 3 / 522، المادة (964) ، وابن عابدين 5 / 93.</p><font color=#ff0000>(2)</font> الدسوقي 2 / 518، ومغني المحتاج 3 / 442، والمغني 7 / 573.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٩١)</span><hr/></div>وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ وَإِسْحَاقُ وَأَبُو عُبَيْدٍ وَأَبُو ثَوْرٍ (1) .</p>وَيَرَى الْحَنَفِيَّةُ وَعَطَاءٌ وَالزُّهْرِيُّ وَابْنُ شُبْرُمَةَ أَنَّ مَنْ أَعْسَر بِنَفَقَةِ امْرَأَتِهِ لَمْ يُفَرَّقْ بَيْنَهُمَا، وَيُقَال لَهَا: اسْتَدِينِي.</p>وَلِمَعْرِفَةِ أَحْكَامِ الْفُرْقَةِ بِسَبَبِ ضَرَرِ فَقْدِ الزَّوْجِ أَوْ غَيْبَتِهِ (ر: مَفْقُودٌ، غَيْبَةٌ، وَفَسْخٌ، وَطَلَاقٌ) .</p> </p>‌<span class="title">‌ضَرَّةٌ</span></p> </p>انْظُرْ: قَسْمٌ بَيْنَ الزَّوْجَاتِ</p> </p>‌<span class="title">‌ضِرْسٌ</span></p>.</p>انْظُرْ: سِنٌّ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المغني 7 / 573.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٩١)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌ضَرُورَةٌ</span></p>‌<span class="title">‌التَّعْرِيفُ:</span></p><font color=#ff0000>1 -</font> الضَّرُورَةُ فِي اللُّغَةِ: اسْمٌ مِنَ الاِضْطِرَارِ، وَالاِضْطِرَارُ: الاِحْتِيَاجُ الشَّدِيدُ (1) . تَقُول: حَمَلَتْنِي الضَّرُورَةُ عَلَى كَذَا وَكَذَا، وَقَدِ اضْطُرَّ فُلَانٌ إِلَى كَذَا وَكَذَا.</p>وَعَرَّفَهَا الْجُرْجَانِيِّ: بِأَنَّهَا النَّازِل مِمَّا لَا مَدْفَعَ لَهُ (2) .</p>وَهِيَ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ: بُلُوغُ الإِْنْسَانِ حَدًّا إِنْ لَمْ يَتَنَاوَل الْمَمْنُوعَ هَلَكَ أَوْ قَارَبَ، كَالْمُضْطَرِّ لِلأَْكْل وَاللُّبْسِ بِحَيْثُ لَوْ بَقِيَ جَائِعًا أَوْ عُرْيَانًا لَمَاتَ، أَوْ تَلِفَ مِنْهُ عُضْوٌ، وَهَذَا يُبِيحُ تَنَاوُل الْمُحَرَّمِ (3) .</p> </p>‌<span class="title">‌الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:</span></p>أ -‌<span class="title">‌ الْحَاجَةُ:</span></p><font color=#ff0000>2 -</font> الْحَاجَةُ فِي اللُّغَةِ: تُطْلَقُ عَلَى الاِفْتِقَارِ، وَعَلَى مَا يُفْتَقَرُ إِلَيْهِ.<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) لسان العرب، والمصباح المنير.</p><font color=#ff0000>(2)</font> التعريفات للجرجاني.</p><font color=#ff0000>(3)</font> غمز عيون البصائر شرح الأشباه والنظائر (1 / 277 ط. دار الكتب العلمية) والمنثور في القواعد للزركشي 2 / 319.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٩٢)</span><hr/></div>وَاصْطِلَاحًا: هِيَ كَمَا عَرَّفَهَا الشَّاطِبِيُّ - مَا يُفْتَقَرُ إِلَيْهِ مِنْ حَيْثُ التَّوْسِعَةُ، وَرَفْعُ الضِّيقِ الْمُؤَدِّي - فِي الْغَالِبِ - إِلَى‌<span class="title">‌ الْحَرَجِ </span>وَالْمَشَقَّةِ اللَاّحِقَةِ بِفَوْتِ الْمَطْلُوبِ، فَإِذَا لَمْ تُرَاعَ دَخَل عَلَى الْمُكَلَّفِينَ - عَلَى الْجُمْلَةِ - الْحَرَجُ وَالْمَشَقَّةُ (1) .</p>قَال الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ: وَالْحَاجَةُ كَالْجَائِعِ الَّذِي لَوْ لَمْ يَجِدْ مَا يَأْكُل لَمْ يَهْلَكْ، غَيْرَ أَنَّهُ يَكُونُ فِي جَهْدٍ وَمَشَقَّةٍ وَهَذَا لَا يُبِيحُ الْمُحَرَّمَ (2) .</p>وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْحَاجَةِ وَالضَّرُورَةِ، أَنَّ الْحَاجَةَ وَإِنْ كَانَتْ حَالَةَ جَهْدٍ وَمَشَقَّةٍ فَهِيَ دُونَ الضَّرُورَةِ، وَمَرْتَبَتُهَا أَدْنَى مِنْهَا وَلَا يَتَأَتَّى بِفَقْدِهَا الْهَلَاكُ (3) .</p> </p>ب - الْحَرَجُ:</p><font color=#ff0000>3 -</font> الْحَرَجُ فِي اللُّغَةِ: بِمَعْنَى الضِّيقِ، وَيُطْلَقُ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ عَلَى كُل مَا تَسَبَّبَ فِي الضِّيقِ، سَوَاءٌ أَكَانَ وَاقِعًا عَلَى الْبَدَنِ أَمْ عَلَى النَّفْسِ أَمْ عَلَيْهِمَا مَعًا (4) .</p>وَالصِّلَةُ بَيْنَ الضَّرُورَةِ وَالْحَرَجِ أَنَّ الضَّرُورَةَ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الموافقات 2 / 10 - 11، والموسوعة الفقهية 16 / 247.</p><font color=#ff0000>(2)</font> المنثور في القواعد للزركشي 2 / 319، وغمز عيون البصائر 1 / 277.</p><font color=#ff0000>(3)</font> الموسوعة الفقهية 16 / 247.</p><font color=#ff0000>(4)</font> الموسوعة الفقهية 17 / 268.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٩٢)</span><hr/></div>هِيَ أَعْلَى أَنْوَاعِ الْحَرَجِ الْمُوجِبَةِ لِلتَّخْفِيفِ (1) .</p> </p>ج -‌<span class="title">‌ الْعُذْرُ:</span></p><font color=#ff0000>4 -</font> الْعُذْرُ نَوْعَانِ: عَامٌّ، وَخَاصٌّ. وَالْعُذْرُ الْعَامُّ: هُوَ الَّذِي يَتَعَرَّضُ لَهُ الشَّخْصُ غَالِبًا فِي بَعْضِ الأَْحْوَال كَفَقْدِ الْمَاءِ لِلْمُسَافِرِ، فَيَسْقُطُ قَضَاءُ الصَّلَاةِ، وَقَدْ يَكُونُ نَادِرًا، وَهُوَ إِمَّا أَنْ يَدُومَ كَالْحَدَثِ الدَّائِمِ وَالاِسْتِحَاضَةِ وَالسَّلَسِ وَنَحْوِهِ، فَيَسْقُطُ الْقَضَاءُ أَيْضًا، أَمَّا النَّادِرُ الَّذِي لَا يَدُومُ وَلَا بَدَل مَعَهُ كَفَقْدِ الطَّهُورَيْنِ وَنَحْوِهِ، فَيُوجِبُ الْقَضَاءَ عِنْدَ بَعْضِ الْفُقَهَاءِ. وَأَمَّا الْعُذْرُ الْخَاصُّ: فَهُوَ مَا يَطْرَأُ لِلإِْنْسَانِ أَحْيَانًا، كَالاِنْشِغَال بِأَمْرٍ مَا عَنْ أَدَاءِ الصَّلَاةِ، فَهَذَا يُوجِبُ الْقَضَاءَ (2) .</p>وَالصِّلَةُ بَيْنَ الضَّرُورَةِ وَبَيْنَ الْعُذْرِ أَنَّ الْعُذْرَ نَوْعٌ مِنَ الْمَشَقَّةِ الْمُخَفَّفَةِ لِلأَْحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ، وَهُوَ أَعَمُّ مِنَ الضَّرُورَةِ.</p> </p>د -‌<span class="title">‌ الْجَائِحَةُ</span>.</p><font color=#ff0000>5 -</font> الْجَائِحَةُ فِي اللُّغَةِ: الشِّدَّةُ، تَجْتَاحُ الْمَال مِنْ سَنَةً أَوْ فِتْنَةٍ وَهِيَ مَأْخُوذَةٌ مِنَ الْجَوْحِ بِمَعْنَى الاِسْتِئْصَال وَالْهَلَاكِ، يُقَال: جَاحَتْهُمْ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الموسوعة الفقهية 17 / 170.</p><font color=#ff0000>(2)</font> المنثور في القواعد للزركشي 2 / 375 - 376</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٩٣)</span><hr/></div>الْجَائِحَةُ وَاجْتَاحَتْهُمْ، وَجَاحَ اللَّهُ مَالَهُ وَأَجَاحَهُ بِمَعْنًى: أَيْ أَهْلَكَهُ بِالْجَائِحَةِ (1) .</p>وَالْجَائِحَةُ قَدْ تَكُونُ سَبَبًا لِلضَّرُورَةِ.</p> </p>هـ -‌<span class="title">‌ الإِْكْرَاهُ:</span></p><font color=#ff0000>6 -</font> الإِْكْرَاهُ لُغَةً: حَمْل الْغَيْرِ عَلَى شَيْءٍ لَا يَرْضَاهُ، يُقَال: أَكْرَهْتُ فُلَانًا إِكْرَاهًا: حَمَلْتُهُ عَلَى مَا لَا يُحِبُّهُ وَيَرْضَاهُ. وَعَرَّفَهُ الْبَزْدَوِيُّ بِأَنَّهُ: حَمْل الْغَيْرِ عَلَى أَمْرٍ يَمْتَنِعُ عَنْهُ بِتَخْوِيفٍ يَقْدِرُ الْحَامِل عَلَى إِيقَاعِهِ وَيَصِيرُ الْغَيْرُ خَائِفًا بِهِ.</p>(ر: إِكْرَاهٌ ف 1) .</p>وَقَدْ يُؤَدِّي الإِْكْرَاهُ إِلَى الضَّرُورَةِ كَالإِْكْرَاهِ الْمُلْجِئِ.</p> </p>‌<span class="title">‌الأَْدِلَّةُ الشَّرْعِيَّةُ عَلَى اعْتِبَارِ الضَّرُورَةِ فِي الأَْحْكَامِ:</span></p><font color=#ff0000>7 -</font> الأَْحْكَامُ الشَّرْعِيَّةُ نَوْعَانِ: أَحْكَامٌ كُلِّيَّةٌ شُرِعَتِ ابْتِدَاءً، وَلَا تَخْتَصُّ بِبَعْضِ الْمُكَلَّفِينَ مِنْ حَيْثُ هُمْ مُكَلَّفُونَ دُونَ بَعْضٍ، وَلَا بِبَعْضِ الأَْحْوَال دُونَ بَعْضٍ.</p>وَأَحْكَامٌ شُرِعَتْ لِعُذْرٍ شَاقٍّ اسْتِثْنَاءً مِنْ أَصْلٍ كُلِّيٍّ يَقْتَضِي الْمَنْعَ مَعَ الاِقْتِصَارِ عَلَى مَوَاضِعِ الْحَاجَةِ فِيهِ (2) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الصحاح والقاموس ولسان العرب والمصباح المنير مادة (جوح) والموسوعة الفقهية (مصطلح: جائحة ف 1) .</p><font color=#ff0000>(2)</font> الموافقات للشاطبي 1 / 300 - 301.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٩٣)</span><hr/></div>وَقَدْ وَرَدَ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ مَا يَدُل عَلَى مَشْرُوعِيَّةِ الْعَمَل بِالأَْحْكَامِ الاِسْتِثْنَائِيَّةِ بِمُقْتَضَى الضَّرُورَةِ، وَتَأَيَّدَ ذَلِكَ بِمَبْدَأَيِ الْيُسْرِ وَانْتِفَاءِ الْحَرَجِ اللَّذَيْنِ هُمَا صِفَتَانِ أَسَاسِيَّتَانِ فِي دِينِ الإِْسْلَامِ وَشَرِيعَتِهِ.</p>أَمَّا الْقُرْآنُ الْكَرِيمُ فَفِيهِ عِدَّةُ آيَاتٍ تَدُل عَلَى مَشْرُوعِيَّةِ الْعَمَل بِمُقْتَضَى الضَّرُورَةِ وَاعْتِبَارِهَا فِي الأَْحْكَامِ.</p>مِنْهَا قَوْله تَعَالَى:{إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِل بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} (1) .</p>وقَوْله تَعَالَى: {وَمَا لَكُمْ أَلَاّ تَأْكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَقَدْ فَصَّل لَكُمْ مَا حُرِّمَ عَلَيْكُمْ إِلَاّ مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ} (2) .</p>فَهَاتَانِ الآْيَتَانِ، وَغَيْرُهُمَا تُبَيِّنُ تَحْرِيمَ تَنَاوُل مَطْعُومَاتٍ مُعَيَّنَةٍ كَالْمَيْتَةِ وَنَحْوِهَا، كَمَا أَنَّهَا تَتَضَمَّنُ اسْتِثْنَاءَ حَالَةِ الضَّرُورَةِ حِفَاظًا عَلَى النَّفْسِ مِنَ الْهَلَاكِ، وَالاِسْتِثْنَاءُ مِنَ التَّحْرِيمِ - كَمَا قَال الْبَزْدَوِيُّ - إِبَاحَةٌ، إِذِ الْكَلَامُ صَارَ عِبَارَةً عَمَّا وَرَاءَ الْمُسْتَثْنَى، وَقَدْ كَانَ مُبَاحًا قَبْل التَّحْرِيمِ، فَيَبْقَى عَلَى مَا كَانَ فِي حَالَةِ الضَّرُورَةِ (3) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) سورة البقرة / 173.</p><font color=#ff0000>(2)</font> سورة الأنعام / 119</p><font color=#ff0000>(3)</font> كشف الأستار 4 / 1518.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٩٤)</span><hr/></div>وَأَمَّا الأَْحَادِيثُ فَكَثِيرَةٌ مِنْهَا.</p>مَا رَوَاهُ أَحْمَدُ عَنْ أَبِي وَاقِدٍ اللَّيْثِيِّ أَنَّهُمْ قَالُوا: يَا رَسُول اللَّهِ، إِنَّا بِأَرْضٍ تُصِيبُنَا بِهَا الْمَخْمَصَةُ فَمَتَى يَحِل لَنَا الْمَيْتَةُ؟ قَال: إِذَا لَمْ تَصْطَبِحُوا، وَلَمْ تَغْتَبِقُوا، وَلَمْ تَحْتَفِئُوا، فَشَأْنُكُمْ بِهَا (1) .</p>وَعَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ أَنَّ أَهْل بَيْتٍ كَانُوا بِالْحَرَّةِ مُحْتَاجِينَ قَال: فَمَاتَتْ عِنْدَهُمْ نَاقَةٌ لَهُمْ أَوْ لِغَيْرِهِمْ، فَرَخَّصَ لَهُمُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِي أَكْلِهَا، قَال: فَعَصَمَتْهُمْ بَقِيَّةَ شِتَائِهِمْ أَوْ سَنَتِهِمْ (2) .</p>وَقَدْ دَل الْحَدِيثَانِ عَلَى أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْمُضْطَرِّ أَنْ يَتَنَاوَل مِنَ الْمَيْتَةِ مَا يَكْفِيهِ.</p> </p><font color=#ff0000>8 -</font>‌<span class="title">‌ شُرُوطُ تَحَقُّقِ الضَّرُورَةِ:</span></p>يُشْتَرَطُ لِلأَْخْذِ بِمُقْتَضَى الضَّرُورَةِ مَا يَلِي:</p>أ - أَنْ تَكُونَ الضَّرُورَةُ قَائِمَةً لَا مُنْتَظَرَةً، وَتَظْهَرُ هَذِهِ الْقَاعِدَةُ فِي الْفُرُوعِ الْفِقْهِيَّةِ الْمَبْنِيَّةِ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حديث أبي واقد الليثي:" يا رسول الله، إنا بأرض تصيبنا بها المخمصة ". أخرجه أمد (5 / 218)، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (4 / 165) :" رواه أحمد بإسنادين رجال أحدهما رجال الصحيح ". والمعنى: لم تجدوا ألبتة تصطحبونها، أو شربا تغتبقونه ولم تجدوا بعد عدم الصبوح والغبوق بقلة تأكلونها حلت لكم الميتة. نيل الأوطار:(4 / 151 ط: دار القلم.) .</p><font color=#ff0000>(2)</font> نيل الأوطار (8 / 156، 158 الحلبي.) . وحديث جابر بن سمرة: " أن أهل بيت كانوا بالحرة ". أخرجه أحمد (5 / 87) .</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٩٤)</span><hr/></div>عَلَى الرُّخَصِ مِنْهَا:</p>يَشْتَرِطُ الْفُقَهَاءُ لِتَحَقُّقِ الإِْكْرَاهِ خَوْفَ الْمُكْرَهِ إِيقَاعَ مَا هُدِّدَ بِهِ فِي الْحَال بِغَلَبَةِ ظَنِّهِ (1)، وَبِنَاءً عَلَى هَذَا الشَّرْطِ فَقَوْل الْمُكْرِهِ " لأََقْتُلَنَّكَ غَدًا " لَيْسَ بِإِكْرَاهٍ (2) .</p>قَال الشَّيْخُ عَمِيرَةُ: لَوْ كَانَتِ الْحَاجَةُ غَيْرَ نَاجِزَةٍ فَهَل يَجُوزُ الأَْخْذُ لِمَا عَسَاهُ يَطْرَأُ؟ الظَّاهِرُ لَا، كَاقْتِنَاءِ الْكَلْبِ لِمَا عَسَاهُ يَكُونُ مِنَ الزَّرْعِ وَنَحْوِهِ (3) .</p>يَقُول الشَّاطِبِيُّ: الصَّوَابُ الْوُقُوفُ مَعَ أَصْل الْعَزِيمَةِ، إِلَاّ فِي الْمَشَقَّةِ الْمُخِلَّةِ الْفَادِحَةِ فَإِنَّ الصَّبْرَ أَوْلَى، مَا لَمْ يُؤَدِّ ذَلِكَ إِلَى دَخْلٍ فِي عَقْل الإِْنْسَانِ أَوْ دِينِهِ، وَحَقِيقَةُ ذَلِكَ أَنْ لَا يَقْدِرَ عَلَى الصَّبْرِ، لأَِنَّهُ لَا يُؤْمَرُ بِالصَّبْرِ إِلَاّ مَنْ يُطِيقُهُ، فَأَنْتَ تَرَى بِالاِسْتِقْرَاءِ أَنَّ الْمَشَقَّةَ الْفَادِحَةَ لَا يَلْحَقُ بِهَا تَوَهُّمُهَا، بَل حُكْمُهَا أَخَفُّ بِنَاءً عَلَى أَنَّ التَّوَهُّمَ غَيْرُ صَادِقٍ فِي كَثِيرٍ مِنَ الأَْحْوَال فَإِذًا: لَيْسَتِ الْمَشَقَّةُ بِحَقِيقِيَّةٍ، وَالْمَشَقَّةُ الْحَقِيقِيَّةُ هِيَ الْعِلَّةُ الْمَوْضُوعَةُ لِلرُّخْصَةِ فَإِذَا لَمْ تُوجَدْ كَانَ الْحُكْمُ غَيْرَ لَازِمٍ (4) .</p>ب - أَلَاّ يَكُونَ لِدَفْعِ الضَّرُورَةِ وَسِيلَةٌ أُخْرَى إِلَاّ مُخَالَفَةُ الأَْوَامِرِ وَالنَّوَاهِي الشَّرْعِيَّةِ قَال<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الدر المختار 5 / 80، ومغني المحتاج 3 / 289.</p><font color=#ff0000>(2)</font> مغني المحتاج 3 / 290.</p><font color=#ff0000>(3)</font> حاشية عميرة 2 / 142.</p><font color=#ff0000>(4)</font> الموافقات 1 / 336.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٩٥)</span><hr/></div>أَبُو بَكْرٍ الْجَصَّاصُ عِنْدَ تَفْسِيرِهِ لِقَوْل اللَّهِ تَعَالَى: {وَقَدْ فَصَّل لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلَاّ مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ} (1) . مَعْنَى الضَّرُورَةِ - هُنَا -: هُوَ خَوْفُ الضَّرَرِ عَلَى نَفْسِهِ أَوْ بَعْضِ أَعْضَائِهِ بِتَرْكِهِ الأَْكْل وَقَدِ انْطَوَى تَحْتَهُ مَعْنَيَانِ:</p>أَحَدُهُمَا: أَنْ يَحْصُل فِي مَوْضِعٍ لَا يَجِدُ غَيْرَ الْمَيْتَةِ.</p>وَالثَّانِي: أَنْ يَكُونَ غَيْرُهَا مَوْجُودًا، وَلَكِنَّهُ أُكْرِهَ عَلَى أَكْلِهَا بِوَعِيدٍ يَخَافُ مِنْهُ تَلَفَ نَفْسِهِ أَوْ تَلَفَ بَعْضِ أَعْضَائِهِ، وَكِلَا الْمَعْنَيَيْنِ مُرَادٌ بِالآْيَةِ عِنْدَنَا (2) .</p>ج - يَجِبُ عَلَى الْمُضْطَرِّ مُرَاعَاةُ قَدْرِ الضَّرُورَةِ، لأَِنَّ مَا أُبِيحَ لِلضَّرُورَةِ يُقَدَّرُ بِقَدْرِهَا، وَتَفْرِيعًا عَلَى هَذَا الأَْصْل قَرَّرَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ أَنَّ الْمُضْطَرَّ لَا يَأْكُل مِنَ الْمَيْتَةِ إِلَاّ قَدْرَ سَدِّ الرَّمَقِ (3) .</p>د - يَجِبُ عَلَى الْمُضْطَرِّ أَنْ يُرَاعِيَ عِنْدَ دَفْعِ الضَّرُورَةِ مَبْدَأَ دَرْءِ الأَْفْسَدِ فَالأَْفْسَدِ، وَالأَْرْذَل فَالأَْرْذَل، فَمَنْ أُكْرِهَ عَلَى قَتْل مُسْلِمٍ بِحَيْثُ لَوِ امْتَنَعَ مِنْهُ قُتِل يَلْزَمُهُ أَنْ يَدْرَأَ مَفْسَدَةَ الْقَتْل بِالصَّبْرِ عَلَى الْقَتْل، لأَِنَّ صَبْرَهُ عَلَى الْقَتْل أَقَل<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) سورة الأنعام / 119.</p><font color=#ff0000>(2)</font> أحكام القرآن للجصاص 1 / 150 ط. البهية.</p><font color=#ff0000>(3)</font> غمز عيون البصائر 1 / 276 - 277 نشر دار الكتب العلمية - بيروت.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٩٥)</span><hr/></div>مَفْسَدَةً مِنْ إِقْدَامِهِ عَلَيْهِ، وَإِنْ قَدَرَ عَلَى دَفْعِ الْمَكْرُوهِ بِسَبَبٍ مِنَ الأَْسْبَابِ لَزِمَهُ ذَلِكَ، لِقُدْرَتِهِ عَلَى دَرْءِ الْمَفْسَدَةِ، وَإِنَّمَا قُدِّمَ دَرْءُ الْقَتْل بِالصَّبْرِ، لإِِجْمَاعِ الْعُلَمَاءِ عَلَى تَحْرِيمِ الْقَتْل، وَاخْتِلَافِهِمْ فِي الاِسْتِسْلَامِ لِلْقَتْل فَوَجَبَ تَقْدِيمُ دَرْءِ الْمَفْسَدَةِ الْمُجْمَعِ عَلَى وُجُوبِ دَرْئِهَا عَلَى دَرْءِ الْمَفْسَدَةِ الْمُخْتَلَفِ فِي وُجُوبِ دَرْئِهَا (1) .</p>هـ - أَلَاّ يَقْدَمَ الْمُضْطَرُّ عَلَى فِعْلٍ لَا يَحْتَمِل الرُّخْصَةَ بِحَالٍ (2) .</p>قَال ابْنُ عَابِدِينَ: الإِْكْرَاهُ عَلَى الْمَعَاصِي أَنْوَاعٌ:</p>نَوْعٌ يُرَخَّصُ لَهُ فِعْلُهُ وَيُثَابُ عَلَى تَرْكِهِ، كَإِجْرَاءِ كَلِمَةِ الْكُفْرِ، وَشَتْمِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَتَرْكِ الصَّلَاةِ، وَكُل مَا يَثْبُتُ بِالْكِتَابِ.</p>وَنَوْعٌ يَحْرُمُ فِعْلُهُ وَيَأْثَمُ بِإِتْيَانِهِ كَالزِّنَى وَقَتْل مُسْلِمٍ، أَوْ قَطْعِ عُضْوِهِ، أَوْ ضَرْبِهِ ضَرْبًا مُتْلِفًا، أَوْ شَتْمِهِ أَوْ أَذِيَّتِهِ (3) .</p>وَلِلتَّفْصِيل فِي أَقْسَامِ الرُّخْصَةِ وَالأَْحْكَامِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِهَا (ر: مُصْطَلَح: رُخْصَة) .</p> </p><font color=#ff0000>9 -</font>‌<span class="title">‌ حَالَاتُ الضَّرُورَةِ:</span></p>بِتَتَبُّعِ عِبَارَاتِ الْفُقَهَاءِ وَالْمُفَسِّرِينَ يَتَبَيَّنُ أَنَّ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) قواعد الأحكام للعز بن عبد السلام 1 / 79.</p><font color=#ff0000>(2)</font> بدائع الصنائع 7 / 177.</p><font color=#ff0000>(3)</font> حاشية ابن عابدين 5 / 83.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٩٦)</span><hr/></div>أَهَمَّ حَالَاتِ الضَّرُورَةِ عِبَارَةٌ عَنِ: -</p><font color=#ff0000>1 -</font> الاِضْطِرَارِ إِلَى تَنَاوُل الْمُحَرَّمِ مِنْ طَعَامٍ أَوْ شَرَابٍ.</p><font color=#ff0000>2 -</font> الاِضْطِرَارِ إِلَى النَّظَرِ وَاللَّمْسِ لِلتَّدَاوِي.</p><font color=#ff0000>3 -</font> الاِضْطِرَارِ إِلَى إِتْلَافِ نَفْسٍ أَوْ فِعْل فَاحِشَةٍ.</p><font color=#ff0000>4 -</font> الاِضْطِرَارِ إِلَى أَخْذِ مَال الْغَيْرِ وَإِتْلَافِهِ.</p><font color=#ff0000>5 -</font> الاِضْطِرَارِ إِلَى قَوْل الْبَاطِل (1) .</p><font color=#ff0000>10 -</font>‌<span class="title">‌ الْحَالَةُ الأُْولَى:</p>الاِضْطِرَارُ إِلَى تَنَاوُل الْمُحَرَّمِ مِنْ طَعَامٍ أَوْ شَرَابٍ:</span></p>لَا خِلَافَ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ فِي إِبَاحَةِ أَكْل الْمَيْتَةِ وَنَحْوِهَا لِلْمُضْطَرِّ (2) . لِلأَْدِلَّةِ السَّابِقَةِ.</p>إِلَاّ أَنَّهُمُ اخْتَلَفُوا فِي الْمَقْصُودِ بِإِبَاحَةِ الْمَيْتَةِ، وَمِقْدَارِ مَا يَأْكُلُهُ الْمُضْطَرُّ مِنَ الْمَيْتَةِ وَنَحْوِهَا،<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) انظر تفسير القرطبي 2 / 225، وأحكام القرآن لابن العربي 1 / 55 ط. عيسى الحلبي. هذا وقد ذكر بعض المعاصرين المرض، والسفر، والنسيان والجهل، والعسر وعموم البلوى والنقص ضمن حالات الضرورة، والواقع أن هذه الحالات وما شابهها وإن كانت من الأعذار التي جعلت سببا للتخفيف عن العباد إلا أنها ل</p><font color=#ff0000>(2)</font> المغني لابن قدامة 8 / 595، والقوانين الفقهية ص 178 نشر الدار العربية للكتاب، وأحكام القرآن لابن العربي 1 / 55، ومغني المحتاج 4 / 306، وأحكام القرآن للجصاص 1 / 147 ط. البهية.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٩٦)</span><hr/></div>وَتَفْصِيل الْمُحَرَّمَاتِ الَّتِي تُبِيحُهَا الضَّرُورَةُ وَتَرْتِيبِهَا عِنْدَ التَّعَدُّدِ، وَأَثَرِ الضَّرُورَةِ فِي رَفْعِ حُرْمَةِ‌<span class="title">‌ الْمَيْتَةِ </span>وَنَحْوِهَا، وَفِيمَا يَلِي تَفْصِيل هَذِهِ الْمَسَائِل الْخِلَافِيَّةِ:</p> </p>أ - الْمَيْتَةُ:</p>إِذَا كَانَ لِلْمُضْطَرِّ أَكْل الْمَيْتَةِ وَنَحْوِهَا فِي حَالَةِ الاِضْطِرَارِ، سَوَاءٌ كَانَ هَذَا الاِضْطِرَارُ بِجُوعٍ أَوْ عَطَشٍ فِي مَخْمَصَةٍ، أَوْ بِإِكْرَاهٍ مِنْ ظَالِمٍ، فَهَل يَجِبُ عَلَيْهِ تَنَاوُلُهَا أَمْ يَجُوزُ لَهُ الاِمْتِنَاعُ مِنَ الأَْكْل حَتَّى يَمُوتَ؟ .</p>ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ - فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ - وَالْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ - فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ - وَالْحَنَابِلَةُ - عَلَى الصَّحِيحِ مِنَ الْمَذْهَبِ - إِلَى أَنَّ الْمُضْطَرَّ يَجِبُ عَلَيْهِ أَكْل الْمَيْتَةِ (1) .</p>وَقَالُوا: إِنَّ الَّذِي يَخَافُ الْهَلَاكَ مِنَ الْجُوعِ وَالْعَطَشِ إِذَا وَجَدَ مَيْتَةً أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ أَوْ دَمًا فَلَمْ يَأْكُل وَلَمْ يَشْرَبْ حَتَّى مَاتَ وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّ ذَلِكَ يَسَعُهُ كَانَ آثِمًا (2)، قَال اللَّهُ سبحانه وتعالى:{وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} (3) ، وَلَا شَكَّ أَنَّ الَّذِي يَتْرُكُ تَنَاوُل الْمَيْتَةِ وَنَحْوِهَا حَتَّى يَمُوتَ يُعْتَبَرُ قَاتِلاً لِنَفْسِهِ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) ابن عابدين 5 / 215، والدسوقي 2 / 115، والمغني 8 / 596، واختيارات ابن تيمية ص 321، والمقنع 3 / 531، والمهذب 1 / 250</p><font color=#ff0000>(2)</font> المبسوط للسرخسي 24 / 151، وابن عابدين 5 / 215.</p><font color=#ff0000>(3)</font> سورة البقرة / 195.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٩٧)</span><hr/></div>مُلْقِيًا بِهَا إِلَى التَّهْلُكَةِ، لأَِنَّ الْكَفَّ عَنِ التَّنَاوُل فِعْلٌ مَنْسُوبٌ إِلَى الإِْنْسَانِ، وَلأَِنَّهُ قَادِرٌ عَلَى إِحْيَاءِ نَفْسِهِ بِمَا أَحَلَّهُ اللَّهُ لَهُ، فَلَزِمَهُ كَمَا لَوْ كَانَ مَعَهُ طَعَامٌ حَلَالٌ (1) .</p>وَقَال كُلٌّ مِنَ الْحَنَابِلَةِ وَالشَّافِعِيَّةِ - فِي وَجْهٍ - وَأَبُو يُوسُفَ - فِي رِوَايَةٍ عَنْهُ - إِنَّ الْمُضْطَرَّ يُبَاحُ لَهُ أَكْل الْمَيْتَةِ، وَلَا يَلْزَمُهُ، فَلَوِ امْتَنَعَ عَنِ التَّنَاوُل فِي حَالَةِ الضَّرُورَةِ وَمَاتَ. " فَلَا إِثْمَ وَلَا حَرَجَ عَلَيْهِ، لِمَا رُوِيَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حُذَافَةَ السَّهْمِيِّ صَاحِبِ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم " أَنَّ طَاغِيَةَ الرُّومِ حَبَسَهُ فِي بِيَعٍ، وَجَعَل مَعَهُ خَمْرًا مَمْزُوجًا بِمَاءٍ وَلَحْمَ خِنْزِيرٍ مَشْوِيٍّ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، فَلَمْ يَأْكُل وَلَمْ يَشْرَبْ، حَتَّى مَال رَأْسُهُ مِنَ الْجُوعِ وَالْعَطَشِ وَخَشُوا مَوْتَهُ، فَأَخْرَجُوهُ فَقَال: قَدْ كَانَ اللَّهُ أَحَلَّهُ لِي لأَِنِّي مُضْطَرٌّ وَلَكِنْ لَمْ أَكُنْ لأُِشْمِتَكَ بِدِينِ الإِْسْلَامِ (2) .</p>وَلأَِنَّ إِبَاحَةَ الأَْكْل رُخْصَةٌ فَلَا تَجِبُ عَلَيْهِ، كَسَائِرِ الرُّخَصِ، وَلأَِنَّ لَهُ غَرَضًا فِي اجْتِنَابِ النَّجَاسَةِ وَالأَْخْذِ بِالْعَزِيمَةِ وَرُبَّمَا لَمْ تَطِبْ نَفْسُهُ بِتَنَاوُل الْمَيْتَةِ وَفَارَقَ الْحَلَال فِي الأَْصْل مِنْ هَذِهِ الْوُجُوهِ (3) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المغني 8 / 596.</p><font color=#ff0000>(2)</font> قصة عبد الله بن حذافة السهمي. أخرجها ابن عساكر في تاريخ دمشق (ترجمة عبد الله بن حذافة ص 134 - 135 ط. دار الفكر) ، وفي إسنادها انقطاع بين عبد الله بن حذافة والراوي عنه وهو الزهري.</p><font color=#ff0000>(3)</font> تبيين الحقائق 5 / 185 والمغني 8 / 596 ط الرياض والمهذب 1 / 250.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٩٧)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌مِقْدَارُ مَا يَأْكُلُهُ الْمُضْطَرُّ مِنْ الْمَيْتَةِ وَنَحْوِهَا:</span></p>اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ الْمُضْطَرَّ يُبَاحُ لَهُ أَكْل مَا يَسُدُّ الرَّمَقَ وَيَأْمَنُ مَعَهُ الْمَوْتَ، كَمَا اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُ يَحْرُمُ مَا زَادَ عَلَى الشِّبَعِ (1) . وَاخْتَلَفُوا فِي الشِّبَعِ.</p>فَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ - فِي الأَْظْهَرِ عِنْدَهُمْ - وَالْحَنَابِلَةُ - فِي أَظْهَرِ الرِّوَايَتَيْنِ - وَابْنُ الْمَاجِشُونِ، وَابْنُ حَبِيبٍ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ: إِلَى أَنَّ الْمُضْطَرَّ لَا يَأْكُل مِنَ الْمَيْتَةِ إِلَاّ قَدْرَ سَدِّ الرَّمَقِ، وَلَا يُبَاحُ لَهُ الشِّبَعُ، لأَِنَّ آيَةَ:{فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ} (2) دَلَّتْ عَلَى تَحْرِيمِ الْمَيْتَةِ، وَاسْتَثْنَتْ مَا اضْطُرَّ إِلَيْهِ، فَإِذَا انْدَفَعَتِ الضَّرُورَةُ لَمْ يَحِل لَهُ الأَْكْل لِلآْيَةِ، يُحَقِّقُهُ أَنَّ بَعْدَ سَدِّ رَمَقِهِ كَحَالِهِ قَبْل أَنْ يُضْطَرَّ، وَثَمَّ لَمْ يُبَحْ لَهُ الأَْكْل كَذَا هَاهُنَا (3) .</p>وَقَال الْمَالِكِيَّةُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ عِنْدَهُمْ، وَالشَّافِعِيَّةُ فِي قَوْلٍ، وَالْحَنَابِلَةُ فِي الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ: إِنَّ الْمُضْطَرَّ يُبَاحُ لَهُ الشِّبَعُ لإِِطْلَاقِ الآْيَةِ، وَلِمَا رَوَى جَابِرُ بْنُ سَمُرَةَ أَنَّ رَجُلاً نَزَل الْحَرَّةَ فَنَفَقَتْ عِنْدَهُ نَاقَةٌ فَقَالَتْ لَهُ امْرَأَتُهُ:<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المغني 8 / 595، ومغني المحتاج 4 / 307.</p><font color=#ff0000>(2)</font> سورة البقرة / 173.</p><font color=#ff0000>(3)</font> غمز عيون البصائر 1 / 277، ومغني المحتاج 4 / 307، والأشباه للسيوطي ص 84، والمغني 8 / 595، والقرطبي 2 / 228، والدسوقي 2 / 115.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٩٨)</span><hr/></div>اسْلُخْهَا حَتَّى نُقَدِّدَ شَحْمَهَا وَلَحْمَهَا وَنَأْكُلَهُ، فَقَال: حَتَّى أَسْأَل رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَسَأَلَهُ فَقَال: هَل عِنْدَكَ غِنًى يُغْنِيكَ؟ قَال: لَا، قَال: فَكُلُوهَا (1) وَلَمْ يُفَرِّقْ وَلأَِنَّ مَا جَازَ سَدُّ الرَّمَقِ مِنْهُ جَازَ الشِّبَعُ مِنْهُ كَالْمُبَاحِ، وَلأَِنَّ الضَّرُورَةَ تَرْفَعُ التَّحْرِيمَ فَيَعُودُ مُبَاحًا، وَمِقْدَارُ الضَّرُورَةِ إِنَّمَا هُوَ مِنْ حَالَةِ عَدَمِ الْقُوتِ إِلَى حَالَةِ وُجُودِهِ حَتَّى يَجِدَ (2) .</p>قَال ابْنُ قُدَامَةَ: يُحْتَمَل أَنْ يُفَرَّقَ بَيْنَ مَا إِذَا كَانَتِ الضَّرُورَةُ مُسْتَمِرَّةً وَبَيْنَ مَا إِذَا كَانَتْ مَرْجُوَّةَ الزَّوَال، فَمَا كَانَتْ مُسْتَمِرَّةً كَحَالَةِ الأَْعْرَابِيِّ الَّذِي سَأَل رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم جَازَ الشِّبَعُ، لأَِنَّهُ إِذَا اقْتَصَرَ عَلَى سَدِّ الرَّمَقِ عَادَتِ الضَّرُورَةُ إِلَيْهِ عَنْ قُرْبٍ، وَلَا يَتَمَكَّنُ مِنَ الْبُعْدِ مَخَافَةَ الضَّرُورَةِ الْمُسْتَقْبَلَةِ وَيُفْضِي إِلَى ضَعْفِ بَدَنِهِ، وَرُبَّمَا أَدَّى ذَلِكَ إِلَى تَلَفِهِ، بِخِلَافِ الَّتِي لَيْسَتْ مُسْتَمِرَّةً فَإِنَّهُ يَرْجُو الْغِنَى عَنْهَا بِمَا يَحِل (3) .</p> </p>ب -‌<span class="title">‌ ذَبْحُ الْحَيَوَانِ غَيْرِ الْمَأْكُول لِلضَّرُورَةِ:</span></p>كُل حَيَوَانٍ حَيٍّ مِنَ الْحَيَوَانَاتِ الَّتِي<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حديث جابر بن سمرة: " أن رجلا نزل الحرة. . ". أخرجه أبو داود (4 / 166 - 167) .</p><font color=#ff0000>(2)</font> حاشية الدسوقي 2 / 115، وأحكام القرآن لابن العربي 1 / 55 - 56، ومغني المحتاج 4 / 307، والمغني 8 / 595.</p><font color=#ff0000>(3)</font> المغني 8 / 595.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٩٨)</span><hr/></div>لَا تُؤْكَل يَحِل لِلْمُضْطَرِّ قَتْلُهُ بِذَبْحٍ أَوْ بِغَيْرِ ذَبْحٍ، لِلتَّوَصُّل إِلَى أَكْلِهِ.</p>قَال الْجَصَّاصُ عِنْدَ تَفْسِيرِهِ لآِيَاتِ الضَّرُورَةِ: ذَكَرَ اللَّهُ تَعَالَى الضَّرُورَةَ فِي هَذِهِ الآْيَاتِ، وَأَطْلَقَ الإِْبَاحَةَ فِي بَعْضِهَا، لِوُجُودِ الضَّرُورَةِ مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ وَلَا صِفَةٍ، وَهُوَ قَوْله تَعَالَى {وَقَدْ فَصَّل لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلَاّ مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ} (1) فَاقْتَضَى ذَلِكَ وُجُودَ الإِْبَاحَةِ بِوُجُودِ الضَّرُورَةِ فِي كُل حَالٍ وُجِدَتِ الضَّرُورَةُ فِيهَا (2) .</p> </p>ج -‌<span class="title">‌ تَنَاوُل مَا حُرِّمَ مِنْ غَيْرِ الْحَيَوَانِ:</span></p>تَنَاوُل مَا حُرِّمَ مِنْ غَيْرِ الْحَيَوَانِ نَوْعَانِ:</p>أَحَدُهُمَا: مَا حُرِّمَ لِكَوْنِهِ يَقْتُل الإِْنْسَانَ إِذَا تَنَاوَلَهُ كَالسُّمُومِ، فَإِنَّهُ لَا تُبِيحُهُ الضَّرُورَةُ، لأَِنَّ تَنَاوُلَهُ اسْتِعْجَالٌ لِلْمَوْتِ، وَقَتْلٌ لِلنَّفْسِ، وَهُوَ مِنْ أَكْبَرِ الْكَبَائِرِ.</p>وَالآْخَرُ: مَا حُرِّمَ لِنَجَاسَتِهِ وَيُمَثِّل لَهُ الْفُقَهَاءُ بِالتِّرْيَاقِ الْمُشْتَمِل عَلَى خَمْرٍ وَلُحُومِ حَيَّاتٍ: (ر: سُمٌّ) .</p> </p>د -‌<span class="title">‌ شُرْبُ الْخَمْرِ لِضَرُورَةِ الْعَطَشِ وَالْغَصَصِ:</span></p>يَجُوزُ لِلْمُضْطَرِّ شُرْبُ الْخَمْرِ إِنْ لَمْ يَجِدْ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) سورة الأنعام / 119.</p><font color=#ff0000>(2)</font> أحكام القرآن للجصاص 1 / 147 ط. المطبعة البهية، والمجموع 1 / 43 - 44.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٩٩)</span><hr/></div>غَيْرَهَا لإِِسَاغَةِ لُقْمَةٍ غَصَّ بِهَا عِنْدَ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ.</p>وَيَرَى ابْنُ عَرَفَةَ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ أَنَّ ضَرُورَةَ الْغَصَصِ تَدْرَأُ الْحَدَّ وَلَا تَمْنَعُ الْحُرْمَةَ (1) .</p>وَأَمَّا شُرْبُ الْخَمْرِ لِدَفْعِ الْعَطَشِ فَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ عَلَى الْقَوْل الْمُقَابِل لِلأَْصَحِّ أَنَّ مَنْ خَافَ عَلَى نَفْسِهِ مِنَ الْعَطَشِ يُبَاحُ لَهُ أَنْ يَشْرَبَ الْخَمْرَ كَمَا يُبَاحُ لِلْمُضْطَرِّ تَنَاوُل الْمَيْتَةِ وَالْخِنْزِيرِ وَقَيَّدَ الْحَنَفِيَّةُ جَوَازَ شُرْبِ الْخَمْرِ لِضَرُورَةِ الْعَطَشِ بِقَوْلِهِمْ: إِنْ كَانَتِ الْخَمْرُ تَرُدُّ ذَلِكَ الْعَطَشَ (2) .</p>وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ - عَلَى الأَْصَحِّ عِنْدَهُمْ - إِلَى تَحْرِيمِ شُرْبِ الْخَمْرِ لِدَفْعِ الْعَطَشِ (3) .</p> </p>هـ -‌<span class="title">‌ تَنَاوُل الْمُضْطَرِّ لَحْمَ إِنْسَانٍ:</span></p>اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ الْمُضْطَرَّ إِنْ لَمْ يَجِدْ إِلَاّ آدَمِيًّا حَيًّا مَحْقُونَ الدَّمِ لَمْ يُبَحْ لَهُ قَتْلُهُ، وَلَا إِتْلَافُ عُضْوٍ مِنْهُ، مُسْلِمًا كَانَ أَوْ كَافِرًا، لأَِنَّهُ مِثْلُهُ، فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُبْقِيَ نَفْسَهُ بِإِتْلَافِهِ (4) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الفتاوى الهندية 5 / 412، والدسوقي 4 / 352، والفواكه الدواني 2 / 289، وكشاف القناع 6 / 117، ومغني المحتاج 4 / 188.</p><font color=#ff0000>(2)</font> الفتاوى الهندية 5 / 412 ومغني المحتاج 4 / 188.</p><font color=#ff0000>(3)</font> الدسوقي 4 / 353، والفواكه الدواني 2 / 289، وتفسير ابن العربي 1 / 56، ومغني المحتاج 4 / 22، والأم 2 / 253، وحلية العلماء 3 / 416.</p><font color=#ff0000>(4)</font> والمغني 8 / 601، المجموع 9 / 44.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٩٩)</span><hr/></div>وَاخْتَلَفُوا فِيمَا إِذَا وَجَدَ آدَمِيًّا مَعْصُومًا، مَيِّتًا فَأَجَازَ بَعْضُ الْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ عَلَى أَصَحِّ الطَّرِيقَيْنِ وَأَشْهَرِهِمَا أَكْلَهُ، لأَِنَّ حُرْمَةَ الْحَيِّ أَعْظَمُ (1) .</p>وَيَرَى الْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ وَالشَّافِعِيَّةُ - فِي وَجْهٍ - أَنَّ الْمُضْطَرَّ لَيْسَ لَهُ أَكْل ابْنِ آدَمَ وَلَوْ مَاتَ (2) لِقَوْل النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: كَسْرُ عَظْمِ الْمَيِّتِ كَكَسْرِهِ حَيًّا (3) .</p>قَال الْمَاوَرْدِيُّ: فَإِنْ جَوَّزْنَا الأَْكْل مِنَ الآْدَمِيِّ الْمَيِّتِ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَأْكُل مِنْهُ إِلَاّ مَا يَسُدُّ الرَّمَقَ بِلَا خِلَافٍ، حِفْظًا لِلْحُرْمَتَيْنِ.</p>قَال: لَيْسَ لِلْمُضْطَرِّ طَبْخُهُ وَشَيُّهُ، بَل يَأْكُلُهُ نِيئًا، لأَِنَّ الضَّرُورَةَ تَنْدَفِعُ بِذَلِكَ، وَفِي طَبْخِهِ هَتْكٌ لِحُرْمَتِهِ، فَلَا يَجُوزُ الإِْقْدَامُ عَلَيْهِ، بِخِلَافِ سَائِرِ الْمَيْتَاتِ، فَإِنَّ لِلْمُضْطَرِّ أَكْلَهَا نِيِّئَةً وَمَطْبُوخَةً (4) .</p> </p><font color=#ff0000>11 -</font>‌<span class="title">‌ تَرْتِيبُ الْمُحَرَّمَاتِ:</span></p>إِذَا وَجَدَ الْمُضْطَرُّ مَيْتَةً - وَنَحْوَهَا - مِنْ مَحْظُورَاتِ الأَْطْعِمَةِ وَالأَْشْرِبَةِ وَوَجَدَ طَعَامًا أَوْ شَرَابًا لِلْغَيْرِ فَأَيُّهُمَا يَأْخُذُهُ؟<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المجموع 9 / 44، والمغني 8 / 602.</p><font color=#ff0000>(2)</font> المجموع 9 / 44، وتفسير القرطبي 2 / 229، والمغني 8 / 602.</p><font color=#ff0000>(3)</font> حديث: " كسر عظم الميت ككسره حيا. ". أخرجه أبو داود (3 / 544) من حديث عائشة، وحسنه ابن القطان كما في التلخيص لابن حجر (3 / 54) .</p><font color=#ff0000>(4)</font> المجموع 9 / 44.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٠٠)</span><hr/></div>ذَهَبَ أَكْثَرُ الْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ فِي الْمَذْهَبِ وَالْحَنَابِلَةُ، وَسَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ وَزَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ إِلَى أَنَّهُ لَيْسَ لِلْمُضْطَرِّ تَنَاوُل طَعَامِ الْغَيْرِ، وَإِنَّمَا لَهُ أَكْل الْمَيْتَةِ، لأَِنَّ إِبَاحَةَ الْمَيْتَةِ بِالنَّصِّ، وَإِبَاحَةَ مَال الْغَيْرِ بِالاِجْتِهَادِ، وَالنَّصُّ أَقْوَى، وَلأَِنَّ حُقُوقَ اللَّهِ تَعَالَى مَبْنِيَّةٌ عَلَى الْمُسَامَحَةِ وَحُقُوقَ الآْدَمِيِّ مَبْنِيَّةٌ عَلَى الشُّحِّ وَالتَّضْيِيقِ، وَلأَِنَّ حَقَّ الآْدَمِيِّ تَلْزَمُهُ غَرَامَتُهُ وَحَقَّ اللَّهِ لَا عِوَضَ لَهُ (1) .</p>وَقَال بَعْضُ الْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ فِي قَوْلٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ دِينَارٍ: إِنَّ مَنْ وَجَدَ طَعَامَ الْغَيْرِ لَا تُبَاحُ لَهُ الْمَيْتَةُ، لأَِنَّهُ قَادِرٌ عَلَى الطَّعَامِ الْحَلَال، فَلَمْ يَجُزْ لَهُ أَكْل الْمَيْتَةِ، كَمَا لَوْ بَذَلَهُ لَهُ صَاحِبُهُ (2) .</p>أَمَّا الْمَالِكِيَّةُ فَيَرَوْنَ تَقْدِيمَ طَعَامِ الْغَيْرِ عَلَى الْمَيْتَةِ نَدْبًا إِنْ لَمْ يَخَفِ الْقَطْعَ أَوِ الضَّرْبَ أَوِ الأَْذَى وَإِلَاّ قَدَّمَ الْمَيْتَةَ (3) .</p>وَرَوَى أَصْبَغُ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهُ قَال: يَشْرَبُ الْمُضْطَرُّ الدَّمَ وَلَا يَشْرَبُ الْخَمْرَ، وَيَأْكُل الْمَيْتَةَ وَلَا يَقْرَبُ ضَوَال الإِْبِل - وَقَالَهُ ابْنُ وَهْبٍ - وَيَشْرَبُ الْبَوْل وَلَا يَشْرَبُ الْخَمْرَ، لأَِنَّ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) غمز عيون البصائر 1 / 288، ومغني المحتاج 4 / 309، والمجموع 9 / 53، والمغني 8 / 600.</p><font color=#ff0000>(2)</font> غمز عيون البصائر 1 / 288 - 289، والمغني 8 / 600، والمجموع 9 / 53.</p><font color=#ff0000>(3)</font> الدسوقي 2 / 116، والقرطبي 2 / 229.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٠٠)</span><hr/></div>الْخَمْرَ يَلْزَمُ فِيهَا الْحَدُّ فَهِيَ أَغْلَظُ (1) .</p>وَالْمُضْطَرُّ إِذَا كَانَ مُحْرِمًا وَوَجَدَ مَيْتَةً وَصَيْدًا حَيًّا صَادَهُ مُحْرِمٌ أَوْ أَعَانَ عَلَى صَيْدِهِ، فَإِنَّهُ يُقَدِّمُ الْمَيْتَةَ عَلَى الصَّيْدِ الْحَيِّ الَّذِي صَادَهُ الْمُحْرِمُ أَوْ أَعَانَ عَلَيْهِ، بِهَذَا يَقُول الْحَنَفِيَّةُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَالْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ فِي الْمَذْهَبِ، وَالْحَنَابِلَةُ (2) .</p>وَقَال الشَّافِعِيَّةُ فِي قَوْلٍ وَبَعْضُ الْحَنَفِيَّةِ وَالشَّعْبِيُّ: إِنَّهُ يَأْكُل الصَّيْدَ وَيَفْدِيهِ، لأَِنَّ الضَّرُورَةَ تُبِيحُهُ، وَمَعَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ لَا تَحِل الْمَيْتَةُ لِغِنَاهُ عَنْهَا (3) .</p> </p><font color=#ff0000>12 -</font>‌<span class="title">‌ أَثَرُ الضَّرُورَةِ فِي رَفْعِ حُرْمَةِ الْمَيْتَةِ وَنَحْوِهَا:</span></p>قَال شَارِحُ أُصُول الْبَزْدَوِيِّ: اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي حُكْمِ أَكْل الْمَيْتَةِ وَنَحْوِهَا فِي حَال الضَّرُورَةِ، فَهَل تَصِيرُ مُبَاحَةً، أَوْ تَبْقَى عَلَى الْحُرْمَةِ وَيَرْتَفِعُ الإِْثْمُ؟</p>فَذَهَبَ بَعْضُهُمْ: إِلَى أَنَّهَا لَا تَحِل لَكِنْ يُرَخَّصُ فِي الْفِعْل إِبْقَاءً لِلْمُهْجَةِ كَمَا فِي الإِْكْرَاهِ عَلَى الْكُفْرِ، وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَبِي يُوسُفَ وَأَحَدُ قَوْلَيِ الشَّافِعِيِّ.<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) القرطبي 2 / 288.</p><font color=#ff0000>(2)</font> غمز عيون البصائر 1 / 289، والدسوقي 2 / 116، ومغني المحتاج 4 / 309، والمغني 8 / 601.</p><font color=#ff0000>(3)</font> مغني المحتاج 4 / 309، والمغني 8 / 601، وغمز عيون البصائر 1 / 289.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٠١)</span><hr/></div>وَذَهَبَ أَكْثَرُ أَصْحَابِنَا (الْحَنَفِيَّةُ) إِلَى أَنَّ الْحُرْمَةَ تَرْتَفِعُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ (1) .</p>ثُمَّ ذَكَرَ لِلْخِلَافِ فَائِدَتَيْنِ:</p>إِحْدَاهُمَا: إِذَا صَبَرَ حَتَّى مَاتَ لَا يَكُونُ آثِمًا عَلَى الأَْوَّل بِخِلَافِهِ عَلَى الآْخَرِ.</p>الثَّانِيَةُ: إِذَا حَلَفَ لَا يَأْكُل حَرَامًا فَتَنَاوَلَهَا فِي حَال الضَّرُورَةِ يَحْنَثُ عَلَى الأَْوَّل وَلَا يَحْنَثُ عَلَى الثَّانِي (2) .</p>وَلِلتَّفْصِيل: (ر: رُخْصَةٌ، وَالْمُلْحَقُ الأُْصُولِيُّ) .</p> </p><font color=#ff0000>13 -</font>‌<span class="title">‌ تَنَاوُل الْمُضْطَرِّ الْمَيْتَةَ فِي سَفَرِ الْمَعْصِيَةِ:</span></p>ذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ عَلَى الْمَذْهَبِ وَالْحَنَابِلَةُ وَالْمَالِكِيَّةُ فِي قَوْلٍ إِلَى أَنَّهُ لَيْسَ لِلْمُضْطَرِّ فِي سَفَرِ الْمَعْصِيَةِ الأَْكْل مِنَ الْمَيْتَةِ كَقَاطِعِ الطَّرِيقِ لِقَوْل اللَّهِ تَعَالَى: {فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ} قَال مُجَاهِدٌ: غَيْرَ بَاغٍ عَلَى الْمُسْلِمِينَ وَلَا عَادٍ عَلَيْهِمْ، وَقَال سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: إِذَا خَرَجَ يَقْطَعُ الطَّرِيقَ فَلَا رُخْصَةَ لَهُ، فَإِنْ تَابَ وَأَقْلَعَ عَنْ مَعْصِيَتِهِ حَل لَهُ الأَْكْل (3) .</p>وَيَرَى الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ - فِي الْمَشْهُورِ -<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) كشف الأسرار 1 / 642 ط الصنايع 1307 هـ.</p><font color=#ff0000>(2)</font> كشف الأسرار 1 / 662، وسلم الأصول لشرح نهاية السول 1 / 121 - 122 ط. عالم الكتب.</p><font color=#ff0000>(3)</font> المغني 8 / 597، وأحكام القرآن لابن العربي 1 / 58، والقوانين الفقهية ص 178 نشر الدار العربية للكتاب.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٠١)</span><hr/></div>وَالشَّافِعِيَّةُ - فِي قَوْلٍ - أَنَّهُ يَتَرَخَّصُ بِأَكْل الْمَيْتَةِ لِلْعَاصِي بِسَفَرِهِ.</p>وَلِلْعُلَمَاءِ خِلَافٌ وَتَفْصِيلٌ حَوْل اسْتِبَاحَةِ الْعَاصِي بِسَفَرِهِ (1) .</p>رُخَصُ السَّفَرِ يُنْظَرُ فِي: (سَفَرٌ) .</p> </p><font color=#ff0000>14 -</font>‌<span class="title">‌ الْحَالَةُ الثَّانِيَةُ: الاِضْطِرَارُ إِلَى النَّظَرِ وَاللَّمْسِ لِلتَّدَاوِي:</span></p>يَجُوزُ كَشْفُ الْعَوْرَةِ وَالنَّظَرُ إِلَيْهَا لِضَرُورَةِ التَّدَاوِي (2) .</p>قَال ابْنُ قُدَامَةَ: يُبَاحُ لِلطَّبِيبِ النَّظَرُ إِلَى مَا تَدْعُو إِلَيْهِ الْحَاجَةُ مِنْ بَدَنِ الْمَرْأَةِ الأَْجْنَبِيَّةِ مِنَ الْعَوْرَةِ وَغَيْرِهَا فَإِنَّهُ مَوْضِعُ حَاجَةٍ (3) .</p>قَال الشِّرْبِينِيُّ الْخَطِيبُ: وَأَمَّا عِنْدَ الْحَاجَةِ فَالنَّظَرُ وَاللَّمْسُ مُبَاحَانِ لِفَصْدٍ وَحِجَامَةٍ وَعِلَاجٍ وَلَوْ فِي فَرْجٍ لِلْحَاجَةِ الْمُلْجِئَةِ إِلَى ذَلِكَ وَلأَِنَّ فِي التَّحْرِيمِ حِينَئِذٍ حَرَجًا، فَلِلرَّجُل مُدَاوَاةُ الْمَرْأَةِ وَعَكْسُهُ وَلْيَكُنْ ذَلِكَ بِحَضْرَةِ مَحْرَمٍ أَوْ زَوْجٍ أَوِ امْرَأَةٍ (4) .</p>وَلِلتَّفْصِيل فِي شُرُوطِ جَوَازِ مُعَالَجَةِ الطَّبِيبِ امْرَأَةً أَجْنَبِيَّةً يُنْظَرُ:(عَوْرَةٌ) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) تفسير الجصاص 1 / 147، والقوانين الفقهية ص 178، وتفسير القرطبي 2 / 232، ومغني المحتاج 1 / 268.</p><font color=#ff0000>(2)</font> المبسوط للسرخسي 10 / 156 وبدائع الصنائع 5 / 124، ومغني المحتاج 3 / 133، والمغني 6 / 558، وكشاف القناع 1 / 265.</p><font color=#ff0000>(3)</font> المغني 6 / 558.</p><font color=#ff0000>(4)</font> مغني المحتاج 3 / 133.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٠٢)</span><hr/></div><font color=#ff0000>15 -</font>‌<span class="title">‌ الاِضْطِرَارُ إِلَى الْعِلَاجِ بِالنَّجِسِ وَالْمُحَرَّمِ:</span></p>ذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ وَالشَّافِعِيَّةُ - فِي وَجْهٍ - إِلَى عَدَمِ جَوَازِ التَّدَاوِي بِالْمُحَرَّمِ وَالنَّجِسِ (1) لِقَوْل النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ اللَّهَ لَمْ يَجْعَل شِفَاءَكُمْ فِيمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ» (2) .</p>وَيَرَى الْحَنَفِيَّةُ جَوَازَ الاِسْتِشْفَاءِ بِالْحَرَامِ عِنْدَ تَيَقُّنِ حُصُول الشِّفَاءِ فِيهِ، كَتَنَاوُل الْمَيْتَةِ عِنْدَ الْمَخْمَصَةِ، وَالْخَمْرِ عِنْدَ الْعَطَشِ وَإِسَاغَةِ اللُّقْمَةِ، وَلَا يُجِيزُونَ الاِسْتِشْفَاءَ بِالْحَرَامِ الَّذِي لَا يُتَيَقَّنُ حُصُول الشِّفَاءِ بِهِ (3) .</p>وَيَشْتَرِطُ الْحَنَفِيَّةُ لِجَوَازِ التَّدَاوِي بِالْمُحَرَّمِ تَيَقُّنَ حُصُول الشِّفَاءِ فِيهِ وَعَدَمَ وُجُودِ دَوَاءٍ غَيْرِهِ (4) .</p>وَأَجَازَ الشَّافِعِيَّةُ - عَلَى الْمَذْهَبِ - التَّدَاوِي بِالنَّجَاسَاتِ غَيْرِ الْخَمْرِ، سَوَاءٌ فِيهِ جَمِيعُ النَّجَاسَاتِ غَيْرِ الْمُسْكِرِ (5) .</p>وَلِلتَّفْصِيل فِي شُرُوطِ التَّدَاوِي بِالْمُحَرَّمِ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الفواكه الدواني 2 / 441، والفروع 2 / 165، وكشاف القناع 6 / 116، والمجموع 9 / 50.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حديث:" إن الله لم يجعل شفاءكم فيما حرم عليكم ". أخرجه البخاري (10 / 78) معلقا، ووصله الإمام أحمد من قول ابن مسعود موقوفا عليه في كتاب الأشربة (ص 63) وصححه ابن حجر في الفتح (10 / 79) .</p><font color=#ff0000>(3)</font> بدائع الصنائع 1 / 61.</p><font color=#ff0000>(4)</font> ابن عابدين 4 / 113، 215.</p><font color=#ff0000>(5)</font> المجموع 9 / 50.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٠٢)</span><hr/></div>وَالنَّجِسِ وَحُكْمِ التَّدَاوِي بِهِ لِتَعْجِيل الشِّفَاءِ: (ر: تَدَاوِي) .</p> </p><font color=#ff0000>16 -</font>‌<span class="title">‌ الْحَالَةُ الثَّالِثَةُ: الاِضْطِرَارُ إِلَى إِتْلَافِ النَّفْسِ أَوِ ارْتِكَابِ الْفَاحِشَةِ:</span></p>‌<span class="title">‌الْقَتْل تَحْتَ تَأْثِيرِ الإِْكْرَاهِ:</span></p>وَتَحْتَهُ صُورَتَانِ:</p>الأُْولَى: الاِضْطِرَارُ إِلَى قَتْل نَفْسِهِ، كَمَا تَقَدَّمَ، وَيَأْتِي فِي الدِّفَاعِ عَنِ النَّفْسِ،</p>وَالأُْخْرَى: الاِضْطِرَارُ إِلَى قَتْل غَيْرِهِ وَبَيَانُهُ فِيمَا يَلِي:</p>أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ مَنْ أُكْرِهَ عَلَى قَتْل غَيْرِهِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ الإِْقْدَامُ عَلَى قَتْلِهِ، وَلَا انْتِهَاكُ حُرْمَتِهِ بِجَلْدٍ أَوْ غَيْرِهِ، وَيَصْبِرُ عَلَى الْبَلَاءِ الَّذِي نَزَل بِهِ، وَلَا يَحِل لَهُ أَنْ يَفْدِيَ نَفْسَهُ بِغَيْرِهِ، وَيَسْأَل اللَّهَ الْعَافِيَةَ فِي الدُّنْيَا وَالآْخِرَةِ (1) .</p>قَال الصَّاوِيُّ الْمَالِكِيُّ: لَوْ قَال لَكَ ظَالِمٌ: إِنْ لَمْ تَقْتُل فُلَانًا أَوْ تَقْطَعْهُ قَتَلْتُكَ، فَلَا يَجُوزُ ذَلِكَ وَيَجِبُ عَلَى مَنْ قِيل لَهُ ذَلِكَ أَنْ يَرْضَى بِقَتْل نَفْسِهِ وَيَصْبِرَ (2) .</p>وَلِلْفُقَهَاءِ خِلَافٌ وَتَفْصِيلٌ فِيمَنْ يَجِبُ عَلَيْهِ الْقِصَاصُ عِنْدَ وُقُوعِ الْقَتْل، أَوْ قَطْعِ الْعُضْوِ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) تفسير القرطبي 10 / 183، وانظر تبيين الحقائق 5 / 186، ومجمع الأنهر 2 / 417، والشرح الصغير 2 / 549، وشرح الزرقاني 4 / 88، والمغني 7 / 645، ونهاية المحتاج 7 / 245، و 248.</p><font color=#ff0000>(2)</font> الشرح الصغير مع حاشية الصاوي 2 / 549.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٠٣)</span><hr/></div>تَحْتَ تَأْثِيرِ الإِْكْرَاهِ يُنْظَرُ فِي: (إِكْرَاهٌ، وَقِصَاصٌ) .</p> </p>‌<span class="title">‌الْقَتْل لِضَرُورَةِ الدِّفَاعِ:</span></p>إِذَا صَال صَائِلٌ عَلَى إِنْسَانٍ جَازَ لَهُ الدَّفْعُ، وَهَذَا مَحَل اتِّفَاقٍ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ (1) وَإِنَّمَا اخْتَلَفُوا فِي وُجُوبِ الدَّفْعِ عَنِ النَّفْسِ عَلَى الْمَصُول عَلَيْهِ.</p>فَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ - فِي أَصَحِّ الْقَوْلَيْنِ - وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ - فِي إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ - إِلَى أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى الْمَصُول عَلَيْهِ أَنْ يُدَافِعَ عَنْ نَفْسِهِ، إِلَاّ أَنَّ الشَّافِعِيَّةَ قَيَّدُوا وُجُوبَ دَفْعِ الصَّائِل بِمَا إِذَا كَانَ الصَّائِل كَافِرًا أَوْ بَهِيمَةً (2) .</p>وَيَرَى الْمَالِكِيَّةُ - فِي قَوْلٍ - وَالْحَنَابِلَةُ - فِي الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ - أَنَّ الْمَصُول عَلَيْهِ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ دَفْعُ الصَّائِل (3) .</p>وَلِلتَّفْصِيل:(ر: صِيَالٌ) .</p> </p>‌<span class="title">‌الزِّنَى تَحْتَ تَأْثِيرِ الإِْكْرَاهِ:</span></p>يَرَى جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ: أَنَّ الزِّنَى لَا يُبَاحُ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) بدائع الصنائع 7 / 92 - 93، ومغني المحتاج 4 / 194، ومواهب الجليل 6 / 323، والمغني 8 / 329 - 330، والإنصاف 10 / 303 مطبعة السنة المحمدية وكشاف القناع 6 / 154 نشر عالم الكتب.</p><font color=#ff0000>(2)</font> مغني المحتاج 4 / 195، ومجموعة فتاوى ابن تيمية 34 / 242، وأحكام القرآن للجصاص 2 / 487 - 488 ومواهب الجليل 6 / 323، والإنصاف 10 / 304.</p><font color=#ff0000>(3)</font> مواهب الجليل 6 / 323، والإنصاف 10 / 304.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٠٣)</span><hr/></div>وَلَا يُرَخَّصُ لِلرَّجُل بِالإِْكْرَاهِ وَإِنْ كَانَ تَامًّا، وَلَوْ فَعَل يَأْثَمُ.</p>وَتَفْصِيل ذَلِكَ فِي مُصْطَلَحِ:(إِكْرَاه وَزِنًى) .</p> </p><font color=#ff0000>17 -</font>‌<span class="title">‌ الْحَالَةُ الرَّابِعَةُ: الاِضْطِرَارُ إِلَى أَخْذِ مَال الْغَيْرِ وَإِتْلَافِهِ:</span></p>إِذَا اضْطُرَّ إِنْسَانٌ وَلَمْ يَجِدْ إِلَاّ طَعَامًا لِغَيْرِهِ نَظَرَ: فَإِنْ كَانَ صَاحِبُهُ مُضْطَرًّا إِلَيْهِ فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ، وَلَمْ يَجُزْ لأَِحَدٍ أَخْذُهُ مِنْهُ، لأَِنَّهُ سَاوَاهُ فِي الضَّرُورَةِ وَانْفَرَدَ بِالْمِلْكِ، فَأَشْبَهَ غَيْرَ حَال الضَّرُورَةِ، وَإِنْ أَخَذَهُ مِنْهُ فَمَاتَ لَزِمَهُ ضَمَانُهُ، لأَِنَّهُ قَتَلَهُ بِغَيْرِ حَقٍّ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ صَاحِبُهُ مُضْطَرًّا إِلَيْهِ لَزِمَهُ بَذْلُهُ لِلْمُضْطَرِّ، لأَِنَّهُ يَتَعَلَّقُ بِهِ إِحْيَاءُ نَفْسِ آدَمِيٍّ مَعْصُومٍ فَلَزِمَهُ بِذَلِكَ، كَمَا يَلْزَمُهُ بَذْل مَنَافِعِهِ وَإِنْجَاؤُهُ مِنَ الْغَرَقِ وَالْحَرِيقِ، لأَِنَّ الاِمْتِنَاعَ عَنْ بَذْلِهِ إِعَانَةٌ عَلَى قَتْل الْمُضْطَرِّ (1)، وَقَدْ قَال النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: مَنْ أَعَانَ عَلَى قَتْل مُؤْمِنٍ بِشَطْرِ كَلِمَةٍ لَقِيَ اللَّهَ عز وجل مَكْتُوبٌ بَيْنَ عَيْنَيْهِ آيِسٌ مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ (2) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المهذب 1 / 250، ومغني المحتاج 4 / 308، وتفسير الجصاص 1 / 153، والقواعد لابن رجب ص 228، والدسوقي 4 / 242، والمغني 6 / 602.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حديث:" من أعان على قتل مؤمن. . . . ". أخرجه ابن ماجه (2 / 874) من حديث أبي هريرة، وضعف إسناده البوصيري في مصباح الزجاجة (2 / 83) .</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٠٤)</span><hr/></div>فَإِنْ لَمْ يَبْذُل فَلِلْمُضْطَرِّ أَخْذُهُ مِنْهُ، لأَِنَّهُ مُسْتَحِقٌّ لَهُ دُونَ مَالِكِهِ، فَجَازَ لَهُ أَخْذُهُ كَغَيْرِ مَالِهِ، فَإِنِ احْتِيجَ فِي ذَلِكَ إِلَى قِتَالٍ فَلَهُ الْمُقَاتَلَةُ عَلَيْهِ، فَإِنْ قُتِل الْمُضْطَرُّ فَهُوَ شَهِيدٌ وَعَلَى قَاتِلِهِ ضَمَانُهُ، وَإِنْ آل أَخْذُهُ إِلَى قَتْل صَاحِبِهِ فَهُوَ هَدْرٌ، لأَِنَّهُ ظَالِمٌ بِقِتَالِهِ فَأَشْبَهَ الصَّائِل، إِلَاّ أَنْ يُمْكِنَ أَخْذُهُ بِشِرَاءٍ أَوِ اسْتِرْضَاءٍ فَلَيْسَ لَهُ الْمُقَاتَلَةُ عَلَيْهِ، لإِِمْكَانِ الْوُصُول إِلَيْهِ دُونَهَا (1) .</p>وَلِلْفُقَهَاءِ خِلَافٌ وَتَفْصِيلٌ فِي أَثَرِ الاِضْطِرَارِ فِي إِبْطَال حَقِّ الْغَيْرِ يُنْظَرُ فِي:(إِتْلَافٌ، وَضَمَانٌ) .</p> </p>‌<span class="title">‌إِتْلَافُ مَال الْغَيْرِ لِضَرُورَةِ إِنْقَاذِ السَّفِينَةِ:</span></p>إِذَا أَشْرَفَتِ السَّفِينَةُ عَلَى الْغَرَقِ جَازَ إِلْقَاءُ بَعْضِ أَمْتِعَتِهَا فِي الْبَحْرِ، وَيَجِبُ الإِْلْقَاءُ رَجَاءَ نَجَاةِ الرَّاكِبِينَ إِذَا خِيفَ الْهَلَاكُ، وَيَجِبُ إِلْقَاءُ مَا لَا رُوحَ فِيهِ، لِتَخْلِيصِ ذِي الرُّوحِ، وَلَا يَجُوزُ إِلْقَاءُ الدَّوَابِّ إِذَا أَمْكَنَ دَفْعُ الْغَرَقِ بِغَيْرِ الْحَيَوَانِ، وَإِذَا مَسَّتِ الْحَاجَةُ إِلَى إِلْقَاءِ الدَّوَابِّ أُلْقِيَتْ لإِِنْقَاذِ الآْدَمِيِّينَ، وَالْعَبِيدُ فِي ذَلِكَ كَالأَْحْرَارِ، وَلَا سَبِيل لِطَرْحِ الآْدَمِيِّ بِحَالٍ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المغني 8 / 602، والمبسوط 24 / 73، والفروق للقرافي 1 / 196، ومغني المحتاج 4 / 308.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٠٤)</span><hr/></div>ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى، حُرًّا أَوْ عَبْدًا، مُسْلِمًا أَوْ كَافِرًا (1) .</p> </p>‌<span class="title">‌إِتْلَافُ مَال الْغَيْرِ تَحْتَ تَأْثِيرِ الإِْكْرَاهِ:</span></p>مَنْ أُكْرِهَ عَلَى إِتْلَافِ مَال مُسْلِمٍ بِأَمْرٍ يَخَافُ عَلَى نَفْسِهِ أَوْ عَلَى عُضْوٍ مِنْ أَعْضَائِهِ وَسِعَهُ أَنْ يَفْعَل ذَلِكَ (2) .</p>وَلِلْفُقَهَاءِ خِلَافٌ وَتَفْصِيلٌ فِيمَنْ يَجِبُ عَلَيْهِ الضَّمَانُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ يُنْظَرُ فِي: (إِكْرَاهٌ، وَضَمَانٌ) .</p> </p><font color=#ff0000>18 -</font>‌<span class="title">‌ الْحَالَةُ الْخَامِسَةُ: الاِضْطِرَارُ إِلَى قَوْل الْبَاطِل:</span></p>‌<span class="title">‌النُّطْقُ بِالْكُفْرِ تَحْتَ تَأْثِيرِ الإِْكْرَاهِ:</span></p>مَنْ أُكْرِهَ عَلَى الْكُفْرِ حَتَّى خَشَى عَلَى نَفْسِهِ الْقَتْل لَا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنْ كَفَرَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِْيمَانِ، وَلَا تَبِينُ مِنْهُ زَوْجَتُهُ، وَلَا يُحْكَمُ عَلَيْهِ بِحُكْمِ الْكُفْرِ، وَإِنْ صَبَرَ حَتَّى قُتِل كَانَ شَهِيدًا (3) .</p>وَلِلتَّفْصِيل:(ر: رُخْصَةٌ ف 13، وَإِكْرَاهٌ ف 24)<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) روضة الطالبين 9 / 338، ومطالب أولي النهى 4 / 95، وحاشية الدسوقي 4 / 27، وابن عابدين 5 / 172.</p><font color=#ff0000>(2)</font> مجمع الضمانات ص 205، والقواعد لابن رجب ص 286.</p><font color=#ff0000>(3)</font> حاشية ابن عابدين 2 / 115، وروضة الطالبين 10 / 72، وكشاف القناع 6 / 185، والإقناع 4 / 306، وجواهر الإكليل 1 / 340 - 341.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٠٥)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌الاِضْطِرَارُ إِلَى الْكَذِبِ:</span></p>يَحِل الْكَذِبُ فِي أُمُورٍ ثَبَتَتْ بِالسُّنَّةِ، فَفِي حَدِيثِ أُمِّ كُلْثُومٍ بِنْتِ عُقْبَةَ بْنِ أَبِي مُعَيْطٍ أَنَّهَا سَمِعَتْ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ يَقُول: لَيْسَ الْكَذَّابُ الَّذِي يُصْلِحُ بَيْنَ النَّاسِ، وَيَقُول خَيْرًا وَيُنْمِي خَيْرًا. (1)</p>قَال ابْنُ شِهَابٍ - أَحَدُ رُوَاةِ هَذَا الْحَدِيثِ -: وَلَمْ أَسْمَعْ يُرَخَّصُ فِي شَيْءٍ مِمَّا يَقُول النَّاسُ كَذِبٌ إِلَاّ فِي ثَلَاثٍ: الْحَرْبُ وَالإِْصْلَاحُ بَيْنَ النَّاسِ، وَحَدِيثُ الرَّجُل امْرَأَتَهُ وَحَدِيثُ الْمَرْأَةِ زَوْجَهَا.</p>قَال الْعِزُّ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: وَالتَّحْقِيقُ أَنَّ الْكَذِبَ يَصِيرُ مَأْذُونًا فِيهِ وَيُثَابُ عَلَى الْمَصْلَحَةِ الَّتِي تَضَمَّنَهَا عَلَى قَدْرِ رُتْبَةِ تِلْكَ الْمَصْلَحَةِ مِنَ الْوُجُوبِ فِي حِفْظِ الأَْمْوَال وَالأَْبْضَاعِ وَالأَْرْوَاحِ (2) .</p> </p>‌<span class="title">‌الاِضْطِرَارُ إِلَى التَّقِيَّةِ:</span></p>تَجُوزُ التَّقِيَّةُ عِنْدَ الاِضْطِرَارِ إِلَيْهَا دَفْعًا لِتَلَفِ النَّفْسِ بِغَيْرِ وَجْهِ حَقٍّ.</p>قَال السَّرَخْسِيُّ: لَا بَأْسَ بِاسْتِعْمَال التَّقِيَّةِ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حديث أم كلثوم: " ليس الكذاب الذي يصلح بين الناس. ". أخرجه مسلم (4 / 2011) .</p><font color=#ff0000>(2)</font> قواعد الأحكام للعز بن عبد السلام (1 / 96 - 97 ط. دار الكتب العلمية) .</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٠٥)</span><hr/></div>وَإِنَّهُ يُرَخَّصُ لَهُ فِي تَرْكِ مَا هُوَ فَرْضٌ عِنْدَ خَوْفِ التَّلَفِ عَلَى نَفْسِهِ (1) .</p>وَلِلتَّفْصِيل فِي مَشْرُوعِيَّةِ الْعَمَل بِالتَّقِيَّةِ: (ر: تَقِيَّةٌ فِقْرَةُ 5) .</p> </p><font color=#ff0000>19 -</font>‌<span class="title">‌ الْقَوَاعِدُ الْفِقْهِيَّةُ النَّاظِمَةُ لأَِحْكَامِ الضَّرُورَةِ:</span></p>وَضَعَ الْفُقَهَاءُ مَجْمُوعَةً مِنَ الْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ لِضَبْطِ أَحْكَامِ الضَّرُورَةِ، وَتَوْضِيحِ مَعَالِمِهَا الْعَامَّةِ وَتَنْظِيمِ آثَارِهَا، وَأَهَمُّ هَذِهِ الْقَوَاعِدِ هِيَ:</p>الْمَشَقَّةُ تَجْلُبُ التَّيْسِيرَ (2) .</p>الأَْصْل فِي هَذِهِ الْقَاعِدَةِ قَوْله تَعَالَى: {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} (3) وقَوْله تَعَالَى: {وَمَا جَعَل عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} (4) وَيَتَخَرَّجُ عَلَى هَذِهِ الْقَاعِدَةِ جَمِيعُ رُخَصِ الشَّرْعِ وَتَخْفِيفَاتِهِ.</p>هَذَا وَقَدْ خَرَجَ عَنْ هَذِهِ الْقَاعِدَةِ مَا نُصَّ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ فِيهِ مَشَقَّةٌ وَعَمَّتْ بِهِ الْبَلْوَى (5) . قَال ابْنُ نُجَيْمٍ: الْمَشَقَّةُ وَالْحَرَجُ إِنَّمَا يُعْتَبَرَانِ فِي مَوْضِعٍ لَا نَصَّ فِيهِ، وَأَمَّا مَعَ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المبسوط 24 / 47، وتفسير القرطبي 4 / 57.</p><font color=#ff0000>(2)</font> غمز عيون البصائر 1 / 245 وما بعدها والأشباه للسيوطي ص 76 - 80.</p><font color=#ff0000>(3)</font> سورة البقرة / 185.</p><font color=#ff0000>(4)</font> سورة الحج / 78.</p><font color=#ff0000>(5)</font> شرح المجلة للآتاسي 1 / 50.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٠٦)</span><hr/></div>النَّصِّ بِخِلَافِهِ فَلَا (1) .</p>وَلِلتَّفْصِيل فِي أَحْكَامِ هَذِهِ الأَْسْبَابِ وَضَوَابِطِ الْمَشَقَّةِ الْمُؤَثِّرَةِ فِي التَّخْفِيفِ: (ر: تَيْسِيرٌ. فِقْرَةُ 32 - 41) .</p> </p>‌<span class="title">‌إِذَا ضَاقَ الأَْمْرُ اتَّسَعَ:</span></p>هَذِهِ الْقَاعِدَةُ مُسْتَخْرَجَةٌ مِنَ الْقَاعِدَةِ الَّتِي قَبْلَهَا وَبَيْنَهُمَا تَقَارُبٌ فِي الْمَآل، وَمَعْنَاهَا أَنَّهُ إِذَا ظَهَرَتْ مَشَقَّةٌ فِي أَمْرٍ يُرَخَّصُ فِيهِ وَيُوَسَّعُ.</p>وَمِنْ فُرُوعِ هَذِهِ الْقَاعِدَةِ:</p>أ - شَهَادَةُ النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ فِي الْحَمَّامَاتِ وَالْمَوَاضِعِ الَّتِي لَا يَحْضُرُهَا الرِّجَال دَفْعًا لِحَرَجِ ضَيَاعِ الْحُقُوقِ.</p>ب - قَبُول شَهَادَةِ الْقَابِلَةِ عَلَى الْوِلَادَةِ ضَرُورَةَ حِفْظِ الْوَلَدِ وَنَسَبِهِ.</p>ح - إِبَاحَةُ خُرُوجِ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا مِنْ بَيْتِهَا أَيَّامَ عِدَّتِهَا إِذَا اضْطُرَّتْ لِلاِكْتِسَابِ (2) .</p> </p>‌<span class="title">‌الضَّرُورَاتُ تُبِيحُ الْمَحْظُورَاتِ:</span></p>قَاعِدَةٌ أُصُولِيَّةٌ مَأْخُوذَةٌ مِنَ النَّصِّ وَهُوَ قَوْله تَعَالَى: {إِلَاّ مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ} (3) وَالاِضْطِرَارُ: الْحَاجَةُ الشَّدِيدَةُ، وَالْمَحْظُورُ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) غمز عيون البصائر 1 / 271.</p><font color=#ff0000>(2)</font> شرح المجلة للآتاسي 1 / 51، وغمز عيون البصائر 1 / 273.</p><font color=#ff0000>(3)</font> سورة الأنعام / 119.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٠٦)</span><hr/></div>الْمَنْهِيُّ عَنْ فِعْلِهِ، يَعْنِي أَنَّ الْمَمْنُوعَ شَرْعًا يُبَاحُ عِنْدَ الضَّرُورَةِ (1) .</p>وَهَذِهِ الْقَاعِدَةُ تَتَعَلَّقُ أَصْلاً بِقَاعِدَةِ (الضَّرَرُ يُزَال) وَمِنْ فُرُوعِهَا: جَوَازُ أَكْل الْمَيْتَةِ عِنْدَ الْمَخْمَصَةِ وَنَحْوِ ذَلِكَ.</p> </p>‌<span class="title">‌الضَّرُورَاتُ تُقَدَّرُ بِقَدْرِهَا:</span></p>مَعْنَى هَذِهِ الْقَاعِدَةِ: أَنَّ كُل فِعْلٍ أَوْ تَرْكٍ جُوِّزَ لِلضَّرُورَةِ فَالتَّجْوِيزُ عَلَى قَدْرِهَا وَلَا يَتَجَاوَزُ عَنْهَا (2) .</p>وَمِنْ فُرُوعِهَا: أَنَّ الْكُفَّارَ حَال الْحَرْبِ إِذَا تَتَرَّسُوا بِأَطْفَال الْمُسْلِمِينَ فَلَا بَأْسَ بِالرَّمْيِ عَلَيْهِمْ لِضَرُورَةِ إِقَامَةِ فَرْضِ الْجِهَادِ، لَكِنَّهُمْ يَقْصِدُونَ الْكُفَّارَ دُونَ الأَْطْفَال، وَلِلْفُقَهَاءِ خِلَافٌ وَتَفْصِيلٌ فِي وُجُوبِ الدِّيَةِ وَالْكَفَّارَةِ:(ر: دِيَاتٌ وَكَفَّارَاتٌ) .</p> </p>‌<span class="title">‌مَا جَازَ لِعُذْرٍ بَطَل بِزَوَالِهِ:</span></p>هَذِهِ الْقَاعِدَةُ مُكَمِّلَةٌ لِلْقَاعِدَةِ السَّابِقَةِ، فَالْقَاعِدَةُ الْمُتَقَدِّمَةُ يُعْمَل بِهَا أَثْنَاءَ قِيَامِ الضَّرُورَةِ، وَهَذِهِ الْقَاعِدَةُ تُبَيِّنُ مَا يَجِبُ فِعْلُهُ بَعْدَ زَوَال حَال الضَّرُورَةِ، وَمَعْنَاهَا أَنَّ مَا جَازَ فِعْلُهُ بِسَبَبِ عُذْرٍ مِنَ الأَْعْذَارِ، أَوْ عَارِضٍ طَارِئٍ مِنَ الْعَوَارِضِ فَإِنَّهُ تَزُول مَشْرُوعِيَّتُهُ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) غمز عيون البصائر 1 / 275 - 276، والأشباه للسيوطي.</p><font color=#ff0000>(2)</font> شرح المجلة للآتاسي 1 / 56، والأشباه للسيوطي ص 84.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٠٧)</span><hr/></div>بِزَوَال حَال الْعُذْرِ، لأَِنَّ جَوَازَهُ لَمَّا كَانَ بِسَبَبِ الْعُذْرِ فَهُوَ خَلَفٌ عَنْ الأَْصْل الْمُتَعَذِّرِ، فَإِذَا زَال الْعُذْرُ أَمْكَنَ الْعَمَل بِالأَْصْل، فَلَوْ جَازَ الْعَمَل بِالْخَلَفِ - أَيْضًا - لَلَزِمَ الْجَمْعُ بَيْنَ الْخَلَفِ وَالأَْصْل فَلَا يَجُوزُ كَمَا لَا يَجُوزُ الْجَمْعُ بَيْنَ الْحَقِيقَةِ وَالْمَجَازِ لِهَذِهِ الْعِلَّةِ (1) .</p> </p>‌<span class="title">‌الاِضْطِرَارُ لَا يُبْطِل حَقَّ الْغَيْرِ:</span></p>الاِضْطِرَارُ وَإِنْ كَانَ فِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ يَقْتَضِي تَغْيِيرَ الْحُكْمِ مِنَ الْحُرْمَةِ إِلَى الإِْبَاحَةِ كَأَكْل الْمَيْتَةِ، وَفِي بَعْضِهَا التَّرْخِيصُ فِي فِعْلِهِ مَعَ بَقَائِهِ عَلَى الْحُرْمَةِ - كَكَلِمَةِ الْكُفْرِ - إِلَاّ أَنَّهُ عَلَى كُل حَالٍ لَا يُبْطِل حَقَّ الْغَيْرِ، وَإِلَاّ لَكَانَ مِنْ قَبِيل إِزَالَةِ الضَّرَرِ بِالضَّرَرِ وَهَذَا غَيْرُ جَائِزٍ.</p>وَيَتَفَرَّعُ عَنْ هَذِهِ الْقَاعِدَةِ أَنَّهُ لَوْ اضْطُرَّ إِنْسَانٌ بِسَبَبِ الْجُوعِ فَأَكَل طَعَامَ آخَرَ يَضْمَنُ قِيمَتَهُ فِي الْقِيمِيَّاتِ وَمِثْلَهُ فِي الْمِثْلِيَّاتِ (2) .</p>وَلِلتَّفْصِيل:(ر: إِتْلَافٌ وَضَمَانٌ) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) شرح المجلة للآتاسي 1 / 59 - 60.</p><font color=#ff0000>(2)</font> شرح المجلة للآتاسي 1 / 76 - 77، والفروق للقرافي 1 / 196، والقواعد لابن رجب الحنبلي ص 286.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٠٧)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌ضَرُورِيَّاتٌ</span></p> </p>‌<span class="title">‌التَّعْرِيفُ:</span></p><font color=#ff0000>1 -</font> الضَّرُورِيَّاتُ: جَمْعُ ضَرُورِيٍّ وَالضَّرُورِيَّاتُ عِنْدَ الأُْصُولِيِّينَ هِيَ: الأُْمُورُ الَّتِي لَا بُدَّ مِنْهَا فِي قِيَامِ مَصَالِحِ الدِّينِ وَالدُّنْيَا، بِحَيْثُ إِذَا فُقِدَتْ لَمْ تَجْرِ مَصَالِحُ الدُّنْيَا عَلَى اسْتِقَامَةٍ، بَل عَلَى فَسَادٍ وَتَهَارُجٍ، وَفَوْتِ حَيَاةٍ، وَفِي الأُْخْرَى فَوْتُ النَّجَاةِ وَالنَّعِيمِ، وَالرُّجُوعُ بِالْخُسْرَانِ الْمُبِينِ (1) وَهِيَ: حِفْظُ الدِّينِ، وَالنَّفْسِ، وَالْعَقْل، وَالنَّسَبِ، وَالْمَال، وَهَذَا التَّرْتِيبُ بَيْنَ الضَّرُورِيَّاتِ مِنَ الْعَالِي إِلَى النَّازِل هُوَ مَا جَرَى عَلَيْهِ فِي مُسَلَّمِ الثُّبُوتِ وَشَرْحِهِ (2) . وَهُوَ - أَيْضًا - مَا جَرَى عَلَيْهِ الْغَزَالِيُّ فِي الْمُسْتَصْفَى مَعَ اسْتِبْدَال لَفْظِ النَّسْل بِلَفْظِ النَّسَبِ (3) .</p>وَرَتَّبَهَا الشَّاطِبِيُّ تَرْتِيبًا آخَرَ فَقَال: مَجْمُوعُ الضَّرُورِيَّاتِ خَمْسَةٌ وَهِيَ: حِفْظُ الدِّينِ، وَالنَّفْسِ، وَالنَّسْل، وَالْمَال، وَالْعَقْل، فَأَخَّرَ الْعَقْل عَنِ النَّسْل وَالْمَال (4) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الموافقات 2 / 8.</p><font color=#ff0000>(2)</font> فواتح الرحموت 2 / 262.</p><font color=#ff0000>(3)</font> المستصفى 1 / 286.</p><font color=#ff0000>(4)</font> الموافقات 2 / 10.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٠٨)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:</span></p>أ -‌<span class="title">‌ الْحَاجِيَّاتُ:</span></p><font color=#ff0000>2 -</font> الْحَاجِيُّ لُغَةً: مَأْخُوذٌ مِنْ مَعْنَى الْحَاجَةِ وَهِيَ: الاِحْتِيَاجُ، وَتُطْلَقُ عَلَى مَا يُفْتَقَرُ إِلَيْهِ (1) .</p>وَهِيَ عِنْدَ الأُْصُولِيِّينَ: مَا يُفْتَقَرُ إِلَيْهَا مِنْ حَيْثُ التَّوْسِعَةُ، وَرَفْعُ الضِّيقِ الْمُؤَدِّي فِي الْغَالِبِ إِلَى الْحَرَجِ وَالْمَشَقَّةِ اللَاّحِقَةِ بِفَوْتِ الْمَطْلُوبِ، فَإِذَا لَمْ تُرَاعَ دَخَل عَلَى الْمُكَلَّفِينَ - عَلَى الْجُمْلَةِ - الْحَرَجُ وَالْمَشَقَّةُ وَلَكِنَّهُ لَا يَبْلُغُ مَبْلَغَ الْفَسَادِ الْعَادِيِّ الْمُتَوَقَّعِ فِي الْمَصَالِحِ الْعَامَّةِ (2) .</p>وَالْفَرْقُ بَيْنَ الضَّرُورِيَّاتِ وَالْحَاجِيَّاتِ أَنَّ الْحَاجِيَّاتِ تَأْتِي فِي الْمَرْتَبَةِ الثَّانِيَةِ بَعْدَ الضَّرُورِيَّاتِ، فَهِيَ لَا تَصِل إِلَى حَدِّ الضَّرُورَةِ.</p> </p>ب -‌<span class="title">‌ التَّحْسِينِيَّاتُ:</span></p><font color=#ff0000>3 -</font> التَّحْسِينِيَّاتُ لُغَةً: مَأْخُوذَةٌ مِنْ مَادَّةِ الْحُسْنِ، وَالْحُسْنُ لُغَةً: الْجَمَال، أَوْ هُوَ ضِدُّ الْقُبْحِ، وَالتَّحْسِينُ: التَّزْيِينُ (3) .</p>وَفِي اصْطِلَاحِ الأُْصُولِيِّينَ: هِيَ الأَْخْذُ بِمَا يَلِيقُ مِنْ مَحَاسِنِ الْعَادَاتِ، وَتَجَنُّبُ الأَْحْوَال الْمُدَنَّسَاتِ الَّتِي تَأْنَفُهَا الْعُقُول الرَّاجِحَاتُ،<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) لسان العرب وتاج العروس والكليات للكفوي مادة (حوج) .</p><font color=#ff0000>(2)</font> الموافقات 2 / 10.</p><font color=#ff0000>(3)</font> لسان العرب والمصباح المنير.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٠٨)</span><hr/></div>وَيَجْمَعُ ذَلِكَ قِسْمُ مَكَارِمِ الأَْخْلَاقِ (1) .</p>أَوْ هِيَ: مَا لَا تَدْعُو إِلَيْهَا ضَرُورَةٌ وَلَا حَاجَةٌ، وَلَكِنْ تَقَعُ مَوْقِعَ التَّحْسِينِ وَالتَّيْسِيرِ، وَرِعَايَةُ أَحْسَنِ الْمَنَاهِجِ فِي الْعَادَاتِ وَالْمُعَامَلَاتِ (2) .</p>وَعَلَى ذَلِكَ تَكُونُ التَّحْسِينِيَّاتُ أَدْنَى رُتْبَةً مِنَ الْحَاجِيَّاتِ، فَهِيَ الْمَرْتَبَةُ الثَّالِثَةُ بَعْدَ الضَّرُورِيَّاتِ وَالْحَاجِيَّاتِ.</p> </p>ج -‌<span class="title">‌ الْمَصَالِحُ الْمُرْسَلَةُ:</span></p><font color=#ff0000>4 -</font> فِي اللُّغَةِ: صَلَحَ الشَّيْءُ صُلُوحًا وَصَلَاحًا، خِلَافُ فَسَدَ، وَفِي الأَْمْرِ مَصْلَحَةٌ، أَيْ: خَيْرٌ، وَالْجَمْعُ: الْمَصَالِحُ (3) .</p>وَالْمَصَالِحُ الْمُرْسَلَةُ عِنْدَ الأُْصُولِيِّينَ: مَا لَا يَشْهَدُ لَهَا أَصْلٌ مِنَ الشَّارِعِ لَا بِالاِعْتِبَارِ وَلَا بِالإِْلْغَاءِ (4) .</p>وَهِيَ أَعَمُّ مِنَ الضَّرُورِيَّاتِ، لأَِنَّهَا تَشْمَل الضَّرُورِيَّاتِ وَالْحَاجِيَّاتِ والتَّحْسِينِيَّاتِ.</p> </p>‌<span class="title">‌الأَْحْكَامُ الإِْجْمَالِيَّةُ:</span></p>أ -‌<span class="title">‌ الْمُحَافَظَةُ عَلَى الضَّرُورِيَّاتِ:</span></p><font color=#ff0000>5 -</font> الضَّرُورِيَّاتُ مِنَ الأُْمُورِ الَّتِي قَصَدَ الشَّارِعُ الْمُحَافَظَةَ عَلَيْهَا؛ لأَِنَّهَا لَا بُدَّ مِنْهَا فِي<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الموافقات 2 / 11.</p><font color=#ff0000>(2)</font> المستصفى 1 / 286 - 290، والإحكام للآمدي (3 / 49 ط. صبيح) .</p><font color=#ff0000>(3)</font> المصباح المنير.</p><font color=#ff0000>(4)</font> جمع الجوامع 2 / 284 وإرشاد الفحول / 218.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٠٩)</span><hr/></div>قِيَامِ مَصَالِحِ الدِّينِ وَالدُّنْيَا.</p>قَال الشَّاطِبِيُّ: وَالْحِفَاظُ عَلَيْهَا يَكُونُ بِأَمْرَيْنِ.</p>أَحَدُهُمَا: مَا يُقِيمُ أَرْكَانَهَا وَيُثَبِّتُ قَوَاعِدَهَا، وَذَلِكَ عِبَارَةٌ عَنْ مُرَاعَاتِهَا مِنْ جَانِبِ الْوُجُودِ.</p>وَالثَّانِي: مَا يَدْرَأُ عَنْهَا الاِخْتِلَال الْوَاقِعَ أَوِ الْمُتَوَقَّعَ فِيهَا، وَذَلِكَ عِبَارَةٌ عَنْ مُرَاعَاتِهَا مِنْ جَانِبِ الْعَدَمِ.</p>فَأُصُول الْعِبَادَاتِ رَاجِعَةٌ إِلَى حِفْظِ الدِّينِ مِنْ جَانِبِ الْوُجُودِ، كَالإِْيمَانِ وَالنُّطْقِ بِالشَّهَادَتَيْنِ، وَالصَّلَاةِ، وَالزَّكَاةِ، وَالصِّيَامِ، وَالْحَجِّ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ.</p>وَالْعَادَاتُ رَاجِعَةٌ إِلَى حِفْظِ النَّفْسِ وَالْعَقْل مِنْ جَانِبِ الْوُجُودِ - أَيْضًا - كَتَنَاوُل الْمَأْكُولَاتِ، وَالْمَشْرُوبَاتِ، وَالْمَلْبُوسَاتِ، وَالْمَسْكُونَاتِ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ.</p>وَالْمُعَامَلَاتُ رَاجِعَةٌ إِلَى حِفْظِ النَّسْل وَالْمَال مِنْ جَانِبِ الْوُجُودِ، وَإِلَى حِفْظِ النَّفْسِ وَالْعَقْل - أَيْضًا - لَكِنْ بِوَاسِطَةِ الْعَادَاتِ.</p>وَالْجِنَايَاتُ تَرْجِعُ إِلَى حِفْظِ الْجَمِيعِ مِنْ جَانِبِ الْعَدَمِ.</p>وَقَدْ سَبَقَتِ الأَْمْثِلَةُ لِلْعِبَادَاتِ وَالْعَادَاتِ.</p>وَأَمَّا الْمُعَامَلَاتُ: فَمَا كَانَ رَاجِعًا إِلَى مَصْلَحَةِ الإِْنْسَانِ مَعَ غَيْرِهِ كَانْتِقَال الأَْمْلَاكِ بِعِوَضٍ أَوْ بِغَيْرِ عِوَضٍ، بِالْعَقْدِ عَلَى الرِّقَابِ أَوِ الْمَنَافِعِ أَوِ الأَْبْضَاعِ.</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٠٩)</span><hr/></div>وَالْجِنَايَاتُ مَا كَانَ عَائِدًا عَلَى مَا تَقَدَّمَ بِالإِْبْطَال، فَشُرِعَ فِيهَا مَا يَدْرَأُ ذَلِكَ الإِْبْطَال وَيَتَلَافَى تِلْكَ الْمَصَالِحَ كَالْقِصَاصِ وَالدِّيَاتِ لِلنَّفْسِ، وَالْحَدِّ لِلْعَقْل وَالنَّسْل، وَالْقَطْعِ وَالتَّضْمِينِ لِلْمَال (1) .</p> </p>ب -‌<span class="title">‌ رُتْبَةُ الضَّرُورِيَّاتِ:</span></p><font color=#ff0000>6 -</font> الضَّرُورِيَّاتُ أَقْوَى مَرَاتِبِ الْمَصْلَحَةِ فَقَدْ قَسَّمَ الْغَزَالِيُّ الْمَصْلَحَةَ بِاعْتِبَارِ قُوَّتِهَا فِي ذَاتِهَا إِلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ:</p>أ - رُتْبَةِ الضَّرُورِيَّاتِ.</p>ب - رُتْبَةِ الْحَاجِيَّاتِ.</p>ج - رُتْبَةِ التَّحْسِينِيَّاتِ.</p>ثُمَّ قَال: وَالْمَقْصُودُ بِالْمَصْلَحَةِ: الْمُحَافَظَةُ عَلَى مَقْصُودِ الشَّرْعِ، وَمَقْصُودُ الشَّرْعِ مِنَ الْخَلْقِ خَمْسَةٌ - وَهُوَ أَنْ يَحْفَظَ عَلَيْهِمْ دِينَهُمْ، وَنَفْسَهُمْ، وَعَقْلَهُمْ، وَنَسْلَهُمْ، وَمَالَهُمْ.</p>هَذِهِ الأُْصُول الْخَمْسَةُ حِفْظُهَا وَاقِعٌ فِي رُتْبَةِ الضَّرُورِيَّاتِ فَهِيَ أَقْوَى الْمَرَاتِبِ فِي الْمَصَالِحِ.</p>وَيَلِي الضَّرُورِيَّاتِ فِي الرُّتْبَةِ الْحَاجِيَّاتُ ثُمَّ التَّحْسِينِيَّاتُ (2) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الموافقات 2 / 8 - 10، والمستصفى 1 / 286 - 287، وفواتح الرحموت 2 / 262.</p><font color=#ff0000>(2)</font> المستصفى 1 / 286، وفواتح الرحموت 2 / 262.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢١٠)</span><hr/></div>ج -‌<span class="title">‌ الاِحْتِجَاجُ بِالضَّرُورِيَّاتِ:</span></p><font color=#ff0000>7 -</font> الضَّرُورِيَّاتُ أَقْوَى مَرَاتِبِ الْمَصْلَحَةِ، وَفِي الاِحْتِجَاجِ بِهَا خِلَافٌ بَيْنَ الأُْصُولِيِّينَ.</p>فَقَال الْغَزَالِيُّ: يَجُوزُ أَنْ يُؤَدِّيَ إِلَيْهَا اجْتِهَادُ مُجْتَهِدٍ وَإِنْ لَمْ يَشْهَدْ لَهَا أَصْلٌ مُعَيَّنٌ، وَمِثَال ذَلِكَ: أَنَّ الْكُفَّارَ إِذَا تَتَرَّسُوا بِجَمَاعَةٍ مِنْ أَسَارَى الْمُسْلِمِينَ، فَلَوْ كَفَفْنَا عَنْهُمْ لَصَدَمُونَا، وَغَلَبُوا عَلَى دَارِ الإِْسْلَامِ، وَقَتَلُوا كَافَّةَ الْمُسْلِمِينَ، وَلَوْ رَمَيْنَا التُّرْسَ لَقَتَلْنَا مُسْلِمًا مَعْصُومًا لَمْ يُذْنِبْ ذَنْبًا، وَهَذَا لَا عَهْدَ بِهِ فِي الشَّرِيعَةِ، وَلَوْ كَفَفْنَا لَسَلَّطْنَا الْكُفَّارَ عَلَى جَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ فَيَقْتُلُونَهُمْ ثُمَّ يَقْتُلُونَ الأَْسَارَى أَيْضًا.</p>لَكِنْ الْغَزَالِيُّ إِنَّمَا يَعْتَبِرُهَا بِشُرُوطٍ ثَلَاثَةٍ قَال: وَانْقَدَحَ اعْتِبَارُهَا بِاعْتِبَارِ ثَلَاثَةِ أَوْصَافٍ: أَنْ تَكُونَ ضَرُورِيَّةً قَطْعِيَّةً كُلِّيَّةً (1) .</p>وَهِيَ حُجَّةٌ عِنْدَ الإِْمَامِ مَالِكٍ، لأَِنَّ اللَّهَ تَعَالَى إِنَّمَا بَعَثَ الرُّسُل لِتَحْصِيل مَصَالِحِ الْعِبَادِ عَمَلاً بِالاِسْتِقْرَاءِ، فَمَهْمَا وَجَدْنَا مَصْلَحَةً غَلَبَ عَلَى الظَّنِّ أَنَّهَا مَطْلُوبَةٌ لِلشَّرْعِ (2) .</p>وَيُنْظَرُ تَفْصِيل ذَلِكَ: فِي الْمُلْحَقِ الأُْصُولِيِّ.<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المستصفى 1 / 294 - 296، والذخيرة / 142.</p><font color=#ff0000>(2)</font> الذخيرة / 142، وهامش الفروق 4 / 70.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢١٠)</span><hr/></div>د -‌<span class="title">‌ الضَّرُورِيَّاتُ أَصْلٌ لِمَا سِوَاهَا مِنْ الْمَقَاصِدِ:</span></p><font color=#ff0000>8 -</font> الْمَقَاصِدُ الضَّرُورِيَّةُ فِي الشَّرِيعَةِ أَصْلٌ لِلْحَاجِيَّةِ. وَالتَّحْسِينِيَّة فَلَوْ فُرِضَ اخْتِلَال الضَّرُورِيِّ بِإِطْلَاقٍ لَاخْتَل الْحَاجِيُّ وَالتَّحْسِينِيُّ بِإِطْلَاقٍ، وَلَا يَلْزَمُ مِنَ اخْتِلَال الْحَاجِيِّ وَالتَّحْسِينِيِّ اخْتِلَال الضَّرُورِيِّ بِإِطْلَاقٍ - وَمَعَ ذَلِكَ فَقَدْ يَلْزَمُ مِنَ اخْتِلَال الْحَاجِيِّ بِإِطْلَاقٍ اخْتِلَال الضَّرُورِيِّ بِوَجْهٍ مِنَ الْوُجُوهِ - فَالْحَاجِيُّ يَخْدُمُ الضَّرُورِيَّ، وَالضَّرُورِيُّ هُوَ الْمَطْلُوبُ لأَِنَّهُ الأَْصْل.</p>وَبَيَانُ ذَلِكَ أَنَّ مَصَالِحَ الدِّينِ وَالدُّنْيَا مَبْنِيَّةٌ عَلَى الْمُحَافَظَةِ عَلَى الأُْمُورِ الْخَمْسَةِ الْمَعْرُوفَةِ، فَإِذَا اعْتُبِرَ قِيَامُ هَذَا الْوُجُودِ الدُّنْيَوِيِّ مَبْنِيًّا عَلَيْهَا حَتَّى إِذَا انْخَرَمَتْ لَمْ يَبْقَ لِلدُّنْيَا وُجُودٌ، (أَيْ مَا هُوَ خَاصٌّ بِالْمُكَلَّفِينَ وَالتَّكْلِيفِ) .</p>وَكَذَلِكَ الأُْمُورُ الأُْخْرَوِيَّةُ لَا قِيَامَ لَهَا إِلَاّ بِذَلِكَ، فَلَوْ عُدِمَ الدِّينُ عُدِمَ تَرَتُّبُ الْجَزَاءِ الْمُرْتَجَى، وَلَوْ عُدِمَ الْمُكَلَّفُ لَعُدِمَ مَنْ يَتَدَيَّنُ، وَلَوْ عُدِمَ الْعَقْل لَارْتَفَعَ التَّدَيُّنُ، وَلَوْ عُدِمَ النَّسْل لَمْ يَكُنْ فِي الْعَادَةِ بَقَاءٌ، وَلَوْ عُدِمَ الْمَال لَمْ يَبْقَ عَيْشٌ، فَلَوِ ارْتَفَعَ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ بَقَاءٌ، وَهَذَا</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢١١)</span><hr/></div>كُلُّهُ مَعْلُومٌ لَا يَرْتَابُ فِيهِ مَنْ عَرَفَ تَرْتِيبَ أَحْوَال الدُّنْيَا وَأَنَّهَا زَادٌ لِلآْخِرَةِ (1) .</p> </p>هـ -‌<span class="title">‌ اخْتِلَال الضَّرُورِيِّ يَلْزَمُ مِنْهُ اخْتِلَال الْحَاجِيِّ وَالتَّحْسِينِيِّ:</span></p><font color=#ff0000>9 -</font> إِذَا ثَبَتَ أَنَّ الضَّرُورِيَّ أَصْلٌ لِلْحَاجِيِّ وَالتَّحْسِينِيِّ وَأَنَّهُمَا مَبْنِيَّانِ عَلَيْهِ بِاعْتِبَارِهِمَا وَصْفَيْنِ مِنْ أَوْصَافِهِ، أَوْ فَرْعَيْنِ مِنْ فُرُوعِهِ، لَزِمَ مِنَ اخْتِلَالِهِ اخْتِلَالُهُمَا؛ لأَِنَّ الأَْصْل إِذَا اخْتَل اخْتَل الْفَرْعُ مِنْ بَابٍ أَوْلَى.</p>فَلَوْ فَرَضْنَا ارْتِفَاعَ أَصْل الْبَيْعِ مِنَ الشَّرِيعَةِ لَمْ يَكُنِ اعْتِبَارُ الْجَهَالَةِ وَالْغَرَرِ، وَلَوِ ارْتَفَعَ أَصْل الْقِصَاصِ لَمْ يَكُنِ اعْتِبَارُ الْمُمَاثَلَةِ فِيهِ، وَهَكَذَا (2) .</p>وَفِي الْمَوْضُوعِ تَفْصِيلَاتٌ تُنْظَرُ:(فِي الْمُلْحَقِ الأُْصُولِيِّ.)<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الموافقات 2 / 16 - 17.</p><font color=#ff0000>(2)</font> الموافقات 2 / 17.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢١١)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌ضِفْدَعٌ</span></p> </p>انْظُرْ: أَطْعِمَةٌ</p> </p>‌<span class="title">‌ضَفَائِرُ</span></p> </p>انْظُرْ: شَعْرٌ، غَسْلٌ</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢١٢)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌ضِلْعٌ</span></p>‌<span class="title">‌التَّعْرِيفُ:</span></p><font color=#ff0000>1 -</font> الضِّلْعُ - بِفَتْحِ اللَاّمِ وَسُكُونِهَا - لُغَتَانِ بِمَعْنَى: مَحْنِيَّةِ الْجَنْبِ. وَهِيَ مُؤَنَّثَةٌ وَجَمْعُهَا: أَضْلُعٌ وَأَضَالِعُ وَأَضْلَاعٌ وَضُلُوعٌ وَهِيَ عِظَامُ الْجَنْبَيْنِ (1) .</p>وَلَا يَخْرُجُ الْمَعْنَى الاِصْطِلَاحِيُّ عَنِ الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ.</p> </p>‌<span class="title">‌الأَْحْكَامُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِالضِّلْعِ:</p>الْجِنَايَةُ عَلَى الضِّلْعِ:</span></p><font color=#ff0000>2 -</font> اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّهُ لَا قِصَاصَ فِي كَسْرِ الْعِظَامِ - بِمَا فِيهَا الضِّلْعُ - لِمَا رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال: لَا قِصَاصَ فِي الْعَظْمِ (2) وَلِعَدَمِ الْوُثُوقِ بِالْمُمَاثَلَةِ لأَِنَّهُ لَا يُعْلَمُ مَوْضِعُهُ، فَلَا يُؤْمَنُ فِيهِ التَّعَدِّي (3) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) لسان العرب، ومتن اللغة والمصباح المنير مادة (ضلع) .</p><font color=#ff0000>(2)</font> حديث:" لا قصاص في العظم ". أورده الزيلعي في نصب الراية (4 / 350) وقال: (غريب) يعني أنه لا أصل له كما ذكر ذلك في مقدمة كتابه، ثم ذكر أن ابن أبي شيبة أسند عن عمر بن الخطاب أنه قال: إنا لا نقيد من العظام، وعن ابن عباس أنه قال: ليس في العظام قصاص.</p><font color=#ff0000>(3)</font> ابن عابدين 5 / 254، والأشباه والنظائر للسيوطي ص 485، وروضة الطالبين 9 / 183، والدسوقي 4 / 253.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢١٢)</span><hr/></div>(ر: جِنَايَةٌ عَلَى مَا دُونَ النَّفْسِ ف 31) .</p>ثُمَّ اخْتَلَفُوا فِي مُوجَبِ كَسْرِ الضِّلْعِ:</p>فَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ - فِي الصَّحِيحِ - وَأَحْمَدُ - فِي رِوَايَةٍ - إِلَى أَنَّ كَسْرَ الضِّلْعِ لَيْسَ فِيهِ شَيْءٌ مُقَدَّرٌ، وَإِنَّمَا تَجِبُ فِيهِ حُكُومَةُ الْعَدْل، لأَِنَّهُ كَسْرُ عَظْمٍ فِي غَيْرِ الرَّأْسِ وَالْوَجْهِ، فَلَمْ يَجِبْ فِيهِ أَرْشٌ مُقَدَّرٌ، كَكَسْرِ عَظْمِ السَّاقِ (1) .</p>وَقَدْ قَيَّدَ الإِْمَامُ مَالِكٌ وُجُوبَ حُكُومَةِ الْعَدْل فِي كَسْرِ الضِّلْعِ إِذَا بَرَأَ عَلَى عَثَلٍ (2) وَإِذَا بَرَأَ عَلَى غَيْرِ عَثَلٍ فَلَا شَيْءَ فِيهِ (3) .</p>وَيَرَى الْحَنَابِلَةُ - عَلَى الْمَذْهَبِ - وَالشَّافِعِيَّةُ فِي أَحَدِ قَوْلَيْنِ - وَهُوَ الْمَذْهَبُ الْقَدِيمُ عِنْدَهُمْ كَمَا قَال السُّيُوطِيُّ - أَنَّهُ يَجِبُ فِي كَسْرِ الضِّلْعِ جَمَلٌ (4) ، لِمَا رَوَى أَسْلَمُ مَوْلَى عُمَرَ رضي الله عنه عَنْ عُمَرَ أَنَّهُ قَضَى فِي التَّرْقُوَةِ بِجَمَلٍ وَفِي الضِّلْعِ بِجَمَلٍ (5) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الفتاوى البزازية بهامش الهندية 6 / 394، والمدونة 6 / 322، والشرح الصغير 4 / 381، والمهذب 2 / 208 - 209، والإنصاف (10 / 114 نشر دار إحياء التراث العربي) والإفصاح لابن هبيرة (2 / 207 نشر المؤسسة السعيدية بالرياض) .</p><font color=#ff0000>(2)</font> أي جبرت على غير استواء - لسان العرب مادة (عثل) .</p><font color=#ff0000>(3)</font> المدونة (6 / 322 ط السعادة) .</p><font color=#ff0000>(4)</font> المهذب 2 / 208 - 209.</p><font color=#ff0000>(5)</font> أثر أسلم (أن عمر قضى في الترقوة بجمل. . .) أخرجه عبد الرزاق في المصنف (9 / 362، 367) .</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢١٣)</span><hr/></div>وَلِلتَّفْصِيل فِي كَيْفِيَّةِ تَقْدِيرِ حُكُومَةِ الْعَدْل وَشُرُوطِهَا يُنْظَرُ: (حُكُومَةُ عَدْلٍ وَجِنَايَةٌ عَلَى مَا دُونَ النَّفْسِ) .</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢١٣)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌ضِمَارٌ</span></p> </p>‌<span class="title">‌التَّعْرِيفُ:</span></p><font color=#ff0000>1 -</font> تُطْلَقُ كَلِمَةُ (الضِّمَارِ) فِي لُغَةِ الْعَرَبِ عَلَى: كُل شَيْءٍ لَسْتَ مِنْهُ عَلَى ثِقَةٍ (1) .</p>قَال الْجَوْهَرِيُّ: الضِّمَارُ مَا لَا يُرْجَى مِنَ الدَّيْنِ وَالْوَعْدِ، وَكُل مَا لَا تَكُونُ مِنْهُ عَلَى ثِقَةٍ (2) .</p>كَذَلِكَ يُطْلَقُ الضِّمَارُ فِي اللُّغَةِ عَلَى: خِلَافِ الْعِيَانِ، وَعَلَى: النَّسِيئَةِ أَيْضًا (3)، وَقِيل: أَصْل الضِّمَارِ مَا حُبِسَ عَنْ صَاحِبِهِ ظُلْمًا بِغَيْرِ حَقٍّ (4) .</p>وَحَكَى الْمُطَرِّزِيُّ أَنَّ أَصْلَهُ مِنَ الإِْضْمَارِ، وَهُوَ التَّغَيُّبُ وَالاِخْتِفَاءُ، وَمِنْهُ أَضْمَرَ فِي قَلْبِهِ شَيْئًا (5) .</p>أَمَّا الضِّمَارُ مِنَ الْمَال: فَهُوَ الْغَائِبُ الَّذِي لَا يُرْجَى عَوْدُهُ، فَإِذَا رُجِيَ فَلَيْسَ بِضِمَارٍ (6) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الكليات لأبي البقاء الكفوي 3 / 129، المغرب للمطرزي 2 / 12.</p><font color=#ff0000>(2)</font> الصحاح (مادة: ضمر) 2 / 722، وانظر لسان العرب (مادة: ضمر) .</p><font color=#ff0000>(3)</font> مشارق الأنوار للقاضي عياض 2 / 58، وانظر لسان العرب.</p><font color=#ff0000>(4)</font> مشارق الأنوار 2 / 58.</p><font color=#ff0000>(5)</font> المغرب 2 / 12.</p><font color=#ff0000>(6)</font> المصباح المنير 2 / 430، لسان العرب، مشارق الأنوار 2 / 58، المغرب 2 / 12، غريب الحديث لأبي عبيد 4 / 417.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢١٤)</span><hr/></div><font color=#ff0000>2 -</font> وَاصْطِلَاحًا يُطْلِقُ الْفُقَهَاءُ (الْمَال الضِّمَارَ) عَلَى الْمَال الَّذِي لَا يَتَمَكَّنُ صَاحِبُهُ مِنَ اسْتِنْمَائِهِ، لِزَوَال يَدِهِ عَنْهُ، وَانْقِطَاعِ أَمَلِهِ فِي عَوْدِهِ إِلَيْهِ (1) .</p>وَعَلَى هَذَا عَرَّفَهُ صَاحِبُ (الْمُحِيطِ) مِنَ الْحَنَفِيَّةِ بِقَوْلِهِ: هُوَ كُل مَا بَقِيَ أَصْلُهُ فِي مِلْكِهِ، وَلَكِنْ زَال عَنْ يَدِهِ زَوَالاً لَا يُرْجَى عَوْدُهُ فِي الْغَالِبِ (2) .</p>وَقَال الْكَاسَانِيُّ: هُوَ كُل مَالٍ غَيْرِ مَقْدُورِ الاِنْتِفَاعِ بِهِ مَعَ قِيَامِ أَصْل الْمِلْكِ (3) وَفِي مَجْمَعِ الأَْنْهُرِ: هُوَ: مَالٌ زَائِلٌ عَنِ الْيَدِ، غَيْرُ مَرْجُوِّ الْوُصُول غَالِبًا (4) .</p><font color=#ff0000>3 -</font> وَقَدْ ذَكَرَ الْفُقَهَاءُ لِلْمَال الضِّمَارِ صُوَرًا عَدِيدَةً أَهَمُّهَا:</p>(أ) الْمَال الْمَغْصُوبُ إِذَا لَمْ يَكُنْ لِصَاحِبِهِ عَلَى الْغَاصِبِ بَيِّنَةٌ، فَإِنْ كَانَتْ لَهُ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ فَلَيْسَ بِضِمَارٍ (5) .</p>(ب) الْمَال الْمَفْقُودُ، كَبَعِيرٍ مَفْقُودٍ، إِذْ هُوَ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الزرقاني على الموطأ 2 / 106.</p><font color=#ff0000>(2)</font> انظر الفتاوى الهندية 1 / 174.</p><font color=#ff0000>(3)</font> بدائع الصنائع 2 / 9، وانظر البحر الرائق 2 / 222، رد المحتار 2 / 9.</p><font color=#ff0000>(4)</font> مجمع الأنهر 1 / 194.</p><font color=#ff0000>(5)</font> البناية على الهداية 3 / 25، رد المحتار 2 / 9، شرح الوقاية لصدر الشريعة 1 / 98، الفتاوى الهندية 1 / 174، مجمع الأنهر 1 / 194، البحر الرائق 2 / 223، الهداية مع فتح القدير والعناية والكفاية 2 / 122 ط (الميمنية 1319 هـ) .</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢١٤)</span><hr/></div>كَالْهَالِكِ، لِعَدَمِ قُدْرَتِهِ عَلَيْهِ (1) .</p>(ج) الْمَال السَّاقِطُ فِي الْبَحْرِ، لأَِنَّهُ فِي حُكْمِ الْعَدَمِ (2) .</p>(د) الْمَال الْمَدْفُونُ فِي بَرِّيَّةٍ أَوْ صَحْرَاءَ إِذَا نَسِيَ صَاحِبُهُ مَكَانَهُ، ثُمَّ تَذَكَّرَهُ بَعْدَ زَمَانٍ (3) .</p>(هـ) الْمَال الَّذِي أَخَذَهُ السُّلْطَانُ مُصَادَرَةً ظُلْمًا، ثُمَّ وَصَل إِلَيْهِ بَعْدَ سِنِينَ (4) .</p>(و) الدَّيْنُ الْمَجْحُودُ الَّذِي جَحَدَهُ الْمَدِينُ سِنِينَ عَلَانِيَةً إِذَا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ، ثُمَّ صَارَتْ لَهُ بَيِّنَةٌ بَعْدَ سِنِينَ، بِأَنْ أَقَرَّ الْجَاحِدُ عِنْدَ قَوْمٍ بِهِ (5) .</p>(ز) الْمَال الَّذِي ذَهَبَ بِهِ الْعَدُوُّ إِلَى دَارِ الْحَرْبِ (6) .</p>(ح) الْمَال الْمُودَعُ عِنْدَ مَنْ لَا يَعْرِفُهُ إِذَا نَسِيَ شَخْصَهُ سِنِينَ، ثُمَّ تَذَكَّرَهُ (7) .</p><font color=#ff0000>4 -</font> وَيُلَاحَظُ بِالتَّأَمُّل فِي هَذِهِ الصُّوَرِ الَّتِي<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المراجع السابقة.</p><font color=#ff0000>(2)</font> المراجع السابقة.</p><font color=#ff0000>(3)</font> المراجع السابقة.</p><font color=#ff0000>(4)</font> الفرق بين المصادرة والغصب كما قال ابن عابدين في رد المحتار 2 / 9 أن المصادرة: أن يأمره بأن يأتي بالمال، والغصب: أخذ المال مباشرة على وجه القهر.</p><font color=#ff0000>(5)</font> مجمع الأنهر 1 / 194، الفتاوى الهندية 1 / 174، رد المحتار 2 / 9، البناية على الهداية 3 / 25، الهداية مع فتح القدير والعناية والكفاية 2 / 121، شرح الوقاية لصدر الشريعة 1 / 98.</p><font color=#ff0000>(6)</font> المراجع السابقة.</p><font color=#ff0000>(7)</font> فتح القدير 2 / 121 (الميمنية 1319 هـ) .</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢١٥)</span><hr/></div>ذَكَرَهَا الْفُقَهَاءُ أَنَّ الْمَال الضِّمَارَ قَدْ يَكُونُ عَيْنًا يَئِسَ صَاحِبُهَا مِنَ الْوُصُول إِلَيْهَا، وَقَدْ يَكُونُ دَيْنًا لَا يُرْجَى لِجُحُودِ الْمَدِينِ وَعَدَمِ الْبَيِّنَةِ. يَشْهَدُ لِذَلِكَ فِي الدُّيُونِ مَا رَوَى ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي مُصَنَّفِهِ وَأَبُو عُبَيْدٍ فِي الأَْمْوَال وَابْنُ زَنْجُوَيْهِ عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ قَال: أَخَذَ الْوَلِيدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ مَال رَجُلٍ مِنْ أَهْل الرَّقَّةِ يُقَال لَهُ أَبُو عَائِشَةَ، عِشْرِينَ أَلْفًا، فَأَلْقَاهَا فِي بَيْتِ الْمَال، فَلَمَّا وَلِيَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ أَتَاهُ وَلَدُهُ، فَرَفَعُوا مَظْلِمَتَهُمْ إِلَيْهِ، فَكَتَبَ إِلَى مَيْمُونٍ أَنِ ادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ، وَخُذُوا زَكَاةَ عَامِهِمْ هَذَا، فَإِنَّهُ لَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مَالاً ضِمَارًا أَخَذْنَا مِنْهُ زَكَاةَ مَا مَضَى (1) .</p>وَمَا رُوِيَ عَنْ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ أَنَّهُ قَال: إِذَا حَضَرَ الْوَقْتُ الَّذِي يُؤَدِّي الرَّجُل فِيهِ زَكَاتَهُ أَدَّى عَنْ كُل مَالٍ وَعَنْ كُل دَيْنٍ، إِلَاّ مَا كَانَ مِنْهُ ضِمَارًا لَا يَرْجُوهُ (2) .</p> </p>‌<span class="title">‌الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:</span></p>أ -‌<span class="title">‌ الدَّيْنُ:</span></p><font color=#ff0000>5 -</font> هُوَ: كُل مَا ثَبَتَ فِي الذِّمَّةِ مِنْ مَالٍ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) مصنف ابن أبي شيبة 3 / 202، الأموال لابن زنجويه، 3 / 957، الأموال لأبي عبيد ص 590، الدراية في تخريج أحاديث الهداية لابن حجر 1 / 249، غريب الحديث لأبي عبيد 4 / 417، فتح القدير 2 / 123.</p><font color=#ff0000>(2)</font> الدراية لابن حجر 1 / 250، البناية على الهداية 3 / 26، فتح القدير 2 / 123، وانظر الأموال لابن زنجويه 3 / 956، الأموال لأبي عبيد ص 590.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢١٥)</span><hr/></div>بِسَبَبٍ يَقْتَضِي ثُبُوتَهُ (1) . (ر: دَيْنٌ) .</p> </p>ب -‌<span class="title">‌ الْعَيْنُ:</span></p><font color=#ff0000>6 -</font> هِيَ: الشَّيْءُ الْمُعَيَّنُ الْمُشَخَّصُ، كَبَيْتٍ وَسَيَّارَةٍ، وَحِصَانٍ، وَكُرْسِيٍّ، وَصُبْرَةِ حِنْطَةٍ، وَصُبْرَةِ دَرَاهِمَ حَاضِرَتَيْنِ (2) . (ر: دَيْنٌ) .</p> </p>ج -‌<span class="title">‌ الْمِلْكُ:</span></p><font color=#ff0000>7 -</font> الْمِلْكُ: هُوَ حُكْمٌ شَرْعِيٌّ مُقَدَّرٌ فِي الْعَيْنِ أَوِ الْمَنْفَعَةِ، وَيَقْتَضِي تَمَكُّنَ مَنْ يُضَافُ إِلَيْهِ مِنَ انْتِفَاعِهِ بِالْمَمْلُوكِ، وَالْعِوَضِ عَنْهُ مِنْ حَيْثُ هُوَ كَذَلِكَ (3) . (ر: مِلْكِيَّةٌ) .</p> </p>د -‌<span class="title">‌ التَّوَى:</span></p><font color=#ff0000>8 -</font> التَّوَى مَعْنَاهُ: الْهَلَاكُ، وَالْمَال التَّاوِي: هُوَ الذَّاهِبُ الَّذِي لَا يُرْجَى (4) . (ر: تَوًى) .</p> </p>هـ -‌<span class="title">‌ الْجُحُودُ:</span></p><font color=#ff0000>9 -</font> الْجُحُودُ: هُوَ نَفْيُ مَا فِي الْقَلْبِ ثَبَاتُهُ، وَإِثْبَاتُ مَا فِي الْقَلْبِ نَفْيُهُ، وَلَيْسَ بِمُرَادِفٍ لِلنَّفْيِ مِنْ كُل وَجْهٍ (5) . (ر: إِنْكَارٌ) .</p> </p>و‌<span class="title">‌ الْبَيِّنَةُ:</span></p><font color=#ff0000>10 -</font> الْبَيِّنَةُ: هِيَ اسْمٌ لِكُل مَا يُبَيِّنُ الْحَقَّ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) انظر نهاية المحتاج 3 / 131، أسنى المطالب 1 / 356، شرح منتهى الإرادات 1 / 368.</p><font color=#ff0000>(2)</font> انظر مادة: 158، 159 من مجلة الأحكام العدلية.</p><font color=#ff0000>(3)</font> الفروق للقرافي:23.</p><font color=#ff0000>(4)</font> الأموال لابن زنجويه 3 / 957.</p><font color=#ff0000>(5)</font> الكليات لأبي البقاء 2 / 178.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢١٦)</span><hr/></div>وَيُظْهِرُهُ. فَكُل مَا يَقَعُ الْبَيَانُ بِهِ، وَيَرْتَفِعُ الإِْشْكَال بِوُجُودِهِ فَهُوَ بَيِّنَةٌ (1) . (ر: شَهَادَةٌ وَإِثْبَاتٌ) .</p> </p>ز -‌<span class="title">‌ الْغَصْبُ:</span></p><font color=#ff0000>11 -</font> الْغَصْبُ هُوَ الاِسْتِيلَاءُ عَلَى حَقِّ الْغَيْرِ عُدْوَانًا (2) . (ر: غَصْبٌ) .</p> </p>‌<span class="title">‌حُكْمُ الْمَال الضِّمَارِ:</span></p><font color=#ff0000>12 -</font> لَقَدِ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي حُكْمِ الْمَال الضِّمَارِ مِنْ حَيْثُ وُجُوبُ الزَّكَاةِ فِيهِ إِذَا وَصَل إِلَى يَدِ مَالِكِهِ بَعْدَ إِيَاسِهِ مِنَ الْحُصُول عَلَيْهِ، وَذَلِكَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ:</p> </p>‌<span class="title">‌الْقَوْل الأَْوَّل:</span></p><font color=#ff0000>13 -</font> ذَهَبَ الشَّافِعِيُّ - فِي الْجَدِيدِ - وَأَحْمَدُ - فِي رِوَايَةٍ عَنْهُ - وَالثَّوْرِيُّ وَزُفَرُ وَأَبُو عُبَيْدٍ الْقَاسِمُ بْنُ سَلَامٍ - وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ - إِلَى أَنَّهُ لَا زَكَاةَ فِيهِ وَهُوَ ضِمَارٌ، وَإِنَّمَا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ لِلسِّنِينَ الْمَاضِيَةِ إِذَا وَصَلَتْ إِلَيْهِ يَدُهُ (3) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) معين الحكام ص 68، الطرق الحكمية لابن القيم ص 14، تبصرة الحكام لابن فرحون 1 / 202، (بهامش فتاوى عليش) .</p><font color=#ff0000>(2)</font> الموسوعة جـ 24 / مصطلح (سرقة ف 5) .</p><font color=#ff0000>(3)</font> شرح منتهى الإرادات 1 / 365، والمغني 3 / 48 (ط. مكتبة الرياض الحديثة) ، البناية على الهداية 3 / 24، المهذب 1 / 149، روضة الطالبين 2 / 192، 194، الأم 2 / 51 (ط. محمد زهري النجار) المجموع للنووي 5 / 341 (ط. التضامن الأخوي) ، بدائع الصنائع 2 / 9.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢١٦)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌وَاسْتَدَلُّوا عَلَى ذَلِكَ:</span></p>(أَوَّلاً) بِقَوْل الصَّحَابَةِ رضي الله عنهم حَيْثُ رَوَى أَبُو عُبَيْدٍ فِي كِتَابِهِ (الأَْمْوَال) بِسَنَدِهِ عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه فِي الدَّيْنِ الْمَظْنُونِ أَنَّهُ قَال: إِنْ كَانَ صَادِقًا فَلْيُزَكِّهِ إِذَا قَبَضَهُ لِمَا مَضَى (1)، وَرُوِيَ - أَيْضًا - بِسَنَدِهِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما أَنَّهُ قَال: إِذَا لَمْ تَرْجُ أَخْذَهُ فَلَا تُزَكِّهِ حَتَّى تَأْخُذَهُ، فَإِذَا أَخَذْتَهُ فَزَكِّ عَنْهُ مَا عَلَيْهِ (2) .</p>(ثَانِيًا) بِأَنَّ السَّبَبَ - وَهُوَ الْمِلْكُ - قَدْ تَحَقَّقَ. . وَفَوَاتُ الْيَدِ غَيْرُ مُخِلٍّ بِالْوُجُوبِ كَمَال ابْنِ السَّبِيل، قَال الْكَاسَانِيُّ. لأَِنَّ وُجُوبَ الزَّكَاةِ يَعْتَمِدُ الْمِلْكَ دُونَ الْيَدِ، بِدَلِيل: ابْنِ السَّبِيل، فَإِنَّهُ تَجِبُ الزَّكَاةُ فِي مَالِهِ وَإِنْ كَانَتْ يَدُهُ فَائِتَةً، لِقِيَامِ مِلْكِهِ. . فَثَبَتَ أَنَّ الزَّكَاةَ وَظِيفَةُ الْمِلْكِ، وَالْمِلْكُ مَوْجُودٌ، فَتَجِبُ الزَّكَاةُ فِيهِ، إِلَاّ أَنَّهُ لَا يُخَاطَبُ بِالأَْدَاءِ لِلْحَال، لِعَجْزِهِ عَنِ الأَْدَاءِ لِبُعْدِ يَدِهِ عَنْهُ، وَهَذَا لَا يَنْفِي الْوُجُوبَ كَمَا فِي: ابْنِ السَّبِيل (3) .</p>وَقَال أَبُو عُبَيْدٍ: وَذَلِكَ لأَِنَّ هَذَا الْمَال - وَإِنْ كَانَ صَاحِبُهُ غَيْرَ رَاجٍ لَهُ وَلَا طَامِعٍ فِيهِ - فَإِنَّهُ مَالُهُ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الأموال لأبي عبيد ص 589 (ط. مكتبة الكليات الأزهرية 1388 هـ) .</p><font color=#ff0000>(2)</font> الأموال لأبي عبيد ص 590.</p><font color=#ff0000>(3)</font> البدائع 2 / 9.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢١٧)</span><hr/></div>وَمِلْكُ يَمِينِهِ، فَمَتَى ثَبَّتَهُ عَلَى غَرِيمِهِ بِالْبَيِّنَةِ أَوْ يَسُرَ بَعْدَ إِعْدَامٍ، كَانَ حَقُّهُ جَدِيدًا عَلَيْهِ، فَإِنْ أَخْطَأَهُ ذَلِكَ فِي الدُّنْيَا فَهُوَ لَهُ فِي الآْخِرَةِ، وَكَذَلِكَ إِنْ وَجَدَهُ بَعْدَ الضَّيَاعِ كَانَ لَهُ دُونَ النَّاسِ، فَلَا أَرَى مِلْكَهُ زَال عَنْهُ عَلَى حَالٍ، وَلَوْ كَانَ زَال عَنْهُ لَمْ يَكُنْ أَوْلَى بِهِ مِنْ غَيْرِهِ عِنْدَ الْوِجْدَانِ، فَكَيْفَ يَسْقُطُ حَقُّ اللَّهِ عَنْهُ فِي هَذَا الْمَال، وَمِلْكُهُ لَمْ يَزُل عَنْهُ؟ ، أَمْ كَيْفَ يَكُونُ أَحَقَّ بِهِ إِنْ كَانَ غَيْرَ مَالِكٍ لَهُ (1) ؟ .</p> </p>‌<span class="title">‌الْقَوْل الثَّانِي:</span></p><font color=#ff0000>14 -</font> ذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَصَاحِبَاهُ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ، وَأَحْمَدُ - فِي رِوَايَةٍ عَنْهُ - وَالشَّافِعِيُّ - فِي الْقَدِيمِ - وَاللَّيْثُ، وَأَبُو ثَوْرٍ، وَإِسْحَاقُ، وَقَتَادَةُ: إِلَى أَنَّهُ لَا تَجِبُ الزَّكَاةُ فِي الْمَال الضِّمَارِ، وَيَسْتَقْبِل مَالِكُهُ حَوْلاً مُسْتَأْنَفًا مِنْ يَوْمِ قَبْضِهِ (2)، وَنَقَلَهُ ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ الإِْمَامِ مَالِكٍ (3) .</p>وَاسْتَدَلُّوا عَلَى ذَلِكَ:</p>(أَوَّلاً) بِقَوْل الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الأموال لأبي عبيد ص 594، وانظر الأموال لابن زنجويه 3 / 962.</p><font color=#ff0000>(2)</font> البحر الرائق 2 / 222، مجمع الأنهر 194، الفتاوى الهندية 1 / 174، بدائع الصنائع 2 / 9، شرح الوقاية لصدر الشريعة 1 / 98، الهداية مع فتح القدير والعناية والكفاية 2 / 121، المغني لابن قدامة 2 / 46، 48، المهذب 1 / 149، المجموع للنووي 5 / 341، الإشراف للقاضي عبد الوهاب 1 / 166.</p><font color=#ff0000>(3)</font> الزرقاني على الموطأ 2 / 106، المقدمات الممهدات ص 229.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢١٧)</span><hr/></div>عَنْهُمْ، حَيْثُ رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه أَنَّهُ قَال: لَا زَكَاةَ فِي مَال الضِّمَارِ (1) .</p>(ثَانِيًا) بِأَنَّ مِنْ شُرُوطِ وُجُوبِ الزَّكَاةِ فِي الْمَال: الْمِلْكَ التَّامَّ، وَهُوَ غَيْرُ مُتَحَقَّقٍ فِيهِ، إِذْ هُوَ مَمْلُوكٌ رَقَبَةً لَا يَدًا، فَقَدْ خَرَجَ عَنْ يَدِهِ، وَتَصَرُّفِهِ فَلَمْ تَجِبْ عَلَيْهِ زَكَاتُهُ، كَالْمَال الَّذِي فِي يَدِ مُكَاتَبِهِ (2) .</p>(ثَالِثًا) وَبِأَنَّ الْمَال الضِّمَارَ غَيْرُ مُنْتَفَعٍ بِهِ فِي حَقِّ الْمَالِكِ، لِعَدَمِ وُصُول يَدِهِ إِلَيْهِ، وَالْمَال إِذَا لَمْ يَكُنْ مَقْدُورَ الاِنْتِفَاعِ بِهِ فِي حَقِّ الْمَالِكِ لَا يَكُونُ الْمَالِكُ بِهِ غَنِيًّا، وَلَا زَكَاةَ عَلَى غَيْرِ الْغَنِيِّ لِلْحَدِيثِ (3) .</p>(رَابِعًا) وَلأَِنَّ السَّبَبَ فِي وُجُوبِ الزَّكَاةِ هُوَ الْمَال النَّامِي، وَلَا نَمَاءَ إِلَاّ بِالْقُدْرَةِ عَلَى التَّصَرُّفِ، وَلَا قُدْرَةَ عَلَيْهِ فِي الضِّمَارِ، فَلَا زَكَاةَ، قَال الْعَيْنِيُّ: وَذَلِكَ لأَِنَّ النَّمَاءَ شَرْطٌ لِوُجُوبِ الزَّكَاةِ، وَقَدْ يَكُونُ النَّمَاءُ تَحْقِيقًا كَمَا فِي عُرُوضِ التِّجَارَةِ، أَوْ تَقْدِيرًا كَمَا فِي النَّقْدَيْنِ، وَالْمَال الَّذِي لَا يُرْجَى عَوْدُهُ لَا يُتَصَوَّرُ تَحَقُّقُ الاِسْتِنْمَاءِ فِيهِ، فَلَا يُقَدَّرُ الاِسْتِنْمَاءُ - أَيْضًا (4) -<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) قال الحافظ ابن حجر في (الدراية) (1 / 249) لم أجده عن علي ا. هـ. وقال العيني في البناية (3 / 26) : وقال الزيلعي: هذا غريب. قلت: أراد أنه لم يثبت مطلقا.</p><font color=#ff0000>(2)</font> انظر المهذب للشيرازي 1 / 149.</p><font color=#ff0000>(3)</font> بدائع الصنائع 2 / 9.</p><font color=#ff0000>(4)</font> البناية على الهداية 3 / 26.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢١٨)</span><hr/></div>(خَامِسًا) وَلأَِنَّ السَّبَبَ هُوَ الْمَال النَّامِي تَحْقِيقًا أَوْ تَقْدِيرًا بِالاِتِّفَاقِ، لِلاِتِّفَاقِ عَلَى أَنَّ مَنْ مَلَكَ مِنَ الْجَوَاهِرِ النَّفِيسَةِ مَا تُسَاوِي آلَافًا مِنَ الدَّنَانِيرِ وَلَمْ يَنْوِ فِيهَا التِّجَارَةَ، لَا تَجِبُ فِيهَا الزَّكَاةُ. وَوِلَايَةُ إِثْبَاتِ حَقِيقَةِ التِّجَارَةِ بِالْيَدِ، فَإِذَا فَاتَتِ انْتَفَى تَصَوُّرُ الاِسْتِنْمَاءِ تَحْقِيقًا، فَانْتَفَى تَقْدِيرًا، لأَِنَّ الشَّيْءَ إِنَّمَا يُقَدَّرُ تَقْدِيرًا إِذَا تُصُوِّرَ تَحْقِيقًا، وَعَلَى هَذَا انْتَفَى فِي النَّقْدَيْنِ - أَيْضًا - لاِنْتِفَاءِ نَمَائِهِمَا التَّقْدِيرِيِّ بِانْتِفَاءِ تَصَوُّرِ التَّحْقِيقِيِّ بِانْتِفَاءِ الْيَدِ، فَصَارَ بِانْتِفَائِهِمَا كَالتَّاوِي، فَلِذَلِكَ لَمْ تَجِبْ صَدَقَةُ الْفِطْرِ عَنِ الآْبِقِ، وَإِنَّمَا جَازَ عِتْقُهُ عَنِ الْكَفَّارَةِ، لأَِنَّ الْكَفَّارَةَ تَعْتَمِدُ مُجَرَّدَ الْمِلْكِ، وَبِالإِْبَاقِ وَالْكِتَابَةِ لَا يُنْتَقَصُ الْمِلْكُ أَصْلاً، بِخِلَافِ مَال ابْنِ السَّبِيل لِثُبُوتِ التَّقْدِيرِيِّ فِيهِ، لإِِمْكَانِ التَّحْقِيقِيِّ إِذَا وَجَدَ نَائِبًا (1) .</p> </p>‌<span class="title">‌الْقَوْل الثَّالِثُ:</span></p><font color=#ff0000>15 -</font> ذَهَبَ مَالِكٌ - فِي الْمَشْهُورِ عَنْهُ - وَالأَْوْزَاعِيُّ وَالْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ إِلَى أَنَّ عَلَى مَالِكِهِ أَنْ يُزَكِّيَهُ لِسَنَةٍ وَاحِدَةٍ إِذَا قَبَضَهُ (2) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) فتح القدير (الميمينة 1319 هـ) 2 / 123.</p><font color=#ff0000>(2)</font> الإشراف للقاضي عبد الوهاب 1 / 166، منح الجليل 1 / 356، شرح الزرقاني على خليل 2 / 158، المقدمات الممهدات لابن رشد ص 229، المنتقى للباجي 2 / 113، القوانين الفقهية ص 110 (ط. الدار العربية للكتاب) شرح الموطأ للزرقاني 2 / 106، المغني 3 / 47، الأموال لأبي عبيد ص 590، الأموال لابن زنجويه 3 / 956، المصنف لابن أبي شيبة 3 / 202.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢١٨)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌وَاسْتَدَلُّوا عَلَى ذَلِكَ:</span></p>(أَوَّلاً) بِمَا رَوَى مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأِ، وَأَبُو عُبَيْدٍ فِي الأَْمْوَال، وَابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي مُصَنَّفِهِ أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ كَتَبَ فِي مَالٍ قَبَضَهُ بَعْضُ الْوُلَاةِ ظُلْمًا، يَأْمُرُهُ بِرَدِّهِ إِلَى أَهْلِهِ، وَتُؤْخَذُ زَكَاتُهُ لِمَا مَضَى مِنَ السِّنِينَ، ثُمَّ عَقَّبَ بَعْدَ ذَلِكَ بِكِتَابٍ أَنْ لَا يُؤْخَذَ مِنْهُ إِلَاّ زَكَاةٌ وَاحِدَةٌ، فَإِنَّهُ كَانَ ضِمَارًا (1) .</p>قَال الْبَاجِيُّ: قَوْلُهُ أَوَّلاً أَنْ يُؤْخَذَ مِنْهُ الزَّكَاةُ لِمَا مَضَى مِنَ السِّنِينَ: أَنَّهُ لَمَّا كَانَ فِي مِلْكِهِ، وَلَمْ يَزُل عَنْهُ، كَانَ ذَلِكَ شُبْهَةً عِنْدَهُ فِي أَخْذِ الزَّكَاةِ مِنْهُ لِسَائِرِ الأَْعْوَامِ، ثُمَّ نَظَرَ بَعْدَ ذَلِكَ: فَرَأَى أَنَّ الزَّكَاةَ تَجِبُ فِي الْعَيْنِ، بِأَنْ يَتَمَكَّنَ مِنْ تَنْمِيَتِهِ، وَلَا يَكُونُ فِي يَدِ غَيْرِهِ، وَهَذَا مَالٌ قَدْ زَال عَنْ يَدِهِ إِلَى يَدِ غَيْرِهِ، وَمَنَعَ هَذَا عَنْ تَنْمِيَتِهِ، فَلَمْ تَجِبْ عَلَيْهِ غَيْرُ زَكَاةٍ وَاحِدَةٍ (2) .</p>(ثَانِيًا) قَال الْقَاضِي عَبْدُ الْوَهَّابِ: وَدَلِيلُنَا عَلَى أَنَّ عَلَيْهِ زَكَاةَ سَنَةٍ وَاحِدَةٍ: أَنَّهُ حَصَل فِي يَدِهِ فِي طَرَفِ الْحَوْل عَيْنُ نِصَابٍ، فَوَجَبَ عَلَيْهِ الزَّكَاةُ، وَلَا يُرَاعَى تَضَاعِيفُ الْحَوْل،<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) انظر الموطأ مع المنتقى 2 / 113، مصنف ابن أبي شيبة 3 / 202، الأموال لأبي عبيد ص 590، الأموال لابن زنجويه 3 / 957.</p><font color=#ff0000>(2)</font> المنتقى للباجي 2 / 113.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢١٩)</span><hr/></div>بِدَلِيل أَنَّهُ لَوْ كَانَ مَعَهُ فِي أَوَّل الْحَوْل نِصَابٌ، فَاشْتَرَى بِهِ سِلْعَةً ثُمَّ بَاعَهَا فِي آخِرِ الْحَوْل بِنِصَابٍ لَزِمَتْهُ الزَّكَاةُ، لِكَوْنِهَا عَيْنَا طَرَفَيِ الْحَوْل مِنْ غَيْرِ مُرَاعَاةٍ لِوَسَطِهِ (1) .</p> </p>‌<span class="title">‌صِيَامٌ</span></p> </p>انْظُرْ: صَوْمٌ</p> </p>‌<span class="title">‌ضَمَانَةٌ</span></p> </p>انْظُرْ: كَفَالَةٌ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الإشراف على مسائل الخلاف للقاضي عبد الوهاب 1 / 166.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢١٩)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌ضَمَانٌ</span></p> </p>‌<span class="title">‌التَّعْرِيفُ:</span></p><font color=#ff0000>1 -</font> يُطْلَقُ الضَّمَانُ فِي اللُّغَةِ عَلَى مَعَانٍ:</p>أ - مِنْهَا الاِلْتِزَامُ، تَقُول: ضَمِنْتُ الْمَال، إِذَا الْتَزَمْتَهُ، وَيَتَعَدَّى بِالتَّضْعِيفِ، فَتَقُول: ضَمَّنْتُهُ الْمَال، إِذَا أَلْزَمْتَهُ إِيَّاهُ.</p>ب - وَمِنْهَا: الْكَفَالَةُ، تَقُول: ضَمَّنْتُهُ الشَّيْءَ ضَمَانًا، فَهُوَ ضَامِنٌ وَضَمِينٌ، إِذَا كَفَلَهُ.</p>ج - وَمِنْهَا التَّغْرِيمُ، تَقُول: ضَمَّنْتُهُ الشَّيْءَ تَضْمِينًا، إِذَا غَرَّمْتَهُ، فَالْتَزَمَهُ (1)</p>أَمَّا فِي اصْطِلَاحِ الْفُقَهَاءِ فَيُطْلَقُ عَلَى الْمَعَانِي التَّالِيَةِ:</p>أ - يُطْلَقُ عَلَى كَفَالَةِ النَّفْسِ وَكَفَالَةِ الْمَال عِنْدَ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ مِنْ غَيْرِ الْحَنَفِيَّةِ، وَعَنْوَنُوا لِلْكَفَالَةِ بِالضَّمَانِ.</p>ب - وَيُطْلَقُ عَلَى غَرَامَةِ الْمُتْلَفَاتِ وَالْغُصُوبِ وَالتَّعْيِيبَاتِ وَالتَّغْيِيرَاتِ الطَّارِئَةِ.</p>ج - كَمَا يُطْلَقُ عَلَى ضَمَانِ الْمَال، وَالْتِزَامِهِ بِعَقْدٍ وَبِغَيْرِ عَقْدٍ.<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المصباح المنير للفيومي، والقاموس المحيط للفيروزآبادي مادة:(ضمن) .</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٢٠)</span><hr/></div>د - كَمَا يُطْلَقُ عَلَى وَضْعِ الْيَدِ عَلَى الْمَال، بِغَيْرِ حَقٍّ أَوْ بِحَقٍّ عَلَى الْعُمُومِ.</p>هـ - كَمَا يُطْلَقُ عَلَى مَا يَجِبُ بِإِلْزَامِ الشَّارِعِ، بِسَبَبِ الاِعْتِدَاءَاتِ: كَالدِّيَاتِ ضَمَانًا لِلأَْنْفُسِ، وَالأُْرُوشِ ضَمَانًا لِمَا دُونَهَا، وَكَضَمَانِ قِيمَةِ صَيْدِ الْحَرَمِ، وَكَفَّارَةِ الْيَمِينِ، وَكَفَّارَةِ الظِّهَارِ، وَكَفَّارَةِ الإِْفْطَارِ عَمْدًا فِي رَمَضَانَ.</p>وَقَدْ وُضِعَتْ لَهُ تَعَارِيفُ شَتَّى، تَتَنَاوَل هَذِهِ الإِْطْلَاقَاتِ فِي الْجُمْلَةِ، أَوْ تَتَنَاوَل بَعْضَهَا، مِنْهَا:</p>أ - أَنَّهُ (عِبَارَةٌ عَنْ رَدِّ مِثْل الْهَالِكِ، إِنْ كَانَ مِثْلِيًّا، أَوْ قِيمَتِهِ إِنْ كَانَ قِيمِيًّا)(1) .</p>ب - وَأَنَّهُ (عِبَارَةٌ عَنْ غَرَامَةِ التَّالِفِ)(2) .</p>ج - وَبِالْمَعْنَى الشَّامِل لِلْكَفَالَةِ - كَمَا يَقُول الْقَلْيُوبِيُّ -: إِنَّهُ الْتِزَامُ دَيْنٍ أَوْ إِحْضَارُ عَيْنٍ أَوْ بَدَنٍ (3) .</p>د - وَفِي مَجَلَّةِ الأَْحْكَامِ الْعَدْلِيَّةِ أَنَّهُ إِعْطَاءُ مِثْل الشَّيْءِ إِنْ كَانَ مِنَ الْمِثْلِيَّاتِ وَقِيمَتِهِ إِنْ كَانَ مِنَ الْقِيمِيَّاتِ (4) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) غمز عيون البصائر للحموي شرح الأشباه والنظائر، لابن نجيم الحنفي 4 / 6 ط. دار الكتب العلمية في بيروت.</p><font color=#ff0000>(2)</font> نيل الأوطار للشوكاني، شرح منتقى الأخبار، لابن تيمية الجد 5 / 299.</p><font color=#ff0000>(3)</font> حاشية القليوبي على شرح المحلي على المنهاج 2 / 323.</p><font color=#ff0000>(4)</font> المادة:416.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٢٠)</span><hr/></div>هـ - وَعِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ: (شَغْل ذِمَّةٍ أُخْرَى بِالْحَقِّ)(1) .</p> </p>‌<span class="title">‌الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:</span></p>أ -‌<span class="title">‌ الاِلْتِزَامُ:</span></p><font color=#ff0000>2 -</font> الاِلْتِزَامُ فِي اللُّغَةِ. الثُّبُوتُ وَالدَّوَامُ، وَفِي الاِصْطِلَاحِ الْفِقْهِيِّ: إِلْزَامُ الْمَرْءِ نَفْسَهُ مَا لَمْ يَكُنْ لَازِمًا لَهَا (2) .</p> </p>ب -‌<span class="title">‌ الْعَقْدُ:</span></p><font color=#ff0000>3 -</font> الْعَقْدُ: ارْتِبَاطُ أَجْزَاءِ التَّصَرُّفِ الشَّرْعِيِّ، بِالإِْيجَابِ وَالْقَبُول (3)، وَفِي الْمَجَلَّةِ (4) : ارْتِبَاطُ الإِْيجَابِ بِالْقَبُول عَلَى وَجْهٍ مَشْرُوعٍ يَثْبُتُ أَثَرُهُ فِي مَحَلِّهِ، فَإِذَا قُلْتَ: زَوَّجْتُ، وَقَال: قَبِلْتُ، وُجِدَ مَعْنًى شَرْعِيٌّ، وَهُوَ النِّكَاحُ، يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ حُكْمٌ شَرْعِيٌّ، وَهُوَ: مِلْكُ الْمُتْعَةِ.</p> </p>ج -‌<span class="title">‌ الْعُهْدَةُ:</span></p><font color=#ff0000>4 -</font> الْعُهْدَةُ فِي اللُّغَةِ: وَثِيقَةُ الْمُتَبَايِعَيْنِ، لأَِنَّهُ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) جواهر الإكليل للآبي، شرح مختصر سيدي خليل 2 / 109 ط: دار المعرفة في بيروت.</p><font color=#ff0000>(2)</font> غمز عيون البصائر على محاسن الأشباه والنظائر للحموي 2 / 611 ط: الآستانة سنة 1290 هـ، والتعريفات للجرجاني.</p><font color=#ff0000>(3)</font> درر الحكام في شرح غرر الأحكام لملا خسرو 1 / 326 ط: الآستانة - 1329 - 1330 هـ. أول كتاب النكاح، والتعريفات للجرجاني.</p><font color=#ff0000>(4)</font> المادة: 103 و 104.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٢١)</span><hr/></div>يُرْجَعُ إِلَيْهَا عِنْدَ الاِلْتِبَاسِ (1) . وَهِيَ كِتَابُ الشِّرَاءِ، أَوْ هِيَ الدَّرَكُ (2) أَيْ ضَمَانُ الثَّمَنِ لِلْمُشْتَرِي إِنِ اسْتُحِقَّ الْمَبِيعُ أَوْ وُجِدَ فِيهِ عَيْبٌ.</p>وَفِي الاِصْطِلَاحِ تُطْلَقُ عِنْدَ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ عَلَى هَذَيْنِ الْمَعْنَيَيْنِ: الْوَثِيقَةِ وَالدَّرَكِ (3) .</p>وَعَرَّفَهَا الْمَالِكِيَّةُ بِأَنَّهَا: تَعَلُّقُ ضَمَانِ الْمَبِيعِ بِالْبَائِعِ أَيْ كَوْنُ الْمَبِيعِ فِي ضَمَانِ الْبَائِعِ بَعْدَ الْعَقْدِ، مِمَّا يُصِيبُهُ فِي مُدَّةٍ خَاصَّةٍ (4) .</p>وَالضَّمَانُ أَعَمُّ، وَالْعُهْدَةُ أَخَصُّ.</p> </p>د -‌<span class="title">‌ التَّصَرُّفُ:</span></p><font color=#ff0000>5 -</font> التَّصَرُّفُ هُوَ التَّقْلِيبُ، تَقُول: صَرَّفْتُهُ فِي الأَْمْرِ تَصْرِيفًا فَتَصَرَّفَ، أَيْ قَلَّبْتُهُ فَتَقَلَّبَ (5) .</p>وَفِي الاِصْطِلَاحِ يُفْهَمُ مِنْ كَلَامِ الْفُقَهَاءِ: أَنَّهُ مَا يَصْدُرُ مِنَ الشَّخْصِ مِنْ قَوْلٍ أَوْ فِعْلٍ، وَيُرَتِّبُ عَلَيْهِ الشَّارِعُ حُكْمًا، كَالْعَقْدِ وَالطَّلَاقِ وَالإِْبْرَاءِ وَالإِْتْلَافِ.<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المصباح المنير. مادة (عهد) .</p><font color=#ff0000>(2)</font> مختار الصحاح. مادة (عهد) وانظر حاشية القليوبي على شرح المحلي على المنهاج 2 / 325.</p><font color=#ff0000>(3)</font> رد المحتار 4 / 281 وانظر شرح المحلي على المنهاج 2 / 325، والإقناع في حل ألفاظ أبي شجاع للشربيني الخطيب وحاشية البيجيرمي عليه 2 / 101.</p><font color=#ff0000>(4)</font> شرح كفاية الطالب لرسالة ابن أبي زيد القيرواني وحاشية العدوي عليها 2 / 160.</p><font color=#ff0000>(5)</font> القاموس المحيط، مادة: (صرف) .</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٢١)</span><hr/></div>(ر: تَصَرُّفٌ ف 1) وَهُوَ بِهَذَا الْمَعْنَى أَعَمُّ مِنَ الضَّمَانِ.</p> </p>‌<span class="title">‌مَشْرُوعِيَّةُ الضَّمَانِ:</span></p><font color=#ff0000>6 -</font> شُرِعَ الضَّمَانُ، حِفْظًا لِلْحُقُوقِ، وَرِعَايَةً لِلْعُهُودِ، وَجَبْرًا لِلأَْضْرَارِ، وَزَجْرًا لِلْجُنَاةِ، وَحَدًّا لِلاِعْتِدَاءِ، فِي نُصُوصٍ كَثِيرَةٍ مِنَ الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ، وَالسُّنَّةِ النَّبَوِيَّةِ، وَذَلِكَ فِيمَا يَلِي:</p>أ - فِيمَا يَتَّصِل بِمَعْنَى الْكَفَالَةِ، بِقَوْلِهِ تَعَالَى:{وَلِمَنْ جَاءَ بِهِ حِمْل بَعِيرٍ وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ} (1) أَيْ كَفِيلٌ ضَامِنٌ، فَقَدْ ضَمِنَ يُوسُفُ عليه السلام لِمَنْ جَاءَ بِصُوَاعِ الْمَلِكِ - وَهُوَ إِنَاؤُهُ الَّذِي كَانَ يَشْرَبُ بِهِ - قَدْرَ مَا يَحْمِلُهُ الْبَعِيرُ مِنَ الطَّعَامِ.</p>ب - وَفِيمَا يَتَّصِل بِالإِْتْلَافَاتِ الْمَالِيَّةِ وَنَحْوِهَا، بِحَدِيثِ: أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ قَال: أَهْدَتْ بَعْضُ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم طَعَامًا فِي قَصْعَةٍ، فَضَرَبَتْ عَائِشَةُ الْقَصْعَةَ بِيَدِهَا فَأَلْقَتْ مَا فِيهَا، فَقَال النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: طَعَامٌ بِطَعَامٍ، وَإِنَاءٌ بِإِنَاءٍ (2) .</p>ج - وَفِيمَا يَتَّصِل بِضَمَانِ وَضْعِ الْيَدِ: حَدِيثُ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) سورة يوسف: 72.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حديث أنس: " أهدت بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم طعاما في قصعة. . . . " أخرجه الترمذي (3 / 631) وأصله في البخاري (5 / 124) .</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٢٢)</span><hr/></div>قَال: قَال رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: عَلَى الْيَدِ مَا أَخَذَتْ حَتَّى تُؤَدِّيَ (1) أَيْ ضَمَانَهُ.</p>د - وَفِيمَا يَتَّصِل بِالْجِنَايَاتِ - بِوَجْهٍ عَامٍّ وَنَحْوِهَا قَوْله تَعَالَى: {وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْل مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ} (2) .</p>هـ - وَفِيمَا يَتَّصِل بِجِنَايَاتِ الْبَهَائِمِ: حَدِيثُ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ أَنَّهُ كَانَتْ لَهُ نَاقَةٌ ضَارِيَةٌ فَدَخَلَتْ حَائِطًا فَأَفْسَدَتْ فِيهِ، فَقَضَى رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّ حِفْظَ الْحَوَائِطِ بِالنَّهَارِ عَلَى أَهْلِهَا، وَأَنَّ حِفْظَ الْمَاشِيَةِ بِاللَّيْل عَلَى أَهْلِهَا، وَأَنَّ مَا أَصَابَتِ الْمَاشِيَةُ بِاللَّيْل فَهُوَ عَلَى أَهْلِهَا (3) .</p>وَحَدِيثُ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ، قَال: قَال رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: مَنْ أَوْقَفَ دَابَّةً فِي سَبِيلٍ مِنْ سُبُل الْمُسْلِمِينَ، أَوْ فِي سُوقٍ مِنْ أَسْوَاقِهِمْ، فَأَوْطَأَتْ بِيَدٍ أَوْ رِجْلٍ فَهُوَ ضَامِنٌ (4) .</p>وَقَدْ أَجْمَعَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ الدِّمَاءَ وَالأَْمْوَال<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حديث سمرة بن جندب:" على اليد ما أخذت حتى تؤدي ". أخرجه الترمذي (3 / 557) وأشار ابن حجر في التلخيص (3 / 53) إلى إعلاله.</p><font color=#ff0000>(2)</font> سورة النحل / 126.</p><font color=#ff0000>(3)</font> حديث البراء بن عازب " أنه كانت له ناقة ضارية. . . ". أخرجه أحمد (4 / 295) والحاكم (2 / 48) وصححه الحاكم ووافقه الذهبي.</p><font color=#ff0000>(4)</font> حديث النعمان: " من أوقف دابة في سبيل من سبل المسلمين. . . " أخرجه الدارقطني (3 / 179) والبيهقي (8 / 344) وضعف البيهقي رجلين في إسناده.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٢٢)</span><hr/></div>مَصُونَةٌ فِي الشَّرْعِ، وَأَنَّ الأَْصْل فِيهَا الْحَظْرُ، وَأَنَّهُ لَا يَحِل دَمُ الْمُسْلِمِ وَلَا يَحِل مَالُهُ إِلَاّ بِحَقٍّ.</p> </p>‌<span class="title">‌مَا يَتَحَقَّقُ بِهِ الضَّمَانُ:</span></p><font color=#ff0000>7 -</font> لَا يَتَحَقَّقُ الضَّمَانُ إِلَاّ إِذَا تَحَقَّقَتْ هَذِهِ الأُْمُورُ: التَّعَدِّي، وَالضَّرَرُ، وَالإِْفْضَاءُ.</p> </p>‌<span class="title">‌أَوَّلاً: التَّعَدِّي:</span></p><font color=#ff0000>8 -</font> التَّعَدِّي فِي اللُّغَةِ، التَّجَاوُزُ. وَفِي الاِصْطِلَاحِ هُوَ: مُجَاوَزَةُ مَا يَنْبَغِي أَنْ يُقْتَصَرَ عَلَيْهِ شَرْعًا أَوْ عُرْفًا أَوْ عَادَةً (1) . وَضَابِطُ التَّعَدِّي هُوَ: مُخَالَفَةُ مَا حَدَّهُ الشَّرْعُ أَوْ الْعُرْفُ.</p>وَمِنَ الْقَوَاعِدِ الْمُقَرَّرَةِ فِي هَذَا الْمَوْضُوعِ (أَنَّ كُل مَا وَرَدَ بِهِ الشَّرْعُ مُطْلَقًا، وَلَا ضَابِطَ لَهُ فِيهِ، وَلَا فِي اللُّغَةِ، يُرْجَعُ فِيهِ إِلَى الْعُرْفِ)(2) .</p>وَذَلِكَ مِثْل: الْحِرْزِ فِي السَّرِقَةِ، وَالإِْحْيَاءِ فِي الْمَوَاتِ، وَالاِسْتِيلَاءِ فِي الْغَصْبِ، وَكَذَلِكَ التَّعَدِّي فِي الضَّمَانِ، فَإِذَا كَانَ التَّعَدِّي مُجَاوَزَةَ مَا يَنْبَغِي أَنْ يَقْتَصِرَ عَلَيْهِ، رَجَعَ فِي ضَابِطِهِ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) تفسير الرازي:(مفاتيح الغيب) 2 / 121 ط: الآستانة، دار الطباعة العامرة: 1307 و 1308 هـ، وتفسير الآلوسي 2 / 510 ط: المطبعة المنيرية في القاهرة.</p><font color=#ff0000>(2)</font> الأشباه والنظائر، للسيوطي ص 98 ط: دار الكتب العلمية في بيروت.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٢٣)</span><hr/></div>إِلَى عُرْفِ النَّاسِ فِيمَا يَعُدُّونَهُ مُجَاوَزَةً وَتَعَدِّيًا، سَوَاءٌ أَكَانَ عُرْفًا عَامًّا أَمْ خَاصًّا.</p>وَيَشْمَل التَّعَدِّي: الْمُجَاوَزَةَ وَالتَّقْصِيرَ، وَالإِْهْمَال، وَقِلَّةَ الاِحْتِرَازِ، كَمَا يَشْتَمِل الْعَمْدَ وَالْخَطَأَ (1) .</p> </p>‌<span class="title">‌ثَانِيًا: الضَّرَرُ:</span></p><font color=#ff0000>9 -</font> الضَّرَرُ فِي اللُّغَةِ: نَقْصٌ يَدْخُل عَلَى الأَْعْيَانِ (2) .</p>وَفِي الاِصْطِلَاحِ: إِلْحَاقُ مَفْسَدَةٍ بِالْغَيْرِ (3) ، وَهَذَا يَشْمَل الإِْتْلَافَ وَالإِْفْسَادَ وَغَيْرَهُمَا.</p>وَالضَّرَرُ قَدْ يَكُونُ بِالْقَوْل، كَرُجُوعِ الشَّاهِدَيْنِ عَنْ شَهَادَتِهِمَا، بَعْدَ الْقَضَاءِ وَقَبْضِ الْمُدَّعِي الْمَال، فَلَا يُفْسَخُ الْحُكْمُ، وَيَضْمَنَانِ مَا أَتْلَفَاهُ عَلَى الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ، سَوَاءٌ أَكَانَ دَيْنًا أَمْ عَيْنًا (4) .</p>وَقَدْ يَنْشَأُ الضَّرَرُ عَنِ الْفِعْل كَتَمْزِيقِ الثِّيَابِ، وَقَطْعِ الأَْشْجَارِ، وَحَرْقِ الْحَصَائِدِ.<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) راجع فروعا كثيرة في هذا: جامع الفصولين 2 / 122 وما بعدها، ومجمع الضمانات للبغدادي ص 40 وما بعدها ط. الأولى، بالمطبعة الخيرية في مصر: 1308 هـ، وتكملة فتح القدير 9 / 245 ط: دار إحياء التراث العربي.</p><font color=#ff0000>(2)</font> المصباح المنير، مادة: ضرر.</p><font color=#ff0000>(3)</font> فتح المبين لشرح الأربعين (النووية) لابن حجر الهيثمي (211) ط: العامرة الشرقية في القاهرة: 1322 هـ.</p><font color=#ff0000>(4)</font> تبيين الحقائق 4 / 244.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٢٣)</span><hr/></div>وَالضَّرَرُ قَدْ يَكُونُ بِالْقَوْل وَالْفِعْل كَمَا سَبَقَ، وَقَدْ يَكُونُ بِالتَّرْكِ، وَمِثَالُهُ: امْرَأَةٌ تُصْرَعُ أَحْيَانًا فَتَحْتَاجُ إِلَى حِفْظِهَا، فَإِنْ لَمْ يَحْفَظْهَا الزَّوْجُ حَتَّى أَلْقَتْ نَفْسَهَا فِي النَّارِ عِنْدَ الصَّرْعِ، فَعَلَيْهِ ضَمَانُهَا (1) .</p>وَدَابَّةٌ غُصِبَتْ فَتَبِعَهَا وَلَدُهَا، فَأَكَلَهُ الذِّئْبُ يَضْمَنُهُ الْغَاصِبُ، مَعَ أَنَّهُ لَمْ يُبَاشِرْ فِيهِ فِعْلاً (2) .</p>وَيُنْظَرُ التَّفْصِيل فِي مُصْطَلَحِ:(ضَرَر) .</p> </p>‌<span class="title">‌ثَالِثًا: الإِْفْضَاءُ:</span></p><font color=#ff0000>10 -</font> مِنْ مَعَانِي الإِْفْضَاءِ فِي اللُّغَةِ: الْوُصُول يُقَال: أَفْضَيْتُ إِلَى الشَّيْءِ: وَصَلْتُ إِلَيْهِ (3) .</p>وَلَا يَخْرُجُ الْمَعْنَى الاِصْطِلَاحِيُّ عَنِ الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ.</p>وَيُشْتَرَطُ لاِعْتِبَارِ الإِْفْضَاءِ فِي الضَّمَانِ مَا يَلِي:</p>أَنْ لَا يُوجَدَ لِلضَّرَرِ أَوِ الإِْتْلَافِ سَبَبٌ آخَرُ غَيْرُهُ، سَوَاءٌ أَكَانَ هُوَ مُبَاشَرَةً أَمْ تَسْبِيبًا.</p>وَأَنْ لَا يَتَخَلَّل بَيْنَ السَّبَبِ وَبَيْنَ الضَّرَرِ،<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حاشية الرملي على جامع الفصولين 2 / 81 نقلا عن نوازل أبي الليث.</p><font color=#ff0000>(2)</font> الدر المختار ورد المحتار 5 / 127، 113.</p><font color=#ff0000>(3)</font> المصباح المنير.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٢٤)</span><hr/></div>فِعْل فَاعِلٍ مُخْتَارٍ، وَإِلَاّ أُضِيفَ الضَّمَانُ إِلَيْهِ، لَا إِلَى السَّبَبِ، وَذَلِكَ لِمُبَاشَرَتِهِ (1) .</p> </p>‌<span class="title">‌تَعَدُّدُ مُحْدِثِي الضَّرَرِ:</span></p>إِذَا اعْتَدَى جَمْعٌ مِنَ الأَْشْخَاصِ، وَأَحْدَثُوا ضَرَرًا: فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ اعْتِدَاؤُهُمْ مِنْ نَوْعٍ وَاحِدٍ، بِأَنْ يَكُونُوا جَمِيعًا مُتَسَبِّبِينَ أَوْ مُبَاشِرِينَ، وَإِمَّا أَنْ يَخْتَلِفَ بِأَنْ يَكُونَ بَعْضُهُمْ مُبَاشِرًا، وَالآْخَرُ مُتَسَبِّبًا، فَهَاتَانِ حَالَانِ:</p> </p>‌<span class="title">‌الْحَال الأُْولَى:</span></p><font color=#ff0000>11 -</font> أَنْ يَكُونُوا جَمِيعًا مُبَاشِرِينَ أَوْ مُتَسَبِّبِينَ: فَإِمَّا أَنْ يَتَّحِدَ عَمَلُهُمْ فِي النَّوْعِ، أَوْ يَخْتَلِفَ.</p>أ - فَفِي الصُّورَةِ الأُْولَى، أَيْ إِذَا كَانُوا جَمِيعًا مُبَاشِرِينَ أَوْ مُتَسَبِّبِينَ وَاتَّحَدَ عَمَلُهُمْ نَوْعًا، كَانَ الضَّمَانُ عَلَيْهِمْ بِالسَّوِيَّةِ، كَمَا لَوْ تَعَمَّدَ جَمَاعَةٌ إِطْلَاقَ النَّارِ عَلَى شَخْصٍ وَاحِدٍ، وَلَمْ تُعْلَمْ إِصَابَةُ وَاحِدٍ مِنْهُمْ، يُقْتَصُّ مِنْهُمْ جَمِيعًا، وَهَذَا مَحْمَل قَوْل سَيِّدِنَا عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - لَوِ اشْتَرَكَ فِي قَتْلِهِ أَهْل صَنْعَاءَ، لَقَتَلْتُهُمْ جَمِيعًا (2) .</p>ب - وَإِذَا كَانُوا جَمِيعًا مُبَاشِرِينَ أَوْ مُتَسَبِّبِينَ، وَاتَّحَدَ عَمَلُهُمْ نَوْعًا، لَكِنِ اخْتَلَفَ عَمَلُهُمْ قُوَّةً وَضَعْفًا، كَمَا لَوْ حَفَرَ شَخْصٌ حُفْرَةً فِي<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) مجمع الضمانات (146) .</p><font color=#ff0000>(2)</font> الدر المختار ورد المحتار 5 / 357.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٢٤)</span><hr/></div>الطَّرِيقِ، وَجَاءَ آخَرُ فَوَسَّعَ رَأْسَهَا، أَوْ حَفَرَ الأَْوَّل حُفْرَةً وَعَمَّقَ الآْخَرُ أَسْفَلَهَا، فَتَرَدَّى فِي الْحُفْرَةِ حَيَوَانٌ أَوْ إِنْسَانٌ، فَالْقِيَاسُ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ هُوَ الاِعْتِدَادُ بِالسَّبَبِ الْقَوِيِّ، لأَِنَّهُ كَالْعِلَّةِ، عِنْدَ اجْتِمَاعِهَا مَعَ السَّبَبِ، وَهَذَا رَأْيُ الإِْمَامِ مُحَمَّدٍ مِنْهُمْ.</p>وَالاِسْتِحْسَانُ عِنْدَهُمْ، هُوَ الاِعْتِدَادُ بِالأَْسْبَابِ الَّتِي أَدَّتْ إِلَى الضَّرَرِ جَمِيعًا، قَلَّتْ أَوْ كَثُرَتْ، وَتَوْزِيعُ الضَّمَانِ عَلَيْهَا بِحَسَبِ الْقُوَّةِ وَالضَّعْفِ، فَيَجِبُ الضَّمَانُ أَثْلَاثًا، وَهُوَ رَأْيُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ (1) وَآخَرِينَ مِنَ الْحَنَابِلَةِ، وَإِنْ لَمْ يُمَيِّزُوا بَيْنَ الْقُوَّةِ وَالضَّعْفِ، وَاعْتَبَرُوا الاِشْتِرَاكَ (2) وَرُبَّمَا رَجَّحَ بَعْضُهُمُ السَّبَبَ الأَْوَّل (3) . كَحَافِرِ الْحُفْرَةِ وَنَاصِبِ السِّكِّينِ فِيهَا.</p> </p>‌<span class="title">‌الْحَال الثَّانِيَةُ:</span></p><font color=#ff0000>12 -</font> أَنْ يَكُونَ الْمُعْتَدُونَ مُخْتَلِفِينَ، بَعْضُهُمْ مُبَاشِرٌ، وَبَعْضُهُمْ مُتَسَبِّبٌ:</p>وَالأَْصْل - عِنْدَئِذٍ - تَقْدِيمُ الْمُبَاشِرِ عَلَى الْمُتَسَبِّبِ فِي التَّضْمِينِ (4) وَذَلِكَ لِلْقَاعِدَةِ الْعَامَّةِ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) تكملة البحر الرائق للطوري 8 / 397 ط: المطبعة العلمية في القاهرة 1311 هـ، ومجمع الضمانات ص 180.</p><font color=#ff0000>(2)</font> كشاف القناع 6 / 7.</p><font color=#ff0000>(3)</font> شرح المحلي على المنهاج 4 / 149.</p><font color=#ff0000>(4)</font> مجمع الضمانات (203) والأشباه والنظائر لابن نجيم (القاعدة: 19 ص 163) وجواهر الإكليل 2 / 148، والأشباه والنظائر (القاعدة: 40 ص 162) ، والقواعد لابن رجب الحنبلي (القاعدة: 127 صـ 285) والمغني 8 / 564، 565.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٢٥)</span><hr/></div>الْمَعْرُوفَةِ عِنْدَ جَمِيعِ الْفُقَهَاءِ: (إِذَا اجْتَمَعَ الْمُبَاشِرُ وَالْمُتَسَبِّبُ، يُضَافُ الْحُكْمُ إِلَى الْمُبَاشِرِ) .</p> </p>‌<span class="title">‌وَمِنْ أَمْثِلَةِ هَذِهِ الْقَاعِدَةِ مَا يَلِي:</span></p>أ - لَوْ حَفَرَ شَخْصٌ حُفْرَةً فِي الطَّرِيقِ، فَأَلْقَى آخَرُ نَفْسَهُ، أَوْ أَلْقَى غَيْرَهُ فِيهَا عَمْدًا، لَا يَضْمَنُ الْحَافِرُ، بَل الْمُلْقِي وَحْدَهُ، لأَِنَّهُ الْمُبَاشِرُ (1) .</p>ب - لَوْ دَل سَارِقًا عَلَى مَال إِنْسَانٍ، فَسَرَقَهُ، لَا ضَمَانَ عَلَى الدَّال (2) .</p><font color=#ff0000>13 -</font> وَيُسْتَثْنَى مِنْ قَاعِدَةِ تَقْدِيمِ الْمُبَاشَرَةِ عَلَى التَّسْبِيبِ صُوَرٌ، يُقَدَّمُ فِيهَا السَّبَبُ عَلَى الْعِلَّةِ الْمُبَاشِرَةِ، وَذَلِكَ إِذَا تَعَذَّرَتْ إِضَافَةُ الْحُكْمِ إِلَى الْمُبَاشِرِ بِالْكُلِّيَّةِ (3) فَيُضَافُ الْحُكْمُ - وَهُوَ الضَّمَانُ هُنَا - إِلَى الْمُتَسَبِّبِ وَحْدَهُ، كَمَا إِذَا دَفَعَ رَجُلٌ إِلَى صَبِيٍّ سِكِّينًا لِيُمْسِكَهُ لَهُ، فَسَقَطَ مِنْ يَدِهِ، فَجَرَحَهُ، ضَمِنَ الدَّافِعُ، لأَِنَّ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) مجمع الضمانات ص 180 وجواهر الإكليل 2 / 148، والقواعد لابن رجب ص 285.</p><font color=#ff0000>(2)</font> مجمع الضمانات ص (203) والتاج والإكليل لمختصر خليل للمواق 5 / 278.</p><font color=#ff0000>(3)</font> كشف الأسرار لعبد العزيز البخاري، شرح أصول فخر الإسلام البزدوي (4 / 1302 ط: الآستانة) .</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٢٥)</span><hr/></div>السَّبَبَ هُنَا فِي مَعْنَى الْعِلَّةِ (1) .</p> </p>‌<span class="title">‌تَتَابُعُ الأَْضْرَارِ:</span></p><font color=#ff0000>14 -</font> إِذَا تَرَتَّبَتْ عَلَى السَّبَبِ الْوَاحِدِ أَضْرَارٌ مُتَعَدِّدَةٌ، فَالْحُكْمُ أَنَّ الْمُتَعَدِّيَ الْمُتَسَبِّبَ يَضْمَنُ جَمِيعَ الأَْضْرَارِ الْمُتَرَتِّبَةِ عَلَى تَسَبُّبِهِ، مَا دَامَ أَثَرُ تَسَبُّبِهِ بَاقِيًا لَمْ يَنْقَطِعْ، فَإِنِ انْقَطَعَ بِتَسَبُّبٍ آخَرَ لَمْ يَضْمَنْ.</p> </p>‌<span class="title">‌فَمِنْ صُوَرِ ذَلِكَ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ:</span></p>أ - سَقَطَ حَائِطُ إِنْسَانٍ عَلَى حَائِطِ إِنْسَانٍ آخَرَ، وَسَقَطَ الْحَائِطُ الثَّانِي عَلَى رَجُلٍ فَقَتَلَهُ: كَانَ ضَمَانُ الْحَائِطِ الثَّانِيَ وَالْقَتِيل عَلَى صَاحِبِ الْحَائِطِ الأَْوَّل (2) لأَِنَّ تَسَبُّبَ حَائِطِهِ لَمْ يَنْقَطِعْ.</p>فَإِنْ عَثَرَ إِنْسَانٌ بِأَنْقَاضِ الْحَائِطِ الثَّانِي، فَانْكَسَرَ، لَمْ يَضْمَنِ الأَْوَّل، لأَِنَّ التَّفْرِيغَ لَيْسَ عَلَيْهِ، وَلَا يَضْمَنُ صَاحِبُ الْحَائِطِ الثَّانِي إِلَاّ إِذَا عَلِمَ بِسُقُوطِ حَائِطِهِ، وَلَمْ يَنْقُل تُرَابَهُ فِي مُدَّةٍ تَسَعُ النَّقْل.</p>ب - لَوْ أُشْهِدَ عَلَى حَائِطِهِ بِالْمَيْل، فَلَمْ يَنْقُضْهُ صَاحِبُهُ حَتَّى سَقَطَ، فَقَتَل إِنْسَانًا، وَعَثَرَ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) كشف الأسرار 4 / 1301، والتوضيح على التنقيح لصدر الشريعة، مع شرح التلويح للتفتازاني 2 / 138 ط: دار الكتب العلمية في بيروت. والأشباه والنظائر لابن نجيم ص 163 ط: دار الكتب العلمية في بيروت.</p><font color=#ff0000>(2)</font> مجمع الضمانات ص 185.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٢٦)</span><hr/></div>بِالأَْنْقَاضِ شَخْصٌ فَعَطِبَ، وَعَطِبَ آخَرُ بِالْقَتِيل، كَانَ ضَمَانُ الْقَتِيل الأَْوَّل وَعَطَبُ الثَّانِي عَلَى صَاحِبِ الْحَائِطِ الأَْوَّل، لأَِنَّ الْحَائِطَ وَأَنْقَاضَهُ مَطْلُوبَانِ مِنْهُ، أَمَّا التَّلَفُ الْحَاصِل بِالْقَتِيل الأَْوَّل، فَلَيْسَ عَلَيْهِ، لأَِنَّ نَقْلَهُ لَيْسَ مَطْلُوبًا مِنْهُ، بَل هُوَ لأَِوْلِيَاءِ الْقَتِيل (1) .</p> </p>‌<span class="title">‌إِثْبَاتُ السَّبَبِيَّةِ:</span></p><font color=#ff0000>15 -</font> الأَْصْل فِي الشَّرِيعَةِ، هُوَ أَنَّ الْمُعْتَدَى عَلَيْهِ الَّذِي وَقَعَ عَلَيْهِ الضَّرَرُ، أَوْ وَلِيُّهُ إِنْ قُتِل، هُوَ الْمُكَلَّفُ بِإِثْبَاتِ الضَّرَرِ، وَإِثْبَاتِ تَعَدِّي مَنْ أُلْحَقَ بِهِ الضَّرَرُ، وَأَنَّ تَعَدِّيَهُ كَانَ هُوَ السَّبَبَ فِي الضَّرَرِ.</p>وَذَلِكَ لِحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا قَال: قَال رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: لَوْ يُعْطَى النَّاسُ بِدَعْوَاهُمْ، لَادَّعَى رِجَالٌ أَمْوَال قَوْمٍ وَدِمَاءَهُمْ، لَكِنِ الْبَيِّنَةُ عَلَى الْمُدَّعِي، وَالْيَمِينُ عَلَى مَنْ أَنْكَرَ (2) .</p>وَتَثْبُتُ السَّبَبِيَّةُ بِإِقْرَارِ الْمُعْتَدِي، كَمَا تَثْبُتُ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الدر المختار 5 / 386 ومجمع الضمانات ص 185 وتكملة البحر الرائق للطوري 8 / 404.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حديث ابن عباس:" لو يعطى الناس بدعواهم. . . . ". أخرجه البخاري (8 / 213) ومسلم (3 / 1336) دون قوله: (لكن البينة على المدعي) إلخ، وفيها:(اليمين على المدعى عليه) وأخرج البيهقي (10 / 252) من حديث ابن عباس مرفوعا كذلك: " البينة على المدعي واليمين على المدعى عليه ".</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٢٦)</span><hr/></div>بِالْبَيِّنَةِ إِذَا أَنْكَرَ وَتَثْبُتُ بِالْقَرَائِنِ، وَبِيَمِينِ الْمُدَّعِي وَشَاهِدٍ - عَلَى الْجُمْلَةِ - وَنَحْوِهَا مِنْ طُرُقِ الإِْثْبَاتِ (1) .</p>(ر: إِثْبَات) .</p> </p>‌<span class="title">‌شُرُوطُ الضَّمَانِ:</span></p><font color=#ff0000>16 -</font> يُمْكِنُ تَقْسِيمُ شُرُوطِ الضَّمَانِ إِلَى قِسْمَيْنِ: شُرُوطِ ضَمَانِ الْجِنَايَةِ عَلَى النَّفْسِ، وَشُرُوطِ ضَمَانِ الْجِنَايَةِ عَلَى الْمَال.</p> </p>‌<span class="title">‌أَوَّلاً: شُرُوطُ ضَمَانِ الْجِنَايَةِ عَلَى النَّفْسِ:</span></p>الْجِنَايَةُ عَلَى النَّفْسِ إِنْ كَانَتْ عَمْدًا وَكَانَ الْجَانِي مُكَلَّفًا يَجِبُ فِيهَا الْقِصَاصُ، فَإِنْ كَانَ الْجَانِي غَيْرَ مُكَلَّفٍ، أَوْ كَانَتِ الْجِنَايَةُ خَطَأً وَجَبَتْ فِيهَا الدِّيَةُ.</p>وَيُنْظَرُ التَّفْصِيل فِي:(دِيَات) .</p> </p>‌<span class="title">‌ثَانِيًا: شُرُوطُ ضَمَانِ الْجِنَايَةِ عَلَى الْمَال:</span></p>تَتَلَخَّصُ هَذِهِ الشُّرُوطُ فِي أَنْ يَكُونَ الاِعْتِدَاءُ، وَاقِعًا عَلَى مَالٍ مُتَقَوِّمٍ، مَمْلُوكٍ، مُحْتَرَمٍ، كَمَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الضَّرَرُ الْحَادِثُ دَائِمًا (فَلَوْ نَبَتَتْ سِنُّ الْحَيَوَانِ لَمْ تُضْمَنِ الْمَكْسُورَةُ) ، وَأَنْ يَكُونَ الْمُعْتَدِي مِنْ أَهْل الْوُجُوبِ، فَلَا تَضْمَنُ الْبَهِيمَةُ، وَلَا مَالِكُهَا<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) انظر الطرق الحكمية لابن القيم ص 66 وما بعدها ط: دار الكتب العلمية في بيروت.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٢٧)</span><hr/></div>إِذَا أَتْلَفَتْ مَال إِنْسَانٍ وَهِيَ مُسَيَّبَةٌ، لأَِنَّهُ جُبَارٌ.</p>وَلَا يُشْتَرَطُ كَوْنُ الْجَانِي عَلَى الْمَال مُكَلَّفًا، فَيَضْمَنُ الصَّبِيُّ مَا أَتْلَفَهُ مِنْ مَالٍ عَلَى الآْخَرِينَ، وَلَا عَدَمُ اضْطِرَارِهِ، وَالْمُضْطَرُّ فِي الْمَخْمَصَةِ ضَامِنٌ، لأَِنَّ الاِضْطِرَارَ لَا يُبْطِل حَقَّ الْغَيْرِ (1) .</p> </p>‌<span class="title">‌أَسْبَابُ الضَّمَانِ:</span></p><font color=#ff0000>17 -</font> مِنْ أَسْبَابِ الضَّمَانِ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ مَا يَلِي:</p><font color=#ff0000>1 -</font> الْعَقْدُ، كَالْمَبِيعِ وَالثَّمَنِ الْمُعَيَّنِ قَبْل الْقَبْضِ وَالسَّلَمِ فِي عَقْدِ الْبَيْعِ.</p><font color=#ff0000>2 -</font> الْيَدُ، مُؤْتَمَنَةٌ كَانَتْ كَالْوَدِيعَةِ وَالشَّرِكَةِ إِذَا حَصَل التَّعَدِّي، أَوْ غَيْرَ مُؤْتَمَنَةٍ كَالْغَصْبِ وَالشِّرَاءِ فَاسِدًا.</p>ج - الإِْتْلَافُ، نَفْسًا أَوْ مَالاً (2) .</p>وَزَادَ الشَّافِعِيَّةُ: الْحَيْلُولَةَ، كَمَا لَوْ نَقَل الْمَغْصُوبَ إِلَى بَلَدٍ آخَرَ وَأَبْعَدَهُ، فَلِلْمَالِكِ الْمُطَالَبَةُ بِالْقِيمَةِ فِي الْحَال، لِلْحَيْلُولَةِ قَطْعًا، فَإِذَا رَدَّهُ رَدَّهَا (3) .</p>وَجَعَل الْمَالِكِيَّةُ أَسْبَابَ الضَّمَانِ ثَلَاثَةً:<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) راجع في هذه الشروط - البدائع 7 / 167 و 168، وتبيين الحقائق 6 / 137، والقوانين الفقهية 216 - 218، وكشاف القناع 4 / 116.</p><font color=#ff0000>(2)</font> الأشباه والنظائر للسيوطي ص 362، والقواعد لابن رجب ص 204.</p><font color=#ff0000>(3)</font> الأشباه والنظائر للسيوطي ص 362 و 363.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٢٧)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌أَحَدُهَا: </span>الإِْتْلَافُ مُبَاشَرَةً، كَإِحْرَاقِ الثَّوْبِ.</p> </p>‌<span class="title">‌وَثَانِيَهَا: </span>التَّسَبُّبُ لِلإِْتْلَافِ، كَحَفْرِ بِئْرٍ فِي مَوْضِعٍ لَمْ يُؤْذَنْ فِيهِ مِمَّا شَأْنُهُ فِي الْعَادَةِ أَنْ يُفْضِيَ غَالِبًا لِلإِْتْلَافِ.</p> </p>‌<span class="title">‌وَثَالِثُهَا: </span>وَضْعُ الْيَدِ غَيْرِ الْمُؤْتَمَنَةِ، فَيَنْدَرِجُ فِيهَا يَدُ الْغَاصِبِ، وَالْبَائِعُ يَضْمَنُ الْمَبِيعَ الَّذِي يَتَعَلَّقُ بِهِ حَقُّ تَوْفِيَةٍ قَبْل الْقَبْضِ (1) .</p> </p>‌<span class="title">‌الْفَرْقُ بَيْنَ ضَمَانِ الْعَقْدِ وَضَمَانِ الإِْتْلَافِ:</span></p><font color=#ff0000>18 -</font> ضَمَانُ الْعَقْدِ: هُوَ تَعْوِيضُ مَفْسَدَةٍ مَالِيَّةٍ مُقْتَرِنَةٍ بِعَقْدٍ.</p>وَضَمَانُ الإِْتْلَافِ: هُوَ تَعْوِيضُ مَفْسَدَةٍ مَالِيَّةٍ لَمْ تَقْتَرِنْ بِعَقْدٍ.</p> </p>‌<span class="title">‌وَبَيْنَهُمَا فُرُوقٌ تَبْدُو فِيمَا يَلِي:</span></p>أ - مِنْ حَيْثُ الأَْهْلِيَّةُ، فَفِي الْعُقُودِ: الأَْهْلِيَّةُ شَرْطٌ لِصِحَّةِ التَّصَرُّفَاتِ الشَّرْعِيَّةِ (وَالأَْهْلِيَّةُ - هُنَا - هِيَ: أَهْلِيَّةُ أَدَاءً، وَهِيَ: صَلَاحِيَةُ الشَّخْصِ لِمُمَارَسَةِ التَّصَرُّفَاتِ الشَّرْعِيَّةِ الَّتِي يَتَوَقَّفُ اعْتِبَارُهَا عَلَى الْعَقْل) لأَِنَّهَا مَنُوطَةٌ بِالإِْدْرَاكِ وَالْعَقْل، فَإِذَا لَمْ يَتَحَقَّقَا لَا يُعْتَدُّ بِهَا (2) .</p>أَمَّا الإِْتْلَافَاتُ الْمَالِيَّةُ، وَالْغَرَامَاتُ وَالْمُؤَنُ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الفروق للقرافي 4 / 27، الفرق 217 و 2 / 206 الفرق / 111.</p><font color=#ff0000>(2)</font> التوضيح والتلويح 2 / 164 وما بعدها، والبدائع 5 / 135.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٢٨)</span><hr/></div>وَالصِّلَاتُ الَّتِي تُشْبِهُ الْمُؤَنَ، فَالأَْهْلِيَّةُ الْمُجْتَزَأُ بِهَا هِيَ أَهْلِيَّةُ الْوُجُوبِ فَقَطْ، وَهِيَ صَلَاحِيَتُهُ لِثُبُوتِ الْحُقُوقِ لَهُ وَعَلَيْهِ، فَحُكْمُ الصَّغِيرِ غَيْرِ الْمُمَيِّزِ فِيهَا كَحُكْمِ الْكَبِيرِ، لأَِنَّ الْغَرَضَ مِنَ الْوُجُوبِ - وَهُوَ الضَّمَانُ وَنَحْوُهُ - لَا يَخْتَلِفُ فِيهِ حَيٌّ عَنْ آخَرَ، وَأَدَاءُ الصَّغِيرِ يَحْتَمِل النِّيَابَةَ (1) .</p>ب - مِنْ حَيْثُ التَّعْوِيضُ، فَفِي ضَمَانِ الْعَقْدِ، لَا يَقُومُ التَّعْوِيضُ عَلَى اعْتِبَارِ الْمُمَاثَلَةِ وَيَكُونُ التَّعْوِيضُ بِنَاءً عَلَى مَا تَرَاضَيَا عَلَيْهِ.</p>أَمَّا الإِْتْلَافَاتُ الْمَالِيَّةُ فَإِنَّ التَّعْوِيضَ فِيهَا يَقُومُ عَلَى اعْتِبَارِ الْمُمَاثَلَةِ، إِذِ الْمَقْصُودُ فِيهَا دَفْعُ الضَّرَرِ، وَإِزَالَةُ الْمَفْسَدَةِ، وَالضَّرَرُ مَحْظُورٌ، فَتُعْتَبَرُ فِيهِ الْمُمَاثَلَةُ (2) ، وَذَلِكَ بِعُمُومِ النَّصِّ الْكَرِيمِ، وَهُوَ قَوْله تَعَالَى:{وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا} (3) .</p>ج - مِنْ حَيْثُ الأَْوْصَافُ وَالْعَوَارِضُ الذَّاتِيَّةُ، فَقَدْ فَرَّقَ الْفُقَهَاءُ فِي ضَمَانِهَا فِي الْعُقُودِ وَفِي الإِْتْلَافَاتِ، وَقَرَّرَ الْحَنَفِيَّةُ أَنَّ الأَْوْصَافَ لَا تُضْمَنُ بِالْعَقْدِ، وَتُضْمَنُ بِالْغَصْبِ، وَذَلِكَ لأَِنَّ الْغَصْبَ قَبْضٌ، وَالأَْوْصَافُ تُضْمَنُ بِالْفِعْل، وَهُوَ الْقَبْضُ، أَمَّا الْعَقْدُ فَيَرِدُ عَلَى<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) التوضيح 2 / 163.</p><font color=#ff0000>(2)</font> المبسوط 11 / 80.</p><font color=#ff0000>(3)</font> سورة الشورى / 40.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٢٨)</span><hr/></div>الأَْعْيَانِ، لَا عَلَى الأَْوْصَافِ، وَالْغَصْبِ (وَكَذَا الإِْتْلَافُ) فِعْلٌ يَحُل بِالذَّاتِ بِجَمِيعِ أَجْزَائِهَا، فَكَانَتْ مَضْمُونَةً (1) .</p> </p>‌<span class="title">‌مَحَل الضَّمَانِ:</span></p><font color=#ff0000>19 -</font> مَحَل الضَّمَانِ هُوَ: مَا يَجِبُ فِيهِ الضَّمَانُ (2) ، سَوَاءٌ أَكَانَ الضَّمَانُ نَاشِئًا عَنْ عَقْدٍ، أَمْ كَانَ نَاشِئًا عَنْ إِتْلَافٍ وَيَدٍ، قَال ابْنُ رُشْدٍ: فَهُوَ كُل مَالٍ أُتْلِفَتْ عَيْنُهُ، أَوْ تَلِفَتْ عِنْدَ الْغَاصِبِ عَيْنُهُ، بِأَمْرٍ مِنَ السَّمَاءِ، أَوْ سُلِّطَتِ الْيَدُ عَلَيْهِ وَتُمَلِّكَ (3) . وَقَال ابْنُ الْقَيِّمِ: مَحَل الضَّمَانِ هُوَ مَا كَانَ يَقْبَل الْمُعَاوَضَةَ (4) .</p>وَيُمْكِنُ التَّوَسُّعُ فِي مَحَل الضَّمَانِ، بِحَيْثُ يَشْمَل جَمِيعَ الْمَضْمُونَاتِ، بِأَنْ يُقَسَّمَ الْفِعْل الضَّارُّ، بِاعْتِبَارِ مَحَلِّهِ، إِلَى قِسْمَيْنِ: فِعْلٍ ضَارٍّ وَاقِعٍ عَلَى الإِْنْسَانِ، وَفِعْلٍ ضَارٍّ وَاقِعٍ عَلَى مَا سِوَاهُ مِنَ الأَْمْوَال، كَالْحَيَوَانِ وَالأَْشْيَاءِ.</p>وَقَدِ اعْتَبَرَ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ الاِعْتِدَاءَ عَلَى الْمَال وَالْحَيَوَانِ ضَرْبًا مِنَ الْجِنَايَاتِ، فَقَال الْكَاسَانِيُّ: " الْجِنَايَةُ فِي الأَْصْل نَوْعَانِ: جِنَايَةٌ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الهداية بشروحها 8 / 254 و 255.</p><font color=#ff0000>(2)</font> بداية المجتهد ونهاية المقتصد لابن رشد الحفيد 2 / 387 ط: الثانية. دار التوفيق النموذجية في القاهرة: 1403 هـ.</p><font color=#ff0000>(3)</font> المرجع السابق.</p><font color=#ff0000>(4)</font> الطرق الحكمية ص 252.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٢٩)</span><hr/></div>عَلَى الْبَهَائِمِ وَالْجَمَادَاتِ وَجِنَايَةٌ عَلَى الآْدَمِيِّ (1) فَهَذِهِ مَحَال الضَّمَانِ، فَالآْدَمِيُّ مَضْمُونٌ بِالْجِنَايَةِ عَلَيْهِ، فِي النَّفْسِ، أَوِ الأَْطْرَافِ.</p>وَأَمَّا الأَْمْوَال فَتُقْسَمُ إِلَى: أَعْيَانٍ، وَمَنَافِعَ، وَزَوَائِدَ، وَنَوَاقِصَ، وَأَوْصَافٍ (2) . وَنَبْحَثُهَا فِيمَا يَلِي:</p> </p>‌<span class="title">‌أَوَّلاً: الأَْعْيَانُ:</span></p><font color=#ff0000>20 -</font> وَهِيَ نَوْعَانِ: أَمَانَاتٌ، وَمَضْمُونَاتٌ (3) .</p>فَالأَْمَانَاتُ: يَجِبُ تَسْلِيمُهَا بِذَاتِهَا، وَأَدَاؤُهَا فَوْرَ طَلَبِهَا، بِالنَّصِّ، وَهُوَ قَوْله تَعَالَى:{إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَْمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا} (4) ، وَتُضْمَنُ حَال التَّعَدِّي، وَإِلَاّ فَلَا ضَمَانَ فِيهَا، وَمِنَ التَّعَدِّي الْمَوْتُ عَنْ تَجْهِيلٍ لَهَا، إِلَاّ مَا اسْتُثْنِيَ (5) .</p>وَالْمَضْمُونَاتُ، تُضْمَنُ بِالإِْتْلَافِ، وَبِالتَّلَفِ وَلَوْ كَانَ سَمَاوِيًّا (6) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) البدائع 7 / 233.</p><font color=#ff0000>(2)</font> فتح العزيز شرح الوجيز - بهامش المجموع شرح المهذب 11 / 256، وقواعد الأحكام 1 / 152 وما بعدها.</p><font color=#ff0000>(3)</font> البدائع 6 / 7.</p><font color=#ff0000>(4)</font> سورة النساء / 58.</p><font color=#ff0000>(5)</font> الأشباه والنظائر لابن نجيم (273) وابن عابدين 4 / 494، وجواهر الإكليل 2 / 140، والمهذب 1 / 366، والمغني 6 / 382 - 383.</p><font color=#ff0000>(6)</font> بداية المجتهد 2 / 387.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٢٩)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌وَالأَْعْيَانُ الْمَضْمُونَةُ نَوْعَانِ:</span></p>الأَْوَّل: الأَْعْيَانُ الْمَضْمُونَةُ بِنَفْسِهَا، وَهِيَ الَّتِي يَجِبُ بِهَلَاكِهَا ضَمَانُ الْمِثْل أَوِ الْقِيمَةِ، كَالْمَغْصُوبِ، وَالْمَبِيعِ بَيْعًا فَاسِدًا، وَالْمَهْرِ فِي يَدِ الزَّوْجِ، وَبَدَل الْخُلْعِ - إِذَا كَانَ عَيْنًا مُعَيَّنَةً - وَبَدَل الصُّلْحِ عَنْ دَمِ الْعَمْدِ، إِذَا كَانَ عَيْنًا.</p>الثَّانِي: الأَْعْيَانُ الْمَضْمُونَةُ بِغَيْرِهَا، وَهِيَ الَّتِي يَجِبُ بِهَلَاكِهَا الثَّمَنُ أَوِ الدَّيْنُ، كَالْمَبِيعِ إِذَا هَلَكَ قَبْل الْقَبْضِ، سَقَطَ الثَّمَنُ، وَالرَّهْنِ إِذَا هَلَكَ سَقَطَ الدَّيْنُ، وَهَذَا عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ (1) .</p>وَعِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ: الأَْعْيَانُ الْمَضْمُونَةُ، إِمَّا أَنْ تَكُونَ مَضْمُونَةً بِسَبَبِ الْعُدْوَانِ، كَالْمَغْصُوبَاتِ، وَإِمَّا أَنْ تَكُونَ مَضْمُونَةً بِسَبَبِ قَبْضٍ بِغَيْرِ عُدْوَانٍ، بَل بِإِذْنِ الْمَالِكِ عَلَى وَجْهِ انْتِقَال تَمَلُّكِهِ إِلَيْهِ، بِشِرَاءٍ، أَوْ هِبَةٍ، أَوْ وَصِيَّةٍ، أَوْ قَرْضٍ، فَهُوَ ضَامِنٌ - أَيْضًا - سَوَاءٌ أَكَانَ الْبَيْعُ صَحِيحًا، أَمْ كَانَ فَاسِدًا (2) .</p>وَكَذَلِكَ الأَْمْرُ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ فَقَدْ عَرَّفُوا الأَْعْيَانَ الْمَضْمُونَةَ، بِأَنَّهَا الَّتِي يَجِبُ ضَمَانُهَا بِالتَّلَفِ وَالإِْتْلَافِ، سَوَاءٌ أَكَانَ حُصُولُهَا بِيَدِ الضَّامِنِ بِفِعْلٍ مُبَاحٍ، كَالْعَارِيَّةِ، أَوْ مَحْظُورٍ كَالْمَغْصُوبِ، وَالْمَقْبُوضِ بِعَقْدٍ فَاسِدٍ، وَنَحْوِهِمَا (3) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الدر المختار 4 / 268.</p><font color=#ff0000>(2)</font> القوانين الفقهية ص 220 وانظر الفروق للقرافي 4 / 106، (ط: الأولى 1344 هـ) .</p><font color=#ff0000>(3)</font> القواعد لابن رجب ص 54 و 308.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٣٠)</span><hr/></div>وَعَدَّ السُّيُوطِيُّ الْمَضْمُونَاتِ، وَأَوْصَلَهَا إِلَى سِتَّةَ عَشَرَ، وَبَيَّنَ حُكْمَ كُلٍّ، وَمِنْهَا: الْغَصْبُ، وَالإِْتْلَافُ، وَاللُّقَطَةُ، وَالْقَرْضُ، وَالْعَارِيَّةُ، وَالْمَقْبُوضُ بِسَوْمٍ. . . (1)</p><font color=#ff0000>21 -</font> وَهَل تَشْمَل الأَْعْيَانُ الْمَضْمُونَةُ الْعَقَارَاتِ؟</p>مَذْهَبُ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ، وَمُحَمَّدٍ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ، أَنَّ الْعَقَارَ يُضْمَنُ بِالتَّعَدِّي، وَذَلِكَ بِغَصْبِهِ، وَغَصْبُهُ مُتَصَوَّرٌ، لأَِنَّ الْغَصْبَ هُوَ: إِثْبَاتُ الْيَدِ عَلَى مَال الْغَيْرِ بِغَيْرِ إِذْنِ مَالِكِهِ، أَوْ هُوَ: الاِسْتِيلَاءُ عَلَى حَقِّ الْغَيْرِ عُدْوَانًا، أَوْ إِزَالَةُ يَدِ الْمَالِكِ عَنْ مَالِهِ - كَمَا يَقُول مُحَمَّدٌ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ - وَالْفِعْل فِي الْمَال لَيْسَ بِشَرْطٍ، وَهَذَا يَتَحَقَّقُ فِي الْعَقَارِ وَالْمَنْقُول.</p>وَقَدْ قَال النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِيمَنِ اسْتَوْلَى عَلَى أَرْضِ غَيْرِهِ مَنْ ظَلَمَ قِيدَ شِبْرٍ مِنَ الأَْرْضِ، طُوِّقَهُ مِنْ سَبْعِ أَرَضِينَ (2) .</p>وَمَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ، أَنَّ الْغَصْبَ إِزَالَةُ يَدِ الْمَالِكِ عَنْ مَالِهِ بِفِعْلٍ فِي الْمَال، وَلِهَذَا عَرَّفَهُ فِي الْكَنْزِ بِأَنَّهُ إِزَالَةُ الْيَدِ الْمُحِقَّةِ، بِإِثْبَاتِ الْيَدِ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الأشباه والنظائر للسيوطي ص 356 - 360.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حديث:" من ظلم قيد شبر من الأرض. . . ". أخرجه البخاري (5 / 103) ومسلم (3 / 1232) من حديث عائشة رضي الله عنها.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٣٠)</span><hr/></div>الْمُبْطِلَةِ، وَهَذَا لَا يُوجَدُ فِي الْعَقَارِ، وَلأَِنَّهُ لَا يَحْتَمِل النَّقْل وَالتَّحْوِيل، فَلَمْ يُوجَدِ الإِْتْلَافُ حَقِيقَةً وَلَا تَقْدِيرًا.</p>فَلَوْ غَصَبَ دَارًا فَانْهَدَمَ الْبِنَاءُ، أَوْ جَاءَ سَيْلٌ فَذَهَبَ بِالْبِنَاءِ وَالأَْشْجَارِ، أَوْ غَلَبَ الْمَاءُ عَلَى الأَْرْضِ فَبَقِيَتْ تَحْتَ الْمَاءِ فَعَلَيْهِ الضَّمَانُ عِنْدَ الْجُمْهُورِ، وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ.</p>وَلَوْ غَصَبَ عَقَارًا، فَجَاءَ آخَرُ فَأَتْلَفَهُ، فَالضَّمَانُ عَلَى الْمُتْلِفِ، عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ، وَعِنْدَ الْجُمْهُورِ يُخَيَّرُ الْمَالِكُ بَيْنَ تَضْمِينِ الْغَاصِبِ أَوِ الْمُتْلِفِ (1) .</p>وَقَالُوا: لَوْ أَتْلَفَهُ بِفِعْلِهِ أَوْ بِسُكْنَاهُ، يَضْمَنُهُ، لأَِنَّهُ إِتْلَافٌ، وَالْعَقَارُ يُضْمَنُ بِهِ، كَمَا إِذَا نَقَل تُرَابَهُ (2) .</p> </p>‌<span class="title">‌ثَانِيًا: الْمَنَافِعُ:</span></p><font color=#ff0000>22 -</font> ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِلَى أَنَّ الْمَنَافِعَ أَمْوَالٌ مُتَقَوَّمَةٌ فِي ذَاتِهَا فَتُضْمَنُ بِالإِْتْلَافِ، كَمَا تُضْمَنُ الأَْعْيَانُ، وَذَلِكَ:<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) البدائع 7 / 146، وتبيين الحقائق 5 / 222، و 224 وجامع الفصولين 2 / 85، والشرح الكبير للدردير بحاشية الدسوقي 3 / 442 و 443، والقوانين الفقهية ص 217 والإقناع للخطيب الشربيني بحاشية البجيرمي 3 / 137 وما بعدها، وشرح المحلي على المنهاج 3 / 27، وكشاف القناع 4 / 77.</p><font color=#ff0000>(2)</font> مجمع الضمانات (126) في فروع أخرى.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٣١)</span><hr/></div>أ - لأَِنَّهَا الْغَرَضُ الأَْظْهَرُ مِنْ جَمِيعِ الأَْمْوَال (1) .</p>ب - وَلأَِنَّ الشَّارِعَ أَجَازَ أَنْ تَكُونَ مَهْرًا فِي النِّكَاحِ، فِي قِصَّةِ مُوسَى وَشُعَيْبٍ عليهما السلام مَعَ اشْتِرَاطِ كَوْنِ الْمَهْرِ فِيهِ مَالاً بِالنَّصِّ بِقَوْلِهِ تَعَالَى:{أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ} (2) .</p>ج - وَلأَِنَّ الْمَال اسْمٌ لِمَا هُوَ مَخْلُوقٌ لإِِقَامَةِ مَصَالِحِنَا بِهِ، أَوْ هُوَ - كَمَا يَقُول الشَّاطِبِيُّ - مَا يَقَعُ عَلَيْهِ الْمِلْكُ، وَيَسْتَبِدُّ بِهِ الْمَالِكُ، وَالْمَنَافِعُ مِنَّا أَوْ مِنْ غَيْرِنَا بِهَذِهِ الصِّفَةِ، وَإِنَّمَا تُعْرَفُ مَالِيَّةُ الشَّيْءِ بِالتَّمَوُّل وَالنَّاسُ يَعْتَادُونَ تَمَوُّل الْمَنَافِعِ بِالتِّجَارَةِ فِيهَا، فَإِنَّ أَعْظَمَ النَّاسِ تِجَارَةً الْبَاعَةُ، وَرَأْسُ مَالِهِمُ الْمَنْفَعَةُ (3) .</p>د - وَلأَِنَّ الْمَنْفَعَةَ - كَمَا قَال عِزُّ الدِّينِ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ - مُبَاحَةٌ مُتَقَوَّمَةٌ، فَتُجْبَرُ فِي الْعُقُودِ الْفَاسِدَةِ وَالصَّحِيحَةِ، وَبِالْفَوَاتِ تَحْتَ الأَْيْدِي الْمُبْطِلَةِ، وَالتَّفْوِيتِ بِالاِنْتِفَاعِ، لأَِنَّ الشَّرْعَ قَدْ قَوَّمَهَا، وَنَزَّلَهَا مَنْزِلَةَ الأَْمْوَال، فَلَا فَرْقَ بَيْنَ جَبْرِهَا بِالْعُقُودِ وَبَيْنَ جَبْرِهَا بِالتَّفْوِيتِ وَالإِْتْلَافِ (4) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) قواعد الأحكام 1 / 172.</p><font color=#ff0000>(2)</font> سورة النساء / 24.</p><font color=#ff0000>(3)</font> المبسوط 11 / 78، والموافقات 2 / 17، وانظر بالشرح الكبير 5 / 435 و 436.</p><font color=#ff0000>(4)</font> القواعد 1 / 171 و 172.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٣١)</span><hr/></div>وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى أَنَّ الْمَنَافِعَ لَا تُضْمَنُ بِالْغَصْبِ، سَوَاءٌ اسْتَوْفَاهَا أَمْ عَطَّلَهَا أَمِ اسْتَغَلَّهَا، وَلَا تُضْمَنُ إِلَاّ بِالْعَقْدِ، وَذَلِكَ:</p>أ - لأَِنَّهَا لَيْسَتْ بِمَالٍ مُتَقَوَّمٍ، وَلَا يُمْكِنُ ادِّخَارُهَا لِوَقْتِ الْحَاجَةِ، لأَِنَّهَا لَا تَبْقَى وَقْتَيْنِ، وَلَكِنَّهَا أَعْرَاضٌ كُلَّمَا تَخْرُجُ مِنْ حَيِّزِ الْعَدَمِ إِلَى حَيِّزِ الْوُجُودِ تَتَلَاشَى فَلَا يُتَصَوَّرُ فِيهَا التَّمَوُّل (1) . وَفِي ذَلِكَ يَقُول السَّرَخْسِيُّ: الْمَنَافِعُ لَا تُضْمَنُ بِإِتْلَافٍ بِغَيْرِ عَقْدٍ وَلَا شُبْهَةٍ (2) .</p>ب - وَلأَِنَّ الْمَنْفَعَةَ إِنَّمَا وَرَدَ تَقْوِيمُهَا فِي الشَّرْعِ - مَعَ أَنَّهَا لَيْسَتْ ذَاتَ قِيمَةٍ فِي نَفْسِهَا - بِعَقْدِ الإِْجَارَةِ، اسْتِثْنَاءً عَلَى خِلَافِ الْقِيَاسِ، لِلْحَاجَةِ لِوُرُودِ الْعَقْدِ عَلَيْهَا، وَمَا ثَبَتَ عَلَى خِلَافِ الْقِيَاسِ يُقْتَصَرُ فِيهِ عَلَى مَوْرِدِ النَّصِّ (3) .</p>وَالْمَالِكِيَّةُ يُضَمِّنُونَ الْغَاصِبَ إِذَا غَصَبَ لِغَرَضِ الْمَنْفَعَةِ بِالتَّعَدِّي، كَمَا لَوْ غَصَبَ دَابَّةً أَوْ دَارًا لِلرُّكُوبِ وَالسُّكْنَى فَقَطْ، فَيَضْمَنُهَا بِالاِسْتِعْمَال، وَلَوْ كَانَ اسْتِعْمَالُهُ يَسِيرًا.<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المبسوط 11 / 79.</p><font color=#ff0000>(2)</font> المرجع السابق 11 / 78.</p><font color=#ff0000>(3)</font> تبيين الحقائق 5 / 234، والاختيار 3 / 64 و 65، والمبسوط 11 / 78 و 80، وانظر الأشباه والنظائر لابن نجيم 284، 285.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٣٢)</span><hr/></div>وَلَا يَضْمَنُ الذَّاتَ فِي هَذِهِ الْحَال لَوْ تَلِفَتْ بِسَمَاوِيٍّ (1) .</p> </p>‌<span class="title">‌ثَالِثًا: الزَّوَائِدُ:</span></p><font color=#ff0000>23 -</font> وَتَتَمَثَّل فِي زَوَائِدِ الْمَغْصُوبِ وَنَمَائِهِ.</p>أ - ذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّهَا مَضْمُونَةٌ ضَمَانَ الْغَصْبِ، لأَِنَّهَا مَال الْمَغْصُوبِ مِنْهُ، وَقَدْ حَصَلَتْ فِي يَدِ الْغَاصِبِ بِالْغَصْبِ، فَيَضْمَنُهَا بِالتَّلَفِ كَالأَْصْل الَّذِي تَوَلَّدَتْ مِنْهُ (2) .</p>ب - وَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ أَنَّ زَوَائِدَ الْمَغْصُوبِ - سَوَاءٌ أَكَانَتْ مُتَّصِلَةً كَالسَّمْنِ، أَمْ مُنْفَصِلَةً كَاللَّبَنِ وَالْوَلَدِ، وَثَمَرَةِ الْبُسْتَانِ، وَصُوفِ الْغَنَمِ - أَمَانَةٌ فِي يَدِ الْغَاصِبِ، لَا تُضْمَنُ إِلَاّ بِالتَّعَدِّي عَلَيْهَا، بِالأَْكْل أَوِ الإِْتْلَافِ، أَوْ بِالْمَنْعِ بَعْدَ طَلَبِ الْمَالِكِ.</p>وَذَلِكَ لأَِنَّ الْغَصْبَ إِزَالَةُ يَدِ الْمَالِكِ، بِإِثْبَاتِ الْيَدِ عَلَيْهِ، وَذَلِكَ لَا يَتَحَقَّقُ فِي الزَّوَائِدِ، لأَِنَّهَا لَمْ تَكُنْ فِي يَدِ الْمَالِكِ (3) .</p>ج<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الشرح الكبير للدرير 3 / 452 - 455، وجواهر الإكليل 2 / 151، والقوانين الفقهية ص 219.</p><font color=#ff0000>(2)</font> شرح المحلي على المنهاج 3 / 31 و 32، والمغني 5 / 399 و 400، وكشاف القناع 4 / 87 وما بعدها، والروض المربع بشرح زاد المستقنع مختصر المقنع، 1 / 249 ط: دار الكتب العلمية في بيروت.</p><font color=#ff0000>(3)</font> تبيين الحقائق 5 / 232، والبدائع 7 / 160، وانظر بداية المجتهد 2 / 391، والقوانين الفقهية ص 217.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٣٢)</span><hr/></div>- وَلِلْمَالِكِيَّةِ هَذَا التَّفْصِيل:</p> </p>‌<span class="title">‌أَوَّلاً:</span></p>مَا كَانَ مُتَوَلِّدًا مِنَ الأَْصْل وَعَلَى خِلْقَتِهِ، كَالْوَلَدِ، فَهُوَ مَرْدُودٌ مَعَ الأَْصْل.</p> </p>‌<span class="title">‌ثَانِيًا:</span></p>وَمَا كَانَ مُتَوَلِّدًا مِنَ الأَْصْل، عَلَى غَيْرِ خِلْقَتِهِ مِثْل الثَّمَرِ وَلَبَنِ الْمَاشِيَةِ فَفِيهِ قَوْلَانِ: أَحَدُهُمَا أَنَّهُ لِلْغَاصِبِ، وَالآْخَرُ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ رَدُّهُ قَائِمًا، وَقِيمَتُهُ تَالِفًا.</p> </p>‌<span class="title">‌ثَالِثًا</span></p>وَمَا كَانَ غَيْرَ مُتَوَلِّدٍ، فَفِيهِ خَمْسَةُ أَقْوَالٍ:</p><font color=#ff0000>1 -</font> قِيل: يَرُدُّ الزَّوَائِدَ مُطْلَقًا، لِتَعَدِّيهِ، مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ.</p><font color=#ff0000>2 -</font> وَقِيل: لَا يَرُدُّهَا مُطْلَقًا مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ، لأَِنَّهَا فِي مُقَابَلَةِ الضَّمَانِ الَّذِي عَلَيْهِ.</p><font color=#ff0000>3 -</font> وَقِيل: يَرُدُّ قِيمَةَ مَنَافِعِ الأُْصُول وَالْعَقَارِ، لأَِنَّهُ مَأْمُونٌ وَلَا يَتَحَقَّقُ الضَّمَانُ فِيهِ، وَلَا يَرُدُّ قِيمَةَ مَنَافِعِ الْحَيَوَانِ وَشَبَهُهُ مِمَّا يَتَحَقَّقُ فِيهِ الضَّمَانُ.</p><font color=#ff0000>4 -</font> وَقِيل: يَرُدُّهَا إِنِ انْتَفَعَ بِهَا، وَلَا يَرُدُّهَا إِنْ عَطَّلَهَا.</p><font color=#ff0000>5 -</font> وَقِيل: يَرُدُّهَا إِنْ غَصَبَ الْمَنَافِعَ خَاصَّةً، وَلَا يَرُدُّهَا إِنْ غَصَبَ الْمَنَافِعَ وَالرِّقَابَ (1) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) بداية المجتهد 2 / 391 و 392، والقوانين الفقهية ص 324.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٣٣)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌رَابِعًا: النَّوَاقِصُ:</span></p><font color=#ff0000>24 -</font> لَا يَخْتَلِفُ الْفُقَهَاءُ فِي ضَمَانِ نَقْصِ الأَْمْوَال بِسَبَبِ الْغَصْبِ، أَوِ الْفِعْل الضَّارِّ، أَوْ الإِْتْلَافِ أَوْ نَحْوِهَا، سَوَاءٌ أَكَانَ ذَلِكَ النَّقْصُ عَمْدًا أَمْ خَطَأً أَمْ تَقْصِيرًا، لأَِنَّ ضَمَانَ الْغَصْبِ - كَمَا يَقُول الْكَاسَانِيُّ - ضَمَانُ جَبْرِ الْفَائِتِ، فَيَتَقَدَّرُ بِقَدْرِ الْفَوَاتِ (1) .</p>فَمَنْ نَقَصَ فِي يَدِهِ شَيْءٌ فَعَلَيْهِ ضَمَانُ النُّقْصَانِ، وَفِيهِ تَفْصِيلٌ فِي الْمَذَاهِبِ الْفِقْهِيَّةِ:</p>أ - مَذْهَبُ الْحَنَفِيَّةِ أَنَّ النَّقْصَ إِمَّا أَنْ يَكُونَ يَسِيرًا، وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ فَاحِشًا.</p>وَالصَّحِيحُ عِنْدَهُمْ - كَمَا قَال الزَّيْلَعِيُّ أَنَّ الْيَسِيرَ مَا لَا يَفُوتُ بِهِ شَيْءٌ مِنَ الْمَنْفَعَةِ، بَل يَدْخُل فِيهِ نُقْصَانٌ فِي الْمَنْفَعَةِ، كَالْخَرْقِ فِي الثَّوْبِ (2) .</p>وَالْفَاحِشُ: مَا يَفُوتُ بِهِ بَعْضُ الْعَيْنِ وَبَعْضُ الْمَنْفَعَةِ، وَيَبْقَى بَعْضُ الْعَيْنِ وَبَعْضُ الْمَنْفَعَةِ.</p>وَقِيل الْيَسِيرُ: مَا لَمْ يَبْلُغْ رُبُعَ الْقِيمَةِ، وَالْفَاحِشُ مَا يُسَاوِي رُبُعَ الْقِيمَةِ فَصَاعِدًا، وَبِهَذَا أَخَذَتْ الْمَجَلَّةُ فِي الْمَادَّةِ (900) .</p>فَفِي النُّقْصَانِ الْيَسِيرِ لَيْسَ لِلْمَالِكِ إِلَاّ أَخْذُ عَيْنِ الْمَغْصُوبِ، لأَِنَّ الْعَيْنَ قَائِمَةٌ مِنْ كُل<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) البدائع 7 / 155.</p><font color=#ff0000>(2)</font> تبيين الحقائق 5 / 229.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٣٣)</span><hr/></div>وَجْهٍ، وَيَضْمَنُ الْغَاصِبُ النُّقْصَانَ.</p>وَفِي النَّقْصِ الْفَاحِشِ، يُخَيَّرُ الْمَالِكُ بَيْنَ أَخْذِ الْعَيْنِ، وَتَضْمِينِ الْغَاصِبِ النُّقْصَانَ، وَبَيْنَ تَرْكِ الْعَيْنِ لِلْغَاصِبِ وَتَضْمِينِهِ قِيمَةَ الْعَيْنِ (1) .</p>فَلَوْ ذَبَحَ حَيَوَانًا لِغَيْرِهِ مَأْكُول اللَّحْمِ، أَوْ قَطَعَ يَدَهُ، كَانَ ذَلِكَ إِتْلَافًا مِنْ بَعْضِ الْوُجُوهِ، وَنَقْصًا فَاحِشًا، فَيُخَيَّرُ فِيهِ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ، وَلَوْ كَانَ غَيْرَ مَأْكُول اللَّحْمِ، ضَمِنَ الْغَاصِبُ الْجَمِيعَ، لأَِنَّهُ اسْتِهْلَاكٌ مُطْلَقٌ مِنْ كُل وَجْهٍ، وَإِتْلَافٌ لِجَمِيعِ الْمَنْفَعَةِ (2) .</p>وَلَوْ غَصَبَ الْعَقَارَ، فَانْهَدَمَ أَوْ نَقَصَ بِسُكْنَاهُ، ضَمِنَهُ، لأَِنَّهُ إِتْلَافٌ بِفِعْلِهِ، وَالْعَقَارُ يُضْمَنُ بِالإِْتْلَافِ، وَلَا يُشْتَرَطُ لِضَمَانِ الإِْتْلَافِ أَنْ يَكُونَ بِيَدِهِ.</p>وَهَذَا بِخِلَافِ مَا لَوْ هَلَكَ الْعَقَارُ، بَعْدَ أَنْ غَصَبَهُ وَهُوَ فِي يَدِهِ فَإِنَّهُ لَا يَضْمَنُهُ، لأَِنَّهُ لَمْ يَتَصَرَّفْ فِيهِ بِشَيْءٍ، فَلَا يَجِبُ الضَّمَانُ عِنْدَ الشَّيْخَيْنِ، لأَِنَّهُ غَاصِبٌ لِلْمَنْفَعَةِ، وَلَيْسَتْ مَالاً، وَلأَِنَّهُ مَنَعَ الْمَالِكَ عَنِ الاِنْتِفَاعِ وَلَا يَضْمَنُ عَيْنَهُ (3) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المرجع السابق، والدر المختار 5 / 123.</p><font color=#ff0000>(2)</font> الاختيار شرح المختار 3 / 62 و 63 (ط: دار المعرفة في بيروت) ، وتبيين الحقائق 5 / 226 و 227، والدر المختار 5 / 125، والهداية وشروحها 8 / 259 وما بعدها، والبدائع 7 / 160 وما بعدها.</p><font color=#ff0000>(3)</font> تبيين الحقائق 5 / 224 و 225 ومجمع الضمانات ص 126، وجامع الفصولين 2 / 92 وفيه دليل نفيس وجيه.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٣٤)</span><hr/></div>ب - وَمَذْهَبُ الْمَالِكِيَّةِ فِي النَّقْصِ، أَنَّهُ إِمَّا أَنْ يَكُونَ مِنْ قِبَل الْخَالِقِ، أَوْ مِنْ قِبَل الْمَخْلُوقِ.</p>فَإِنْ كَانَ مِنْ قِبَل الْخَالِقِ، فَلَيْسَ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ إِلَاّ أَنْ يَأْخُذَهُ نَاقِصًا - كَمَا يَقُول ابْنُ جِنِّيٍّ - أَوْ يَضْمَنَ الْغَاصِبُ قِيمَةَ الْمَغْصُوبِ يَوْمَ الْغَصْبِ.</p>وَقِيل: إِنَّ لَهُ أَنْ يَأْخُذَهُ وَيَضْمَنَ الْغَاصِبُ قِيمَةَ الْعَيْبِ.</p>وَإِنْ كَانَ مِنْ قِبَل الْمَخْلُوقِ وَبِجِنَايَتِهِ فَالْمَغْصُوبُ مِنْهُ مُخَيَّرٌ:</p><font color=#ff0000>1 -</font> بَيْنَ أَنْ يُضَمِّنَهُ الْقِيمَةَ يَوْمَ الْغَصْبِ، وَيَتْرُكَهُ لِلْغَاصِبِ، وَبَيْنَ أَنْ يَأْخُذَهُ وَيَأْخُذَ قِيمَةَ النَّقْصِ، يَوْمَ الْجِنَايَةِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ، أَوْ يَوْمَ الْغَصْبِ، عِنْدَ سَحْنُونٍ.</p><font color=#ff0000>2 -</font> وَعِنْدَ أَشْهَبَ وَابْنِ الْمَوَّازِ: هُوَ مُخَيَّرٌ بَيْنَ أَنْ يُضَمِّنَهُ الْقِيمَةَ، وَبَيْنَ أَنْ يَأْخُذَهُ نَاقِصًا، وَلَا شَيْءَ لَهُ فِي الْجِنَايَةِ، كَالَّذِي يُصَابُ بِأَمْرٍ مِنَ السَّمَاءِ (1) .</p>وَلَهُمْ تَفْصِيلٌ فِي ضَمَانِ الْبِنَاءِ أَوِ الْغَرْسِ فِي الْعَقَارِ، نَذْكُرُهُ فِي أَحْكَامِ الضَّمَانِ الْخَاصَّةِ، إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) بداية المجتهد 2 / 388، والقوانين الفقهية ص 217 وانظر جواهر الإكليل 2 / 151، والشرح الكبير للدردير 3 / 453 و 454، ومنح الجليل على مختصر سيدي خليل للشيخ محمد عليش بحاشيته تسهيل منح الجليل 3 / 537، 538 ط: دار صادر في بيروت.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٣٤)</span><hr/></div>ج - وَمَذْهَبُ الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ: أَنَّ كُل عَيْنٍ مَغْصُوبَةٍ، عَلَى الْغَاصِبِ ضَمَانُ نَقْصِهَا، إِذَا كَانَ نَقْصًا مُسْتَقِرًّا تَنْقُصُ بِهِ الْقِيمَةُ، سَوَاءٌ كَانَ بِاسْتِعْمَالِهِ، أَمْ كَانَ بِغَيْرِ اسْتِعْمَالِهِ، كَمَرَضِ الْحَيَوَانِ، وَكَثَوْبٍ تَخَرَّقَ، وَإِنَاءٍ تَكَسَّرَ، وَطَعَامٍ سَوَّسَ، وَبِنَاءٍ تَخَرَّبَ، وَنَحْوِهِ فَإِنَّهُ يَرُدُّهَا، وَلِلْمَالِكِ عَلَى الْغَاصِبِ أَرْشُ النَّقْصِ - مَعَ أُجْرَةِ الْمِثْل، كَمَا قَال الْقَلْيُوبِيُّ - لأَِنَّهُ نَقْصٌ حَصَل فِي يَدِ الْغَاصِبِ، فَوَجَبَ ضَمَانُهُ (1) .</p> </p>‌<span class="title">‌خَامِسًا: الأَْوْصَافُ وَضَمَانُهَا:</span></p><font color=#ff0000>25 -</font> إِذَا نَقَصَتْ السِّلْعَةُ، عِنْدَ الْغَاصِبِ، بِسَبَبِ فَوَاتِ وَصْفٍ، فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ بِسَبَبِ هُبُوطِ الأَْسْعَارِ فِي السُّوقِ، وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ بِسَبَبِ فَوَاتِ وَصْفٍ مَرْغُوبٍ فِيهِ:</p>أ - فَإِنْ كَانَ النَّقْصُ بِسَبَبِ هُبُوطِ الأَْسْعَارِ فِي الأَْسْوَاقِ، فَلَيْسَ عَلَى الْغَاصِبِ أَوِ الْمُتَعَدِّي ضَمَانُ نَقْصِ الْقِيمَةِ اتِّفَاقًا، لأَِنَّ الْمَضْمُونَ نُقْصَانُ الْمَغْصُوبِ، وَنُقْصَانُ السِّعْرِ لَيْسَ بِنُقْصَانِ الْمَغْصُوبِ، بَل لِفُتُورٍ يُحْدِثُهُ اللَّهُ فِي قُلُوبِ الْعِبَادِ، لَا صُنْعَ لِلْعَبْدِ فِيهِ، فَلَا يَكُونُ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) شرح المحلي مع حاشية القليوبي 3 / 39 وشرح الشربيني الخطيب على الإقناع وحاشية البجيرمي عليه 3 / 140، 141، وكفاية الأخيار في حل غاية الاختصار للحصني 1 / 183 ط: دار المعرفة في بيروت. والمغني بالشرح الكبير 5 / 385، وكشاف القناع 3 / 91 وما بعدها.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٣٥)</span><hr/></div>مَضْمُونًا وَهَذَا مَا أَخَذَتْ بِهِ الْمَجَلَّةُ (الْمَادَّةُ: 900) ، وَلأَِنَّهُ لَا حَقَّ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ فِي الْقِيمَةِ، مَعَ بَقَاءِ الْعَيْنِ، وَإِنَّمَا حَقُّهُ فِي الْعَيْنِ، وَهِيَ بَاقِيَةٌ، كَمَا كَانَتْ، وَلأَِنَّ الْغَاصِبَ إِنَّمَا يَضْمَنُ مَا غَصَبَ، وَالْقِيمَةُ لَا تَدْخُل فِي الْغَصْبِ.</p>ب - وَإِنْ كَانَ النَّقْصُ بِسَبَبِ فَوَاتِ وَصْفٍ مَرْغُوبٍ فِيهِ، فَهُوَ مَضْمُونٌ بِاتِّفَاقِ الْفُقَهَاءِ كَمَا لَوْ سَقَطَ عُضْوُ الْحَيَوَانِ الْمَغْصُوبِ، وَهُوَ فِي يَدِ الْغَاصِبِ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ، أَوْ حَدَثَ لَهُ عِنْدَ الْغَاصِبِ عَرَجٌ أَوْ شَلَلٌ أَوْ عَمًى، وَنَحْوُ ذَلِكَ فَإِنَّ الْمَالِكَ يَأْخُذُ الْمَغْصُوبَ، وَيَضْمَنُ الْغَاصِبُ النُّقْصَانَ: لِفَوَاتِ جُزْءٍ مِنَ الْبَدَنِ، أَوْ فَوَاتِ صِفَةٍ مَرْغُوبٍ فِيهَا؛ وَلأَِنَّهُ دَخَلَتْ جَمِيعُ أَجْزَائِهِ فِي ضَمَانِهِ بِالْغَصْبِ، فَمَا تَعَذَّرَ رَدُّ عَيْنِهِ، يَجِبُ رَدُّ قِيمَتِهِ.</p>وَطَرِيقُ مَعْرِفَةِ النُّقْصَانِ أَنْ يُقَوَّمَ صَحِيحًا، وَيُقَوَّمَ وَبِهِ الْعَيْبُ، فَيَجِبُ قَدْرُ مَا بَيْنَهُمَا (1) .</p> </p>‌<span class="title">‌تَصْنِيفُ الْعُقُودِ مِنْ حَيْثُ الضَّمَانُ:</span></p><font color=#ff0000>26 -</font> يُمْكِنُ تَصْنِيفُ الْعُقُودِ مِنْ حَيْثُ الضَّمَانُ إِلَى أَرْبَعَةِ أَقْسَامٍ:<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) البدائع 7 / 155، ومجمع الضمانات ص 133 والشرح الكبير للدردير 3 / 452 و 453 و 454، ومنح الجليل 3 / 537، والإقناع وحاشية البجيرمي عليه 3 / 140 - 141، وكشاف القناع 4 / 91، 92، 93، والمغني بالشرح الكبير 5 / 400 - 402.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٣٥)</span><hr/></div>أَوَّلاً: فَهُنَاكَ عَقْدٌ شُرِعَ لِلضَّمَانِ، أَوْ هُوَ الضَّمَانُ بِذَاتِهِ، وَهُوَ: الْكَفَالَةُ - كَمَا يُسَمِّيهَا الْحَنَفِيَّةُ - وَهِيَ - أَيْضًا -: الضَّمَانُ كَمَا يُسَمِّيهَا الْجُمْهُورُ.</p>ثَانِيًا: وَهُنَاكَ عُقُودٌ لَمْ تُشْرَعْ لِلضَّمَانِ، بَل شُرِعَتْ لِلْمِلْكِ وَالرِّبْحِ وَنَحْوِهِمَا، لَكِنِ الضَّمَانُ يَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا بِاعْتِبَارِهِ أَثَرًا لَازِمًا لأَِحْكَامِهَا، وَتُسَمَّى: عُقُودَ ضَمَانٍ، وَيَكُونُ الْمَال الْمَقْبُوضُ فِيهَا مَضْمُونًا عَلَى الْقَابِضِ، بِأَيِّ سَبَبٍ هَلَكَ، كَعَقْدِ الْبَيْعِ، وَالْقِسْمَةِ، وَالصُّلْحِ عَنْ مَالٍ بِمَالٍ، وَالْمُخَارَجَةِ، وَالْقَرْضِ، وَكَعَقْدِ الزَّوَاجِ، وَالْمُخَالَعَةِ.</p>ثَالِثًا: وَهُنَاكَ عُقُودٌ يَتَجَلَّى فِيهَا طَابَعُ الْحِفْظِ وَالأَْمَانَةِ، وَالرِّبْحِ فِي بَعْضِ الأَْحْيَانِ، وَتُسَمَّى عُقُودَ أَمَانَةٍ، وَيَكُونُ الْمَال الْمَقْبُوضُ فِيهَا أَمَانَةً فِي يَدِ الْقَابِضِ، لَا يَضْمَنُهُ إِلَاّ إِذَا تَلِفَ بِسَبَبِ تَقْصِيرِهِ فِي حِفْظِهِ، كَعَقْدِ الإِْيدَاعِ، وَالْعَارِيَّةِ، وَالشَّرِكَةِ بِأَنْوَاعِهَا، وَالْوَكَالَةِ، وَالْوِصَايَةِ.</p>رَابِعًا: وَهُنَاكَ عُقُودٌ ذَاتُ وَجْهَيْنِ، تُنْشِئُ الضَّمَانَ مِنْ وَجْهٍ، وَالأَْمَانَةَ مِنْ وَجْهٍ، وَتُسَمَّى لِهَذَا، عُقُودٌ مُزْدَوَجَةُ الأَْثَرِ، كَعَقْدِ الإِْجَارَةِ، وَالرَّهْنِ وَالصُّلْحِ عَنْ مَالٍ بِمَنْفَعَةٍ.</p><font color=#ff0000>27 -</font> وَمَنَاطُ التَّمْيِيزِ - بِوَجْهٍ عَامٍّ - بَيْنَ عُقُودِ الضَّمَانِ، وَبَيْنَ عُقُودِ الأَْمَانَةِ، يَدُورُ مَعَ</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٣٦)</span><hr/></div>الْمُعَاوَضَةِ: فَكُلَّمَا كَانَ فِي الْعَقْدِ مُعَاوَضَةٌ، كَانَ عَقْدَ ضَمَانٍ، وَكُلَّمَا كَانَ الْقَصْدُ مِنَ الْعَقْدِ غَيْرَ الْمُعَاوَضَةِ، كَالْحِفْظِ وَنَحْوِهِ، كَانَ الْعَقْدُ عَقْدَ أَمَانَةٍ.</p>وَيَسْتَنِدُ هَذَا الضَّابِطُ الْمُمَيَّزُ، إِلَى قَوْل الْمَرْغِينَانِيِّ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ، فِي تَعْلِيل كَوْنِ يَدِ أَحَدِ الشُّرَكَاءِ فِي مَال الشَّرِكَةِ، يَدَ أَمَانَةٍ: لأَِنَّهُ قَبَضَ الْمَال بِإِذْنِ الْمَالِكِ، لَا عَلَى وَجْهِ الْبَدَل وَالْوَثِيقَةِ، فَصَارَ كَالْوَدِيعَةِ (1) .</p>وَهَذَا يُشِيرُ إِلَى أَنَّ الْقَبْضَ الَّذِي يَسْتَوْجِبُ الضَّمَانَ، هُوَ: مَا كَانَ بِغَيْرِ إِذْنِ الْمَالِكِ، كَالْمَغْصُوبِ، وَمَا كَانَ بِسَبِيل الْمُبَادَلَةِ، أَيِ الْمُعَاوَضَةِ، أَوْ مَا كَانَ بِسَبِيل التَّوْثِيقِ، كَالرَّهْنِ وَالْكَفَالَةِ.</p>وَالرَّهْنُ - فِي الْوَاقِعِ - يُؤَوَّل إِلَى الْمُعَاوَضَةِ، لأَِنَّهُ تَوْثِيقٌ لِلْبَدَل، وَكَذَا الْكَفَالَةُ، فَكَانَ الْمُعَوَّل عَلَيْهِ فِي ضَمَانِ الْعُقُودِ، هُوَ الْمُبَادَلَةَ، وَفِي غَيْرِ الْعُقُودِ، هُوَ عَدَمَ الإِْذْنِ، وَمَا الْمُبَادَلَةُ إِلَاّ الْمُعَاوَضَةُ، فَهِيَ مَنْشَأُ التَّمْيِيزِ، بَيْنَ عُقُودِ الضَّمَانِ، وَبَيْنَ عُقُودِ الْحِفْظِ وَالأَْمَانَةِ.</p> </p>وَبَيَانُ الضَّمَانِ فِي هَذِهِ الْعُقُودِ فِيمَا يَلِي:<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الهداية بشروحها 5 / 404، وانظر أيضا في التعليل نفسه، تبيين الحقائق للزيلعي وحاشية الشلبي عليه 3 / 320 نقلا عن الإتقاني.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٣٦)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌أَوَّلاً: الضَّمَانُ فِي الْعُقُودِ الَّتِي شُرِعَتْ لِلضَّمَانِ:</span></p>‌<span class="title">‌الضَّمَانُ فِي عَقْدِ الْكَفَالَةِ:</span></p><font color=#ff0000>28 -</font> إِذَا صَحَّ الضَّمَانُ - أَوِ الْكَفَالَةُ بِاسْتِجْمَاعِ شُرُوطِهَا - لَزِمَ الضَّامِنَ أَدَاءُ مَا ضَمِنَهُ، وَكَانَ لِلْمَضْمُونِ لَهُ (الدَّائِنِ) مُطَالَبَتُهُ، وَلَا يُعْلَمُ فِيهِ خِلَافٌ، وَهُوَ فَائِدَةُ الضَّمَانِ (1) ثُمَّ:</p>إِذَا كَانَتِ الْكَفَالَةُ بِأَمْرِ الْمَدِينِ، وَهُوَ الْمَكْفُول عَنْهُ، رَجَعَ عَلَيْهِ الْكَفِيل بِمَا أَدَّى عَنْهُ بِالاِتِّفَاقِ - عَلَى مَا يَقُول ابْنُ جُزَيٍّ - فِي الْجُمْلَةِ.</p>أَمَّا إِذَا كَانَتِ الْكَفَالَةُ بِغَيْرِ إِذْنِ الْمَكْفُول عَنْهُ، فَفِي الرُّجُوعِ خِلَافٌ:</p>فَمَذْهَبُ الْحَنَفِيَّةِ عَدَمُ الرُّجُوعِ، إِذِ اعْتُبِرَ مُتَبَرِّعًا فِي هَذِهِ الْحَال (2) .</p>وَالْمَالِكِيَّةُ قَرَّرُوا الرُّجُوعَ فِي هَذِهِ الْحَال إِنْ ثَبَتَ دَفْعُ الْكَفِيل بِبَيِّنَةٍ، أَوْ بِإِقْرَارِ صَاحِبِ الْحَقِّ، وَعَلَّلُوهُ بِسُقُوطِ الدَّيْنِ بِذَلِكَ (3) .</p>وَالشَّافِعِيَّةُ فَصَّلُوا، وَقَالُوا:</p>إِنْ أَذِنَ الْمَكْفُول عَنْهُ، فِي الضَّمَانِ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المغني - بالشرح الكبير - 5 / 73.</p><font color=#ff0000>(2)</font> الدر المختار 4 / 271 و 272، والهداية بشروحها 6 / 304 و 305.</p><font color=#ff0000>(3)</font> الشرح الكبير للدردير 3 / 335 و 336، والقوانين الفقهية ص 214.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٣٧)</span><hr/></div>وَالأَْدَاءِ فَأَدَّى الْكَفِيل، رَجَعَ.</p>وَإِنِ انْتَفَى إِذْنُهُ فِيهِمَا فَلَا رُجُوعَ.</p>وَإِنْ أَذِنَ فِي الضَّمَانِ فَقَطْ، وَلَمْ يَأْذَنْ فِي الأَْدَاءِ، رَجَعَ فِي الأَْصَحِّ، لأَِنَّهُ أَذِنَ فِي سَبَبِ الْغُرْمِ.</p>وَإِنْ أَذِنَ فِي الأَْدَاءِ فَقَطْ، مِنْ غَيْرِ ضَمَانٍ، لَا يَرْجِعُ فِي الأَْصَحِّ، لأَِنَّ الْغُرْمَ فِي الضَّمَانِ، وَلَمْ يَأْذَنْ فِيهِ (1) .</p>وَاعْتَبَرَ الْحَنَابِلَةُ نِيَّةَ الرُّجُوعِ عِنْدَ قَضَاءِ الدَّيْنِ عَنِ الْمَكْفُول عَنْهُ، فَقَرَّرُوا أَنَّهُ:</p>إِنْ قَضَى الضَّامِنُ الدَّيْنَ مُتَبَرِّعًا، لَا يَرْجِعُ، سَوَاءٌ أَضَمِنَهُ بِإِذْنِهِ أَمْ بِغَيْرِ إِذْنِهِ، لأَِنَّهُ مُتَطَوِّعٌ بِذَلِكَ.</p>وَإِنْ قَضَاهُ نَاوِيًا الرُّجُوعَ، يَرْجِعُ لأَِنَّهُ قَضَاهُ مُبْرِئًا مِنْ دَيْنٍ وَاجِبٍ، فَكَانَ لَهُ الرُّجُوعُ.</p>وَلَوْ قَضَاهُ ذَاهِلاً عَنْ قَصْدِ الرُّجُوعِ وَعَدَمِهِ، لَا يَرْجِعُ، لِعَدَمِ قَصْدِ الرُّجُوعِ، سَوَاءٌ أَكَانَ الضَّمَانُ أَوِ الأَْدَاءُ بِإِذْنِ الْمَضْمُونِ عَنْهُ، أَمْ بِغَيْرِ إِذْنٍ (2) .</p>وَلَهُمْ تَفْصِيلٌ رُبَاعِيٌّ فِي نِيَّةِ الرُّجُوعِ يَقْرُبُ مِنْ تَفْصِيل الشَّافِعِيَّةِ (3) . (يُرَاجَعُ فِيهِ مُصْطَلَح: كَفَالَة) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) شرح المحلي على المنهاج بحاشية القليوبي عليه 2 / 331.</p><font color=#ff0000>(2)</font> كشاف القناع 3 / 371.</p><font color=#ff0000>(3)</font> المغني - بالشرح الكبير 5 / 86 - 89.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٣٧)</span><hr/></div><font color=#ff0000>29 -</font> إِذَا مَاتَ الْكَفِيل قَبْل حُلُول أَجَل الدَّيْنِ، فَفِي حُلُول الدَّيْنِ وَمُطَالَبَةِ الْوَرَثَةَ بِهِ خِلَافٌ يُنْظَرُ فِي:(مُصْطَلَحِ: كَفَالَة) .</p> </p>‌<span class="title">‌ضَمَانُ الدَّرَكِ:</span></p><font color=#ff0000>30 -</font> قَصَرَ الْحَنَفِيَّةُ ضَمَانَ الدَّرَكِ، عَلَى ضَمَانِ الثَّمَنِ عِنْدَ اسْتِحْقَاقِ الْمَبِيعِ (1)، وَقَالُوا:</p>هُوَ: الرُّجُوعُ بِالثَّمَنِ عِنْدَ اسْتِحْقَاقِ الْمَبِيعِ (2) .</p>وَالدَّرَكُ هُوَ: الْمُطَالَبَةُ وَالتَّبَعَةُ وَالْمُؤَاخَذَةُ (3) . وَيُقَال لَهُ: ضَمَانُ الْعُهْدَةِ، عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ (4) .</p>وَعَرَّفُوهُ بِأَنَّهُ: ضَمَانُ الثَّمَنِ لِلْمُشْتَرِي، إِنْ ظَهَرَ الْمَبِيعُ مُسْتَحَقًّا أَوْ مَعِيبًا أَوْ نَاقِصًا، بَعْدَ قَبْضِ الثَّمَنِ (5) وَضَمَانُ الدَّرَكِ صَحِيحٌ عِنْدَ جَمَاهِيرِ الْفُقَهَاءِ وَذَلِكَ (6) :.</p>أ - لأَِنَّ الْمَضْمُونَ هُوَ الْمَالِيَّةُ عِنْدَ تَعَذُّرِ الرَّدِّ (7) ، وَالْمَضْمُونُ - كَمَا يَقُول الْعَدَوِيُّ - فِي الْمَعِيبِ قِيمَةُ الْعَيْبِ، وَفِي الْمُسْتَحَقِّ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) رد المحتار 4 / 281.</p><font color=#ff0000>(2)</font> المرجع السابق 4 / 264.</p><font color=#ff0000>(3)</font> حاشية الجمل على شرح المنهج 3 / 379.</p><font color=#ff0000>(4)</font> شرح المحلي على المنهاج بحاشية القليوبي 2 / 325، وانظر كشاف القناع 3 / 369.</p><font color=#ff0000>(5)</font> المرجعان السابقان.</p><font color=#ff0000>(6)</font> كشاف القناع 3 / 369.</p><font color=#ff0000>(7)</font> الهداية بشروحها 6 / 298، وما بعدها و 9 / 86 وما بعدها.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٣٨)</span><hr/></div>الثَّمَنُ (1) ، وَهُوَ جَائِزٌ بِلَا نِزَاعٍ (2) .</p>ب - وَلأَِنَّ الضَّمَانَ هُنَا، كَفَالَةٌ، وَالْكَفَالَةُ لاِلْتِزَامِ الْمُطَالَبَةِ، وَالْتِزَامُ الأَْفْعَال يَصِحُّ مُضَافًا إِلَى الْمَآل، كَمَا فِي الْتِزَامِ الصَّوْمِ وَالصَّلَاةِ بِالنَّذْرِ (3) .</p>ج - وَقَال الْحَنَابِلَةُ فِي تَعْلِيل جَوَازِهِ: لأَِنَّ الْحَاجَةَ تَدْعُو إِلَى الْوَثِيقَةِ، وَهِيَ: ثَلَاثَةٌ: الشَّهَادَةُ وَالرَّهْنُ وَالضَّمَانُ، فَالأُْولَى لَا يَسْتَوْفِي مِنْهَا الْحَقَّ، وَالثَّانِيَةُ مَمْنُوعَةٌ، لأَِنَّهُ يَلْزَمُ حَبْسُ الرَّهْنِ إِلَى أَنْ يُؤَدَّى، وَهُوَ غَيْرُ مَعْلُومٍ، فَيُؤَدِّي إِلَى حَبْسِهِ أَبَدًا، فَلَمْ يَبْقَ غَيْرُ الضَّمَانِ.</p>د - وَقَالُوا: وَلأَِنَّهُ لَوْ لَمْ يَصِحَّ لَامْتَنَعَتِ الْمُعَامَلَاتُ مَعَ مَنْ لَمْ يُعْرَفْ، وَفِيهِ ضَرَرٌ عَظِيمٌ، رَافِعٌ لأَِصْل الْحِكْمَةِ، الَّتِي شُرِعَ مِنْ أَجْلِهَا الْبَيْعُ (4) .</p>وَنَصَّ الْحَنَفِيَّةُ عَلَى أَنَّ شَرْطَ ضَمَانِ الدَّرَكِ ثُبُوتُ الثَّمَنِ عَلَى الْبَائِعِ بِالْقَضَاءِ (5) ، فَلَوِ اسْتُحِقَّ الْمَبِيعُ قَبْل الْقَضَاءِ عَلَى الْبَائِعِ بِالثَّمَنِ، لَا يُؤْخَذُ ضَامِنُ الدَّرَكِ، إِذْ بِمُجَرَّدِ الاِسْتِحْقَاقِ لَا يُنْتَقَضُ الْبَيْعُ عَلَى الظَّاهِرِ، إِذْ يُعْتَبَرُ الْبَيْعُ مَوْقُوفًا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ، وَلِهَذَا لَوْ أَجَازَ الْمُسْتَحِقُّ الْبَيْعَ قَبْل الْفَسْخِ جَازَ وَلَوْ بَعْدَ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حاشية العدوي على شرح الخرشي 6 / 24.</p><font color=#ff0000>(2)</font> المرجع السابق والهداية - بشروحها 6 / 298.</p><font color=#ff0000>(3)</font> الهداية وشروحها في الموضع نفسه.</p><font color=#ff0000>(4)</font> كشاف القناع 3 / 369.</p><font color=#ff0000>(5)</font> رد المحتار 4 / 264.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٣٨)</span><hr/></div>قَبْضِهِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، فَمَا لَمْ يُقْضَ بِالثَّمَنِ عَلَى الْبَائِعِ لَا يَجِبُ رَدُّ الثَّمَنِ عَلَى الأَْصِيل، فَلَا يَجِبُ عَلَى الْكَفِيل (1) .</p>وَنَصَّ الشَّافِعِيَّةُ عَلَى أَنَّهُ لَا يَصِحُّ قَبْل قَبْضِ الثَّمَنِ، لأَِنَّهُ إِنَّمَا يَضْمَنُ مَا دَخَل فِي ضَمَانِ الْبَائِعِ، وَقِيل: يَصِحُّ قَبْل قَبْضِهِ، لأَِنَّهُ قَدْ تَدْعُو الْحَاجَةُ إِلَيْهِ، بِأَنْ لَا يُسَلِّمَ الثَّمَنَ إِلَاّ بَعْدَهُ (2) .</p> </p>‌<span class="title">‌ثَانِيًا: الْعُقُودُ الَّتِي لَمْ تُشْرَعْ لِلضَّمَانِ وَيَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا الضَّمَانُ:</span></p>‌<span class="title">‌الضَّمَانُ فِي عَقْدِ الْبَيْعِ:</span></p><font color=#ff0000>31 -</font> ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ، إِلَى أَنَّ الْمَبِيعَ فِي الْبَيْعِ الصَّحِيحِ، فِي ضَمَانِ الْبَائِعِ، حَتَّى يَقْبِضَهُ الْمُشْتَرِي، مَعَ رِوَايَةِ تَفْرِقَةِ الْحَنَابِلَةِ بَيْنَ الْمَكِيلَاتِ، وَالْمَوْزُونَاتِ، وَنَحْوِهَا، وَبَيْنَ غَيْرِهَا (3) .</p>وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ إِلَى أَنَّ الضَّمَانَ يَنْتَقِل إِلَى الْمُشْتَرِي - كَمَا يَقُول ابْنُ جُزَيٍّ - بِنَفْسِ الْعَقْدِ، إِلَاّ فِي مَوَاضِعَ مِنْهَا: مَا بِيعَ عَلَى الْخِيَارِ، وَمَا بِيعَ مِنَ الثِّمَارِ قَبْل كَمَال طِيبِهِ (4) . . .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الدر المختار ورد المحتار 4 / 282.</p><font color=#ff0000>(2)</font> شرح المحلي على المنهاج 2 / 326.</p><font color=#ff0000>(3)</font> البدائع 5 / 238، وروضة الطالبين 3 / 499، والشرح الكبير مع المغني 4 / 116 و 117.</p><font color=#ff0000>(4)</font> القوانين الفقهية ص 164.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٣٩)</span><hr/></div>وَأَهَمُّ مَا يَسْتَوْجِبُ الضَّمَانَ فِي عَقْدِ الْبَيْعِ:‌<span class="title">‌ هَلَاكُ الْمَبِيعِ</span>، وَهَلَاكُ الثَّمَنِ، وَاسْتِحْقَاقُ الْمَبِيعِ، وَظُهُورُ عَيْبٍ قَدِيمٍ فِيهِ.</p>وَيُلْحَقُ بِهِ: ضَمَانُ الْمَقْبُوضِ عَلَى سَوْمِ الشِّرَاءِ، وَضَمَانُ الْمَقْبُوضِ عَلَى سَوْمِ النَّظَرِ، وَضَمَانُ الدَّرَكِ.</p>وَبَيَانُ ذَلِكَ مَا يَلِي:</p> </p>هَلَاكُ الْمَبِيعِ:</p><font color=#ff0000>32 -</font> يُفَرَّقُ فِي الْحُكْمِ فِيهِ، تَبَعًا لأَِحْوَال هَلَاكِهِ: هَلَاكُ كُلِّهِ، وَهَلَاكُ بَعْضِهِ، وَهَلَاكُ نَمَائِهِ، وَهَلَاكُهُ فِي الْبَيْعِ الصَّحِيحِ، وَالْفَاسِدِ، وَالْبَاطِل، وَهَلَاكُهُ وَهُوَ فِي يَدِ الْبَائِعِ: أَوْ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي.</p>وَيُنْظَرُ تَفْصِيل ذَلِكَ فِي: (بَيْع ف 59 وَمُصْطَلَحِ: هَلَاك)</p>‌<span class="title">‌هَلَاكُ نَمَاءِ الْمَبِيعِ:</span></p><font color=#ff0000>33 -</font> الأَْصْل الْمُقَرَّرُ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ أَنَّ زَوَائِدَ الْمَبِيعِ مَبِيعَةٌ - كَمَا يَقُول الْكَاسَانِيُّ - إِلَاّ إِذَا كَانَتْ مُنْفَصِلَةً غَيْرَ مُتَوَلِّدَةٍ مِنَ الأَْصْل، كَغَلَّةِ الْمَبَانِي وَالْعَقَارَاتِ، فَإِنَّهَا إِمَّا أَنْ تَحْدُثَ فِي الْمَبِيعِ قَبْل قَبْضِهِ أَوْ بَعْدَهُ:</p>أ - فَقَبْل الْقَبْضِ، إِذَا أَتْلَفَ الْبَائِعُ الزِّيَادَةَ يَضْمَنُهَا، فَتَسْقُطُ حِصَّتُهَا مِنَ الثَّمَنِ عَنِ الْمُشْتَرِي، كَمَا لَوْ أَتْلَفَ جُزْءًا مِنَ الْمَبِيعِ، وَكَمَا لَوْ أَتْلَفَهَا أَجْنَبِيٌّ.</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٣٩)</span><hr/></div>وَإِذَا هَلَكَتْ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ، كَمَا لَوْ هَلَكَ الثَّمَرُ، فَلَا تُضْمَنُ، لأَِنَّهَا كَالأَْوْصَافِ، لَا يُقَابِلُهَا شَيْءٌ مِنَ الثَّمَنِ، وَإِنَّهَا وَإِنْ كَانَتْ مَبِيعَةً، لَكِنَّهَا مَبِيعَةٌ تَبَعًا لَا قَصْدًا.</p>ب - أَمَّا لَوْ هَلَكَتْ بَعْدَ أَنْ قَبَضَهَا. الْمُشْتَرِي، أَوْ أَتْلَفَهَا هُوَ، فَهِيَ غَيْرُ مَضْمُونَةٍ بِقَبْضِهِ، وَلَهَا حِصَّتُهَا مِنَ الثَّمَنِ، فَيَقْسِمُ الثَّمَنَ عَلَى قِيمَةِ الأَْصْل يَوْمَ الْعَقْدِ وَعَلَى قِيمَةِ الزِّيَادَةِ يَوْمَ الْقَبْضِ (1) . وَلَوْ أَتْلَفَهَا أَجْنَبِيٌّ، ضَمِنَهَا بِلَا خِلَافٍ، لَكِنِ الْمُشْتَرِي بِالْخِيَارِ:</p>إِنْ شَاءَ فَسَخَ الْعَقْدَ، وَيَرْجِعُ الْبَائِعُ عَلَى الْجَانِي بِضَمَانِ الْجِنَايَةِ.</p>وَإِنْ شَاءَ اخْتَارَ الْبَيْعَ، وَاتَّبَعَ الْجَانِيَ بِالضَّمَانِ، وَعَلَيْهِ جَمِيعُ الثَّمَنِ كَمَا لَوْ أَتْلَفَ الأَْصْل (2) .</p> </p>‌<span class="title">‌الضَّمَانُ فِي الْبَيْعِ الْبَاطِل:</span></p><font color=#ff0000>34 -</font> جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ لَا يُفَرِّقُونَ فِي قَوَاعِدِهِمُ الْعَامَّةِ بَيْنَ الْبَيْعِ الْبَاطِل، وَالْبَيْعِ الْفَاسِدِ وَالْحَنَفِيَّةُ هُمُ الَّذِينَ فَرَّقُوا بَيْنَهُمَا.</p>وَالْبَيْعُ الْبَاطِل لَا يُثْبِتُ الْمِلْكَ أَصْلاً، وَلَا حُكْمَ لِهَذَا الْبَيْعِ، لأَِنَّ الْحُكْمَ لِلْمَوْجُودِ، وَلَا وُجُودَ لِهَذَا الْبَيْعِ إِلَاّ مِنْ حَيْثُ الصُّورَةُ.<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) البدائع 5 / 256.</p><font color=#ff0000>(2)</font> البدائع 5 / 256، 257.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٤٠)</span><hr/></div>وَفِي ضَمَانِهِ تَفْصِيلٌ يُنْظَرُ فِي: (بُطْلَان ف 26، 27 وَالْبَيْعُ الْبَاطِل ف 11) .</p> </p>‌<span class="title">‌ضَمَانُ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ:</span></p><font color=#ff0000>35 -</font> كُل بَيْعٍ فَاتَهُ شَرْطٌ مِنْ شُرُوطِ الصِّحَّةِ فَهُوَ فَاسِدٌ (1) كَأَنْ كَانَ فِي الْمَبِيعِ جَهَالَةٌ، كَبَيْعِ شَاةٍ مِنْ قَطِيعٍ، أَوْ غَرَرٌ كَبَيْعِ بَقَرَةٍ عَلَى أَنَّهَا تَحْلُبُ كَذَا فِي الْيَوْمِ، أَوْ كَانَ مَنْهِيًّا عَنْهُ، كَبَيْعِ الطَّعَامِ قَبْل قَبْضِهِ، وَبَيْعِ الْعِينَةِ.</p>وَمَعَ الاِتِّفَاقِ عَلَى وُجُوبِ فَسْخِهِ، وَخُبْثِ الرِّبْحِ النَّاشِئِ عَنْهُ، فَقَدِ اخْتُلِفَ فِي ضَمَانِ الْمَبِيعِ فِيهِ بَعْدَ قَبْضِهِ، وَمِلْكِهِ:</p>وَمَذْهَبُ الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ أَنَّهُ وَإِنْ كَانَ لَا يُمْلَكُ بِالْقَبْضِ، وَلَا يَنْفُذُ التَّصَرُّفُ فِيهِ بِبَيْعٍ وَلَا هِبَةٍ، لَكِنَّهُ يُضْمَنُ ضَمَانَ الْغَصْبِ، وَعَلَيْهِ مُؤْنَةُ رَدِّهِ كَالْمَغْصُوبِ؛ وَإِنْ نَقَصَ ضَمِنَ نُقْصَانَهُ، وَزَوَائِدُهُ مَضْمُونَةٌ، وَفِي تَعَيُّبِهِ أَرْشُ النَّقْصِ، وَفِي تَلَفِهِ وَإِتْلَافِهِ الضَّمَانُ.</p>وَعَلَّلَهُ ابْنُ قُدَامَةَ بِأَنَّهُ مَضْمُونٌ بِعَقْدٍ فَاسِدٍ، فَلَمْ يَمْلِكْهُ، كَالْمَيْتَةِ، فَكَانَ مَضْمُونًا فِي جُمْلَتِهِ، فَأَجْزَاؤُهُ مَضْمُونَةٌ أَيْضًا (2) .</p>وَمَذْهَبُ الْحَنَفِيَّةِ أَنَّ الْبَيْعَ الْفَاسِدَ يُفِيدُ الْمِلْكَ إِذَا اتَّصَل بِهِ الْقَبْضُ، وَلَمْ يَكُنْ فِيهِ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) البدائع 5 / 299.</p><font color=#ff0000>(2)</font> روضة الطالبين 3 / 408 وما بعدها، وحاشية القليوبي 2 / 276، والمغني 4 / 56، وكشاف القناع 3 / 188.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٤٠)</span><hr/></div>خِيَارُ شَرْطٍ لِحَدِيثِ بَرِيرَةَ الْمَعْرُوفِ (1) وَلِصُدُورِ الْعَقْدِ مِنْ أَهْلِهِ وَوُقُوعِهِ فِي مَحَلِّهِ، لَكِنَّهُ مِلْكٌ خَبِيثٌ حَرَامٌ لِمَكَانِ النَّهْيِ؛ وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ، الْمُخْتَارُ عِنْدَهُمْ (2) .</p>وَيَكُونُ مَضْمُونًا فِي يَدِ الْمُشْتَرِي، وَيَلْزَمُهُ مِثْلُهُ إِنْ كَانَ مِثْلِيًّا، وَقِيمَتُهُ إِنْ كَانَ قِيَمِيًّا، بَعْدَ هَلَاكِهِ أَوْ تَعَذُّرِ رَدِّهِ (3) .</p>وَمَذْهَبُ الْمَالِكِيَّةِ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ إِذَا قَبَضَ الْمَبِيعَ فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ، دَخَل فِي ضَمَانِهِ، لأَِنَّهُ لَمْ يَقْبِضْهُ عَلَى جِهَةِ الأَْمَانَةِ، وَإِنَّمَا قَبَضَهُ عَلَى جِهَةِ التَّمْلِيكِ، بِحَسَبِ زَعْمِهِ، وَإِنْ لَمْ يَنْتَقِل إِلَيْهِ الْمِلْكُ بِحَسَبِ الأَْمْرِ نَفْسِهِ (4) .</p>وَنَصَّ الأُْبِّيُّ عَلَى أَنَّ مِلْكَ الْفَاسِدِ لَا يَنْتَقِل إِلَى الْمُشْتَرِي بِقَبْضِهِ، بَل لَا بُدَّ مِنْ فَوَاتِهِ (5) (سَوَاءٌ أَنْقَدَ الثَّمَنَ أَمْ لَا) قَال ابْنُ الْحَاجِبِ:</p>لَا يَنْتَقِل الْمِلْكُ فِيهِ إِلَاّ بِالْقَبْضِ وَالْفَوَاتِ (6) .</p>وَالْفَوَاتُ - كَمَا يَقُول ابْنُ جُزَيٍّ - يَكُونُ بِخَمْسَةِ أَشْيَاءَ، ذَكَرَ مِنْهَا تَغَيُّرَ الذَّاتِ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حديث بريرة أخرجه البخاري (فتح الباري 5 / 313) ومسلم (2 / 1141) من حديث عائشة رضي الله عنها.</p><font color=#ff0000>(2)</font> الدر المختار 4 / 124، والاختيار 2 / 22.</p><font color=#ff0000>(3)</font> مجمع الضمانات (216) والهداية وشروحها 6 / 45 و 96، والدر المختار 4 / 125.</p><font color=#ff0000>(4)</font> كفاية الطالب وحاشية العدوي 2 / 148.</p><font color=#ff0000>(5)</font> جواهر الإكليل 2 / 27.</p><font color=#ff0000>(6)</font> نفسه. وانظر القوانين الفقهية ص 172 وشرح الزرقاني على مختصر سيدي خليل 5 / 93 - 96</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٤١)</span><hr/></div>وَالتَّعَيُّبَ وَتَعَلُّقَ حَقِّ الآْخَرِينَ. . . .</p><font color=#ff0000>(1)</font> 36 - وَفِي وَقْتِ تَقْدِيرِ قِيمَةِ الْمَبِيعِ بَيْعًا فَاسِدًا خِلَافٌ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ:</p>فَعِنْدَ جُمْهُورِ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ، تَجِبُ الْقِيمَةُ يَوْمَ الْقَبْضِ، وَذَلِكَ لأَِنَّ بِهِ يَدْخُل فِي ضَمَانِهِ، لَا مِنْ يَوْمِ الْعَقْدِ، لأَِنَّ مَا يُضْمَنُ يَوْمَ الْعَقْدِ هُوَ الْعَقْدُ الصَّحِيحُ (2) .</p>وَذَهَبَ الْحَنَابِلَةُ وَهُوَ وَجْهٌ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَقَوْل مُحَمَّدٍ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ: أَنَّهُ تُعْتَبَرُ قِيمَتُهُ يَوْمَ الإِْتْلَافِ أَوِ الْهَلَاكِ، لأَِنَّ بِهِمَا يَتَقَرَّرُ الضَّمَانُ كَمَا يَقُول مُحَمَّدٌ.</p>وَعَلَّلَهُ الْحَنَابِلَةُ بِأَنَّهُ قَبَضَهُ بِإِذْنِ مَالِكِهِ فَأَشْبَهَ الْعَارِيَّةَ (3) وَهِيَ مَضْمُونَةٌ عِنْدَهُمْ.</p>وَالْمَذْهَبُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ اعْتِبَارُ أَقْصَى الْقِيمَةِ، فِي الْمُتَقَوِّمِ، مِنْ وَقْتِ الْقَبْضِ إِلَى وَقْتِ التَّلَفِ (4) .</p>وَهَذَا - أَيْضًا - وَجْهٌ ذَكَرَهُ الْحَنَابِلَةُ فِي الْغَصْبِ، وَهُوَ هَاهُنَا كَذَلِكَ، كَمَا يَقُول الْمَقْدِسِيُّ (5) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المصادر السابقة وانظر كفاية الطالب 2 / 148.</p><font color=#ff0000>(2)</font> الدر المختار 4 / 125، ومجمع الضمانات ص 124، وكفاية الطالب 2 / 148.</p><font color=#ff0000>(3)</font> رد المحتار 4 / 125، وتبيين الحقائق 4 / 62، ومجمع الضمانات ص 214، والشرح الكبير في ذيل المغني 4 / 560، وانظر كشاف القناع 3 / 198.</p><font color=#ff0000>(4)</font> حاشية الجمل على شرح المنهج 3 / 84، وروضة الطالبين 3 / 409.</p><font color=#ff0000>(5)</font> الشرح الكبير في ذيل المغني 4 / 56.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٤١)</span><hr/></div><font color=#ff0000>37 -</font> وَلَوْ نَقَصَ الْمَبِيعُ بَيْعًا فَاسِدًا، وَهُوَ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي، فَالاِتِّفَاقُ عَلَى أَنَّ النَّقْصَ مَضْمُونٌ عَلَيْهِ، وَذَلِكَ:</p>أ - لِلتَّعَيُّبِ (1) .</p>ب - وَلأَِنَّ جُمْلَةَ الْمَبِيعِ مَضْمُونَةٌ، فَتَكُونُ أَجْزَاؤُهَا مَضْمُونَةً أَيْضًا (2) .</p><font color=#ff0000>38 -</font> وَلَوْ زَادَ الْمَبِيعُ بَيْعًا فَاسِدًا بَعْدَ قَبْضِهِ، زِيَادَةً مُنْفَصِلَةً كَالْوَلَدِ وَالثَّمَرَةِ، أَوْ مُتَّصِلَةً كَالسَّمْنِ، فَهُوَ مَضْمُونٌ عَلَى الْمُشْتَرِي - كَزَوَائِدِ الْمَغْصُوبِ - كَمَا قَال النَّوَوِيُّ (3) .</p>وَعَدَمُ ضَمَانِ الزِّيَادَةِ هُوَ - أَيْضًا - وَجْهٌ شَاذٌّ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ، ذَكَرَهُ النَّوَوِيُّ.</p>وَالْحَنَابِلَةُ قَالُوا: إِذَا تَلِفَتِ الْعَيْنُ بَعْدَ الزِّيَادَةِ، أَسْقَطَتِ الزِّيَادَةَ مِنَ الْقِيمَةِ، وَضَمِنَهَا بِمَا بَقِيَ مِنَ الْقِيمَةِ حِينَ التَّلَفِ (4) .</p>وَذَكَرَ الْمَقْدِسِيُّ فِيهِ احْتِمَالَيْنِ:</p>أ - أَحَدُهُمَا: الضَّمَانُ، لأَِنَّهَا زِيَادَةٌ فِي عَيْنٍ مَضْمُونَةٍ، فَأَشْبَهَتِ الزِّيَادَةَ فِي الْمَغْصُوبِ.</p>ب - وَالآْخَرُ: عَدَمُ الضَّمَانِ، لأَِنَّهُ دَخَل عَلَى أَنْ لَا يَكُونَ فِي مُقَابَلَةِ الزِّيَادَةِ عِوَضٌ، فَعَلَى هَذَا تَكُونُ الزِّيَادَةُ أَمَانَةً فِي يَدِهِ: إِنْ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حاشية الجمل 3 / 84.</p><font color=#ff0000>(2)</font> الشرح الكبير في ذيل المغني 4 / 56.</p><font color=#ff0000>(3)</font> روضة الطالبين 3 / 409، وانظر حاشية الجمل 3 / 84، والشرح الكبير في ذيل المغني 4 / 56، وكشاف القناع 3 / 198.</p><font color=#ff0000>(4)</font> الشرح الكبير في ذيل المغني 4 / 57 و 58.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٤٢)</span><hr/></div>هَلَكَتْ بِتَفْرِيطِهِ أَوْ عُدْوَانِهِ، ضَمِنَهَا، وَإِلَاّ فَلَا.</p>وَالْحَنَفِيَّةُ قَرَّرُوا أَنَّ الزِّيَادَةَ أَرْبَعَةُ أَنْوَاعٍ:</p>أ - الزِّيَادَةُ الْمُنْفَصِلَةُ الْمُتَوَلِّدَةُ مِنَ الأَْصْل، كَالْوَلَدِ، فَهَذِهِ يَضْمَنُهَا بِالاِسْتِهْلَاكِ لَا بِالْهَلَاكِ.</p>ب - الزِّيَادَةُ الْمُنْفَصِلَةُ غَيْرُ الْمُتَوَلِّدَةِ مِنَ الأَْصْل، كَالْكَسْبِ، لَا تُضْمَنُ بِالاِسْتِهْلَاكِ، عِنْدَ الإِْمَامِ، وَعِنْدَ صَاحِبَيْهِ تُضْمَنُ بِالاِسْتِهْلَاكِ، لَا بِالْهَلَاكِ، كَالْمُنْفَصِلَةِ الْمُتَوَلِّدَةِ.</p>ح - الزِّيَادَةُ الْمُتَّصِلَةُ الْمُتَوَلِّدَةُ مِنَ الأَْصْل، كَالسَّمْنِ، يَضْمَنُهَا بِالاِسْتِهْلَاكِ لَا بِالْهَلَاكِ.</p>د - الزِّيَادَةُ الْمُتَّصِلَةُ غَيْرُ الْمُتَوَلِّدَةِ مِنَ الأَْصْل، كَالصَّبْغِ وَالْخِيَاطَةِ، (فَإِنَّهَا مِلْكُ الْمُشْتَرِي. وَهَلَاكُهَا أَوِ اسْتِهْلَاكُهَا مِنْ حِسَابِهِ) وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي هَذِهِ مِنْ حَيْثُ الْفَسْخُ:</p>- فَعِنْدَ الإِْمَامِ يَمْتَنِعُ الْفَسْخُ فِيهَا، وَتَلْزَمُ الْمُشْتَرِيَ قِيمَتُهَا.</p>وَعِنْدَهُمَا: يَنْقُضُهَا الْبَائِعُ، وَيَسْتَرِدُّ الْمَبِيعَ.</p>وَمَا سِوَاهَا لَا يَمْنَعُ الْفَسْخَ.</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٤٢)</span><hr/></div>وَلَوْ هَلَكَ الْمَبِيعُ فَقَطْ، دُونَ الزِّيَادَةِ الْمُنْفَصِلَةِ، فَلِلْبَائِعِ أَخْذُ الزِّيَادَةِ، وَأَخْذُ قِيمَةِ الْمَبِيعِ يَوْمَ الْقَبْضِ.</p>وَلَوْ هَلَكَ الْمَبِيعُ فَقَطْ، دُونَ الزِّيَادَةِ الْمُنْفَصِلَةِ، غَيْرِ الْمُتَوَلِّدَةِ، كَالْكَسْبِ، فَلِلْبَائِعِ أَخْذُهَا مَعَ تَضْمِينِ الْمَبِيعِ، لَكِنْ لَا تَطِيبُ لَهُ، وَيَتَصَدَّقُ بِهَا (1) .</p><font color=#ff0000>39 -</font> إِذَا اسْتَغَل الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ بَيْعًا فَاسِدًا، بَعْدَ أَنْ قَبَضَهُ، لَا يَرُدُّ غَلَّتَهُ، لأَِنَّ ضَمَانَهُ مِنْهُ، وَالْخَرَاجُ بِالضَّمَانِ (2) .</p>وَالْخَرَاجُ هُوَ: الْغَلَّةُ الْحَاصِلَةُ مِنَ الْمَبِيعِ، كَأُجْرَةِ الدَّابَّةِ، وَكُل مَا خَرَجَ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ خَرَاجُهُ، فَخَرَاجُ الشَّجَرِ ثَمَرُهُ، وَخَرَاجُ الْحَيَوَانِ دَرُّهُ وَنَسْلُهُ (3) .</p>وَإِذَا أَنْفَقَ عَلَيْهِ لَا يَرْجِعُ عَلَى بَائِعِهِ بِنَفَقَتِهِ، لأَِنَّ مَنْ لَهُ الْغَلَّةُ عَلَيْهِ النَّفَقَةُ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ غَلَّةٌ، فَلَهُ الرُّجُوعُ بِالنَّفَقَةِ.</p>وَإِذَا أَحْدَث فِيهِ، مَا لَهُ عَيْنٌ قَائِمَةٌ، كَبِنَاءٍ وَصَبْغٍ، رَجَعَ بِذَلِكَ عَلَى الْبَائِعِ، مَعَ كَوْنِ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الدر المختار ورد المحتار 4 / 131 بتصرف، وانظر مجمع الضمانات ص 216.</p><font color=#ff0000>(2)</font> جواهر الإكليل 2 / 27. وحديث:" الخراج بالضمان " أخرجه أبو داود (3 / 780) من حديث عائشة، وصححه ابن القطان كما في التلخيص لابن حجر (3 / 22) قال أبو عبيد: الخراج في هذا الحديث غلة العبد، وقال ابن نجيم في أشباهه: إن هذا الحديث من جوامع الكلم لا يجوز نقله بالمعنى. انظر عمز عيون البصائر، في شرح الأشباه والنظائر للحموي 1 / 431 و 432 ط: دار الكتب العلمية بيروت.</p><font color=#ff0000>(3)</font> الفائق (مادة: خرج) .</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٤٣)</span><hr/></div>الْغَلَّةِ لَهُ، كَسُكْنَاهُ وَلُبْسِهِ (1) .</p>وَالزِّيَادَةُ الْمُنْفَصِلَةُ، غَيْرُ الْمُتَوَلِّدَةِ مِنَ الأَْصْل، كَالْكَسْبِ، لَا تُضْمَنُ بِالاِسْتِهْلَاكِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ، فَهُوَ كَمَذْهَبِ الْمَالِكِيَّةِ، لِحَدِيثِ: الْخَرَاجُ بِالضَّمَانِ وَعِنْدَ الصَّاحِبَيْنِ تُضْمَنُ بِالاِسْتِهْلَاكِ لَا بِالْهَلَاكِ.</p>وَمَذْهَبُ الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ أَنَّ غَلَاّتِ الْمَبِيعِ بَيْعًا فَاسِدًا مَضْمُونَةٌ عَلَى كُل حَالٍ، كَمَنَافِعِ الْمَغْصُوبِ.</p>وَنَصَّ الشَّافِعِيَّةُ عَلَى أَنَّهُ تَلْزَمُهُ أُجْرَةُ الْمِثْل، لِلْمُدَّةِ الَّتِي كَانَ فِي يَدِهِ، وَذَلِكَ لِلْمَنْفَعَةِ، وَإِنْ لَمْ يَسْتَوْفِهَا، وَكَذَلِكَ نَصُّوا عَلَى أَنَّهُ مَتَى حُكِمَ بِأَنَّهُ غَاصِبٌ لِلدَّارِ أَوْ لِبَعْضِهَا ضَمِنَ الأُْجْرَةَ (2) .</p>وَنَصَّ الْمَقْدِسِيُّ عَلَى أَنَّ أُجْرَةَ مِثْل الْمَبِيعِ بَيْعًا فَاسِدًا مُدَّةَ بَقَائِهِ فِي يَدِهِ تَجِبُ عَلَى الْمُشْتَرِي وَعَلَيْهِ رَدُّهَا (3) .</p> </p>‌<span class="title">‌ضَمَانُ الْمَقْبُوضِ عَلَى سَوْمِ الشِّرَاءِ:</span></p><font color=#ff0000>40 -</font> الْمَقْبُوضُ عَلَى سَوْمِ الشِّرَاءِ: هُوَ أَنْ يَقْبِضَ الْمُسَاوِمُ الْمَبِيعَ، بَعْدَ مَعْرِفَةِ الثَّمَنِ، وَبَعْدَ الشِّرَاءِ، فَيَقُول لِلْبَائِعِ: هَاتِهِ، فَإِنْ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) جواهر الإكليل 2 / 27، وانظر شرح الزرقاني على مختصر سيدي خليل 5 / 93.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حاشية القليوبي على شرح المنهاج 3 / 28، وحاشية الجمل على شرح المنهج 3 / 84، وإعانة الطالبين 3 / 408.</p><font color=#ff0000>(3)</font> الشرح الكبير في ذيل المغني 4 / 56.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٤٣)</span><hr/></div>رَضِيتُهُ اشْتَرَيْتُهُ.</p>وَلَا بُدَّ فِيهِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ مِنْ تَوَافُرِ شَرْطَيْنِ:</p>أ - أَنْ يَكُونَ الثَّمَنُ مُسَمًّى فِي الْعَقْدِ، مِنَ الْبَائِعِ أَوِ الْمُشْتَرِي.</p>ب - وَأَنْ يَكُونَ الْقَبْضُ بِقَصْدِ الشِّرَاءِ، لَا لِمُجَرَّدِ النَّظَرِ (1) .</p>وَيَضْمَنُهُ الْقَابِضُ فِي هَذِهِ الْحَال، إِذَا هَلَكَ فِي يَدِهِ، بِالْقِيمَةِ بَالِغَةً مَا بَلَغَتْ يَوْمَ الْقَبْضِ، كَمَا فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ، خِلَافًا لِلطَّرَسُوسِيِّ الَّذِي ذَهَبَ إِلَى أَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ لَا يُزَادَ بِهَا عَلَى الْمُسَمَّى، كَمَا فِي الإِْجَارَةِ الْفَاسِدَةِ.</p>أَمَّا لَوِ اسْتَهْلَكَهُ فَيَجِبُ فِيهِ الثَّمَنُ لَا الْقِيمَةُ، لأَِنَّهُ بِالاِسْتِهْلَاكِ يُعْتَبَرُ رَاضِيًا بِإِمْضَاءِ الْعَقْدِ بِثَمَنِهِ (2) .</p>وَقَال الْقَلْيُوبِيُّ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ: الْمَأْخُوذُ بِالسَّوْمِ مَضْمُونٌ كُلُّهُ إِنْ أَخَذَهُ لِشِرَاءِ كُلِّهِ، وَإِلَاّ فَقَدْرُ مَا يُرِيدُ شِرَاءَهُ (3) .</p>وَفِي كَشَّافِ الْقِنَاعِ: الْمَقْبُوضُ عَلَى وَجْهِ السَّوْمِ مَضْمُونٌ إِذَا تَلِفَ مُطْلَقًا، لأَِنَّهُ مَقْبُوضٌ عَلَى وَجْهِ الْبَدَل وَالْعِوَضِ (4) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الدر المختار ورد المحتار 4 / 50 و 51، وانظر مجمع الضمانات 213، 214.</p><font color=#ff0000>(2)</font> الدر المختار ورد المحتار 4 / 51، وقارن بحاشية القليوبي 2 / 214، وكشاف القناع 3 / 370.</p><font color=#ff0000>(3)</font> القليوبي 2 / 214.</p><font color=#ff0000>(4)</font> كشاف القناع 3 / 370.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٤٤)</span><hr/></div><font color=#ff0000>41 -</font> أَمَّا الْمَقْبُوضُ عَلَى سَوْمِ النَّظَرِ، فَهُوَ أَنْ يَقُول الْمُسَاوِمُ: هَاتِهِ حَتَّى أَنْظُرَ إِلَيْهِ، أَوْ حَتَّى أُرِيَهُ غَيْرِي، وَلَا يَقُول: فَإِنْ رَضِيتُهُ أَخَذْتُهُ فَهَذَا غَيْرُ مَضْمُونٍ مُطْلَقًا بَل هُوَ أَمَانَةٌ، ذَكَرَ الثَّمَنَ أَوْ لَا، وَيَضْمَنُ بِالاِسْتِهْلَاكِ (1) .</p>وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا - كَمَا حَرَّرَهُ ابْنُ عَابِدِينَ -:</p>أ - أَنَّ الْمَقْبُوضَ عَلَى سَوْمِ الشِّرَاءِ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ ذِكْرِ الثَّمَنِ، أَمَّا الآْخَرُ فَلَا يُذْكَرُ فِيهِ ثَمَنٌ.</p>ب - وَأَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَقُول الْمُشْتَرِي: إِنْ رَضِيتُهُ أَخَذْتُهُ. فَلَوْ قَال: حَتَّى أَرَاهُ لَمْ يَكُنْ مَقْبُوضًا عَلَى سَوْمِ الشِّرَاءِ، وَإِنْ صَرَّحَ الْبَائِعُ بِالثَّمَنِ (2) .</p>وَعِنْدَ الْحَنَابِلَةِ إِنْ أَخَذَ إِنْسَانٌ شَيْئًا بِإِذْنِ رَبِّهِ لِيُرِيَهُ الآْخِذُ أَهْلَهُ فَإِنْ رَضُوهُ أَخَذَهُ وَإِلَاّ رَدَّهُ مِنْ غَيْرِ مُسَاوَمَةٍ وَلَا قَطْعِ ثَمَنٍ فَلَا يَضْمَنُهُ إِذَا تَلِفَ بِغَيْرِ تَفْرِيطٍ (3) .</p> </p>‌<span class="title">‌الضَّمَانُ فِي عَقْدِ الْقِسْمَةِ:</span></p> </p><font color=#ff0000>42 -</font>‌<span class="title">‌ تَشْتَمِل الْقِسْمَةُ عَلَى الإِْفْرَازِ وَالْمُبَادَلَةِ</span>.</p>وَالإِْفْرَازُ: أَخْذُ الشَّرِيكِ عَيْنَ حَقِّهِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ فِي الْمِثْلِيَّاتِ.<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الدر المختار ورد المحتار 4 / 50، 51 وانظر كشاف القناع 3 / 370.</p><font color=#ff0000>(2)</font> الدر المختار ورد المحتار 4 / 50 و 51.</p><font color=#ff0000>(3)</font> كشاف القناع 3 / 370.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٤٤)</span><hr/></div>وَالْمُبَادَلَةُ: أَخْذُهُ عِوَضَ حَقِّهِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ فِي غَيْرِ الْمِثْلِيَّاتِ (1) .</p>وَلِوُجُودِ وَصْفِ الْمُبَادَلَةِ فِيهَا، كَانَتْ عَقْدَ ضَمَانٍ.</p>وَيَدُ كُل شَرِيكٍ عَلَى الْمُشْتَرَكِ قَبْل الْقِسْمَةِ، يَدُ أَمَانَةٍ، وَبَعْدَهَا يَدُ ضَمَانٍ.</p>وَإِذَا قَبَضَ كُل شَرِيكٍ نَصِيبَهُ بَعْدَ الْقِسْمَةِ، مَلَكَهُ مِلْكًا مُسْتَقِلًّا، يُخَوِّلُهُ حَقَّ التَّصَرُّفِ الْمُطْلَقِ فِيهِ، وَإِذَا هَلَكَ فِي يَدِهِ هَلَكَ مِنْ ضَمَانِهِ هُوَ فَقَطْ (2) .</p>(انْظُرْ: قِسْمَة) .</p> </p>‌<span class="title">‌الضَّمَانُ فِي عَقْدِ الصُّلْحِ عَنِ الْمَال بِمَالٍ:</span></p><font color=#ff0000>43 -</font> يُعْتَبَرُ هَذَا النَّوْعُ مِنَ الصُّلْحِ بِمَثَابَةِ الْبَيْعِ، لأَِنَّهُ مُبَادَلَةٌ كَالْبَيْعِ (3)، وَلِهَذَا قَال الْكَاسَانِيُّ: الأَْصْل أَنَّ كُل مَا يَجُوزُ بَيْعُهُ وَشِرَاؤُهُ، يَجُوزُ الصُّلْحُ عَلَيْهِ وَمَا لَا فَلَا (4) .</p>وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: الصُّلْحُ عَلَى غَيْرِ الْمُدَّعَى (بِهِ) بَيْعٌ (5) فَتُشْتَرَطُ فِيهِ شُرُوطَ الْبَيْعِ (6) وَالْبَيْعُ أَبْرَزُ عُقُودِ الضَّمَانِ، فَكَذَلِكَ الصُّلْحُ عَنِ الْمَال بِمَالٍ.<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) تبيين الحقائق 5 / 264، والدر المختار ورد المحتار 5 / 161.</p><font color=#ff0000>(2)</font> الشرح الكبير للدردير 3 / 499.</p><font color=#ff0000>(3)</font> الاختيار 3 / 5.</p><font color=#ff0000>(4)</font> البدائع 6 / 48.</p><font color=#ff0000>(5)</font> الشرح الكبير للدردير بحاشية الدسوقي عليه 3 / 309.</p><font color=#ff0000>(6)</font> المرجع السابق.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٤٥)</span><hr/></div>فَإِذَا قَبَضَ الْمُصَالَحَ عَلَيْهِ، وَهُوَ بَدَل الصُّلْحِ، وَهَلَكَ فِي يَدِ الْمُصَالِحِ، هَلَكَ مِنْ ضَمَانِهِ، كَمَا لَوْ هَلَكَ الْمَبِيعُ بَعْدَ قَبْضِهِ فِي عَقْدِ الْبَيْعِ، فِي يَدِ الْمُشْتَرِي. (انْظُرْ: صُلْح) .</p> </p>‌<span class="title">‌الضَّمَانُ فِي عَقْدِ التَّخَارُجِ:</span></p><font color=#ff0000>44 -</font> التَّخَارُجُ: اصْطِلَاحُ الْوَرَثَةِ عَلَى إِخْرَاجِ بَعْضِهِمْ مِنَ التَّرِكَةِ، بِشَيْءٍ مَعْلُومٍ (1) .</p>وَيُعْتَبَرُ بِمَثَابَةِ تَنَازُل أَحَدِ الْوَرَثَةِ عَنْ نَصِيبِهِ مِنَ التَّرِكَةِ، فِي مُقَابِل مَا يَتَسَلَّمُهُ مِنَ الْمَال، عَقَارًا كَانَ أَوْ عُرُوضًا أَوْ نُقُودًا، فَيُمْكِنُ اعْتِبَارُهُ بَيْعًا، فَإِذَا قَبَضَ الْمُخْرِجُ مِنَ التَّرِكَةِ بَدَل الْمُخَارَجَةِ أَخَذَ حُكْمَ الْمَبِيعِ بَعْدَ قَبْضِهِ، تَمَلُّكًا وَتَصَرُّفًا وَاسْتِحْقَاقًا، فَإِذَا هَلَكَ هَلَكَ مِنْ حِسَابِهِ الْخَاصِّ، كَالْمَبِيعِ إِذَا هَلَكَ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي بَعْدَ قَبْضِهِ، وَهَذَا لأَِنَّهُ أَمْكَنَ اعْتِبَارُهُ بَيْعًا، فَكَانَ مَضْمُونًا كَضَمَانِ الْمَبِيعِ. (انْظُرْ: تَخَارُج) .</p> </p>‌<span class="title">‌الضَّمَانُ فِي عَقْدِ الْقَرْضِ:</span></p><font color=#ff0000>45 -</font> يُشْبِهُ الْقَرْضُ الْعَارِيَّةَ فِي الاِبْتِدَاءِ، لِمَا فِيهِ مِنَ الصِّلَةِ، وَالْمُعَاوَضَةِ فِي الاِنْتِهَاءِ، لِوُجُودِ رَدِّ الْمِثْل، لَكِنَّهُ لَيْسَ بِتَبَرُّعٍ مَحْضٍ، لِمَكَانِ الْعِوَضِ، وَلَيْسَ جَارِيًا عَلَى حَقِيقَةِ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الكفاية للكولاني بهامش تكملة القدير شرح الهداية 7 / 52 الطبعة الأولى.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٤٥)</span><hr/></div>الْمُعَاوَضَاتِ، بِدَلِيل الرُّجُوعِ فِيهِ مَا دَامَ بَاقِيًا (1) .</p>وَيُمْلَكُ الْقَرْضُ بِالْقَبْضِ، كَالْمَوْهُوبِ - عِنْدَ الْجُمْهُورِ - لأَِنَّهُ لَا يَتِمُّ التَّبَرُّعُ إِلَاّ بِالْقَبْضِ.</p>وَعِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ، وَفِي قَوْلٍ لِلشَّافِعِيَّةِ، بِالتَّصَرُّفِ وَالْعَقْدِ (2) .</p>فَإِذَا قَبَضَهُ الْمُقْتَرِضُ، ضَمِنَهُ، كُلَّمَا هَلَكَ، بِآفَةٍ أَوْ تَعَدٍّ مِنْهُ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ، كَالْمَبِيعِ وَالْمَوْهُوبِ بَعْدَ الْقَبْضِ، لأَِنَّ قَبْضَهُ قَبْضُ ضَمَانٍ، لَا قَبْضُ حِفْظٍ وَأَمَانَةٍ كَقَبْضِ الْعَارِيَّةِ.</p><font color=#ff0000>46 -</font> وَنَصَّ الْحَنَفِيَّةُ عَلَى أَنَّ الْمَقْبُوضَ بِقَرْضٍ فَاسِدٍ كَالْمَقْبُوضِ، بِبَيْعٍ فَاسِدٍ، سَوَاءٌ، فَإِذَا هَلَكَ ضَمِنَهُ الْمُقْتَرِضُ فَيَحْرُمُ الاِنْتِفَاعُ بِهِ، لَكِنْ يَصِحُّ بَيْعُهُ، لِثُبُوتِ الْمِلْكِ، وَإِنْ كَانَ الْبَيْعُ لَا يَحِل، لأَِنَّ الْفَاسِدَ يَجِبُ فَسْخُهُ، وَالْبَيْعُ مَانِعٌ مِنَ الْفَسْخِ، فَلَا يَحِل، كَمَا لَا تَحِل سَائِرُ التَّصَرُّفَاتِ الْمَانِعَةِ مِنَ الْفَسْخِ (3) .</p>وَالْقَرْضُ الْفَاسِدُ يُمْلَكُ بِقَبْضِهِ، وَيُضْمَنُ بِمِثْلِهِ أَوْ قِيمَتِهِ، كَبَيْعٍ فَسَدَ (4) .</p>وَلَوْ أَقْرَضَ صَبِيًّا، فَهَلَكَ الْقَرْضُ فِي يَدِهِ،<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حاشية عميرة على شرح المحلي على المنهاج 2 / 260.</p><font color=#ff0000>(2)</font> الدر المختار 4 / 173 وقد صحح القولين. وانظر جواهر الإكليل 2 / 76، وشرح المحلي على المنهاج 2 / 260، والشرح الكبير مع المغني 4 / 357.</p><font color=#ff0000>(3)</font> الدر المختار ورد المحتار 4 / 172.</p><font color=#ff0000>(4)</font> جامع الفصولين 2 / 58.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٤٦)</span><hr/></div>لَا يَضْمَنُ بِالاِتِّفَاقِ، عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ، لأَِنَّهُ سَلَّطَهُ عَلَيْهِ.</p>أَمَّا لَوِ اسْتَهْلَكَهُ الصَّبِيُّ، فَالْحُكْمُ كَذَلِكَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ، وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ يَضْمَنُ بِالتَّعَمُّدِ وَالاِسْتِهْلَاكِ. قَال فِي الْخَانِيَّةِ: وَهُوَ الصَّحِيحُ.</p>وَهَذَا إِذَا كَانَ الصَّبِيُّ غَيْرَ مَأْذُونٍ لَهُ بِالْبَيْعِ فَإِنْ كَانَ مَأْذُونًا لَهُ بِالْبَيْعِ، كَانَ كَالْبَائِعِ، يَضْمَنُ الْقَرْضَ، بِالْهَلَاكِ وَالاِسْتِهْلَاكِ (1) .</p>(انْظُرْ: قَرْض) .</p> </p>‌<span class="title">‌الضَّمَانُ فِي عَقْدِ الزَّوَاجِ:</span></p><font color=#ff0000>47 -</font> لَا بُدَّ مِنَ الْمَهْرِ فِي عَقْدِ الزَّوَاجِ، فَيَجْرِي فِيهِ الضَّمَانُ.</p>فَإِنْ كَانَ الْمَهْرُ دَيْنًا، ثَبَتَ فِي الذِّمَّةِ.</p>وَإِنْ كَانَ عَيْنًا مُعَيَّنَةً، فَإِنَّ الزَّوْجَةَ تَمْلِكُهَا بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ، وَيَجِبُ عَلَى الزَّوْجِ أَنْ يُسَلِّمَهَا الْعَيْنَ، وَلَوْ لَمْ تَتَسَلَّمْهَا بَقِيَتْ فِي ضَمَانِ الزَّوْجِ مَا دَامَتْ فِي يَدِهِ، عَيْنًا مَضْمُونَةً بِنَفْسِهَا، لأَِنَّهَا غَيْرُ مُقَابَلَةٍ بِمَالٍ، فَإِذَا هَلَكَتْ قَبْل تَسْلِيمِهَا إِلَى الزَّوْجَةِ:</p>فَالْحَنَفِيَّةُ يَرَوْنَ أَنَّ الْمَضْمُونَ فِي هَذِهِ الْحَال، هُوَ قِيمَةُ الْعَيْنِ أَوْ مِثْلُهَا، كَسَائِرِ الأَْعْيَانِ الْمَضْمُونَةِ بِنَفْسِهَا: كَالْمَغْصُوبِ، وَالْمَبِيعِ بَيْعًا فَاسِدًا، وَبَدَل الصُّلْحِ عَنْ دَمٍ،<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الدر المختار ورد المحتار 4 / 174، وانظر الفتاوى الهندية 3 / 206.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٤٦)</span><hr/></div>وَالْمَقْبُوضِ عَلَى سَوْمِ الشِّرَاءِ. . . وَلَا يَبْطُل الزَّوَاجُ بِهَلَاكِ بَدَل الْمَهْرِ (1) .</p>وَالْمَنْصُوصُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ، أَنَّهُ لَوْ أَصْدَقَ عَيْنًا، فَهِيَ مِنْ ضَمَانِهِ قَبْل قَبْضِهَا، ضَمَانَ عَقْدٍ، لَا ضَمَانَ يَدٍ، وَلَوْ تَلِفَتْ فِي يَدِهِ أَوْ أَتْلَفَهَا هُوَ، وَجَبَ لَهَا مَهْرُ مِثْلِهَا، لاِنْفِسَاخِ عَقْدِ الصَّدَاقِ بِالتَّلَفِ (2) . (انْظُرْ: مَهْر) .</p><font color=#ff0000>48 -</font> وَكَذَلِكَ الْخُلْعُ، وَيَجْرِي فِيهِ الضَّمَانُ، فَلَوْ خَالَعَتْهُ عَلَى عَيْنٍ مُعَيَّنَةٍ، وَهَلَكَتِ الْعَيْنُ قَبْل الدَّفْعِ إِلَى الزَّوْجِ:</p>فَمَذْهَبُ الْحَنَفِيَّةِ: أَنَّ عَلَيْهَا مِثْلَهَا أَوْ قِيمَتَهَا.</p>قَال الْحَصْكَفِيُّ: وَلَوْ هَلَكَ بَدَلُهُ (يَعْنِي بَدَل الْخُلْعِ) فِي يَدِهَا، قَبْل الدَّفْعِ، أَوِ اسْتُحِقَّ، فَعَلَيْهَا قِيمَتُهُ لَوِ الْبَدَل قِيَمِيًّا، وَمِثْلُهُ لَوْ مِثْلِيًّا، لأَِنَّ الْخُلْعَ لَا يَقْبَل الْفَسْخَ (3) .</p>وَمَذْهَبُ الشَّافِعِيَّةِ أَنَّ عَلَيْهَا مَهْرَ مِثْلِهَا. (انْظُرْ: خُلْع) .</p> </p>‌<span class="title">‌ثَالِثًا: الضَّمَانُ فِي عُقُودِ الأَْمَانَةِ:</span></p>‌<span class="title">‌ضَمَانُ الْوَدِيعَةِ:</span></p><font color=#ff0000>49 -</font> تُعْتَبَرُ الْوَدِيعَةُ مِنْ عُقُودِ الأَْمَانَةِ، وَهِيَ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الدر المختار ورد المحتار 4 / 268.</p><font color=#ff0000>(2)</font> شرح المنهج بحاشية الجمل 4 / 237، 238.</p><font color=#ff0000>(3)</font> الدر المختار 2 / 561.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٤٧)</span><hr/></div>أَمَانَةٌ فِي يَدِ الْمُودَعِ (أَوِ الْوَدِيعِ) فَهُوَ أَمِينٌ غَيْرُ ضَامِنٍ لِمَا يُصِيبُ الْوَدِيعَةَ، مِنْ تَلَفٍ جُزْئِيٍّ أَوْ كُلِّيٍّ، إِلَاّ أَنْ يَحْدُثَ التَّلَفُ بِتَعَدِّيهِ أَوْ تَقْصِيرِهِ أَوْ إِهْمَالِهِ.</p>وَهَذَا الْحُكْمُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ، وَيَشْهَدُ لَهُ مَا رُوِيَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنهما عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَال: لَيْسَ عَلَى الْمُسْتَعِيرِ غَيْرِ الْمُغِل ضَمَانٌ، وَلَا عَلَى الْمُسْتَوْدَعِ غَيْرِ الْمُغِل ضَمَانٌ (1) .</p>وَالْمُغِل هُوَ: الْخَائِنُ، فِي الْمَغْنَمِ وَغَيْرِهِ (2) .</p>وَمَا رُوِيَ - أَيْضًا - عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَال: مَنْ أُودِعَ وَدِيعَةً فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ (3) .</p>وَمِنْ أَسْبَابِ الضَّمَانِ فِي الْوَدِيعَةِ التَّعَدِّي أَوْ التَّقْصِيرُ أَوِ الإِْهْمَال، وَيُنْظَرُ تَفْصِيل ذَلِكَ فِي مُصْطَلَحِ:(وَدِيعَة) .</p> </p>‌<span class="title">‌ضَمَانُ الْعَارِيَّةِ:</span></p><font color=#ff0000>50 -</font> مَشْهُورُ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ، وَمَذْهَبِ أَحْمَدَ، وَأَحَدِ قَوْلَيْ مَالِكٍ - كَمَا نَصَّ ابْنُ رُشْدٍ - وَقَوْل أَشْهَبَ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ، أَنَّ الْعَارِيَّةَ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حديث:" ليس على المستعير غير المغل ضمان. . . . ". أخرجه الدارقطني (3 / 41) ثم ضعف راويين في إسناده وقال: (وإنما يروى عن شريح القاضي غير مرفوع) .</p><font color=#ff0000>(2)</font> المصباح المنير. مادة: (غلل) .</p><font color=#ff0000>(3)</font> حديث: " من أودع فلا ضمان عليه ". أخرجه ابن ماجه (2 / 802) وضعف إسناده البوصيري في مصباح الزجاجة (2 / 42) .</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٤٧)</span><hr/></div>مَضْمُونَةٌ، سَوَاءٌ أُتْلِفَتْ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ، أَمْ تَلِفَتْ بِفِعْل الْمُسْتَعِيرِ، بِتَقْصِيرٍ أَوْ بِغَيْرِ تَقْصِيرٍ (1) وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ عَطَاءٌ وَإِسْحَاقُ، وَاسْتَدَلُّوا: بِحَدِيثِ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم اسْتَعَارَ مِنْ صَفْوَانَ بْنِ أُمَيَّةَ أَدْرُعًا، يَوْمَ حُنَيْنٍ، فَقَال: أَغَصْبًا يَا مُحَمَّدُ؟ قَال: بَل عَارِيَّةً مَضْمُونَةً وَفِي رِوَايَةٍ فَقَال: يَا رَسُول اللَّهِ، أَعَارِيَّةٌ مُؤَدَّاةٌ، قَال: نَعَمْ عَارِيَّةٌ مُؤَدَّاةٌ (2) .</p>وَحَدِيثُ الْحَسَنِ عَنْ سَمُرَةَ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال: عَلَى الْيَدِ مَا أَخَذَتْ حَتَّى تُؤَدِّيَ (3) .</p>وَلأَِنَّهُ أَخَذَ مِلْكَ غَيْرِهِ، لِنَفْعِ نَفْسِهِ، مُنْفَرِدًا بِنَفْعِهِ، مِنْ غَيْرِ اسْتِحْقَاقٍ وَلَا إِذْنٍ، فَكَانَ مَضْمُونًا، كَالْغَاصِبِ، وَالْمَأْخُوذِ عَلَى وَجْهِ السَّوْمِ.<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) بداية المجتهد 2 / 382 (ط: الثانية. دار الكتب الإسلامية. القاهرة: 1403 هـ. 1983) م. والقوانين الفقهية ص 245 وروضة الطالبين 4 / 431 والمغني مع الشرح الكبير 5 / 355.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حديث جابر بن عبد الله: " أن النبي صلى الله عليه وسلم استعار من صفوان ابن أمية أدرعا. . . . ". أخرجه الحاكم 3 / 49، وصححه ووافقه الذهبي، والرواية الأخرى أخرجها أبو داود (3 / 826) من حديث صفوان بن أمية، وقال ابن حزم في المحلي (9 / 173) حديث حسن.</p><font color=#ff0000>(3)</font> حديث: " على اليد ما أخذت حتى تؤدي ". تقدم تخريجه ف 6.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٤٨)</span><hr/></div>وَمَذْهَبُ الْحَنَفِيَّةِ، وَهُوَ قَوْلٌ ضَعِيفٌ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ أَنَّ الْعَارِيَّةَ أَمَانَةٌ عِنْدَ الْمُسْتَعِيرِ، فَلَا تُضْمَنُ إِذَا هَلَكَتْ مِنْ غَيْرِ تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ (1) وَذَلِكَ لِحَدِيثِ: لَيْسَ عَلَى الْمُسْتَعِيرِ غَيْرِ الْمُغِل ضَمَانٌ (2) .</p>وَلأَِنَّ عَقْدَ الْعَارِيَّةِ تَمْلِيكٌ أَوْ إِبَاحَةٌ لِلْمَنْفَعَةِ، وَلَا تَعَرُّضَ فِيهِ لِلْعَيْنِ، وَلَيْسَ فِي قَبْضِهَا تَعَدٍّ، لأَِنَّهُ مَأْذُونٌ فِيهِ، فَانْتَفَى سَبَبُ وُجُوبِ الضَّمَانِ.</p>وَإِنَّمَا يَتَغَيَّرُ حَال الْعَارِيَّةِ مِنَ الأَْمَانَةِ إِلَى الضَّمَانِ، بِمَا يَتَغَيَّرُ بِهِ حَال الْوَدِيعَةِ (3) .</p>وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ إِلَى تَضْمِينِ الْمُسْتَعِيرِ مَا يُغَابُ عَلَيْهِ مِنَ الْعَارِيَّةِ، وَهُوَ: مَا يُمْكِنُ إِخْفَاؤُهُ كَالثِّيَابِ وَالْحُلِيِّ وَالْكُتُبِ، إِلَاّ أَنْ تَقُومَ الْبَيِّنَةُ عَلَى هَلَاكِهَا أَوْ ضَيَاعِهَا بِلَا سَبَبٍ مِنْهُ فَلَا يَضْمَنُ حِينَئِذٍ، خِلَافًا لأَِشْهَبَ الْقَائِل: إِنَّ ضَمَانَ الْعَوَارِيِّ ضَمَانُ عَدَاءٍ، لَا يَنْتَفِي بِإِقَامَةِ الْبَيِّنَةِ كَمَا ذَهَبُوا إِلَى عَدَمِ تَضْمِينِهِ مَا لَا يُغَابُ عَلَيْهِ، كَالْحَيَوَانِ وَالْعَقَارِ، فَلَا يَضْمَنُهُ الْمُسْتَعِيرُ، وَلَوْ شَرَطَ عَلَيْهِ الْمُعِيرُ الضَّمَانَ، وَلَوْ كَانَ لأَِمْرٍ خَافَهُ، مِنْ طَرِيقٍ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الدر المختار 4 / 503، والاختيار 3 / 56، وانظر حاشية عميرة على شرح المحلي 3 / 20، وإعانة الطالبين 4 / 431.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حديث:" ليس على المستعير غير المغل ضمان ". تقدم تخريجه ف (49) .</p><font color=#ff0000>(3)</font> العناية والكفاية على الهداية 7 / 469، وانظر بدائع الصنائع 6 / 217.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٤٨)</span><hr/></div>مَخُوفٍ أَوْ لُصُوصٍ عَلَى الْمُعْتَمَدِ كَمَا قَرَّرَهُ الدُّسُوقِيُّ.</p>أَمَّا لَوْ شَرَطَ الْمُسْتَعِيرُ نَفْيَ الضَّمَانِ عَنْ نَفْسِهِ، فِيمَا يُغَابُ عَلَيْهِ، فَلَهُمْ فِيهِ قَوْلَانِ:</p>أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ لَا عِبْرَةَ بِالشُّرُوطِ، وَيَضْمَنُ، لأَِنَّ الشَّرْطَ يَزِيدُهُ تُهْمَةً، وَلأَِنَّهُ مِنْ إِسْقَاطِ الْحَقِّ قَبْل وُجُوبِهِ، فَلَا يُعْتَبَرُ.</p>الآْخَرُ: أَنَّهُ يُعْتَبَرُ الشَّرْطُ، وَلَا يَضْمَنُ، لأَِنَّهُ مَعْرُوفٌ مِنْ وَجْهَيْنِ: فَالْعَارِيَّةُ مَعْرُوفٌ، وَإِسْقَاطُ الضَّمَانِ مَعْرُوفٌ آخَرُ، وَلأَِنَّ الْمُؤْمِنِينَ عِنْدَ شُرُوطِهِمْ (1) كَمَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ: الْمُسْلِمُونَ عِنْدَ شُرُوطِهِمْ (2) .</p>وَفِي كَيْفِيَّةِ ضَمَانِ الْعَارِيَّةِ وَوَقْتِهِ تَفْصِيلٌ يُنْظَرُ فِي: (إِعَارَة ف 17) .</p> </p>‌<span class="title">‌الضَّمَانُ فِي الشَّرِكَةِ:</span></p><font color=#ff0000>51 -</font> الشَّرِكَةُ قِسْمَانِ - كَمَا يَقُول الْحَنَابِلَةُ - شَرِكَةُ أَمْلَاكٍ وَشَرِكَةُ عَقْدٍ (3) .</p>فَالأُْولَى يُعْتَبَرُ فِيهَا كُلٌّ مِنَ الشُّرَكَاءِ، كَأَنَّهُ أَجْنَبِيٌّ فِي حَقِّ صَاحِبِهِ، فَلَا يَجُوزُ لَهُ التَّصَرُّفُ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الشرح الكبير للدردير وحاشية الدسوقي عليه 3 / 436، وانظر جواهر الإكليل 2 / 145 و 146 وقارن بكفاية الطالب 2 / 252.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حديث:" المسلمون عند شروطهم ". أخرجه الدارقطني في سننه (3 / 27) من حديث عمرو بن عوف، وفي إسناده ضعف، ولكن ذكر ابن حجر في التعليق (3 / 281 - 282) شواهد قواه بها.</p><font color=#ff0000>(3)</font> كشاف القناع 3 / 496.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٤٩)</span><hr/></div>فِيهِ بِغَيْرِ إِذْنِهِ، فَإِنْ فَعَل ضَمِنَ (1) .</p>وَالثَّانِيَةُ شَرِكَةُ أَمْوَالٍ، وَالْفُقَهَاءُ مُتَّفِقُونَ عَلَى أَنَّ يَدَ أَحَدِ الشُّرَكَاءِ فِي مَال الشَّرِكَةِ، يَدُ أَمَانَةٍ، وَذَلِكَ لأَِنَّهُ قَبَضَهُ بِإِذْنِ صَاحِبِهِ، لَا عَلَى وَجْهِ الْمُبَادَلَةِ، كَالْمَقْبُوضِ عَلَى سَوْمِ الشِّرَاءِ، وَلَا عَلَى وَجْهِ الْوَثِيقَةِ كَالرَّهْنِ (2) .</p>فَإِنْ قَصَّرَ فِي شَيْءٍ أَوْ تَعَدَّى، فَهُوَ ضَامِنٌ (3) .</p>وَكَذَلِكَ كُل مَا كَانَ إِتْلَافًا لِلْمَال، أَوْ كَانَ تَمْلِيكًا لِلْمَال بِغَيْرِ عِوَضٍ، لأَِنَّ الشَّرِكَةَ - كَمَا يَقُول الْحَصْكَفِيُّ - وُضِعَتْ لِلاِسْتِرْبَاحِ وَتَوَابِعِهِ، وَمَا لَيْسَ كَذَلِكَ لَا يَنْتَظِمُهُ عَقْدُهَا، فَيَكُونُ مَضْمُونًا (4) .</p>وَكَذَا إِذَا مَاتَ مُجْهِلاً نَصِيبَ صَاحِبِهِ، إِذَا كَانَ مَال الشَّرِكَةِ دُيُونًا عَلَى النَّاسِ، فَإِنَّهُ يَضْمَنُ، كَمَا يَضْمَنُ لَوْ مَاتَ مُجْهِلاً عَيْنَ مَال الشَّرِكَةِ الَّذِي فِي يَدِهِ، وَكَذَا بَقِيَّةُ الأَْمَانَاتِ، إِلَاّ إِذَا كَانَ يَعْلَمُ أَنَّ وَارِثَهُ يَعْلَمُ ذَلِكَ، فَلَا يَضْمَنُ (5) .</p>وَلَوْ هَلَكَ شَيْءٌ مِنْ أَمْوَال الشَّرِكَةِ فِي يَدِهِ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) البدائع بتصرف 6 / 65، والدر المختار ورد المحتار 3 / 333.</p><font color=#ff0000>(2)</font> تبيين الحقائق 3 / 320، والاختيار 3 / 17، وبداية المجتهد 2 / 309 والإقناع بحاشية البجيرمي عليه 3 / 110، وكشاف القناع 3 / 500</p><font color=#ff0000>(3)</font> الدر المختار 3 / 346، وبداية المجتهد 2 / 309.</p><font color=#ff0000>(4)</font> الدر المختار 3 / 345 بتصرف.</p><font color=#ff0000>(5)</font> الدر المختار مع رد المحتار 3 / 346.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٤٩)</span><hr/></div>مِنْ غَيْرِ تَعَدٍّ وَلَا تَفْرِيطٍ، لَا يَضْمَنُهُ لأَِنَّهُ أَمِينٌ.</p>أَمَّا لَوْ هَلَكَ مَال الشَّرِيكَيْنِ، أَوْ مَال أَحَدِهِمَا قَبْل التَّصَرُّفِ فَتَبْطُل الشَّرِكَةُ، لأَِنَّ الْمَال هُوَ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ فِيهَا (1) .</p> </p>‌<span class="title">‌الضَّمَانُ فِي عَقْدِ الْمُضَارَبَةِ:</span></p><font color=#ff0000>52 -</font> يُعْتَبَرُ الْمُضَارِبُ أَمِينًا فِي مَال الْمُضَارَبَةِ وَأَعْيَانِهَا، لأَِنَّهُ مُتَصَرِّفٌ فِيهِ بِإِذْنِ مَالِكِهِ، عَلَى وَجْهٍ لَا يَخْتَصُّ بِنَفْعِهِ، فَكَانَ أَمِينًا، كَالْوَكِيل، وَفَارَقَ الْمُسْتَعِيرَ، لأَِنَّهُ يَخْتَصُّ بِنَفْعِ الْعَارِيَّةِ (2) .</p>وَهَذَا مَا لَمْ يُخَالِفْ مَا قَيَّدَهُ بِهِ رَبُّ الْمَال، فَيُصْبِحُ عِنْدَئِذٍ غَاصِبًا (3) .</p>وَمَعَ اخْتِلَافِ الْفُقَهَاءِ فِي جَوَازِ تَقْيِيدِ الْمُضَارِبِ بِبَعْضِ الْقُيُودِ، لأَِنَّهُ مُفِيدٌ، كَمَا يَقُول الْكَاسَانِيُّ، وَفِي عَدَمِ الْجَوَازِ لِمَا فِيهِ مِنَ التَّحْجِيرِ الْخَارِجِ عَنْ سُنَّةِ الْقِرَاضِ (4) كَمَا يَقُول الدَّرْدِيرُ، كَالاِتِّجَارِ بِالدَّيْنِ، وَالإِْيدَاعِ، لَكِنْ هُنَاكَ قُيُودًا، لَا تَجُوزُ لَهُ مُخَالَفَتُهَا، مِنْهَا:<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الدر المختار ورد المحتار 3 / 343، وتبيين الحقائق وحاشية الشلبي عليه، نقلا عن الإتقاني 3 / 319، وبداية المجتهد 2 / 309، وانظر الشرح الكبير للدردير 3 / 350.</p><font color=#ff0000>(2)</font> كشاف القناع 3 / 522 و 423.</p><font color=#ff0000>(3)</font> الدر المختار 4 / 484، وانظر كشاف القناع 3 / 508.</p><font color=#ff0000>(4)</font> بدائع الصنائع 6 / 100، وانظر المغني 5 / 184، 185، والشرح الكبير للدردير 3 / 519، وشرح المحلي على المنهاج 3 / 53.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٥٠)</span><hr/></div>أ - السَّفَرُ إِذَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ رَبُّ الْمَال، وَهَذَا لِمَا فِيهِ مِنَ الْخَطَرِ، وَالتَّعْرِيضِ لِلتَّلَفِ، فَلَوْ سَافَرَ بِالْمَال بِغَيْرِ إِذْنِهِ، ضَمِنَهُ (1) .</p>ب - إِذَا قَيَّدَهُ بِأَنْ لَا يُسَافِرَ بِبَحْرٍ، أَوْ يَبْتَاعَ سِلْعَةً عَيَّنَهَا لَهُ، فَخَالَفَهُ، ضَمِنَ (2) .</p>ج - وَإِذَا دَفَعَ مَال الْمُضَارَبَةِ قِرَاضًا (أَيْ ضَارَبَ فِيهِ) بِغَيْرِ إِذْنٍ، ضَمِنَ لأَِنَّ الشَّيْءَ لَا يَتَضَمَّنُ مِثْلَهُ إِلَاّ بِالتَّنْصِيصِ عَلَيْهِ، أَوِ التَّفْوِيضِ إِلَيْهِ (3) .</p> </p>‌<span class="title">‌ضَمَانُ الْمُضَارِبِ فِي غَيْرِ الْمُخَالَفَاتِ الْعَقَدِيَّةِ:</span></p><font color=#ff0000>53 -</font> الْمُضَارِبُ وَإِنْ كَانَ أَمِينًا، لَكِنَّهُ يَضْمَنُ - فِي غَيْرِ الْمُخَالَفَاتِ الْعَقَدِيَّةِ - فِيمَا يَلِي:</p>أ - إِذَا بَاعَ بِأَقَل مِنْ ثَمَنِ الْمِثْل، أَوِ اشْتَرَى بِأَكْثَرَ مِنْهُ، مِمَّا لَا يَتَغَابَنُ فِيهِ النَّاسُ (4) ، ضَمِنَ.</p>ب - إِذَا تَصَدَّقَ بِشَيْءٍ مِنْ مَال الْقِرَاضِ، أَوْ أَنْفَقَ مِنْ مَال الْمُضَارَبَةِ فِي الْحَضَرِ، عَلَى نَفْسِهِ أَوْ عَلَى مَنْ يُمَوِّلُهُ، ضَمِنَ، لأَِنَّ النَّفَقَةَ جَزَاءُ الاِحْتِبَاسِ، فَإِذَا كَانَ فِي مِصْرِهِ لَا يَكُونُ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الشرح الكبير للدردير 3 / 524، وشرح المحلي على المنهاج 3 / 57.</p><font color=#ff0000>(2)</font> الشرح الكبير للدردير 3 / 526، وانظر فيه وفي الدسوقي تفصيل الضمان في الأخيرة على التخصيص.</p><font color=#ff0000>(3)</font> الدر المختار 4 / 485 والقوانين الفقهية ص 186 وشرح المنهج بحاشية الجمل 3 / 516، وكشاف القناع 3 / 515، وبداية المجتهد 2 / 292.</p><font color=#ff0000>(4)</font> المغني 5 / 153.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٥٠)</span><hr/></div>مُحْتَبِسًا. أَمَّا لَوْ أَنْفَقَ فِي السَّفَرِ، فَفِيهِ خِلَافٌ وَأَوْجُهٌ وَشُرُوطٌ فِي انْتِفَاءِ ضَمَانِهِ (1) . تُنْظَرُ فِي مُصْطَلَحِ:(مُضَارَبَة) .</p>ج - إِذَا هَلَكَ مَال الْمُضَارَبَةِ فِي يَدِهِ، بِسَبَبِ تَعَدِّيهِ أَوْ تَقْصِيرِهِ أَوْ تَفْرِيطِهِ، فَإِنَّهُ يَضْمَنُهُ، وَإِلَاّ فَالْخُسْرَانُ وَالضَّيَاعُ عَلَى رَبِّ الْمَال، دُونَ الْعَامِل، لأَِنَّهُ أَمِينٌ، كَالْوَدِيعِ. وَلَوْ هَلَكَ فِي يَدِهِ مِنْ غَيْرِ تَفْرِيطٍ، لَا يَضْمَنُهُ، لأَِنَّهُ مُتَصَرِّفٌ فِيهِ بِإِذْنِ مَالِكِهِ، عَلَى وَجْهٍ لَا يَخْتَصُّ بِنَفْعِهِ (2) .</p>د - إِذَا أَتْلَفَ الْعَامِل مَال الْقِرَاضِ (الْمُضَارَبَةِ) ضَمِنَهُ، وَوَجَبَ عَلَيْهِ بَدَلُهُ، لَكِنْ يَرْتَفِعُ الْقِرَاضُ، لأَِنَّهُ وَإِنْ وَجَبَ عَلَيْهِ بَدَلُهُ، لَكِنْ لَا يَدْخُل فِي مِلْكِ الْمَالِكِ إِلَاّ بِالْقَبْضِ، فَيَحْتَاجُ إِلَى اسْتِئْنَافِ الْقِرَاضِ (3) .</p> </p>‌<span class="title">‌الضَّمَانُ فِي عَقْدِ الْوَكَالَةِ:</span></p><font color=#ff0000>54 -</font> الْوَكِيل أَمِينٌ وَذَلِكَ لأَِنَّهُ نَائِبٌ عَنِ الْمُوَكِّل، فِي الْيَدِ وَالتَّصَرُّفِ، فَكَانَتْ يَدُهُ كَيَدِهِ، وَالْهَلَاكُ فِي يَدِهِ كَالْهَلَاكِ فِي يَدِ الْمَالِكِ، كَالْوَدِيعِ.<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) البدائع 6 / 106، والاختيار 3 / 23، وتبيين الحقائق 5 / 70 والشرح الكبير للدردير 3 / 530 و 531، والقوانين الفقهية ص 186 وشرح المحلي على المنهاج 3 / 57، وروضة الطالبين 5 / 135، وكشاف القناع 3 / 516.</p><font color=#ff0000>(2)</font> القوانين الفقهية (186) وكشاف القناع 3 / 522، 523.</p><font color=#ff0000>(3)</font> روضة الطالبين 5 / 139.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٥١)</span><hr/></div>وَلأَِنَّ الْوَكَالَةَ عَقْدُ إِنْفَاقٍ وَمَعُونَةٍ، وَالضَّمَانُ مُنَافٍ لِذَلِكَ (1) .</p>وَعَلَى هَذَا لَا يَضْمَنُ الْوَكِيل مَا تَلِفَ فِي يَدِهِ بِلَا تَعَدٍّ، وَإِنْ تَعَدَّى ضَمِنَ، وَكُل مَا يَتَعَدَّى فِيهِ الْوَكِيل مَضْمُونٌ، عِنْدَ مَنْ يَرَى أَنَّهُ تَعَدَّى - كَمَا يَذْكُرُ ابْنُ رُشْدٍ (2) -.</p><font color=#ff0000>55 -</font> الْوَكِيل بِالشِّرَاءِ يَتَقَيَّدُ شِرَاؤُهُ بِمِثْل الْقِيمَةِ وَغَبْنٍ يَسِيرٍ - وَهُوَ مَا يَدْخُل تَحْتَ تَقْوِيمِ الْمُقَوِّمِينَ - إِذَا لَمْ يَكُنْ سِعْرُهُ مَعْرُوفًا، فَإِنْ كَانَ سِعْرُهُ مَعْرُوفًا، لَا يَنْفُذُ عَلَى الْمُوَكِّل وَإِنْ قَلَّتِ الزِّيَادَةُ، (فَيَضْمَنُهَا الْوَكِيل) وَهَذَا لأَِنَّ التُّهْمَةَ فِي الأَْكْثَرِ مُتَحَقِّقَةٌ، فَلَعَلَّهُ اشْتَرَاهُ لِنَفْسِهِ فَإِذَا لَمْ يُوَافِقْهُ أَلْحَقَهُ بِغَيْرِهِ (3) .</p>وَالْوَكِيل بِالْبَيْعِ، إِذَا كَانَتِ الْوَكَالَةُ مُطْلَقَةً، لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ، إِلَاّ بِمِثْل الْقِيمَةِ، عِنْدَ الصَّاحِبَيْنِ وَمَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَلَا يَجُوزُ بَيْعُهُ بِنُقْصَانٍ لَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِي مِثْلِهِ، وَلَا بِأَقَل مِمَّا قَدَّرَهُ لَهُ الْمُوَكِّل، فَلَوْ بَاعَ كَذَلِكَ كَانَ ضَامِنًا، وَيَتَقَيَّدُ مُطْلَقُ الْوَكَالَةِ بِالْمُتَعَارَفِ (4) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) شرح المنهج وحاشية الجمل عليه 3 / 416، وانظر كشاف القناع 3 / 484.</p><font color=#ff0000>(2)</font> بداية المجتهد (2 / 369) وانظر روضة الطالبين 4 / 325 و 326.</p><font color=#ff0000>(3)</font> الدر المختار ورد المحتار عليه 4 / 408، وتبيين الحقائق 4 / 271 و 272 والشرح الكبير وحاشية الدسوقي عليه 3 / 382، وكشاف القناع 3 / 477.</p><font color=#ff0000>(4)</font> تبيين الحقائق 4 / 271.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٥١)</span><hr/></div>وَمِمَّا يَضْمَنُهُ الْوَكِيل قَبْضُ الدَّيْنِ، وَهُوَ وَكِيلٌ بِالْخُصُومَةِ.</p>وَالْوَكِيل بِالْخُصُومَةِ لَا يَمْلِكُ الْقَبْضَ، لأَِنَّ الْخُصُومَةَ غَيْرُ الْقَبْضِ حَقِيقَةً، وَهِيَ لإِِظْهَارِ الْحَقِّ.</p>وَيُعْتَبَرُ قَبْضُ الْوَكِيل بِالْخُصُومَةِ لِلدَّيْنِ تَعَدِّيًا، فَيَضْمَنُهُ إِنْ هَلَكَ فِي يَدِهِ، لأَِنَّ كُل مَا يَعْتَدِي فِيهِ الْوَكِيل، يَضْمَنُهُ عِنْدَ مَنْ يَرَى أَنَّهُ تَعَدَّى، وَهَذَا عِنْدَ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ وَهُوَ الْمُفْتَى بِهِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ (1) .</p><font color=#ff0000>56 -</font> وَهُنَاكَ أَحْكَامٌ تَتَعَلَّقُ بِالضَّمَانِ فِي عَقْدِ الْوَكَالَةِ مِنْهَا:</p><font color=#ff0000>1 -</font> إِذَا اشْتَرَى الْوَكِيل شَيْئًا، وَأَخَّرَ تَسْلِيمَ الثَّمَنِ لِغَيْرِ عُذْرٍ، فَهَلَكَ فِي يَدِهِ، فَهُوَ ضَامِنٌ لَهُ، لأَِنَّهُ مُفَرِّطٌ فِي إِمْسَاكِهِ (2) .</p><font color=#ff0000>2 -</font> إِذَا قَبَضَ ثَمَنَ الْمَبِيعِ، فَهُوَ أَمَانَةٌ فِي يَدِهِ، فَإِنْ طَلَبَهُ الْمُوَكِّل، فَأَخَّرَ رَدَّهُ مَعَ إِمْكَانِهِ فَتَلِفَ، ضَمِنَهُ (3) .</p><font color=#ff0000>3 -</font> إِذَا دَفَعَ الْوَكِيل دَيْنًا عَنْ الْمُوَكِّل، وَلَمْ يُشْهِدْ، فَأَنْكَرَ الَّذِي لَهُ الدَّيْنُ الْقَبْضَ، ضَمِنَ الْوَكِيل لِتَفْرِيطِهِ بِعَدَمِ الإِْشْهَادِ (4)<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) تبيين الحقائق 4 / 278، والدر المختار 4 / 412، وانظر روضة الطالبين 4 / 320، وكشاف القناع 3 / 483، والمغني بالشرح الكبير 5 / 218، 219، وبداية المجتهد 2 / 369.</p><font color=#ff0000>(2)</font> المغني 5 / 220، وكشاف القناع 3 / 482.</p><font color=#ff0000>(3)</font> المغني 5 / 229.</p><font color=#ff0000>(4)</font> الشرح الكبير للدردير 3 / 390، وبداية المجتهد 2 / 369.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٥٢)</span><hr/></div>وَقَيَّدَهُ الْحَنَفِيَّةُ بِأَنْ يَكُونَ الْمُوَكِّل قَال لَهُ: لَا تَدْفَعْ إِلَاّ بِشُهُودٍ، فَدَفَعَ بِغَيْرِ شُهُودٍ (1) .</p><font color=#ff0000>4 -</font> إِذَا سَلَّمَ الْوَكِيل الْمَبِيعَ قَبْل قَبْضِ ثَمَنِهِ، ضَمِنَ قِيمَتَهُ لِلْمُوَكِّل (2) .</p>وَكَذَا إِذَا وَكَّلَهُ بِشِرَاءِ شَيْءٍ، أَوْ قَبْضِ مَبِيعٍ، فَإِنَّهُ لَا يُسَلِّمُ الثَّمَنَ حَتَّى يَتَسَلَّمَ الْمَبِيعَ. فَلَوْ سَلَّمَ الثَّمَنَ قَبْل تَسَلُّمِ الْمَبِيعِ، وَهَلَكَ الْمَبِيعُ قَبْل تَسَلُّمِهِ ضَمِنَهُ لِلْمُوَكِّل، إِلَاّ بِعُذْرٍ (3) .</p><font color=#ff0000>57 -</font> لِلْوَكِيل بِالشِّرَاءِ نَسِيئَةً أَنْ يَحْبِسَ الْمَبِيعَ لاِسْتِيفَاءِ الثَّمَنِ، عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ ثُمَّ:</p>أ - إِنْ " هَلَكَ قَبْل الْحَبْسِ، يَهْلَكُ عَلَى الْمُوَكِّل، وَلَا يَضْمَنُ الْوَكِيل.</p> </p>ب -‌<span class="title">‌ وَإِنْ هَلَكَ بَعْدَ الْحَبْسِ فَفِيهِ تَفْصِيلٌ:</span></p><font color=#ff0000>1 -</font> يَهْلِكُ بِالثَّمَنِ، هَلَاكَ الْمَبِيعِ، وَيَسْقُطُ الثَّمَنُ عَنِ الْمُوَكِّل فِي قَوْل أَبِي حَنِيفَةَ.</p><font color=#ff0000>2 -</font> وَيَهْلِكُ بِأَقَل مِنْ قِيمَتِهِ وَمِنَ الثَّمَنِ، عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ، حَتَّى لَوْ كَانَ الثَّمَنُ أَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهِ رَجَعَ الْوَكِيل بِذَلِكَ الْفَضْل عَلَى مُوَكِّلِهِ.</p><font color=#ff0000>3 -</font> وَقَال: زُفَرُ يَهْلِكُ عَلَى الْوَكِيل هَلَاكَ الْمَغْصُوبِ، لأَِنَّ الْوَكِيل عِنْدَهُ لَا يَمْلِكُ الْحَبْسَ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الفتاوى الهندية 3 / 627.</p><font color=#ff0000>(2)</font> روضة الطالبين 4 / 309، وشرح المحلي على المنهاج 2 / 342، وكشاف القناع 3 / 481.</p><font color=#ff0000>(3)</font> كشاف القناع 3 / 481، 482 بتصرف.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٥٢)</span><hr/></div>مِنْ الْمُوَكِّل، فَيَصِيرُ غَاصِبًا بِالْحَبْسِ (1) .</p>وَاشْتَرَطَ الشَّافِعِيَّةُ عَلَى الْوَكِيل إِذَا بَاعَ إِلَى أَجَلٍ، أَنْ يُشْهِدَ، وَإِلَاّ ضَمِنَ. وَتَرَدَّدَتِ النُّقُول، فِي أَنَّ عَدَمَ الإِْشْهَادِ، شَرْطُ صِحَّةٍ أَوْ شَرْطٌ لِلضَّمَانِ.</p>وَنَقَل الْجَمَل أَنَّهُ إِنْ سَكَتَ الْمُوَكِّل عَنِ الإِْشْهَادِ، أَوْ قَال: بِعْ وَأَشْهِدْ، فَفِي الصُّورَتَيْنِ يَصِحُّ الْبَيْعُ، وَلَكِنْ يَجِبُ عَلَى الْوَكِيل الضَّمَانُ (2) . انْظُرْ مُصْطَلَحَ (وَكَالَة) .</p> </p>‌<span class="title">‌ضَمَانُ الْوَصِيِّ فِي عَقْدِ الْوِصَايَةِ (أَوِ الإِْيصَاءِ) :</span></p><font color=#ff0000>58 -</font> الإِْيصَاءُ: تَفْوِيضُ الشَّخْصِ التَّصَرُّفَ فِي مَالِهِ، وَمَصَالِحِ أَطْفَالِهِ، إِلَى غَيْرِهِ، بَعْدَ مَوْتِهِ (3) .</p>وَيُعْتَبَرُ الْوَصِيُّ نَائِبًا عَنِ الْمُوصِي، وَتَصَرُّفَاتُهُ نَافِذَةٌ، وَيَدُهُ عَلَى مَال الْمُتَوَفَّى يَدُ أَمَانَةٍ، فَلَا يَضْمَنُ مَا تَلِفَ مِنَ الْمَال بِدُونِ تَعَدٍّ أَوْ تَقْصِيرٍ، وَيَضْمَنُ فِي الأَْحْوَال التَّالِيَةِ:</p>أ - إِذَا بَاعَ أَوِ اشْتَرَى بِغَبْنٍ فَاحِشٍ، وَهُوَ: الَّذِي لَا يَدْخُل تَحْتَ تَقْوِيمِ الْمُتَقَوِّمِينَ، لأَِنَّ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) فتاوى قاضي خان - بهامش الفتاوى الهندية 3 / 37.</p><font color=#ff0000>(2)</font> شرح المنهج وحاشية الجمل عليه 3 / 409، 410، وانظر شرح المحلي على المنهاج، وحاشية القليوبي عليه 2 / 342.</p><font color=#ff0000>(3)</font> درر الحكام في شرح غرر الأحكام 2 / 427 (ط: دار الخلافة العلية الآستانة سنة: 1330 هـ) .</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٥٣)</span><hr/></div>وِلَايَتَهُ لِلنَّظَرِ، وَلَا نَظَرَ فِي الْغَبْنِ الْفَاحِشِ (1) .</p>ب - كَمَا يَضْمَنُ الْوَصِيُّ إِذَا دَفَعَ الْمَال إِلَى الْيَتِيمِ بَعْدَ الإِْدْرَاكِ، قَبْل ظُهُورِ رُشْدِهِ، لأَِنَّهُ دَفَعَهُ إِلَى مَنْ لَيْسَ لَهُ دَفْعُهُ إِلَيْهِ، وَهَذَا مَذْهَبُ الصَّاحِبَيْنِ.</p>وَقَال الإِْمَامُ: بِعَدَمِ الضَّمَانِ، إِذَا دَفَعَهُ إِلَيْهِ بَعْدَ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ سَنَةً، لأَِنَّ لَهُ وِلَايَةَ الدَّفْعِ إِلَيْهِ حِينَئِذٍ (2) .</p>ج - لَيْسَ لِلْوَلِيِّ الاِتِّجَارُ فِي مَال الْيَتِيمِ لِنَفْسِهِ، فَإِنْ فَعَل:</p>فَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ يَضْمَنُ رَأْسَ الْمَال، وَيَتَصَدَّقُ بِالرِّبْحِ.</p>وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ يُسَلِّمُ لَهُ الرِّبْحَ، وَلَا يَتَصَدَّقُ بِشَيْءٍ (3) .</p> </p>‌<span class="title">‌الضَّمَانُ فِي عَقْدِ الْهِبَةِ:</span></p><font color=#ff0000>59 -</font> لَمَّا كَانَتِ الْهِبَةُ عَقْدَ تَبَرُّعٍ، فَقَدْ ذَهَبَ الْفُقَهَاءُ إِلَى أَنَّ قَبْضَ الْهِبَةِ هُوَ قَبْضُ أَمَانَةٍ، فَإِذَا هَلَكَتْ أَوِ اسْتُهْلِكَتْ لَمْ تُضْمَنْ، لأَِنَّهُ - كَمَا يَقُول الْكَاسَانِيُّ - لَا سَبِيل إِلَى الرُّجُوعِ فِي الْهَالِكِ، وَلَا سَبِيل إِلَى الرُّجُوعِ فِي قِيمَتِهِ،<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الدر المختار ورد المحتار عليه 5 / 453 وانظر تبيين الحقائق 6 / 211.</p><font color=#ff0000>(2)</font> الدر المختار ورد المحتار 5 / 454.</p><font color=#ff0000>(3)</font> الدر المختار ورد المحتار 5 / 455، وانظر حاشية الشلبي على تبيين الحقائق 6 / 212.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٥٣)</span><hr/></div>لأَِنَّهَا لَيْسَتْ بِمَوْهُوبَةٍ لاِنْعِدَامِ وُرُودِ الْعَقْدِ عَلَيْهَا (1) .</p>وَتُضْمَنُ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ فِي هَاتَيْنِ الْحَالَيْنِ فَقَطْ:</p>أ - حَال مَا إِذَا طَلَبَ الْوَاهِبُ رَدَّهَا - لأَِمْرٍ مَا - وَحَكَمَ الْقَاضِي بِوُجُوبِ الرَّدِّ، وَامْتَنَعَ الْمَوْهُوبُ لَهُ مِنَ الرَّدِّ، ثُمَّ هَلَكَتْ بَعْدَ ذَلِكَ، فَإِنَّهُ يَضْمَنُهَا حِينَئِذٍ، لأَِنَّ قَبْضَ الْهِبَةِ قَبْضُ أَمَانَةٍ، وَالأَْمَانَةُ تُضْمَنُ بِالْمَنْعِ وَالْجَحْدِ بِالطَّلَبِ، لِوُجُودِ التَّعَدِّي مِنْهُ (2) .</p>ب - حَال مَا إِذَا وَهَبَهُ مُشَاعًا قَابِلاً لِلْقِسْمَةِ كَالأَْرْضِ الْكَبِيرَةِ، وَالدَّارِ الْكَبِيرَةِ، فَإِنَّهَا هِبَةٌ صَحِيحَةٌ عِنْدَ الْجُمْهُورِ، لأَِنَّهَا عَقْدُ تَمْلِيكٍ، وَالْمَحَل قَابِلٌ لَهُ، فَأَشْبَهَتِ الْبَيْعَ (3) لَكِنَّهَا فَاسِدَةٌ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ، لأَِنَّ الْقَبْضَ شَرْطٌ فِي الْهِبَةِ، وَهُوَ غَيْرُ مُمْكِنٍ فِي الْمُشَاعِ، وَلَا يَنْفُذُ تَصَرُّفُ الْمَوْهُوبِ لَهُ فِيهَا، وَتَكُونُ مَضْمُونَةً عَلَيْهِ، وَيَنْفُذُ تَصَرُّفُ الْوَاهِبِ فِيهَا (4) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) البدائع 6 / 128 و 129.</p><font color=#ff0000>(2)</font> الدر المختار ورد المحتار 4 / 519، وتبيين الحقائق 5 / 101، وانظر درر الحكام في شرحه غرر الأحكام لملا خسرو 2 / 223.</p><font color=#ff0000>(3)</font> القوانين الفقهية ص 241 وروضة الطالبين 5 / 376، وكشاف القناع 4 / 305.</p><font color=#ff0000>(4)</font> الاختيار 3 / 50، وتبيين الحقائق 5 / 93 و 94، ومجمع الضمانات ص 335.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٥٤)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌رَابِعًا: الْعُقُودُ الْمُزْدَوَجَةُ الأَْثَرِ:</span></p>‌<span class="title">‌ضَمَانُ الإِْجَارَةِ:</span></p><font color=#ff0000>60 -</font> إِذَا كَانَتِ الإِْجَارَةُ: تَمْلِيكَ الْمَنْفَعَةِ بِعِوَضٍ، فَإِنَّ الْمَنْفَعَةَ ضَرْبَانِ:</p>أ - فَقَدْ تَكُونُ الْمَنْفَعَةُ بِمُجَرَّدِهَا هِيَ الْمَعْقُودُ عَلَيْهَا، وَتَتَحَدَّدُ بِالْمُدَّةِ، كَإِجَارَةِ الدُّورِ لِلسُّكْنَى، وَالْحَوَانِيتِ لِلتِّجَارَةِ، وَالسَّيَّارَاتِ لِلنَّقْل، وَالأَْوَانِي لِلاِسْتِعْمَال.</p>ب - وَقَدْ تَكُونُ الْمَنْفَعَةُ الْمَعْقُودُ عَلَيْهَا عَمَلاً مَعْلُومًا يُؤَدِّيهِ الْعَامِل، كَبِنَاءِ الدَّارِ، وَخِيَاطَةِ الثَّوْبِ، وَإِصْلَاحِ الأَْجْهِزَةِ الآْلِيَّةِ، وَنَحْوِ ذَلِكَ.</p>ج - فَإِذَا كَانَتِ الْمَنْفَعَةُ الْمَعْقُودُ عَلَيْهَا، وَهِيَ مُجَرَّدُ السُّكْنَى أَوِ الرُّكُوبِ، أَوْ نَحْوِهِمَا، يُفَرَّقُ فِي الضَّمَانِ، بَيْنَ الْعَيْنِ الْمَأْجُورَةِ، وَبَيْنَ الْمَنْفَعَةِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهَا:</p>أ - فَتُعْتَبَرُ الدَّارُ الْمَأْجُورَةُ، وَالسَّيَّارَةُ الْمُسْتَأْجَرَةُ - مَثَلاً - أَمَانَةً فِي يَدِ الْمُسْتَأْجِرِ، حَتَّى لَوْ خَرِبَتِ الدَّارُ، أَوْ عَطِبَتِ السَّيَّارَةُ، وَهِيَ فِي يَدِهِ، بِغَيْرِ تَفْرِيطٍ وَلَا تَقْصِيرٍ، لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ، لأَِنَّ قَبْضَ الإِْجَارَةِ - كَمَا يَقُول الْكَاسَانِيُّ - قَبْضٌ مَأْذُونٌ فِيهِ، فَلَا يَكُونُ مَضْمُونًا، كَقَبْضِ الْوَدِيعَةِ وَالْعَارِيَّةِ، سَوَاءٌ أَكَانَتِ الإِْجَارَةُ صَحِيحَةً أَمْ فَاسِدَةً (1) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) بدائع الصنائع 4 / 210، وانظر القوانين الفقهية ص 183 وكفاية الطالب بحاشية العدوي 2 / 182، ومغني المحتاج 2 / 351، وكشاف القناع 3 / 546.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٥٤)</span><hr/></div>وَنَصَّ الشَّافِعِيَّةُ عَلَى أَنَّ يَدَ الْمُسْتَأْجِرِ عَلَى الْعَيْنِ الْمَأْجُورَةِ يَدُ أَمَانَةٍ كَذَلِكَ، بَعْدَ انْتِهَاءِ عَقْدِ الإِْجَارَةِ، إِذَا لَمْ يَسْتَعْمِلْهَا، فِي الأَْصَحِّ، اسْتِصْحَابًا لِمَا كَانَ، كَالْمُودَعِ، وَفِي قَوْلٍ ثَانٍ: يَدُ ضَمَانٍ.</p>قَال السُّبْكِيُّ: فَإِنْ تَلِفَتْ عَقِبَ انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ، قَبْل التَّمَكُّنِ مِنَ الرَّدِّ عَلَى الْمَالِكِ، أَوْ إِعْلَامِهِ، فَلَا ضَمَانَ جَزْمًا، أَمَّا إِذَا اسْتَعْمَلَهَا فَإِنَّهُ يَضْمَنُهَا قَطْعًا (1) .</p>فَلَوْ شَرَطَ الْمُؤَجِّرُ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ ضَمَانَ الْعَيْنِ الْمَأْجُورَةِ، فَهُوَ شَرْطٌ فَاسِدٌ، لأَِنَّهُ يُنَافِي مُقْتَضَى الْعَقْدِ، وَفِي فَسَادِ الإِْجَارَةِ فِيهِ وَجْهَانِ، بِنَاءً عَلَى الشُّرُوطِ الْفَاسِدَةِ فِي الْبَيْعِ.</p>وَصَرَّحَ الْحَنَفِيَّةُ بِأَنَّ اشْتِرَاطَ الضَّمَانِ عَلَى الأَْمِينِ بَاطِلٌ (2) .</p>وَقَال ابْنُ قُدَامَةَ:" مَا لَا يَجِبُ ضَمَانُهُ، لَا يُصَيِّرُهُ الشَّرْطُ مَضْمُونًا، وَمَا يَجِبُ ضَمَانُهُ، لَا يَنْتَفِي ضَمَانُهُ بِشَرْطِ نَفْيِهِ ".</p>وَرُوِيَ عَنْ أَحْمَدَ مَا يَدُل عَلَى نَفْيِ الضَّمَانِ بِشَرْطِهِ، وَوُجُوبِهِ بِشَرْطِهِ (3)، اسْتَدَلَاّ بِحَدِيثِ: الْمُسْلِمُونَ عَلَى شُرُوطِهِمْ (4) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) مغني المحتاج 2 / 351.</p><font color=#ff0000>(2)</font> الدر المختار 5 / 40.</p><font color=#ff0000>(3)</font> المغني 6 / 118.</p><font color=#ff0000>(4)</font> حديث: " المسلمون عند شروطهم ". تقدم تخريجه ف (50) .</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٥٥)</span><hr/></div>ب - أَمَّا الْمَنْفَعَةُ الْمَعْقُودُ عَلَيْهَا، وَهِيَ: السُّكْنَى أَوِ الرُّكُوبُ، فَهِيَ مَضْمُونَةٌ، بِضَمَانِ بَدَلِهَا عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ، بِمُجَرَّدِ تَمَكُّنِهِ مِنِ اسْتِيفَائِهَا، إِذَا كَانَتِ الإِْجَارَةُ صَحِيحَةً، بِلَا خِلَافٍ، سَوَاءٌ انْتَفَعَ بِهَا الْمُسْتَأْجِرُ أَمْ لَمْ يَنْتَفِعْ، وَهَذَا مَا نَصَّتْ عَلَيْهِ الْمَادَّةُ (470) مِنَ الْمَجَلَّةِ، وَفِيهَا: تَلْزَمُ الأُْجْرَةُ فِي الإِْجَارَةِ الصَّحِيحَةِ - أَيْضًا - بِالاِقْتِدَارِ عَلَى اسْتِيفَاءِ الْمَنْفَعَةِ، مَثَلاً: لَوْ اسْتَأْجَرَ أَحَدٌ دَارًا بِإِجَارَةٍ صَحِيحَةٍ، فَبَعْدَ قَبْضِهَا يَلْزَمُهُ إِعْطَاءُ الأُْجْرَةِ، وَإِنْ لَمْ يَسْكُنْهَا.</p>أَمَّا إِذَا كَانَتِ الإِْجَارَةُ فَاسِدَةً فَقَدِ اخْتُلِفَ فِي الضَّمَانِ الْوَاجِبِ فِيهَا:</p>فَمَذْهَبُ الْجُمْهُورِ، وَزُفَرَ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ، وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ الإِْمَامِ أَحْمَدَ - أَشَارَ إِلَيْهَا ابْنُ رَجَبٍ - أَنَّهَا كَالصَّحِيحَةِ، وَأَنَّهُ يَجِبُ فِي الضَّمَانِ أَجْرُ الْمِثْل، بَالِغًا مَا بَلَغَ، لأَِنَّ الْمَنَافِعَ مُتَقَوَّمَةٌ، فَتَجِبُ الْقِيمَةُ بَالِغَةً مَا بَلَغَتْ، وَالإِْجَارَةُ بَيْعُ الْمَنَافِعِ، فَتُعْتَبَرُ بِبَيْعِ الأَْعْيَانِ، وَفِي بَيْعِ الأَْعْيَانِ إِذَا فَسَدَ الْبَيْعُ تُعْتَبَرُ الْقِيمَةُ، بَالِغَةً مَا بَلَغَتْ، فَكَذَا بَيْعُ الْمَنَافِعِ (1) .</p>وَالْحَنَفِيَّةُ عَدَا زُفَرَ، وَهُوَ الرَّاوِيَةُ الثَّانِيَةُ عَنِ الإِْمَامِ أَحْمَدَ، يَرَوْنَ التَّفْرِقَةَ بَيْنَ الصَّحِيحَةِ وَالْفَاسِدَةِ:<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) تبيين الحقائق وحاشية الشلبي عليه 5 / 121 و 122، والهداية وشروحها 8 / 35، وانظر القوانين الفقهية ص 184.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٥٥)</span><hr/></div>فَفِي الصَّحِيحَةِ: يَضْمَنُ الأُْجْرَةَ الْمُتَّفَقَ عَلَيْهَا، مَهْمَا بَلَغَتْ.</p>أَمَّا فِي الْفَاسِدَةِ، فَضَمَانُ الأُْجْرَةِ مَنُوطٌ بِاسْتِيفَاءِ الْمَنْفَعَةِ، وَلَا تَجِبُ الأُْجْرَةُ إِلَاّ بِالاِنْتِفَاعِ، وَيَقُول ابْنُ رَجَبٍ فِي تَوْجِيهِ هَذِهِ الرِّوَايَةِ: وَلَعَلَّهَا رَاجِعَةٌ إِلَى أَنَّ الْمَنَافِعَ لَا تُضْمَنُ فِي الْغَصْبِ وَنَحْوِهِ، إِلَاّ بِالاِنْتِفَاعِ، وَهُوَ الأَْشْبَهُ (1) .</p><font color=#ff0000>61 -</font> أَمَّا إِذَا كَانَتْ الْمَنْفَعَةُ الْمَعْقُودُ عَلَيْهَا هِيَ إِنْجَازُ عَمَلٍ مِنَ الأَْعْمَال، كَالْبِنَاءِ وَالْخِيَاطَةِ وَنَحْوِهِمَا، فَإِنَّ الضَّمَانَ يَخْتَلِفُ بِحَسَبِ صِفَةِ الْعَامِل، وَهُوَ الأَْجِيرُ فِي اصْطِلَاحِهِمْ لأَِنَّهُ إِمَّا أَنْ يَكُونَ أَجِيرًا خَاصًّا، أَوْ مُشْتَرَكًا أَيْ عَامًّا.</p>وَالأَْجِيرُ الْخَاصُّ هُوَ الَّذِي يَتَقَبَّل الْعَمَل مِنْ وَاحِدٍ، أَوْ يَعْمَل لِوَاحِدٍ مُدَّةً مَعْلُومَةً، وَيَسْتَحِقُّ الأَْجْرَ بِالْوَقْتِ دُونَ الْعَمَل.</p>وَالأَْجِيرُ الْمُشْتَرَكُ، هُوَ الَّذِي يَتَقَبَّل الْعَمَل مِنْ غَيْرِ وَاحِدٍ، وَلَا يَسْتَحِقُّ الأَْجْرَ حَتَّى يَعْمَل، وَالضَّابِطُ: أَنَّ: كُل مَنْ يَنْتَهِي عَمَلُهُ بِانْتِهَاءِ مُدَّةٍ مَعْلُومَةٍ فَهُوَ أَجِيرٌ وَاحِدٌ (أَيْ خَاصٌّ) وَكُل مَنْ لَا يَنْتَهِي عَمَلُهُ بِانْتِهَاءِ مُدَّةٍ مُقَدَّرَةٍ، فَهُوَ أَجِيرٌ مُشْتَرَكٌ (2) ".<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) القواعد الفقهية ص 67.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حاشية الشلبي على تبيين الحقائق 5 / 134.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٥٦)</span><hr/></div>وَفِي ضَمَانِ كُلٍّ مِنْهُمَا تَفْصِيلٌ يُنْظَرُ فِي مُصْطَلَحِ: (إِجَارَة) . .</p> </p>‌<span class="title">‌ضَمَانُ الرَّهْنِ:</span></p><font color=#ff0000>62 -</font> اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي ضَمَانِ الرَّهْنِ، إِذَا هَلَكَتِ الْعَيْنُ الْمَرْهُونَةُ عِنْدَ الْمُرْتَهِنِ، بَعْدَ قَبْضِهَا وَبَعْدَ تَحَقُّقِ شُرُوطِ الرَّهْنِ:</p>فَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّ الرَّهْنَ أَمَانَةٌ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ، لَا يَلْزَمُهُ ضَمَانُهُ، إِلَاّ إِذَا تَعَدَّى فِيهِ، أَوِ امْتَنَعَ مِنْ رَدِّهِ بَعْدَ طَلَبِهِ مِنْهُ أَوْ بَعْدَ الْبَرَاءَةِ مِنَ الدَّيْنِ، وَلَا يَسْقُطُ بِشَيْءٍ مِنَ الدَّيْنِ بِهَلَاكِهِ (أَيِ الرَّهْنِ) مِنْ غَيْرِ تَعَدٍّ (1)، وَذَلِكَ:</p>لِمَا رَوَى الزُّهْرِيُّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ، أَنَّ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَال: لَا يُغْلَقُ الرَّهْنُ مِنْ صَاحِبِهِ الَّذِي رَهَنَهُ، لَهُ غُنْمُهُ، وَعَلَيْهِ غُرْمُهُ (2) .</p>وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى أَنَّ الرَّهْنَ إِذَا قَبَضَهُ الْمُرْتَهِنُ، كَانَتْ مَالِيَّتُهُ مَضْمُونَةً، أَمَّا عَيْنُهُ فَأَمَانَةٌ، وَذَلِكَ: لِمَا رُوِيَ عَنْ عَطَاءٍ أَنَّهُ حَدَّثَ: أَنَّ رَجُلاً رَهَنَ فَرَسًا، فَنَفَقَ فِي يَدِهِ، فَقَال رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) روضة الطالبين 4 / 96، وشرح المحلي على المنهاج وحاشية القليوبي عليه 2 / 275 و 276، والمغني - مع الشرح الكبير - 4 / 442، وكشاف القناع 3 / 341.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حديث:" لا يغلق الرهن من صاحبه ". أخرجه الشافعي في المسند (2 / 164 - ترتيبه) ، وأعله غير واحد بالإرسال كما في التلخيص لابن حجر (3 / 36) .</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٥٦)</span><hr/></div>لِلْمُرْتَهِنِ: ذَهَبَ حَقُّكَ (1) .</p>وَلِحَدِيثِ عَطَاءٍ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَال: الرَّهْنُ بِمَا فِيهِ (2)(وَمَعْنَاهُ: أَنَّهُ مَضْمُونٌ بِالدَّيْنِ الَّذِي وُضِعَ فِي مُقَابِلِهِ) .</p>وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ إِلَى ضَمَانِ الرَّهْنِ بِشُرُوطٍ:</p>أ - أَنْ يَكُونَ الرَّهْنُ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ، لَا فِي يَدِ غَيْرِهِ، كَالْعَدْل.</p>ب - أَنْ يَكُونَ الرَّهْنُ مِمَّا يُغَابُ عَلَيْهِ، أَيْ يُمْكِنُ إِخْفَاؤُهُ، كَالْحُلِيِّ وَالسِّلَاحِ وَالْكُتُبِ وَالثِّيَابِ.</p>ج - أَنْ لَا تَقُومَ بَيِّنَةٌ عَلَى هَلَاكِهِ أَوْ تَلَفِهِ بِغَيْرِ سَبَبِهِ، كَالْحَرِيقِ الْغَالِبِ، وَغَارَاتِ الأَْعْدَاءِ، وَمُصَادَرَةِ الْبُغَاةِ، فَإِذَا وُجِدَتْ هَذِهِ الشُّرُوطُ، ضَمِنَ الْمُرْتَهِنُ، وَلَوْ شَرَطَ فِي عَقْدِ الرَّهْنِ الْبَرَاءَةَ وَعَدَمَ ضَمَانِهِ، لأَِنَّ هَذَا إِسْقَاطٌ لِلشَّيْءِ قَبْل وُجُوبِهِ، وَالتُّهْمَةُ مَوْجُودَةٌ، خِلَافًا لأَِشْهَبَ، الْقَائِل بِعَدَمِ الضَّمَانِ عِنْدَ الشَّرْطِ (3) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حديث عطاء أنه حدث:" أن رجلا رهن فرسا. . . . . ". أخرجه أبو داود في المراسيل (ص 172)، وقال عبد الحق الإشبيلي:" هو مرسل وضعيف " نقله عنه الزيلعي في نصب الراية (4 / 321) .</p><font color=#ff0000>(2)</font> حديث عطاء عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " الرهن بما فيه ". أخرجه أبو داود في المراسيل (ص 173)، ونقل الزيلعي في نصب الراية (4 / 322) عن ابن القطان أنه قال:(مرسل صحيح) .</p><font color=#ff0000>(3)</font> الشرح الكبير وحاشية الدسوقي عليه 3 / 254 و 255، وانظر جواهر الإكليل 2 / 84 و 85 والقوانين الفقهية (213) .</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٥٧)</span><hr/></div><font color=#ff0000>63 -</font> وَفِي اعْتِبَارِ قِيمَةِ الرَّهْنِ الْمَضْمُونِ، بَعْضُ الْخِلَافِ وَالتَّفْصِيل:</p>فَنَصَّ الْحَنَفِيَّةُ، عَلَى أَنَّ قِيمَةَ الْمَرْهُونِ إِذَا هَلَكَ، تُعْتَبَرُ يَوْمَ الْقَبْضِ، لأَِنَّهُ يَوْمئِذٍ دَخَل فِي ضَمَانِهِ، وَفِيهِ يَثْبُتُ الاِسْتِيفَاءُ يَدًا، ثُمَّ يَتَقَرَّرُ بِالْهَلَاكِ (1) .</p>أَمَّا إِذَا اسْتَهْلَكَهُ الْمُرْتَهِنُ أَوْ أَجْنَبِيٌّ، فَتُعْتَبَرُ قِيمَتُهُ يَوْمَ الاِسْتِهْلَاكِ، لِوُرُودِهِ عَلَى الْعَيْنِ الْمُودَعَةِ، وَتَكُونُ الْقِيمَةُ رَهْنًا عِنْدَهُ (2) .</p>وَلِلْمَالِكِيَّةِ - فِي اعْتِبَارِ قِيمَةِ الرَّهْنِ التَّالِفِ - ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ، كُلُّهَا مَرْوِيَّةٌ عَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ:</p>الأَْوَّل: يَوْمُ التَّلَفِ، لأَِنَّ عَيْنَ الرَّهْنِ كَانَتْ قَائِمَةً، فَلَمَّا تَلِفَتْ قَامَتْ قِيمَتُهَا مَقَامَهَا.</p>الثَّانِي: يَوْمُ الْقَبْضِ، لأَِنَّهُ كَشَاهِدٍ، وَضَعَ خَطَّهُ وَمَاتَ، فَيُعْتَبَرُ خَطُّهُ، وَتُعْتَبَرُ عَدَالَتُهُ يَوْمَ كَتْبِهِ.</p>الثَّالِثُ: يَوْمُ عَقْدِ الرَّهْنِ، قَال الْبَاجِيُّ: وَهُوَ أَقْرَبُ، لأَِنَّ النَّاسَ إِنَّمَا يَرْهَنُونَ مَا يُسَاوِي الدَّيْنَ الْمَرْهُونَ فِيهِ غَالِبًا (3) .</p> </p>‌<span class="title">‌ضَمَانُ الرَّهْنِ الْمَوْضُوعِ عَلَى يَدِ الْعَدْل:</span></p><font color=#ff0000>64 -</font> يَصِحُّ وَضْعُ الرَّهْنِ عِنْدَ عَدْلٍ ثَالِثٍ، غَيْرِ الرَّاهِنِ وَالْمُرْتَهِنِ، وَيَتِمُّ وَيَلْزَمُ بِقَبْضِ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الاختيار 2 / 65.</p><font color=#ff0000>(2)</font> رد المحتار 5 / 309.</p><font color=#ff0000>(3)</font> جواهر الإكليل 2 / 87 وانظر - أيضا - الشرح الكبير للدردير، وحاشية الدسوقي عليه 3 / 260.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٥٧)</span><hr/></div>الْعَدْل، لأَِنَّ يَدَهُ كَيَدِ الْمُرْتَهِنِ.</p>وَلَا يَأْخُذُهُ أَحَدُهُمَا مِنْهُ، لأَِنَّهُ تَعَلَّقَ حَقُّ الرَّاهِنِ فِي الْحِفْظِ بِيَدِهِ، وَتَعَلَّقَ حَقُّ الْمُرْتَهِنِ بِهِ اسْتِيفَاءً، فَلَا يَمْلِكُ أَحَدُهُمَا إِبْطَال حَقِّ الآْخَرِ.</p>وَلَوْ دَفَعَ الرَّهْنَ إِلَى أَحَدِهِمَا ضَمِنَ، لِتَعَلُّقِ حَقِّهِمَا بِهِ، لأَِنَّهُ مُودَعُ الرَّاهِنِ فِي حَقِّ الْعَيْنِ، وَمُودَعُ الْمُرْتَهِنِ فِي حَقِّ الْمَالِيَّةِ، وَكِلَاهُمَا أَجْنَبِيٌّ عَنْ صَاحِبِهِ، وَالْمُودَعُ يُضْمَنُ بِالدَّفْعِ إِلَى الأَْجْنَبِيِّ (1) .</p>وَلَوْ هَلَكَ الرَّهْنُ فِي يَدِ الْعَدْل: فَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ يَهْلَكُ مِنْ ضَمَانِ الْمُرْتَهِنِ، لأَِنَّ يَدَهُ فِي حَقِّ الْمَالِيَّةِ يَدُ الْمُرْتَهِنِ، وَهِيَ الْمَضْمُونَةُ، فَإِذَا هَلَكَ، هَلَكَ فِي ضَمَانِ الْمُرْتَهِنِ (2) .</p>وَمَذْهَبُ مَالِكٍ: أَنَّهُ إِذَا هَلَكَ فِي يَدِ الأَْمِينِ، هَلَكَ مِنْ ضَمَانِ الرَّاهِنِ (3) .</p>وَنَصَّ الْمَالِكِيَّةُ: عَلَى أَنَّ الأَْمِينَ إِذَا دَفَعَ الرَّهْنَ إِلَى الرَّاهِنِ أَوْ الْمُرْتَهِنِ بِغَيْرِ إِذْنٍ وَتَلِفَ:</p>فَإِنْ سَلَّمَهُ إِلَى الرَّاهِنِ، ضَمِنَ قِيمَتَهُ لِلْمُرْتَهِنِ، أَوْ ضَمِنَ لَهُ الدَّيْنَ الْمَرْهُونَ هُوَ فِيهِ، فَيَضْمَنُ أَقَلَّهُمَا.<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الهداية بشروحها 9 / 105، وتبيين الحقائق 6 / 80، وانظر المغني 4 / 390.</p><font color=#ff0000>(2)</font> الدر المختار ورد المحتار 5 / 223 و 224.</p><font color=#ff0000>(3)</font> الشرح الكبير، وحاشية الدسوقي عليه 3 / 253.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٥٨)</span><hr/></div>وَإِنْ سَلَّمَهُ إِلَى الْمُرْتَهِنِ، ضَمِنَ قِيمَةَ الرَّهْنِ لِلرَّاهِنِ (1) .</p> </p>‌<span class="title">‌الضَّمَانُ فِي الصُّلْحِ عَنْ مَالٍ بِمَنْفَعَةٍ:</span></p><font color=#ff0000>65 -</font> إِذَا وَقَعَ الصُّلْحُ عَنْ مَالٍ بِمَنْفَعَةٍ، كَسُكْنَى دَارٍ، وَرُكُوبِ سَيَّارَةٍ، مُدَّةً مَعْلُومَةً، اعْتُبِرَ هَذَا الصُّلْحُ بِمَثَابَةِ عَقْدِ إِجَارَةٍ، وَعِبَارَةِ التَّنْوِيرِ: وَكَإِجَارَةٍ إِنْ وَقَعَ عَنْ مَالٍ بِمَنْفَعَةٍ (2) .</p>كَمَا لَوْ كَانَ لِشَخْصٍ عَلَى آخَرَ أَلْفُ دِينَارٍ، فَصَالَحَهُ الْمَدِينُ عَلَى سُكْنَى دَارِهِ، أَوْ عَلَى زِرَاعَةِ أَرْضِهِ، أَوْ رُكُوبِ سَيَّارَتِهِ، مُدَّةً مَعْلُومَةً، جَازَ هَذَا الصُّلْحُ (3) .</p>وَتَثْبُتُ لِهَذَا النَّوْعِ مِنَ الصُّلْحِ شُرُوطُ الإِْجَارَةِ، مِنْهَا التَّوْقِيتُ - إِنِ احْتِيجَ إِلَيْهِ (4) - وَتَثْبُتُ فِيهِ أَحْكَامُهَا - كَمَا يَقُول النَّوَوِيُّ (5) - وَمِنْ أَهَمُّهَا: اعْتِبَارُ الْعَيْنِ الْمُتَصَالَحِ عَلَى مَنْفَعَتِهَا، كَالدَّارِ وَالسَّيَّارَةِ، أَمَانَةً فِي يَدِ الْمُصَالِحِ، أَمَّا الْمَنْفَعَةُ ذَاتُهَا فَإِنَّهَا مَضْمُونَةٌ عَلَى الْمُصَالِحِ، بِمُجَرَّدِ تَسَلُّمِ الْعَيْنِ،<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) جواهر الإكليل 2 / 81.</p><font color=#ff0000>(2)</font> الدر المختار 4 / 474.</p><font color=#ff0000>(3)</font> انظر بدائع الصنائع 6 / 47، والدر المختار 4 / 474، والهداية وشروحها 7 / 31 (ط: الأولى، بولاق: 1317) ، وشرح الزرقاني على مختصر سيدي خليل 6 / 2 و 3، والشرح الكبير للدردير 3 / 310، وروضة الطالبين 4 / 193 والمغني 5 / 16، 19.</p><font color=#ff0000>(4)</font> الدر المختار 4 / 474.</p><font color=#ff0000>(5)</font> روضة الطالبين 4 / 193.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٥٨)</span><hr/></div>فَإِذَا مَضَتْ مُدَّةُ الصُّلْحِ الْمُتَّفَقُ عَلَيْهَا، اعْتُبِرَ الْمُصَالِحُ مُسْتَوْفِيًا لِبَدَل الصُّلْحِ حُكْمًا، سَوَاءٌ اسْتَوْفَى الْمَنْفَعَةَ فِعْلاً أَوْ عَطَّلَهَا، كَمَا تَقَرَّرَ فِي الْعَيْنِ الْمُسْتَأْجَرَةِ فِي يَدِ الْمُسْتَأْجِرِ فِي الإِْجَارَةِ.</p> </p>‌<span class="title">‌يَدُ الأَْمَانَةِ وَيَدُ الضَّمَانِ:</span></p><font color=#ff0000>66 -</font> الْمَشْهُورُ تَقْسِيمُ الْيَدِ إِلَى قِسْمَيْنِ: يَدِ أَمَانَةٍ، وَيَدِ ضَمَانٍ.</p>وَيَدُ الأَْمَانَةِ، حِيَازَةُ الشَّيْءِ أَوِ الْمَال، نِيَابَةً لَا تَمَلُّكًا، كَيَدِ الْوَدِيعِ، وَالْمُسْتَعِيرِ، وَالْمُسْتَأْجِرِ، وَالشَّرِيكِ، وَالْمُضَارِبِ وَنَاظِرِ الْوَقْفِ، وَالْوَصِيِّ.</p>وَيَدُ الضَّمَانِ، حِيَازَةُ الْمَال لِلتَّمَلُّكِ أَوْ لِمَصْلَحَةِ الْحَائِزِ، كَيَدِ الْمُشْتَرِي وَالْقَابِضِ عَلَى سَوْمِ الشِّرَاءِ، وَالْمُرْتَهِنِ، وَالْغَاصِبِ وَالْمَالِكِ، وَالْمُقْتَرِضِ.</p>وَحُكْمُ يَدِ الأَْمَانَةِ، أَنَّ وَاضِعَ الْيَدِ أَمَانَةً، لَا يَضْمَنُ مَا هُوَ تَحْتَ يَدِهِ، إِلَاّ بِالتَّعَدِّي أَوِ التَّقْصِيرِ، كَالْوَدِيعِ فَإِنَّهُ إِذَا أَوْدَعَ الْوَدِيعَةَ عِنْدَ مَنْ لَا يُودَعُ مِثْلُهَا عِنْدَ مِثْلِهِ يَضْمَنُهَا.</p>وَحُكْمُ يَدِ الضَّمَانِ، أَنَّ وَاضِعَ الْيَدِ عَلَى الْمَال، عَلَى وَجْهِ التَّمَلُّكِ أَوِ الاِنْتِفَاعِ بِهِ لِمَصْلَحَةِ نَفْسِهِ، يَضْمَنُهُ فِي كُل حَالٍ، حَتَّى لَوْ هَلَكَ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ، أَوْ عَجَزَ عَنْ رَدِّهِ إِلَى صَاحِبِهِ، كَمَا يَضْمَنُهُ بِالتَّلَفِ وَالإِْتْلَافِ.</p>فَالْمَالِكُ ضَامِنٌ لِمَا يَمْلِكُهُ وَهُوَ تَحْتَ يَدِهِ،</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٥٩)</span><hr/></div>فَإِذَا انْتَقَلَتِ الْيَدُ إِلَى غَيْرِهِ بِعَقْدِ الْبَيْعِ، أَوْ بِإِذْنِهِ، كَالْمَقْبُوضِ عَلَى سَوْمِ الشِّرَاءِ، أَوْ بِغَيْرِ إِذْنِهِ كَالْمَغْصُوبِ، فَالضَّمَانُ فِي ذَلِكَ عَلَى ذِي الْيَدِ.</p>وَلَوِ انْتَقَلَتِ الْيَدُ إِلَى غَيْرِهِ، بِعَقْدِ وَدِيعَةٍ أَوْ عَارِيَّةً، فَالضَّمَانُ - أَيْضًا - عَلَى الْمَالِكِ (1) .</p> </p>‌<span class="title">‌أَهَمُّ الأَْحْكَامِ وَالْفَوَارِقِ بَيْنَ هَاتَيْنِ الْيَدَيْنِ:</span></p>أ -‌<span class="title">‌ تَأْثِيرُ السَّبَبِ السَّمَاوِيِّ:</span></p><font color=#ff0000>67 -</font> إِذَا هَلَكَ الشَّيْءُ بِسَبَبٍ لَا دَخْل لِلْحَائِزِ فِيهِ وَلَا لِغَيْرِهِ، انْتَفَى الضَّمَانُ فِي يَدِ الأَْمَانَةِ، لَا فِي يَدِ الضَّمَانِ، فَلَوْ هَلَكَتِ الْعَارِيَّةُ فِي يَدِ الْمُسْتَعِيرِ بِسَبَبِ الْحَرِّ أَوِ الْبَرْدِ، لَا يَضْمَنُ الْمُسْتَعِيرُ، لأَِنَّ يَدَهُ يَدُ أَمَانَةٍ.</p>بِخِلَافِ يَدِ الْبَائِعِ قَبْل تَسْلِيمِ الْمَبِيعِ إِلَى الْمُشْتَرِي، فَإِنَّهُ لَا يَنْتَفِي الضَّمَانُ بِهَلَاكِهِ بِذَلِكَ، بَل يُفْسَخُ الْعَقْدُ، وَيَسْقُطُ الثَّمَنُ، لِعَدَمِ الْفَائِدَةِ مِنْ بَقَائِهِ، لِعَجْزِ الْبَائِعِ عَنْ تَسْلِيمِ الْمَبِيعِ كُلَّمَا طَالَبَ بِالثَّمَنِ، فَامْتَنَعَتِ الْمُطَالَبَةُ، وَارْتَفَعَ الْعَقْدُ كَأَنْ لَمْ يَكُنْ (2) .</p>وَالْمَذْهَبُ عِنْدَ مَالِكٍ، انْتِقَال الضَّمَانِ إِلَى الْمُشْتَرِي بِنَفْسِ الْعَقْدِ (3) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) البدائع 5 / 248، والقوانين الفقهية (220) والمحلي على المنهاج 3 / 29، والقواعد لابن رجب (53 و 308 و 309) بتصرف فيها. وانظر الفروق 2 / 207.</p><font color=#ff0000>(2)</font> البدائع 5 / 238، وانظر الدر المختار ورد المحتار عليه 4 / 268، وانظر روضة الطالبين 3 / 499.</p><font color=#ff0000>(3)</font> القوانين الفقهية ص 164 وانظر جواهر الإكليل لمختصر سيدي خليل 2 / 27 والشرح الكبير للدردير وحاشية الدسوقي عليه 3 / 70 و 71.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٥٩)</span><hr/></div>ب -‌<span class="title">‌ تَغَيُّرُ صِفَةِ وَضْعِ الْيَدِ:</span></p><font color=#ff0000>68 -</font> تَتَغَيَّرُ صِفَةُ يَدِ الأَْمِينِ وَتُصْبِحُ يَدَ ضَمَانٍ بِالتَّعَدِّي، فَإِذَا تَلِفَ الشَّيْءُ بَعْدَ ذَلِكَ ضَمِنَهُ، مَهْمَا كَانَ سَبَبُ التَّلَفِ، وَلَوْ سَمَاوِيًّا.</p>أ - فَفِي الإِْجَارَةِ، يُعْتَبَرُ الأَْجِيرُ الْمُشْتَرَكُ أَمِينًا - عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - وَالْمَتَاعُ فِي يَدِهِ أَمَانَةٌ، لَا يُضْمَنُ إِنْ هَلَكَ بِغَيْرِ عَمَلِهِ، إِلَاّ إِنْ قَصَّرَ فِي حِفْظِهِ، كَالْوَدِيعِ إِذَا قَصَّرَ فِي حِفْظِ الْوَدِيعَةِ (1) ، أَوْ تَعَمَّدَ الإِْتْلَافَ، أَوْ تَلِفَ الْمَتَاعُ بِفِعْلِهِ، كَتَمَزُّقِ الثَّوْبِ مِنْ دَقِّهِ (2) .</p>ب - وَفِي الْوَدِيعَةِ، يَضْمَنُ إِذَا تَرَكَ الْحِفْظَ الْمُلْتَزَمَ، كَأَنْ رَأَى إِنْسَانًا يَسْرِقُ الْوَدِيعَةَ، فَتَرَكَهُ وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى الْمَنْعِ، أَوْ خَالَفَ فِي كَيْفِيَّةِ الْحِفْظِ، أَوْ أَوْدَعَهَا مَنْ لَيْسَ فِي عِيَالِهِ، أَوْ عِنْدَ مَنْ لَا تُودَعُ عِنْدَ مِثْلِهِ، أَوْ سَافَرَ بِهَا، أَوْ جَحَدَهَا كَمَا تَقَدَّمَ. انْظُرْ مُصْطَلَحَ:(وَدِيعَة) .</p>ج - وَفِي الْعَارِيَّةِ، وَهِيَ أَمَانَةٌ عِنْدَ الْجُمْهُورِ، مَا عَدَا الْحَنَابِلَةَ، لَا تُضْمَنُ إِنْ هَلَكَتْ بِالاِنْتِفَاعِ الْمُعْتَادِ، وَتُضْمَنُ بِالتَّعَدِّي، كَأَنْ يَدُل عَلَيْهَا سَارِقًا أَوْ يُتْلِفَهَا أَوْ يَمْنَعَهَا<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) مجمع الضمانات ص 27.</p><font color=#ff0000>(2)</font> مجمع الضمانات ص 28 والدر المختار 5 / 41.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٦٠)</span><hr/></div>مِنَ الْمُعِيرِ بَعْدَ الطَّلَبِ، عَلَى تَفْصِيلٍ بَيْنَ مَا يُغَابُ وَمَا لَا يُغَابُ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ (1) .</p> </p>ج -‌<span class="title">‌ الْمَوْتُ عَنْ تَجْهِيلٍ:</span></p><font color=#ff0000>69 -</font> مَعْنَى التَّجْهِيل: أَنْ لَا يُبَيِّنَ حَال الأَْمَانَةِ الَّتِي عِنْدَهُ، وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّ وَارِثَهُ لَا يَعْلَمُ حَالَهَا، كَذَلِكَ فَسَّرَهُ ابْنُ نُجَيْمٍ (2) ، فَالْوَدِيعُ إِذَا مَاتَ مُجْهِلاً حَال الْوَدِيعَةِ الَّتِي عِنْدَهُ، وَوَارِثَهُ لَا يَعْلَمُ حَالَهَا، يَضْمَنُهَا بِذَلِكَ.</p>وَمَعْنَى ضَمَانِهَا - كَمَا يَقُول ابْنُ نُجَيْمٍ - صَيْرُورَتُهَا دَيْنًا فِي تَرِكَتِهِ (3) .</p>وَكَذَلِكَ نَاظِرُ الْوَقْفِ، إِذَا مَاتَ مُجْهِلاً لِحَال بَدَل الْوَقْفِ، فَإِنَّهُ يَضْمَنُهُ.</p>وَكَذَا كُل شَيْءٍ أَصْلُهُ أَمَانَةٌ يَصِيرُ دَيْنًا فِي التَّرِكَةِ بِالْمَوْتِ عَنْ تَجْهِيلٍ (4) .</p>وَنَصَّ الشَّافِعِيَّةُ عَلَى أَنَّ تَرْكَ الإِْيصَاءِ فِي الْوَدِيعَةِ يَسْتَوْجِبُ الضَّمَانَ، وَقَالُوا: إِذَا مَرِضَ الْمُودَعُ مَرَضًا مَخُوفًا، أَوْ حُبِسَ لِيُقْتَل لَزِمَهُ أَنْ يُوصِيَ، فَإِنْ سَكَتَ عَنْ ذَلِكَ لَزِمَهُ الضَّمَانُ،<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) مجمع الضمانات (55 و 56) والدر المختار 4 / 503 وما بعدها، والقوانين الفقهية (245 و 246) وشرح المنهج وحاشية الجمل 3 / 458 و 459 والمغني بالشرح الكبير 5 / 355 و 358.</p><font color=#ff0000>(2)</font> الأشباه والنظائر لابن نجيم (273) ، وانظر مجمع الضمانات ص 87.</p><font color=#ff0000>(3)</font> الأشباه والنظائر لابن نجيم ص 274.</p><font color=#ff0000>(4)</font> مجمع الضمانات ص 88 وانظر الأمثلة الفرعية في الشرح الكبير للدردير وحاشية الدسوقي 3 / 425 و 426، والأشباه والنظائر لابن نجيم (273) .</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٦٠)</span><hr/></div>لأَِنَّهُ عَرَّضَهَا لِلْفَوَاتِ، لأَِنَّ الْوَارِثَ يَعْتَمِدُ ظَاهِرَ الْعَيْنِ، وَلَا بُدَّ فِي الْوَصِيَّةِ مِنْ بَيَانِ الْوَدِيعَةِ، حَتَّى لَوْ قَال: عِنْدِي لِفُلَانٍ ثَوْبٌ، وَلَمْ يُوجَدْ فِي تَرِكَتِهِ، ضَمِنَ لِعَدَمِ بَيَانِهِ (1) . (ر: تَجْهِيل) .</p> </p>د -‌<span class="title">‌ الشَّرْطُ:</span></p><font color=#ff0000>70 -</font> لَا أَثَرَ لِلشَّرْطِ فِي صِفَةِ الْيَدِ الْمُؤْتَمَنَةِ عِنْدَ الأَْكْثَرِينَ.</p>قَال الْبَغْدَادِيُّ: اشْتِرَاطُ الضَّمَانِ عَلَى الْمُسْتَعِيرِ بَاطِلٌ، وَقِيل: تَصِيرُ مَضْمُونَةً (2) .</p>وَقَال التُّمُرْتَاشِيُّ: وَاشْتِرَاطُ الضَّمَانِ عَلَى الأَْمِينِ بَاطِلٌ، بِهِ يُفْتَى (3) ، فَلَوْ شَرَطَ الْمُؤَجِّرُ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ ضَمَانَ الْعَيْنِ الْمُؤَجَّرَةِ، فَالشَّرْطُ فَاسِدٌ.</p>وَلَوْ شَرَطَ الْمُودَعُ عَلَى الْوَدِيعِ ضَمَانَ الْوَدِيعَةِ فَالشَّرْطُ بَاطِلٌ، وَلَا ضَمَانَ لَوْ تَلِفَتْ وَكَذَا الْحُكْمُ فِي سَائِرِ الأَْمَانَاتِ (4) .</p>وَعَلَّلَهُ الْمَالِكِيَّةُ، بِأَنَّهُ لِمَا فِيهِ مِنْ إِخْرَاجِهَا عَنْ حَقِيقَتِهَا الشَّرْعِيَّةِ (5) .</p>وَقَال الْحَنَابِلَةُ: لأَِنَّهُ شَرْطٌ يُنَافِي مُقْتَضَى الْعَقْدِ، وَلَوْ قَال الْوَدِيعُ: أَنَا ضَامِنٌ لَهَا لَمْ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) كفاية الأخيار للحصني 2 / 8 (ط: دار المعرفة في بيروت) .</p><font color=#ff0000>(2)</font> مجمع الضمانات (55) .</p><font color=#ff0000>(3)</font> الدر المختار 4 / 494.</p><font color=#ff0000>(4)</font> مجمع الضمانات (55) .</p><font color=#ff0000>(5)</font> الشرح الكبير للدردير 3 / 423.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٦١)</span><hr/></div>يَضْمَنْ مَا تَلِفَ بِغَيْرِ تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ، لأَِنَّ ضَمَانَ الأَْمَانَاتِ غَيْرُ صَحِيحٍ (1) .</p>وَنَصَّ الْقَلْيُوبِيُّ عَلَى أَنَّ شَرْطَ الأَْمَانَةِ فِي الْعَارِيَّةِ - وَهِيَ مَضْمُونَةٌ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ إِذَا هَلَكَتْ بِغَيْرِ الاِسْتِعْمَال - هُوَ شَرْطٌ مُفْسِدٌ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، وَشَرْطُ أَنْ لَا ضَمَانَ فِيهَا فَاسِدٌ لَا مُفْسِدٌ (2) .</p>وَجَاءَ فِي نُصُوصِ الْحَنَابِلَةِ: كُل مَا كَانَ أَمَانَةً لَا يَصِيرُ مَضْمُونًا بِشَرْطِهِ، لأَِنَّ مُقْتَضَى الْعَقْدِ كَوْنُهُ أَمَانَةً، فَإِذَا شَرَطَ ضَمَانَهُ، فَقَدِ الْتَزَمَ ضَمَانَ مَا لَمْ يُوجَدْ سَبَبُ ضَمَانِهِ، فَلَمْ يَلْزَمْهُ، كَمَا لَوِ اشْتَرَطَ ضَمَانَ الْوَدِيعَةِ، أَوْ ضَمَانَ مَالٍ فِي يَدِ مَالِكِهِ. وَمَا كَانَ مَضْمُونًا لَا يَنْتَفِي ضَمَانُهُ بِشَرْطِهِ، لأَِنَّ مُقْتَضَى الْعَقْدِ الضَّمَانُ، فَإِذَا شَرَطَ نَفْيَ ضَمَانِهِ لَا يَنْتَفِي مَعَ وُجُودِ سَبَبِهِ، كَمَا لَوِ اشْتَرَطَ نَفْيَ ضَمَانِ مَا يَتَعَدَّى فِيهِ.</p>وَعَنْ أَحْمَدَ أَنَّهُ ذَكَرَ لَهُ ذَلِكَ، فَقَال: الْمُؤْمِنُونَ عَلَى شُرُوطِهِمْ، وَهَذَا يَدُل عَلَى نَفْيِ الضَّمَانِ بِشَرْطِهِ، وَالأَْوَّل ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ، لِمَا ذَكَرْنَاهُ (3) .</p> </p>‌<span class="title">‌الْقَوَاعِدُ الْفِقْهِيَّةُ فِي الضَّمَانِ:</span></p>الْقَوَاعِدُ فِي الضَّمَانِ كَثِيرَةٌ، نُشِيرُ إِلَى<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) كشاف القناع 4 / 168.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حاشية القليوبي على شرح المحلي على المنهاج 3 / 20.</p><font color=#ff0000>(3)</font> الشرح الكبير في ذيل المغني 5 / 366 و 367.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٦١)</span><hr/></div>أَهَمِّهَا، بِاخْتِصَارٍ فِي التَّعْرِيفِ بِهَا، وَالتَّمْثِيل لَهَا، كُلَّمَا دَعَتِ الْحَاجَةُ، مُرَتَّبَةً بِحَسَبِ أَوَائِل حُرُوفِهَا:</p> </p>‌<span class="title">‌الْقَاعِدَةُ الأُْولَى: " الأَْجْرُ وَالضَّمَانُ لَا يَجْتَمِعَانِ </span>(1) ":</p><font color=#ff0000>71 -</font> الأَْجْرُ هُوَ: بَدَل الْمَنْفَعَةِ. وَالضَّمَانُ - هُنَا - هُوَ: الاِلْتِزَامُ بِقِيمَةِ الْعَيْنِ الْمُنْتَفَعِ بِهَا، هَلَكَتْ أَوْ لَمْ تَهْلَكْ، وَهَذِهِ الْقَاعِدَةُ مِنْ قَوَاعِدِ الْحَنَفِيَّةِ، الْمُتَّصِلَةِ بِرَأْيِهِمْ فِي عَدَمِ ضَمَانِ مَنَافِعِ الْمَغْصُوبِ، خِلَافًا لِلْجُمْهُورِ.</p>فَلَوِ اسْتَأْجَرَ دَابَّةً أَوْ سَيَّارَةً، لِحَمْل شَيْءٍ مُعَيَّنٍ، فَحَمَّلَهَا شَيْئًا آخَرَ أَوْ أَثْقَل مِنْهُ بِخِلَافِ جِنْسِهِ، كَأَنْ حَمَل مَكَانَ الْقُطْنِ حَدِيدًا فَتَلِفَتْ، ضَمِنَ قِيمَتَهَا، وَلَا أَجْرَ عَلَيْهِ، لأَِنَّهَا هَلَكَتْ بِغَيْرِ الْمَأْذُونِ فِيهِ.</p>وَكَذَا لَوِ اسْتَأْجَرَهَا، لِيَرْكَبَهَا إِلَى مَكَانٍ مُعَيَّنٍ، فَذَهَبَ بِهَا إِلَى مَكَانٍ آخَرَ فَهَلَكَتْ، ضَمِنَ قِيمَتَهَا، وَلَا أَجْرَ عَلَيْهِ، لأَِنَّ الأَْجْرَ وَالضَّمَانَ لَا يَجْتَمِعَانِ، عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ (2) .</p>لَكِنِ الْقَاعِدَةُ مَشْرُوطَةٌ عِنْدَهُمْ، بِعَدَمِ اسْتِقْرَارِ الأَْجْرِ فِي ذِمَّةِ الضَّامِنِ، كَمَا لَوِ اسْتَوْفَى مَنْفَعَةَ الدَّابَّةِ - مَثَلاً - فِعْلاً، ثُمَّ تَجَاوَزَ فَصَارَ غَاصِبًا، وَضَمِنَ، يَلْزَمُهُ أَجْرُ مَا سَمَّى<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المادة ص 85 من المجلة.</p><font color=#ff0000>(2)</font> تبيين الحقائق 5 / 118، والبدائع 4 / 213.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٦٢)</span><hr/></div>عِنْدَهُمْ، إِذَا سَلِمَتِ الدَّابَّةُ وَلَمْ تَهْلَكْ (1) .</p>وَالْجُمْهُورُ يُوجِبُونَ الأَْجْرَ كُلَّمَا كَانَ لِلْمَغْصُوبِ أَجْرٌ، لأَِنَّ الْمَنَافِعَ مُتَقَوِّمَةٌ كَالأَْعْيَانِ، فَإِذَا تَلِفَتْ أَوْ أَتْلَفَهَا فَقَدْ أَتْلَفَ مُتَقَوِّمًا، فَوَجَبَ ضَمَانُهُ كَالأَْعْيَانِ (2) وَإِذَا ذَهَبَ بَعْضُ أَجْزَاءِ الْمَغْصُوبِ فِي مُدَّةِ الْغَصْبِ، وَجَبَ مَعَ الأُْجْرَةِ أَرْشُ نَقْصِهِ لاِنْفِرَادِ كُلٍّ بِإِيجَابٍ (3) .</p>وَلِلْمَالِكِيَّةِ أَقْوَالٌ: وَافَقُوا فِي بَعْضِهَا الْحَنَفِيَّةَ، وَفِي بَعْضِهَا الْجُمْهُورَ وَانْفَرَدُوا بِتَفْصِيلٍ فِي بَعْضِهَا (4) .</p> </p>‌<span class="title">‌الْقَاعِدَةُ الثَّانِيَةُ: " إِذَا اجْتَمَعَ الْمُبَاشِرُ وَالْمُتَسَبِّبُ يُضَافُ الْحُكْمُ إِلَى الْمُبَاشِرِ </span>(5) .</p><font color=#ff0000>72 -</font> الْمُبَاشِرُ لِلْفِعْل: هُوَ الْفَاعِل لَهُ بِالذَّاتِ، وَالْمُتَسَبِّبُ هُوَ الْمُفْضِي وَالْمُوَصِّل إِلَى وُقُوعِهِ، وَيَتَخَلَّل بَيْنَ فِعْلِهِ وَبَيْنَ الأَْثَرِ الْمُتَرَتِّبِ عَلَيْهِ فِعْل فَاعِلٍ مُخْتَارٍ، وَالْمُبَاشِرُ يَحْصُل الأَْثَرُ بِفِعْلِهِ مِنْ غَيْرِ تَخَلُّل فِعْل فَاعِلٍ مُخْتَارٍ.</p>وَإِنَّمَا قُدِّمَ الْمُبَاشِرُ لأَِنَّهُ أَقْرَبُ لإِِضَافَةِ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) جامع الفصولين 2 / 117.</p><font color=#ff0000>(2)</font> شرح المحلي على المنهاج 3 / 33، والمغني 5 / 435، وكشاف القناع 4 / 111.</p><font color=#ff0000>(3)</font> كشاف القناع 4 / 111 بتصرف.</p><font color=#ff0000>(4)</font> القوانين الفقهية (217) .</p><font color=#ff0000>(5)</font> المادة (89) من المجلة.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٦٢)</span><hr/></div>الْحُكْمِ إِلَيْهِ مِنَ الْمُتَسَبِّبِ، قَال خَلِيلٌ: وَقُدِّمَ عَلَيْهِ الْمُرْدِي (1) فَلَوْ حَفَرَ رَجُلٌ بِئْرًا فِي الطَّرِيقِ الْعَامِّ، بِغَيْرِ إِذْنٍ مِنْ وَلِيِّ الأَْمْرِ، فَأَلْقَى شَخْصٌ حَيَوَانَ غَيْرِهِ فِي تِلْكَ الْبِئْرِ، ضَمِنَ الَّذِي أَلْقَى الْحَيَوَانَ، لأَِنَّهُ الْعِلَّةُ الْمُؤَثِّرَةُ، دُونَ حَافِرِ الْبِئْرِ، لأَِنَّ التَّلَفَ لَمْ يَحْصُل بِفِعْلِهِ.</p>وَلَوْ وَقَعَ الْحَيَوَانُ فِيهِ بِغَيْرِ فِعْل أَحَدٍ، ضَمِنَ الْحَافِرُ، لِتَسَبُّبِهِ بِتَعَدِّيهِ بِالْحَفْرِ بِغَيْرِ إِذْنٍ.</p>وَكَذَلِكَ لَوْ دَل سَارِقًا عَلَى مَتَاعٍ، فَسَرَقَهُ الْمَدْلُول، ضَمِنَ السَّارِقُ لَا الدَّال.</p>وَلِذَا لَوْ دَفَعَ إِلَى صَبِيٍّ سِكِّينًا، فَوَجَأَ بِهِ نَفْسَهُ، لَا يَضْمَنُ الدَّافِعُ، لِتَخَلُّل فِعْل فَاعِلٍ مُخْتَارٍ. وَلَوْ وَقَعَ السِّكِّينُ عَلَى رِجْل الصَّبِيِّ فَجَرَحَهَا ضَمِنَ الدَّافِعُ (2) .</p> </p>‌<span class="title">‌الْقَاعِدَةُ الثَّالِثَةُ:" الاِضْطِرَارُ لَا يُبْطِل حَقَّ الْغَيْرِ </span>(3) ".</p><font color=#ff0000>73 -</font> تَطَّرِدُ هَذِهِ الْقَاعِدَةُ سَوَاءٌ أَكَانَ الاِضْطِرَارُ فِطْرِيًّا كَالْجُوعِ، أَمْ غَيْرَ فِطْرِيٍّ كَالإِْكْرَاهِ، فَإِنَّهُ يَسْقُطُ الإِْثْمُ، وَعُقُوبَةُ التَّجَاوُزِ، أَمَّا حَقُّ الآْخَرِينَ فَلَا يَتَأَثَّرُ بِالاِضْطِرَارِ، وَيَبْقَى الْمَال<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الشرح الكبير للدردير بحاشية الدسوقي 3 / 444.</p><font color=#ff0000>(2)</font> جامع الفصولين 2 / 81 ومجمع الضمانات (136) .</p><font color=#ff0000>(3)</font> المادة (33) من المجلة.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٦٣)</span><hr/></div>مَضْمُونًا بِالْمِثْل إِنْ كَانَ مِثْلِيًّا، وَالْقِيمَةِ إِنْ كَانَ قِيَمِيًّا. فَلَوِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ إِلَى أَكْل طَعَامِ غَيْرِهِ، جَازَ لَهُ أَكْلُهُ، وَضَمِنَ قِيمَتَهُ، لِعَدَمِ إِذْنِ الْمَالِكِ، وَإِنَّمَا الَّذِي وُجِدَ هُوَ إِذْنُ الشَّرْعِ الَّذِي أَسْقَطَ الْعُقُوبَةَ فَقَطْ (1) .</p> </p>‌<span class="title">‌الْقَاعِدَةُ الرَّابِعَةُ:" الأَْمْرُ بِالتَّصَرُّفِ فِي مِلْكِ الْغَيْرِ بَاطِلٌ </span>(2) ".</p><font color=#ff0000>74 -</font> الأَْمْرُ: هُوَ طَلَبُ الْفِعْل جَزْمًا، فَإِذَا أَمَرَ شَخْصٌ غَيْرَهُ بِأَخْذِ مَال شَخْصٍ آخَرَ أَوْ بِإِتْلَافِهِ عَلَيْهِ فَلَا عِبْرَةَ بِهَذَا الأَْمْرِ، وَيَضْمَنُ الْفَاعِل.</p>وَهَذِهِ الْقَاعِدَةُ مُقَيَّدَةٌ:</p>بِأَنْ يَكُونَ الْمَأْمُورُ عَاقِلاً بَالِغًا، فَإِذَا كَانَ صَغِيرًا، كَانَ الضَّمَانُ عَلَى الآْمِرِ. وَأَنْ لَا يَكُونَ الآْمِرُ ذَا وِلَايَةٍ وَسُلْطَانٍ عَلَى الْمَأْمُورِ.</p>فَلَوْ كَانَ الآْمِرُ هُوَ السُّلْطَانَ أَوِ الْوَالِدَ، كَانَ الضَّمَانُ عَلَيْهِمَا (3) .</p> </p>‌<span class="title">‌الْقَاعِدَةُ الْخَامِسَةُ:" جِنَايَةُ الْعَجْمَاءِ جُبَارٌ </span>".</p><font color=#ff0000>75 -</font> هَذِهِ الْقَاعِدَةُ مُقْتَبَسَةٌ مِنْ حَدِيثٍ شَرِيفٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ أَنَّ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَال: الْعَجْمَاءُ جُرْحُهَا<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) البدائع 7 / 179، وشرح الزرقاني 3 / 29، والقواعد لابن رجب (36 و 286) .</p><font color=#ff0000>(2)</font> المادة (95) من المجلة.</p><font color=#ff0000>(3)</font> جامع الفصولين 2 / 78.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٦٣)</span><hr/></div>جُبَارٌ (1) وَالْعَجْمَاءُ: الْبَهِيمَةُ، لأَِنَّهَا لَا تُفْصِحُ، وَمَعْنَى جُبَارٌ: أَنَّهُ هَدَرٌ وَبَاطِلٌ.</p>وَالْمُرَادُ أَنَّهَا إِذَا كَانَتْ مُسَيَّبَةً حَيْثُ تُسَيَّبُ الْحَيَوَانَاتُ، وَلَا يَدَ عَلَيْهَا، أَمَّا لَوْ كَانَ مَعَهَا رَاكِبٌ فَيَضْمَنُ، فَلَوِ اصْطَادَتْ هِرَّتُهُ طَائِرًا لِغَيْرِهِ لَمْ يَضْمَنْ (2) .</p>وَفِي الْمَسْأَلَةِ تَفْصِيلٌ وَخِلَافٌ يَأْتِي فِي ضَمَانِ جِنَايَةِ الْحَيَوَانِ.</p> </p>‌<span class="title">‌الْقَاعِدَةُ السَّادِسَةُ:" الْجَوَازُ الشَّرْعِيُّ يُنَافِي الضَّمَانَ </span>(3) ".</p><font color=#ff0000>76 -</font> يَعْنِي إِذَا تَرَتَّبَ عَلَى الْفِعْل الْجَائِزِ الْمُبَاحِ شَرْعًا، ضَرَرٌ لِلآْخَرِينَ، لَا يُضْمَنُ الضَّرَرُ. فَلَوْ حَفَرَ حُفْرَةً فِي مِلْكِهِ، أَوْ فِي الطَّرِيقِ، بِإِذْنِ الْحَاكِمِ، فَتَرَدَّى فِيهَا حَيَوَانٌ أَوْ إِنْسَانٌ، لَا يَضْمَنُ الْحَافِرُ شَيْئًا. وَهَذَا مُقَيَّدٌ بِشَرْطَيْنِ:</p><font color=#ff0000>1 -</font> أَنْ لَا يَكُونَ الْمُبَاحُ مُقَيَّدًا بِشَرْطِ السَّلَامَةِ، فَيَضْمَنُ - مَثَلاً - رَاكِبُ السَّيَّارَةِ وَقَائِدُ الدَّابَّةِ أَوْ رَاكِبُهَا فِي الطَّرِيقِ (4) .</p><font color=#ff0000>2 -</font> أَنْ لَا يَكُونَ فِي الْمُبَاحِ إِتْلَافُ الآْخَرِينَ وَإِلَاّ كَانَ مَضْمُونًا.<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حديث:" العجماء جرحها جبار ". أخرجه البخاري (12 / 254) ومسلم (3 / 1334) .</p><font color=#ff0000>(2)</font> مجمع الضانات (185) وجامع الفصولين 2 / 85.</p><font color=#ff0000>(3)</font> المادة (90) من المجلة.</p><font color=#ff0000>(4)</font> الدر المختار 5 / 386.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٦٤)</span><hr/></div>فَيَضْمَنُ مَا يُتْلِفُهُ مِنْ مَال غَيْرِهِ لِلْمَخْمَصَةِ، مَعَ أَنَّ أَكْلَهُ لأَِجْلِهَا جَائِزٌ، بَل وَاجِبٌ (1) .</p> </p>‌<span class="title">‌الْقَاعِدَةُ السَّابِعَةُ: الْخَرَاجُ بِالضَّمَانِ </span>(2)</p><font color=#ff0000>77 -</font> الْخَرَاجُ: هُوَ غَلَّةُ الشَّيْءِ وَمَنْفَعَتُهُ، إِذَا كَانَتْ مُنْفَصِلَةً عَنْهُ، غَيْرَ مُتَوَلِّدَةٍ مِنْهُ. كَسُكْنَى الدَّارِ، وَأُجْرَةِ الدَّابَّةِ.</p>وَالضَّمَانُ: هُوَ التَّعْوِيضُ الْمَالِيُّ عَنِ الضَّرَرِ الْمَادِّيِّ.</p>وَالْمَعْنَى: أَنَّ مَنَافِعَ الشَّيْءِ يَسْتَحِقُّهَا مَنْ يَلْزَمُهُ ضَمَانُهُ لَوْ هَلَكَ، فَتَكُونُ الْمَنْفَعَةُ فِي مُقَابِل تَحَمُّل خَسَارَةِ هَلَاكِهِ، فَمَا لَمْ يَدْخُل فِي ضَمَانِهِ لَا يَسْتَحِقُّ مَنَافِعَهُ (3) وَقَدْ نَهَى رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ رِبْحِ مَا لَمْ يُضْمَنْ (4) .</p> </p>‌<span class="title">‌الْقَاعِدَةُ الثَّامِنَةُ: الْغُرْمُ بِالْغُنْمِ </span>(5) .</p><font color=#ff0000>78 -</font> هَذِهِ الْقَاعِدَةُ مَعْنَاهَا أَنَّ التَّكَلُّفَاتِ وَالْغَرَامَاتِ الَّتِي تَتَرَتَّبُ عَلَى الشَّيْءِ، تَجِبُ عَلَى مَنِ اسْتَفَادَ مِنْهُ وَانْتَفَعَ بِهِ، مِثَال ذَلِكَ:<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) درر الحكام 2 / 109 - 111، ومجمع الضمانات (149) وجامع الفصولين 2 / 88.</p><font color=#ff0000>(2)</font> المادة (85) من المجلة.</p><font color=#ff0000>(3)</font> القوانين الفقهية، ص 217 (والأشباه والنظائر لابن نجيم 151، 152، وانظر فروعا أخرى مماثلة في جامع الفصولين 2 / 118 - 120) .</p><font color=#ff0000>(4)</font> حديث: " نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ربح ما لم يضمن ". أخرجه أحمد (2 / 174 - 175) من حديث عبد الله بن عمرو، وإسناده حسن.</p><font color=#ff0000>(5)</font> المادة (87) من المجلة.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٦٤)</span><hr/></div><font color=#ff0000>1 -</font> نَفَقَةُ رَدِّ الْعَارِيَّةِ عَلَى الْمُسْتَعِيرِ، لأَِنَّهُ هُوَ الَّذِي انْتَفَعَ بِهَا.</p><font color=#ff0000>2 -</font> وَنَفَقَةُ رَدِّ الْوَدِيعَةِ عَلَى الْمُودِعِ، لأَِنَّهُ هُوَ الَّذِي اسْتَفَادَ مِنْ حِفْظِهَا.</p><font color=#ff0000>3 -</font> وَأُجْرَةِ كِتَابَةِ عَقْدِ الْمِلْكِيَّةِ عَلَى الْمُشْتَرِي، لأَِنَّهَا تَوْثِيقٌ لاِنْتِقَال الْمِلْكِيَّةِ إِلَيْهِ، وَهُوَ الْمُسْتَفِيدُ مِنْ ذَلِكَ.</p> </p>‌<span class="title">‌الْقَاعِدَةُ التَّاسِعَةُ:" لَا يَجُوزُ لأَِحَدٍ أَخْذُ مَال أَحَدٍ بِلَا سَبَبٍ شَرْعِيٍّ </span>(1) ".</p><font color=#ff0000>79 -</font> هَذِهِ الْقَاعِدَةُ مَأْخُوذَةٌ مِنْ حَدِيثِ: عَلَى الْيَدِ مَا أَخَذَتْ حَتَّى تُؤَدِّيَهُ (2) .</p>فَيَحْرُمُ أَخْذُ أَمْوَال الآْخَرِينَ بِالْبَاطِل كَالْغَصْبِ وَالسَّرِقَةِ وَنَحْوِهِمَا.</p> </p>‌<span class="title">‌أَحْكَامُ الضَّمَانِ:</span></p>أَحْكَامُ الضَّمَانِ - بِوَجْهٍ عَامٍّ - تُقَسَّمُ إِلَى هَذِهِ الأَْقْسَامِ.</p><font color=#ff0000>1 -</font> ضَمَانُ الدِّمَاءِ (الأَْنْفُسِ وَالْجِرَاحِ) .</p><font color=#ff0000>2 -</font> ضَمَانُ الْعُقُودِ.</p><font color=#ff0000>3 -</font> ضَمَانُ الأَْفْعَال الضَّارَّةِ بِالأَْمْوَال، كَالإِْتْلَافَاتِ، وَالْغُصُوبِ.</p>وَحَيْثُ تَقَدَّمَ الْقَوْل فِي ضَمَانِ الْعُقُودِ فِي أَنْوَاعِ الضَّمَانِ وَمَحَلِّهِ، فَنَقْصِرُ الْقَوْل عَلَى<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المادة (87) من المجلة.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حديث:" على اليد ما أخذت حتى تؤديه ". تقدم تخريجه في 6.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٦٥)</span><hr/></div>ضَمَانِ الدِّمَاءِ، وَضَمَانِ الأَْفْعَال الضَّارَّةِ بِالأَْمْوَال.</p> </p>‌<span class="title">‌ضَمَانُ الدِّمَاءِ (الأَْنْفُسِ وَالْجِرَاحِ)</span></p><font color=#ff0000>80 -</font> ضَمَانُ الدِّمَاءِ أَوِ الأَْنْفُسِ هُوَ: الْجَزَاءُ الْمُتَرَتِّبُ عَلَى الضَّرَرِ الْوَاقِعِ عَلَى النَّفْسِ فَمَا دُونَهَا.</p>وَيَشْمَل الْقِصَاصَ وَالْحُدُودَ، وَهِيَ مُقَدَّرَةٌ، كَمَا يَشْمَل التَّعْزِيرُ حُكُومَةَ الْعَدْل وَهِيَ غَيْرُ مُقَدَّرَةٍ مِنْ جِهَةِ الشَّارِعِ.</p> </p>وَيُقَسَّمُ الضَّمَانُ - بِحَسَبِ الْجِنَايَةِ - إِلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ:</p><font color=#ff0000>1 -</font> ضَمَانُ الْجِنَايَةِ عَلَى النَّفْسِ.</p><font color=#ff0000>2 -</font> ضَمَانُ الْجِنَايَةِ عَلَى مَا دُونَ النَّفْسِ، مِنَ الأَْطْرَافِ وَالْجِرَاحِ.</p><font color=#ff0000>3 -</font> ضَمَانُ الْجِنَايَةِ عَلَى الْجَنِينِ، وَهِيَ: الإِْجْهَاضُ. وَبَيَانُ ذَلِكَ فِيمَا يَلِي:</p> </p>‌<span class="title">‌أَوَّلاً: ضَمَانُ الْجِنَايَةِ عَلَى النَّفْسِ:</span></p>يَتَمَثَّل فِيمَا يَلِي، بِاعْتِبَارِ أَنْوَاعِهَا:</p> </p>‌<span class="title">‌الْقَتْل الْعَمْدُ:</span></p><font color=#ff0000>81 -</font> الْقَتْل الْعَمْدُ، إِذَا تَحَقَّقَتْ شُرُوطُهُ، فَضَمَانُهُ بِالْقِصَاصِ.</p>(ر: مُصْطَلَح: قَتْل، قِصَاص) .</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٦٥)</span><hr/></div>وَأَوْجَبَ الشَّافِعِيَّةُ وَآخَرُونَ الْكَفَّارَةَ فِيهِ أَيْضًا (1) .</p>فَإِنِ امْتَنَعَ الْقِصَاصُ، أَوْ تَعَذَّرَ أَوْ صَالَحَ عَنْهُ، كَانَ الضَّمَانُ بِالدِّيَةِ أَوْ بِمَا صُولِحَ عَنْهُ (ر: مُصْطَلَح: دِيَات) .</p>وَيُوجِبُ الْمَالِكِيَّةُ حِينَئِذٍ التَّعْزِيرَ، كَمَا يُوجِبُونَ فِي الْقَتْل غِيلَةً - الْقَتْل عَلَى وَجْهِ الْمُخَادِعَةِ وَالْحِيلَةِ - قَتْل الْقَاتِل تَعْزِيرًا، إِنْ عَفَا عَنْهُ أَوْلِيَاءُ الْمَقْتُول (2) .</p>كَمَا يُحْرَمُ الْقَاتِل مِنْ مِيرَاثِ الْمَقْتُول وَوَصِيَّتِهِ.</p> </p>‌<span class="title">‌الْقَتْل الشَّبِيهُ بِالْعَمْدِ:</span></p><font color=#ff0000>82 -</font> هُوَ: الْقَتْل بِمَا لَا يَقْتُل فِي الْغَالِبِ - عِنْدَ الْجُمْهُورِ - وَبِالْمُثْقَلَاتِ كَذَلِكَ - عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ، مِنْ غَيْرِ الْحَدِيدِ وَالْمَعْدِنِ - وَإِنْ كَانَ الْمَالِكِيَّةُ يَرَوْنَ هَذَا مِنَ الْعَمْدِ (3) .</p>وَهُوَ مَضْمُونٌ بِالدِّيَةِ الْمُغَلَّظَةِ فِي الْحَدِيثِ: أَلَا وَإِنَّ قَتِيل الْخَطَأِ شِبْهِ الْعَمْدِ، مَا كَانَ بِالسَّوْطِ وَالْعَصَا، مِائَةٌ مِنَ الإِْبِل، أَرْبَعُونَ فِي بُطُونِهَا أَوْلَادُهَا (4) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) شرح المحلي على المنهاج 4 / 162.</p><font color=#ff0000>(2)</font> القوانين الفقهية ص 227.</p><font color=#ff0000>(3)</font> الهداية وشروحها 8 / 144 و 145، وشرح الخرشي 8 / 7 - (ط: دار صادر في بيروت) ، والقوانين الفقهية ص 226 وكفاية الأخيار 2 / 98، وكشاف القناع 5 / 512.</p><font color=#ff0000>(4)</font> حديث:" ألا وإن قتيل الخطأ شبه العمد ". أخرجه النسائي (8 / 41) من حديث ابن مسعود، وصححه ابن القطان كما في التلخيص لابن حجر (4 / 15)</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٦٦)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌الْقَتْل الْخَطَأُ:</span></p><font color=#ff0000>83 -</font> وَهُوَ مَضْمُونٌ بِالدِّيَةِ عَلَى الْعَاقِلَةِ اتِّفَاقًا بِالنَّصِّ الْكَرِيمِ، وَفِيهِ كَذَلِكَ الْكَفَّارَةُ وَالْحِرْمَانُ مِنَ الإِْرْثِ وَالْوَصِيَّةِ وَهَذَا لِعُمُومِ النَّصِّ (1) .</p>وَالضَّمَانُ كَذَلِكَ فِي الْقَتْل الشَّبِيهِ بِالْخَطَأِ فِي اصْطِلَاحِ الْحَنَفِيَّةِ، وَيَتَمَثَّل بِانْقِلَابِ النَّائِمِ عَلَى شَخْصٍ فَيَقْتُلُهُ، أَوِ انْقِلَابِ الأُْمِّ عَلَى رَضِيعِهَا فَيَمُوتُ بِذَلِكَ.</p> </p>‌<span class="title">‌الْقَتْل بِسَبَبٍ:</span></p><font color=#ff0000>84 -</font> قَال بِهِ الْحَنَفِيَّةُ، وَيَتَمَثَّل بِمَا لَوْ حَفَرَ حُفْرَةً فِي الطَّرِيقِ، فَتَرَدَّى فِيهَا إِنْسَانٌ فَمَاتَ.</p>وَهُوَ مَضْمُونٌ بِالدِّيَةِ فَقَطْ، عِنْدَهُمْ، فَلَا كَفَّارَةَ فِيهِ، وَلَا حِرْمَانَ، لاِنْعِدَامِ الْقَتْل فِيهِ حَقِيقَةً، وَإِنَّمَا أَوْجَبُوا الدِّيَةَ صَوْنًا لِلدِّمَاءِ عَنِ الْهَدَرِ (2) .</p>وَالْجُمْهُورُ مِنَ الْفُقَهَاءِ، يُلْحِقُونَ هَذَا النَّوْعَ مِنَ الْقَتْل بِالْخَطَأِ فِي أَحْكَامِهِ، دِيَةً،<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الهداية وشرح الكفاية 9 / 148 والدر المختار ورد المحتار 5 / 342، وحاشية العدوي على شرح الخرشي 8 / 49، وانظر في هذه الأحكام: القوانين الفقهية (228) وبداية المجتهد 2 / 511، وكفاية الطالب شرح رسالة ابن أبي زيد القيرواني، بحاشية العدوي 2 / 286، وكفاية الأخيار 2 / 97، 98، والروض المربع (375) .</p><font color=#ff0000>(2)</font> الكفاية شرح الهداية 9 / 148، والدر المختار ورد المحتار 5 / 342، البدائع 7 / 274.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٦٦)</span><hr/></div>وَكَفَّارَةً، وَحِرْمَانًا، لأَِنَّ الشَّارِعَ أَنْزَلَهُ مَنْزِلَةَ الْقَاتِل (1) .</p>(وَلِلتَّفْصِيل ر: مُصْطَلَح: قَتْل وَدِيَات وَجِنَايَة) .</p> </p>‌<span class="title">‌ثَانِيًا: ضَمَانُ الْجِنَايَةِ عَلَى مَا دُونَ النَّفْسِ:</span></p>وَتَتَحَقَّقُ فِي الأَْطْرَافِ، وَالْجِرَاحِ فِي غَيْرِ الرَّأْسِ، وَفِي الشِّجَاجِ.</p> </p><font color=#ff0000>85 -</font> أ -‌<span class="title">‌ أَمَّا الأَْطْرَافُ:</span></p>فَحُدِّدَتْ عُقُوبَتُهَا بِالْقِصَاصِ بِالنَّصِّ، فِي قَوْله تَعَالَى:{وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالأَْنْفَ بِالأَْنْفِ وَالأُْذُنَ بِالأُْذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ (2) } .</p>وَزَادَ مَالِكٌ عَلَى ذَلِكَ التَّعْزِيرَ بِالتَّأْدِيبِ، لِيَتَنَاهَى النَّاسُ (3) .</p>فَإِذَا امْتَنَعَ الْقِصَاصُ، بِسَبَبِ الْعَفْوِ أَوِ الصُّلْحِ أَوْ لِتَعَذُّرِ الْمُمَاثَلَةِ، كَانَ الضَّمَانُ بِالدِّيَةِ وَالأَْرْشِ، وَهُوَ: اسْمٌ لِلْوَاجِبِ مِنَ الْمَال فِيمَا دُونَ النَّفْسِ (4) .</p>(ر: جِنَايَةٌ عَلَى مَا دُونَ النَّفْسِ) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) القوانين الفقهية (228) وشرح الخرشي 8 / 49، وشرح المنهج بحاشية الجمل 5 / 102 وشرح المحلي على المنهاج بحاشية القليوبي 4 / 162، والمغني بالشرح الكبير 10 / 37 و 7 / 161 و 162، والروض المربع (382) .</p><font color=#ff0000>(2)</font> سورة المائدة / 45.</p><font color=#ff0000>(3)</font> مواهب الجليل 6 / 247.</p><font color=#ff0000>(4)</font> الدر المختار 5 / 368.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٦٧)</span><hr/></div><font color=#ff0000>86 -</font> ب -‌<span class="title">‌ وَأَمَّا الْجِرَاحُ</span></p>فَخَاصَّةٌ بِمَا كَانَ فِي غَيْرِ الرَّأْسِ، فَإِذَا كَانَتْ جَائِفَةً، أَيْ بَالِغَةَ الْجَوْفِ، فَلَا قِصَاصَ فِيهَا اتِّفَاقًا، خَشْيَةَ الْمَوْتِ.</p>وَإِذَا كَانَتْ غَيْرَ جَائِفَةٍ، فَفِيهَا الْقِصَاصُ عِنْدَ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ فِي الْجُمْلَةِ خِلَافًا لِلْحَنَفِيَّةِ الَّذِينَ مَنَعُوا الْقِصَاصَ فِيهَا مُطْلَقًا لِتَعَذُّرِ الْمُمَاثَلَةِ (1) .</p>فَإِنِ امْتَنَعَ الْقِصَاصُ فِي الْجِرَاحِ، وَجَبَتِ الدِّيَةُ:</p>فَفِي الْجَائِفَةِ يَجِبُ ثُلُثُ الدِّيَةِ، لِحَدِيثِ: فِي الْجَائِفَةِ ثُلُثُ الْعَقْل (2) .</p>وَفِي غَيْرِ الْجَائِفَةِ حُكُومَةُ عَدْلٍ، وَفُسِّرَتْ بِأَنَّهَا أُجْرَةُ الطَّبِيبِ وَثَمَنُ الأَْدْوِيَةِ (3) .</p>وَلِلتَّفْصِيل رَاجِعْ مُصْطَلَحَ:(جِرَاح، وَحُكُومَةُ عَدْلٍ) .</p> </p><font color=#ff0000>87 -</font> ج -‌<span class="title">‌ وَأَمَّا الشِّجَاجُ</span>، وَهِيَ مَا يَكُونُ مِنَ الْجِرَاحِ فِي الْوَجْهِ وَالرَّأْسِ (4) فَإِنْ تَعَذَّرَ الْقِصَاصُ فِيهَا:<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) بدائع الصنائع 7 / 296، والدر المختار 5 / 376، وتبيين الحقائق 6 / 117 والقوانين الفقهية (230) وجواهر الإكليل 2 / 259، الإقناع بحاشية البجيرمي 4 / 112، والوجيز 2 / 141، والمغني بالشرح الكبير 9 / 410، 411.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حديث:" في الجائفة ثلث العقل ". أخرجه أحمد (2 / 217) من حديث عبد الله بن عمرو، وإسناده حسن.</p><font color=#ff0000>(3)</font> الدر المختار 5 / 376.</p><font color=#ff0000>(4)</font> الدر المختار 5 / 372.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٦٧)</span><hr/></div>فَفِيهِ الأَْرْشُ مُقَدَّرًا، كَمَا فِي الْمُوضِحَةِ، لِحَدِيثِ قَضَى رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي الْمُوضِحَةِ، خَمْسٌ مِنَ الإِْبِل (1) .</p>وَقَدْ يَكُونُ غَيْرَ مُقَدَّرٍ، فَتَجِبُ الْحُكُومَةُ. وَمَذْهَبُ الْجُمْهُورِ: أَنَّ مَا دُونَ الْمُوضِحَةِ، لَيْسَ فِيهِ أَرْشٌ مُقَدَّرٌ، لِمَا رُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لَمْ يَقْضِ فِيمَا دُونَ الْمُوضِحَةِ بِشَيْءٍ (2) . فَتَجِبُ فِيهِ الْحُكُومَةُ.</p>وَمَذْهَبُ أَحْمَدَ أَنَّهُ وَرَدَ التَّقْدِيرُ فِي أَرْشِ الْمُوضِحَةِ، وَفِيمَا دُونَهَا، كَمَا وَرَدَ فِيمَا فَوْقَهَا فَيُعْمَل بِهِ (3) .</p>لِلتَّفْصِيل:(ر: مُصْطَلَحَ: شِجَاج، دِيَات، حُكُومَةُ عَدْلٍ) .</p> </p>‌<span class="title">‌ثَالِثًا: ضَمَانُ الْجِنَايَةِ عَلَى الْجَنِينِ:</span></p><font color=#ff0000>88 -</font> وَهِيَ الإِْجْهَاضُ، فَإِذَا سَقَطَ الْجَنِينُ مَيِّتًا بِشُرُوطِهِ، فَضَمَانُهُ بِالْغُرَّةِ اتِّفَاقًا، لِحَدِيثِ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حديث:" قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم في الموضحة خمس من الإبل ". أخرجه النسائي (8 / 58 - 59) ضمن حديث طويل، وخرجه ابن حجر في التلخيص (4 / 17 - 18) وتكلم على أسانيده، ونقل تصحيحه عن جمع من العلماء.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حديث:" أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يقض فيما دون الموضحة بشيء ". أخرجه عبد الرزاق (9 / 306) من حديث عمر بن عبد العزيز مرسلا.</p><font color=#ff0000>(3)</font> البدائع 7 / 309، والدر المختار ورد المحتار 5 / 372، وتبيين الحقائق 6 / 132، 133، والقوانين الفقهية (230) وبداية المجتهد 2 / 512، 514، وشرح المحلي على المنهاج 4 / 133 وما بعدها والشرح الكبير مع المغني 9 / 461 وما بعدها و 621 وما بعدها.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٦٨)</span><hr/></div>أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَضَى فِي جَنِينِ امْرَأَةٍ مِنْ بَنِي لِحْيَانَ، بِغُرَّةِ عَبْدٍ أَوْ أَمَةٍ (1) .</p>وَتَجِبُ عِنْدَ الْجُمْهُورِ فِي مَال الْعَاقِلَةِ خِلَافًا لِلْمَالِكِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ الَّذِينَ أَوْجَبُوهَا فِي مَال الْجَانِي.</p>وَلَا كَفَّارَةَ فِيهَا عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ، وَإِنَّمَا تُنْدَبُ، وَأَوْجَبَهَا الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ لأَِنَّ الْجَنِينَ آدَمِيٌّ مَعْصُومٌ، وَإِذَا لَمْ تُوجَدِ الرَّقَبَةُ، انْتَقَلَتِ الْعُقُوبَةُ إِلَى بَدَلِهَا مَالاً، وَهُوَ: نِصْفُ عُشْرِ دِيَةِ الرَّجُل، وَعُشْرُ دِيَةِ الْمَرْأَةِ (2) .</p>(ر: جَنِين، غُرَّة) .</p> </p>‌<span class="title">‌ضَمَانُ الأَْفْعَال الضَّارَّةِ بِالأَْمْوَال:</span></p><font color=#ff0000>89 -</font> تَتَمَثَّل الأَْفْعَال الضَّارَّةُ بِالأَْمْوَال فِي الإِْتْلَافَاتِ الْمَالِيَّةِ، وَالْغُصُوبِ، وَنَحْوِهَا.</p>وَلِضَمَانِ هَذَا النَّوْعِ مِنَ الأَْفْعَال الضَّارَّةِ، أَحْكَامٌ عَامَّةٌ، وَأَحْكَامٌ خَاصَّةٌ:<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حديث أبي هريرة: " أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى في جنين امرأة ". أخرجه البخاري (12 / 252) ومسلم (3 / 1309) .</p><font color=#ff0000>(2)</font> بدائع الصنائع 7 / 326 و 327، والدر المختار ورد المحتار 5 / 377 و 378، والقوانين الفقهية (228) وبداية المجتهد 2 / 508، 509 وجواهر الإكليل 2 / 266 و 272، وشرح ابن أبي زيد القيرواني بحاشية العدوي 2 / 286، وشرح المنهج بحاشية الجمل 5 / 99 وما بعدها، وشرح المحلي بحاشية القليوبي 4 / 159 وما بعدها. والمغني بالشرح الكبير 9 / 550 وما بعدها.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٦٨)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌أَوَّلاً: الأَْحْكَامُ الْعَامَّةُ فِي ضَمَانِ الأَْفْعَال الضَّارَّةِ بِالأَْمْوَال:</span></p><font color=#ff0000>90 -</font> تَقُومُ فِكْرَةُ هَذَا النَّوْعِ مِنَ الضَّمَانِ - خِلَافًا لِمَا تَقَدَّمَ فِي ضَمَانِ الأَْفْعَال الضَّارَّةِ بِالأَْنْفُسِ - عَلَى مَبْدَأِ جَبْرِ الضَّرَرِ الْمَادِّيِّ الْحَائِقِ بِالآْخَرِينَ، أَمَّا فِي تِلْكَ فَهُوَ قَائِمٌ عَلَى مَبْدَأِ زَجْرِ الْجُنَاةِ، وَرَدْعِ غَيْرِهِمْ.</p>وَالتَّعْبِيرُ بِالضَّمَانِ عَنْ جَبْرِ الضَّرَرِ وَإِزَالَتِهِ، هُوَ التَّعْبِيرُ الشَّائِعُ فِي الْفِقْهِ الإِْسْلَامِيِّ، وَعَبَّرَ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ مِنَ الْمُتَأَخِّرِينَ بِالتَّعْوِيضِ، كَمَا فَعَل ابْنُ عَابِدِينَ (1) .</p>وَتَوَسَّعَ الْفُقَهَاءُ فِي هَذَا النَّوْعِ فِي أَنْوَاعِ الضَّمَانِ وَتَفْصِيل أَحْكَامِهِ، حَتَّى أَفْرَدَهُ الْبَغْدَادِيُّ بِالتَّصْنِيفِ فِي كِتَابِهِ:(مَجْمَعِ الضَّمَانَاتِ) .</p>وَمِنْ أَهَمِّ قَوَاعِدِ الضَّمَانِ قَاعِدَةُ: " الضَّرَرُ يُزَال ". وَإِزَالَةُ الضَّرَرِ الْوَاقِعِ عَلَى الأَْمْوَال يَتَحَقَّقُ بِالتَّعْوِيضِ الَّذِي يُجْبَرُ فِيهِ الضَّرَرُ.</p>وَقَدْ عَرَّفَ الْفُقَهَاءُ الضَّمَانَ بِهَذَا الْمَعْنَى، بِأَنَّهُ: رَدُّ مِثْل الْهَالِكِ أَوْ قِيمَتِهِ (2) .</p>وَعَرَّفَهُ الشَّوْكَانِيُّ بِأَنَّهُ: عِبَارَةٌ عَنْ غَرَامَةِ التَّالِفِ (3) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) مجموعة رسائل ابن عابدين 2 / 177 (ط: الآستانة) .</p><font color=#ff0000>(2)</font> غمز عيون البصائر في شرح الأشباه والنظائر للحموي 4 / 6.</p><font color=#ff0000>(3)</font> نيل الأوطار 5 / 299 في شرح أحاديث الوديعة والأمانة وضمان اليد، نقلا عن ضوء النهار.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٦٩)</span><hr/></div>وَكِلَا التَّعْرِيفَيْنِ يَسْتَهْدِفُ إِزَالَةَ الضَّرَرِ، وَإِصْلَاحَ الْخَلَل الَّذِي طَرَأَ عَلَى الْمَضْرُورِ، وَإِعَادَةَ حَالَتِهِ الْمَالِيَّةِ إِلَى مَا كَانَتْ عَلَيْهِ قَبْل وُقُوعِ الضَّرَرِ.</p> </p>‌<span class="title">‌طَرِيقَةُ التَّضْمِينِ:</span></p><font color=#ff0000>91 -</font> الْقَاعِدَةُ الْعَامَّةُ فِي تَضْمِينِ الْمَالِيَّاتِ، هِيَ: مُرَاعَاةُ الْمِثْلِيَّةِ التَّامَّةِ بَيْنَ الضَّرَرِ، وَبَيْنَ الْعِوَضِ، كُلَّمَا أَمْكَنَ، قَال السَّرَخْسِيُّ:" ضَمَانُ الْعُدْوَانِ مُقَدَّرٌ بِالْمِثْل بِالنَّصِّ (1) " يُشِيرُ إِلَى قَوْله تَعَالَى: {وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْل مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ (2) } .</p>وَالْمِثْل وَإِنْ كَانَ بِهِ يَتَحَقَّقُ الْعَدْل، لَكِنَّ الأَْصْل أَنْ يَرُدَّ الشَّيْءَ الْمَالِيَّ الْمُعْتَدَى فِيهِ نَفْسَهُ، كُلَّمَا أَمْكَنَ، مَا دَامَ قَائِمًا مَوْجُودًا، لَمْ يَدْخُلْهُ عَيْبٌ يُنْقِصُ مِنْ مَنْفَعَتِهِ، وَهَذَا الْحَدِيثُ الْحَسَنُ، عَنْ سَمُرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَال: عَلَى الْيَدِ مَا أَخَذَتْ حَتَّى تُؤَدِّيَ (3) .</p>بَل هَذَا هُوَ الْمُوجِبُ الأَْصْلِيُّ فِي الْغَصْبِ، الَّذِي هُوَ أَوَّل صُوَرِ الضَّرَرِ وَأَهَمُّهَا.</p>فَإِذَا تَعَذَّرَ رَدُّ الشَّيْءِ بِعَيْنِهِ، لِهَلَاكِهِ أَوِ اسْتِهْلَاكِهِ أَوْ فَقْدِهِ، وَجَبَ حِينَئِذٍ رَدُّ مِثْلِهِ،<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المبسوط 11 / 79.</p><font color=#ff0000>(2)</font> سورة النحل / 126.</p><font color=#ff0000>(3)</font> حديث:" على اليد ما أخذت حتى تؤدي " تقدم تخريجه ف 6.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٦٩)</span><hr/></div>إِنْ كَانَ مِثْلِيًّا، أَوْ قِيمَتِهِ إِنْ كَانَ قِيمِيًّا.</p>وَالْمِثْلِيُّ هُوَ: مَا لَهُ مِثْلٌ فِي الأَْسْوَاقِ، أَوْ نَظِيرٌ، بِغَيْرِ تَفَاوُتٍ يُعْتَدُّ بِهِ، كَالْمَكِيلَاتِ، وَالْمَوْزُونَاتِ، وَالْمَذْرُوعَاتِ، وَالْعَدَدِيَّاتِ الْمُتَقَارِبَةِ.</p>وَالْقِيمِيُّ هُوَ: مَا لَيْسَ لَهُ مِثْلٌ فِي الأَْسْوَاقِ، أَوْ هُوَ مَا تَتَفَاوَتُ أَفْرَادُهُ، كَالْكُتُبِ الْمَخْطُوطَةِ، وَالثِّيَابِ الْمُفَصَّلَةِ الْمَخِيطَةِ لأَِشْخَاصٍ بِأَعْيَانِهِمْ.</p>وَالْمِثْل أَعْدَل فِي دَفْعِ الضَّرَرِ، لِمَا فِيهِ مِنِ اجْتِمَاعِ الْجِنْسِ وَالْمَالِيَّةِ.</p>وَالْقِيمَةُ تَقُومُ مَقَامَ الْمِثْل، فِي الْمَعْنَى وَالاِعْتِبَارِ الْمَالِيِّ (1) .</p> </p>‌<span class="title">‌وَقْتُ تَقْدِيرِ التَّضْمِينِ:</span></p><font color=#ff0000>92 -</font> تَنَاوَل الْفُقَهَاءُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ، فِي الْمَغْصُوبِ - عَلَى التَّخْصِيصِ - إِذَا كَانَ مِثْلِيًّا، وَفُقِدَ مِنَ السُّوقِ، وَقَدِ اخْتَلَفَتْ أَنْظَارُهُمْ فِيهَا عَلَى الْوَجْهِ التَّالِي:</p>ذَهَبَ أَبُو يُوسُفَ: إِلَى اعْتِبَارِ الْقِيمَةِ يَوْمَ الْغَصْبِ، لأَِنَّهُ لَمَّا انْقَطَعَ مِنَ السُّوقِ الْتَحَقَ بِمَا لَا مِثْل لَهُ، فَتُعْتَبَرُ قِيمَتُهُ يَوْمَ انْعِقَادِ السَّبَبِ،<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الهداية بشروحها 8 / 246 وما بعدها، ومجمع الأنهر 2 / 456 و 457، والقوانين الفقهية 216 و 217 والشرح الكبير للدردير 3 / 445 وما بعدها، وشرح المحلي على المنهاج 2 / 259 وما بعدها. والمغني بالشرح الكبير 5 / 376 و 377.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٧٠)</span><hr/></div>وَهُوَ الْغَصْبُ، كَمَا أَنَّ الْقِيمِيَّ تُعْتَبَرُ قِيمَتُهُ كَذَلِكَ يَوْمَ الْغَصْبِ.</p>وَذَهَبَ مُحَمَّدٌ: إِلَى اعْتِبَارِ الْقِيمَةِ يَوْمَ الاِنْقِطَاعِ، لأَِنَّ الْوَاجِبَ هُوَ الْمِثْل فِي الذِّمَّةِ وَإِنَّمَا يَنْتَقِل إِلَى الْقِيمَةِ بِالاِنْقِطَاعِ، فَتُعْتَبَرُ قِيمَتُهُ يَوْمَ الاِنْقِطَاعِ.</p>وَمَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ: اعْتِبَارُ الْقِيمَةِ يَوْمَ الْقَضَاءِ، لأَِنَّ الْوَاجِبَ هُوَ الْمِثْل، وَلَا يَنْتَقِل إِلَى الْقِيمَةِ بِمُجَرَّدِ الاِنْقِطَاعِ، لأَِنَّ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ أَنْ يَنْتَظِرَ حَتَّى يُوجَدَ الْمِثْل، بَل إِنَّمَا يَنْتَقِل بِالْقَضَاءِ، فَتُعْتَبَرُ الْقِيمَةُ يَوْمَ الْقَضَاءِ (1) .</p>أَمَّا الْقِيمِيُّ إِذَا تَلِفَ، فَتَجِبُ قِيمَتُهُ يَوْمَ الْغَصْبِ اتِّفَاقًا (2) .</p>أَمَّا فِي الاِسْتِهْلَاكِ: فَكَذَلِكَ عِنْدَ الإِْمَامِ وَعِنْدَهُمَا يَوْمَ الاِسْتِهْلَاكِ (3) .</p>وَمَذْهَبُ الْمَالِكِيَّةِ: أَنَّ ضَمَانَ الْقِيمَةِ يُعْتَبَرُ يَوْمَ الْغَصْبِ وَالاِسْتِيلَاءِ عَلَى الْمَغْصُوبِ سَوَاءٌ أَكَانَ عَقَارًا، أَمْ غَيْرَهُ، لَا يَوْمَ حُصُول الْمُفَوِّتِ، وَلَا يَوْمَ الرَّدِّ، وَسَوَاءٌ أَكَانَ التَّلَفُ بِسَمَاوِيٍّ أَمْ بِجِنَايَةِ غَيْرِهِ عَلَيْهِ (4) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الهداية وشروحها 8 / 246 و 247، وتبيين الحقائق 5 / 223 و 224، وبدائع الصنائع 7 / 151.</p><font color=#ff0000>(2)</font> جامع الفصولين 2 / 93 رامزا إلى فتاوى ظهير الدين المرغيناني والدر المختار 5 / 116.</p><font color=#ff0000>(3)</font> رد المحتار 5 / 116.</p><font color=#ff0000>(4)</font> الشرح الكبير للدردير، وحاشية الدسوقي عليه 3 / 443، والقوانين الفقهية 217.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٧٠)</span><hr/></div>وَفِي الإِْتْلَافِ وَالاِسْتِهْلَاكِ - فِي غَيْرِ الْمِثْلِيَّاتِ - كَالْعُرُوضِ وَالْحَيَوَانِ، تُعْتَبَرُ يَوْمَ الاِسْتِهْلَاكِ وَالإِْتْلَافِ (1) .</p>وَالأَْصَحُّ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ: أَنَّ الْمِثْلِيَّ إِذَا تَعَذَّرَ وُجُودُهُ، فِي بَلَدِهِ وَحَوَالَيْهِ تُعْتَبَرُ أَقْصَى قِيمَةٍ، مِنْ وَقْتِ الْغَصْبِ إِلَى تَعَذُّرِ الْمِثْل، وَفِي قَوْلٍ إِلَى التَّلَفِ، وَفِي قَوْلٍ إِلَى الْمُطَالَبَةِ (2) .</p>وَإِذَا كَانَ الْمِثْل مَفْقُودًا عِنْدَ التَّلَفِ، فَالأَْصَحُّ وُجُوبُ أَكْثَرِ الْقِيَمِ مِنْ وَقْتِ الْغَصْبِ إِلَى التَّلَفِ، لَا إِلَى وَقْتِ الْفَقْدِ (3) . وَأَمَّا الْمُتَقَوِّمُ فَيُضْمَنُ فِي الْغَصْبِ بِأَقْصَى قِيمَةٍ مِنَ الْغَصْبِ إِلَى التَّلَفِ (4) .</p>وَأَمَّا الإِْتْلَافُ بِلَا غَصْبٍ، فَتُعْتَبَرُ قِيمَتُهُ يَوْمَ التَّلَفِ، لأَِنَّهُ لَمْ يَدْخُل فِي ضَمَانِهِ قَبْل ذَلِكَ، وَتُعْتَبَرُ فِي مَوْضِعِ الإِْتْلَافِ، إِلَاّ إِذَا كَانَ الْمَكَانُ لَا يَصْلُحُ لِذَلِكَ كَالْمَفَازَةِ، فَتُعْتَبَرُ الْقِيمَةُ فِي أَقْرَبِ الْبِلَادِ (5) .</p>وَمَذْهَبُ الْحَنَابِلَةِ: أَنَّهُ يَجِبُ رَدُّ قِيمَةِ الْمَغْصُوبِ، إِنْ لَمْ يَكُنْ مِثْلِيًّا، يَوْمَ تَلَفِهِ فِي بَلَدِ غَصْبِهِ مِنْ نَقْدِهِ، لأَِنَّ ذَلِكَ زَمَنُ الضَّمَانِ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) بداية المجتهد 2 / 387 وفيه الأدلة.</p><font color=#ff0000>(2)</font> شرح المحلي على المنهاج 3 / 31 و 32، وانظر الوجيز 1 / 208.</p><font color=#ff0000>(3)</font> الإقناع وحاشية البجيرمي عليه 3 / 143.</p><font color=#ff0000>(4)</font> الإقناع وحاشية البجيرمي عليه 3 / 143 و 144، وشرح المحلي على المنهاج 3 / 31، 32، والوجيز 1 / 209.</p><font color=#ff0000>(5)</font> شرح المحلي على المنهاج 3 / 32، والإقناع 3 / 144.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٧١)</span><hr/></div>وَمَوْضِعُ الضَّمَانِ وَمُنْصَرَفُ اللَّفْظِ عِنْدَ الإِْطْلَاقِ (كَالدِّينَارِ) كَمَا يَقُول الْبُهُوتِيُّ (1) إِنْ لَمْ تَخْتَلِفْ قِيمَةُ التَّالِفِ، مِنْ حِينِ الْغَصْبِ إِلَى حِينِ الرَّدِّ.</p>فَإِنِ اخْتَلَفَتْ لِمَعْنًى فِي التَّالِفِ مِنْ كِبَرٍ وَصِغَرٍ وَسِمَنٍ وَهُزَالٍ - وَنَحْوِهَا - مِمَّا يَزِيدُ فِي الْقِيمَةِ وَيَنْقُصُ مِنْهَا، فَالْوَاجِبُ رَدُّ أَكْثَرِ مَا تَكُونُ عَلَيْهِ الْقِيمَةُ مِنْ حِينِ الْغَصْبِ إِلَى حِينِ الرَّدِّ، لأَِنَّهَا مَغْصُوبَةٌ فِي الْحَال الَّتِي زَادَتْ فِيهَا، وَالزِّيَادَةُ مَضْمُونَةٌ لِمَالِكِهَا.</p>وَإِنْ كَانَ الْمَغْصُوبُ مِثْلِيًّا يَجِبُ رَدُّ مِثْلِهِ، فَإِنْ فُقِدَ الْمِثْل، فَتَجِبُ الْقِيمَةُ يَوْمَ انْقِطَاعِ الْمِثْل، لأَِنَّ الْقِيمَةَ وَجَبَتْ فِي الذِّمَّةِ حِينَ انْقِطَاعِ الْمِثْل، فَاعْتُبِرَتِ الْقِيمَةُ حِينَئِذٍ، كَتَلَفِ الْمُتَقَوِّمِ.</p>وَقَال الْقَاضِي: تَجِبُ قِيمَتُهُ يَوْمَ قَبْضِ الْبَدَل، لأَِنَّ الْوَاجِبَ هُوَ الْمِثْل، إِلَى حِينِ قَبْضِ الْبَدَل، بِدَلِيل أَنَّهُ لَوْ وُجِدَ الْمِثْل بَعْدَ فَقْدِهِ، لَكَانَ الْوَاجِبُ هُوَ الْمِثْل دُونَ الْقِيمَةِ، لأَِنَّهُ الأَْصْل، قَدَرَ عَلَيْهِ قَبْل أَدَاءِ الْبَدَل، فَأَشْبَهَ الْقُدْرَةَ عَلَى الْمَاءِ بَعْدَ التَّيَمُّمِ (2) .</p> </p>‌<span class="title">‌تَقَادُمُ الْحَقِّ فِي التَّضْمِينِ:</span></p><font color=#ff0000>93 -</font> التَّقَادُمُ - أَوْ مُرُورُ الزَّمَانِ - هُوَ: مُضِيُّ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) كشاف القناع 4 / 108.</p><font color=#ff0000>(2)</font> المغني بالشرح الكبير 5 / 420 - 422.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٧١)</span><hr/></div>زَمَنٍ طَوِيلٍ، عَلَى حَقٍّ أَوْ عَيْنٍ فِي ذِمَّةِ إِنْسَانٍ، لِغَيْرِهِ دُونَ مُطَالَبَةٍ بِهِمَا، مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَيْهَا.</p>وَالشَّرِيعَةُ - بِوَجْهٍ عَامٍّ - اعْتَبَرَتِ التَّقَادُمَ مَانِعًا مِنْ سَمَاعِ الدَّعْوَى، فِي الْمِلْكِ وَفِي الْحَقِّ، مَعَ بَقَائِهِمَا عَلَى حَالِهِمَا السَّابِقَةِ، وَلَمْ تَعْتَبِرْهُ مَكْسَبًا لِمِلْكِيَّةٍ أَوْ قَاطِعًا لِحَقٍّ.</p>فَيَقُول الْحَصْكَفِيُّ: الْقَضَاءُ مُظْهِرٌ لَا مُثْبِتٌ، وَيَتَخَصَّصُ بِزَمَانٍ وَمَكَانٍ وَخُصُومَةٍ حَتَّى لَوْ أَمَرَ السُّلْطَانُ بِعَدَمِ سَمَاعِ الدَّعْوَى، بَعْدَ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً، فَسَمِعَهَا الْقَاضِي، لَمْ يَنْفُذْ (1) .</p>وَنَقَل ابْنُ عَابِدِينَ عَنْ الأَْشْبَاهِ وَغَيْرِهَا، أَنَّ الْحَقَّ لَا يَسْقُطُ بِتَقَادُمِ الزَّمَانِ (2) .</p>فَبِنَاءً عَلَى هَذَا يُقَال: إِذَا لَمْ يَرْفَعْ الشَّخْصُ الْمَضْرُورُ دَعْوَى، يُطَالِبُ فِيهَا بِالضَّمَانِ أَوِ التَّعْوِيضِ عَنِ الضَّرَرِ، مِمَّنْ أَلْحَقَهُ بِهِ، مُدَّةَ خَمْسَةَ عَشَرَ عَامًا، سَقَطَ حَقُّهُ، قَضَاءً فَقَطْ لَا دِيَانَةً، فِي إِقَامَةِ الدَّعْوَى مِنْ جَدِيدٍ، إِلَاّ إِذَا كَانَ الْمَضْرُورُ غَائِبًا، أَوْ كَانَ مَجْنُونًا أَوْ صَبِيًّا وَلَيْسَ لَهُ وَلِيٌّ، أَوْ كَانَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ حَاكِمًا جَائِرًا، أَوْ كَانَ ثَابِتَ الإِْعْسَارِ خِلَال هَذِهِ الْمُدَّةِ، ثُمَّ أَيْسَر بَعْدَهَا، فَإِنَّهُ يَبْقَى حَقُّهُ فِي إِقَامَةِ الدَّعْوَى قَائِمًا، مَهْمَا طَال الزَّمَنُ بِسَبَبِ الْعُذْرِ، الَّذِي يَنْفِي شُبْهَةَ التَّزْوِيرِ.<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) رد المحتار 4 / 343.</p><font color=#ff0000>(2)</font> رد المحتار 4 / 343.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٧٢)</span><hr/></div>وَكَذَلِكَ إِذَا أَمَرَ السُّلْطَانُ الْعَادِل نَفْسَهُ بِسَمَاعِ هَذِهِ الدَّعْوَى، بَعْدَ مُضِيِّ خَمْسَةَ عَشَرَ عَامًا أَوْ سَمِعَهَا بِنَفْسِهِ - كَمَا يَقُول ابْنُ عَابِدِينَ (1) - حِفْظًا لِحَقِّ الْمَضْرُورِ، إِذَا لَمْ يَظْهَرْ مِنْهُ مَا يَدُل عَلَى التَّزْوِيرِ.</p>وَكَذَلِكَ إِذَا أَقَرَّ الْخَصْمُ بِحَقِّ الْمَضْرُورِ فِي الضَّمَانِ، وَالتَّعْوِيضِ عَنِ الضَّرَرِ، بَعْدَ مُضِيِّ هَذِهِ الْمُدَّةِ، فَإِنَّهُ يَتَلَاشَى بِذَلِكَ مُضِيُّ الزَّمَنِ وَيَسْقُطُ لِظُهُورِ الْحَقِّ بِإِقْرَارِهِ وَهَذَا كَمَا جَاءَ فِي كُتُبِ الْحَنَفِيَّةِ.</p> </p>‌<span class="title">‌ثَانِيًا: الأَْحْكَامُ الْخَاصَّةُ فِي ضَمَانِ الأَْفْعَال الضَّارَّةِ بِالأَْمْوَال:</span></p><font color=#ff0000>94 -</font> قَدْ ذَكَرْنَا أَنَّ الْقَاعِدَةَ فِي الضَّمَانِ، هِيَ رَدُّ الْعَيْنِ أَصْلاً، وَإِذَا تَعَذَّرَ رَدُّ الْعَيْنِ، وَجَبَ الضَّمَانُ بِرَدِّ الْمِثْل فِي الْمِثْلِيَّاتِ، وَدَفْعِ الْقِيمَةِ فِي الْقِيمِيَّاتِ.</p>وَنَذْكُرُ - هُنَا - التَّضْمِينَ فِي أَحْوَالٍ خَاصَّةٍ مُسْتَثْنَاةٍ مِنَ الأَْصْل، إِذْ يُحْكَمُ فِيهَا بِالتَّعْوِيضِ الْمَالِيِّ أَحْيَانًا، وَبِالتَّخْيِيرِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ ضَمَانِ الْمِثْل فِي أَحْيَانٍ أُخْرَى، وَهِيَ: قَطْعُ الشَّجَرِ، وَهَدْمُ الْمَبَانِي، وَالْبِنَاءُ عَلَى الأَْرْضِ الْمَغْصُوبَةِ، أَوِ الْغَرْسُ فِيهَا، وَقَلْعُ عَيْنِ الْحَيَوَانِ، وَتَفْصِيل الْقَوْل فِيهَا كَمَا يَلِي:<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) رد المحتار 5 / 343.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٧٢)</span><hr/></div>أ -‌<span class="title">‌ قَطْعُ الشَّجَرِ:</span></p><font color=#ff0000>95 -</font> لَوْ قَطَعَ شَخْصٌ لآِخَرَ، شَجَرَ حَدِيقَتِهِ، ضَمِنَ قِيمَةَ الشَّجَرِ، لأَِنَّهُ لَيْسَ بِمِثْلِيٍّ.</p>وَطَرِيقُ مَعْرِفَتِهِ: أَنْ تُقَوَّمُ الْحَدِيقَةُ مَعَ الشَّجَرِ الْقَائِمِ، وَتُقَوَّمَ بِدُونِهِ فَالْفَضْل هُوَ قِيمَتُهُ، فَالْمَالِكُ مُخَيَّرٌ بَيْنَ أَنْ يُضَمِّنَهُ تِلْكَ الْقِيمَةَ، وَيَدْفَعَ لَهُ الأَْشْجَارَ الْمَقْطُوعَةَ، وَبَيْنَ أَنْ يُمْسِكَهَا، وَيُضَمِّنَهُ نُقْصَانَ تِلْكَ الْقِيمَةِ (1) .</p>وَلَوْ كَانَتْ قِيمَةُ الأَْشْجَارِ مَقْطُوعَةً وَغَيْرَ مَقْطُوعَةٍ سَوَاءً، بَرِئَ (2) .</p>وَلَوْ أَتْلَفَ شَجَرَةً مِنْ ضَيْعَةٍ، وَلَمْ يَتْلَفْ بِهِ شَيْءٌ، قِيل: تَجِبُ قِيمَةُ الشَّجَرَةِ الْمَقْطُوعَةِ، وَقِيل تَجِبُ قِيمَتُهَا نَابِتَةً (3) ، وَلَوْ أَتْلَفَ شَجَرَةً، قُوِّمَتْ مَغْرُوسَةً وَقُوِّمَتْ مَقْطُوعَةً، وَيَغْرَمُ مَا بَيْنَهُمَا.</p>وَلَوْ أَتْلَفَ ثِمَارَهَا، أَوْ نَفَضَهَا لَمَّا نَوَّرَتْ، حَتَّى تَنَاثَرَ نَوْرُهَا، قُوِّمَتِ الشَّجَرَةُ مَعَ ذَلِكَ، وَقُوِّمَتْ بِدُونِهَا فَيَغْرَمُ مَا بَيْنَهُمَا، وَكَذَا الزَّرْعُ (4) .</p> </p>ب -‌<span class="title">‌ هَدْمُ الْمَبَانِي:</span></p><font color=#ff0000>96 -</font> إِذَا هَدَمَ إِنْسَانٌ بِنَاءً أَوْ جِدَارًا لِغَيْرِهِ،<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) جامع الفصولين 2 / 91 رامز إلى أبي الليث.</p><font color=#ff0000>(2)</font> جامع الفصولين 2 / 91.</p><font color=#ff0000>(3)</font> جامع الفصولين 2 / 91 رامزا إلى جامع الفتاوى.</p><font color=#ff0000>(4)</font> جامع الفصولين 2 / 91 رامزا إلى فتاوى القاضي ظهير الدين. وانظر مجمع الضمانات (152) .</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٧٣)</span><hr/></div>يَجِبُ عَلَيْهِ بِنَاءُ مِثْلِهِ، وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيِّ، فَإِنْ تَعَذَّرَتِ الْمُمَاثَلَةُ رَجَعَ إِلَى الْقِيمَةِ (1)، لِحَدِيثِ:" أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ قَال: قَال رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: كَانَ رَجُلٌ فِي بَنِي إِسْرَائِيل يُقَال لَهُ: جُرَيْجٌ، يُصَلِّي، فَجَاءَتْهُ أُمُّهُ فَدَعَتْهُ، فَأَبَى أَنْ يُجِيبَهَا، فَقَال: أُجِيبُهَا أَوْ أُصَلِّي؟ ثُمَّ أَتَتْهُ فَقَالَتْ: اللَّهُمَّ لَا تُمِتْهُ حَتَّى تُرِيَهُ وُجُوهَ الْمُومِسَاتِ، وَكَانَ جُرَيْجٌ فِي صَوْمَعَتِهِ فَقَالَتِ امْرَأَةٌ: لأََفْتِنَنَّ جُرَيْجًا، فَتَعَرَّضَتْ لَهُ، فَكَلَّمَتْهُ، فَأَبَى. فَأَتَتْ رَاعِيًا فَأَمْكَنَتْهُ مِنْ نَفْسِهَا. فَوَلَدَتْ غُلَامًا، فَقَالَتْ: هُوَ مِنْ جُرَيْجٍ. فَأَتَوْهُ كَسَرُوا صَوْمَعَتَهُ وَأَنْزَلُوهُ وَسَبُّوهُ، فَتَوَضَّأَ وَصَلَّى، ثُمَّ أَتَى الْغُلَامَ فَقَال: مَنْ أَبُوكَ يَا غُلَامُ؟ قَال: الرَّاعِي. قَالُوا: نَبْنِي صَوْمَعَتَكَ مِنْ ذَهَبٍ، قَال: لَا، إِلَاّ مِنْ طِينٍ (2) .</p>وَالأَْصْل: أَنَّ الْحَائِطَ وَالْبِنَاءَ مِنْ الْقِيمِيَّاتِ، فَتُضْمَنُ بِالْقِيمَةِ.</p>وَقَدْ نَقَل الرَّمْلِيُّ الْحَنَفِيُّ أَنَّهُ لَوْ هَدَمَ جِدَارَ غَيْرِهِ، تُقَوَّمُ دَارُهُ مَعَ جُدْرَانِهَا، وَتُقَوَّمُ بِدُونِ هَذَا الْجِدَارِ فَيَضْمَنُ فَضْل مَا بَيْنَهُمَا (3) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) عمدة القاري شرح صحيح البخاري للعيني 13 / 38 (ط: المطبعة المنيرية في القاهرة: 1348 هـ) .</p><font color=#ff0000>(2)</font> حديث أبي هريرة: " كان رجل في بني إسرائيل يقال له جريج ". أخرجه البخاري (5 / 126 - 127) .</p><font color=#ff0000>(3)</font> حاشية الرملي على جامع الفصولين 2 / 96.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٧٣)</span><hr/></div>وَفِي الْقُنْيَةِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْفَضْل: إِذَا هَدَمَ حَائِطًا مُتَّخَذًا مِنْ خَشَبٍ أَوْ عَتِيقًا مُتَّخَذًا مِنْ رَهْصٍ (طِينٍ (1)) يَضْمَنُ قِيمَتَهُ، وَإِنْ كَانَ حَدِيثًا يُؤْمَرُ بِإِعَادَتِهِ كَمَا كَانَ (2) .</p>وَقَال ابْنُ نُجَيْمٍ: مَنْ هَدَمَ حَائِطَ غَيْرِهِ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ نُقْصَانَهَا (أَيْ قِيمَتَهَا مَبْنِيَّةً (3)) وَلَا يُؤْمَرُ بِعِمَارَتِهَا، إِلَاّ فِي حَائِطِ الْمَسْجِدِ، كَمَا فِي كَرَاهَةِ الْخَانِيَّةِ (4) .</p>لَكِنَّ الْمَذْهَبَ، مَا قَالَهُ الْعَلَاّمَةُ قَاسِمٌ فِي شَرْحِهِ لِلنُّقَايَةِ: وَإِذَا هَدَمَ الرَّجُل حَائِطَ جَارِهِ فَلِلْجَارِ الْخِيَارُ: إِنْ شَاءَ ضَمَّنَهُ قِيمَةَ الْحَائِطِ، وَالنَّقْضُ لِلضَّامِنِ، وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ النَّقْضَ، وَضَمَّنَهُ النُّقْصَانَ، لأَِنَّ الْحَائِطَ قَائِمٌ مِنْ وَجْهٍ، وَهَالِكٌ مِنْ وَجْهٍ، فَإِنْ شَاءَ مَال إِلَى جِهَةِ الْقِيَامِ، وَضَمَّنَهُ النُّقْصَانَ، وَإِنْ شَاءَ مَال إِلَى جِهَةِ الْهَلَاكِ وَضَمَّنَهُ قِيمَةَ الْحَائِطِ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُجْبِرَهُ عَلَى الْبِنَاءِ، كَمَا كَانَ، لأَِنَّ الْحَائِطَ لَيْسَ مِنْ ذَوَاتِ الأَْمْثَال.</p>وَطَرِيقُ تَقْوِيمِ النُّقْصَانِ: أَنْ تُقَوَّمَ الدَّارُ مَعَ حِيطَانِهَا، وَتُقَوَّمَ بِدُونِ هَذَا الْحَائِطِ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الرَّهص: هو الطين الذي يبنى به، يجعل بعضه على بعض، القاموس المحيط. مادة:(رهص) .</p><font color=#ff0000>(2)</font> حاشية الحموي على الأشباه 3 / 208، وحاشية الرملي على جامع الفصولين 2 / 96 وانظر عمدة القاري 13 / 39.</p><font color=#ff0000>(3)</font> انظر حاشية الرملي على جامع الفصولين 2 / 90 و 92.</p><font color=#ff0000>(4)</font> الأشباه والنظائر لابن نجيم بحاشية الحموي 3 / 208، وانظر الدر المختار 5 / 115 ولابن عابدين كلام في التفرقة بين الحائطين في الموضع نفسه.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٧٤)</span><hr/></div>فَيَضْمَنُ فَضْل مَا بَيْنَهُمَا (1) .</p>وَالضَّمَانُ فِي هَذِهِ الْحَال مُقَيَّدٌ بِمَا إِذَا لَمْ يَكُنِ الْهَدْمُ لِلضَّرُورَةِ، كَمَنْعِ سَرَيَانِ الْحَرِيقِ، بِإِذْنِ الْحَاكِمِ، فَإِنْ كَانَ كَذَلِكَ فَلَا ضَمَانَ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِإِذْنِ الْحَاكِمِ، ضَمِنَ الْهَادِمُ قِيمَتَهَا مُعَرَّضَةً لِلْحَرِيقِ.</p> </p>ج -‌<span class="title">‌ الْبِنَاءُ عَلَى الأَْرْضِ الْمَغْصُوبَةِ أَوِ الْغَرْسُ فِيهَا:</span></p><font color=#ff0000>97 -</font> إِذَا غَرَسَ شَخْصٌ شَجَرًا، أَوْ أَقَامَ بِنَاءً عَلَى أَرْضٍ غَصَبَهَا، فَمَذْهَبُ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ، وَهُوَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ (2) أَنَّهُ يُؤْمَرُ بِقَلْعِ الشَّجَرِ، وَهَدْمِ الْبِنَاءِ، وَتَفْرِيغِ الأَْرْضِ مِنْ كُل مَا أَنْشَأَ فِيهَا، وَإِعَادَتِهَا كَمَا كَانَتْ.</p>قَال ابْنُ قُدَامَةَ: لَا نَعْلَمُ فِيهِ خِلَافًا (3) وَذَلِكَ: لِحَدِيثِ " عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ أَنَّ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَال: مَنْ أَحْيَا أَرْضًا مَيِّتَةً فَهِيَ لَهُ، وَلَيْسَ لِعِرَقِ ظَالِمٍ حَقٌّ، قَال: فَلَقَدْ أَخْبَرَنِي الَّذِي حَدَّثَنِي هَذَا الْحَدِيثَ، {أَنَّ رَجُلَيْنِ اخْتَصَمَا إِلَى رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم غَرَسَ أَحَدُهُمَا نَخْلاً فِي أَرْضِ الآْخَرِ، فَقَضَى لِصَاحِبِ الأَْرْضِ بِأَرْضِهِ وَأَمَرَ صَاحِبَ النَّخْل أَنْ يُخْرِجَ نَخْلَهُ مِنْهَا، قَال:<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حاشية الحموي على الأشباه والنظائر لابن نجيم، غمز عيون البصائر 3 / 208 ورد المحتار 5 / 115.</p><font color=#ff0000>(2)</font> مجمع الأنهر 2 / 462.</p><font color=#ff0000>(3)</font> المغني بالشرح الكبير 5 / 379.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٧٤)</span><hr/></div>فَلَقَدْ رَأَيْتُهَا، وَإِنَّهَا لَتُضْرَبُ أُصُولُهَا بِالْفُؤُوسِ، وَإِنَّهَا لَنَخْلٌ عَمٌّ (1) أَيْ طَوِيلَةٌ (2) .</p>وَلأَِنَّهُ شَغَل مِلْكَ غَيْرِهِ، فَيُؤْمَرُ بِتَفْرِيغِهِ، دَفْعًا لِلظُّلْمِ، وَرَدًّا لِلْحَقِّ إِلَى مُسْتَحِقِّهِ (3) .</p>قَال الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ: عَلَيْهِ أَرْشُ نَقْصِهَا إِنْ كَانَ، وَتَسْوِيَتُهَا، لأَِنَّهُ ضَرَرٌ حَصَل بِفِعْلِهِ، مَعَ أُجْرَةِ الْمِثْل إِلَى وَقْتِ التَّسْلِيمِ (4) .</p>وَقَال الْقَلْيُوبِيُّ: وَلِلْغَاصِبِ قَلْعُهُمَا قَهْرًا عَلَى الْمَالِكِ، وَلَا يَلْزَمُهُ إِجَابَةُ الْمَالِكِ لَوْ طَلَبَ الإِْبْقَاءَ بِالأَْجْرِ، أَوِ التَّمَلُّكَ بِالْقِيمَةِ، وَلِلْمَالِكِ قَلْعُهُمَا جَبْرًا عَلَى الْغَاصِبِ، بِلَا أَرْشٍ لِعَدَمِ احْتِرَامِهِمَا عَلَيْهِ (5) .</p>وَالْمَالِكِيَّةُ خَيَّرُوا الْمَالِكَ بَيْنَ قَلْعِ الشَّجَرِ وَهَدْمِ الْبِنَاءِ، وَبَيْنَ تَرْكِهِمَا، عَلَى أَنْ يُعْطَى الْمَالِكُ الْغَاصِبُ، قِيمَةَ أَنْقَاضِ الشَّجَرِ وَالْبِنَاءِ، مَقْلُوعًا، بَعْدَ طَرْحِ أُجْرَةِ النَّقْضِ وَالْقَلْعِ، لَكِنَّهُمْ قَيَّدُوا قَلْعَ الزَّرْعِ بِمَا إِذَا لَمْ يَفُتْ، أَيْ لَمْ يَمْضِ وَقْتٌ مَا تُرَادُ الأَْرْضُ لَهُ فَلَهُ عِنْدَئِذٍ أَخْذُهُ بِقِيمَتِهِ مَقْلُوعًا مَطْرُوحًا مِنْهُ أُجْرَةُ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حديث: عروة بن الزبير: من أحيا أرضا ميتة فهي له. أخرجه أبو داود (3 / 454 - 455) وفي إسناده انقطاع.</p><font color=#ff0000>(2)</font> بفتح العين من (عم) وضمها، جمع عميمة. كما في نيل الأوطار 5 / 321.</p><font color=#ff0000>(3)</font> الاختيار 3 / 63، والمغني بالشرح الكبير 5 / 380.</p><font color=#ff0000>(4)</font> شرح المحلي على المنهاج 3 / 39، والروض المربع 2 / 249، والمغني بالشرح الكبير 5 / 378.</p><font color=#ff0000>(5)</font> حاشية القليوبي على شرح المحلي 3 / 39، والمغني 5 / 379 و 380، والروض المربع 2 / 249.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٧٥)</span><hr/></div>الْقَلْعِ. فَإِنْ فَاتَ الْوَقْتُ، بَقِيَ الزَّرْعُ لِلزَّارِعِ، وَلَزِمَهُ الْكِرَاءُ إِلَى انْتِهَائِهِ (1) .</p>وَنَصَّ عَلَى مِثْل هَذَا الْحَنَفِيَّةُ (2) .</p>(ر: غَرْس - غَصْب) .</p> </p>د -‌<span class="title">‌ قَلْعُ عَيْنِ الْحَيَوَانِ:</span></p><font color=#ff0000>98 -</font> الْحَيَوَانُ وَإِنْ كَانَ مِنَ الأَْمْوَال، وَيَنْبَغِي أَنْ تُطَبَّقَ فِي إِتْلَافِهِ - كُلِّيًّا أَوْ جُزْئِيًّا - الْقَوَاعِدُ الْعَامَّةُ، إِلَاّ أَنَّهُ وَرَدَ فِي السَّمْعِ تَضْمِينُ رُبُعِ قِيمَتِهِ، بِقَلْعِ عَيْنِهِ:</p>فَفِي الْحَدِيثِ: قَضَى رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي عَيْنِ الدَّابَّةِ رُبُعَ ثَمَنِهَا (3)</p>وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عُمَرَ وَشُرَيْحٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - وَكَتَبَ عُمَرُ إِلَى شُرَيْحٍ، لَمَّا كَتَبَ إِلَيْهِ يَسْأَلُهُ عَنْ عَيْنِ الدَّابَّةِ:" إِنَّا كُنَّا نُنْزِلُهَا مَنْزِلَةَ الآْدَمِيِّ، إِلَاّ أَنَّهُ أَجْمَعَ رَأْيُنَا أَنَّ قِيمَتَهَا رُبُعُ الثَّمَنِ. قَال ابْنُ قُدَامَةَ: هَذَا إِجْمَاعٌ يُقَدَّمُ عَلَى الْقِيَاسِ (4) .</p>وَهَذَا مِمَّا جَعَل الْحَنَفِيَّةُ - وَهُوَ رِوَايَةٌ عِنْدَ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) القوانين الفقهية (217) وجواهر الإكليل 2 / 154، والشرح الكبير للدردير 3 / 461 و 462.</p><font color=#ff0000>(2)</font> الدر المختار ورد المحتار عليه 5 / 124، وتبيين الحقائق 5 / 229، والهداية وشروحها 8 / 269 و 270.</p><font color=#ff0000>(3)</font> حديث: " قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم في عين الدابة ربع ثمنها ". أخرجه الطبراني في الكبير (5 / 153) وأورده الهيثمي في مجمع الزوائد (6 / 298) وقال: (فيه أبو أمية بن يعلى وهو ضعيف) .</p><font color=#ff0000>(4)</font> المغني بالشرح الكبير 5 / 386 و 387.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٧٥)</span><hr/></div>الْحَنَابِلَةِ عَنْ أَحْمَدَ - يَعْدِلُونَ عَنِ الْقِيَاسِ، بِالنَّظَرِ إِلَى ضَمَانِ الْعَيْنِ فَقَطْ (1) .</p>فَعَمِلُوا بِالْحَدِيثِ، وَتَرَكُوا فِيهِ الْقِيَاسَ، لَكِنَّهُمْ خَصُّوهُ بِالْحَيَوَانِ الَّذِي يُقْصَدُ لِلَّحْمِ، كَمَا يُقْصَدُ لِلرُّكُوبِ وَالْحَمْل وَالزِّينَةِ أَيْضًا، كَمَا فِي عَيْنِ الْفَرَسِ وَالْبَغْل وَالْحِمَارِ، وَكَذَا فِي عَيْنِ الْبَقَرَةِ وَالْجَزُورِ.</p>أَمَّا غَيْرُهُ، كَشَاةِ الْقَصَّابِ الْمُعَدَّةِ لِلذَّبْحِ، مِمَّا يُقْصَدُ مِنْهُ اللَّحْمُ فَقَطْ، فَيُعْتَبَرُ مَا نَقَصَتْ قِيمَتُهُ (2) .</p>وَطَرَدَ الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ الْقِيَاسَ، فَضَمَّنُوا مَا يَتْلَفُ مِنْ سَائِرِ أَجْزَاءِ الْحَيَوَانِ، بِمَا يَنْقُصُ مِنْ قِيمَتِهِ، بِفَقْدِ عَيْنِهِ وَغَيْرِهَا، بَالِغًا مَا بَلَغَ النَّقْصُ بِلَا تَفْرِقَةٍ بَيْنَ أَنْوَاعِ الْحَيَوَانِ (3) .</p>قَال الْمَحَلِّيُّ: وَيَضْمَنُ مَا تَلِفَ أَوْ أَتْلَفَ مِنْ أَجْزَائِهِ بِمَا نَقَصَ مِنْ قِيمَتِهِ (4) .</p>وَقَال الْغَزَالِيُّ: وَلَا يَجِبُ فِي عَيْنِ الْبَقَرَةِ وَالْفَرَسِ إِلَاّ أَرْشُ النَّقْصِ (5) .</p>وَعَلَّل ذَلِكَ ابْنُ قُدَامَةَ، بِأَنَّهُ ضَمَانُ مَالٍ مِنْ غَيْرِ جِنَايَةٍ، فَكَانَ الْوَاجِبُ مَا نَقَصَ،<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) جامع الفصولين 2 / 87.</p><font color=#ff0000>(2)</font> رد المحتار 5 / 123، ودرر الحكام 2 / 114.</p><font color=#ff0000>(3)</font> الشرح الكبير للدردير 3 / 454، والقوانين الفقهية (218) والمهذب 2 / 201.</p><font color=#ff0000>(4)</font> شرح المحلي على المنهاج 3 / 31.</p><font color=#ff0000>(5)</font> الوجيز 1 / 208.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٧٦)</span><hr/></div>كَالثَّوْبِ، وَلأَِنَّهُ لَوْ فَاتَ الْجَمِيعُ لَوَجَبَتْ قِيمَتُهُ، فَإِذَا فَاتَ مِنْهُ شَيْءٌ، وَجَبَ قَدْرُهُ مِنَ الْقِيمَةِ، كَغَيْرِ الْحَيَوَانِ (1) .</p> </p>‌<span class="title">‌ضَمَانُ الشَّخْصِ الضَّرَرَ النَّاشِئَ عَنْ فِعْل غَيْرِهِ وَمَا يَلْتَحِقُ بِهِ:</span></p><font color=#ff0000>99 -</font> الأَْصْل أَنَّ الشَّخْصَ مَسْئُولٌ عَنْ ضَمَانِ الضَّرَرِ الَّذِي يَنْشَأُ عَنْ فِعْلِهِ لَا عَنْ فِعْل غَيْرِهِ لَكِنَّ الْفُقَهَاءَ اسْتَثْنَوْا مِنْ هَذَا الأَْصْل ضَمَانَ أَفْعَال الْقُصَّرِ الْخَاضِعِينَ لِرَقَابَتِهِ، وَضَمَانَ أَفْعَال تَابِعِيهِ: كَالْخَدَمِ وَالْعُمَّال وَكَالْمُوَظِّفِينَ، وَضَمَانَ مَا يُفْسِدُهُ الْحَيَوَانُ، وَضَمَانَ الضَّرَرِ الْحَادِثِ بِسَبَبِ سُقُوطِ الأَْبْنِيَةِ، وَضَمَانَ التَّلَفِ الْحَادِثِ بِالأَْشْيَاءِ الأُْخْرَى، وَتَفْصِيلُهُ فِيمَا يَلِي:</p> </p>‌<span class="title">‌أَوَّلاً: ضَمَانُ الإِْنْسَانِ لأَِفْعَال الأَْشْخَاصِ الْخَاضِعِينَ لِرَقَابَتِهِ:</span></p><font color=#ff0000>100 -</font> وَيَتَمَثَّل هَذَا النَّوْعُ مِنَ الضَّمَانِ، فِي الأَْفْعَال الضَّارَّةِ، الصَّادِرَةِ مِنَ الصِّغَارِ الْقُصَّرِ، الَّذِينَ هُمْ فِي وِلَايَةِ الأَْبِ وَالْوَصِيِّ، وَالتَّلَامِيذِ حِينَمَا يَكُونُونَ فِي الْمَدْرَسَةِ، تَحْتَ رَقَابَةِ النَّاظِرِ وَالْمُعَلِّمِ، أَوْ فِي رِعَايَةِ أَيِّ رَقِيبٍ عَلَيْهِمْ وَهُمْ صِغَارٌ، وَمِثْلُهُمْ الْمَجَانِينُ وَالْمَعَاتِيهُ.</p>وَلَمَّا كَانَ الأَْصْل الْمُقَرَّرُ فِي الشَّرِيعَةِ، كَمَا<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المغني بالشرح الكبير 5 / 387.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٧٦)</span><hr/></div>تَقَدَّمَ آنِفًا، هُوَ ضَمَانُ الإِْنْسَانِ لأَِفْعَالِهِ كُلِّهَا، دُونَ تَحَمُّل غَيْرِهِ عَنْهُ لِشَيْءٍ مِنْ تَبَعَاتِهَا، مَهْمَا كَانَ مِنَ الأَْمْرِ (1) .</p>فَقَدْ طَرَدَ الْفُقَهَاءُ قَاعِدَةَ تَضْمِينِ الصِّغَارِ، وَأَوْجَبُوا عَلَيْهِمُ الضَّمَانَ فِي مَالِهِمْ، وَلَمْ يُوجِبُوا عَلَى أَوْلِيَائِهِمْ وَالأَْوْصِيَاءِ عَلَيْهِمْ ضَمَانَ مَا أَتْلَفُوهُ، إِلَاّ فِي أَحْوَالٍ مُسْتَثْنَاةٍ، مِنْهَا:</p>أ - إِذَا كَانَ إِتْلَافُ الصِّغَارِ لِلْمَال، نَاشِئًا مِنْ تَقْصِيرِ الأَْوْلِيَاءِ وَنَحْوِهِمْ، فِي حِفْظِهِمْ، كَمَا لَوْ دَفَعَ إِلَى صَبِيٍّ سِكِّينًا لِيُمْسِكَهُ لَهُ، فَوَقَعَ السِّكِّينُ مِنْ يَدِهِ عَلَيْهِ أَوْ عَلَى شَخْصٍ آخَرَ، أَوْ عَثَرَ بِهِ، فَإِنَّ الدَّافِعَ يَضْمَنُ (2) .</p>ب - إِذَا كَانَ بِسَبَبِ إِغْرَاءِ الآْبَاءِ وَالأَْوْصِيَاءِ الصِّغَارِ بِإِتْلَافِ الْمَال، كَمَا لَوْ أَمَرَ الأَْبُ ابْنَهُ بِإِتْلَافِ مَالٍ أَوْ إِيقَادِ نَارٍ، فَأَوْقَدَهَا، وَتَعَدَّتْ النَّارُ إِلَى أَرْضِ جَارِهِ، فَأَتْلَفَتْ شَيْئًا، يَضْمَنُ الأَْبُ، لأَِنَّ الأَْمْرَ صَحَّ، فَانْتَقَل الْفِعْل إِلَيْهِ، كَمَا لَوْ بَاشَرَهُ الأَْبُ (3) .</p>فَلَوْ أَمَرَ أَجْنَبِيٌّ صَبِيًّا بِإِتْلَافِ مَال آخَرَ، ضَمِنَ الصَّبِيُّ، ثُمَّ رَجَعَ عَلَى آمِرِهِ (4) .</p>ج - إِذَا كَانَ بِسَبَبِ تَسْلِيطِهِمْ عَلَى الْمَال، كَمَا<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) تغيير التنقيح لابن كمال باشا (257) ط:(الآستانة: 1308 هـ) . والتوضيح مع التلويح 2 / 163.</p><font color=#ff0000>(2)</font> يؤخذ من جامع الفصولين 2 / 81.</p><font color=#ff0000>(3)</font> الدر المختار ورد المحتار بتصرف 5 / 136.</p><font color=#ff0000>(4)</font> جامع الفصولين 2 / 80.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٧٧)</span><hr/></div>لَوْ أَوْدَعَ صَبِيًّا وَدِيعَةً بِلَا إِذْنِ وَلِيِّهِ فَأَتْلَفَهَا، لَمْ يَضْمَنِ الصَّبِيُّ، وَكَذَا إِذَا أَتْلَفَ مَا أُعِيرَ لَهُ، وَمَا اقْتَرَضَهُ وَمَا بِيعَ مِنْهُ بِلَا إِذْنٍ، لِلتَّسْلِيطِ مِنْ مَالِكِهَا (1) .</p> </p>‌<span class="title">‌ثَانِيًا: ضَمَانُ الشَّخْصِ لأَِفْعَال التَّابِعِينَ لَهُ:</span></p><font color=#ff0000>101 -</font> وَيَتَمَثَّل هَذَا فِي الْخَادِمِ فِي الْمَنْزِل، وَالطَّاهِي فِي الْمَطْعَمِ، وَالْمُسْتَخْدَمِ فِي الْمَحَل، وَالْعَامِل فِي الْمَصْنَعِ، وَالْمُوَظَّفِ فِي الْحُكُومَةِ، وَفِي سَائِقِ السَّيَّارَةِ لِمَالِكِهَا كُلٌّ فِي دَائِرَةِ عَمَلِهِ.</p>وَالْعَلَاقَةُ هُنَا عَقَدِيَّةٌ، وَفِيمَا تَقَدَّمَ مِنَ الرَّقَابَةِ عَلَى عَدِيمِي التَّمْيِيزِ: هِيَ: دِينِيَّةٌ أَوْ أَدَبِيَّةٌ.</p>وَالْفُقَهَاءُ بَحَثُوا هَذَا فِي بَابِ الإِْجَارَةِ، فِي أَحْكَامِ الأَْجِيرِ الْخَاصِّ، وَفِي تِلْمِيذِ الأَْجِيرِ الْمُشْتَرَكِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ، وَهُوَ الَّذِي يَعْمَل لِوَاحِدٍ عَمَلاً مُؤَقَّتًا بِالتَّخْصِيصِ، وَيَسْتَحِقُّ أَجْرَهُ بِتَسْلِيمِ نَفْسِهِ فِي الْمُدَّةِ، وَإِنْ لَمْ يَعْمَل.</p>وَالْمَعْقُودُ عَلَيْهِ هُوَ مَنْفَعَتُهُ، وَلَا يَضْمَنُ مَا هَلَكَ فِي يَدِهِ بِغَيْرِ صُنْعِهِ، لأَِنَّ الْعَيْنَ أَمَانَةٌ فِي يَدِهِ، لأَِنَّهُ قَبَضَ بِإِذْنِهِ، وَلَا يَضْمَنُ مَا هَلَكَ مِنْ عَمَلِهِ الْمَأْذُونِ فِيهِ، لأَِنَّ الْمَنَافِعَ مَتَى صَارَتْ مَمْلُوكَةً لِلْمُسْتَأْجِرِ، فَإِذَا أَمَرَهُ بِالتَّصَرُّفِ فِي مِلْكِهِ، صَحَّ، وَيَصِيرُ نَائِبًا مَنَابَهُ، فَيَصِيرُ فِعْلُهُ مَنْقُولاً إِلَيْهِ، كَأَنَّهُ فَعَلَهُ بِنَفْسِهِ، فَلِهَذَا لَا<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) مجمع الضمانات (423) والدر المختار ورد المحتار 5 / 92، والشرح الكبير للدردير وحاشية الدسوقي عليه 3 / 296.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٧٧)</span><hr/></div>يَضْمَنُهُ وَإِنَّمَا الضَّمَانُ فِي ذَلِكَ عَلَى مَخْدُومِهِ (1) .</p>وَيُنْظَرُ تَفْصِيل ذَلِكَ فِي: (إِجَارَة) .</p> </p>‌<span class="title">‌ثَالِثًا: ضَمَانُ الشَّخْصِ فِعْل الْحَيَوَانِ:</span></p>هُنَاكَ نَوْعَانِ مِنَ الْحَيَوَانِ: أَحَدُهُمَا الْحَيَوَانُ الْعَادِيُّ، وَالآْخَرُ الْحَيَوَانُ الْخَطِرُ، وَفِي تَضْمِينِ جِنَايَةِ كُلٍّ مِنْهُمَا، خِلَافٌ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ، وَنُوَضِّحُهُ فِيمَا يَلِي:</p> </p>أ -‌<span class="title">‌ ضَمَانُ جِنَايَةِ الْحَيَوَانِ الْعَادِيِّ غَيْرِ الْخَطِرِ:</span></p><font color=#ff0000>102 -</font> اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي ضَمَانِ مَا يُتْلِفُهُ الْحَيَوَانُ الْعَادِيُّ، غَيْرُ الْخَطِرِ: فَذَهَبَ جُمْهُورُهُمْ إِلَى ضَمَانِ مَا تُفْسِدُهُ الدَّابَّةُ مِنَ الزَّرْعِ وَالشَّجَرِ، إِذَا وَقَعَ فِي اللَّيْل، وَكَانَتْ وَحْدَهَا إِذَا لَمْ تَكُنْ يَدٌ لأَِحَدٍ عَلَيْهَا.</p>وَأَمَّا إِذَا وَقَعَ ذَلِكَ فِي النَّهَارِ، وَلَمْ تَكُنْ يَدٌ لأَِحَدٍ عَلَيْهَا - أَيِ الدَّابَّةِ - فَلَا ضَمَانَ فِيهِ.</p>وَاسْتَدَلُّوا بِحَدِيثِ: الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَنَّهُ كَانَتْ لَهُ نَاقَةٌ ضَارِيَةٌ فَدَخَلَتْ حَائِطًا، فَأَفْسَدَتْ فِيهِ، فَقَضَى رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّ حِفْظَ الْحَوَائِطِ بِالنَّهَارِ عَلَى أَهْلِهَا، وَأَنَّ حِفْظَ الْمَاشِيَةِ بِاللَّيْل عَلَى أَهْلِهَا، وَأَنَّ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الدر المختار 5 / 43 و 44، وجواهر الإكليل 2 / 191، وانظر شرح المحلي على المنهاج بحاشية القليوبي عليه 3 / 81.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٧٨)</span><hr/></div>مَا أَصَابَتِ الْمَاشِيَةُ بِاللَّيْل فَهُوَ عَلَى أَهْلِهَا (1) .</p>قَال ابْنُ قُدَامَةَ: وَلأَِنَّ الْعَادَةَ مِنْ أَهْل الْمَوَاشِي إِرْسَالُهَا فِي النَّهَارِ لِلرَّعْيِ، وَحِفْظُهَا لَيْلاً، وَعَادَةُ أَهْل الْحَوَائِطِ حِفْظُهَا نَهَارًا دُونَ اللَّيْل، فَإِذَا ذَهَبَتْ لَيْلاً كَانَ التَّفْرِيطُ مِنْ أَهْلِهَا، بِتَرْكِهِمْ حِفْظَهَا فِي وَقْتِ عَادَةِ الْحِفْظِ.</p>وَإِنْ أَتْلَفَتْ نَهَارًا، كَانَ التَّفْرِيطُ مِنْ أَهْل الزَّرْعِ، فَكَانَ عَلَيْهِمْ، وَقَدْ فَرَّقَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بَيْنَهُمَا، وَقَضَى عَلَى كُل إِنْسَانٍ بِالْحِفْظِ فِي وَقْتِ عَادَتِهِ.</p>وَقَال - أَيْضًا -: قَال بَعْضُ أَصْحَابِنَا: إِنَّمَا يَضْمَنُ مَالِكُهَا مَا أَتْلَفَتْهُ لَيْلاً، إِذَا فَرَّطَ بِإِرْسَالِهَا لَيْلاً أَوْ نَهَارًا أَوْ لَمْ يَضُمَّهَا بِاللَّيْل، أَوْ ضَمَّهَا بِحَيْثُ يُمْكِنُهَا الْخُرُوجُ، أَمَّا لَوْ ضَمَّهَا فَأَخْرَجَهَا غَيْرُهُ بِغَيْرِ إِذْنِهِ، أَوْ فَتَحَ عَلَيْهَا بَابَهَا، فَالضَّمَانُ عَلَى مُخْرِجِهَا، أَوْ فَاتِحِ بَابِهَا، لأَِنَّهُ الْمُتْلِفُ (2) .</p>وَقَيَّدَ الْمَالِكِيَّةُ عَدَمَ ضَمَانِ الإِْتْلَافِ نَهَارًا بِشَرْطَيْنِ:</p>أَوَّلُهُمَا: أَنْ لَا يَكُونَ مَعَهَا رَاعٍ.</p>وَالآْخَرُ: أَنْ تَسْرَحَ بَعِيدًا عَنِ الْمَزَارِعِ، وَإِلَاّ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حديث البراء بن عازب تقدم تخريجه ف 6.</p><font color=#ff0000>(2)</font> الشرح الكبير مع المغني في ذيله 5 / 454 و 455، وانظر القوانين الفقهية (219) .</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٧٨)</span><hr/></div>فَعَلَى الرَّاعِي الضَّمَانُ (1) .</p>وَإِنْ أَتْلَفَتِ الْبَهِيمَةُ غَيْرَ الزَّرْعِ وَالشَّجَرِ مِنَ الأَْنْفُسِ وَالأَْمْوَال، لَمْ يَضْمَنْهُ مَالِكُهَا، لَيْلاً كَانَ أَوْ نَهَارًا، مَا لَمْ تَكُنْ يَدُهُ عَلَيْهَا (2)، وَاسْتَدَلُّوا بِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَنَّ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَال: الْعَجْمَاءُ جُبَارٌ وَيُرْوَى الْعَجْمَاءُ جُرْحُهَا جُبَارٌ (3) وَمَعْنَى جُبَارٌ: هَدْرٌ.</p>وَقَيَّدَ الْمَالِكِيَّةُ، عَدَمَ ضَمَانِ ذَلِكَ لَيْلاً، بِمَا إِذَا لَمْ يُقَصِّرْ فِي حِفْظِهَا، وَلَمْ يَكُنْ مِنْ فِعْل مَنْ مَعَهَا، فَفِي الْمُدَوَّنَةِ: مَنْ قَادَ قِطَارًا فَهُوَ ضَامِنٌ لِمَا وَطِئَ الْبَعِيرُ، فِي أَوَّل الْقِطَارِ أَوْ آخِرِهِ، وَإِنْ نَفَحَتْ رَجُلاً بِيَدِهَا أَوْ رِجْلِهَا، لَمْ يَضْمَنِ الْقَائِدُ إِلَاّ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ مِنْ شَيْءٍ فَعَلَهُ بِهَا (4) .</p>وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى أَنَّ الْحَيَوَانَ إِذَا أَتْلَفَ مَالاً أَوْ نَفْسًا، فَلَا ضَمَانَ عَلَى صَاحِبِهِ مُطْلَقًا، سَوَاءٌ أَوَقَعَ ذَلِكَ فِي لَيْلٍ أَمْ فِي نَهَارٍ (5) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) شرح الزرقاني على مختصر سيدي خليل 8 / 119، والشرح الكبير للدردير 4 / 358، وقارن بالقوانين الفقهية (219) .</p><font color=#ff0000>(2)</font> الشرح الكبير للمقدسي 5 / 455، والقوانين الفقهية (219) وحاشية البجيرمي على شرح الشربيني الخطيب 3 / 145.</p><font color=#ff0000>(3)</font> حديث:" العجماء جبار " أخرجه البخاري (3 / 364) وحديث " العجماء جرحها جبار " أخرجه البخاري (12 / 254) ومسلم (3 / 1334) تقدم تخريجه ف (75) .</p><font color=#ff0000>(4)</font> شرح الزرقاني 8 / 119، والقطار من الإبل: عدد على نسق واحد. . المصباح المنير.</p><font color=#ff0000>(5)</font> الدر المختار 5 / 390، وانظر الاختيار 5 / 47.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٧٩)</span><hr/></div>وَذَلِكَ لِحَدِيثِ الْعَجْمَاءُ جُبَارٌ الْمُتَقَدِّمِ آنِفًا.</p>لَكِنْ قَيَّدَهَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ، بِالْمُنْفَلِتَةِ الْمُسَيَّبَةِ حَيْثُ تُسَيَّبُ الأَْنْعَامُ، كَمَا هُوَ الشَّأْنُ فِي الْبَرَارِيِ، فَهَذِهِ الَّتِي جُرْحُهَا هَدْرٌ وَهَذَا مَا ذَكَرَهُ الطَّحَاوِيُّ فَقَدْ فَرَّقَ بَيْنَ مَا إِذَا كَانَ مَعَهَا حَافِظٌ فَيَضْمَنُ، وَبَيْنَ مَا إِذَا لَمْ يَكُنْ مَعَهَا حَافِظٌ، فَلَا يَضْمَنُ، وَرَوَى فِي ذَلِكَ آثَارًا (1) .</p>وَلأَِنَّهُ لَا صُنْعَ لَهُ فِي نِفَارِهَا وَانْفِلَاتِهَا، وَلَا يُمْكِنُهُ الاِحْتِرَازُ عَنْ فِعْلِهَا، فَالْمُتَوَلِّدُ مِنْهُ لَا يَكُونُ مَضْمُونًا (2) .</p>وَأَثَارَ الْمَالِكِيَّةُ - هُنَا - مَسْأَلَةَ مَا لَوْ كَانَ الْحَيَوَانُ مِمَّا لَا يُمْكِنُ الاِحْتِرَازُ مِنْهُ، وَلَا حِرَاسَتُهُ كَحَمَامٍ، وَنَحْلٍ، وَدَجَاجٍ يَطِيرُ.</p>فَذَهَبَ ابْنُ حَبِيبٍ - وَهُوَ رَوِايَةُ مُطَرِّفٍ عَنْ مَالِكٍ - إِلَى أَنَّهُ يُمْنَعُ أَرْبَابُهَا مِنِ اتِّخَاذِهِ، إِنْ آذَى النَّاسَ.</p>وَذَهَبَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَابْنُ كِنَانَةَ وَأَصْبَغُ إِلَى أَنَّهُمْ لَا يُمْنَعُونَ مِنِ اتِّخَاذِهِ، وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِمْ فِيمَا أَتْلَفَتْهُ مِنَ الزَّرْعِ، عَلَى أَرْبَابِ الزَّرْعِ وَالشَّجَرِ حِفْظُهَا.</p>وَصَوَّبَ ابْنُ عَرَفَةَ الأَْوَّل، لإِِمْكَانِ اسْتِغْنَاءِ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) شرح معاني الآثار للطحاوي 3 / 204 و 205 (ط: بيروت) .</p><font color=#ff0000>(2)</font> البدائع 7 / 273.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٧٩)</span><hr/></div>رَبِّهَا عَنْهَا، وَضَرُورَةِ النَّاسِ لِلزَّرْعِ وَالشَّجَرِ.</p>وَيُؤَيِّدُهُ - كَمَا قَال الدُّسُوقِيُّ - قَاعِدَةُ ارْتِكَابِ، أَخَفِّ الضَّرَرَيْنِ عِنْدَ التَّقَابُل، لَكِنْ قَال: وَلَكِنَّ الْمُعْتَمَدَ - كَمَا قَال شَيْخُنَا - قَوْل ابْنِ قَاسِمٍ.</p>وَالاِتِّجَاهَانِ كَذَلِكَ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ (1) .</p> </p>‌<span class="title">‌شُرُوطُ ضَمَانِ جِنَايَةِ الْحَيَوَانِ:</span></p>بَدَا مِمَّا تَقَدَّمَ اتِّفَاقُ الْفُقَهَاءِ عَلَى تَضْمِينِ جِنَايَةِ الْحَيَوَانِ، كُلَّمَا كَانَ مَعَهَا رَاكِبٌ أَوْ حَافِظٌ، أَوْ ذُو يَدٍ، وَلَا بُدَّ حِينَئِذٍ مِنْ تَوَفُّرِ شُرُوطِ الضَّمَانِ الْعَامَّةِ الْمُتَقَدِّمَةِ: مِنَ الضَّرَرِ وَالتَّعَدِّي وَالإِْفْضَاءِ.</p><font color=#ff0000>103 -</font> فَالضَّرَرُ يَسْتَوِي فِيهِ الْوَاقِعُ عَلَى النُّفُوسِ أَوِ الأَْمْوَال (2) ، وَصَرَّحَ الْعَيْنِيُّ بِأَنَّ حَدِيثَ الْعَجْمَاءُ جُبَارٌ الْمُتَقَدِّمَ، مُحْتَمِلٌ لأََنْ تَكُونَ الْجِنَايَةُ عَلَى الأَْبْدَانِ أَوِ الأَْمْوَال، وَذَكَرَ أَنَّ الأَْوَّل أَقْرَبُ إِلَى الْحَقِيقَةِ (3) ، لِمَا وَرَدَ فِي الصَّحِيحَيْنِ بِلَفْظِ الْعَجْمَاءُ جُرْحُهَا جُبَارٌ (4) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حاشية الدسوقي على الشرح الكبير للدردير 4 / 358، قبيل باب العتق، وانظر - أيضا - شرح الزرقاني 8 / 119، والدر المختار 5 / 392، وحاشية القليوبي على شرح المحلي 4 / 213.</p><font color=#ff0000>(2)</font> رد المحتار 5 / 386.</p><font color=#ff0000>(3)</font> عمدة القاري 9 / 102.</p><font color=#ff0000>(4)</font> الحديث تقدم في ف (102) .</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٨٠)</span><hr/></div><font color=#ff0000>104 -</font> وَالتَّعَدِّي بِمُجَاوَزَةِ ذِي الْيَدِ فِي اسْتِعْمَال الدَّابَّةِ، فَحَيْثُ اسْتَعْمَلَهَا فِي حُدُودِ حَقِّهِ، فِي مِلْكِهِ، أَوِ الْمَحَل الْمُعَدِّ لِلدَّوَابِّ أَوْ أَدْخَلَهَا مِلْكَ غَيْرِهِ بِإِذْنِهِ، فَأَتْلَفَتْ نَفْسًا أَوْ مَالاً، لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ إِذْ لَا ضَمَانَ مَعَ الإِْذْنِ بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَ ذَلِكَ بِغَيْرِ إِذْنِ الْمَالِكِ أَوْ أَوْقَفَهَا فِي مَحَلٍّ لَمْ يُعَدَّ لِوُقُوفِ الْحَيَوَانَاتِ، أَوْ فِي طَرِيقِ الْمُسْلِمِينَ، فَإِنَّهُ يَكُونُ ضَامِنًا لِمَا تُتْلِفُهُ حِينَئِذٍ إِذْ كُل مَنْ فَعَل فِعْلاً لَمْ يُؤْذَنْ لَهُ فِيهِ ضَمِنَ مَا تَوَلَّدَ مِنْهُ (1) .</p>وَالأَْصْل فِي هَذَا حَدِيثُ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا قَال:" قَال رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: مَنْ أَوْقَفَ دَابَّةً فِي سَبِيلٍ مِنْ سُبُل الْمُسْلِمِينَ أَوْ فِي سُوقٍ مِنْ أَسْوَاقِهِمْ، فَأَوْطَأَتْ بِيَدٍ أَوْ رِجْلٍ، فَهُوَ ضَامِنٌ (2) .</p>وَنَصَّتْ الْمَجَلَّةُ فِي الْمَادَّةِ 930 عَلَى أَنَّهُ " لَا يَضْمَنُ صَاحِبُ الدَّابَّةِ الَّتِي أَضَرَّتْ بِيَدِهَا أَوْ ذَيْلِهَا أَوْ رِجْلِهَا، حَال كَوْنِهَا فِي مِلْكِهِ، رَاكِبًا كَانَ أَوْ لَمْ يَكُنْ "، كَمَا نَصَّتْ (الْمَادَّةُ: 931) عَلَى أَنَّهُ إِذَا أَدْخَل أَحَدٌ دَابَّتَهُ فِي مِلْكِ غَيْرِهِ بِإِذْنِهِ، لَا يَضْمَنُ جِنَايَتَهَا، فِي الصُّوَرِ الَّتِي ذُكِرَتْ فِي الْمَادَّةِ آنِفًا حَيْثُ إِنَّهَا تُعَدُّ كَالْكَائِنَةِ فِي مِلْكِهِ، وَإِنْ كَانَ أَدْخَلَهَا بِدُونِ إِذْنِ صَاحِبِهِ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) جامع الفصولين 2 / 88.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حديث: تقدم في ف (6) .</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٨٠)</span><hr/></div>يَضْمَنُ ضَرَرَ تِلْكَ الدَّابَّةِ وَخَسَارَهَا عَلَى كُل حَالٍ.</p>- كَمَا نَصَّتْ فِي (الْمَادَّةِ: 939) عَلَى أَنَّهُ إِذَا رَبَطَ شَخْصَانِ دَابَّتَيْهِمَا فِي مَحَلٍّ لَهُمَا حَقُّ الرَّبْطِ فِيهِ، فَأَتْلَفَتْ إِحْدَى الدَّابَّتَيْنِ الأُْخْرَى، لَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ.</p>وَفِي النُّصُوصِ:" لَوْ أَوْقَفَهَا عَلَى بَابِ الْمَسْجِدِ الأَْعْظَمِ، أَوْ مَسْجِدٍ آخَرَ، يَضْمَنُ إِلَاّ إِذَا جَعَل الإِْمَامُ لِلْمُسْلِمِينَ مَوْضِعًا يُوقِفُونَ دَوَابَّهُمْ فَلَا يَضْمَنُ (1) ".</p>وَلَوْ رَبَطَ دَابَّتَهُ فِي مَكَان، ثُمَّ رَبَطَ آخَرُ فِيهِ دَابَّتَهُ، فَعَضَّتْ إِحْدَاهُمَا الأُْخْرَى، لَا ضَمَانَ لَوْ كَانَ لَهُمَا فِي الْمَرْبِطِ وِلَايَةُ الرَّبْطِ (2) .</p>وَعَلَّلَهُ الرَّمْلِيُّ، نَقْلاً عَنِ الْقَاضِي، بِأَنَّ الرَّبْطَ جِنَايَةٌ، فَمَا تَوَلَّدَ مِنْهُ ضَمِنَهُ (3) .</p><font color=#ff0000>105 -</font> وَأَمَّا الإِْفْضَاءُ، وَهُوَ وُصُول الضَّرَرِ مُبَاشَرَةً أَوْ تَسَبُّبًا، فَإِنَّ فِعْل الْحَيَوَانِ لَا يُوصَفُ بِمُبَاشَرَةٍ أَوْ تَسْبِيبٍ، لأَِنَّهُ لَيْسَ مِمَّا يَصِحُّ إِضَافَةُ الْحُكْمِ إِلَيْهِ، وَإِنَّمَا يُوصَفُ بِذَلِكَ صَاحِبُهُ، فَتُطَبَّقُ الْقَاعِدَةُ الْعَامَّةُ: أَنَّ الْمُبَاشِرَ ضَامِنٌ وَإِنْ لَمْ يَتَعَدَّ، وَالْمُتَسَبِّبُ لَا يَضْمَنُ إِلَاّ بِالتَّعَدِّي (4) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) جامع الفصولين 2 / 86.</p><font color=#ff0000>(2)</font> جامع الفصولين 2 / 87.</p><font color=#ff0000>(3)</font> حاشية الرملي على جامع الفصولين 2 / 87.</p><font color=#ff0000>(4)</font> مجمع الضمانات (165) .</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٨١)</span><hr/></div>وَيُعْتَبَرُ ذُو الْيَدِ عَلَى الْحَيَوَانِ، وَصَاحِبُهُ مُبَاشِرًا إِذَا كَانَ رَاكِبًا فِي مِلْكِهِ أَوْ فِي مِلْكِ غَيْرِهِ، وَلَوْ بِإِذْنِهِ أَوْ فِي طَرِيقِ الْعَامَّةِ، فَيَضْمَنُ مَا يُحْدِثُهُ بِتَلَفِهِ، وَإِنْ لَمْ يَتَعَدَّ.</p>فَرَاكِبُ الدَّابَّةِ يَضْمَنُ مَا وَطِئَتْهُ بِرِجْلِهَا، أَوْ يَدِهَا - كَمَا يَقُول الْكَاسَانِيُّ - أَيْ وَمَاتَ لِوُجُودِ الْخَطَأِ فِي هَذَا الْقَتْل، وَحُصُولُهُ عَلَى سَبِيل الْمُبَاشَرَةِ لأَِنَّ ثِقَل الرَّاكِبِ عَلَى الدَّابَّةِ، وَالدَّابَّةُ آلَةٌ لَهُ، فَكَانَ الْقَتْل الْحَاصِل بِثِقَلِهَا مُضَافًا إِلَى الرَّاكِبِ، وَالرَّدِيفُ وَالرَّاكِبُ سَوَاءٌ، وَعَلَيْهِمَا الْكَفَّارَةُ، وَيُحْرَمَانِ مِنَ الْمِيرَاثِ وَالْوَصِيَّةِ، لأَِنَّ ثِقَلَهُمَا عَلَى الدَّابَّةِ، وَالدَّابَّةُ آلَةٌ لَهُمَا، فَكَانَا قَاتِلَيْنِ عَلَى طَرِيقِ الْمُبَاشَرَةِ (1) .</p>وَلَوْ كَدَمَتْ أَوْ صَدَمَتْ، فَهُوَ ضَامِنٌ، وَلَا كَفَّارَةَ وَلَا حِرْمَانَ، لأَِنَّهُ قَتْلٌ بِسَبَبٍ.</p>وَلَوْ أَصَابَتْ وَمَعَهَا سَائِقٌ وَقَائِدٌ، فَلَا كَفَّارَةَ وَلَا حِرْمَانَ، لأَِنَّهُ قَتْلٌ تَسْبِيبًا لَا مُبَاشَرَةً، بِخِلَافِ الرَّاكِبِ وَالرَّدِيفِ (2) .</p>وَهَذَا خِلَافُ مَا فِي مَجْمَعِ الأَْنْهُرِ، حَيْثُ نَصَّ عَلَى أَنَّ الرَّاكِبَ فِي مِلْكِهِ لَا يَضْمَنُ شَيْئًا، لأَِنَّهُ غَيْرُ مُتَعَدٍّ، بِخِلَافِ مَا إِذَا كَانَ فِي طَرِيقِ الْعَامَّةِ، فَيَضْمَنُ لِلتَّعَدِّي (3) .</p>وَمِثَال مَا لَوْ أَتْلَفَتْ شَيْئًا بِتَسْبِيبِ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) البدائع 7 / 272.</p><font color=#ff0000>(2)</font> البدائع 7 / 272.</p><font color=#ff0000>(3)</font> مجمع الأنهر 2 / 659، وانظر الدر المختار ورد المحتار 5 / 387.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٨١)</span><hr/></div>صَاحِبِهَا: مَا لَوْ أَوْقَفَهَا فِي مِلْكِ غَيْرِهِ، فَجَالَتْ فِي رِبَاطِهَا، حَيْثُ طَال الرَّسَنُ فَأَتْلَفَتْ شَيْئًا، ضَمِنَ، لأَِنَّهُ مُمْسِكُهَا فِي أَيِّ مَوْضِعٍ ذَهَبَتْ، مَا دَامَتْ فِي مَوْضِعِ رِبَاطِهَا (1) .</p>فَقَدْ وُجِدَ شَرْطُ الضَّمَانِ بِالتَّسْبِيبِ بِالتَّعَدِّي، وَهُوَ الرَّبْطُ فِي مِلْكِ غَيْرِهِ.</p>وَمِثَال اجْتِمَاعِ الْمُبَاشَرَةِ وَالتَّسْبِيبِ، حَيْثُ تُقَدَّمُ الْمُبَاشَرَةُ، مَا لَوْ رَبَطَ بَعِيرًا إِلَى قِطَارٍ، وَالْقَائِدُ لَا يَعْلَمُ، فَوَطِئَ الْبَعِيرُ الْمَرْبُوطُ إِنْسَانًا، فَقَتَلَهُ، فَعَلَى عَاقِلَةِ الْقَائِدِ الدِّيَةُ، لِعَدَمِ صِيَانَةِ الْقِطَارِ عَنْ رَبْطِ غَيْرِهِ، فَكَانَ مُتَعَدِّيًا (مُقَصِّرًا) لَكِنْ يُرْجَعُ عَلَى عَاقِلَةِ الرَّابِطِ، لأَِنَّهُ هُوَ الَّذِي أَوْقَعَهُ فِي هَذِهِ الْعُهْدَةِ.</p>وَإِنَّمَا لَمْ يَجِبِ الضَّمَانُ عَلَيْهِ ابْتِدَاءً، وَكُلٌّ مِنْهُمَا مُتَسَبِّبٌ، لأَِنَّ الرَّبْطَ، مِنَ الْقَوَدِ، بِمَنْزِلَةِ التَّسْبِيبِ مِنَ الْمُبَاشَرَةِ، لاِتِّصَال التَّلَفِ بِالْقَوَدِ دُونَ الرَّبْطِ (2) .</p>وَمِثَال مَا إِذَا لَمْ يَكُنْ مُبَاشِرًا وَلَا مُتَسَبِّبًا، حَيْثُ لَا يَضْمَنُ، مَا إِذَا قَتَل سِنَّوْرُهُ حَمَامَةً فَإِنَّهُ لَا يَضْمَنُ، لِحَدِيثِ: الْعَجْمَاءُ جُرْحُهَا جُبَارٌ الْمُتَقَدِّمِ آنِفًا (3) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) جامع الفصولين 2 / 86، وانظر حاشية الرملي في الموضع نفسه، والرَّسَن: الحبل. . المصباح المنير.</p><font color=#ff0000>(2)</font> الهداية وشروحها 9 / 263.</p><font color=#ff0000>(3)</font> جامع الفصولين 2 / 85.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٨٢)</span><hr/></div>وَالأَْصَحُّ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ أَنَّ الْهِرَّةَ إِنْ أَتْلَفَتْ طَيْرًا أَوْ طَعَامًا لَيْلاً أَوَنَهَارًا ضَمِنَ مَالِكُهَا إِنْ عَهِدَ ذَلِكَ مِنْهَا، وَإِلَاّ فَلَا يَضْمَنُ فِي الأَْصَحِّ (1) .</p><font color=#ff0000>106 -</font> وَمِنْ مَشْمُولَاتِ الإِْفْضَاءِ: التَّعَمُّدُ، كَمَا لَوْ أَلْقَى هِرَّةً عَلَى حَمَامَةٍ أَوْ دَجَاجَةٍ، فَأَكَلَتْهَا ضَمِنَ لَوْ أَخَذَتْهَا بِرَمْيِهِ وَإِلْقَائِهِ، لَا لَوْ بَعْدَهُ. . . وَيَضْمَنُ بِإِشْلَاءِ كَلْبِهِ، لأَِنَّهُ بِإِغْرَائِهِ يَصِيرُ آلَةً لِعَقْرِهِ، فَكَأَنَّهُ ضَرَبَهُ بِسَيْفِهِ (2) .</p>وَمِنْ مَشْمُولَاتِهِ التَّسَبُّبُ بِعَدَمِ الاِحْتِرَازِ: فَالأَْصْل: أَنَّ الْمُرُورَ بِطَرِيقِ الْمُسْلِمِينَ مُبَاحٌ، بِشَرْطِ السَّلَامَةِ، فِيمَا يُمْكِنُ الاِحْتِرَازُ مِنْهُ، لَا فِيمَا لَا يُمْكِنُ الاِحْتِرَازُ مِنْهُ (3) :</p>فَلَوْ أَوْقَفَ دَابَّتَهُ فِي الطَّرِيقِ ضَمِنَ مَا نَفَحَتْهُ، لأَِنَّ بِإِمْكَانِهِ الاِحْتِرَازَ مِنَ الإِْيقَافِ، وَإِنْ لَمْ يُمْكِنِ الاِحْتِرَازُ مِنَ النَّفْحَةِ، فَصَارَ مُتَعَدِّيًا بِالإِْيقَافِ وَشَغْل الطَّرِيقِ بِهِ (4) .</p>بِخِلَافِ مَا لَوْ أَصَابَتْ بِيَدِهَا أَوْ رِجْلِهَا حَصَاةً، أَوْ أَثَارَتْ غُبَارًا، فَفَقَأَتْ الْحَصَاةُ عَيْنَ إِنْسَانٍ، أَوْ أَفْسَدَ الْغُبَارُ ثَوْبَ إِنْسَانٍ فَإِنَّهُ لَا يَضْمَنُ لأَِنَّهُ لَا يُمْكِنُ الاِحْتِرَازُ مِنْهُ، لأَِنَّ سَيْرَ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) شرح المحلي على المنهاج 4 / 213.</p><font color=#ff0000>(2)</font> جامع الفصولين 2 / 85، وانظر الهداية وشروحها 9 / 264 و 265، والمبسوط 27 / 5.</p><font color=#ff0000>(3)</font> الهداية وشروحها 9 / 258 و 259، ودرر الحكام 2 / 111.</p><font color=#ff0000>(4)</font> الهداية بشروحها 9 / 259.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٨٢)</span><hr/></div>الدَّوَابِّ لَا يَخْلُو عَنْهُ (1) .</p>وَلِلْحَنَابِلَةِ وَالشَّافِعِيَّةِ تَفْصِيلٌ وَخِلَافٌ فِي الطَّرِيقِ الْوَاسِعِ (2) .</p>وَجَاءَ فِي الْمَجَلَّةِ (الْمَادَّةِ: 934) : لَيْسَ لأَِحَدٍ حَقُّ تَوْقِيفِ دَابَّتِهِ أَوْ رَبْطِهَا فِي الطَّرِيقِ الْعَامِّ.</p>وَمِنْ مَشْمُولَاتِهِ التَّسَبُّبُ بِالتَّقْصِيرِ، وَمِنَ الْفُرُوعِ: مَا لَوْ رَأَى دَابَّتَهُ تَأْكُل حِنْطَةَ غَيْرِهِ، فَلَمْ يَمْنَعْهَا، حَتَّى أَكَلَتْهَا، فَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يَضْمَنُ (3) .</p>وَبِهَذَا أَخَذَتْ الْمَجَلَّةُ، حَيْثُ نَصَّتْ عَلَى أَنَّهُ " لَوْ اسْتَهْلَكَ حَيَوَانٌ مَال أَحَدٍ، وَرَآهُ صَاحِبُهُ، فَلَمْ يَمْنَعْهُ يَضْمَنُ ". (الْمَادَّةُ: 929) .</p><font color=#ff0000>107 -</font> وَالضَّامِنُ لِجِنَايَةِ الْحَيَوَانِ، لَمْ يُقَيَّدْ فِي النُّصُوصِ الْفِقْهِيَّةِ، بِكَوْنِهِ مَالِكًا أَوْ غَيْرَهُ، بَل هُوَ ذُو الْيَدِ، الْقَابِضُ عَلَى زِمَامِهِ، الْقَائِمُ عَلَى تَصْرِيفِهِ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ مَالِكًا، وَلَوْ لَمْ يَحِل لَهُ الاِنْتِفَاعُ بِهِ، وَيَشْمَل هَذَا السَّائِسَ وَالْخَادِمَ.</p>قَال النَّوَوِيُّ: إِنَّ الضَّمَانَ يَجِبُ فِي مَال الَّذِي هُوَ مَعَهَا، سَوَاءٌ كَانَ مَالِكًا أَوْ مُسْتَأْجِرًا<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) نفسه، ومجمع الضمانات (185) .</p><font color=#ff0000>(2)</font> المغني 10 / 359.</p><font color=#ff0000>(3)</font> الدر المختار 5 / 392.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٨٣)</span><hr/></div>أَوْ مُسْتَعِيرًا، أَوْ غَاصِبًا أَوْ مُودِعًا، أَوْ وَكِيلاً أَوْ غَيْرَهُ (1) .</p>وَيَقُول الشَّرْقَاوِيُّ فِي جِنَايَةِ الدَّابَّةِ: لَا تَتَعَلَّقُ بِرَقَبَتِهَا، بَل بِذِي الْيَدِ عَلَيْهَا (2) .</p><font color=#ff0000>108 -</font> وَلَوْ تَعَدَّدَ وَاضِعُو الْيَدِ عَلَى الْحَيَوَانِ، فَالضَّمَانُ - فِيمَا يَبْدُو مِنَ النُّصُوصِ - عَلَى الأَْقْوَى يَدًا، وَالأَْكْثَرِ قُدْرَةً عَلَى التَّصَرُّفِ، وَعِنْدَ الاِسْتِوَاءِ يَكُونُ الضَّمَانُ عَلَيْهِمَا.</p>قَال الْكَاسَانِيُّ: وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا سَائِقًا، وَالآْخَرُ قَائِدًا، فَالضَّمَانُ عَلَيْهِمَا لأَِنَّهُمَا اشْتَرَكَا فِي التَّسْبِيبِ، فَيَشْتَرِكَانِ فِي الضَّمَانِ، وَكَذَلِكَ إِذَا كَانَ أَحَدُهُمَا سَائِقًا وَالآْخَرُ رَاكِبًا أَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا قَائِدًا وَالآْخَرُ رَاكِبًا، فَالضَّمَانُ عَلَيْهِمَا، لِوُجُودِ سَبَبِ الضَّمَانِ مِنْ كُل وَاحِدٍ مِنْهُمَا، إِلَاّ أَنَّ الْكَفَّارَةَ تَجِبُ عَلَى الرَّاكِبِ وَحْدَهُ، فِيمَا لَوْ وَطِئَتْ دَابَّتُهُ إِنْسَانًا فَقَتَلَتْهُ، لِوُجُودِ الْقَتْل مِنْهُ وَحْدَهُ مُبَاشَرَةً (3) ، وَإِنْ كَانَ الْحَصْكَفِيُّ صَحَّحَ عَدَمَ تَضْمِينِ السَّائِقِ، لأَِنَّ الإِْضَافَةَ إِلَى الْمُبَاشِرِ أَوْلَى، لَكِنَّ السَّبَبَ - هُنَا - مِمَّا يَعْمَل بِانْفِرَادِهِ، فَيَشْتَرِكَانِ كَمَا حَقَّقَهُ وَنَقَلَهُ ابْنُ عَابِدِينَ (4) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) شرح صحيح مسلم للنووي 11 / 225 (ط: المطبعة المصرية في القاهرة: 1349 هـ.) .</p><font color=#ff0000>(2)</font> حاشية الشرقاوي على شرح التحرير 2 / 459.</p><font color=#ff0000>(3)</font> البدائع 7 / 280.</p><font color=#ff0000>(4)</font> الدر المختار ورد المحتار عليه 5 / 388.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٨٣)</span><hr/></div>وَقَال ابْنُ قُدَامَةَ: فَإِنْ كَانَ عَلَى الدَّابَّةِ رَاكِبَانِ، فَالضَّمَانُ عَلَى الأَْوَّل مِنْهُمَا، لأَِنَّهُ الْمُتَصَرِّفُ فِيهَا، الْقَادِرُ عَلَى كَفِّهَا، إِلَاّ أَنْ يَكُونَ الأَْوَّل مِنْهُمَا صَغِيرًا أَوْ مَرِيضًا أَوْ نَحْوَهُمَا، وَيَكُونُ الثَّانِي الْمُتَوَلِّي لِتَدْبِيرِهَا، فَيَكُونُ الضَّمَانُ عَلَيْهِ.</p>وَإِنْ كَانَ مَعَ الدَّابَّةِ قَائِدٌ وَسَائِقٌ، فَالضَّمَانُ عَلَيْهِمَا، لأَِنَّ كُل وَاحِدٍ مِنْهُمَا لَوِ انْفَرَدَ ضَمِنَ، فَإِذَا اجْتَمَعَا ضَمِنَا: وَإِنْ كَانَ مَعَهُمَا أَوْ مَعَ أَحَدِهِمَا رَاكِبٌ، فَفِيهِ وَجْهَانِ:</p>أَحَدُهُمَا: أَنَّ الضَّمَانَ عَلَيْهِمَا جَمِيعًا، لِذَلِكَ.</p>وَالآْخَرُ: أَنَّهُ عَلَى الرَّاكِبِ، لأَِنَّهُ أَقْوَى يَدًا وَتَصَرُّفًا.</p>وَيُحْتَمَل أَنْ يَكُونَ عَلَى الْقَائِدِ لأَِنَّهُ لَا حُكْمَ لِلرَّاكِبِ عَلَى الْقَائِدِ (1) .</p> </p>ب -‌<span class="title">‌ ضَمَانُ جِنَايَةِ الْحَيَوَانِ الْخَطِرِ:</span></p><font color=#ff0000>109 -</font> وَيَتَمَثَّل فِي الْكَبْشِ النَّطُوحِ، وَالْجَمَل الْعَضُوضِ، وَالْفَرَسِ الْكَدُومِ، وَالْكَلْبِ الْعَقُورِ، كَمَا يَتَمَثَّل فِي الْحَشَرَاتِ الْمُؤْذِيَةِ، وَالْحَيَّةِ وَالْعَقْرَبِ، وَالْحَيَوَانَاتِ الْوَحْشِيَّةِ الْمُفْتَرِسَةِ، وَسِبَاعِ الْبَهَائِمِ، كَالأَْسَدِ وَالذِّئْبِ، وَسِبَاعِ الطَّيْرِ كَالْحِدَأَةِ وَالْغُرَابِ، وَفِيهَا مَذَاهِبُ لِلْفُقَهَاءِ:<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المغني بالشرح الكبير 10 / 359.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٨٤)</span><hr/></div>مَذْهَبُ الْحَنَفِيَّةِ هُوَ ضَمَانُ مَا يُتْلِفُهُ الْحَيَوَانُ الْخَطِرُ، مِنْ مَالٍ أَوْ نَفْسٍ إِذَا وُجِدَ مِنْ مَالِكِهِ إِشْلَاءٌ أَوْ إِغْرَاءٌ أَوْ إِرْسَالٌ، وَهُوَ قَوْل أَبِي يُوسُفَ، الَّذِي أَوْجَبَ الضَّمَانَ فِي هَذَا كُلِّهِ، احْتِيَاطًا لأَِمْوَال النَّاسِ (1) خِلَافًا لأَِبِي حَنِيفَةَ (2)، وَالَّذِي أَفْتَوْا بِهِ هُوَ: الضَّمَانُ بَعْدَ الإِْشْلَاءِ كَالْحَائِطِ الْمَائِل، فِي النَّفْسِ وَالْمَال (3) كَمَا فِي الإِْغْرَاءِ (4) .</p>وَعَلَّل الضَّمَانَ بِالإِْشْلَاءِ، بِأَنَّهُ بِالإِْغْرَاءِ. يَصِيرُ الْكَلْبُ آلَةً لِعَقْرِهِ، فَكَأَنَّهُ ضَرَبَهُ بِحَدِّ سَيْفِهِ (5) .</p>وَفِي مَذْهَبِ مَالِكٍ تَفْصِيلٌ ذَكَرَهُ الدُّسُوقِيُّ، وَهُوَ:</p>إِذَا اتَّخَذَ الْكَلْبَ الْعَقُورَ، بِقَصْدِ قَتْل إِنْسَانٍ مُعَيَّنٍ وَقَتَلَهُ فَالْقَوَدُ، أُنْذِرَ عَنِ اتِّخَاذِهِ أَوْ لَا.</p>وَإِنْ قَتَل غَيْرَ الْمُعَيَّنِ فَالدِّيَةُ، وَكَذَلِكَ إِنِ اتَّخَذَهُ لِقَتْل غَيْرِ الْمُعَيَّنِ، وَقَتَل شَخْصًا فَالدِّيَةُ، أُنْذِرَ أَمْ لَا.</p>وَإِنِ اتَّخَذَهُ لِوَجْهٍ جَائِزٍ فَالدِّيَةُ إِنْ تَقَدَّمَ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الهداية بشروحها والعناية منها 9 / 264، والدر المنتقى بهامش مجمع الأنهر 2 / 662.</p><font color=#ff0000>(2)</font> البدائع 7 / 273.</p><font color=#ff0000>(3)</font> الدر المختار ورد المحتار 5 / 392، وانظر مجمع الضمانات (190) وجامع الفصولين 2 / 85.</p><font color=#ff0000>(4)</font> جامع الفصولين 2 / 85.</p><font color=#ff0000>(5)</font> جامع الفصولين 2 / 85، عن فوائد الرستغني.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٨٤)</span><hr/></div>لَهُ إِنْذَارٌ قَبْل الْقَتْل، وَإِلَاّ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ.</p>وَإِنِ اتَّخَذَهُ لَا لِوَجْهٍ جَائِزٍ ضَمِنَ مَا أَتْلَفَ، تَقَدَّمَ لَهُ فِيهِ إِنْذَارٌ أَمْ لَا، حَيْثُ عَرَفَ أَنَّهُ عَقُورٌ، وَإِلَاّ لَمْ يَضْمَنْ، لأَِنَّ فِعْلَهُ حِينَئِذٍ كَفِعْل الْعَجْمَاءِ (1) .</p>وَذَهَبَ الْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّ الْحَيَوَانَ الْخَطِرَ يَنْبَغِي أَنْ يُرْبَطَ وَيُكَفَّ شَرُّهُ، كَالْكَلْبِ الْعَقُورِ، وَكَالسِّنَّوْرِ إِذَا عُهِدَ مِنْهُ إِتْلَافُ الطَّيْرِ أَوِ الطَّعَامِ، فَإِذَا أَطْلَقَ الْكَلْبَ الْعَقُورَ أَوِ السِّنَّوْرَ، فَعَقَرَ إِنْسَانًا، أَوْ أَتْلَفَ طَعَامًا أَوْ ثَوْبًا، لَيْلاً أَوْ نَهَارًا، ضَمِنَ مَا أَتْلَفَهُ، لأَِنَّهُ مُفَرِّطٌ بِاقْتِنَائِهِ وَإِطْلَاقِهِ إِلَاّ إِذَا دَخَل دَارَهُ إِنْسَانٌ بِغَيْرِ إِذْنِهِ، فَعَقَرَهُ، فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ، لأَِنَّهُ مُتَعَدٍّ بِالدُّخُول، مُتَسَبِّبٌ بِعَدَمِ الاِسْتِئْذَانِ لِعَقْرِ الْكَلْبِ لَهُ، فَإِنْ دَخَل بِإِذْنِ الْمَالِكِ فَعَلَيْهِ ضَمَانُهُ، لأَِنَّهُ تَسَبَّبَ إِلَى إِتْلَافِهِ.</p>وَكَذَلِكَ إِذَا اقْتَنَى سِنَّوْرًا، يَأْكُل أَفْرَاخَ النَّاسِ، ضَمِنَ مَا أَتْلَفَهُ كَالْكَلْبِ الْعَقُورِ (2) ، وَهَذَا - هُوَ الأَْصَحُّ - عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ، كُلَّمَا عَهِدَ ذَلِكَ مِنْهُ لَيْلاً أَوْ نَهَارًا، قَال الْمَحَلِّيُّ: لأَِنَّ هَذِهِ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حاشية الدسوقي على الشرح الكبير للدردير 4 / 244 و 357، وعلله هنا بأنه فرط في حفظها، وانظر جواهر الإكليل 2 / 257، والعقد المنظم للأحكام لابن سلمون الكناني بهامش تبصرة الحكام لابن فرحون 2 / 87 (ط: المطبعة البهية في القاهرة: 1302 هـ.) .</p><font color=#ff0000>(2)</font> المغني بالشرح الكبير 10 / 358، وكشاف القناع 4 / 119 و 120.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٨٥)</span><hr/></div>الْهِرَّةَ) يَنْبَغِي أَنْ تُرْبَطَ وَيُكَفَّ شَرُّهَا (1) .</p>أَمَّا مَا يُتْلِفُهُ الْكَلْبُ الْعَقُورُ لِغَيْرِ الْعَقْرِ، كَمَا لَوْ وَلَغَ فِي إِنَاءٍ، أَوْ بَال، فَلَا يُضْمَنُ، لأَِنَّ هَذَا لَا يَخْتَصُّ بِهِ الْكَلْبُ الْعَقُورُ (2) .</p> </p>‌<span class="title">‌رَابِعًا: ضَمَانُ سُقُوطِ الْمَبَانِي:</span></p><font color=#ff0000>110 -</font> بَحَثَ الْفُقَهَاءُ مَوْضُوعَ سُقُوطِ الْمَبَانِي وَضَمَانَهَا بِعِنْوَانِ: الْحَائِطِ الْمَائِل. وَيَتَنَاوَل الْقَوْل فِي ضَمَانِ الْحَائِطِ، مَا يَلْحَقُ بِهِ، مِنَ الشُّرُفَاتِ وَالْمَصَاعِدِ وَالْمَيَازِيبِ وَالأَْجْنِحَةِ، إِذَا شُيِّدَتْ مُطِلَّةً عَلَى مِلْكِ الآْخَرِينَ أَوِ الطَّرِيقِ الْعَامِّ وَمَا يَتَّصِل بِهَا مِنْ أَحْكَامٍ.</p>وَقَدْ مَيَّزَ الْفُقَهَاءُ، بَيْنَ مَا إِذَا كَانَ الْبِنَاءُ، أَوِ الْحَائِطُ أَوْ نَحْوُهُ، مَبْنِيًّا مِنَ الأَْصْل مُتَدَاعِيًا ذَا خَلَلٍ، أَوْ مَائِلاً، وَبَيْنَ مَا إِذَا كَانَ الْخَلَل طَارِئًا، فَهُمَا حَالَتَانِ:</p> </p>‌<span class="title">‌الْحَالَةُ الأُْولَى: الْخَلَل الأَْصْلِيُّ فِي الْبِنَاءِ:</span></p><font color=#ff0000>111 -</font> هُوَ الْخَلَل الْمَوْجُودُ فِي الْبِنَاءِ، مُنْذُ الإِْنْشَاءِ، كَأَنْ أُنْشِئَ مَائِلاً إِلَى الطَّرِيقِ الْعَامِّ أَوْ أُشْرِعَ الْجَنَاحُ أَوِ الْمِيزَابُ أَوِ الشُّرْفَةُ، بِغَيْرِ إِذْنٍ، أَوْ أَشْرَعَهُ فِي غَيْرِ مِلْكِهِ.</p>قَال الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ إِنْ سَقَطَ الْبِنَاءُ فِي<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) شرح المحلي على المنهاج 4 / 213، وانظر فتح الوهاب بشرح منهج الطلاب، وحاشية البجيرمي عليه المسماة: التجريد لنفع العبيد 4 / 226 (ط: بولاق: 1309 هـ) . وحاشية البجيرمي على الخطيب 4 / 191.</p><font color=#ff0000>(2)</font> المغني بالشرح الكبير 10 / 358، وكشاف القناع 4 / 120.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٨٥)</span><hr/></div>هَذِهِ الْحَال، فَأَتْلَفَ إِنْسَانًا أَوْ حَيَوَانًا أَوْ مَالاً، كَانَ ذَلِكَ مَضْمُونًا عَلَى صَاحِبِهِ، مُطْلَقًا مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ (1) ، وَمِنْ غَيْرِ إِشْهَادٍ وَلَا طَلَبٍ، لأَِنَّ فِي الْبِنَاءِ تَعَدِّيًا ظَاهِرًا ثَابِتًا مُنْذُ الاِبْتِدَاءِ وَذَلِكَ بِشَغْل هَوَاءِ الطَّرِيقِ بِالْبِنَاءِ، وَهَوَاءُ الطَّرِيقِ كَأَصْل الطَّرِيقِ حَقُّ الْمَارَّةِ، فَمَنْ أَحْدَث فِيهِ شَيْئًا، كَانَ مُتَعَدِّيًا ضَامِنًا (2) .</p>وَالشَّافِعِيَّةُ لَا يُفَرِّقُونَ فِي الضَّمَانِ، بَيْنَ أَنْ يَأْذَنَ الإِْمَامُ فِي الإِْشْرَاعِ أَوْ لَا، لأَِنَّ الاِنْتِفَاعَ بِالشَّارِعِ مَشْرُوطٌ بِسَلَامَةِ الْعَاقِبَةِ، بِأَنْ لَا يَضُرَّ بِالْمَارَّةِ، وَمَا تَوَلَّدَ مِنْهُ مَضْمُونٌ، وَإِنْ كَانَ إِشْرَاعًا جَائِزًا.</p>لَكِنْ مَا تَوَلَّدَ مِنَ الْجَنَاحِ، فِي دَرْبٍ مُنْسَدٍّ، بِغَيْرِ إِذْنِ أَهْلِهِ، مَضْمُونٌ، وَبِإِذْنِهِمْ لَا ضَمَانَ فِيهِ (3) .</p>وَقَال الْحَنَابِلَةُ: وَإِذَا بَنَى فِي مِلْكِهِ حَائِطًا مَائِلاً إِلَى الطَّرِيقِ، أَوْ إِلَى مِلْكِ غَيْرِهِ، فَتَلِفَ بِهِ شَيْءٌ أَوْ سَقَطَ عَلَى شَيْءٍ فَأَتْلَفَهُ ضَمِنَهُ، لأَِنَّهُ مُتَعَدٍّ بِذَلِكَ، فَإِنَّهُ لَيْسَ لَهُ الاِنْتِفَاعُ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) جواهر الإكليل 2 / 297، وشرح الزرقاني 8 / 117، والشرح الكبير للدردير 4 / 356، ومنح الجليل 4 / 559.</p><font color=#ff0000>(2)</font> المبسوط 27 / 9، والهداية بشروحها 9 / 254، ومجمع الضمانات 183، ودرر الحكام 2 / 111، والدر المختار 5 / 385، وشرح التحرير بحاشية الشرقاوي 2 / 460، وروضة الطالبين 9 / 321.</p><font color=#ff0000>(3)</font> شرح المحلي وحاشية القليوبي عليه 4 / 148، وروضة الطالبين 9 / 319.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٨٦)</span><hr/></div>بِالْبِنَاءِ فِي هَوَاءٍ مِلْكِ غَيْرِهِ، أَوْ هَوَاءٍ مُشْتَرَكٍ، وَلأَِنَّهُ يُعَرِّضُهُ لِلْوُقُوعِ عَلَى غَيْرِهِ فِي غَيْرِ مِلْكِهِ، فَأَشْبَهَ مَا لَوْ نَصَبَ فِيهِ مِنْجَلاً يَصِيدُ بِهِ (1) .</p> </p>‌<span class="title">‌الْحَالَةُ الثَّانِيَةُ: الْخَلَل الطَّارِئُ:</span></p><font color=#ff0000>112 -</font> إِذَا أُنْشِئَ الْبِنَاءُ مُسْتَقِيمًا ثُمَّ مَال، أَوْ سَلِيمًا ثُمَّ تَشَقَّقَ وَوَقَعَ، وَحَدَثَ بِسَبَبِ وُقُوعِهِ تَلَفٌ، فَذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ - اسْتِحْسَانًا - وَالْمَالِكِيَّةِ، وَهُوَ الْمُخْتَارُ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ (2) ، وَالْمَرْوِيُّ عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه وَشُرَيْحٍ وَالنَّخَعِيِّ وَالشَّعْبِيِّ وَغَيْرِهِمْ مِنَ التَّابِعِينَ (3) إِلَى أَنَّهُ يَضْمَنُ مَا تَلِفَ بِهِ، مِنْ نَفْسٍ أَوْ حَيَوَانٍ أَوْ مَالٍ، إِذَا طُولِبَ صَاحِبُهُ بِالنَّقْضِ، وَأَشْهَدَ عَلَيْهِ، وَمَضَتْ مُدَّةٌ يَقْدِرُ عَلَى النَّقْضِ خِلَالَهَا، وَلَمْ يَفْعَل.</p>وَهَذَا قَوْلٌ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ، فَقَدْ قَالُوا: إِنْ أَمْكَنَهُ هَدْمُهُ أَوْ إِصْلَاحُهُ، ضَمِنَ، لِتَقْصِيرِهِ بِتَرْكِ النَّقْضِ وَالإِْصْلَاحِ (4) .</p>وَالْقِيَاسُ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ عَدَمُ الضَّمَانِ، لأَِنَّهُ لَمْ يُوجَدْ مِنَ الْمَالِكِ صُنْعٌ هُوَ تَعَدٍّ، لأَِنَّ الْبِنَاءَ كَانَ فِي مِلْكِهِ مُسْتَقِيمًا، وَالْمَيَلَانُ وَشَغْل الْهَوَاءِ لَيْسَ مِنْ فِعْلِهِ، فَلَا يَضْمَنُ، كَمَا إِذَا لَمْ يَشْهَدْ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المغني بالشرح الكبير 9 / 571، 572.</p><font color=#ff0000>(2)</font> المغني 9 / 572، والشرح الكبير معه 5 / 450، والدسوقي 4 / 356.</p><font color=#ff0000>(3)</font> المبسوط 27 / 5، وتبيين الحقائق 6 / 147.</p><font color=#ff0000>(4)</font> شرح المحلي على المنهاج بحاشية القليوبي وعميرة 4 / 148.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٨٦)</span><hr/></div>عَلَيْهِ (1)، وَلِمَا قَالُوهُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ: وَمَنْ قَتَلَهُ الْحَجَرُ، بِغَيْرِ فِعْل الْبَشَرِ، فَهُوَ بِالإِْجْمَاعِ هَدْرٌ (2) .</p>وَوَجْهُ الاِسْتِحْسَانِ: مَا رُوِيَ عَنِ الأَْئِمَّةِ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ الْمَذْكُورِينَ، وَأَنَّ الْحَائِطَ لَمَّا مَال فَقَدْ شَغَل هَوَاءَ الطَّرِيقِ بِمِلْكِهِ، وَرَفْعُهُ بِقُدْرَةِ صَاحِبِهِ، فَإِذَا تَقَدَّمَ إِلَيْهِ وَطُولِبَ بِتَفْرِيغِهِ لَزِمَهُ ذَلِكَ، فَإِذَا امْتَنَعَ مَعَ تَمَكُّنِهِ صَارَ مُتَعَدِّيًا.</p>وَلأَِنَّهُ لَوْ لَمْ يَضْمَنْ يَمْتَنِعُ مِنَ الْهَدْمِ، فَيَنْقَطِعُ الْمَارَّةُ خَوْفًا عَلَى أَنْفُسِهِمْ، فَيَتَضَرَّرُونَ بِهِ، وَدَفْعُ الضَّرَرِ الْعَامِّ مِنَ الْوَاجِبِ، وَكَمْ مِنْ ضَرَرٍ خَاصٍّ يُتَحَمَّل لِدَفْعِ الْعَامِّ (3) .</p>وَمَعَ ذَلِكَ فَقَدْ نَصَّ الْحَنَفِيَّةُ عَلَى أَنَّ الشَّرْطَ هُوَ التَّقَدُّمُ، دُونَ الإِْشْهَادِ، لأَِنَّ الْمُطَالَبَةَ تَتَحَقَّقُ، وَيَنْعَدِمُ بِهِ مَعْنَى الْعُذْرِ فِي حَقِّهِ، وَهُوَ الْجَهْل بِمَيْل الْحَائِطِ (4) .</p>أَمَّا الإِْشْهَادُ فَلِلتَّمَكُّنِ مِنْ إِثْبَاتِهِ عِنْدَ الإِْنْكَارِ، فَكَانَ مِنْ بَابِ الاِحْتِيَاطِ (5) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) تبيين الحقائق 6 / 147، والفتاوى الخيرية لنفع البرية، لخير الدين الأيوبي العليمي 2 / 183 (ط بولاق 1273 هـ) .</p><font color=#ff0000>(2)</font> تبيين الحقائق 6 / 147.</p><font color=#ff0000>(3)</font> الهداية بشروحها 9 / 253، وتكملة البحر الرائق للطوري 8 / 403، والمبسوط 27 / 12، وانظر الدر المختار ورد المحتار 5 / 384، 385.</p><font color=#ff0000>(4)</font> المبسوط 27 / 9.</p><font color=#ff0000>(5)</font> البدائع 7 / 286، والهداية بشروحها 9 / 254، ودرر الحكام 2 / 110.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٨٧)</span><hr/></div>وَالْمَالِكِيَّةُ يَشْتَرِطُونَ الإِْشْهَادَ مَعَ الإِْنْذَارِ، فَإِذَا انْتَفَى الإِْنْذَارُ وَالإِْشْهَادُ فَلَا ضَمَانَ، إِلَاّ أَنْ يَعْتَرِفَ بِذَلِكَ مَعَ تَفْرِيطِهِ فَيَضْمَنَ (1) ، كَمَا أَنَّ الإِْشْهَادَ الْمُعْتَبَرَ عِنْدَهُمْ يَكُونُ عِنْدَ الْحَاكِمِ، أَوْ جَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ وَلَوْ مَعَ إِمْكَانِ الإِْشْهَادِ عِنْدَ الْحَاكِمِ (2) .</p><font color=#ff0000>113 -</font> وَشُرُوطُ التَّقَدُّمِ أَوِ الإِْنْذَارِ هِيَ: وَمَعْنَى التَّقَدُّمِ: طَلَبُ النَّقْضِ مِمَّنْ يَمْلِكُهُ (3)، وَذَلِكَ بِأَنْ يَقُول الْمُتَقَدِّمُ: إِنَّ حَائِطَكَ هَذَا مَخُوفٌ، أَوْ يَقُول: مَائِلٌ فَانْقُضْهُ أَوِ اهْدِمْهُ، حَتَّى لَا يَسْقُطَ وَلَا يُتْلِفَ شَيْئًا، وَلَوْ قَال: يَنْبَغِي أَنْ تَهْدِمَهُ، فَذَلِكَ مَشُورَةٌ (4) .</p>أ - أَنْ يَكُونَ التَّقَدُّمُ مِمَّنْ لَهُ حَقُّ مَصْلَحَةٍ فِي الطَّلَبِ.</p>وَفَرَّقُوا فِي هَذَا: بَيْنَ مَا إِذَا كَانَ الْحَائِطُ مَائِلاً إِلَى الطَّرِيقِ الْعَامِّ، وَبَيْنَ مَا إِذَا كَانَ مَائِلاً إِلَى مِلْكِ إِنْسَانٍ:</p>فَفِي الصُّورَةِ الأُْولَى: يَصِحُّ التَّقَدُّمُ مِنْ كُل مُكَلَّفٍ، مُسْلِمٍ أَوْ غَيْرِهِ، وَلَيْسَ لِلْمُتَقَدِّمِ وَلَا لِلْقَاضِي حَقُّ إِبْرَاءِ صَاحِبِ الْحَائِطِ، وَلَا تَأْخِيرُهُ بَعْدَ الْمُطَالَبَةِ، لأَِنَّهُ حَقُّ الْعَامَّةِ،<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الشرح الكبير للدردير 4 / 356.</p><font color=#ff0000>(2)</font> المرجع السابق، وانظر منح الجليل 4 / 559.</p><font color=#ff0000>(3)</font> رد المحتار 5 / 385، وتكملة البحر الرائق للطوري 8 / 403.</p><font color=#ff0000>(4)</font> رد المحتار 5 / 384.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٨٧)</span><hr/></div>وَتَصَرُّفُهُ فِي حَقِّ الْعَامَّةِ نَافِذٌ - كَمَا يَقُول الْحَصْكَفِيُّ نَقْلاً عَنِ الذَّخِيرَةِ - فِيمَا يَنْفَعُهُمْ، لَا فِيمَا يَضُرُّهُمْ (1) .</p>وَفِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ: لَا يَصِحُّ التَّقَدُّمُ إِلَاّ مِنَ الْمَالِكِ الَّذِي شَغَل الْحَائِطُ هَوَاءَ مِلْكِهِ، كَمَا أَنَّ لَهُ حَقَّ الإِْبْرَاءِ وَالتَّأْخِيرِ (2) .</p>بَل نَصَّتْ الْمَجَلَّةُ (فِي الْمَادَّةِ: 928) عَلَى أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْحَائِطُ مَائِلاً إِلَى الطَّرِيقِ الْخَاصِّ، يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ الَّذِي تَقَدَّمَ مِمَّنْ لَهُ حَقُّ الْمُرُورِ فِي ذَلِكَ الطَّرِيقِ.</p>ب - أَنْ يَكُونَ الطَّلَبُ قَبْل السُّقُوطِ بِمُدَّةٍ يَقْدِرُ عَلَى النَّقْضِ خِلَالَهَا، لأَِنَّ مُدَّةَ التَّمَكُّنِ مِنْ إِحْضَارِ الأُْجَرَاءِ مُسْتَثْنَاةٌ فِي الشَّرْعِ (3) .</p>ج - أَنْ يَكُونَ التَّقَدُّمُ بَعْدَ مَيْل الْحَائِطِ، فَلَوْ طَلَبَ قَبْل الْمَيْل لَمْ يَصِحَّ، لِعَدَمِ التَّعَدِّي.</p>د - أَنْ يَكُونَ التَّقَدُّمُ إِلَى مَنْ يَمْلِكُ النَّقْضَ، كَالْمَالِكِ وَوَلِيِّ الصَّغِيرِ، وَوَصِيِّهِ وَوَصِيِّ الْمَجْنُونِ، وَالرَّاهِنِ، وَكَذَا الْوَاقِفِ وَالْقَيِّمِ عَلَى الْوَقْفِ وَأَحَدِ الشُّرَكَاءِ (4) ، بِخِلَافِ الْمُرْتَهِنِ وَالْمُسْتَأْجِرِ وَالْمُودِعِ، لأَِنَّهُمْ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الدر المختار 5 / 385.</p><font color=#ff0000>(2)</font> المبسوط 27 / 13 وتكملة البحر الرائق 8 / 404، ومجمع الأنهر 2 / 658، 659، وانظر المغني بالشرح الكبير 9 / 573، 574.</p><font color=#ff0000>(3)</font> رد المحتار 5 / 384 نقلاً عن القهستاني.</p><font color=#ff0000>(4)</font> الدر المختار 5 / 384، ومجمع الأنهر 2 / 658 ومجمع الضمانات ص 182.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٨٨)</span><hr/></div>لَيْسَتْ لَهُمْ قُدْرَةٌ عَلَى التَّصَرُّفِ، فَلَا يُفِيدُ طَلَبُ النَّقْضِ مِنْهُمْ، وَلَا يُعْتَبَرُ فِيهِمُ الإِْنْذَارُ كَمَا قَال الدَّرْدِيرُ (1) ، وَلِهَذَا لَا يَضْمَنُونَ مَا تَلِفَ مِنْ سُقُوطِهِ، بَل قَال الْحَصْكَفِيُّ: لَا ضَمَانَ أَصْلاً عَلَى سَاكِنٍ وَلَا مَالِكٍ (2) .</p>وَمَحَل هَذِهِ الشُّرُوطِ - كَمَا قَال الدُّسُوقِيُّ. إِذَا كَانَ مُنْكِرًا لِلْمَيَلَانِ، أَمَّا إِذَا كَانَ مُقِرًّا بِهِ فَلَا يُشْتَرَطُ ذَلِكَ (3) .</p><font color=#ff0000>114 -</font> وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ إِلَى عَدَمِ الضَّمَانِ مُطْلَقًا بِسُقُوطِ الْبِنَاءِ، إِذَا مَال بَعْدَ بِنَائِهِ مُسْتَقِيمًا وَلَوْ تَقَدَّمَ إِلَيْهِ، وَأَشْهَدَ عَلَيْهِ.</p>قَال النَّوَوِيُّ: إِنْ لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ هَدْمِهِ وَإِصْلَاحِهِ، فَلَا ضَمَانَ قَطْعًا، وَكَذَا إِنْ تَمَكَّنَ عَلَى الأَْصَحِّ. . وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يُطَالِبَهُ الْوَالِي أَوْ غَيْرُهُ بِالنَّقْضِ، وَبَيْنَ أَنْ لَا يُطَالِبَ (4) ، وَهَذَا هُوَ الْقِيَاسُ، كَمَا تَقَدَّمَ، وَوَجْهُهُ: أَنَّهُ بَنَى فِي مِلْكِهِ، وَالْهَلَاكُ حَصَل بِغَيْرِ فِعْلِهِ (5) ، وَأَنَّ الْمَيْل نَفْسَهُ لَمْ يَحْصُل بِفِعْلِهِ (6) ، وَأَنَّ مَا كَانَ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الشرح الكبير للدردير 4 / 356.</p><font color=#ff0000>(2)</font> الدر المختار 5 / 385.</p><font color=#ff0000>(3)</font> حاشية الدسوقي 4 / 356.</p><font color=#ff0000>(4)</font> روضة الطالبين 9 / 321.</p><font color=#ff0000>(5)</font> روضة الطالبين 9 / 321.</p><font color=#ff0000>(6)</font> شرح المحلي على المنهاج 4 / 148، وشرح التحرير وحاشية الشرقاوي عليه 2 / 459.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٨٨)</span><hr/></div>أَوَّلُهُ غَيْرَ مَضْمُونٍ، لَا يَنْقَلِبُ مَضْمُونًا بِتَغْيِيرِ الْحَال (1) .</p>وَذَهَبَ بَعْضُ الْحَنَابِلَةِ، وَهُوَ قَوْل ابْنِ أَبِي لَيْلَى وَأَبِي ثَوْرٍ وَإِسْحَاقَ، إِلَى أَنَّهُ يَضْمَنُ مَا تَلِفَ بِهِ وَإِنْ لَمْ يُطَالَبْ بِالنَّقْضِ، وَذَلِكَ لأَِنَّهُ مُتَعَدٍّ بِتَرْكِهِ مَائِلاً، فَضَمِنَ مَا تَلِفَ بِهِ، كَمَا لَوْ بَنَاهُ مَائِلاً إِلَى ذَلِكَ ابْتِدَاءً، وَلأَِنَّهُ لَوْ طُولِبَ بِنَقْضِهِ فَلَمْ يَفْعَل ضَمِنَ مَا تَلِفَ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ مُوجِبًا لِلضَّمَانِ لَمْ يَضْمَنْ بِالْمُطَالَبَةِ، كَمَا لَوْ لَمْ يَكُنْ مَائِلاً، أَوْ كَانَ مَائِلاً إِلَى مِلْكِهِ (2) .</p>لَكِنَّ نَصَّ أَحْمَدَ، هُوَ عَدَمُ الضَّمَانِ - كَمَا يَقُول ابْنُ قُدَامَةَ - أَمَّا لَوْ طُولِبَ بِالنَّقْضِ، فَقَدْ تَوَقَّفَ فِيهِ أَحْمَدُ، وَذَهَبَ بَعْضُ الأَْصْحَابِ إِلَى الضَّمَانِ فِيهِ (3) .</p>أَمَّا الضَّمَانُ الْوَاجِبُ بِسُقُوطِ الأَْبْنِيَةِ، عِنْدَ الْقَائِلِينَ بِهِ، فَهُوَ:</p>أ - أَنَّ مَا تَلِفَ بِهِ مِنَ النُّفُوسِ، فَفِيهِ الدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَةِ مَالِكِ الْبِنَاءِ.</p>ب - وَمَا تَلِفَ بِهِ مِنَ الأَْمْوَال فَعَلَى مَالِكِ الْبِنَاءِ، لأَِنَّ الْعَاقِلَةَ لَا تَعْقِل الْمَال (4) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حاشية الشرقاوي على شرح التحرير 2 / 459.</p><font color=#ff0000>(2)</font> المغني 9 / 572، والشرح الكبير مع المغني 5 / 451.</p><font color=#ff0000>(3)</font> المغني بالشرح الكبير 9 / 572.</p><font color=#ff0000>(4)</font> الدر المختار ورد المحتار 5 / 385.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٨٩)</span><hr/></div>ج - وَلَا تَجِبُ عَلَى الْمَالِكِ الْكَفَّارَةُ - عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ - وَلَا يُحْرَمُ مِنَ الْمِيرَاثِ وَالْوَصِيَّةِ، لأَِنَّهُ قَتْلٌ بِسَبَبٍ، وَذَلِكَ لِعَدَمِ الْقَتْل مُبَاشَرَةً، وَإِنَّمَا أُلْحِقَ بِالْمُبَاشِرِ فِي الضَّمَانِ، صِيَانَةً لِلدَّمِ عَنِ الْهَدْرِ، عَلَى خِلَافِ الأَْصْل، فَبَقِيَ فِي الْكَفَّارَةِ وَحِرْمَانِ الْمِيرَاثِ عَلَى الأَْصْل (1) .</p>وَعِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَالْجُمْهُورِ: هُوَ مُلْحَقٌ بِالْخَطَأِ فِي أَحْكَامِهِ، إِذْ لَا قَتْل بِسَبَبٍ عِنْدَهُمْ، فَفِيهِ الْكَفَّارَةُ، وَفِيهِ الْحِرْمَانُ مِنَ الْمِيرَاثِ وَالْوَصِيَّةِ، لأَِنَّ الشَّارِعَ أَنْزَلَهُ مَنْزِلَةَ الْقَاتِل (2) .</p> </p>‌<span class="title">‌خَامِسًا: ضَمَانُ التَّلَفِ بِالأَْشْيَاءِ:</span></p><font color=#ff0000>115 -</font> أَكْثَرُ مَا يَعْرِضُ التَّلَفُ بِالأَْشْيَاءِ، بِسَبَبِ إِلْقَائِهَا فِي الطُّرُقَاتِ وَالشَّوَارِعِ، أَوْ بِسَبَبِ وَضْعِهَا فِي غَيْرِ مَوَاضِعِهَا الْمُخَصَّصَةِ لَهَا.</p>وَيُمْكِنُ تَقْسِيمُ الأَْشْيَاءِ إِلَى خَطِرَةٍ، وَغَيْرِ خَطِرَةٍ، أَيْ عَادِيَّةٍ.</p> </p>‌<span class="title">‌الْقِسْمُ الأَْوَّل:</p>ضَمَانُ التَّلَفِ الْحَاصِل بِالأَْشْيَاءِ الْعَادِيَّةِ غَيْرِ الْخَطِرَةِ:</span></p><font color=#ff0000>116 -</font> يَرُدُّ الْفُقَهَاءُ مَسَائِل التَّلَفِ الْحَاصِل<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الدر المختار ورد المحتار 5 / 342 ر 381 وتبيين الحقائق وحاشية الشلبي عليه 6 / 143، 144، والكفاية شرح الهداية بتصرف 9 / 148، وبدائع الصنائع 7 / 274.</p><font color=#ff0000>(2)</font> الهداية بشروحها 9 / 148، والقوانين الفقهية 288، وشرح الخرشي 8 / 49، وشرح المنهج بحاشية الجمل 5 / 102، وشرح المحلي بحاشيتي القليوبي وعميرة 4 / 162، والمغني بالشرح الكبير 10 / 37، 7 / 161، 162.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٨٩)</span><hr/></div>بِالأَْشْيَاءِ الْعَادِيَّةِ، غَيْرِ الْخَطِرَةِ، إِلَى هَذِهِ الْقَوَاعِدِ وَالأُْصُول:</p>الأَْوَّل: كُل مَوْضِعٍ يَجُوزُ لِلْوَاضِعِ أَنْ يَضَعَ فِيهِ أَشْيَاءَهُ لَا يَضْمَنُ مَا يَتَرَتَّبُ عَلَى وَضْعِهَا فِيهِ مِنْ ضَرَرٍ، لأَِنَّ الْجَوَازَ الشَّرْعِيَّ يُنَافِي الضَّمَانَ.</p>الثَّانِي: كُل مَوْضِعٍ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَضَعَ فِيهِ أَشْيَاءَهُ يَضْمَنُ مَا يَنْشَأُ عَنْ وَضْعِهَا فِيهِ مِنْ أَضْرَارٍ، مَا دَامَتْ فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ، فَإِنْ زَالَتْ عَنْهُ لَمْ يَضْمَنْ (1) .</p>الثَّالِثُ: كُل مَنْ فَعَل فِعْلاً لَمْ يُؤْذَنْ لَهُ فِيهِ، ضَمِنَ مَا تَوَلَّدَ عَنْهُ مِنْ ضَرَرٍ (2) .</p>الرَّابِعُ: أَنَّ الْمُرُورَ فِي طَرِيقِ الْمُسْلِمِينَ مُبَاحٌ، بِشَرْطِ السَّلَامَةِ فِيمَا يُمْكِنُ الاِحْتِرَازُ عَنْهُ (3) .</p>الْخَامِسُ: أَنَّ الْمُتَسَبِّبَ ضَامِنٌ إِذَا كَانَ مُتَعَدِّيًا، وَإِلَاّ لَا يَضْمَنُ، وَالْمُبَاشِرُ ضَامِنٌ مُطْلَقًا (4) .</p>وَمِنَ الْفُرُوعِ الَّتِي انْبَثَقَتْ مِنْهَا هَذِهِ الأُْصُول:</p>أ - مَنْ وَضَعَ جَرَّةً أَوْ شَيْئًا فِي طَرِيقٍ لَا يَمْلِكُهُ فَتَلِفَ بِهِ شَيْءٌ ضَمِنَ، وَلَوْ زَال<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) جامع الفصولين 2 / 88، نقلاً عن فتاوى القاضي ظهير الدين، ببعض تصرف.</p><font color=#ff0000>(2)</font> نفسه، بتصرف.</p><font color=#ff0000>(3)</font> الدر المختار 5 / 386، وانظر شرح المحلي على المنهاج بحاشيتي القليوبي وعميرة 4 / 148.</p><font color=#ff0000>(4)</font> رد المحتار 5 / 386.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٩٠)</span><hr/></div>ذَلِكَ الشَّيْءُ الْمَوْضُوعُ أَوَّلاً إِلَى مَوْضِعٍ آخَرَ، (غَيْرِ الطَّرِيقِ) فَتَلِفَ بِهِ شَيْءٌ، بَرِئَ وَاضِعُهُ وَلَمْ يَضْمَنْ (1) .</p>ب - لَوْ قَعَدَ فِي الطَّرِيقِ لِيَبِيعَ، فَتَلِفَ بِقَعْدَتِهِ شَيْءٌ: فَإِنْ كَانَ قَعَدَ بِإِذْنِ الإِْمَامِ لَا يَضْمَنُهُ، وَإِنْ كَانَ بِغَيْرِ إِذْنِهِ يَضْمَنُهُ (2) وَلِلْحَنَابِلَةِ قَوْلَانِ فِي الضَّمَانِ (3) .</p>ج - وَلَوْ وَضَعَ جَرَّةً عَلَى حَائِطٍ، فَأَهْوَتْ بِهَا الرِّيحُ، وَتَلِفَ بِوُقُوعِهَا شَيْءٌ، لَمْ يَضْمَنْ، إِذِ انْقَطَعَ أَثَرُ فِعْلِهِ بِوَضْعِهِ، وَهُوَ غَيْرُ مُتَعَدٍّ فِي هَذَا الْوَضْعِ بِأَنْ وُضِعَتِ الْجَرَّةُ وَضْعًا مَأْمُونًا، فَلَا يُضَافُ إِلَيْهِ التَّلَفُ (4) .</p>د - لَوْ حَمَل فِي الطَّرِيقِ شَيْئًا عَلَى دَابَّتِهِ أَوْ سَيَّارَتِهِ، فَسَقَطَ الْمَحْمُول عَلَى شَيْءٍ فَأَتْلَفَهُ أَوِ اصْطَدَمَ بِشَيْءٍ فَكَسَرَهُ، ضَمِنَ الْحَامِل، لأَِنَّ الْحَمْل فِي الطَّرِيقِ مُبَاحٌ بِشَرْطِ السَّلَامَةِ، وَلأَِنَّهُ أَثَرُ فِعْلِهِ.</p>وَلَوْ عَثَرَ أَحَدٌ بِالْحَمْل ضَمِنَ، لأَِنَّهُ هُوَ الْوَاضِعُ، فَلَمْ يَنْقَطِعْ أَثَرُ فِعْلِهِ (5) .</p>هـ - لَوْ أَلْقَى فِي الطَّرِيقِ قِشْرًا، فَزَلَقَتْ بِهِ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) جامع الفصولين 2 / 88.</p><font color=#ff0000>(2)</font> جامع الفصولين 2 / 88.</p><font color=#ff0000>(3)</font> الشرح الكبير مع المغني 5 / 449.</p><font color=#ff0000>(4)</font> جامع الفصولين 2 / 88 رامزًا إلى الزيادات. وانظر الفتاوى الخانية بهامش الفتاوى الهندية 3 / 458 (ط دار إحياء التراث العربي في بيروت) .</p><font color=#ff0000>(5)</font> مجمع الأنهر والدر المنتقى بهامشه 2 / 653، والدر المختار 5 / 382، والفتاوى الخانية 3 / 458.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٩٠)</span><hr/></div>دَابَّةٌ، ضَمِنَ، لأَِنَّهُ غَيْرُ مَأْذُونٍ فِيهِ (1) ، وَهُوَ الصَّحِيحُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ، وَمُقَابِل الصَّحِيحِ عِنْدَهُمْ: أَنَّهُ غَيْرُ مَضْمُونٍ، لِجَرَيَانِ الْعَادَةِ بِالْمُسَامَحَةِ فِي طَرْحِ مَا ذُكِرَ (2) .</p>وَكَذَا لَوْ رَشَّ فِي الطَّرِيقِ مَاءً، فَتَلِفَتْ بِهِ دَابَّةٌ، ضَمِنَ (3)، وَقَال الْقَلْيُوبِيُّ: إِنَّهُ غَيْرُ مَضْمُونٍ إِذَا كَانَ لِمَصْلَحَةٍ عَامَّةٍ، وَلَمْ يُجَاوِزْ الْعَادَةَ، وَإِلَاّ فَهُوَ مَضْمُونٌ عَلَى الرَّاشِّ، لأَِنَّهُ الْمُبَاشِرُ (4) .</p> </p>‌<span class="title">‌الْقِسْمُ الثَّانِي:</p>ضَمَانُ التَّلَفِ بِالأَْشْيَاءِ الْخَطِرَةِ:</span></p><font color=#ff0000>117 -</font> رَوَى أَبُو مُوسَى الأَْشْعَرِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إِذَا مَرَّ أَحَدُكُمْ فِي مَسْجِدِنَا أَوْ فِي سُوقِنَا، وَمَعَهُ نَبْلٌ، فَلْيُمْسِكْ عَلَى نِصَالِهَا - أَوْ قَال: فَلْيَقْبِضْ بِكَفِّهِ - أَنْ يُصِيبَ أَحَدًا مِنَ الْمُسْلِمِينَ مِنْهَا بِشَيْءٍ (5) .</p>وَفِي الْفُرُوعِ: لَوْ انْفَلَتَتْ فَأْسٌ مِنْ يَدِ قَصَّابٍ، كَانَ يَكْسِرُ الْعَظْمَ، فَأَتْلَفَ عُضْوَ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) جامع الفصولين 2 / 88.</p><font color=#ff0000>(2)</font> شرح المحلي على المنهاج 4 / 149، وروضة الطالبين 9 / 322.</p><font color=#ff0000>(3)</font> رد المحتار 5 / 381، وقارن بالفتاوى الخانية 3 / 458 فقد فصل القول فيها بعض الشيء.</p><font color=#ff0000>(4)</font> حاشية القليوبي على شرح المحلي 4 / 149، وروضة الطالبين 9 / 323.</p><font color=#ff0000>(5)</font> حديث:" إذا مر أحدكم في مسجدنا ". أخرجه البخاري والفتح 12 / 24، ومسلم 4 / 2019.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٩١)</span><hr/></div>إِنْسَانٍ، يَضْمَنُ، وَهُوَ خَطَأٌ (1) . وَلَا تَعْلِيل لِلضَّمَانِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ إِلَاّ التَّقْصِيرُ فِي رِعَايَةِ هَذِهِ الآْلَةِ الْحَادَّةِ، وَعَدَمِ الاِحْتِرَازِ أَثْنَاءَ الاِسْتِعْمَال، فَاسْتُدِل بِوُقُوعِ الضَّرَرِ عَلَى التَّعَدِّي، وَأُقِيمَ مَقَامَهُ.</p>وَقَال الْحَنَفِيَّةُ: إِنَّ ذَا الْيَدِ عَلَى الأَْشْيَاءِ الْخَطِرَةِ يَضْمَنُ مِنَ الأَْضْرَارِ الْمُتَرَتِّبَةِ عَلَيْهَا مَا كَانَ بِفِعْلِهِ، وَلَا يَضْمَنُ مَا كَانَ بِغَيْرِ فِعْلِهِ. وَمِنْ نُصُوصِهِمْ:</p>أ - لَوْ خَرَجَ الْبَارُودُ مِنَ الْبُنْدُقِيَّةِ بِفِعْلِهِ، فَأَصَابَ آدَمِيًّا أَوْ مَالاً ضَمِنَ، قِيَاسًا عَلَى مَا لَوْ طَارَتْ شَرَارَةٌ مِنْ ضَرْبِ الْحَدَّادِ، فَأَصَابَتْ ثَوْبَ مَارٍّ فِي الطَّرِيقِ، ضَمِنَ الْحَدَّادُ (2) .</p>ب - وَلَوْ هَبَّتِ الرِّيحُ فَحَمَلَتْ نَارًا، وَأَلْقَتْهَا عَلَى الْبُنْدُقِيَّةِ، فَخَرَجَ الْبَارُودُ، لَا ضَمَانَ (3) .</p>ج - وَلَوْ وَقَعَ الزَّنْدُ الْمُتَّصِل بِالْبُنْدُقِيَّةِ الْمُجَرَّبَةِ، الَّتِي تُسْتَعْمَل فِي زَمَانِنَا، عَلَى الْبَارُودِ بِنَفْسِهِ، فَخَرَجَتْ رَصَاصَتُهَا، أَوْ مَا بِجَوْفِهَا، فَأَتْلَفَ مَالاً أَوْ آدَمِيًّا، فَإِنَّهُ لَا ضَمَانَ (4) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) واقعات المفتين لقدري أفندي الشيخ عبد القادر بن يوسف ص 64 (ط الأولى، في بولاق: 1300 هـ) وانظر فروعًا أخرى في مجمع الأنهر 2 / 661 ولسان الحكام لابن الشحنة ص 108.</p><font color=#ff0000>(2)</font> جامع الفصولين وحاشية خير الدين الرملي عليه 2 / 49، 90.</p><font color=#ff0000>(3)</font> حاشية الرملي على جامع الفصولين 89 السطر الأخير.</p><font color=#ff0000>(4)</font> الحاشية نفسها 2 / 90.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٩١)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌ضَمَانُ الاِصْطِدَامِ:</span></p>تَنَاوَل الْفُقَهَاءُ حَوَادِثَ الاِصْطِدَامِ، وَمَيَّزُوا بَيْنَ اصْطِدَامِ الإِْنْسَانِ وَالْحَيَوَانِ، وَبَيْنَ اصْطِدَامِ الأَْشْيَاءِ كَالسُّفُنِ وَنَحْوِهَا.</p> </p>‌<span class="title">‌أَوَّلاً: اصْطِدَامُ الإِْنْسَانِ:</span></p><font color=#ff0000>118 -</font> ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى أَنَّهُ إِذَا اصْطَدَمَ الْفَارِسَانِ خَطَأً وَمَاتَا مِنْهُ ضَمِنَتْ عَاقِلَةُ كُل فَارِسٍ دِيَةَ الآْخَرِ إِذَا وَقَعَا عَلَى الْقَفَا، وَإِذَا وَقَعَا عَلَى وُجُوهِهِمَا يُهْدَرُ دَمُهُمَا.</p>وَلَوْ كَانَا عَامِدَيْنِ فَعَلَى عَاقِلَةِ كُلٍّ نِصْفُ الدِّيَةِ، وَلَوْ وَقَعَ أَحَدُهُمَا عَلَى وَجْهِهِ هُدِرَ دَمُهُ فَقَطْ.</p>وَإِذَا تَجَاذَبَ رَجُلَانِ حَبْلاً فَانْقَطَعَ الْحَبْل، فَسَقَطَا عَلَى الْقَفَا وَمَاتَا هُدِرَ دَمُهُمَا، لِمَوْتِ كُلٍّ بِقُوَّةِ نَفْسِهِ، فَإِنْ وَقَعَا عَلَى الْوَجْهِ وَجَبَ دِيَةُ كُل وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى الآْخَرِ، لِمَوْتِهِ بِقُوَّةِ صَاحِبِهِ (1) .</p>وَعِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ: إِنْ تَصَادَمَ مُكَلَّفَانِ عَمْدًا، أَوْ تَجَاذَبَا حَبْلاً فَمَاتَا مَعًا، فَلَا قِصَاصَ وَلَا دِيَةَ وَإِنْ مَاتَ أَحَدُهُمَا فَقَطْ فَالْقَوَدُ.</p>وَإِنْ تَصَادَمَا خَطَأً فَمَاتَا، فَدِيَةُ كُل وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى عَاقِلَةِ الآْخَرِ، وَإِنْ مَاتَ أَحَدُهُمَا فَدِيَتُهُ عَلَى مَنْ بَقِيَ مِنْهَا.<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) ابن عابدين والدر المختار 5 / 388 - 389.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٩٢)</span><hr/></div>وَإِنْ كَانَ التَّجَاذُبُ لِمَصْلَحَةٍ فَلَا قِصَاصَ وَلَا دِيَةَ، كَمَا يَقَعُ بَيْنَ صُنَّاعِ الْحِبَال فَإِذَا تَجَاذَبَ صَانِعَانِ حَبْلاً لإِِصْلَاحِهِ فَمَاتَا أَوْ أَحَدُهُمَا فَهُوَ هَدْرٌ.</p>وَلَوْ تَصَادَمَ الصَّبِيَّانِ فَمَاتَا، فَدِيَةُ كُل وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى عَاقِلَةِ الآْخَرِ، سَوَاءٌ حَصَل التَّصَادُمُ أَوِ التَّجَاذُبُ بِقَصْدٍ أَوْ بِغَيْرِ قَصْدٍ، لأَِنَّ فِعْل الصِّبْيَانِ عَمْدًا حُكْمُهُ كَالْخَطَأِ (1) .</p>وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ: إِلَى أَنَّهُ إِذَا اصْطَدَمَ شَخْصَانِ - رَاكِبَانِ أَوْ مَاشِيَانِ، أَوْ رَاكِبٌ وَمَاشٍ طَوِيلٌ - بِلَا قَصْدٍ، فَعَلَى عَاقِلَةِ كُلٍّ مِنْهُمَا نِصْفُ دِيَةٍ مُخَفَّفَةٍ، لأَِنَّ كُل وَاحِدٍ مِنْهُمَا هَلَكَ بِفِعْلِهِ، وَفِعْل صَاحِبِهِ، فَيُهْدَرُ النِّصْفُ، وَلأَِنَّهُ خَطَأٌ مَحْضٌ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَقَعَا مُنْكَبَّيْنِ أَوْ مُسْتَلْقِيَيْنِ، أَوْ أَحَدُهُمَا مُنْكَبًّا وَالآْخَرُ مُسْتَلْقِيًا.</p>وَإِنْ قَصَدَا الاِصْطِدَامَ فَنِصْفُ الدِّيَةِ مُغَلَّظَةٌ عَلَى عَاقِلَةِ كُلٍّ مِنْهُمَا لِوَرَثَةِ الآْخَرِ، لأَِنَّ كُل وَاحِدٍ مِنْهُمَا هَلَكَ بِفِعْلِهِ وَفِعْل صَاحِبِهِ، فَيُهْدَرُ النِّصْفُ، وَلأَِنَّ الْقَتْل حِينَئِذٍ شِبْهُ عَمْدٍ فَتَكُونُ الدِّيَةُ مُغَلَّظَةً، وَلَا قِصَاصَ إِذَا مَاتَ أَحَدُهُمَا دُونَ الآْخَرِ، لأَِنَّ الْغَالِبَ أَنَّ الاِصْطِدَامَ لَا يُفْضِي إِلَى الْمَوْتِ.</p>وَالصَّحِيحُ أَنَّ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا فِي تَرِكَتِهِ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حاشية الدسوقي 4 / 247.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٩٢)</span><hr/></div>كَفَّارَتَيْنِ: إِحْدَاهُمَا لِقَتْل نَفْسِهِ، وَالأُْخْرَى لِقَتْل صَاحِبِهِ، لاِشْتِرَاكِهِمَا فِي إِهْلَاكِ نَفْسَيْنِ، بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْكَفَّارَةَ لَا تَتَجَزَّأُ.</p>وَفِي تَرِكَةِ كُلٍّ مِنْهُمَا نِصْفُ قِيمَةِ دِيَةِ الآْخَرِ، لاِشْتِرَاكِهِمَا فِي الإِْتْلَافِ، مَعَ هَدْرِ فِعْل كُلٍّ مِنْهُمَا فِي حَقِّ نَفْسِهِ.</p>وَلَوْ تَجَاذَبَا حَبْلاً فَانْقَطَعَ وَسَقَطَا وَمَاتَا، فَعَلَى عَاقِلَةِ كُلٍّ مِنْهُمَا نِصْفُ دِيَةِ الآْخَرِ، سَوَاءٌ أَسَقَطَا مُنْكَبَّيْنِ أَمْ مُسْتَلْقِيَيْنِ، أَمْ أَحَدُهُمَا مُنْكَبًّا وَالآْخَرُ مُسْتَلْقِيًا، وَإِنْ قَطَعَهُ غَيْرُهُمَا فَدِيَتُهُمَا عَلَى عَاقِلَتِهِ (1) .</p>وَذَهَبَ الْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّهُ إِذَا اصْطَدَمَ الْفَارِسَانِ، فَعَلَى كُل وَاحِدٍ مِنَ الْمُصْطَدِمَيْنِ ضَمَانُ مَا تَلِفَ مِنَ الآْخَرِ مِنْ نَفْسٍ أَوْ دَابَّةٍ أَوْ مَالٍ، سَوَاءٌ كَانَا مُقْبِلَيْنِ أَمْ مُدْبِرَيْنِ، لأَِنَّ كُل وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَاتَ مِنْ صَدْمَةِ صَاحِبِهِ وَإِنَّمَا هُوَ قَرَّبَهَا إِلَى مَحَل الْجِنَايَةِ، فَلَزِمَ الآْخَرَ ضَمَانُهَا كَمَا لَوْ كَانَتْ وَاقِفَةً إِذَا ثَبَتَ هَذَا، فَإِنَّ قِيمَةَ الدَّابَّتَيْنِ إِنْ تَسَاوَتَا تَقَاصَّا وَسَقَطَتَا، وَإِنْ كَانَتْ إِحْدَاهُمَا أَكْثَرَ مِنَ الأُْخْرَى فَلِصَاحِبِهَا الزِّيَادَةُ، وَإِنْ مَاتَتْ إِحْدَى الدَّابَّتَيْنِ فَعَلَى الآْخَرِ قِيمَتُهَا، وَإِنْ نَقَصَتْ فَعَلَيْهِ نَقْصُهَا.</p>فَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا يَسِيرُ بَيْنَ يَدَيِ الآْخَرِ، فَأَدْرَكَهُ الثَّانِي فَصَدَمَهُ فَمَاتَتِ الدَّابَّتَانِ، أَوْ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) مغني المحتاج 4 / 89 - 90.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٩٣)</span><hr/></div>إِحْدَاهُمَا فَالضَّمَانُ عَلَى اللَاّحِقِ، لأَِنَّهُ الصَّادِمُ وَالآْخَرُ مَصْدُومٌ، فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الْوَاقِفِ.</p>وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا يَسِيرُ وَالآْخَرُ وَاقِفًا، فَعَلَى السَّائِرِ قِيمَةُ دَابَّةِ الْوَاقِفِ، نَصَّ أَحْمَدُ عَلَى هَذَا لأَِنَّ السَّائِرَ هُوَ الصَّادِمُ الْمُتْلِفُ، فَكَانَ الضَّمَانُ عَلَيْهِ وَإِنْ مَاتَ هُوَ أَوْ دَابَّتُهُ فَهُوَ هَدْرٌ، لأَِنَّهُ أَتْلَفَ نَفْسَهُ وَدَابَّتَهُ، وَإِنِ انْحَرَفَ الْوَاقِفُ فَصَادَفَتِ الصَّدْمَةُ انْحِرَافَهُ فَهُمَا كَالسَّائِرَيْنِ، لأَِنَّ التَّلَفَ حَصَل مِنْ فِعْلِهِمَا، وَإِنْ كَانَ الْوَاقِفُ مُتَعَدِّيًا بِوُقُوفِهِ، مِثْل أَنْ يَقِفَ فِي طَرِيقٍ ضَيِّقٍ فَالضَّمَانُ عَلَيْهِ دُونَ السَّائِرِ، لأَِنَّ التَّلَفَ حَصَل بِتَعَدِّيهِ فَكَانَ الضَّمَانُ عَلَيْهِ، كَمَا لَوْ وَضَعَ حَجَرًا فِي الطَّرِيقِ، أَوْ جَلَسَ فِي طَرِيقٍ ضَيِّقٍ فَعَثَرَ بِهِ إِنْسَانٌ.</p>وَإِنْ تَصَادَمَ نَفْسَانِ يَمْشِيَانِ فَمَاتَا، فَعَلَى عَاقِلَةِ كُل وَاحِدٍ مِنْهُمَا دِيَةُ الآْخَرِ، رُوِيَ هَذَا عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه وَالْخِلَافُ - هَاهُنَا - فِي الضَّمَانِ كَالْخِلَافِ فِيمَا إِذَا اصْطَدَمَ الْفَارِسَانِ، إِلَاّ أَنَّهُ لَا تَقَاصَّ - هَاهُنَا - فِي الضَّمَانِ، لأَِنَّهُ عَلَى غَيْرِ مَنْ لَهُ الْحَقُّ، لِكَوْنِ الضَّمَانِ عَلَى عَاقِلَةِ كُل وَاحِدٍ مِنْهُمَا، وَإِنِ اتُّفِقَ أَنْ يَكُونَ الضَّمَانُ عَلَى مَنْ لَهُ الْحَقُّ مِثْل أَنْ تَكُونَ الْعَاقِلَةُ هِيَ الْوَارِثَةُ، أَوْ يَكُونَ الضَّمَانُ عَلَى الْمُتَصَادِمَيْنِ تَقَاصَّا، وَلَا يَجِبُ الْقِصَاصُ سَوَاءٌ كَانَ اصْطِدَامُهُمَا عَمْدًا أَوْ خَطَأً، لأَِنَّ</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٩٣)</span><hr/></div>الصَّدْمَةَ لَا تَقْتُل غَالِبًا، فَالْقَتْل الْحَاصِل بِهَا مَعَ الْعَمْدِ عَمْدُ الْخَطَأِ (1) .</p> </p>‌<span class="title">‌ثَانِيًا: اصْطِدَامُ الأَْشْيَاءِ: السُّفُنِ وَالسَّيَّارَاتِ:</span></p><font color=#ff0000>119 -</font> قَال الْفُقَهَاءُ: إِذَا كَانَ الاِصْطِدَامُ بِسَبَبٍ قَاهِرٍ أَوْ مُفَاجِئٍ، كَهُبُوبِ الرِّيحِ أَوِ الْعَوَاصِفِ، فَلَا ضَمَانَ عَلَى أَحَدٍ.</p>وَإِذَا كَانَ الاِصْطِدَامُ بِسَبَبِ تَفْرِيطِ أَحَدِ رُبَّانَيِ السَّفِينَتَيْنِ - أَوْ قَائِدَيِ السَّيَّارَتَيْنِ - كَانَ الضَّمَانُ عَلَيْهِ وَحْدَهُ.</p>وَمِعْيَارُ التَّفْرِيطِ - كَمَا يَقُول ابْنُ قُدَامَةَ - أَنْ يَكُونَ الرُّبَّانِ - وَكَذَلِكَ الْقَائِدُ - قَادِرًا عَلَى ضَبْطِ سَفِينَتِهِ - أَوْ سَيَّارَتِهِ - أَوْ رَدِّهَا عَنِ الأُْخْرَى، فَلَمْ يَفْعَل، أَوْ أَمْكَنَهُ أَنْ يَعْدِلَهَا إِلَى نَاحِيَةٍ أُخْرَى فَلَمْ يَفْعَل، أَوْ لَمْ يُكْمِل آلَتَهَا مِنَ الْحِبَال وَالرِّجَال وَغَيْرِهَا (2) .</p>وَإِذَا كَانَتْ إِحْدَى السَّفِينَتَيْنِ وَاقِفَةً، وَالأُْخْرَى سَائِرَةً، فَلَا شَيْءَ عَلَى الْوَاقِفَةِ، وَعَلَى السَّائِرَةِ ضَمَانُ الْوَاقِفَةِ، إِنْ كَانَ الْقَيِّمُ مُفَرِّطًا.</p>وَإِذَا كَانَتَا مَاشِيَتَيْنِ مُتَسَاوِيَتَيْنِ، بِأَنْ كَانَتَا فِي بَحْرٍ أَوْ مَاءٍ رَاكِدٍ، ضَمِنَ الْمُفَرِّطُ سَفِينَةَ الآْخَرِ، بِمَا فِيهَا مِنْ مَالٍ أَوْ نَفْسٍ.</p>أَمَّا إِذَا كَانَتَا غَيْرَ مُتَسَاوِيَتَيْنِ، بِأَنْ كَانَتْ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المغني بالشرح الكبير 10 / 359 - 360.</p><font color=#ff0000>(2)</font> المغني بالشرح الكبير 10 / 361.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٩٤)</span><hr/></div>إِحْدَاهُمَا مُنْحَدِرَةً، وَالأُْخْرَى صَاعِدَةً فَعَلَى الْمُنْحَدِرِ ضَمَانُ الصَّاعِدَةِ، لأَِنَّهَا تَنْحَدِرُ عَلَيْهَا مِنْ عُلُوٍّ، فَيَكُونُ ذَلِكَ سَبَبًا فِي غَرَقِهَا، فَتَنْزِل الْمُنْحَدِرَةُ مَنْزِلَةَ السَّائِرَةِ، وَالصَّاعِدَةُ مَنْزِلَةَ الْوَاقِفَةِ، إِلَاّ أَنْ يَكُونَ التَّفْرِيطُ مِنَ الْمُصْعِدِ فَيَكُونُ، الضَّمَانُ عَلَيْهِ، لأَِنَّهُ الْمُفَرِّطُ (1) .</p>وَقَال الشَّافِعِيَّةُ فِي اصْطِدَامِ السُّفُنِ: السَّفِينَتَانِ كَالدَّابَّتَيْنِ، وَالْمَلَاّحَانِ كَالرَّاكِبَيْنِ إِنْ كَانَتَا لَهُمَا (2) .</p>وَأَطْلَقَ ابْنُ جُزَيٍّ قَوْلَهُ: إِذَا اصْطَدَمَ مَرْكَبَانِ فِي جَرْيِهِمَا، فَانْكَسَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا، فَلَا ضَمَانَ فِي ذَلِكَ (3) .</p> </p>‌<span class="title">‌انْتِفَاءُ الضَّمَانِ:</span></p> </p>‌<span class="title">‌يَنْتَفِي الضَّمَانُ - بِوَجْهٍ عَامٍّ - بِأَسْبَابٍ كَثِيرَةٍ، مِنْ أَهَمِّهَا</span></p>أ -‌<span class="title">‌ دَفْعُ الصَّائِل:</span></p><font color=#ff0000>120 -</font> يُشْتَرَطُ فِي دَفْعِ الصَّائِل، لاِنْتِفَاءِ الإِْثْمِ وَانْتِفَاءِ الضَّمَانِ - بِوَجْهٍ عَامٍّ - مَا يَلِي:</p><font color=#ff0000>1 -</font> أَنْ يَكُونَ الصَّوْل حَالًّا، وَالصَّائِل شَاهِرًا سِلَاحَهُ أَوْ سَيْفَهُ، وَيَخَافُ مِنْهُ الْهَلَاكَ (4) ، بِحَيْثُ لَا يُمْكِنُ الْمَصُول عَلَيْهِ،<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الشرح الكبير مع المغني 5 / 456، 457.</p><font color=#ff0000>(2)</font> شرح المحلي على المنهاج بحاشيتي القليوبي وعميرة 4 / 151، 152.</p><font color=#ff0000>(3)</font> القوانين الفقهية 218.</p><font color=#ff0000>(4)</font> الوجيز 2 / 185.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٩٤)</span><hr/></div>أَنْ يَلْجَأَ إِلَى السُّلْطَةِ لِيَدْفَعَهُ عَنْهُ (1) .</p><font color=#ff0000>2 -</font> أَنْ يَسْبِقَهُ إِنْذَارٌ وَإِعْلَامٌ لِلصَّائِل، إِذَا كَانَ مِمَّنْ يَفْهَمُ الْخِطَابَ كَالآْدَمِيِّ (2) ، وَذَلِكَ بِأَنْ يُنَاشِدَهُ اللَّهَ، فَيَقُول: نَاشَدْتُكَ اللَّهَ إِلَاّ مَا خَلَّيْتَ سَبِيلِي، ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، أَوْ يَعِظَهُ، أَوْ يَزْجُرَهُ لَعَلَّهُ يَنْكَفَّ، فَأَمَّا غَيْرُهُ، كَالصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ - وَفِي حُكْمِهِمَا الْبَهِيمَةُ - فَإِنَّ إِنْذَارَهُمْ غَيْرُ مُفِيدٍ، وَهَذَا مَا لَمْ يُعَاجِل بِالْقِتَال، وَإِلَاّ فَلَا إِنْذَارَ، قَال الْخَرَشِيُّ: وَالظَّاهِرُ أَنَّ الإِْنْذَارَ مُسْتَحَبٌّ (3)، وَهُوَ الَّذِي قَالَهُ الدَّرْدِيرُ: بَعْدَ الإِْنْذَارِ نَدْبًا (4) .</p>وَقَال الْغَزَالِيُّ: وَيَجِبُ تَقْدِيمُ الإِْنْذَارِ، فِي كُل دَفْعٍ، إِلَاّ فِي مَسْأَلَةِ النَّظَرِ إِلَى حَرَمِ الإِْنْسَانِ مِنْ كَوَّةٍ (5) .</p><font color=#ff0000>3 -</font> كَمَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الدَّفْعُ عَلَى سَبِيل التَّدَرُّجِ: فَمَا أَمْكَنَ دَفْعُهُ بِالْقَوْل لَا يُدْفَعُ بِالضَّرْبِ، وَمَا أَمْكَنَ دَفْعُهُ بِالضَّرْبِ لَا يُدْفَعُ بِالْقَتْل (6)، وَذَلِكَ تَطْبِيقًا لِلْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ الْمُقَرَّرَةِ فِي نَحْوِ هَذَا:<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الدر المختار 5 / 351.</p><font color=#ff0000>(2)</font> جواهر الإكليل 2 / 297.</p><font color=#ff0000>(3)</font> شرح الخرشي على مختصر خليل 8 / 112.</p><font color=#ff0000>(4)</font> الشرح الكبير بحاشية الدسوقي عليه 4 / 357.</p><font color=#ff0000>(5)</font> الوجيز 2 / 185 بتصرف.</p><font color=#ff0000>(6)</font> انظر الدر المختار 5 / 351، ومنح الجليل 4 / 569.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٩٥)</span><hr/></div>كَقَاعِدَةِ: الضَّرَرُ الأَْشَدُّ يُزَال بِالضَّرَرِ الأَْخَفِّ.</p><font color=#ff0000>4 -</font> وَشَرَطَ الْمَالِكِيَّةُ أَنْ لَا يَقْدِرَ الْمَصُول عَلَيْهِ عَلَى الْهُرُوبِ، مِنْ غَيْرِ مَضَرَّةٍ تَحْصُل لَهُ، فَإِنْ كَانَ يَقْدِرُ عَلَى ذَلِكَ بِلَا مَضَرَّةٍ وَلَا مَشَقَّةٍ تَلْحَقُهُ، لَمْ يَجُزْ لَهُ قَتْل الصَّائِل، بَل وَلَا جُرْحُهُ (1)، وَيَجِبُ هَرَبُهُ مِنْهُ ارْتِكَابًا لأَِخَفِّ الضَّرَرَيْنِ (2) .</p> </p>‌<span class="title">‌الضَّمَانُ فِي دَفْعِ الصَّائِل:</span></p><font color=#ff0000>121 -</font> ذَهَبَ الْجُمْهُورُ إِلَى أَنَّهُ إِنْ أَدَّى دَفْعُ الصَّائِل إِلَى قَتْلِهِ، فَلَا شَيْءَ عَلَى الدَّافِعِ (3) .</p>وَلِلتَّفْصِيل. ر. مُصْطَلَحَ:(صِيَال) .</p> </p>ب -‌<span class="title">‌ حَال الضَّرُورَةِ:</span></p><font color=#ff0000>122 -</font> الضَّرُورَةُ: نَازِلَةٌ لَا مَدْفَعَ لَهَا، أَوْ كَمَا يَقُول أَهْل الأُْصُول: نَازِلَةٌ لَا مَدْفَعَ لَهَا إِلَاّ بِارْتِكَابِ مَحْظُورٍ يُبَاحُ فِعْلُهُ لأَِجْلِهَا.</p>وَمِنَ النُّصُوصِ الْوَارِدَةِ فِي أَحْوَال الضَّرُورَةِ:</p><font color=#ff0000>1 -</font> حَرِيقٌ وَقَعَ فِي مَحَلَّةٍ، فَهَدَمَ رَجُلٌ دَارَ غَيْرِهِ، بِغَيْرِ أَمْرِ صَاحِبِهِ، وَبِغَيْرِ إِذْنٍ مِنَ السُّلْطَانِ، حَتَّى يَنْقَطِعَ عَنْ دَارِهِ، ضَمِنَ وَلَمْ يَأْثَمْ.</p>قَال الرَّمْلِيُّ: وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لَوْ كَانَ بِأَمْرِ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) شرح الخرشي 8 / 112.</p><font color=#ff0000>(2)</font> جواهر الإكليل 2 / 297، ومنح الجليل 4 / 562.</p><font color=#ff0000>(3)</font> شرح المحلي على المنهاج 4 / 206، وانظر جواهر الإكليل 2 / 297، والمغني بالشرح الكبير 10 / 351.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٩٥)</span><hr/></div>السُّلْطَانِ لَا يَضْمَنُ، وَوَجْهُهُ: أَنَّ لَهُ وِلَايَةً عَامَّةً، يَصِحُّ أَمْرُهُ لِدَفْعِ الضَّرَرِ الْعَامِّ. وَبِهِ صَرَّحَ فِي الْخَانِيَّةِ (1) .</p><font color=#ff0000>2 -</font> يَجُوزُ أَكْل الْمَيْتَةِ كَمَا يَجُوزُ أَكْل مَال الْغَيْرِ مَعَ ضَمَانِ الْبَدَل إِذَا اضْطُرَّ (2) .</p><font color=#ff0000>3 -</font> لَوِ ابْتَلَعَتْ دَجَاجَةٌ لُؤْلُؤَةً، يُنْظَرُ إِلَى أَكْثَرِهِمَا قِيمَةً، فَيَضْمَنُ صَاحِبُ الأَْكْثَرِ قِيمَةَ الأَْقَل (3) .</p><font color=#ff0000>4 -</font> إِذَا مَضَتْ مُدَّةُ الإِْجَارَةِ، وَالزَّرْعُ بَقْلٌ، لَمْ يُحْصَدْ بَعْدُ، فَإِنَّهُ يُتْرَكُ بِالْقَضَاءِ أَوِ الرِّضَى، بِأَجْرِ الْمِثْل إِلَى إِدْرَاكِهِ رِعَايَةً لِلْجَانِبَيْنِ، لأَِنَّ لَهُ نِهَايَةً (4) .</p> </p>ج -‌<span class="title">‌ حَال تَنْفِيذِ الأَْمْرِ:</span></p><font color=#ff0000>123 -</font> يُشْتَرَطُ لاِنْتِفَاءِ الضَّمَانِ عَنِ الْمَأْمُورِ وَثُبُوتِهِ عَلَى الآْمِرِ، مَا يَلِي:</p><font color=#ff0000>1 -</font> أَنْ يَكُونَ الْمَأْمُورُ بِهِ جَائِزَ الْفِعْل، فَلَوْ لَمْ يَكُنْ جَائِزًا فِعْلُهُ ضَمِنَ الْفَاعِل لَا الآْمِرُ، فَلَوْ أَمَرَ غَيْرَهُ بِتَخْرِيقِ ثَوْبِ ثَالِثٍ ضَمِنَ الْمُخَرِّقُ لَا الآْمِرُ (5) .</p><font color=#ff0000>2 -</font> أَنْ تَكُونَ لِلآْمِرِ وِلَايَةٌ عَلَى الْمَأْمُورِ، فَإِنْ لَمْ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حاشية الرملي على جامع الفصولين 2 / 49، عن التتارخانية.</p><font color=#ff0000>(2)</font> الأشباه للسيوطي ص 84 وما بعدها، ومنافع الرقائق للكوز الحصاري مصطفى بن محمد، شرح مجامع الحقائق للخادمي ص 312. (ط الآستانة: 1308 هـ) .</p><font color=#ff0000>(3)</font> الأشباه والنظائر لابن نجيم ص 88.</p><font color=#ff0000>(4)</font> الدر المختار ورد المحتار عليه 5 / 21.</p><font color=#ff0000>(5)</font> جامع الفصولين 2 / 78 رامزًا إلى عدة المفتين للنسفي.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٩٦)</span><hr/></div>تَكُنْ لَهُ وِلَايَةٌ عَلَيْهِ، وَأَمَرَهُ بِأَخْذِ مَال غَيْرِهِ فَأَخَذَهُ، ضَمِنَ الآْخِذُ لَا الآْمِرُ، لِعَدَمِ الْوِلَايَةِ عَلَيْهِ أَصْلاً (1) ، فَلَمْ يَصِحَّ الأَْمْرُ، وَفِي كُل مَوْضِعٍ لَمْ يَصِحَّ الأَْمْرُ كَانَ الضَّمَانُ عَلَى الْمَأْمُورِ، وَلَمْ يَضْمَنِ الآْمِرُ (2) .</p>وَإِذَا صَحَّ الأَْمْرُ بِالشَّرْطَيْنِ السَّابِقَيْنِ، وَقَعَ الضَّمَانُ عَلَى الآْمِرِ، وَانْتَفَى عَنِ الْمَأْمُورِ وَلَوْ كَانَ مُبَاشِرًا. لأَِنَّهُ مَعْذُورٌ لِوُجُوبِ طَاعَتِهِ لِمَنْ هُوَ فِي وِلَايَتِهِ، كَالْوَلَدِ إِذَا أَمَرَهُ أَبُوهُ، وَالْمُوَظَّفِ إِذَا أَمَرَهُ رَئِيسُهُ.</p>قَال الْحَصْكَفِيُّ: الآْمِرُ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ بِالأَْمْرِ، إِلَاّ إِذَا كَانَ الآْمِرُ سُلْطَانًا أَوْ أَبًا أَوْ سَيِّدًا، أَوْ كَانَ الْمَأْمُورُ صَبِيًّا أَوْ عَبْدًا (3) .</p>وَكَذَا إِذَا كَانَ مَجْنُونًا، أَوْ كَانَ أَجِيرًا لِلآْمِرِ (4) .</p> </p>د -‌<span class="title">‌ حَال تَنْفِيذِ إِذْنِ الْمَالِكِ وَغَيْرِهِ:</span></p><font color=#ff0000>124 -</font> الأَْصْل أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لأَِحَدٍ أَنْ يَتَصَرَّفَ فِي مِلْكِ الْغَيْرِ بِلَا إِذْنِهِ، فَإِنْ أَذِنَ وَتَرَتَّبَ عَلَى الْفِعْل الْمَأْذُونِ بِهِ ضَرَرٌ انْتَفَى الضَّمَانُ، لَكِنْ ذَلِكَ مَشْرُوطٌ: بِأَنْ يَكُونَ الشَّيْءُ الْمَأْذُونُ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حاشية الرملي على جامع الفصولين 2 / 78.</p><font color=#ff0000>(2)</font> جامع الفصولين في الموضع نفسه، رامزًا إلى الفتاوى الصغرى للصدر الشهيد.</p><font color=#ff0000>(3)</font> الدر المختار 5 / 136.</p><font color=#ff0000>(4)</font> رد المحتار 5 / 136، وجامع الفصولين 2 / 78، ومجمع الضمانات ص 157.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٩٦)</span><hr/></div>بِإِتْلَافِهِ مَمْلُوكًا لِلآْذِنِ، أَوْ لَهُ وِلَايَةٌ عَلَيْهِ.</p>وَأَنْ يَكُونَ الآْذِنُ بِحَيْثُ يَمْلِكُ هُوَ التَّصَرُّفَ فِيهِ، وَإِتْلَافَهُ، لِكَوْنِهِ مُبَاحًا لَهُ.</p>وَعَبَّرَ الْمَالِكِيَّةُ عَنْ ذَلِكَ بِأَنْ يَكُونَ الإِْذْنُ مُعْتَبَرًا شَرْعًا (1) .</p>وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: مِمَّنْ يُعْتَبَرُ إِذْنُهُ (2) ، فَلَوِ انْتَفَى الإِْذْنُ أَصْلاً، كَمَا لَوِ اسْتَخْدَمَ سَيَّارَةَ غَيْرِهِ بِغَيْرِ إِذْنِهِ، أَوْ قَادَ دَابَّتَهُ، أَوْ سَاقَهَا، أَوْ حَمَل عَلَيْهَا شَيْئًا، أَوْ رَكِبَهَا فَعَطِبَتْ، فَهُوَ ضَامِنٌ (3) .</p>أَوِ انْتَفَى الْمِلْكُ - كَمَا لَوْ أَذِنَ شَخْصٌ لآِخَرَ بِفِعْلٍ تَرَتَّبَ عَلَيْهِ إِتْلَافُ مِلْكِ غَيْرِهِ - ضَمِنَ الْمَأْذُونُ لَهُ، لأَِنَّهُ لَا يَجُوزُ التَّصَرُّفُ فِي مَال غَيْرِهِ بِلَا إِذْنِهِ وَلَا وِلَايَتِهِ (4) .</p>وَلَوْ أَذِنَ الآْخَرُ بِإِتْلَافِ مَالِهِ؛ فَأَتْلَفَهُ فَلَا ضَمَانَ، كَمَا لَوْ قَال لَهُ: أَحْرِقْ ثَوْبِي فَفَعَل، فَلَا يَغْرَمُ (5) ، إِلَاّ الْوَدِيعَةَ إِذَا أَذِنَ لَهُ بِإِتْلَافِهَا يَضْمَنُهَا، لاِلْتِزَامِهِ حِفْظَهَا (6) ، وَلَوْ دَاوَى الطَّبِيبُ صَبِيًّا بِإِذْنٍ مِنَ الصَّبِيِّ نَفْسِهِ، فَمَاتَ أَوْ عَطِبَ، ضَمِنَ الطَّبِيبُ، وَلَوْ كَانَ الطَّبِيبُ عَالِمًا، وَلَوْ لَمْ يُقَصِّرْ، وَلَوْ أَصَابَ وَجْهَ الْعِلْمِ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الشرح الكبير للدردير بحاشية الدسوقي 4 / 355.</p><font color=#ff0000>(2)</font> شرح المحلي على المنهاج 4 / 210.</p><font color=#ff0000>(3)</font> مجمع الضمانات 145 و 146.</p><font color=#ff0000>(4)</font> الدر المختار 5 / 127، وانظر جامع الفصولين 2 / 78.</p><font color=#ff0000>(5)</font> منح الجليل 4 / 347.</p><font color=#ff0000>(6)</font> حاشية الدسوقي على الشرح الكبير للدردير 4 / 355.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٩٧)</span><hr/></div>وَالصَّنْعَةِ لأَِنَّ إِذْنَ الصَّبِيِّ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ شَرْعًا (1) .</p>وَكَذَا لَوْ أَذِنَ الرَّشِيدُ لِطَبِيبٍ فِي قَتْلِهِ فَفَعَل، لأَِنَّ هَذَا الإِْذْنَ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ شَرْعًا، وَهَذَا عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ (2) .</p>وَقَال الْحَنَفِيَّةُ: لَوْ قَال لَهُ اقْتُلْنِي فَقَتَلَهُ، ضَمِنَ دِيَتَهُ، لأَِنَّ الإِْبَاحَةَ لَا تَجْرِي فِي النَّفْسِ، لأَِنَّ الإِْنْسَانَ لَا يَمْلِكُ إِتْلَافَ نَفْسِهِ، لأَِنَّهُ مُحَرَّمٌ شَرْعًا، لَكِنْ يَسْقُطُ الْقِصَاصُ، لِشُبْهَةِ الإِْذْنِ، كَمَا يَقُول الْحَصْكَفِيُّ (3)، وَهُوَ قَوْلٌ لِلشَّافِعِيَّةِ (4) .</p>وَفِي قَوْلٍ لِلْحَنَفِيَّةِ: لَا تَجِبُ الدِّيَةُ أَيْضًا (5) ، وَهُوَ قَوْل سَحْنُونٍ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ (6) ، وَهُوَ الأَْظْهَرُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ، فَهُوَ هَدْرٌ لِلإِْذْنِ (7)، وَفِي قَوْل ابْنِ قَاسِمٍ: يُقْتَل (8) ، وَهُوَ قَوْل الْحَنَفِيَّةِ (9) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الشرح الكبير للدردير 4 / 355، وشرح الخرشي وحاشية العدوي 8 / 111.</p><font color=#ff0000>(2)</font> يؤخذ من حاشية الدسوقي بتصرف 4 / 355.</p><font color=#ff0000>(3)</font> الدر المختار 5 / 352، وانظر البدائع 7 / 236.</p><font color=#ff0000>(4)</font> مغني المحتاج 4 / 50، وانظر كشاف القناع 6 / 5.</p><font color=#ff0000>(5)</font> الدر المختار 5 / 352، والبدائع 7 / 236.</p><font color=#ff0000>(6)</font> منح الجليل 4 / 346.</p><font color=#ff0000>(7)</font> مغني المحتاج 4 / 50.</p><font color=#ff0000>(8)</font> منح الجليل 4 / 346، وانظر جواهر الإكليل 2 / 255، والقوانين الفقهية ص 266.</p><font color=#ff0000>(9)</font> مجمع الضمانات 160.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٩٧)</span><hr/></div>هـ -‌<span class="title">‌ حَال تَنْفِيذِ أَمْرِ الْحَاكِمِ أَوْ إِذْنِهِ:</span></p><font color=#ff0000>125 -</font> إِذَا تَرَتَّبَ عَلَى تَنْفِيذِ أَمْرِ الْحَاكِمِ، أَوْ إِذْنِهِ بِالْفِعْل ضَرَرٌ، فَفِيهِ خِلَافٌ وَتَفْصِيلٌ.</p>فَلَوْ حَفَرَ حُفْرَةً فِي طَرِيقِ الْمُسْلِمِينَ الْعَامِّ، أَوْ فِي مَكَان عَامٍّ لَهُمْ، كَالسُّوقِ وَالْمُنْتَدَى وَالْمُحْتَطَبِ وَالْمَقْبَرَةِ، أَوْ أَنْشَأَ بِنَاءً، أَوْ شَقَّ تُرْعَةً، أَوْ نَصَبَ خَيْمَةً، فَعَطِبَ بِهَا رَجُلٌ، أَوْ تَلِفَ بِهَا إِنْسَانٌ، فَدِيَتُهُ عَلَى عَاقِلَةِ الْحَافِرِ، وَإِنْ تَلِفَ بِهَا حَيَوَانٌ، فَضَمَانُهُ فِي مَالِهِ، لأَِنَّ ذَلِكَ تَعَدٍّ وَتَجَاوُزٌ، وَهُوَ مَحْظُورٌ فِي الشَّرْعِ صِيَانَةً لِحَقِّ الْعَامَّةِ لَا خِلَافَ فِي ذَلِكَ.</p>فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ بِإِذْنِ الْحَاكِمِ أَوْ أَمْرِهِ أَوْ أَمْرِ نَائِبِهِ: فَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى أَنَّهُ لَا يَضْمَنُ، لأَِنَّهُ غَيْرُ مُتَعَدٍّ حِينَئِذٍ، فَإِنَّ لِلإِْمَامِ وِلَايَةً عَامَّةً عَلَى الطَّرِيقِ، إِذْ نَابَ عَنِ الْعَامَّةِ، فَكَانَ كَمَنْ فَعَلَهُ فِي مِلْكِهِ (1) .</p>وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: لَوْ حَفَرَ بِئْرًا فِي طَرِيقِ الْمُسْلِمِينَ فَتَلِفَ فِيهَا آدَمِيٌّ أَوْ غَيْرُهُ ضَمِنَ الْحَافِرُ لِتَسَبُّبِهِ فِي تَلَفِهِ، أَذِنَ السُّلْطَانُ أَوْ لَمْ يَأْذَنْ وَيُمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ الْبِنَاءِ (2) .</p>وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: لَوْ حَفَرَ بِطَرِيقٍ ضَيِّقٍ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الهداية بشروحها 9 / 246، والمبسوط 27 / 25، والبدائع 7 / 278، ومجمع الأنهر 2 / 651 و 652، ومجمع الضمانات ص 178، والدر المختار 5 / 380، 381.</p><font color=#ff0000>(2)</font> جواهر الإكليل 2 / 148، والدسوقي 3 / 444، والقوانين الفقهية ص 224.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٩٨)</span><hr/></div>يَضُرُّ الْمَارَّةَ فَهُوَ مَضْمُونٌ وَإِنْ أَذِنَ فِيهِ الإِْمَامُ، إِذْ لَيْسَ لَهُ الإِْذْنُ فِيمَا يَضُرُّ، وَلَوْ حَفَرَ فِي طَرِيقٍ لَا يَضُرُّ الْمَارَّةَ وَأَذِنَ فِيهِ الإِْمَامُ فَلَا ضَمَانَ، سَوَاءٌ حَفَرَ لِمَصْلَحَةِ نَفْسِهِ أَوْ لِمَصْلَحَةِ الْمُسْلِمِينَ، وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ فَإِنْ حَفَرَ لِمَصْلَحَتِهِ فَقَطْ فَالضَّمَانُ فِيهِ، أَوْ لِمَصْلَحَةٍ عَامَّةٍ فَلَا ضَمَانَ فِي الأَْظْهَرِ لِجَوَازِهِ، وَمُقَابِل الأَْظْهَرِ: فِيهِ الضَّمَانُ، لأَِنَّ الْجَوَازَ مَشْرُوطٌ بِسَلَامَةِ الْعَاقِبَةِ (1) .</p>وَفَصَّل الْحَنَابِلَةُ نَاظِرِينَ إِلَى الطَّرِيقِ: -</p>فَإِنْ كَانَ الطَّرِيقُ ضَيِّقًا، فَعَلَيْهِ ضَمَانُ مَنْ هَلَكَ بِهِ، لأَِنَّهُ مُتَعَدٍّ، سَوَاءٌ أَذِنَ الإِْمَامُ أَوْ لَمْ يَأْذَنْ، فَإِنَّهُ لَيْسَ لِلإِْمَامِ الإِْذْنُ فِيمَا يَضُرُّ بِالْمُسْلِمِينَ، وَلَوْ فَعَل ذَلِكَ الإِْمَامُ، يَضْمَنُ مَا تَلِفَ بِهِ، التَّعْدِيَةَ.</p>وَإِنْ كَانَ الطَّرِيقُ وَاسِعًا، فَحَفَرَ فِي مَكَانٍ يَضُرُّ بِالْمُسْلِمِينَ، فَعَلَيْهِ الضَّمَانُ كَذَلِكَ.</p>وَإِنْ حَفَرَ فِي مَكَانٍ لَا ضَرَرَ فِيهِ، نَظَرْنَا: فَإِنْ حَفَرَ لِنَفْسِهِ، ضَمِنَ مَا تَلِفَ بِهَا، سَوَاءٌ حَفَرَهَا بِإِذْنِ الإِْمَامِ، أَوْ بِغَيْرِ إِذْنِهِ وَإِنْ حَفَرَهَا لِنَفْعِ الْمُسْلِمِينَ - كَمَا لَوْ حَفَرَهَا لِيَنْزِل فِيهَا مَاءُ الْمَطَرِ، أَوْ لِتَشْرَبَ مِنْهُ الْمَارَّةُ - فَلَا يَضْمَنُ، إِذَا كَانَ بِإِذْنِ الإِْمَامِ، وَإِنْ كَانَ بِغَيْرِ إِذْنِهِ، فَفِيهِ رِوَايَتَانِ:.<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) شرح المنهج بحاشية الجمل 5 / 82 وما بعدها. وشرح المحلي على المنهاج بحاشية القليوبي 4 / 147 و 148.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٩٨)</span><hr/></div>إِحْدَاهُمَا: أَنَّهُ لَا يَضْمَنُ.</p>وَالأُْخْرَى: أَنَّهُ يَضْمَنُ، لأَِنَّهُ افْتَاتَ عَلَى الإِْمَامِ (1) .</p> </p>‌<span class="title">‌الضَّمَانُ فِي الزَّكَاةِ:</span></p>فِي ضَمَانِ زَكَاةِ الْمَال، إِذَا هَلَكَ النِّصَابُ حَالَتَانِ:</p> </p>‌<span class="title">‌الْحَالَةُ الأُْولَى:</span></p><font color=#ff0000>126 -</font> لَوْ هَلَكَ الْمَال بَعْدَ تَمَامِ الْحَوْل، وَالتَّمَكُّنِ مِنَ الأَْدَاءِ: فَذَهَبَ الْجُمْهُورُ، إِلَى أَنَّ الزَّكَاةَ تُضْمَنُ بِالتَّأْخِيرِ، وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ (2) .</p>وَذَهَبَ بَعْضُ الْحَنَفِيَّةِ كَأَبِي بَكْرٍ الرَّازِيِّ، إِلَى عَدَمِ الضَّمَانِ فِي هَذِهِ الْحَال، لأَِنَّ وُجُوبَ الزَّكَاةِ عَلَى التَّرَاخِي، وَذَلِكَ لإِِطْلَاقِ الأَْمْرِ بِالزَّكَاةِ، وَمُطْلَقُ الأَْمْرِ لَا يَقْتَضِي الْفَوْرَ، فَيَجُوزُ لِلْمُكَلَّفِ تَأْخِيرُهُ، كَمَا يَقُول الْكَمَال (3) .</p> </p>‌<span class="title">‌الْحَالَةُ الثَّانِيَةُ:</span></p><font color=#ff0000>127 -</font> لَوْ أَتْلَفَ الْمَالِكُ الْمَال بَعْدَ الْحَوْل، قَبْل التَّمَكُّنِ مِنْ إِخْرَاجِ الزَّكَاةِ، فَإِنَّهَا مَضْمُونَةٌ عِنْدَ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المغني بالشرح الكبير 9 / 566 و 567 وانظر كشاف القناع 6 / 6 و 8.</p><font color=#ff0000>(2)</font> الدر المختار بهامش رد المحتار عليه 2 / 12 و 13، والقوانين الفقهية ص 68 وروضة الطالبين 2 / 223، وكشاف القناع 2 / 182، وانظر المغني مع الشرح الكبير 2 / 542 و 543.</p><font color=#ff0000>(3)</font> فتح القدير 2 / 114. ن 2.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٩٩)</span><hr/></div>الْجُمْهُورِ أَيْضًا، وَهُوَ الَّذِي أَطْلَقَهُ النَّوَوِيُّ (1) ، وَأَحَدُ قَوْلَيْنِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ (2) ، لأَِنَّهَا كَمَا قَال الْبُهُوتِيُّ اسْتَقَرَّتْ بِمُضِيِّ الْحَوْل (3)، وَعَلَّلَهُ الْحَنَفِيَّةُ بِوُجُودِ التَّعَدِّي مِنْهُ.</p>وَالْقَوْل الآْخَرُ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ: أَنَّهُ لَا يَضْمَنُ (4) .</p><font color=#ff0000>128 -</font> لَوْ دَفَعَ الْمُزَكِّي زَكَاتَهُ بِتَحَرٍّ، إِلَى مَنْ ظَنَّ أَنَّهُ مَصْرِفُهَا، فَبَانَ غَيْرُ ذَلِكَ فَفِي الإِْجْزَاءِ أَوْ عَدَمِهِ أَيِ الضَّمَانِ خِلَافٌ يُنْظَرُ فِي (زَكَاة) .</p> </p>‌<span class="title">‌الضَّمَانُ فِي الْحَجِّ عَنِ الْغَيْرِ:</span></p><font color=#ff0000>129 -</font> ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ، إِلَى جَوَازِ الاِسْتِئْجَارِ عَلَى الْحَجِّ (5)، وَفِي تَضْمِينِ مَنْ يَحُجُّ عَنْ غَيْرِهِ التَّفْصِيل التَّالِي:</p>أ - إِذَا أَفْسَدَ الْحَاجُّ عَنْ غَيْرِهِ حَجَّهُ مُتَعَمِّدًا، بِأَنْ بَدَا لَهُ فَرَجَعَ مِنْ بَعْضِ الطَّرِيقِ أَوْ جَامَعَ قَبْل الْوُقُوفِ، فَإِنَّهُ يَغْرَمُ مَا أَنْفَقَ عَلَى نَفْسِهِ مِنَ الْمَال، لإِِفْسَادِهِ الْحَجَّ، وَيُعِيدُهُ مِنْ مَال نَفْسِهِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ (6) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) روضة الطالبين 2 / 223.</p><font color=#ff0000>(2)</font> رد المحتار 2 / 21.</p><font color=#ff0000>(3)</font> كشاف القناع 2 / 182.</p><font color=#ff0000>(4)</font> الدر المختار ورد المحتار 2 / 21، وانظر بدائع الصنائع 2 / 63، ومجمع الضمانات ص 7.</p><font color=#ff0000>(5)</font> القوانين الفقهية ص 87، وحاشية الجمل على شرح المنهج 2 / 388 والمغني 3 / 180.</p><font color=#ff0000>(6)</font> الدر المختار 2 / 247، ومجمع الضمانات ص 8.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٩٩)</span><hr/></div>وَقَال النَّوَوِيُّ: إِذَا جَامَعَ الأَْجِيرُ فَسَدَ حَجُّهُ، وَانْقَلَبَ لَهُ، فَتَلْزَمُهُ الْكَفَّارَةُ، وَالْمُضِيُّ فِي فَاسِدِهِ، هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ.</p>وَصَرَّحَ الْجَمَل بِأَنَّهُ لَا شَيْءَ لَهُ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ، لأَِنَّهُ لَمْ يَنْتَفِعْ بِمَا فَعَلَهُ، وَأَنَّهُ مُقَصِّرٌ.</p>وَقَال الْمَقْدِسِيُّ: وَيَرُدُّ مَا أَخَذَ مِنَ الْمَال، لأَِنَّ الْحِجَّةَ لَمْ تُجْزِئْ عَنِ الْمُسْتَنِيبِ، لِتَفْرِيطِهِ وَجَنَابَتِهِ (1) .</p>ب - إِذَا أُحْصِرَ الْحَاجُّ عَنْ غَيْرِهِ، فَلَهُ التَّحَلُّل (2) وَفِي دَمِ الإِْحْصَارِ خِلَافٌ:</p>فَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ، وَهُوَ أَحَدُ وَجْهَيْنِ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَرِوَايَةٌ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ: أَنَّهُ عَلَى الآْمِرِ، لأَِنَّهُ لِلتَّخَلُّصِ مِنْ مَشَقَّةِ السَّفَرِ، فَهُوَ كَنَفَقَةِ الرُّجُوعِ وَلِوُقُوعِ النُّسُكِ لَهُ، مَعَ عَدَمِ إِسَاءَةِ الأَْجِيرِ (3) .</p>وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ، وَهُوَ الْوَجْهُ الثَّانِي عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَرِوَايَةٌ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ أَنَّهُ فِي ضَمَانِ الأَْجِيرِ، كَمَا لَوْ أَفْسَدَهُ (4) .</p>ج - إِذَا فَاتَهُ الْحَجُّ، بِغَيْرِ تَقْصِيرٍ مِنْهُ بِنَوْمٍ،<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) روضة الطالبين 3 / 29، وحاشية الجمل على شرح المنهج 2 / 395، والمغني - بالشرح الكبير - 3 / 182 و 183 وكشاف القناع 2 / 398.</p><font color=#ff0000>(2)</font> روضة الطالبين 3 / 32.</p><font color=#ff0000>(3)</font> الدر المختار ورد المحتار 2 / 246، وحاشية الجمل 3 / 395، والمغني 3 / 182.</p><font color=#ff0000>(4)</font> روضة الطالبين 3 / 32، والمغني 3 / 182 وانظر رد المحتار 2 / 246.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٠٠)</span><hr/></div>أَوْ تَأَخَّرَ عَنِ الْقَافِلَةِ، أَوْ غَيْرِهِمَا، مِنْ غَيْرِ إِحْصَارٍ، بَل بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ - لَا يَضْمَنُ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ النَّفَقَةَ، لأَِنَّهُ فَاتَهُ بِغَيْرِ صُنْعِهِ، وَعَلَيْهِ الْحَجُّ مِنْ قَابِلٍ، لأَِنَّ الْحَجَّةَ وَجَبَتْ عَلَيْهِ بِالشُّرُوعِ، فَلَزِمَهُ قَضَاؤُهَا (1) .</p>قَال النَّوَوِيُّ: وَلَا شَيْءَ لِلأَْجِيرِ فِي الْمَذْهَبِ (2) .</p> </p>‌<span class="title">‌دَمُ الْقِرَانِ وَالتَّمَتُّعِ:</span></p><font color=#ff0000>130 -</font> اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِيمَنْ يَجِبُ عَلَيْهِ دَمُ الْقِرَانِ وَالتَّمَتُّعِ فِي الْحَجِّ عَنِ الْغَيْرِ:</p>قَال الْحَنَفِيَّةُ: دَمُ الْقِرَانِ وَالتَّمَتُّعِ عَلَى الْحَاجِّ - أَيِ الْمَأْمُورِ بِالْحَجِّ عَنْ غَيْرِهِ - إِنْ أَذِنَ لَهُ الآْمِرُ بِالْقِرَانِ وَالتَّمَتُّعِ، وَإِلَاّ فَيَصِيرُ مُخَالِفًا، فَيَضْمَنُ النَّفَقَةَ (3) .</p>وَلِلشَّافِعِيَّةِ تَفْصِيلٌ وَتَفْرِقَةٌ بَيْنَ مَا إِذَا كَانَتِ الإِْجَارَةُ عَلَى الذِّمَّةِ أَوِ الْعَيْنِ، وَكَانَ قَدْ أَمَرَهُ بِالْحَجِّ، فَقَرَنَ أَوْ تَمَتَّعَ (4) .</p>وَقَال الْحَنَابِلَةُ: دَمُ التَّمَتُّعِ وَالْقِرَانِ عَلَى الْمُسْتَنِيبِ، إِنْ أُذِنَ لَهُ فِيهِمَا، وَإِنْ لَمْ يُؤْذَنْ فَعَلَيْهِ (5) (ر: قِرَان وَتَمَتُّع) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الدر المختار ورد المحتار 2 / 246، وروضة الطالبين 3 / 32.</p><font color=#ff0000>(2)</font> روضة الطالبين 3 / 32.</p><font color=#ff0000>(3)</font> الدر المختار 2 / 247.</p><font color=#ff0000>(4)</font> روضة الطالبين 3 / 28.</p><font color=#ff0000>(5)</font> المغني مع الشرح الكبير 3 / 182، والإنصاف 3 / 420، وكشاف القناع 2 / 398.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٠٠)</span><hr/></div><font color=#ff0000>131 -</font> أَمَّا مَا يَلْزَمُ مِنَ الدِّمَاءِ بِفِعْل الْمَحْظُورَاتِ فَعَلَى الْحَاجِّ وَهُوَ الْمَأْمُورُ لأَِنَّهُ لَمْ يُؤْذَنْ لَهُ فِي الْجِنَايَةِ، فَكَانَ مُوجِبُهَا عَلَيْهِ، كَمَا لَوْ لَمْ يَكُنْ نَائِبًا (1) .</p>وَكُل مَا لَزِمَهُ بِمُخَالَفَتِهِ، فَضَمَانُهُ مِنْهُ كَمَا يَقُول الْبُهُوتِيُّ (2) .</p> </p>‌<span class="title">‌الضَّمَانُ فِي الأُْضْحِيَةِ:</span></p><font color=#ff0000>132 -</font> لَوْ مَضَتْ أَيَّامُ الأُْضْحِيَةِ، وَلَمْ يَذْبَحْ أَوْ ذَبَحَ شَخْصٌ أُضْحِيَةَ غَيْرِهِ بِغَيْرِ إِذْنِهِ، فَفِي ذَلِكَ تَفْصِيلٌ يُنْظَرُ فِي (أُضْحِيَة) .</p> </p>‌<span class="title">‌ضَمَانُ صَيْدِ الْحَرَمِ:</span></p><font color=#ff0000>133 -</font> نَهَى الشَّارِعُ عَنْ صَيْدِ الْمُحْرِمِ، بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ، حَيَوَانًا بَرِّيًّا، إِذَا كَانَ مَأْكُول اللَّحْمِ - عِنْدَ الْجُمْهُورِ - مِنْ طَيْرٍ أَوْ دَابَّةٍ، سَوَاءٌ أَصِيدَ مِنْ حَرَمٍ أَمْ مِنْ غَيْرِهِ، وَذَلِكَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى:{وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُمًا (3) } .</p>وَأَطْلَقَ الْمَالِكِيَّةُ عَدَمَ جَوَازِ قَتْل شَيْءٍ مِنْ صَيْدِ الْبَرِّ، مَا أُكِل لَحْمُهُ وَمَا لَمْ يُؤْكَل، لَكِنَّهُمْ أَجَازُوا - كَالْجُمْهُورِ - قَتْل الْحَيَوَانَاتِ الْمُضِرَّةِ: كَالأَْسَدِ، وَالذِّئْبِ، وَالْحَيَّةِ، وَالْفَأْرَةِ،<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الدر المختار 2 / 247، وروضة الطالبين 3 / 29، والمغني مع الشرح الكبير 3 / 182.</p><font color=#ff0000>(2)</font> كشاف القناع 2 / 398.</p><font color=#ff0000>(3)</font> سورة المائدة / 96.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٠١)</span><hr/></div>وَالْعَقْرَبِ، وَالْكَلْبِ الْعَقُورِ (1) ، بَل اسْتَحَبَّ الْحَنَابِلَةُ قَتْلَهَا (2) ، وَلَا يُقْتَل ضَبٌّ وَلَا خِنْزِيرٌ وَلَا قِرْدٌ، إِلَاّ أَنْ يُخَافَ مِنْ عَادِيَتِهِ (3) .</p>وَأَوْجَبَ الشَّارِعُ فِي الصَّيْدِ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ بِالْحَرَمِ وَبِالنِّسْبَةِ لِلْمُحْرِمِ ضَمَانَ مِثْل الْحَيَوَانِ الْمَصِيدِ مِنَ الأَْنْعَامِ، فَيَذْبَحُهُ فِي الْحَرَمِ وَيَتَصَدَّقُ بِهِ، أَوْ ضَمَانَ قِيمَتِهِ مِنَ الطَّعَامِ - إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مِثْلٌ - فَيَتَصَدَّقُ بِالْقِيمَةِ (4) ، أَوْ صِيَامِ يَوْمٍ عَنْ طَعَامِ كُل مِسْكِينٍ، وَهُوَ الْمُدُّ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ، وَنِصْفُ الصَّاعِ مِنَ الْبُرِّ، أَوِ الصَّاعُ مِنَ الشَّعِيرِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ (5) .</p>وَهَذَا التَّخْيِيرُ فِي الْجَزَاءِ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{فَجَزَاءٌ مِثْل مَا قَتَل مِنَ النَّعَمِ} . . . الآْيَةَ (6) .</p> </p>‌<span class="title">‌ضَمَانُ الطَّبِيبِ وَنَحْوِهِ:</span></p><font color=#ff0000>134 -</font> مِثْل الطَّبِيبِ: الْحَجَّامُ، وَالْخَتَّانُ، وَالْبَيْطَارُ، وَفِي ضَمَانِهِمْ خِلَافٌ:</p>يَقُول الْحَنَفِيَّةُ: فِي الطَّبِيبِ إِذَا أَجْرَى<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) القوانين الفقهية ص 92، وجواهر الإكليل 1 / 194، وكشاف القناع 2 / 438 و 439.</p><font color=#ff0000>(2)</font> كشاف القناع 2 / 439.</p><font color=#ff0000>(3)</font> القوانين الفقهية ص 92.</p><font color=#ff0000>(4)</font> الدر المختار 2 / 215، وجواهر الإكليل 1 / 198 و 199، والقوانين الفقهية ص 93، وشرح المحلي على المنهاج بحاشية القليوبي عليه 2 / 144.</p><font color=#ff0000>(5)</font> الدر المختار 2 / 215.</p><font color=#ff0000>(6)</font> سورة المائدة / 95.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٠١)</span><hr/></div>جِرَاحَةً لِشَخْصٍ فَمَاتَ، إِذَا كَانَ الشَّقُّ بِإِذْنٍ، وَكَانَ مُعْتَادًا، وَلَمْ يَكُنْ فَاحِشًا خَارِجَ الرَّسْمِ، لَا يَضْمَنُ. وَقَالُوا: لَوْ قَال الطَّبِيبُ: أَنَا ضَامِنٌ إِنْ مَاتَ لَا يَضْمَنُ دِيَتَهُ لأَِنَّ اشْتِرَاطَ الضَّمَانِ عَلَى الأَْمِينِ بَاطِلٌ، أَوْ لأَِنَّ هَذَا الشَّرْطَ غَيْرُ مَقْدُورٍ عَلَيْهِ، كَمَا هُوَ شَرْطُ الْمَكْفُول بِهِ (1) .</p>وَقَال ابْنُ نُجَيْمٍ: قَطَعَ الْحَجَّامُ لَحْمًا مِنْ عَيْنِهِ، وَكَانَ غَيْرَ حَاذِقٍ، فَعَمِيَتْ، فَعَلَيْهِ نِصْفُ الدِّيَةِ (2) .</p>وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: فِي الطَّبِيبِ وَالْبَيْطَارِ وَالْحَجَّامِ، يَخْتِنُ الصَّبِيَّ، وَيَقْلَعُ الضِّرْسَ، فَيَمُوتُ صَاحِبُهُ لَا ضَمَانَ عَلَى هَؤُلَاءِ، لأَِنَّهُ مِمَّا فِيهِ التَّعْزِيرُ، وَهَذَا إِذَا لَمْ يُخْطِئْ فِي فِعْلِهِ؛ فَإِنْ أَخْطَأَ فَالدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَتِهِ.</p>وَيُنْظَرُ: فَإِنْ كَانَ عَارِفًا فَلَا يُعَاقَبُ عَلَى خَطَئِهِ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ عَارِفٍ، وَغَرَّ مِنْ نَفْسِهِ، فَيُؤَدَّبُ بِالضَّرْبِ وَالسَّجْنِ (3)، وَقَالُوا: الطَّبِيبُ إِذَا جَهِل أَوْ قَصَّرَ ضَمِنَ، وَالضَّمَانُ عَلَى الْعَاقِلَةِ، وَكَذَا إِذَا دَاوَى بِلَا إِذْنٍ، أَوْ بِلَا إِذْنٍ مُعْتَبَرٍ، كَالصَّبِيِّ (4) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الدر المختار ورد المحتار عليه 5 / 364.</p><font color=#ff0000>(2)</font> الأشباه والنظائر لابن نجيم ص 290 وراجع مسائل نحو هذا في الفتاوى الخيرية للعليمي 2 / 176، والعقود الدرية في تنقيح الفتاوى الحامدية 2 / 235 (ط. بولاق: 1270 هـ) .</p><font color=#ff0000>(3)</font> القوانين الفقهية ص 221، وانظر جواهر الإكليل 2 / 296.</p><font color=#ff0000>(4)</font> الشرح الكبير للدردير بحاشية الدسوقي عليه 4 / 355.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٠٢)</span><hr/></div>وَقَال الشَّافِعِيُّ: فِي الْحَجَّامِ وَالْخَتَّانِ وَنَحْوِهِمَا: إِنْ كَانَ فَعَل مَا يَفْعَلُهُ مِثْلُهُ، مِمَّا فِيهِ الصَّلَاحُ لِلْمَفْعُول بِهِ عِنْدَ أَهْل الْعِلْمِ بِتِلْكَ الصِّنَاعَةِ، فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ، وَلَهُ أَجْرُهُ.</p>وَإِنْ كَانَ فَعَل مَا لَا يَفْعَلُهُ مِثْلُهُ، كَانَ ضَامِنًا، وَلَا أَجْرَ لَهُ فِي الأَْصَحِّ (1) .</p>وَلِلشَّافِعِيَّةِ فِي الْخِتَانِ تَفْصِيلٌ بَيْنَ الْوَلِيِّ وَغَيْرِهِ: فَمَنْ خَتَنَهُ فِي سِنٍّ لَا يَحْتَمِلُهُ، لَزِمَهُ الْقِصَاصُ، إِلَاّ الْوَالِدَ، وَإِنِ احْتَمَلَهُ، وَخَتَنَهُ وَلِيُّ خِتَانٍ، فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فِي الأَْصَحِّ (2) .</p> </p>‌<span class="title">‌ضَمَانُ الْمُعَزَّرِ:</span></p><font color=#ff0000>135 -</font> قَال الْحَنَفِيَّةُ: مَنْ عَزَّرَهُ الإِْمَامُ فَهَلَكَ، فَدَمُهُ هَدْرٌ، وَذَلِكَ لأَِنَّ الإِْمَامَ مَأْمُورٌ بِالتَّعْزِيرِ، وَفِعْل الْمَأْمُورِ لَا يَتَقَيَّدُ بِشَرْطِ السَّلَامَةِ فِي التَّعْزِيرِ الْوَاجِبِ (3) ، وَقَيَّدَهُ جُمْهُورُ الْمَالِكِيَّةِ بِأَنْ يَظُنَّ الإِْمَامُ سَلَامَتَهُ، وَإِلَاّ ضَمِنَ (4)، وَكَذَلِكَ الشَّافِعِيَّةُ يَرَوْنَ التَّعْزِيرَ مُقَيَّدًا بِسَلَامَةِ الْعَاقِبَةِ (5) .</p>وَمَعْنَى هَذَا: أَنَّ التَّعْزِيرَ إِذَا أَفْضَى إِلَى<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الأم - بتصرف - 6 / 166 (ط. بولاق: 1321 هـ) .</p><font color=#ff0000>(2)</font> شرح المحلي بحاشية القليوبي عليه 4 / 211 وقارن بالمغني بالشرح الكبير 10 / 349 و 350.</p><font color=#ff0000>(3)</font> الدر المختار ورد المحتار 3 / 189.</p><font color=#ff0000>(4)</font> جواهر الإكليل 2 / 296، والشرح الكبير للدردير بحاشية الدسوقي عليه 4 / 355، ومنح الجليل 4 / 556، 557.</p><font color=#ff0000>(5)</font> شرح المحلي على المنهاج بحاشية القليوبي عليه 4 / 209.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٠٢)</span><hr/></div>التَّلَفِ لَا يَضْمَنُ عِنْدَ الْجُمْهُورِ بِشَرْطِ ظَنِّ سَلَامَةِ الْعَاقِبَةِ، لأَِنَّهُ مَأْذُونٌ فِيهِ، فَلَا يَضْمَنُ، كَالْحُدُودِ، وَهَذَا مَا لَمْ يُسْرِفْ - كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ الْحَنَابِلَةُ بِأَنْ يُجَاوِزَ الْمُعْتَادَ، أَوْ مَا يَحْصُل بِهِ الْمَقْصُودُ، أَوْ يَضْرِبُ مَنْ لَا عَقْل لَهُ مِنْ صَبِيٍّ أَوْ مَجْنُونٍ أَوْ مَعْتُوهٍ، فَإِنَّهُ يَضْمَنُ حِينَئِذٍ، لأَِنَّهُ غَيْرُ مَأْذُونٍ بِذَلِكَ شَرْعًا (1)</p>وَلِلتَّفْصِيل يُرَاجَعُ مُصْطَلَحُ:(تَعْزِير) .</p> </p>‌<span class="title">‌ضَمَانُ الْمُؤَدِّبِ وَالْمُعَلِّمِ:</span></p><font color=#ff0000>136 -</font> ذَهَبَ الْفُقَهَاءُ إِلَى مَنْعِ التَّأْدِيبِ وَالتَّعْلِيمِ بِقَصْدِ الإِْتْلَافِ وَتَرَتُّبِ الْمَسْئُولِيَّةِ عَلَى ذَلِكَ، وَاخْتَلَفُوا فِي حُكْمِ الْهَلَاكِ مِنَ التَّأْدِيبِ الْمُعْتَادِ، وَفِي ضَمَانِهِ تَفْصِيلٌ يُنْظَرُ فِي مُصْطَلَحَيْ:(تَأْدِيب ف 11، وَتَعْلِيم ف 14) .</p> </p>‌<span class="title">‌ضَمَانُ قُطَّاعِ الطَّرِيقِ:</span></p><font color=#ff0000>137 -</font> اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي تَضْمِينِ قُطَّاعِ الطَّرِيقِ مَا أَخَذُوهُ مِنَ الأَْمْوَال أَثْنَاءَ الْحِرَابَةِ، وَذَلِكَ بَعْدَ إِقَامَةِ الْحَدِّ عَلَيْهِمْ فَذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِلَى تَضْمِينِهِمْ، وَفِي ذَلِكَ تَفْصِيلٌ يُنْظَرُ فِي (حِرَابَة ف 22) .</p> </p>‌<span class="title">‌ضَمَانُ الْبُغَاةِ:</span></p><font color=#ff0000>138 -</font> لَا خِلَافَ فِي أَنَّ الْعَادِل إِذَا أَصَابَ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) كشاف القناع 6 / 16، وقارن بالمغني بالشرح الكبير 10 / 349.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٠٣)</span><hr/></div>مِنْ أَهْل الْبَغْيِ، مِنْ دَمٍ أَوْ جِرَاحَةٍ، أَوْ مَالٍ اسْتَهْلَكَهُ أَنَّهُ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ، وَذَلِكَ فِي حَال الْحَرْبِ وَحَال الْخُرُوجِ، لأَِنَّهُ ضَرُورَةٌ، وَلأَِنَّا مَأْمُورُونَ بِقِتَالِهِمْ، فَلَا نَضْمَنُ مَا تَوَلَّدَ مِنْهُ (1) .</p>أَمَّا إِذَا أَصَابَ الْبَاغِي مِنْ أَهْل الْعَدْل شَيْئًا مِنْ نَفْسٍ أَوْ مَالٍ فَمَذْهَبُ الْجُمْهُورِ - وَهُوَ الرَّاجِحُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ - أَنَّهُ مَوْضُوعٌ، وَلَا ضَمَانَ فِيهِ.</p>وَفِي قَوْلٍ لِلشَّافِعِيَّةِ: أَنَّهُ مَضْمُونٌ، يَقُول الرَّمْلِيُّ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ: لَوْ أَتْلَفُوا عَلَيْنَا نَفْسًا أَوْ مَالاً ضَمِنُوهُ، وَعَلَّقَ عَلَيْهِ الشَّبْرَامَلِّسِيِّ بِقَوْلِهِ: أَيْ بِغَيْرِ الْقِصَاصِ (2) ، وَعَلَّلَهُ الشِّرْبِينِيُّ بِأَنَّهُمَا فِرْقَتَانِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، مُحِقَّةٌ وَمُبْطِلَةٌ، فَلَا يَسْتَوِيَانِ فِي سُقُوطِ الْغُرْمِ، كَقُطَّاعِ الطَّرِيقِ، لِشُبْهَةِ تَأْوِيلِهَا (3) .</p>وَاسْتَدَل الْجُمْهُورُ بِمَا رُوِيَ عَنِ الزُّهْرِيِّ، أَنَّهُ قَال: وَقَعَتِ الْفِتْنَةُ، وَأَصْحَابُ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مُتَوَافِرُونَ، فَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ كُل دَمٍ اسْتُحِل بِتَأْوِيل الْقُرْآنِ فَهُوَ مَوْضُوعٌ، وَكُل مَالٍ اسْتُحِل بِتَأْوِيل الْقُرْآنِ فَهُوَ مَوْضُوعٌ (4) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) البدائع 7 / 141، ومغني المحتاج 4 / 125، ونهاية المحتاج 7 / 407، وكشاف القناع 6 / 165.</p><font color=#ff0000>(2)</font> نهاية المحتاج 7 / 408.</p><font color=#ff0000>(3)</font> مغني المحتاج 4 / 125.</p><font color=#ff0000>(4)</font> البدائع 7 / 141، وكشاف القناع 6 / 165، فقد أورده بصيغة أخرى، وقال: ذكره أحمد في رواية الأثرم، واحتج به، رواه الخلال.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٠٣)</span><hr/></div>قَال الْكَاسَانِيُّ: وَمِثْلُهُ لَا يَكْذِبُ، فَوَقَعَ الإِْجْمَاعُ مِنَ الصَّحَابَةِ رضي الله عنهم عَلَى ذَلِكَ، وَهُوَ حُجَّةٌ قَاطِعَةٌ (1) .</p>وَلأَِنَّ الْوِلَايَةَ مِنَ الْجَانِبَيْنِ مُنْقَطِعَةٌ، لِوُجُودِ الْمَنَعَةِ، فَلَمْ يَكُنْ وُجُوبُ الضَّمَانِ مُفِيدًا لِتَعَذُّرِ الاِسْتِيفَاءِ، فَلَمْ يَجِبْ (2) . وَلأَِنَّ تَضْمِينَهُمْ يُفْضِي إِلَى تَنْفِيرِهِمْ مِنَ الرُّجُوعِ إِلَى الطَّاعَةِ فَسَقَطَ، كَأَهْل الْحَرْبِ، أَوْ كَأَهْل الْعَدْل.</p>هَذَا الْحُكْمُ فِي حَال الْحَرْبِ، أَمَّا فِي غَيْرِ حَال الْحَرْبِ، فَمَضْمُونٌ (3) .</p> </p>‌<span class="title">‌ضَمَانُ السَّارِقِ لِلْمَسْرُوقِ:</span></p><font color=#ff0000>139 -</font> لَا خِلَافَ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ فِي أَنَّ الْمَسْرُوقَ إِنْ كَانَ قَائِمًا فَإِنَّهُ يَجِبُ رَدُّهُ إِلَى مَنْ سُرِقَ مِنْهُ.</p>فَإِنْ تَلِفَ فَفِي ضَمَانِهِ تَفْصِيلٌ يُنْظَرُ فِي مُصْطَلَحِ (سَرِقَة ف 79، 80 ج 24) .</p> </p>‌<span class="title">‌ضَمَانُ إِتْلَافِ آلَاتِ اللَّهْوِ:</span></p><font color=#ff0000>140 -</font> آلَةُ اللَّهْوِ: كَالْمِزْمَارِ، وَالدُّفِّ، وَالْبَرْبَطِ، وَالطَّبْل، وَالطُّنْبُورِ، وَفِي ضَمَانِهَا بَعْضُ الْخِلَافِ:<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) البدائع 7 / 141.</p><font color=#ff0000>(2)</font> نفس المرجع.</p><font color=#ff0000>(3)</font> كشاف القناع 5 / 165.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٠٤)</span><hr/></div>فَمَذْهَبُ الْجُمْهُورِ، وَالصَّاحِبَيْنِ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ، أَنَّهَا لَا تُضْمَنُ بِالإِْتْلَافِ وَذَلِكَ: لأَِنَّهَا لَيْسَتْ مُحْتَرَمَةً، لَا يَجُوزُ بَيْعُهَا وَلَا تَمَلُّكُهَا (1) ، وَلأَِنَّهَا مُحَرَّمَةُ الاِسْتِعْمَال، وَلَا حُرْمَةَ لِصَنْعَتِهَا (2) .</p>وَمَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ يَضْمَنُ بِكَسْرِهَا قِيمَتَهَا خَشَبًا مَنْحُوتًا صَالِحًا لِغَيْرِ اللَّهْوِ لَا مِثْلَهَا، فَفِي الدُّفِّ يَضْمَنُ قِيمَتَهُ دُفًّا يُوضَعُ فِيهِ الْقُطْنُ، وَفِي الْبَرْبَطِ يَضْمَنُ قِيمَتَهُ قَصْعَةَ ثَرِيدٍ.</p>وَيَصِحُّ بَيْعُهَا، لأَِنَّهَا أَمْوَالٌ مُتَقَوَّمَةٌ لِصَلَاحِيَّتِهَا بِالاِنْتِفَاعِ بِهَا فِي غَيْرِ اللَّهْوِ، فَلَمْ تُنَافِ الضَّمَانَ، كَالأَْمَةِ الْمُغَنِّيَةِ (3) ، بِخِلَافِ الْخَمْرِ فَإِنَّهَا حَرَامٌ لِعَيْنِهَا، وَالْفَتْوَى عَلَى مَذْهَبِ الصَّاحِبَيْنِ، أَنَّهُ لَا يَضْمَنُهَا، وَلَا يَصِحُّ بَيْعُهَا (4) .</p>قَالُوا: وَأَمَّا طَبْل الْغُزَاةِ وَالصَّيَّادِينَ وَالدُّفُّ الَّذِي يُبَاحُ ضَرْبُهُ فِي الْعُرْسِ، فَمَضْمُونٌ اتِّفَاقًا (5) ، كَالأَْمَةِ الْمُغَنِّيَةِ، وَالْكَبْشِ النَّطُوحِ، وَالْحَمَامَةِ الطَّيَّارَةِ، وَالدِّيكِ الْمُقَاتِل.<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حاشية الدسوقي على الشرح الكبير 4 / 336، والمغني بالشرح الكبير 5 / 445 و 446.</p><font color=#ff0000>(2)</font> شرح المحلي على المنهاج بحاشية القليوبي 3 / 33.</p><font color=#ff0000>(3)</font> الدر المختار ورد المحتار عليه 5 / 134.</p><font color=#ff0000>(4)</font> الدر المختار 5 / 135.</p><font color=#ff0000>(5)</font> نفس المرجع.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٠٤)</span><hr/></div>حَيْثُ تَجِبُ قِيمَتُهَا غَيْرَ صَالِحَةٍ لِهَذَا الأَْمْرِ (1) .</p>وَذَكَرَ ابْنُ عَابِدِينَ، أَنَّ هَذَا الاِخْتِلَافَ بَيْنَ أَبِي حَنِيفَةَ وَبَيْنَ صَاحِبَيْهِ إِنَّمَا هُوَ: فِي الضَّمَانِ، دُونَ إِبَاحَةِ إِتْلَافِ الْمَعَازِفِ، وَفِيمَا يَصْلُحُ لِعَمَلٍ آخَرَ، وَإِلَاّ لَمْ يَضْمَنْ شَيْئًا اتِّفَاقًا، وَفِيمَا إِذَا فَعَل بِغَيْرِ إِذْنِ الإِْمَامِ، وَإِلَاّ لَمْ يَضْمَنِ اتِّفَاقًا. وَفِي غَيْرِ عُودِ الْمُغَنِّي وَخَابِيَةِ الْخَمَّارِ، لأَِنَّهُ لَوْ لَمْ يَكْسِرْهَا لَعَادَ لِفِعْلِهِ الْقَبِيحِ، وَفِيمَا إِذَا كَانَ لِمُسْلِمٍ، فَلَوْ لِذِمِّيٍّ ضَمِنَ اتِّفَاقًا قِيمَتَهُ بَالِغًا مَا بَلَغَ، وَكَذَا لَوْ كَسَرَ صَلِيبَهُ، لأَِنَّهُ مَالٌ مُتَقَوِّمٌ فِي حَقِّهِ (2) .</p> </p>‌<span class="title">‌ضَمَانُ مَا يَتَرَتَّبُ عَلَى تَرْكِ الْفِعْل:</span></p><font color=#ff0000>141 -</font> لِمَال الْمُسْلِمِ حُرْمَةٌ كَمَا لِنَفْسِهِ، وَقَدِ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي تَضْمِينِ مَنْ يَتْرُكُ فِعْلاً مِنْ شَأْنِهِ إِنْقَاذُ مَال الْمُسْلِمِ مِنَ الضَّيَاعِ، أَوْ نَفْسِهِ مِنَ الْهَلَاكِ.</p>وَلِتَفْصِيل ذَلِكَ يُنْظَرُ مُصْطَلَحُ تَرْك (ف 12 - 14) .</p> </p>‌<span class="title">‌تَرْكُ الشَّهَادَةِ وَالرُّجُوعُ عَنْهَا:</span></p><font color=#ff0000>142 -</font> ذَهَبَ الْفُقَهَاءُ إِلَى أَنَّ مَنْ يَتْرُكُ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) نفس المرجع.</p><font color=#ff0000>(2)</font> رد المحتار 5 / 135.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٠٥)</span><hr/></div>الشَّهَادَةَ بَعْدَ طَلَبِهَا مِنْهُ وَعِلْمِهِ أَنَّ تَرْكَهَا يُؤَدِّي إِلَى ضَيَاعِ الْحَقِّ الَّذِي طُلِبَتْ مِنْ أَجَلِهِ آثِمٌ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{وَلَا تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ وَمَنْ يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ (1) } .</p>وَنَصَّ الْمَالِكِيَّةُ عَلَى أَنَّ مَنْ تَرَكَ الشَّهَادَةَ بَعْدَ طَلَبِهَا مِنْهُ وَعِلْمِهِ أَنَّ تَرْكَهَا يُؤَدِّي إِلَى ضَيَاعِ الْحَقِّ يَضْمَنُ (2) .</p>وَفِي الرُّجُوعِ عَنِ الشَّهَادَةِ بَعْدَ أَدَائِهَا وَضَمَانِ مَا يَتَرَتَّبُ عَلَى ذَلِكَ تَفْصِيلٌ يُنْظَرُ فِي مُصْطَلَحِ (رُجُوع ف 36، 37) .</p> </p>‌<span class="title">‌قَطْعُ الْوَثَائِقِ:</span></p><font color=#ff0000>143 -</font> نَصَّ الْمَالِكِيَّةُ عَلَى أَنَّهُ إِذَا قَطَعَ وَثِيقَةً، فَضَاعَ مَا فِيهَا مِنَ الْحُقُوقِ، فَهُوَ ضَامِنٌ، لِتَسَبُّبِهِ فِي الإِْتْلَافِ وَضَيَاعِ الْحَقِّ، سَوَاءٌ أَفَعَل ذَلِكَ عَمْدًا أَمْ خَطَأً، لأَِنَّ الْعَمْدَ أَوِ الْخَطَأَ فِي أَمْوَال النَّاسِ سَوَاءٌ - كَمَا يَقُول الدُّسُوقِيُّ - وَكَذَا إِذَا أَمْسَكَ الْوَثِيقَةَ بِمَالٍ، أَوْ عَفْوٍ عَنْ دَمٍ.</p>وَلَوْ قَتَل شَاهِدَيِ الْحَقِّ، أَوْ قَتَل أَحَدَهُمَا وَهُوَ لَا يَثْبُتُ إِلَاّ بِشَهَادَتِهِمَا، فَالأَْظْهَرُ أَنَّهُ يَغْرَمُ جَمِيعَ الْحَقِّ، وَجَمِيعَ الْمَال وَفِي قَتْلِهِ تَرَدُّدٌ (3) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) سورة البقرة 283.</p><font color=#ff0000>(2)</font> جواهر الإكليل 1 / 215، وحاشية الدسوقي 2 / 112.</p><font color=#ff0000>(3)</font> القوانين الفقهية ص 218، والشرح الكبير للدردير بحاشية الدسوقي 2 / 111.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٠٥)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌تَضْمِينُ السُّعَاةِ:</span></p><font color=#ff0000>144 -</font> إِذَا سَعَى لَدَى السُّلْطَانِ لِدَفْعِ أَذَاهُ عَنْهُ، وَلَا يَرْتَفِعُ أَذَاهُ إِلَاّ بِذَلِكَ، أَوْ سَعَى بِمَنْ يُبَاشِرُ الْفِسْقَ وَلَا يَمْتَنِعُ بِنَهْيِهِ فَلَا ضَمَانَ فِي ذَلِكَ، عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ.</p>وَإِذَا سَعَى لَدَى السُّلْطَانِ، وَقَال: إِنَّ فُلَانًا وَجَدَ كَنْزًا، فَغَرَّمَهُ السُّلْطَانُ، فَظَهَرَ كَذِبُهُ، ضَمِنَ، إِلَاّ إِنْ كَانَ السُّلْطَانُ عَدْلاً، أَوْ قَدْ يَغْرَمُ أَوْ لَا يَغْرَمُ، لَكِنَّ الْفَتْوَى الْيَوْمَ - كَمَا نَقَل ابْنُ عَابِدِينَ عَنِ الْمِنَحِ - بِوُجُوبِ الضَّمَانِ عَلَى السَّاعِي مُطْلَقًا.</p>وَالسِّعَايَةُ الْمُوجِبَةُ لِلضَّمَانِ: أَنْ يَتَكَلَّمَ بِكَذِبٍ يَكُونُ سَبَبًا لأَِخْذِ الْمَال مِنْ شَخْصٍ، أَوْ كَانَ صَادِقًا لَكِنْ لَا يَكُونُ قَصْدُهُ إِقَامَةَ الْحِسْبَةِ كَمَا لَوْ قَال: وَجَدَ مَالاً وَقَدْ وُجِدَ الْمَال، فَهَذَا يُوجِبُ الضَّمَانَ، إِذِ الظَّاهِرُ أَنَّ السُّلْطَانَ يَأْخُذُ مِنْهُ الْمَال بِهَذَا السَّبَبِ.</p>وَلَوْ كَانَ السُّلْطَانُ يَغْرَمُ أَلْبَتَّةَ بِمِثْل هَذِهِ السِّعَايَةِ، ضَمِنَ (1) .</p>وَكَذَا يَضْمَنُ لَوْ سَعَى بِغَيْرِ حَقٍّ - عِنْدَ مُحَمَّدٍ - زَجْرًا لِلسَّاعِي، وَبِهِ يُفْتَى وَيُعَزَّرُ وَلَوْ مَاتَ السَّاعِي فَلِلْمُسْعَى بِهِ أَنْ يَأْخُذَ قَدْرَ الْخُسْرَانِ مِنْ تَرِكَتِهِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ (2) ،<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) رد المحتار 5 / 135، وجامع الفصولين 2 / 79.</p><font color=#ff0000>(2)</font> الدر المختار 5 / 135.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٠٦)</span><hr/></div>وَذَلِكَ دَفْعًا لِلْفَسَادِ وَزَجْرًا لِلسَّاعِي، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُبَاشِرٍ، فَإِنَّ السَّعْيَ سَبَبٌ مَحْضٌ لإِِهْلَاكِ الْمَال، وَالسُّلْطَانُ يُغَرِّمُهُ اخْتِيَارًا لَا طَبْعًا (1) .</p>وَنَقَل الرَّمْلِيُّ عَنِ الْقِنْيَةِ: شَكَا عِنْدَ الْوَالِي بِغَيْرِ حَقٍّ، فَضَرَبَ الْمَشْكُوَّ عَلَيْهِ، فَكَسَرَ سِنَّهُ أَوْ يَدَهُ، يَضْمَنُ الشَّاكِي أَرْشَهُ، كَالْمَال (2) .</p>وَتَعَرَّضَ الْمَالِكِيَّةُ لِمَسْأَلَةِ الشَّاكِي لِلْحَاكِمِ مِمَّنْ ظَلَمَهُ، كَالْغَاصِبِ وَقَالُوا: إِذَا شَكَاهُ إِلَى حَاكِمٍ ظَالِمٍ، مَعَ وُجُودِ حَاكِمٍ مُنْصِفٍ، فَغَرَّمَهُ الْحَاكِمُ زَائِدًا عَمَّا يَلْزَمُهُ شَرْعًا، بِأَنْ تَجَاوَزَ الْحَدَّ الشَّرْعِيَّ، قَالُوا: يَغْرَمُ.</p>وَفِي فَتْوَى: أَنَّهُ يَضْمَنُ الشَّاكِي جَمِيعَ مَا غَرَّمَهُ السُّلْطَانُ الظَّالِمُ لِلْمَشْكُوِّ.</p>وَفِي قَوْلٍ ثَالِثٍ: أَنَّهُ لَا يَضْمَنُ الشَّاكِي شَيْئًا مُطْلَقًا، وَإِنْ ظَلَمَ فِي شَكْوَاهُ، وَإِنْ أَثِمَ وَأُدِّبَ (3) .</p>وَنَصَّ الْحَنَابِلَةُ عَلَى أَنَّهُ لَوْ غَرِمَ إِنْسَانٌ، بِسَبَبِ كَذِبٍ عَلَيْهِ عِنْدَ وَلِيِّ الأَْمْرِ، فَلِلْغَارِمِ تَغْرِيمُ الْكَاذِبِ عَلَيْهِ لِتَسَبُّبِهِ فِي ظُلْمِهِ، وَلَهُ الرُّجُوعُ عَلَى الآْخِذِ مِنْهُ، لأَِنَّهُ الْمُبَاشِرُ (4) .</p> </p>‌<span class="title">‌إِلْقَاءُ الْمَتَاعِ مِنْ السَّفِينَةِ:</span></p><font color=#ff0000>145 -</font> قَال الْحَنَفِيَّةُ: إِذَا أَشْرَفَتْ سَفِينَةٌ عَلَى<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) رد المحتار 5 / 360.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حاشية الرملي على جامع الفصولين 2 / 79.</p><font color=#ff0000>(3)</font> جواهر الإكليل 2 / 152.</p><font color=#ff0000>(4)</font> كشاف القناع 4 / 116.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٠٦)</span><hr/></div>الْغَرَقِ، فَأَلْقَى بَعْضُهُمْ حِنْطَةَ غَيْرِهِ فِي الْبَحْرِ، حَتَّى خَفَّتْ السَّفِينَةُ، يَضْمَنُ قِيمَتَهَا فِي تِلْكَ الْحَال، أَيْ مُشْرِفَةً عَلَى الْغَرَقِ، وَلَا شَيْءَ عَلَى الْغَائِبِ الَّذِي لَهُ مَالٌ فِيهَا، وَلَمْ يَأْذَنْ بِالإِْلْقَاءِ، فَلَوْ أَذِنَ بِالإِْلْقَاءِ، بِأَنْ قَال: إِذَا تَحَقَّقَتْ هَذِهِ الْحَال فَأَلْقُوا، اعْتُبِرَ إِذْنُهُ (1) .</p>وَقَالُوا: إِذَا خَشَى عَلَى الأَْنْفُسِ، فَاتَّفَقُوا عَلَى إِلْقَاءِ الأَْمْتِعَةِ فَالْغُرْمُ بِعَدَدِ الرُّءُوسِ إِذَا قَصَدَ حِفْظَ الأَْنْفُسِ خَاصَّةً - كَمَا يَقُول ابْنُ عَابِدِينَ - لأَِنَّهَا لِحِفْظِ الأَْنْفُسِ، وَهَذَا اخْتِيَارُ الْحَصْكَفِيِّ وَهُوَ أَحَدُ أَقْوَالٍ ثَلَاثَةٍ، ثَانِيهَا: أَنَّهُ عَلَى الأَْمْلَاكِ مُطْلَقًا، ثَالِثُهَا عَكْسُهُ (2) .</p>وَلَوْ خَشَى عَلَى الأَْمْتِعَةِ فَقَطْ - بِأَنْ كَانَتْ فِي مَوْضِعٍ لَا تَغْرَقُ فِيهِ الأَْنْفُسُ - فَهِيَ عَلَى قَدْرِ الأَْمْوَال، وَإِذَا خَشَى عَلَيْهِمَا، فَهِيَ عَلَى قَدْرِهِمَا، فَمَنْ كَانَ غَائِبًا، وَأَذِنَ بِالإِْلْقَاءِ، اعْتُبِرَ مَالُهُ، لَا نَفْسُهُ.</p>وَمَنْ كَانَ حَاضِرًا بِمَالِهِ اعْتُبِرَ مَالُهُ وَنَفْسُهُ فَقَطْ.</p>وَمَنْ كَانَ بِنَفْسِهِ فَقَطِ اعْتُبِرَ نَفْسُهُ (3) .</p>وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: إِذَا خِيفَ عَلَى السَّفِينَةِ الْغَرَقُ، جَازَ طَرْحُ مَا فِيهَا مِنَ الْمَتَاعِ، أَذِنَ أَرْبَابُهُ أَوْ لَمْ يَأْذَنُوا، إِذَا رَجَا بِذَلِكَ نَجَاتَهُ،<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) رد المحتار 5 / 172.</p><font color=#ff0000>(2)</font> رد المحتار في الموضع نفسه.</p><font color=#ff0000>(3)</font> نفس المرجع.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٠٧)</span><hr/></div>وَكَانَ الْمَطْرُوحُ بَيْنَهُمْ عَلَى قَدْرِ أَمْوَالِهِمْ، وَلَا غُرْمَ عَلَى مَنْ طَرَحَهُ (1) .</p>وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: إِذَا أَشْرَفَتْ سَفِينَةٌ فِيهَا مَتَاعٌ وَرِكَابٌ عَلَى غَرَقٍ، وَخِيفَ هَلَاكُ الرُّكَّابِ، جَازَ إِلْقَاءُ بَعْضِ الْمَتَاعِ فِي الْبَحْرِ، لِسَلَامَةِ الْبَعْضِ الآْخَرِ: أَيْ لِرَجَائِهَا، وَقَال الْبُلْقِينِيُّ: بِشَرْطِ إِذْنِ الْمَالِكِ (2) .</p>وَقَال النَّوَوِيُّ: وَيَجِبُ لِرَجَاءِ نَجَاةِ الرَّاكِبِ (3) .</p>وَقَالُوا - أَيْضًا - وَيَجِبُ إِلْقَاؤُهُ - وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ مَالِكُهُ - إِذَا خِيفَ الْهَلَاكُ لِسَلَامَةِ حَيَوَانٍ مُحْتَرَمٍ، بِخِلَافِ غَيْرِ الْمُحْتَرَمِ، كَحَرْبِيٍّ وَمُرْتَدٍّ. وَيَجِبُ بِإِلْقَاءِ حَيَوَانٍ، وَلَوْ مُحْتَرَمًا، لِسَلَامَةِ آدَمِيٍّ مُحْتَرَمٍ، إِنْ لَمْ يُمْكِنْ دَفْعُ الْغَرَقِ بِغَيْرِ إِلْقَائِهِ.</p>وَقَال الأَْذْرَعِيُّ: يَنْبَغِي أَنْ يُرَاعِيَ فِي الإِْلْقَاءِ تَقْدِيمَ الأَْخَسِّ فَالأَْخَسِّ قِيمَةً مِنَ الْمَتَاعِ إِنْ أَمْكَنَ، حِفْظًا لِلْمَال مَا أَمْكَنَ، قَالُوا: وَهَذَا إِذَا كَانَ الْمُلْقِي غَيْرَ الْمَالِكِ (4) .</p>وَقَالُوا: يَجِبُ إِلْقَاءُ مَا لَا رُوحَ فِيهِ لِتَخْلِيصِ ذِي رُوحٍ، وَإِلْقَاءُ الدَّوَابِّ لإِِبْقَاءِ الآْدَمِيِّينَ. وَإِذَا انْدَفَعَ الْغَرَقُ بِطَرْحِ بَعْضِ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) القوانين الفقهية ص 218.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حاشية الجمل على شرح المنهج 5 / 90.</p><font color=#ff0000>(3)</font> منهاج الطالبين، مع مغني المحتاج 4 / 92 (ط. دار الفكر في بيروت) .</p><font color=#ff0000>(4)</font> حاشية الجمل 5 / 90.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٠٧)</span><hr/></div>الْمَتَاعِ اقْتُصِرَ عَلَيْهِ (1) .</p>قَال النَّوَوِيُّ فِي مِنْهَاجِهِ: فَإِنْ طَرَحَ مَال غَيْرِهِ بِلَا إِذْنٍ ضَمِنَهُ، وَإِلَاّ فَلَا (2)، كَأَكْل الْمُضْطَرِّ طَعَامَ غَيْرِهِ بِغَيْرِ إِذْنِهِ (3) .</p>قَالُوا: وَلَوْ قَال: أَلْقِ مَتَاعَكَ عَلَيَّ ضَمَانُهُ، أَوْ عَلَى أَنِّي ضَامِنٌ ضَمِنَ، وَلَوِ اقْتَصَرَ عَلَى: أَلْقِ، فَلَا، عَلَى الْمَذْهَبِ (4) - لِعَدَمِ الاِلْتِزَامِ -</p>وَالْحَنَابِلَةُ قَالُوا بِهَذِهِ الْفُرُوعِ:</p>أ - إِذَا أَلْقَى بَعْضُ الرُّكْبَانِ مَتَاعَهُ، لِتَخِفَّ السَّفِينَةُ وَتَسْلَمَ مِنَ الْغَرَقِ، لَمْ يُضَمِّنْهُ أَحَدٌ، لأَِنَّهُ أَتْلَفَ مَتَاعَ نَفْسِهِ بِاخْتِيَارِهِ، لِصَلَاحِهِ وَصَلَاحِ غَيْرِهِ.</p>ب - وَإِنْ أَلْقَى مَتَاعَ غَيْرِهِ بِغَيْرِ أَمْرِهِ، ضَمِنَهُ وَحْدَهُ.</p>ج - وَإِنْ قَال لِغَيْرِهِ: أَلْقِ مَتَاعَكَ فَقَبِل مِنْهُ، لَمْ يَضْمَنْهُ لَهُ، لأَِنَّهُ لَمْ يَلْتَزِمْ ضَمَانَهُ.</p>د - وَإِنْ قَال: أَلْقِ وَأَنَا ضَامِنٌ لَهُ، أَوْ: وَعَلَيَّ قِيمَتُهُ، لَزِمَهُ ضَمَانُهُ، لأَِنَّهُ أَتْلَفَ مَالَهُ بِعِوَضٍ لِمَصْلَحَتِهِ، فَوَجَبَ لَهُ الْعِوَضُ عَلَى مَا الْتَزَمَهُ. . .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) شرح المنهج بحاشية الجمل 5 / 90.</p><font color=#ff0000>(2)</font> منهاج الطالبين مع مغني المحتاج 4 / 93.</p><font color=#ff0000>(3)</font> شرح المنهج بحاشية الجمل 5 / 90.</p><font color=#ff0000>(4)</font> المنهاج مع مغني المحتاج 4 / 93.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٠٨)</span><hr/></div>هـ - وَإِنْ قَال: أَلْقِهِ وَعَلَيَّ وَعَلَى رُكْبَانِ السَّفِينَةِ ضَمَانُهُ، فَأَلْقَاهُ، فَفِيهِ وَجْهَانِ:</p>أَحَدُهُمَا: يَلْزَمُهُ ضَمَانُهُ وَحْدَهُ، لأَِنَّهُ الْتَزَمَ ضَمَانَهُ جَمِيعَهُ، فَلَزِمَهُ مَا الْتَزَمَهُ، وَقَال الْقَاضِي: إِنْ كَانَ ضَمَانَ اشْتِرَاكٍ، مِثْل أَنْ يَقُول: نَحْنُ نَضْمَنُ لَكَ أَوْ عَلَى كُل وَاحِدٍ مِنَّا ضَمَانُ قِسْطِهِ لَمْ يَلْزَمْهُ إِلَاّ مَا يَخُصُّهُ مِنَ الضَّمَانِ لأَِنَّهُ لَمْ يَضْمَنْ إِلَاّ حِصَّتَهُ، وَإِنَّمَا أَخْبَرَ عَنِ الْبَاقِينَ بِالضَّمَانِ، فَسَكَتُوا وَسُكُوتُهُمْ لَيْسَ بِضَمَانٍ. وَإِنِ الْتَزَمَ ضَمَانَ الْجَمِيعِ، وَأَخْبَرَ عَنْ كُل وَاحِدٍ مِنْهُمْ بِمِثْل ذَلِكَ، لَزِمَهُ ضَمَانُ الْكُل (1) .</p> </p>‌<span class="title">‌مَنْعُ الْمَالِكِ عَنْ مِلْكِهِ حَتَّى يَهْلِكَ:</span></p><font color=#ff0000>146 -</font> مَذْهَبُ الْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ، فِي مَسْأَلَةِ مَنْعِ الْمَالِكِ عَنْ مِلْكِهِ حَتَّى يَهْلِكَ، وَإِزَالَةِ يَدِهِ عَنْهُ، هُوَ عَدَمُ الضَّمَانِ.</p>قَال الْحَنَفِيَّةُ: لَوْ مَنَعَ الْمَالِكَ عَنْ أَمْوَالِهِ حَتَّى هَلَكَتْ، يَأْثَمُ، وَلَا يَضْمَنُ.</p>نَقَل هَذَا ابْنُ عَابِدِينَ (2) عَنْ ابْنِ نُجَيْمٍ فِي الْبَحْرِ، وَعَلَّلَهُ بِأَنَّ الْهَلَاكَ لَمْ يَحْصُل بِنَفْسِ فِعْلِهِ، كَمَا لَوْ فَتَحَ الْقَفَصَ فَطَارَ الْعُصْفُورُ، فَإِنَّهُ لَا يَضْمَنُ، لأَِنَّ الطَّيَرَانَ بِفِعْل الْعُصْفُورِ،<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المغني بالشرح الكبير 10 / 363.</p><font color=#ff0000>(2)</font> رد المحتار 3 / 319.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٠٨)</span><hr/></div>لَا بِنَفْسِ فَتْحِ الْبَابِ. وَالْمَنْصُوصُ فِي مَسْأَلَةِ فَتْحِ الْقَفَصِ، أَنَّهُ قَوْل أَبِي حَنِيفَةَ، وَفِي قَوْل مُحَمَّدٍ يَضْمَنُ، وَبِهِ كَانَ يُفْتِي أَبُو الْقَاسِمِ الصَّفَّارُ. وَاسْتَدَل بِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ صَاحِبُ الْبَحْرِ، عَلَى أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنَ الإِْثْمِ الضَّمَانُ (1) .</p>وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: إِنْ حَبَسَ الْمَالِكَ عَنْ الْمَاشِيَةِ لَا ضَمَانَ فِيهِ (2) ، وَكَذَا لَوْ مَنَعَ مَالِكَ زَرْعٍ أَوْ دَابَّةٍ مِنَ السَّقْيِ، فَهَلَكَ لَا ضَمَانَ فِي ذَلِكَ (3) .</p>وَيَبْدُو أَنَّ مَذْهَبَ الْمَالِكِيَّةِ فِي مَسْأَلَةِ مَنْعِ الْمَالِكِ، هُوَ الضَّمَانُ، لِلتَّسَبُّبِ فِي الإِْتْلَافِ (4) .</p>وَهُوَ أَيْضًا مَذْهَبُ الْحَنَابِلَةِ، إِذْ عَلَّلُوا الضَّمَانَ بِأَنَّهُ لِتَسَبُّبِهِ بِتَعَدِّيهِ (5) .</p>وَمِنْ فُرُوعِهِمْ فِي ذَلِكَ: أَنَّهُ لَوْ أَزَال يَدَ إِنْسَانٍ عَنْ حَيَوَانٍ فَهَرَبَ يَضْمَنُهُ، لِتَسَبُّبِهِ فِي فَوَاتِهِ، أَوْ أَزَال يَدَهُ الْحَافِظَةَ لِمَتَاعِهِ حَتَّى نَهَبَهُ النَّاسُ، أَوْ أَفْسَدَتْهُ النَّارُ، أَوِ الْمَاءُ، يَضْمَنُهُ.</p>وَقَالُوا: لِرَبِّ الْمَال تَضْمِينُ فَاتِحِ الْبَابِ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) جامع الفصولين 2 / 84، ورد المحتار 3 / 319.</p><font color=#ff0000>(2)</font> الوجيز 1 / 206.</p><font color=#ff0000>(3)</font> حاشية القليوبي على شرح المحلي 3 / 26.</p><font color=#ff0000>(4)</font> القوانين الفقهية ص 218، وجواهر الإكليل 1، 215.</p><font color=#ff0000>(5)</font> كشاف القناع 4 / 116 و 117.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٠٩)</span><hr/></div>لِتَسَبُّبِهِ فِي الإِْضَاعَةِ، وَالْقَرَارُ عَلَى الآْخِذِ لِمُبَاشَرَتِهِ.</p>فَإِنْ ضَمَّنَ رَبُّ الْمَال الآْخِذَ لَمْ يَرْجِعْ عَلَى أَحَدٍ، وَإِنْ ضَمَّنَ الْفَاتِحَ رَجَعَ عَلَى الآْخِذِ (1) .</p> </p>‌<span class="title">‌تَضْمِينُ الْمُجْتَهِدِ وَالْمُفْتِي:</span></p><font color=#ff0000>147 -</font> قَال الْمَالِكِيَّةُ: لَا شَيْءَ عَلَى مُجْتَهِدٍ أَتْلَفَ شَيْئًا بِفَتْوَاهُ.</p>أَمَّا غَيْرُ الْمُجْتَهِدِ، فَيَضْمَنُ إِنْ نَصَّبَهُ السُّلْطَانُ أَوْ نَائِبُهُ لِلْفَتْوَى، لأَِنَّهَا كَوَظِيفَةِ عَمَلٍ قَصَّرَ فِيهَا.</p>وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُنْتَصِبًا لِلْفَتْوَى، وَهُوَ مُقَلِّدٌ، فَفِي ضَمَانِهِ قَوْلَانِ، مَبْنِيَّانِ عَلَى الْخِلَافِ فِي الْغُرُورِ الْقَوْلِيِّ: هَل يُوجِبُ الضَّمَانَ، أَوْ لَا؟ وَالْمَشْهُورُ عَدَمُ الضَّمَانِ.</p>وَالظَّاهِرُ - كَمَا نَقَل الدُّسُوقِيُّ - أَنَّهُ إِنْ قَصَّرَ فِي مُرَاجَعَةِ النُّقُول، ضَمِنَ، وَإِلَاّ فَلَا، وَلَوْ صَادَفَ خَطَؤُهُ، لأَِنَّهُ فَعَل مَقْدُورَهُ، وَلأَِنَّ الْمَشْهُورَ عَدَمُ الضَّمَانِ بِالْغُرُورِ الْقَوْلِيِّ (2) .</p>وَنَصَّ السُّيُوطِيُّ عَلَى أَنَّهُ: لَوْ أَفْتَى الْمُفْتِي<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) نفس المرجع 4 / 117 و 118، وانظر الروض المربع 2 / 252.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حاشية الدسوقي على الشرح الكبير 3 / 444.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٠٩)</span><hr/></div>إِنْسَانًا بِإِتْلَافٍ، ثُمَّ تَبَيَّنَ خَطَؤُهُ كَانَ الضَّمَانُ عَلَى الْمُفْتِي (1) .</p> </p>‌<span class="title">‌تَفْوِيتُ مَنَافِعِ الإِْنْسَانِ وَتَعْطِيلُهَا:</span></p><font color=#ff0000>148 -</font> تَعْطِيل الْمَنْفَعَةِ: إِمْسَاكُهَا بِدُونِ اسْتِعْمَالٍ، أَمَّا اسْتِيفَاؤُهَا فَيَكُونُ بِاسْتِعْمَالِهَا (2) ، وَالتَّفْوِيتُ تَعْطِيلٌ، وَيُفَرِّقُ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ بَيْنَ اسْتِيفَاءِ مَنَافِعِ الإِْنْسَانِ، وَبَيْنَ تَفْوِيتِهَا، بِوَجْهٍ عَامٍّ فِي تَفْصِيلٍ:</p>فَنَصَّ الْمَالِكِيَّةُ عَلَى أَنَّ تَعْطِيل مَنَافِعِ الإِْنْسَانِ وَتَفْوِيتَهَا، لَا ضَمَانَ فِيهِ، كَمَا لَوْ حَبَسَ امْرَأَةً حَتَّى مَنَعَهَا مِنَ التَّزَوُّجِ، أَوِ الْحَمْل مِنْ زَوْجِهَا، أَوْ حَبَسَ الْحُرَّ حَتَّى فَاتَهُ عَمَلٌ مِنْ تِجَارَةٍ وَنَحْوِهَا، لَا شَيْءَ عَلَيْهِ.</p>أَمَّا لَوِ اسْتَوْفَى الْمَنْفَعَةَ، كَمَا لَوْ وَطِئَ الْبُضْعَ أَوِ اسْتَخْدَمَ الْحُرَّ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ ذَلِكَ، فَعَلَيْهِ فِي وَطْءِ الْحُرَّةِ صَدَاقُ مِثْلِهَا، وَلَوْ كَانَتْ ثَيِّبًا، وَعَلَيْهِ فِي وَطْءِ الأَْمَةِ مَا نَقَصَهَا (3) ، وَنَصَّ الشَّافِعِيَّةُ عَلَى أَنَّ مَنْفَعَةَ الْبُضْعِ لَا تُضْمَنُ إِلَاّ بِالتَّفْوِيتِ بِالْوَطْءِ، وَتُضْمَنُ بِمَهْرِ الْمِثْل، وَلَا تُضْمَنُ بِفَوَاتٍ، لأَِنَّ الْيَدَ لَا تَثْبُتُ عَلَيْهَا، إِذِ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الأشباه والنظائر للسيوطي 145 (ط. مصطفى محمد. القاهرة: 1359 هـ) .</p><font color=#ff0000>(2)</font> رد المحتار 5 / 135 نقلاً عن الدرر.</p><font color=#ff0000>(3)</font> الشرح الكبير للدردير وحاشية الدسوقي عليه، بتصرف 3 / 454.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣١٠)</span><hr/></div>الْيَدُ فِي بُضْعِ الْمَرْأَةِ لَهَا، وَكَذَا مَنْفَعَةُ بَدَنِ الْحُرِّ لَا تُضْمَنُ إِلَاّ بِتَفْوِيتٍ فِي الأَْصَحِّ، كَأَنْ قَهَرَهُ عَلَى عَمَلٍ. وَفِي قَوْلٍ ثَانٍ لَهُمْ: تُضْمَنُ بِالْفَوَاتِ أَيْضًا، لأَِنَّهَا لِتَقَوِّيهَا فِي عَقْدِ الإِْجَارَةِ الْفَاسِدَةِ تُشْبِهُ مَنْفَعَةَ الْمَال.</p>وَدَلِيل الْقَوْل الأَْوَّل: أَنَّ الْحُرَّ لَا يَدْخُل تَحْتَ الْيَدِ، فَمَنْفَعَتُهُ تَفُوتُ تَحْتَ يَدِهِ (1) .</p>وَنَصَّ الْحَنَابِلَةُ عَلَى أَنَّ الْحُرَّ لَا يَضْمَنُ بِالْغَصْبِ، وَيَضْمَنُ بِالإِْتْلَافِ، فَلَوْ أَخَذَ حُرًّا فَحَبَسَهُ، فَمَاتَ عِنْدَهُ لَمْ يَضْمَنْهُ، لأَِنَّهُ لَيْسَ بِمَالٍ.</p>وَإِنِ اسْتَعْمَلَهُ مُكْرَهًا، لَزِمَهُ أَجْرُ مِثْلِهِ، لأَِنَّهُ اسْتَوْفَى مَنَافِعَهُ، وَهِيَ مُتَقَوَّمَةٌ، فَلَزِمَهُ ضَمَانُهَا، وَلَوْ حَبَسَهُ مُدَّةً لِمِثْلِهَا أَجْرٌ، فَفِيهِ وَجْهَانِ:</p>أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ يَلْزَمُهُ أَجْرُ تِلْكَ الْمُدَّةِ، لأَِنَّهُ فَوَّتَ مَنْفَعَتَهُ، وَهِيَ مَالٌ فَيَجُوزُ أَخْذُ الْعِوَضِ عَنْهَا.</p>وَالثَّانِي: لَا يَلْزَمُهُ لأَِنَّهَا تَابِعَةٌ لِمَا لَا يَصِحُّ غَصْبُهُ.</p>وَلَوْ مَنَعَهُ الْعَمَل مِنْ غَيْرِ حَبْسٍ، لَمْ يَضْمَنْ مَنَافِعَهُ وَجْهًا وَاحِدًا (2) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) شرح المحلي على المنهاج بحاشية القليوبي عليه 3 / 33 و 34.</p><font color=#ff0000>(2)</font> المغني بالشرح الكبير 5 / 448.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣١٠)</span><hr/></div>أَمَّا الْحَنَفِيَّةُ فَلَا يَقُولُونَ بِالضَّمَانِ بِتَفْوِيتِ مَنَافِعِ الإِْنْسَانِ، لأَِنَّهُ لَا يَدْخُل تَحْتَ الْيَدِ، فَلَيْسَ بِمَالٍ، فَلَا تُضْمَنُ مَنَافِعُ بَدَنِهِ (1) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) انظر الدر المختار 5 / 131 و 132، ومجمع الضمانات ص 126، وجامع الفصولين 2 / 92.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣١١)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌ضَمَانُ الدَّرَكِ</span></p> </p>‌<span class="title">‌التَّعْرِيفُ:</span></p><font color=#ff0000>1 -</font> الدَّرَكُ: بِفَتْحَتَيْنِ، وَسُكُونِ الرَّاءِ لُغَةً، اسْمٌ مِنْ أَدْرَكْتُ الرَّجُل أَيْ لَحِقْتُهُ، وَقَدْ جَاءَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ كَانَ يَتَعَوَّذُ مِنْ جَهْدِ الْبَلَاءِ وَدَرَكِ الشَّقَاءِ (1) أَيْ مِنْ لِحَاقِ الشَّقَاءِ.</p>قَال الْجَوْهَرِيُّ: الدَّرَكُ التَّبَعَةُ، قَال أَبُو سَعِيدٍ الْمُتَوَلِّي: سُمِّيَ ضَمَانَ الدَّرَكِ لاِلْتِزَامِهِ الْغَرَامَةَ عِنْدَ إِدْرَاكِ الْمُسْتَحِقِّ عَيْنَ مَالِهِ (2)</p>وَيَسْتَعْمِل الْفُقَهَاءُ كَذَلِكَ هَذَا اللَّفْظَ بِمَعْنَى التَّبَعَةِ أَيِ الْمُطَالَبَةِ وَالْمُؤَاخَذَةِ (3) .</p>فَقَدْ عَرَّفَ الْحَنَفِيَّةُ ضَمَانَ الدَّرَكِ: بِأَنَّهُ الْتِزَامُ تَسْلِيمِ الثَّمَنِ عِنْدَ اسْتِحْقَاقِ الْمَبِيعِ (4) .</p>وَعَرَّفَهُ الشَّافِعِيَّةُ بِأَنَّهُ: هُوَ أَنْ يَضْمَنَ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حديث: " أنه صلى الله عليه وسلم كان يتعوذ من جهد البلاء. . . ". أخرجه البخاري (11 / 148) من حديث أبي هريرة.</p><font color=#ff0000>(2)</font> المصباح المنير مادة (درك) وتهذيب الأسماء واللغات 3 / 104 نشر دار الكتب العلمية، ودرر الحكام شرح مجلة الأحكام 1 / 624.</p><font color=#ff0000>(3)</font> العناية بهامش فتح القدير 5 / 403 (ط. الأميرية) ، ومغني المحتاج 2 / 201 (نشر دار إحياء التراث العربي) ، والشرقاوي على التحرير 2 / 121.</p><font color=#ff0000>(4)</font> الاختيار 2 / 172، 173، وبدائع الصنائع 6 / 9، ابن عابدين 4 / 264، والبناية 6 / 744، وفتح القدير 5 / 403.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣١١)</span><hr/></div>شَخْصٌ لأَِحَدِ الْعَاقِدَيْنِ مَا بَذَلَهُ لِلآْخَرِ إِنْ خَرَجَ مُقَابِلُهُ مُسْتَحَقًّا أَوْ مَعِيبًا أَوْ نَاقِصًا لِنَقْصِ الصَّنْجَةِ، سَوَاءٌ أَكَانَ الثَّمَنُ مُعَيَّنًا أَمْ فِي الذِّمَّةِ (1) .</p>وَلَا يَخْرُجُ تَعْرِيفُ الْفُقَهَاءِ الآْخَرِينَ لِضَمَانِ الدَّرَكِ عَمَّا قَالَهُ الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ فِي تَعْرِيفِهِ (2) . وَيُعَبِّرُ عَنْهُ الْحَنَابِلَةُ بِضَمَانِ‌<span class="title">‌ الْعُهْدَةِ</span>، كَمَا يُعَبِّرُ عَنْهُ الْحَنَفِيَّةُ فِي الْغَالِبِ بِالْكَفَالَةِ بِالدَّرَكِ (3) .</p> </p>‌<span class="title">‌الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:</span></p>أ - الْعُهْدَةُ:</p><font color=#ff0000>2 -</font> الْعُهْدَةُ: هِيَ ضَمَانُ الثَّمَنِ لِلْمُشْتَرِي إِنِ اسْتُحِقَّ الْمَبِيعُ أَوْ وُجِدَ فِيهِ عَيْبٌ (4) .</p>وَالْعُهْدَةُ أَعَمُّ مِنَ الدَّرَكِ، لأَِنَّ الْعُهْدَةَ قَدْ تُطْلَقُ عَلَى الصَّكِّ الْقَدِيمِ، وَقَدْ تُطْلَقُ عَلَى الْعَقْدِ وَعَلَى حُقُوقِهِ، وَعَلَى الدَّرَكِ وَعَلَى الْخِيَارِ، بِخِلَافِ الدَّرَكِ فَإِنَّهُ يُسْتَعْمَل فِي ضَمَانِ الاِسْتِحْقَاقِ عُرْفًا (5) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الشرقاوي على التحرير 2 / 121.</p><font color=#ff0000>(2)</font> كشاف القناع 3 / 369، والمغني 4 / 596، منح الجليل 3 / 249.</p><font color=#ff0000>(3)</font> كشاف القناع 3 / 369، والمغني 4 / 596، والبناية 6 / 744، وفتح القدير 5 / 403، ودرر الحكام شرح مجلة الأحكام 1 / 624.</p><font color=#ff0000>(4)</font> التعريفات للجرجاني.</p><font color=#ff0000>(5)</font> البناية 6 / 791، 792، وفتح القدير 5 / 435.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣١٢)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌الْحُكْمُ الإِْجْمَالِيُّ:</span></p><font color=#ff0000>3 -</font> ضَمَانُ الدَّرَكِ جَائِزٌ عِنْدَ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ، وَمَنَعَ بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ ضَمَانَ الدَّرَكِ لِكَوْنِهِ ضَمَانَ مَا لَمْ يَجِبْ (1) .</p> </p>‌<span class="title">‌أَلْفَاظُ ضَمَانِ الدَّرَكِ:</span></p><font color=#ff0000>4 -</font> مِنْ أَلْفَاظِ هَذَا الضَّمَانِ عِنْدَ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ أَنْ يَقُول الضَّامِنُ: ضَمِنْتُ عُهْدَتَهُ أَوْ ثَمَنَهُ أَوْ دَرْكَهُ، أَوْ يَقُول لِلْمُشْتَرِي: ضَمِنْتُ خَلَاصَكَ مِنْهُ (2) .</p>قَال ابْنُ قُدَامَةَ: إِنَّ الْعُهْدَةَ صَارَتْ فِي الْعُرْفِ عِبَارَةً عَنِ الدَّرَكِ وَضَمَانِ الثَّمَنِ، وَالْكَلَامُ الْمُطْلَقُ يُحْمَل عَلَى الأَْسْمَاءِ الْعُرْفِيَّةِ دُونَ اللُّغَوِيَّةِ (3) .</p>وَيَرَى الْحَنَفِيَّةُ أَنَّ ضَمَانَ الْعُهْدَةِ بَاطِلٌ لاِشْتِبَاهِ الْمُرَادِ بِهَا، لإِِطْلَاقِهَا عَلَى الصَّكِّ وَعَلَى الْعَقْدِ، وَعَلَى حُقُوقِهِ وَعَلَى الدَّرَكِ، فَبَطَل لِلْجَهَالَةِ، بِخِلَافِ ضَمَانِ الدَّرَكِ (4)، قَال ابْنُ نُجَيْمٍ: وَلَا يُقَال يَنْبَغِي أَنْ يُصْرَفَ إِلَى مَا يَجُوزُ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) البناية 6 / 744، وفتح القدير 5 / 403، ومجمع الضمانات ص 275، والاختيار 2 / 172، والمغني 4 / 596، ومنح الجليل 3 / 249، ومغني المحتاج 2 / 201، وروضة الطالبين 4 / 246.</p><font color=#ff0000>(2)</font> المغني 4 / 597، وروضة الطالبين 4 / 247.</p><font color=#ff0000>(3)</font> المغني 4 / 596.</p><font color=#ff0000>(4)</font> مجمع الأنهر 2 / 135، وابن عابدين 4 / 271، والبناية 6 / 791، والبحر الرائق 6 / 254.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣١٢)</span><hr/></div>الضَّمَانُ بِهِ وَهُوَ الدَّرَكُ تَصْحِيحًا لِتَصَرُّفِ الضَّامِنِ لأَِنَّا نَقُول: فَرَاغُ الذِّمَّةِ أَصْلٌ فَلَا يَثْبُتُ الشَّغْل بِالشَّكِّ وَالاِحْتِمَال (1) .</p>كَمَا أَنَّ ضَمَانَ الْخَلَاصِ بَاطِلٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ، لأَِنَّهُ يُفَسِّرُهُ بِتَخْلِيصِ الْمَبِيعِ لَا مَحَالَةَ وَلَا قُدْرَةَ لِلضَّامِنِ عَلَيْهِ، لأَِنَّ الْمُسْتَحِقَّ لَا يُمَكِّنُهُ مِنْهُ، وَلَوْ ضَمِنَ تَخْلِيصَ الْمَبِيعِ أَوْ رَدَّ الثَّمَنِ جَازَ، لإِِمْكَانِ الْوَفَاءِ بِهِ وَهُوَ تَسْلِيمُهُ إِنْ أَجَازَ الْمُسْتَحِقُّ، أَوْ رَدَّهُ إِنْ لَمْ يُجِزْ، فَالْخِلَافُ رَاجِعٌ إِلَى التَّفْسِيرِ (2) .</p>وَيَرَى الْجُمْهُورُ وَمِنْهُمْ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ أَنَّ ضَمَانَ الْخَلَاصِ بِمَنْزِلَةِ ضَمَانِ الدَّرَكِ، وَفَسَّرُوا ضَمَانَ الْخَلَاصِ بِتَخْلِيصِ الْمَبِيعِ إِنْ قَدَرَ عَلَيْهِ وَرَدِّ الثَّمَنِ إِنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهِ وَهُوَ ضَمَانُ الدَّرَكِ فِي الْمَعْنَى، فَالْخِلَافُ لَفْظِيٌّ فَقَطْ (3) .</p>أَمَّا ضَمَانُ خَلَاصِ الْمَبِيعِ بِمَعْنَى أَنْ يَشْتَرِطَ الْمُشْتَرِي أَنَّ الْمَبِيعَ إِنِ اسْتُحِقَّ مِنْ يَدِهِ يُخَلِّصُهُ وَيُسَلِّمُهُ بِأَيِّ طَرِيقٍ يَقْدِرُ عَلَيْهِ فَهَذَا بَاطِلٌ، لأَِنَّهُ شَرْطٌ لَا يَقْدِرُ عَلَى الْوَفَاءِ بِهِ إِذِ الْمُسْتَحِقُّ رُبَّمَا لَا يُسَاعِدُهُ عَلَيْهِ (4) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) البحر الرائق 6 / 254.</p><font color=#ff0000>(2)</font> مجمع الأنهر 2 / 135، والبحر الرائق 6 / 254، وابن عابدين 4 / 271، والبناية 4 / 792.</p><font color=#ff0000>(3)</font> البحر الرائق 6 / 254، ومجمع الأنهر 2 / 135، والبناية 6 / 792، وروضة الطالبين 4 / 247.</p><font color=#ff0000>(4)</font> البناية 6 / 792، وروضة الطالبين 4 / 247، والمغني 4 / 597.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣١٣)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌مُتَعَلَّقُ ضَمَانِ الدَّرَكِ:</span></p><font color=#ff0000>5 -</font> يَقُول الشَّافِعِيَّةُ: إِنَّ مُتَعَلَّقَ ضَمَانِ الدَّرَكِ هُوَ عَيْنُ الثَّمَنِ أَوِ الْمَبِيعِ إِنْ بَقِيَ وَسَهُل رَدُّهُ، وَبَدَلُهُ أَيْ قِيمَتُهُ إِنْ عَسُرَ رَدُّهُ، وَمِثْل الْمِثْلِيِّ وَقِيمَةُ الْمُتَقَوِّمِ إِنْ تَلِفَ، وَتَعَلُّقُهُ بِالْبَدَل أَظْهَرُ (1) .</p>وَيَرَى الْحَنَابِلَةُ أَنَّ مُتَعَلَّقَ ضَمَانِ الدَّرَكِ (ضَمَانُ الْعُهْدَةِ) هُوَ الثَّمَنُ أَوْ جُزْءٌ مِنْهُ، سَوَاءٌ كَانَ الضَّمَانُ عَنِ الْبَائِعِ لِلْمُشْتَرِي أَوْ عَنِ الْمُشْتَرِي لِلْبَائِعِ، حَيْثُ يَقُولُونَ: وَيَصِحُّ ضَمَانُ عُهْدَةِ الْمَبِيعِ عَنِ الْبَائِعِ لِلْمُشْتَرِي وَعَنِ الْمُشْتَرِي لِلْبَائِعِ، فَضَمَانُهُ عَنِ الْمُشْتَرِي: هُوَ أَنْ يَضْمَنَ الثَّمَنَ الْوَاجِبَ بِالْبَيْعِ قَبْل تَسْلِيمِهِ، وَإِنْ ظَهَرَ فِيهِ عَيْبٌ أَوِ اسْتُحِقَّ رَجَعَ بِذَلِكَ عَلَى الضَّامِنِ، وَضَمَانُهُ عَنِ الْبَائِعِ لِلْمُشْتَرِي: هُوَ أَنْ يَضْمَنَ عَنِ الْبَائِعِ الثَّمَنَ مَتَى خَرَجَ الْمَبِيعُ مُسْتَحَقًّا أَوْ رُدَّ بِعَيْبٍ أَوْ أَرْشِ الْعَيْبِ، فَضَمَانُ الْعُهْدَةِ فِي الْمَوْضِعَيْنِ هُوَ ضَمَانُ الثَّمَنِ أَوْ جُزْءٍ مِنْهُ (2) .</p>وَيُؤْخَذُ مِنْ عِبَارَاتِ فُقَهَاءِ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ أَنَّ مُتَعَلَّقَ ضَمَانِ الدَّرَكِ عِنْدَهُمْ هُوَ الثَّمَنُ أَيْضًا (3) ، إِلَاّ أَنَّهُ يَخْتَلِفُ مَذْهَبُ الْحَنَابِلَةِ عَنْ مَذْهَبِ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ فِي أَنَّ الْحَنَابِلَةَ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حاشية الجمل 3 / 379.</p><font color=#ff0000>(2)</font> المغني لابن قدامة 4 / 596.</p><font color=#ff0000>(3)</font> البناية 6 / 744، ومنح الجليل 3 / 249.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣١٣)</span><hr/></div>يَعْتَبِرُونَ ضَمَانَ الثَّمَنِ الْوَاجِبِ تَسْلِيمَهُ عَنِ الْمُشْتَرِي لِلْبَائِعِ مِنْ قَبِيل ضَمَانِ الدَّرَكِ (ضَمَانِ الْعُهْدَةِ) فِي حِينِ يَخْتَصُّ ضَمَانُ الدَّرَكِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ بِالْكَفَالَةِ بِأَدَاءِ ثَمَنِ الْمَبِيعِ إِلَى الْمُشْتَرِي وَتَسْلِيمِهِ إِلَيْهِ إِنِ اسْتُحِقَّ الْمَبِيعُ وَضُبِطَ مِنْ يَدِهِ (1)، أَمَّا ضَمَانُ الثَّمَنِ الْوَاجِبِ تَسْلِيمَهُ عَنِ الْمُشْتَرِي لِلْبَائِعِ فَهُوَ يَتَحَقَّقُ ضِمْنَ الْكَفَالَةِ بِالْمَال بِشُرُوطِهَا.</p> </p>‌<span class="title">‌شُرُوطُ صِحَّةِ ضَمَانِ الدَّرَكِ:</span></p><font color=#ff0000>6 -</font> مِنْ شُرُوطِ صِحَّةِ ضَمَانِ الدَّرَكِ أَنْ يَكُونَ الْمَضْمُونُ دَيْنًا صَحِيحًا، وَالدَّيْنُ الصَّحِيحُ: هُوَ مَا لَا يَسْقُطُ إِلَاّ بِالأَْدَاءِ أَوِ الإِْبْرَاءِ، فَلَا يَصِحُّ بِغَيْرِهِ كَبَدَل الْكِتَابَةِ فَإِنَّهُ يَسْقُطُ بِالتَّعْجِيزِ (2) .</p>وَيَشْتَرِطُ الشَّافِعِيَّةُ لِصِحَّةِ ضَمَانِ الدَّرَكِ قَبْضَ الثَّمَنِ، فَلَا يَصِحُّ ضَمَانُ الدَّرَكِ عِنْدَهُمْ قَبْل قَبْضِ الثَّمَنِ، لأَِنَّ الضَّامِنَ إِنَّمَا يَضْمَنُ مَا دَخَل فِي يَدِ الْبَائِعِ، وَلَا يَدْخُل الثَّمَنُ فِي ضَمَانِهِ إِلَاّ بِقَبْضِهِ (3) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) درر الحكام شرح مجلة الأحكام 1 / 624، ومنح الجليل 3 / 249، والمغني 4 / 596، وكشاف القناع 3 / 369.</p><font color=#ff0000>(2)</font> البناية 6 / 745، والأشباه والنظائر مع شرحه غمز عيون الأبصار 1 / 336، وابن عابدين 4 / 263، وانظر مغني المحتاج 2 / 201، 202، ومنح الجليل 3 / 249.</p><font color=#ff0000>(3)</font> مغني المحتاج 2 / 201، وحاشية الجمل 3 / 379، 380، والمغني 4 / 596.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣١٤)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌حُكْمُ ضَمَانِ الدَّرَكِ فِي حَالَتَيِ الإِْطْلَاقِ وَالتَّقْيِيدِ:</span></p><font color=#ff0000>7 -</font> إِذَا أُطْلِقَ ضَمَانُ الدَّرَكِ أَوِ الْعُهْدَةِ اخْتَصَّ بِمَا إِذَا خَرَجَ الثَّمَنُ الْمُعَيَّنُ مُسْتَحَقًّا إِذْ هُوَ الْمُتَبَادِرُ، لَا مَا خَرَجَ فَاسِدًا بِغَيْرِ الاِسْتِحْقَاقِ، فَلَوِ انْفَسَخَ الْبَيْعُ بِمَا سِوَى الاِسْتِحْقَاقِ مِثْل الرَّدِّ بِالْعَيْبِ أَوْ بِخِيَارِ الشَّرْطِ أَوْ بِخِيَارِ الرُّؤْيَةِ لَا يُؤَاخَذُ بِهِ الضَّامِنُ، لأَِنَّ ذَلِكَ لَيْسَ مِنَ الدَّرَكِ (1) .</p>أَمَّا إِذَا قَيَّدَهُ بِغَيْرِ اسْتِحْقَاقِ الْمَبِيعِ كَخَوْفِ الْمُشْتَرِي فَسَادَ الْبَيْعِ بِدَعْوَى الْبَائِعِ صِغَرًا أَوْ إِكْرَاهًا، أَوْ خَافَ أَحَدُهُمَا كَوْنَ الْعِوَضِ مَعِيبًا، أَوْ شَكَّ الْمُشْتَرِي فِي كَمَال الصَّنْجَةِ الَّتِي تَسَلَّمَ بِهَا الْمَبِيعَ، أَوْ شَكَّ الْبَائِعُ فِي جَوْدَةِ جِنْسِ الثَّمَنِ فَضَمِنَ الضَّامِنُ ذَلِكَ صَرِيحًا صَحَّ ضَمَانُهُ كَضَمَانِ الْعُهْدَةِ (2) .</p>وَتَجْدُرُ الإِْشَارَةُ إِلَى أَنَّ الْكَفِيل بِالدَّرَكِ يَضْمَنُ الْمَكْفُول بِهِ فَقَطْ، وَلَا يَضْمَنُ مَعَ الْمَكْفُول بِهِ ضَرَرَ التَّغْرِيرِ لأَِنَّهُ لَيْسَ لِلْكَفِيل كَفَالَةٌ بِذَلِكَ (3) .</p> </p>‌<span class="title">‌مَا يَتَرَتَّبُ عَلَى ضَمَانِ الدَّرَكِ:</span></p> </p>أ -‌<span class="title">‌ حَقُّ الْمُشْتَرِي فِي الرُّجُوعِ بِالثَّمَنِ:</span></p><font color=#ff0000>8 -</font> يَتَرَتَّبُ عَلَى ضَمَانِ الدَّرَكِ حَقُّ الْمُشْتَرِي فِي<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حاشية الجمل 3 / 380، وبدائع الصنائع 6 / 9، ودرر الحكام شرح مجلة الأحكام 1 / 665.</p><font color=#ff0000>(2)</font> كشاف القناع 3 / 369، والشرقاوي على التحرير 2 / 121.</p><font color=#ff0000>(3)</font> درر الحكام شرح مجلة الأحكام 1 / 665، 698 وما بعدها.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣١٤)</span><hr/></div>الرُّجُوعِ بِالثَّمَنِ عِنْدَ اسْتِحْقَاقِ الْمَبِيعِ، وَيَحِقُّ لَهُ مُطَالَبَةُ الضَّامِنِ وَالأَْصِيل بِهِ (1) . إِلَاّ أَنَّ الْفُقَهَاءَ اخْتَلَفُوا فِي وَقْتِ مُطَالَبَةِ الضَّامِنِ بِالثَّمَنِ:</p>ذَهَبَ الْجُمْهُورُ وَمِنْهُمْ أَبُو يُوسُفَ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ إِلَى أَنَّ مُجَرَّدَ الْقَضَاءِ بِالاِسْتِحْقَاقِ يَكْفِي لِمُؤَاخَذَةِ ضَامِنِ الدَّرَكِ وَالرُّجُوعِ بِالثَّمَنِ عَلَيْهِ.</p>وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى أَنَّهُ لَا يُؤَاخَذُ ضَامِنُ الدَّرَكِ إِنِ اسْتَحَقَّ الْمَبِيعَ مَا لَمْ يَقْضِ بِالثَّمَنِ عَلَى الْبَائِعِ، لأَِنَّ الْبَيْعَ لَا يُنْتَقَضُ بِمُجَرَّدِ الاِسْتِحْقَاقِ، وَلِهَذَا لَوْ أَجَازَ الْمُسْتَحِقُّ الْبَيْعَ قَبْل الْفَسْخِ جَازَ وَلَوْ بَعْدَ قَبْضِهِ وَهُوَ الصَّحِيحُ، فَمَا لَمْ يَقْضِ بِالثَّمَنِ عَلَى الْبَائِعِ لَا يَجِبُ رَدُّ الثَّمَنِ عَلَى الأَْصِيل فَلَا يَجِبُ عَلَى الْكَفِيل (2) .</p>وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ إِلَى أَنَّ الضَّامِنَ يَغْرَمُ الثَّمَنَ حِينَ الدَّرَكِ فِي غَيْبَةِ الْبَائِعِ وَعَدَمِهِ (3) .</p> </p>ب -‌<span class="title">‌ مَنْعُ دَعْوَى التَّمَلُّكِ وَالشُّفْعَةِ:</span></p><font color=#ff0000>9 -</font> ضَمَانُ الدَّرَكِ لِلْمُشْتَرِي عِنْدَ الْبَيْعِ تَسْلِيمٌ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) بداية المجتهد 2 / 296، وابن عابدين 4 / 264، وبدائع الصنائع 6 / 10، والشرقاوي على التحرير 2 / 122.</p><font color=#ff0000>(2)</font> مجمع الأنهر 2 / 135، ودرر الحكام 1 / 663، 664، وابن عابدين 4 / 282.</p><font color=#ff0000>(3)</font> منح الجليل 3 / 249، وانظر بداية المجتهد 2 / 296 (نشر دار المعرفة) .</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣١٥)</span><hr/></div>مِنَ الضَّامِنِ بِأَنَّ الْمَبِيعَ مِلْكُ الْبَائِعِ فَيَكُونُ مَانِعًا لِدَعْوَى التَّمَلُّكِ وَالشُّفْعَةِ بَعْدَ ذَلِكَ، لأَِنَّ هَذَا الضَّمَانَ لَوْ كَانَ مَشْرُوطًا فِي الْبَيْعِ فَتَمَامُهُ بِقَبُول الضَّامِنِ فَكَأَنَّهُ هُوَ الْمُوجِبُ لَهُ ثُمَّ بِالدَّعْوَى يَسْعَى فِي نَقْضِ مَا تَمَّ مِنْ جِهَتِهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَشْرُوطًا فَالْمُرَادُ بِهِ إِحْكَامُ الْبَيْعِ وَتَرْغِيبُ الْمُشْتَرِي فِي الاِبْتِيَاعِ، إِذْ لَا يَرْغَبُ فِيهِ دُونَ الضَّمَانِ فَنَزَل التَّرْغِيبُ مَنْزِلَةَ الإِْقْرَارِ بِمِلْكِ الْبَائِعِ، فَلَا تَصِحُّ دَعْوَى الضَّامِنِ الْمِلْكِيَّةَ لِنَفْسِهِ بَعْدَ ذَلِكَ لِلتَّنَاقُضِ (1) .</p>وَذَهَبَ الْحَنَابِلَةُ وَالشَّافِعِيَّةُ إِلَى أَنَّهُ إِنْ ضَمِنَ الشَّفِيعُ الْعُهْدَةَ لِلْمُشْتَرِي لَمْ تَسْقُطْ شُفْعَتُهُ، لأَِنَّ هَذَا سَبَبٌ سَبَقَ وُجُوبَ الشُّفْعَةِ فَلَمْ تَسْقُطْ بِهِ الشُّفْعَةُ كَالإِْذْنِ فِي الْبَيْعِ وَالْعَفْوِ عَنِ الشُّفْعَةِ قَبْل تَمَامِ الْبَيْعِ (2) .</p> </p>‌<span class="title">‌الرَّهْنُ بِالدَّرَكِ:</span></p><font color=#ff0000>10 -</font> الرَّهْنُ بِالدَّرَكِ هُوَ: أَنْ يَبِيعَ شَيْئًا وَيُسَلِّمَهُ إِلَى الْمُشْتَرِي فَيَخَافُ الْمُشْتَرِي أَنْ يَسْتَحِقَّهُ أَحَدٌ، فَيَأْخُذُ مِنَ الْبَائِعِ رَهْنًا بِالثَّمَنِ لَوِ اسْتَحَقَّهُ أَحَدٌ، وَالرَّهْنُ بِالدَّرَكِ بَاطِلٌ، حَتَّى إِنَّ الْمُرْتَهِنَ لَا يَمْلِكُ حَبْسَ الرَّهْنِ إِنْ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) مجمع الأنهر 2 / 133، والبحر الرائق 6 / 258، 259، ودرر الحكام 1 / 665.</p><font color=#ff0000>(2)</font> المغني 5 / 381.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣١٥)</span><hr/></div>قَبَضَهُ قَبْل الْوُجُوبِ اسْتَحَقَّ الْمَبِيعَ أَوْ لَا، لأَِنَّ الرَّهْنَ جُعِل مَشْرُوعًا لأَِجْل الاِسْتِيفَاءِ وَلَا اسْتِيفَاءَ قَبْل الْوُجُوبِ (1) .</p>وَنَقَل ابْنُ قُدَامَةَ الإِْجْمَاعَ عَلَى عَدَمِ جَوَازِهِ؛ لأَِنَّهُ يُؤَدِّي إِلَى أَنْ يَبْقَى الرَّهْنُ مَرْهُونًا أَبَدًا (2) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) العناية بهامش تكملة الفتح 8 / 206، وبدائع الصنائع 6 / 143، ودرر الحكام شرح مجلة الأحكام 2 / 82، والمغني لابن قدامة 4 / 346، وروضة الطالبين 10 / 361.</p><font color=#ff0000>(2)</font> المغني 4 / 596.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣١٦)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌ضِيَافَةٌ</span></p>‌<span class="title">‌التَّعْرِيفُ:</span></p><font color=#ff0000>1 -</font> الضِّيَافَةُ فِي اللُّغَةِ مَصْدَرُ ضَافَ، يُقَال: ضَافَ الرَّجُل يُضِيفُهُ ضَيْفًا، وَضِيَافَةً: مَال إِلَيْهِ وَنَزَل بِهِ ضَيْفًا وَضِيَافَةً، وَأَضَافَهُ إِلَيْهِ أَنْزَلَهُ عَلَيْهِ ضَيْفًا، وَضِيَافَةً (1) .</p>وَفِي الاِصْطِلَاحِ: هِيَ اسْمٌ لإِِكْرَامِ الضَّيْفِ - وَهُوَ النَّازِل بِغَيْرِهِ لِطَلَبِ الإِْكْرَامِ - وَالإِْحْسَانِ إِلَيْهِ (2) .</p> </p>‌<span class="title">‌الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:</span></p>أ -‌<span class="title">‌ الْقِرَاءُ:</span></p><font color=#ff0000>2 -</font> الْقِرَاءُ مِنْ قَرَى الضَّيْفِ قِرَاءً وَقِرًى: أَضَافَهُ إِلَيْهِ وَأَطْعَمَهُ.</p> </p>ب -‌<span class="title">‌ الْخَفَرُ:</span></p><font color=#ff0000>3 -</font> يُقَال: خَفَرَ بِالْعَهْدِ يَخْفِرُ إِذَا وَفَّى بِهِ، وَخَفَرْتُ الرَّجُل حَمَيْتُهُ وَأَجَرْتُهُ مِنْ طَالِبِهِ، وَخَفَرَ بِالرَّجُل إِذَا غَدَرَ بِهِ (3) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) لسان العرب، المصباح المنير، ابن عابدين 2 / 121.</p><font color=#ff0000>(2)</font> القليوبي 3 / 298، حاشية ابن عابدين 2 / 121، وحاشية البجيرمي 3 / 392.</p><font color=#ff0000>(3)</font> المصباح المنير.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣١٦)</span><hr/></div>ج -‌<span class="title">‌ الإِْجَارَةُ:</span></p><font color=#ff0000>4 -</font> الإِْجَارَةُ مِنْ أَجَارَ الرَّجُل إِجَارَةً: إِذَا أَمَّنَهُ وَخَفَرَ بِهِ، وَعَلَيْهِ.</p> </p>‌<span class="title">‌الْحُكْمُ التَّكْلِيفِيُّ:</span></p><font color=#ff0000>5 -</font> تُعْتَبَرُ الضِّيَافَةُ مِنْ مَكَارِمِ الأَْخْلَاقِ، وَسُنَّةِ الْخَلِيل عليه الصلاة والسلام وَالأَْنْبِيَاءِ بَعْدَهُ، وَقَدْ رَغَّبَ فِيهَا الإِْسْلَامُ، وَعَدَّهَا مِنْ أَمَارَاتِ صِدْقِ الإِْيمَانِ (1) .</p>فَقَدْ وَرَدَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال: مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآْخِرِ فَلْيُكْرِمْ ضَيْفَهُ (2)، وَعَنْهُ صلى الله عليه وسلم: لَا خَيْرَ فِيمَنْ لَا يُضِيفُ (3)، وَقَال عليه السلام: الضِّيَافَةُ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ وَجَائِزَتُهُ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ، وَلَا يَحِل لِمُسْلِمٍ أَنْ يُقِيمَ عِنْدَ أَخِيهِ حَتَّى يُؤَثِّمَهُ، قَالُوا: يَا رَسُول اللَّهِ وَكَيْفَ يُؤَثِّمُهُ؟ قَال: يُقِيمُ عِنْدَهُ لَا شَيْءَ لَهُ يُقْرِيهِ بِهِ (4) .</p>وَهِيَ حَقٌّ مِنْ حُقُوقِ الْمُسْلِمِ عَلَى أَخِيهِ الْمُسْلِمِ، وَقَدْ ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) إحياء علوم الدين 2 / 12، ابن عابدين 5 / 196.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حديث:" من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه ". أخرجه البخاري 10 / 532، ومسلم 1 / 68، من حديث أبي هريرة.</p><font color=#ff0000>(3)</font> حديث:" لا خير فيمن لا يضيف ". أخرجه أحمد 4 / 155، من حديث عقبة بن عامر، وأشار العراقي إلى تضعيفه في تخريجه لإحياء علوم الدين 2 / 12.</p><font color=#ff0000>(4)</font> حديث:" الضيافة ثلاثة أيام ". أخرجه مسلم 3 / 1353 من حديث أبي شريح الخزاعي.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣١٧)</span><hr/></div>وَالشَّافِعِيَّةُ إِلَى أَنَّ الضِّيَافَةَ سُنَّةٌ، وَمُدَّتُهَا ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ، وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ.</p>وَالرِّوَايَةُ الأُْخْرَى عَنْ أَحْمَدَ - وَهِيَ الْمَذْهَبُ - أَنَّهَا وَاجِبَةٌ، وَمُدَّتُهَا يَوْمٌ لَيْلَةٌ، وَالْكَمَال ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ. وَبِهَذَا يَقُول اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ.</p>وَيَرَى الْمَالِكِيَّةُ وُجُوبَ الضِّيَافَةِ فِي حَالَةِ الْمُجْتَازِ الَّذِي لَيْسَ عِنْدَهُ مَا يُبَلِّغُهُ وَيَخَافُ الْهَلَاكَ.</p>وَالضِّيَافَةُ عَلَى أَهْل الْقُرَى وَالْحَضَرِ، إِلَاّ مَا جَاءَ عَنِ الإِْمَامِ مَالِكٍ وَالإِْمَامِ أَحْمَدَ فِي رِوَايَةٍ أَنَّهُ لَيْسَ عَلَى أَهْل الْحَضَرِ ضِيَافَةٌ، وَقَال سَحْنُونٌ: الضِّيَافَةُ عَلَى أَهْل الْقُرَى، وَأَمَّا أَهْل الْحَضَرِ فَإِنَّ الْمُسَافِرَ إِذَا قَدِمَ الْحَضَرَ وَجَدَ نُزُلاً - وَهُوَ الْفُنْدُقُ - فَيَتَأَكَّدُ النَّدْبُ إِلَيْهَا وَلَا يَتَعَيَّنُ عَلَى أَهْل الْحَضَرِ تَعَيُّنَهَا عَلَى أَهْل الْقُرَى لَمَعَانٍ:</p> </p>‌<span class="title">‌أَحَدُهَا:</span></p>أَنَّ ذَلِكَ يَتَكَرَّرُ عَلَى أَهْل الْحَضَرِ، فَلَوِ الْتَزَمَ أَهْل الْحَضَرِ الضِّيَافَةَ لَمَا خَلَوْا مِنْهَا، وَأَهْل الْقُرَى يَنْدُرُ ذَلِكَ عِنْدَهُمْ فَلَا تَلْحَقُهُمْ مَشَقَّةٌ.</p> </p>‌<span class="title">‌ثَانِيهَا:</span></p>أَنَّ الْمُسَافِرَ يَجِدُ فِي الْحَضَرِ الْمَسْكَنَ وَالطَّعَامَ، فَلَا تَلْحَقُهُ الْمَشَقَّةُ لِعَدَمِ الضِّيَافَةِ، وَحُكْمُ الْقُرَى الْكِبَارِ الَّتِي تُوجَدُ فِيهَا الْفَنَادِقُ وَالْمَطَاعِمُ لِلشِّرَاءِ وَيَكْثُرُ تَرْدَادُ</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣١٧)</span><hr/></div>النَّاسِ عَلَيْهَا حُكْمُ الْحَضَرِ، وَهَذَا فِيمَنْ لَا يَعْرِفُهُ الإِْنْسَانُ، وَأَمَّا مَنْ يَعْرِفُهُ مَعْرِفَةَ مَوَدَّةٍ أَوْ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ قَرَابَةٌ أَوْ صِلَةٌ وَمُكَارَمَةٌ، فَحُكْمُهُ فِي الْحَضَرِ وَغَيْرِهِ سَوَاءٌ (1) .</p> </p>‌<span class="title">‌آدَابُ الضِّيَافَةِ:</span></p> </p>‌<span class="title">‌آدَابُ الْمُضِيفِ:</span></p><font color=#ff0000>6 -</font> يُسْتَحَبُّ لِلْمُضِيفِ إِينَاسُ الضَّيْفِ بِالْحَدِيثِ الطَّيِّبِ وَالْقَصَصِ الَّتِي تَلِيقُ بِالْحَال، لأَِنَّ مِنْ تَمَامِ الإِْكْرَامِ طَلَاقَةَ الْوَجْهِ وَطِيبَ الْحَدِيثِ عِنْدَ الْخُرُوجِ وَالدُّخُول لِيَحْصُل لَهُ الاِنْبِسَاطُ، وَلَا يَتَكَلَّفُ مَا لَا يُطِيقُ لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: أَنَا وَأَتْقِيَاءُ أُمَّتِي بُرَآءُ مِنَ التَّكَلُّفِ (2) وَأَنْ يَقُول لِلضَّيْفِ أَحْيَانًا: " كُل " مِنْ غَيْرِ إِلْحَاحٍ، وَأَلَاّ يُكْثِرَ السُّكُوتَ عِنْدَ الضَّيْفِ، وَأَنْ لَا يَغِيبَ عَنْهُ، وَلَا يَنْهَرَ خَادِمَهُ بِحَضْرَتِهِ، وَأَنْ يَخْدُمَهُ بِنَفْسِهِ، وَأَلَاّ يُجْلِسَهُ مَعَ مَنْ يَتَأَذَّى بِجُلُوسِهِ أَوْ لَا يَلِيقُ لَهُ الْجُلُوسُ مَعَهُ، وَأَنْ يَأْذَنَ لَهُ بِالْخُرُوجِ إِذَا اسْتَأْذَنَهُ وَأَنْ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) عمدة القاري 22 / 111، 173، 13 / 8، وفتح الباري 5 / 108، وفتاوى قاضيخان بهامش الهندية 3 / 401، والمنتقى للباجي 7 / 242، 243، نهاية المحتاج 6 / 376، الإنافة في الصدقة والضيافة لابن حجر الهيثمي ص 87، المغني 8 / 603 (ط. الرياض)، أحكام أهل الذمة لابن القيم 2 / 783 وما بعدها.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حديث:" أنا وأتقياء أمتي. . . . ". أورده الشوكاني في الفوائد المجموعة ص 86، وقال: قال النووي: ليس بثابت، وقال في المقاصد: روى معناه بسند ضعيف.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣١٨)</span><hr/></div>يَخْرُجَ مَعَهُ إِلَى بَابِ الدَّارِ تَتْمِيمًا لإِِكْرَامِهِ وَأَنْ يَأْخُذَ بِرِكَابِ ضَيْفِهِ إِذَا أَرَادَ الرُّكُوبَ.</p> </p>‌<span class="title">‌آدَابُ الضَّيْفِ:</span></p><font color=#ff0000>7 -</font> مِنْ آدَابِ الضَّيْفِ أَنْ يَجْلِسَ حَيْثُ يُجْلَسُ، وَأَنْ يَرْضَى بِمَا يُقَدَّمُ إِلَيْهِ، وَأَلَاّ يَقُومَ إِلَاّ بِإِذْنِ الْمُضِيفِ، وَأَنْ يَدْعُوَ لِلْمُضِيفِ بِدُعَاءِ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِأَنْ يَقُول: أَفْطَرَ عِنْدَكُمُ الصَّائِمُونَ، وَأَكَل طَعَامَكُمُ الأَْبْرَارُ، وَصَلَّتْ عَلَيْكُمُ الْمَلَائِكَةُ (1) .</p> </p>‌<span class="title">‌مَقَامُ الضَّيْفِ عِنْدَ الْمُضِيفِ:</span></p><font color=#ff0000>8 -</font> مَنْ نَزَل ضَيْفًا فَلَا يَزِيدُ مُقَامَهُ عِنْدَ الْمُضِيفِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: الضِّيَافَةُ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ، فَمَا زَادَ فَصَدَقَةٌ (2) لِئَلَاّ يَتَبَرَّمَ بِهِ وَيَضْطَرَّ لإِِخْرَاجِهِ، إِلَاّ إِنْ أَلَحَّ عَلَيْهِ رَبُّ الْمَنْزِل بِالْمُقَامِ عِنْدَهُ عَنْ خُلُوصِ قَلْبٍ فَلَهُ الْمُقَامُ.</p> </p>‌<span class="title">‌أَكْل طَعَامِ الضِّيَافَةِ:</span></p><font color=#ff0000>9 -</font> يَأْكُل الْمُضِيفُ مِمَّا قُدِّمَ لَهُ بِلَا لَفْظٍ اكْتِفَاءً بِالْقَرِينَةِ، إِلَاّ إِذَا كَانَ الْمُضِيفُ يَنْتَظِرُ غَيْرَهُ مِنَ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حديث:" أفطر عندكم الصائمون. . . ". أخرجه أبو داود 4 / 189 من حديث أنس، وصححه ابن حجر كما في الفتوحات لابن علان 4 / 343.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حديث:" الضيافة ثلاثة أيام. . . ". أخرجه البخاري 10 / 531، ومسلم 3 / 1353 من حديث أبي شريح.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣١٨)</span><hr/></div>الضُّيُوفِ، فَلَا يَجُوزُ حِينَئِذٍ الأَْكْل إِلَاّ بِإِذْنِ الْمُضِيفِ، وَلَا يَأْكُل مِنَ الطَّعَامِ إِلَاّ بِالْمِقْدَارِ الَّذِي يَقْتَضِيهِ الْعُرْفُ، مَا لَمْ يَعْلَمْ رِضَا الْمُضِيفِ، وَلَا يَتَصَرَّفُ بِهِ إِلَاّ بِأَكْلٍ، لأَِنَّهُ الْمَأْذُونُ لَهُ فِيهِ، فَلَا يُطْعِمُ سَائِلاً، وَلَا هِرَّةً، وَلَهُ أَخْذُ مَا يَعْلَمُ رِضَاهُ، لأَِنَّ الْمَدَارَ عَلَى طِيبِ نَفْسِ الْمَالِكِ، فَإِذَا دَلَّتِ الْقَرِينَةُ عَلَى ذَلِكَ حَل.</p>وَتَخْتَلِفُ قَرَائِنُ الرِّضَى فِي ذَلِكَ بِاخْتِلَافِ الأَْمْوَال، وَمَقَادِيرِهَا (1) .</p>وَصَرَّحَ الشَّافِعِيَّةُ: أَنَّ الضَّيْفَ لَا يَضْمَنُ مَا قُدِّمَ لَهُ مِنْ طَعَامٍ إِنْ تَلِفَ بِلَا تَعَدٍّ مِنْهُ، كَمَا لَا يَضْمَنُ إِنَاءَهُ وَحَصِيرًا يَجْلِسُ عَلَيْهِ وَنَحْوَهُ، سَوَاءٌ قَبْل الأَْكْل، أَوْ بَعْدَهُ، وَلَا يَلْزَمُهُ دَفْعُ هِرَّةٍ عَنْهُ، وَيَضْمَنُ إِنَاءً حَمَلَهُ بِغَيْرِ إِذْنٍ (2) .</p> </p>‌<span class="title">‌اشْتِرَاطُ الضِّيَافَةِ فِي عَقْدِ الْجِزْيَةِ:</span></p><font color=#ff0000>10 -</font> يَجُوزُ بَل يُسْتَحَبُّ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ: أَنْ يَشْتَرِطَ الإِْمَامُ عَلَى أَهْل الذِّمَّةِ ضِيَافَةَ مَنْ يَمُرُّ بِهِمْ مِنَ الْمُسْلِمِينَ زَائِدًا عَلَى أَقَل الْجِزْيَةِ إِذَا صُولِحُوا فِي بَلَدِهِمْ، وَيَجْعَل الضِّيَافَةَ عَلَى الْغَنِيِّ وَالْمُتَوَسِّطِ، لَا الْفَقِيرِ، وَيَذْكُرُ وُجُوبًا فِي الْعَقْدِ: عَدَدَ الضِّيفَانِ،<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الفتاوى الهندية 5 / 344، إحياء علوم الدين 2 / 12 وما بعده، حاشية البجيرمي 3 / 393، نهاية المحتاج 6 / 376، القليوبي 3 / 298، كشاف القناع 5 / 180، مواهب الجليل 4 / 5.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حاشية البجيرمي على الخطيب 3 / 393 - 394.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣١٩)</span><hr/></div>وَعَدَدَ أَيَّامِ الضِّيَافَةِ، وَقَدْرَ الإِْقَامَةِ فِيهِمْ، وَجِنْسَ الطَّعَامِ، وَالأُْدْمِ، وَقَدْرَهُمَا، وَعَلَفَ الدَّوَابِّ إِنْ كَانُوا فُرْسَانًا، وَمَنْزِل الضُّيُوفِ مِنْ كَنِيسِهِ، وَفَاضِل مَسْكَنٍ، وَلَا يَزِيدُ مُقَامُهُمْ عَلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ. وَالأَْصْل فِي ذَلِكَ: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم صَالَحَ أَهْل أَيْلَةَ عَلَى ثَلَاثِمِائَةِ دِينَارٍ، وَعَلَى ضِيَافَةِ مَنْ يَمُرُّ بِهِمْ مِنَ الْمُسْلِمِينَ (1) . فَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْهَا عَلَيْهِمْ لَمْ تَجِبْ عَلَيْهِمْ، لأَِنَّهُ أَدَاءُ مَالٍ، فَلَمْ يَجِبْ بِغَيْرِ رِضَاهُمْ (2) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حديث أن النبي صلى الله عليه وسلم:" صالح أهل أيلة. . . ". أخرجه البيهقي 9 / 195 من حديث ابن الحويرث مرسلاً.</p><font color=#ff0000>(2)</font> جواهر الإكليل 1 / 267، البجيرمي 4 / 236، نهاية المحتاج 8 / 94 - 95، القليوبي 4 / 233، المغني 8 / 505.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣١٩)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌طَاعَةٌ</span></p>‌<span class="title">‌التَّعْرِيفُ:</span></p><font color=#ff0000>1 -</font> الطَّاعَةُ فِي اللُّغَةِ: الاِنْقِيَادُ وَالْمُوَافَقَةُ، يُقَال: أَطَاعَهُ إِطَاعَةً أَيْ: انْقَادَ لَهُ، وَالاِسْمُ طَاعَةٌ، وَأَنَا طَوْعُ يَدِكَ: أَيْ مُنْقَادٌ لَكَ.</p>قَال الْفَيُّومِيُّ: قَالُوا: وَلَا تَكُونُ الطَّاعَةُ إِلَاّ عَنْ أَمْرٍ، كَمَا أَنَّ الْجَوَابَ لَا يَكُونُ إِلَاّ عَنْ قَوْلٍ، يُقَال: أَمَرَهُ فَأَطَاعَ.</p>وَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ: رَخَّصَتْ وَسَهَّلَتْ (1) .</p>وَاتَّفَقَتْ تَعَارِيفُ الْفُقَهَاءِ لِلطَّاعَةِ مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى، وَإِنِ اخْتَلَفَتْ مِنْ حَيْثُ اللَّفْظُ.</p>فَعَرَّفَ الْجُرْجَانِيِّ وَالْكَفَوِيُّ وَصَاحِبُ دُسْتُورِ الْعُلَمَاءِ الطَّاعَةَ بِأَنَّهَا: مُوَافَقَةُ الأَْمْرِ طَوْعًا.</p>قَال الْكَفَوِيُّ: هِيَ فِعْل الْمَأْمُورَاتِ وَلَوْ نَدْبًا، وَتَرْكُ الْمَنْهِيَّاتِ وَلَوْ كَرَاهَةً (2) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) لسان العرب والمصباح المنير، مادة:(طوع) .</p><font color=#ff0000>(2)</font> التعريفات للجرجاني ص 182، والكليات 3 / 155، 156، ودستور العلماء 2 / 271.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٢٠)</span><hr/></div>وَقَال الشَّرْقَاوِيُّ: الطَّاعَةُ امْتِثَال الأَْمْرِ وَالنَّهْيِ (1) .</p>وَقَال ابْنُ حَجَرٍ: الطَّاعَةُ هِيَ الإِْتْيَانُ بِالْمَأْمُورِ بِهِ وَالاِنْتِهَاءُ عَنِ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ، وَالْعِصْيَانُ بِخِلَافِهِ</p><font color=#ff0000>(2)</font> وَنَقَل ابْنُ عَابِدِينَ تَعْرِيفَ شَيْخِ الإِْسْلَامِ زَكَرِيَّا لِلطَّاعَةِ، وَهُوَ: فِعْل مَا يُثَابُ عَلَيْهِ، تَوَقَّفَ عَلَى نِيَّةٍ أَوْ لَا عَرَفَ مَنْ يَفْعَلُهُ لأَِجْلِهِ أَوْ لَا.</p>قَال: وَقَوَاعِدُ مَذْهَبِنَا لَا تَأْبَاهُ (3) .</p> </p>‌<span class="title">‌الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:</span></p>أ -‌<span class="title">‌ الْعِبَادَةُ:</span></p><font color=#ff0000>2 -</font> الْعِبَادَةُ فِي اللُّغَةِ: الاِنْقِيَادُ وَالْخُضُوعُ وَالطَّاعَةُ: قَال الزَّجَّاجُ فِي قَوْله تَعَالَى: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ} (4) : أَيْ نُطِيعُ الطَّاعَةَ الَّتِي يُخْضَعُ مَعَهَا، وَمَعْنَى الْعِبَادَةِ فِي اللُّغَةِ: الطَّاعَةُ مَعَ الْخُضُوعِ، وَمِنْهُ طَرِيقٌ مُعَبَّدٌ إِذَا كَانَ مُذَلَّلاً.</p>قَال ابْنُ الأَْنْبَارِيِّ: فُلَانٌ عَابِدٌ وَهُوَ الْخَاضِعُ لِرَبِّهِ الْمُسْتَسْلِمُ الْمُنْقَادُ لأَِمْرِهِ.</p>وَقَوْلُهُ عز وجل: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمْ} (5) أَيْ: أَطِيعُوا رَبَّكُمْ.<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الشرقاوي على التحرير 1 / 158 (ط. عيسى الحلبي) .</p><font color=#ff0000>(2)</font> فتح الباري 13 / 12.</p><font color=#ff0000>(3)</font> حاشية ابن عابدين 1 / 71.</p><font color=#ff0000>(4)</font> سورة الفاتحة / 4.</p><font color=#ff0000>(5)</font> سورة البقرة / 21.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٢٠)</span><hr/></div>وَتَعَبَّدَ الرَّجُل: تَنَسَّكَ (1) .</p>وَالْعِبَادَةُ اصْطِلَاحًا، قَال صَاحِبُ التَّعْرِيفَاتِ: هِيَ فِعْل الْمُكَلَّفِ عَلَى خِلَافِ هَوَى نَفْسِهِ تَعْظِيمًا لِرَبِّهِ (2) .</p>وَقَال ابْنُ عَابِدِينَ نَقْلاً عَنْ شَيْخِ الإِْسْلَامِ زَكَرِيَّا: الْعِبَادَةُ مَا يُثَابُ عَلَى فِعْلِهِ وَيَتَوَقَّفُ عَلَى نِيَّةٍ (3) .</p>فَالطَّاعَةُ أَعَمُّ مِنَ الْعِبَادَةِ.</p> </p>ب -‌<span class="title">‌ الْقُرْبَةُ:</span></p><font color=#ff0000>3 -</font> عَرَّفَ صَاحِبُ الْكُلِّيَّاتِ الْقُرْبَةَ بِأَنَّهَا: مَا يُتَقَرَّبُ بِهِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى بِوَاسِطَةٍ غَالِبًا قَال: وَقَدْ تُطْلَقُ وَيُرَادُ بِهَا: مَا يُتَقَرَّبُ بِهِ بِالذَّاتِ (4) .</p>قَال ابْنُ عَابِدِينَ نَقْلاً عَنْ شَيْخِ الإِْسْلَامِ زَكَرِيَّا فِي التَّفْرِيقِ بَيْنَ الْقُرْبَةِ وَالْعِبَادَةِ وَالطَّاعَةِ: الْقُرْبَةُ: فِعْل مَا يُثَابُ عَلَيْهِ بَعْدَ مَعْرِفَةِ مَنْ يُتَقَرَّبُ إِلَيْهِ بِهِ، وَإِنْ لَمْ يَتَوَقَّفْ عَلَى نِيَّةٍ، وَالْعِبَادَةُ: مَا يُثَابُ عَلَى فِعْلِهِ وَيَتَوَقَّفُ عَلَى نِيَّةٍ، وَالطَّاعَةُ: فِعْل مَا يُثَابُ عَلَيْهِ تَوَقَّفَ عَلَى نِيَّةٍ أَوْ لَا، عَرَفَ مَنْ يَفْعَلُهُ لأَِجْلِهِ أَوْ لَا، فَنَحْوُ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) لسان العرب والمصباح المنير مادة:(عبد) .</p><font color=#ff0000>(2)</font> التعريفات للجرجاني ص 189.</p><font color=#ff0000>(3)</font> حاشية ابن عابدين 1 / 72.</p><font color=#ff0000>(4)</font> الكليات 4 / 41.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٢١)</span><hr/></div>الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ، وَالصَّوْمِ وَالزَّكَاةِ وَالْحَجِّ، مِنْ كُل مَا يَتَوَقَّفُ عَلَى النِّيَّةِ قُرْبَةٌ وَطَاعَةٌ وَعِبَادَةٌ وَقِرَاءَةُ الْقُرْآنِ، وَالْوَقْفُ وَالْعِتْقُ، وَالصَّدَقَةُ وَنَحْوُهَا مِمَّا لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى نِيَّةٍ، قُرْبَةٌ وَطَاعَةٌ لَا عِبَادَةٌ. وَالنَّظَرُ الْمُؤَدِّي إِلَى مَعْرِفَةِ اللَّهِ تَعَالَى طَاعَةٌ لَا قُرْبَةٌ وَلَا عِبَادَةٌ (1) .</p>فَالطَّاعَةُ أَعَمُّ مِنَ الْقُرْبَةِ وَالْعِبَادَةِ، وَالْقُرْبَةُ أَعَمُّ مِنَ الْعِبَادَةِ.</p> </p>ج -‌<span class="title">‌ الْمَعْصِيَةُ:</span></p><font color=#ff0000>4 -</font> الْمَعْصِيَةُ فِي اللُّغَةِ: خِلَافُ الطَّاعَةِ، يُقَال عَصَى الْعَبْدُ رَبَّهُ: إِذَا خَالَفَ أَمْرَهُ، وَعَصَى فُلَانٌ أَمِيرَهُ يَعْصِيهِ عَصِيًّا وَعِصْيَانًا وَمَعْصِيَةً: إِذَا لَمْ يُطِعْهُ (2) .</p>وَالْمَعْصِيَةُ اصْطِلَاحًا: هِيَ مُخَالَفَةُ الأَْمْرِ قَصْدًا (3) فَالْمَعْصِيَةُ ضِدُّ الطَّاعَةِ.</p> </p>‌<span class="title">‌الأَْحْكَامُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِالطَّاعَةِ:</span></p>أ -‌<span class="title">‌ طَاعَةُ اللَّهِ عز وجل:</span></p><font color=#ff0000>5 -</font> طَاعَةُ اللَّهِ عز وجل فَرْضٌ عَلَى كُل مُكَلَّفٍ. قَال تَعَالَى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُول وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ} (4) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حاشية ابن عابدين 1 / 72.</p><font color=#ff0000>(2)</font> لسان العرب، مادة: (عصا) .</p><font color=#ff0000>(3)</font> التعريفات للجرجاني 283.</p><font color=#ff0000>(4)</font> سورة محمد / 33.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٢١)</span><hr/></div>وَمِنْ حَقِّ الْبَارِي - جَل ثَنَاؤُهُ - عَلَى مَنْ أَبْدَعَهُ أَنْ يَكُونَ أَمْرُهُ عَلَيْهِ نَافِذًا، وَطَاعَتُهُ لَهُ لَازِمَةً.</p>قَال الطَّبَرِيُّ فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى {اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَاّ لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا لَا إِلَهَ إِلَاّ هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ} (1) : يَعْنِي وَمَا أُمِرَ هَؤُلَاءِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى - الَّذِينَ اتَّخَذُوا الأَْحْبَارَ وَالرُّهْبَانَ وَالْمَسِيحَ أَرْبَابًا - إِلَاّ أَنْ يَعْبُدُوا مَعْبُودًا وَاحِدًا، وَأَنْ لَا يُطِيعُوا إِلَاّ رَبًّا وَاحِدًا، دُونَ أَرْبَابٍ شَتَّى، وَهُوَ اللَّهُ الَّذِي لَهُ عِبَادَةُ كُل شَيْءٍ وَطَاعَةُ كُل خَلْقٍ، الْمُسْتَحِقُّ عَلَى جَمِيعِ خَلْقِهِ الدَّيْنُونَةَ لَهُ بِالْوَحْدَانِيَّةِ وَالرُّبُوبِيَّةِ لَا إِلَهَ إِلَاّ هُوَ: وَلَا تَنْبَغِي الأُْلُوهِيَّةُ إِلَاّ لِوَاحِدٍ، وَهُوَ الَّذِي أَمَرَ الْخَلْقَ بِعِبَادَتِهِ وَلَزِمَتْ جَمِيعَ الْعِبَادِ طَاعَتُهُ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ.</p>وَقَدْ بَيَّنَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم كَيْفِيَّةَ اتِّخَاذِ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى الأَْحْبَارَ وَالرُّهْبَانَ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ، وَذَلِكَ فِيمَا رُوِيَ عَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقْرَأُ فِي سُورَةِ بَرَاءَةٍ {اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ} قَال: أَمَا إِنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا يَعْبُدُونَهُمْ، وَلَكِنْ كَانُوا إِذَا أَحَلُّوا لَهُمْ شَيْئًا اسْتَحَلُّوهُ،<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) سورة التوبة / 31.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٢٢)</span><hr/></div>وَإِذَا حَرَّمُوا عَلَيْهِمْ شَيْئًا حَرَّمُوهُ (1) قَال ابْنُ عَبَّاسٍ: لَمْ يَأْمُرُوهُمْ أَنْ يَسْجُدُوا لَهُمْ، وَلَكِنْ أَمَرُوهُمْ بِمَعْصِيَةِ اللَّهِ فَأَطَاعُوهُمْ، فَسَمَّاهُمُ اللَّهُ بِذَلِكَ أَرْبَابًا، وَقَال الْحَسَنُ: اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا فِي الطَّاعَةِ (2) .</p> </p>ب -‌<span class="title">‌ طَاعَةُ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:</span></p><font color=#ff0000>6 -</font> إِذَا وَجَبَ الإِْيمَانُ بِرَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَتَصْدِيقِهِ فِيمَا جَاءَ بِهِ وَجَبَتْ طَاعَتُهُ لأَِنَّ ذَلِكَ مِمَّا أَتَى بِهِ، وَقَدْ تَضَافَرَتِ الأَْدِلَّةُ وَتَوَاتَرَتْ عَلَى وُجُوبِ طَاعَةِ الرَّسُول صلى الله عليه وسلم قَال اللَّهُ تَعَالَى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَوَلَّوْا عَنْهُ وَأَنْتُمْ تَسْمَعُونَ} (3) وَقَال تَعَالَى {وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُول لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} (4) وَقَال تَعَالَى:{وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا} (5) .</p>وَقَال تَعَالَى {مَنْ يُطِعِ الرَّسُول فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ} (6) فَجَعَل اللَّهُ تَعَالَى طَاعَةَ رَسُولِهِ طَاعَتَهُ، وَقَرَنَ طَاعَتَهُ بِطَاعَتِهِ.<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حديث عدي بن حاتم " أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ في سورة براءة ". أخرجه الترمذي 5 / 278، وقال: هذا حديث غريب، وغطيف بن أعين - يعني أحد رواته - ليس بمعروف في الحديث.</p><font color=#ff0000>(2)</font> تفسير الطبري 10 / 80 وما بعدها (ط الأميرية 1327 هـ) ، تفسير القرطبي 5 / 259 (ط دار الكتب المصرية 1958 م) . المنهاج في شعب الإيمان 1 / 192 (ط. دار الفكر 1979 م) .</p><font color=#ff0000>(3)</font> سورة الأنفال / 20.</p><font color=#ff0000>(4)</font> سورة آل عمران / 132.</p><font color=#ff0000>(5)</font> سورة النور / 54.</p><font color=#ff0000>(6)</font> سورة النساء / 80.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٢٢)</span><hr/></div>قَال الْقَاضِي عِيَاضٌ: قَال الْمُفَسِّرُونَ وَالأَْئِمَّةُ: طَاعَةُ الرَّسُول الْتِزَامُ سُنَّتِهِ وَالتَّسْلِيمُ لِمَا جَاءَ بِهِ، وَمَا أَرْسَل اللَّهُ مِنْ رَسُولٍ إِلَاّ فَرَضَ طَاعَتَهُ عَلَى مَنْ أَرْسَلَهُ إِلَيْهِمْ، وَقَدْ حَكَى اللَّهُ عَنِ الْكُفَّارِ فِي دَرَكَاتِ جَهَنَّمَ {يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ يَقُولُونَ يَا لَيْتَنَا أَطَعْنَا اللَّهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولَا} (1) فَتَمَنَّوْا طَاعَتَهُ حَيْثُ لَا يَنْفَعُهُمُ التَّمَنِّي.</p>وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُول: مَنْ أَطَاعَنِي فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ. وَمَنْ عَصَانِي فَقَدْ عَصَى اللَّهَ (2) وَقَال النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: إِذَا نَهَيْتُكُمْ عَنْ شَيْءٍ فَاجْتَنِبُوهُ، وَإِذَا أَمَرْتُكُمْ بِشَيْءٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ (3) وَقَال صلى الله عليه وسلم: إِنَّمَا مَثَلِي وَمَثَل مَا بَعَثَنِي اللَّهُ بِهِ، كَمَثَل رَجُلٍ أَتَى قَوْمًا فَقَال: يَا قَوْمِ، إِنِّي رَأَيْتُ الْجَيْشَ بِعَيْنِي، وَإِنِّي أَنَا النَّذِيرُ الْعُرْيَانُ (4) فَالنَّجَاءَ، فَأَطَاعَهُ طَائِفَةٌ مِنْ قَوْمِهِ فَأَدْلَجُوا، فَانْطَلَقُوا عَلَى مَهَلِهِمْ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) سورة الأحزاب / 66.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حديث أبي هريرة:" من أطاعني فقد أطاع الله. . . ". أخرجه البخاري (فتح الباري 13 / 111)، ومسلم 3 / 1466.</p><font color=#ff0000>(3)</font> حديث:" إذا نهيتكم عن شيء. . . ". أخرجه البخاري (فتح الباري 13 / 251)، ومسلم 4 / 1831 من حديث أبي هريرة واللفظ للبخاري.</p><font color=#ff0000>(4)</font> النذير العريان: ضرب به المثل في تحقق الخبر، قال ابن حجر: ضرب النبي صلى الله عليه وسلم لنفسه ولما جاء به مثلاً بذلك لما أبداه من الخوارق والمعجزات الدالة على القطع بصدقه، تقريبًا للإهام المخاطبين بما يألفون ويعرفونه. (فتح الباري 11 / 316 - 317) .</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٢٣)</span><hr/></div>فَنَجَوْا، وَكَذَّبَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ فَأَصْبَحُوا مَكَانَهُمْ، فَصَبَّحَهُمُ الْجَيْشُ فَأَهْلَكَهُمْ وَاجْتَاحَهُمْ، فَذَلِكَ مَثَل مَنْ أَطَاعَنِي فَاتَّبَعَ مَا جِئْتُ بِهِ، وَمَثَل مَنْ عَصَانِي وَكَذَّبَ بِمَا جِئْتُ بِهِ مِنَ الْحَقِّ (1) .</p>قَال الْجَصَّاصُ: فِي قَوْله تَعَالَى {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} (2) . دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ مَنْ رَدَّ شَيْئًا مِنْ أَوَامِرِ اللَّهِ تَعَالَى أَوْ أَوَامِرِ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَهُوَ خَارِجٌ مِنَ الإِْسْلَامِ، سَوَاءٌ رَدَّهُ مِنْ جِهَةِ الشَّكِّ فِيهِ أَوْ مِنْ جِهَةِ تَرْكِ الْقَبُول وَالاِمْتِنَاعِ مِنَ التَّسْلِيمِ، وَذَلِكَ يُوجِبُ صِحَّةَ مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ الصَّحَابَةُ فِي حُكْمِهِمْ بِارْتِدَادِ مَنِ امْتَنَعَ مِنْ أَدَاءِ الزَّكَاةِ، وَقَتْلِهِمْ وَسَبْيِ ذَرَارِيِّهِمْ، لأَِنَّ اللَّهَ تَعَالَى حَكَمَ بِأَنَّ مَنْ لَمْ يُسَلِّمْ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَضَاءَهُ وَحُكْمَهُ فَلَيْسَ مِنْ أَهْل الإِْيمَانِ (3) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حديث:" إنما مثلي ومثل ما بعثني الله به. . . . ". أخرجه البخاري (فتح الباري 13 / 250) من حديث أبي موسى.</p><font color=#ff0000>(2)</font> سورة النساء / 65.</p><font color=#ff0000>(3)</font> أحكام القرآن للجصاص 2 / 260 (ط المطبعة البهية 1347 هـ) ، تفسير الرازي 8 / 20 (ط. المطبعة البهية 1938 م) ، تفسير القرطبي 5 / 259 (ط دار الكتب المصرية) ، الشفا بتعريف حقوق المصطفى 2 / 542 وما بعدها (ط دار الكتاب العربي 1984 م) .</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٢٣)</span><hr/></div>ج -‌<span class="title">‌ طَاعَةُ أُولِي الأَْمْرِ:</span></p><font color=#ff0000>7 -</font> أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى وُجُوبِ طَاعَةِ أُولِي الأَْمْرِ مِنَ الأُْمَرَاءِ وَالْحُكَّامِ، وَقَدْ نَقَل النَّوَوِيُّ عَنِ الْقَاضِي عِيَاضٍ وَغَيْرِهِ هَذَا الإِْجْمَاعَ، قَال تَعَالَى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُول وَأُولِي الأَْمْرِ مِنْكُمْ} (1) وَقَدْ ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ وَالْمُفَسِّرِينَ إِلَى أَنَّ الْمَقْصُودَ بِأُولِي الأَْمْرِ فِي الآْيَةِ: الأُْمَرَاءُ وَأَهْل السُّلْطَةِ وَالْحُكْمِ، وَهُنَاكَ قَوْلٌ بِأَنَّ الْمَقْصُودَ بِأُولِي الأَْمْرِ فِي الآْيَةِ هُمُ الْعُلَمَاءُ، قَال الطَّبَرِيُّ: وَأَوْلَى الأَْقْوَال فِي ذَلِكَ بِالصَّوَابِ قَوْل مَنْ قَال: هُمُ الأُْمَرَاءُ وَالْوُلَاةُ، لِصِحَّةِ الأَْخْبَارِ عَنْ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِالأَْمْرِ بِطَاعَةِ الأَْئِمَّةِ وَالْوُلَاةِ فِيمَا كَانَ طَاعَةً لِلَّهِ وَلِلْمُسْلِمِينَ مَصْلَحَةً، فَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَال: سَيَلِيكُمْ بَعْدِي وُلَاةٌ، فَيَلِيكُمُ الْبَرُّ بِبِرِّهِ وَالْفَاجِرُ بِفُجُورِهِ، فَاسْمَعُوا لَهُمْ وَأَطِيعُوا فِي كُل مَا وَافَقَ الْحَقَّ، وَصَلُّوا وَرَاءَهُمْ، فَإِنْ أَحْسَنُوا فَلَكُمْ وَلَهُمْ، وَإِنْ أَسَاءُوا فَلَكُمْ وَعَلَيْهِمْ (2) وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَال: السَّمْعُ وَالطَّاعَةُ عَلَى الْمَرْءِ الْمُسْلِمِ فِيمَا<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) سورة النساء / 59.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حديث أبي هريرة: " سيليكم بعدي ولاة. . . ". أورده الهيثمي في مجمع الزوائد 5 / 218، وقال: رواه الطبراني في الأوسط وفيه عبد الله بن محمد بن يحيى بن عروة، وهو ضعيف جدًّا.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٢٤)</span><hr/></div>أَحَبَّ وَكَرِهَ، مَا لَمْ يُؤْمَرْ بِمَعْصِيَةٍ، فَإِذَا أُمِرَ بِمَعْصِيَةٍ فَلَا سَمْعَ وَلَا طَاعَةَ (1) .</p>وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا قَال: قَال رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: مَنْ رَأَى مِنْ أَمِيرِهِ شَيْئًا يَكْرَهُهُ فَلْيَصْبِرْ، فَإِنَّهُ لَيْسَ أَحَدٌ يُفَارِقُ الْجَمَاعَةَ شِبْرًا فَيَمُوتُ إِلَاّ مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً (2) وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ قَال: قَال رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: عَلَيْكَ السَّمْعُ وَالطَّاعَةُ فِي عُسْرِكَ وَيُسْرِكَ وَمَنْشَطِكَ وَمَكْرَهِكَ، وَأَثَرَةٍ عَلَيْكَ (3) قَال النَّوَوِيُّ قَال الْعُلَمَاءُ: مَعْنَاهُ تَجِبُ طَاعَةُ وُلَاةِ الأُْمُورِ فِيمَا يَشُقُّ وَتَكْرَهُهُ النُّفُوسُ وَغَيْرُهُ مِمَّا لَيْسَ بِمَعْصِيَةٍ.</p>وَهَذِهِ الأَْحَادِيثُ فِي الْحَثِّ عَلَى السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ فِي جَمِيعِ الأَْحْوَال وَسَبَبُهَا اجْتِمَاعُ كَلِمَةِ الْمُسْلِمِينَ، فَإِنَّ الْخِلَافَ سَبَبٌ لِفَسَادِ أَحْوَالِهِمْ فِي دِينِهِمْ وَدُنْيَاهُمْ، قَال الْمَاوَرْدِيُّ: إِذَا قَامَ الإِْمَامُ بِحُقُوقِ الأُْمَّةِ فَقَدْ أَدَّى حَقَّ اللَّهِ تَعَالَى فِيمَا لَهُمْ وَعَلَيْهِمْ، وَوَجَبَ عَلَيْهِمْ حَقَّانِ:<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حديث: " السمع والطاعة على المرء المسلم. . . ". أخرجه البخاري (فتح الباري 13 / 121 - 122) من حديث ابن عمر.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حديث ابن عباس: " من رأى من أميره شيئًا. . . ". أخرجه البخاري (فتح الباري 13 / 121)، ومسلم (3 / 1477) .</p><font color=#ff0000>(3)</font> حديث أبي هريرة:" عليك السمع والطاعة. . . ". أخرجه مسلم (3 / 1467) .</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٢٤)</span><hr/></div>الطَّاعَةُ وَالنُّصْرَةُ مَا لَمْ يَتَغَيَّرْ حَالُهُ (1) .</p> </p>‌<span class="title">‌طَاعَةُ الْعُلَمَاءِ:</span></p><font color=#ff0000>8 -</font> طَاعَةُ الْعُلَمَاءِ وَاجِبَةٌ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُول وَأُولِي الأَْمْرِ مِنْكُمْ} (2) حَيْثُ ذَهَبَ جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، وَابْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنهم فِي رِوَايَةٍ - وَمُجَاهِدٌ وَعَطَاءٌ وَالْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ وَأَبُو الْعَالِيَةِ إِلَى أَنَّ الْمَقْصُودَ بِأُولِي الأَْمْرِ فِي الآْيَةِ هُمُ الْعُلَمَاءُ وَالْفُقَهَاءُ، وَهُوَ قَوْلٌ لأَِحْمَدَ، وَاخْتَارَهُ الإِْمَامُ مَالِكٌ، وَبِهِ قَال ابْنُ الْقَيِّمِ قَال مُطَرِّفٌ وَابْنُ مَسْلَمَةَ: سَمِعْنَا مَالِكًا يَقُول: هُمُ الْعُلَمَاءُ.</p>وَقَال ابْنُ الْقَيِّمِ: طَاعَةُ الْفُقَهَاءِ أَفْرَضُ عَلَى النَّاسِ مِنْ طَاعَةِ الأُْمَّهَاتِ وَالآْبَاءِ بِنَصِّ الْكِتَابِ. قَال اللَّهُ تَعَالَى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُول وَأُولِي الأَْمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُول إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآْخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً} (3) . قَال الْقُرْطُبِيُّ: أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى بِرَدِّ الْمُتَنَازَعِ فِيهِ إِلَى كِتَابِ اللَّهِ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) تفسير الطبري 5 / 93 وما بعدها ط الأميرية 1325 هـ، تفسير القرطبي 5 / 259 (ط دار الكتب المصرية 1958 م) ، صحيح مسلم بشرح النووي 12 / 222، وما بعدها (ط. المطبعة المصرية) ، الأحكام السلطانية للماوردي ص 17 (ط مصطفى الحلبي 1960) ، الأحكام السلطانية لأبي يعلى ص 28 (ط دار الكتب العلمية 1983 م) .</p><font color=#ff0000>(2)</font> سورة النساء / 59.</p><font color=#ff0000>(3)</font> سورة النساء / 59.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٢٥)</span><hr/></div>وَسُنَّةِ نَبِيِّهِ صلى الله عليه وسلم وَلَيْسَ لِغَيْرِ الْعُلَمَاءِ مَعْرِفَةُ كَيْفِيَّةِ الرَّدِّ إِلَى الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، وَيَدُل هَذَا عَلَى صِحَّةِ كَوْنِ سُؤَال الْعُلَمَاءِ وَاجِبًا، وَامْتِثَال فَتْوَاهُمْ لَازِمًا (1) .</p>وَذَهَبَتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْل الْعِلْمِ إِلَى أَنَّ الْمَقْصُودَ بِأُولِي الأَْمْرِ هُمُ الأُْمَرَاءُ وَالْعُلَمَاءُ جَمِيعًا، وَبِهِ أَخَذَ الْجَصَّاصُ وَابْنُ الْعَرَبِيِّ وَابْنُ كَثِيرٍ وَابْنُ تَيْمِيَّةَ قَال الْجَصَّاصُ: وَلَيْسَ يَمْتَنِعُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ أَمْرًا بِطَاعَةِ الْفَرِيقَيْنِ مِنْ أُولِي الأَْمْرِ وَهُمْ أُمَرَاءُ السَّرَايَا وَالْعُلَمَاءُ، وَقَال ابْنُ الْعَرَبِيِّ: وَالصَّحِيحُ عِنْدِي أَنَّهُمُ الأُْمَرَاءُ وَالْعُلَمَاءُ جَمِيعًا، أَمَّا الأُْمَرَاءُ فَلأَِنَّ أَصْل الأَْمْرِ مِنْهُمْ وَالْحُكْمَ إِلَيْهِمْ، وَأَمَّا الْعُلَمَاءُ فَلأَِنَّ سُؤَالَهُمْ وَاجِبٌ مُتَعَيَّنٌ عَلَى الْخَلْقِ، وَجَوَابُهُمْ لَازِمٌ، وَامْتِثَال فَتْوَاهُمْ وَاجِبٌ، قَال ابْنُ كَثِيرٍ: وَالظَّاهِرُ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ - أَنَّهَا عَامَّةٌ فِي كُل أُولِي الأَْمْرِ مِنَ الأُْمَرَاءِ وَالْعُلَمَاءِ (2) وَقَال النَّوَوِيُّ: قَال الْعُلَمَاءُ: الْمُرَادُ بِأُولِي الأَْمْرِ مَنْ أَوْجَبَ اللَّهُ طَاعَتَهُ مِنَ الْوُلَاةِ وَالأُْمَرَاءِ، هَذَا قَوْل جَمَاهِيرِ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ مِنَ الْمُفَسِّرِينَ وَالْفُقَهَاءِ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) تفسير القرطبي 5 / 260.</p><font color=#ff0000>(2)</font> تفسير الطبري 5 / 93 وما بعدها (ط الأميرية 1325 هـ) تفسير القرطبي 5 / 259 (ط دار الكتب المصرية 1958) ، أحكام القرآن للجصاص 2 / 256 (ط المطبعة البهية 1347 هـ) ، أحكام القرآن لابن العربي 1 / 452 (ط عيسى الحلبي 1957 م) ، تفسير ابن كثير 1 / 518 (ط عيسى الحلبي) ، أعلام الموقعين 1 / 9 (ط مطبعة السعادة 1955 م) ، الحسبة في الإسلام لابن تيمية 103، 104 (ط. المكتبة العلمية) .</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٢٥)</span><hr/></div>وَغَيْرِهِمْ، وَقِيل: هُمُ الْعُلَمَاءُ، وَقِيل: الْعُلَمَاءُ وَالأُْمَرَاءُ (1) .</p> </p>هـ -‌<span class="title">‌ طَاعَةُ الْوَالِدَيْنِ:</span></p><font color=#ff0000>9 -</font> طَاعَةُ الْوَالِدَيْنِ وَالإِْحْسَانُ إِلَيْهِمَا فَرْضٌ عَلَى الْوَلَدِ، قَال تَعَالَى {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَاّ تَعْبُدُوا إِلَاّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُل لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّل مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا} (2) .</p>قَال الْقُرْطُبِيُّ: أَمَرَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ بِعِبَادَتِهِ وَتَوْحِيدِهِ وَجَعَل بِرَّ الْوَالِدَيْنِ مَقْرُونًا بِذَلِكَ كَمَا قَرَنَ شُكْرَهُمَا بِشُكْرِهِ فَقَال: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَاّ تَعْبُدُوا إِلَاّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا} وَقَال: {أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ} (&# x663 ;) . وَقَال الْجَصَّاصُ (4) : وَقَضَى رَبُّكَ مَعْنَاهُ:</p>أَمَرَ رَبُّكَ، وَأَمَرَ بِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا، وَقِيل مَعْنَاهُ: وَأَوْصَى بِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا، وَالْمَعْنَى وَاحِدٌ، لأَِنَّ الْوَصِيَّةَ أَمْرٌ، وَقَدْ أَوْصَى اللَّهُ تَعَالَى بِبِرِّ الْوَالِدَيْنِ وَالإِْحْسَانِ إِلَيْهِمَا فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ مِنْ كِتَابِهِ وَقَال {وَوَصَّيْنَا الإِْنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا} (5)<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) صحيح مسلم بشرح النووي 12 / 223 (ط المطبعة المصرية) .</p><font color=#ff0000>(2)</font> سورة الإسراء / 23، 24.</p><font color=#ff0000>(3)</font> القرطبي 10 / 238، والآية / 14 من سورة لقمان.</p><font color=#ff0000>(4)</font> أحكام القرآن للجصاص 3 / 242.</p><font color=#ff0000>(5)</font> سورة الأحقاف / 15.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٢٦)</span><hr/></div>قَال ابْنُ الْعَرَبِيِّ: لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَى قَضَى هَاهُنَا إِلَاّ أَمَرَ (1) .</p>وَعَنْ أَبِي بَكْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ قَال: قَال رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: أَلَا أُنَبِّئُكُمْ بِأَكْبَرِ الْكَبَائِرِ؟ قُلْنَا: بَلَى يَا رَسُول اللَّهِ، قَال: الإِْشْرَاكُ بِاللَّهِ وَعُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ (2) .</p>وَقَال هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ فِي قَوْله تَعَالَى: {وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّل مِنَ الرَّحْمَةِ} : لَا تَمْنَعْهُمَا شَيْئًا يُرِيدَانِهِ (3) .</p>وَحَقُّ الطَّاعَةِ لِلْوَالِدَيْنِ لَيْسَ مَقْصُورًا عَلَى الْوَالِدَيْنِ الْمُسْلِمَيْنِ، بَل هُوَ مَكْفُولٌ - أَيْضًا - لِلْوَالِدَيْنِ الْمُشْرِكَيْنِ، قَال الْجَصَّاصُ فِي قَوْله تَعَالَى {أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا} (4) . أَمَرَ بِمُصَاحَبَةِ الْوَالِدَيْنِ الْمُشْرِكَيْنِ بِالْمَعْرُوفِ مَعَ النَّهْيِ عَنْ طَاعَتِهِمَا فِي الشِّرْكِ، لأَِنَّهُ لَا طَاعَةَ لِمَخْلُوقٍ فِي مَعْصِيَةِ الْخَالِقِ (5) وَقَال ابْنُ حَجَرٍ فِي قَوْله تَعَالَى: {وَوَصَّيْنَا الإِْنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا وَإِنْ جَاهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) أحكام القرآن لابن العربي 3 / 1185.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حديث أبي بكرة: " ألا أنبئكم بأكبر الكبائر ". أخرجه البخاري (فتح الباري 10 / 405) .</p><font color=#ff0000>(3)</font> تفسير الطبري 15 / 46.</p><font color=#ff0000>(4)</font> سورة لقمان / 14، 15.</p><font color=#ff0000>(5)</font> أحكام القرآن للجصاص 3 / 242.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٢٦)</span><hr/></div>تُطِعْهُمَا} (1) اقْتَضَتِ الآْيَةُ الْوَصِيَّةَ بِالْوَالِدَيْنِ وَالأَْمْرَ بِطَاعَتِهِمَا وَلَوْ كَانَا كَافِرَيْنِ، إِلَاّ إِذَا أَمَرَا بِالشِّرْكِ فَتَجِبُ مَعْصِيَتُهُمَا فِي ذَلِكَ (2) .</p> </p>و‌<span class="title">‌ طَاعَةُ الزَّوْجِ:</span></p><font color=#ff0000>10 -</font> طَاعَةُ الزَّوْجِ وَاجِبَةٌ عَلَى الزَّوْجَةِ. قَال اللَّهُ تَعَالَى: {الرِّجَال قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّل اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ} (3) .</p>قَال الْقُرْطُبِيُّ: قِيَامُ الرِّجَال عَلَى النِّسَاءِ هُوَ أَنْ يَقُومَ بِتَدْبِيرِهَا وَتَأْدِيبِهَا، وَإِمْسَاكِهَا فِي بَيْتِهَا وَمَنْعِهَا مِنَ الْبُرُوزِ (أَيِ الْخُرُوجِ)، وَأَنَّ عَلَيْهَا طَاعَتَهُ وَقَبُول أَمْرِهِ مَا لَمْ تَكُنْ مَعْصِيَةً (4) .</p>وَعَنْ أَنَسٍ أَنَّ رَجُلاً انْطَلَقَ غَازِيًا وَأَوْصَى امْرَأَتَهُ: أَنْ لَا تَنْزِل مِنْ فَوْقِ الْبَيْتِ، وَكَانَ وَالِدُهَا فِي أَسْفَل الْبَيْتِ، فَاشْتَكَى أَبُوهَا، فَأَرْسَلَتْ إِلَى رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم تُخْبِرُهُ وَتَسْتَأْمِرُهُ فَأَرْسَل إِلَيْهَا: اتَّقِي اللَّهَ وَأَطِيعِي زَوْجَكِ ثُمَّ إِنَّ وَالِدَهَا تُوُفِّيَ فَأَرْسَلَتْ إِلَيْهِ صلى الله عليه وسلم تَسْتَأْمِرُهُ، فَأَرْسَل إِلَيْهَا مِثْل ذَلِكَ، وَخَرَجَ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَرْسَل إِلَيْهَا: إِنَّ اللَّهَ قَدْ غَفَرَ لَكِ بِطَوَاعِيَتِكِ لِزَوْجِكِ (5) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) سورة العنكبوت / 8.</p><font color=#ff0000>(2)</font> فتح الباري 10 / 401.</p><font color=#ff0000>(3)</font> سورة النساء / 34.</p><font color=#ff0000>(4)</font> تفسير القرطبي 5 / 169 (ط دار الكتب المصرية 1937 م) .</p><font color=#ff0000>(5)</font> حديث أنس: " أن رجلاً انطلق غازيًا. . . ". أخرجه الحكيم الترمذي في نوادر الأصول ص 176.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٢٧)</span><hr/></div>وَقَال ابْنُ قُدَامَةَ: طَاعَةُ الزَّوْجِ وَاجِبَةٌ: قَال أَحْمَدُ فِي امْرَأَةٍ لَهَا زَوْجٌ وَأُمٌّ مَرِيضَةٌ: طَاعَةُ زَوْجِهَا أَوْجَبُ عَلَيْهَا مِنْ أُمِّهَا، إِلَاّ أَنْ يَأْذَنَ لَهَا (1) .</p> </p>‌<span class="title">‌حُدُودُ الطَّاعَةِ:</span></p><font color=#ff0000>11 -</font> طَاعَةُ اللَّهِ تَعَالَى وَطَاعَةُ الرَّسُول صلى الله عليه وسلم لَيْسَ لَهَا حُدُودٌ، فَيَجِبُ عَلَى الْمُسْلِمِ طَاعَتُهُمَا مُطْلَقًا فِي كُل مَا أَمَرَا بِهِ وَنَهَيَا عَنْهُ (2) فَقَدْ أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى بِطَاعَتِهِ وَطَاعَةِ رَسُولِهِ مِنْ غَيْرِ تَقْيِيدٍ بِقَيْدٍ فَقَال تَعَالَى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُول} (3) وَقَدْ بَايَعَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَصْحَابَهُ عَلَى ذَلِكَ، فَعَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ قَال: بَايَعْنَا رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ فِي الْعُسْرِ وَالْيُسْرِ وَالْمَنْشَطِ وَالْمَكْرَهِ (4) وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَال: إِذَا نَهَيْتُكُمْ عَنْ شَيْءٍ فَاجْتَنِبُوهُ، وَإِذَا أَمَرْتُكُمْ بِشَيْءٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ (5) .</p>أَمَّا طَاعَةُ الْمَخْلُوقِينَ - مِمَّنْ تَجِبُ طَاعَتُهُمْ -<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المغني لابن قدامة 7 / 20.</p><font color=#ff0000>(2)</font> تفسير الطبري 5 / 147 (ط مصطفى الحلبي 1954) ، فتح الباري 13 / 111.</p><font color=#ff0000>(3)</font> سورة محمد / 33.</p><font color=#ff0000>(4)</font> حديث عبادة بن الصامت: " بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على السمع والطاعة. . . ". أخرجه مسلم 3 / 1470.</p><font color=#ff0000>(5)</font> حديث: " إذا نهيتكم عن شيء. . . " تقدم ف 6.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٢٧)</span><hr/></div>كَالْوَالِدَيْنِ وَالزَّوْجِ وَوُلَاةِ الأَْمْرِ، فَإِنَّ وُجُوبَ طَاعَتِهِمْ مُقَيَّدٌ بِأَنْ لَا يَكُونَ فِي مَعْصِيَةٍ، إِذْ لَا طَاعَةَ لِمَخْلُوقٍ فِي مَعْصِيَةِ الْخَالِقِ (1) .</p>قَال تَعَالَى فِي الْوَالِدَيْنِ:{وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا} (2) .</p>وَفِي طَاعَةِ الزَّوْجِ رَوَتْ صَفِيَّةُ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا قَالَتْ: إِنَّ امْرَأَةً مِنَ الأَْنْصَارِ زَوَّجَتِ ابْنَتَهَا، فَتَمَعَّطَ شَعْرُ رَأْسِهَا، فَجَاءَتْ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَذَكَرَتْ ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَتْ: إِنَّ زَوْجَهَا أَمَرَنِي أَنْ أَصِل فِي شَعْرِهَا فَقَال: لَا، إِنَّهُ قَدْ لُعِنَ الْمُوصِلَاتُ (3) قَال ابْنُ حَجَرٍ: لَوْ دَعَاهَا الزَّوْجُ إِلَى مَعْصِيَةٍ فَعَلَيْهَا أَنْ تَمْتَنِعَ، فَإِنْ أَدَّبَهَا عَلَى ذَلِكَ كَانَ الإِْثْمُ عَلَيْهِ (4) .</p>وَفِي طَاعَةِ وُلَاةِ الأَْمْرِ رَوَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ رضي الله عنهما عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَال: السَّمْعُ وَالطَّاعَةُ عَلَى الْمَرْءِ الْمُسْلِمِ فِيمَا أَحَبَّ وَكَرِهَ مَا لَمْ يُؤْمَرْ بِمَعْصِيَةٍ، فَإِذَا أُمِرَ بِمَعْصِيَةٍ فَلَا سَمْعَ وَلَا طَاعَةَ (5) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) أحكام القرآن للجصاص 3 / 242.</p><font color=#ff0000>(2)</font> سورة لقمان / 15، وانظر فتح الباري 10 / 401.</p><font color=#ff0000>(3)</font> حديث عائشة: " إن امرأة من الأنصار زوجت ابنتها. . . ". أخرجه البخاري (فتح الباري 9 / 304) .</p><font color=#ff0000>(4)</font> فتح الباري 9 / 304.</p><font color=#ff0000>(5)</font> حديث ابن عمر: " السمع والطاعة. . . " تقدم ف 7، وانظر فتح الباري 13 / 121.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٢٨)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌الْخُرُوجُ عَلَى الطَّاعَةِ:</span></p><font color=#ff0000>12 -</font> سَبَقَ أَنَّ حُكْمَ الطَّاعَةِ هُوَ الْوُجُوبُ بِمُخْتَلَفِ أَحْوَالِهَا، وَمِنْ ثَمَّ يَتَرَتَّبُ عَلَى الْخُرُوجِ عَلَى الطَّاعَةِ الإِْثْمُ وَالْمَعْصِيَةُ وَالْعِقَابُ قَال تَعَالَى مُحَذِّرًا عَنْ مُخَالَفَةِ أَمْرِهِ:{فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} (1) .</p>قَال الْقُرْطُبِيُّ: احْتَجَّ الْفُقَهَاءُ بِهَذِهِ الآْيَةِ عَلَى أَنَّ الأَْمْرَ عَلَى الْوُجُوبِ، وَوَجْهُهَا: أَنَّ اللَّهَ تبارك وتعالى قَدْ حَذَّرَ مِنْ مُخَالَفَةِ أَمْرِهِ وَتَوَعَّدَ بِالْعِقَابِ عَلَيْهَا بِقَوْلِهِ {أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} فَتَحْرُمُ مُخَالَفَتُهُ، وَيَجِبُ امْتِثَال أَمْرِهِ (2) .</p>وَفِي مُخَالَفَةِ أَمْرِ الرَّسُول صلى الله عليه وسلم الإِْثْمُ وَالْعِقَابُ، فَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ أَنَّ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَال: كُل أُمَّتِي يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ إِلَاّ مَنْ أَبَى، قَالُوا: يَا رَسُول اللَّهِ وَمَنْ يَأْبَى؟ قَال: مَنْ أَطَاعَنِي دَخَل الْجَنَّةَ وَمَنْ عَصَانِي فَقَدْ أَبَى (3) .</p>وَعُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ مِنَ الْكَبَائِرِ لِحَدِيثِ أَبِي بَكْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ قَال: قَال رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: أَلَا أُنَبِّئُكُمْ بِأَكْبَرِ الْكَبَائِرِ؟ قُلْنَا: بَلَى يَا رَسُول<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) سورة النور / 63.</p><font color=#ff0000>(2)</font> تفسير القرطبي 12 / 322 (ط دار الكتب المصرية 1964 م) .</p><font color=#ff0000>(3)</font> حديث أبي هريرة: " كل أمتي يدخلون الجنة إلا من أبى. . . . ". أخرجه البخاري (فتح الباري 13 / 249) .</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٢٨)</span><hr/></div>اللَّهِ. قَال. ثَلَاثٌ: الإِْشْرَاكُ بِاللَّهِ، وَعُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ، وَكَانَ مُتَّكِئًا فَجَلَسَ فَقَال: أَلَا وَقَوْل الزُّورِ، وَشَهَادَةُ الزُّورِ: أَلَا وَقَوْل الزُّورِ وَشَهَادَةُ الزُّورِ، فَمَا زَال يَقُولُهَا حَتَّى قُلْتُ: لَا يَسْكُتُ (1) وَقَال صلى الله عليه وسلم: ثَلَاثَةٌ لَا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ: الْعَاقُّ لِوَالِدَيْهِ، وَالْمُدْمِنُ عَلَى الْخَمْرِ، وَالْمَنَّانُ بِمَا أَعْطَى (2) .</p>وَتَفْصِيل ذَلِكَ فِي مُصْطَلَحِ:(بِرُّ الْوَالِدَيْنِ ف 15) .</p>وَفِي مُخَالَفَةِ أَمْرِ الزَّوْجِ وَالْخُرُوجِ عَلَى طَاعَتِهِ الإِْثْمُ الْعَظِيمُ، لِمَا رَوَى جَابِرٌ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَال: ثَلَاثَةٌ لَا يَقْبَل اللَّهُ لَهُمْ صَلَاةً، وَلَا تُرْفَعُ لَهُمْ إِلَى السَّمَاءِ حَسَنَةٌ: الْعَبْدُ الآْبِقُ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَى مَوَالِيهِ فَيَضَعَ يَدَهُ فِي أَيْدِيهِمْ، وَالْمَرْأَةُ السَّاخِطُ عَلَيْهَا زَوْجُهَا حَتَّى يَرْضَى، وَالسَّكْرَانُ حَتَّى يَصْحُوَ (3) .</p>وَفِي مُخَالَفَةِ الأَْمِيرِ وَالْخُرُوجِ عَلَى طَاعَتِهِ حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما السَّابِقُ، فِي طَاعَةِ أُولِي الأَْمْرِ.</p>وَتَفْصِيل ذَلِكَ فِي مُصْطَلَحِ:(بُغَاة ف 4) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حديث أبي بكرة: " ألا أنبئكم. . . . " تقدم ف 9.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حديث: " ثلاثة لا يدخلون الجنة: العاق لوالديه. . . ". أخرجه النسائي 5 / 80 - 81 من حديث ابن عمر، وإسناده صحيح.</p><font color=#ff0000>(3)</font> حديث جابر: " ثلاثة لا يقبل الله لهم صلاة. . . ". أخرجه ابن عدي في الكامل 3 / 1074، واستنكر الذهبي هذا الحديث كما في فيض القدير للمناوي 3 / 329.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٢٩)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌طَاعُونٌ</span></p> </p>‌<span class="title">‌التَّعْرِيفُ</span></p><font color=#ff0000>1 -</font> قَال ابْنُ مَنْظُورٍ: الطَّاعُونُ لُغَةً: الْمَرَضُ الْعَامُّ وَالْوَبَاءُ الَّذِي يَفْسُدُ لَهُ الْهَوَاءُ فَتَفْسُدُ لَهُ الأَْمْزِجَةُ وَالأَْبْدَانُ (1) .</p>وَفِي الْمُعْجَمِ الْوَسِيطِ: الطَّاعُونُ دَاءٌ وَرَمِيٌّ وَبَائِيٌّ سَبَبُهُ مَكْرُوبٌ يُصِيبُ الْفِئْرَانَ، وَتَنْقُلُهُ الْبَرَاغِيثُ إِلَى فِئْرَانٍ أُخْرَى وَإِلَى الإِْنْسَانِ (2) .</p>وَفِي الاِصْطِلَاحِ قَال النَّوَوِيُّ: الطَّاعُونُ قُرُوحٌ تَخْرُجُ فِي الْجَسَدِ فَتَكُونُ فِي الآْبَاطِ أَوِ الْمَرَافِقِ أَوِ الأَْيْدِي أَوِ الأَْصَابِعِ وَسَائِرِ الْبَدَنِ، وَيَكُونُ مَعَهُ وَرَمٌ وَأَلَمٌ شَدِيدٌ، وَتَخْرُجُ تِلْكَ الْقُرُوحُ مَعَ لَهِيبٍ وَيَسْوَدُّ مَا حَوَالَيْهِ أَوْ يَخْضَرُّ أَوْ يَحْمَرُّ حُمْرَةً بَنَفْسَجِيَّةً كَدِرَةً وَيَحْصُل مَعَهُ خَفَقَانُ الْقَلْبِ وَالْقَيْءُ (3)، وَفِي أَثَرٍ عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها أَنَّهَا قَالَتْ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: الطَّعْنُ قَدْ عَرَفْنَاهُ فَمَا الطَّاعُونُ؟ قَال: غُدَّةٌ كَغُدَّةِ الْبَعِيرِ يَخْرُجُ فِي الْمُرَاقِ وَالإِْبِطِ (4) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) لسان العرب. مادة (طعن) .</p><font color=#ff0000>(2)</font> المعجم الوسيط.</p><font color=#ff0000>(3)</font> صحيح مسلم بشرح النووي (14 / 204) ، وانظر عمدة القاري (21 / 256) ، والمنتقى (7 / 198)، وفتح الباري (10 / 180) .</p><font color=#ff0000>(4)</font> زاد المعاد في هدي خير العباد (4 / 38) (بتحقيق الأرناؤوط) . وحديث عائشة: أنها قالت للنبي صلى الله عليه وسلم: " الطعن قد عرفناه فما الطاعون ". أخرجه أحمد (6 / 145) وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد (2 / 314)، وقال: رجال أحمد ثقات.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٢٩)</span><hr/></div>قَال ابْنُ قَيِّمٍ الْجَوْزِيَّةُ - بَعْدَ أَنْ بَيَّنَ الصِّلَةَ بَيْنَ الْوَبَاءِ وَالطَّاعُونِ (1) - هَذِهِ الْقُرُوحُ وَالأَْوْرَامُ وَالْجِرَاحَاتُ، هِيَ آثَارُ الطَّاعُونِ، وَلَيْسَتْ نَفْسَهُ وَلَكِنِ الأَْطِبَّاءُ لَمَّا لَمْ تُدْرِكْ مِنْهُ إِلَاّ الأَْثَرَ الظَّاهِرَ جَعَلُوهُ نَفْسَ الطَّاعُونِ.</p>وَالطَّاعُونُ يُعَبَّرُ بِهِ عَنْ ثَلَاثَةِ أُمُورٍ:</p>أَحَدُهَا: هَذَا الأَْثَرُ الظَّاهِرُ، وَهُوَ الَّذِي ذَكَرَهُ الأَْطِبَّاءُ.</p>وَالثَّانِي: الْمَوْتُ الْحَادِثُ عَنْهُ، وَهُوَ الْمُرَادُ بِالْحَدِيثِ الصَّحِيحِ فِي قَوْلِهِ: الطَّاعُونُ شَهَادَةٌ لِكُل مُسْلِمٍ (2) .</p>وَالثَّالِثُ: السَّبَبُ الْفَاعِل لِهَذَا الدَّاءِ، وَقَدْ وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ: أَنَّهُ بَقِيَّةُ رِجْزٍ أُرْسِل عَلَى بَنِي إِسْرَائِيل (3) . وَوَرَدَ فِيهِ أَنَّهُ وَخْزُ أَعْدَائِكُمْ مِنَ الْجِنِّ (4) وَجَاءَ أَنَّهُ دَعْوَةُ نَبِيٍّ (5) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) يرى ابن القيم أن بين الوباء والطاعون عمومًا وخصوصًا؛ فكل طاعون وباء، وليس كل وباء طاعونًا، وكذلك الأمراض العامة أعم من الطاعون؛ فإنه واحد منها. (زاد المعاد 4 / 38) .</p><font color=#ff0000>(2)</font> حديث:" الطاعون شهادة لكل مسلم ". أخرجه البخاري (فتح الباري 10 / 180)، ومسلم (3 / 1522) من حديث أنس.</p><font color=#ff0000>(3)</font> حديث:" أنه رجز أرسل على بني إسرائيل ". أخرجه البخاري (فتح الباري 6 / 513)، ومسلم (4 / 1737) من حديث أسامة بن زيد.</p><font color=#ff0000>(4)</font> حديث:" أنه وخز أعدائكم من الجن ". أخرجه أحمد (4 / 395) ، والحاكم (1 / 50) ، من حديث أبي موسى الأشعري وصححه الحاكم، ووافقه الذهبي.</p><font color=#ff0000>(5)</font> خبر:" أن الطاعون دعوة نبي " ورد من حديث أبي منيب الأحدب قال: " خطب معاذ بالشام فذكر الطاعون، فقال: إنها رحمة ربكم ودعوة نبيكم ". أخرجه أحمد (5 / 240) ، وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد (2 / 311)، وعزاه لأحمد وغيره ثم قال: رجال أحمد ثقات وسنده متصل.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٣٠)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌الْقُنُوتُ لِصَرْفِ الطَّاعُونِ:</span></p><font color=#ff0000>2 -</font> يَرَى الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ اسْتِحْبَابَ الْقُنُوتِ فِي الصَّلَاةِ لِصَرْفِ الطَّاعُونِ بِاعْتِبَارِهِ مِنْ أَشَدِّ النَّوَازِل (1) .</p>وَذَهَبَ الْحَنَابِلَةُ وَبَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ إِلَى عَدَمِ مَشْرُوعِيَّةِ الْقُنُوتِ لِرَفْعِ الطَّاعُونِ؛ لِوُقُوعِهِ فِي زَمَنِ عُمَرَ رضي الله عنه وَلَمْ يَقْنُتُوا لَهُ (2) .</p>وَقَال الْمَالِكِيَّةُ بِاسْتِحْبَابِ الصَّلَاةِ لِدَفْعِ الطَّاعُونِ؛ لأَِنَّهُ عُقُوبَةٌ مِنْ أَجْل الزِّنَا، وَإِنْ كَانَ شَهَادَةً لِغَيْرِهِمْ (3) .</p>وَفِي الصَّلَوَاتِ الَّتِي يُقْنَتُ فِيهَا لِلنَّوَازِل وَفِي الإِْسْرَارِ أَوِ الْجَهْرِ بِهِ، تَفْصِيلٌ يُنْظَرُ فِي:(قُنُوت) .</p> </p>‌<span class="title">‌الْقُدُومُ عَلَى بَلَدِ الطَّاعُونِ وَالْخُرُوجُ مِنْهُ:</span></p><font color=#ff0000>3 -</font> يَرَى جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ مَنْعَ الْقُدُومِ عَلَى بَلَدِ الطَّاعُونِ وَمَنْعَ الْخُرُوجِ مِنْهُ فِرَارًا مِنْ ذَلِكَ، لِقَوْل النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: الطَّاعُونُ آيَةُ الرِّجْزِ ابْتَلَى اللَّهُ عز وجل بِهِ أُنَاسًا مِنْ عِبَادِهِ، فَإِذَا سَمِعْتُمْ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) ابن عابدين 1 / 451 وتحفة المحتاج 2 / 68، ونهاية المحتاج 1 / 487 (نشر المكتبة الإسلامية) .</p><font color=#ff0000>(2)</font> كشاف القناع 1 / 421، ونهاية المحتاج 1 / 487.</p><font color=#ff0000>(3)</font> حاشية الدسوقي 1 / 308 (نشر دار الفكر) .</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٣٠)</span><hr/></div>بِهِ فَلَا تَدْخُلُوا عَلَيْهِ، وَإِذَا وَقَعَ بِأَرْضٍ وَأَنْتُمْ بِهَا فَلَا تَفِرُّوا مِنْهُ (1) .</p>وَأَخْرَجَ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ أَنَّ رَجُلاً سَأَل سَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ رضي الله عنه عَنِ الطَّاعُونِ، فَقَال أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ رضي الله عنهما أَنَا أُخْبِرُكَ عَنْهُ، قَال رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: هُوَ عَذَابٌ أَوْ رِجْزٌ أَرْسَلَهُ اللَّهُ عَلَى طَائِفَةٍ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيل أَوْ نَاسٍ كَانُوا قَبْلَكُمْ، فَإِذَا سَمِعْتُمْ بِهِ بِأَرْضٍ فَلَا تَدْخُلُوهَا عَلَيْهِ، وَإِذَا دَخَلَهَا عَلَيْكُمْ فَلَا تَخْرُجُوا مِنْهَا فِرَارًا (2) .</p>وَأَخْرَجَ أَحْمَدُ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ رضي الله عنها مَرْفُوعًا قُلْتُ: يَا رَسُول اللَّهِ فَمَا الطَّاعُونُ؟ قَال: غُدَّةٌ كَغُدَّةِ الإِْبِل، الْمُقِيمُ فِيهَا كَالشَّهِيدِ، وَالْفَارُّ مِنْهَا كَالْفَارِّ مِنَ الزَّحْفِ (3) .</p><font color=#ff0000>4 -</font> قَال ابْنُ الْقَيِّمِ: وَفِي الْمَنْعِ مِنَ الدُّخُول إِلَى الأَْرْضِ الَّتِي قَدْ وَقَعَ بِهَا الطَّاعُونُ عِدَّةُ حِكَمٍ:</p>إِحْدَاهَا: تَجَنُّبُ الأَْسْبَابِ الْمُؤْذِيَةِ، وَالْبُعْدُ مِنْهَا.<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حديث:" الطاعون آية الرجز. . . " أخرجه البخاري (فتح الباري 10 / 179)، ومسلم (4 / 1738) من حديث أسامة بن زيد واللفظ لمسلم.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حديث أسامة بن زيد:" هو عذاب أو رجز. . . " أخرجه البخاري (فتح الباري 6 / 513) ، ومسلم (4 / 1738)، واللفظ لمسلم.</p><font color=#ff0000>(3)</font> حديث عائشة:" قلت: يا رسول الله، فما الطاعون. . . " أخرجه أحمد (6 / 145) ، وأورده الهيثمي في مجمع الزوائد (2 / 314)، وقال: رجال أحمد ثقات.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٣١)</span><hr/></div>الثَّانِيَةُ: الأَْخْذُ بِالْعَافِيَةِ الَّتِي هِيَ مَادَّةُ الْمَعَاشِ وَالْمُعَادِ.</p>الثَّالِثَةُ: أَنْ لَا يَسْتَنْشِقُوا الْهَوَاءَ الَّذِي قَدْ عَفَنَ وَفَسَدَ فَيُصِيبُهُمُ الْمَرَضُ.</p>الرَّابِعَةُ: أَنْ لَا يُجَاوِرُوا الْمَرْضَى الَّذِينَ قَدْ مَرِضُوا بِذَلِكَ، فَيَحْصُل لَهُمْ بِمُجَاوِرَتِهِمْ مِنْ جِنْسِ أَمْرَاضِهِمْ.</p>الْخَامِسَةُ: حَمَايَةُ النُّفُوسِ عَنِ الطِّيَرَةِ وَالْعَدْوَى؛ فَإِنَّهَا تَتَأَثَّرُ بِهِمَا، فَإِنَّ الطِّيَرَةَ عَلَى مَنْ تَطَيَّرَ بِهَا، وَبِالْجُمْلَةِ فَفِي النَّهْيِ عَنِ الدُّخُول فِي أَرْضِهِ الأَْمْرُ بِالْحَذَرِ وَالْحَمِيَّةِ، وَالنَّهْيُ عَنِ التَّعَرُّضِ لأَِسْبَابِ التَّلَفِ، وَفِي النَّهْيِ عَنِ الْفِرَارِ مِنْهُ الأَْمْرُ بِالتَّوَكُّل وَالتَّسْلِيمِ وَالتَّفْوِيضِ، فَالأَْوَّل: تَأْدِيبٌ وَتَعْلِيمٌ، وَالثَّانِي تَفْوِيضٌ وَتَسْلِيمٌ.</p>وَفِي الصَّحِيحِ: أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رضي الله عنه خَرَجَ إِلَى الشَّامِ، حَتَّى إِذَا كَانَ بِسَرْغَ لَقِيَهُ أَبُو عَبِيدَةُ بْنُ الْجَرَّاحِ رضي الله عنه وَأَصْحَابُهُ، فَأَخْبَرُوهُ أَنَّ الْوَبَاءَ قَدْ وَقَعَ بِالشَّامِ فَقَال لاِبْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما: ادْعُ لِيَ الْمُهَاجِرِينَ الأَْوَّلِينَ، قَال: فَدَعَوْتُهُمْ، فَاسْتَشَارَهُمْ وَأَخْبَرَهُمْ أَنَّ الْوَبَاءَ قَدْ وَقَعَ بِالشَّامِ، فَاخْتَلَفُوا، فَقَال لَهُ بَعْضُهُمْ: خَرَجْتَ لأَِمْرٍ، فَلَا نَرَى أَنْ تَرْجِعَ عَنْهُ، وَقَال آخَرُونَ: مَعَكَ بَقِيَّةُ النَّاسِ وَأَصْحَابُ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَلَا نَرَى أَنْ تُقَدِّمَهُمْ عَلَى هَذَا الْوَبَاءِ،</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٣١)</span><hr/></div>فَقَال عُمَرُ: ارْتَفِعُوا عَنِّي، ثُمَّ قَال: ادْعُ لِيَ الأَْنْصَارَ، فَدَعَوْتُهُمْ لَهُ فَاسْتَشَارَهُمْ، فَسَلَكُوا سَبِيل الْمُهَاجِرِينَ، وَاخْتَلَفُوا كَاخْتِلَافِهِمْ، فَقَال: ارْتَفِعُوا عَنِّي، ثُمَّ قَال: ادْعُ لِي مَنْ هَاهذُنَا مِنْ مَشْيَخَةِ قُرَيْشٍ مِنْ مُهَاجِرَةِ الْفَتْحِ، فَدَعَوْتُهُمْ لَهُ، فَلَمْ يَخْتَلِفْ عَلَيْهِ مِنْهُمْ رَجُلَانِ، قَالُوا: نَرَى أَنْ تَرْجِعَ بِالنَّاسِ وَلَا تُقَدِمَهُمْ عَلَى هَذَا الْوَبَاءِ، فَأَذَّنَ عُمَرُ فِي النَّاسِ: إِنِّي مُصْبِحٌ عَلَى ظَهْرٍ، فَأَصْبِحُوا عَلَيْهِ، فَقَال أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَفِرَارًا مِنْ قَدَرِ اللَّهِ؟ قَال: لَوْ غَيْرُكَ قَالَهَا يَا أَبَا عُبَيْدَةَ، نَعَمْ نَفِرُّ مِنْ قَدَرِ اللَّهِ تَعَالَى إِلَى قَدَرِ اللَّهِ تَعَالَى، أَرَأَيْتَ لَوْ كَانَ لَكَ إِبِلٌ فَهَبَطَتْ وَادِيًا لَهُ عُدْوَتَانِ، إِحْدَاهَا خِصْبَةٌ، وَالأُْخْرَى جَدْبَةٌ أَلَسْتَ إِنْ رَعَيْتَهَا الْخِصْبَةَ رَعَيْتَهَا بِقَدَرِ اللَّهِ تَعَالَى، وَإِنْ رَعَيْتَهَا الْجَدْبَةَ رَعَيْتَهَا بِقَدَرِ اللَّهِ تَعَالَى؟ قَال: فَجَاءَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ وَكَانَ مُتَغَيِّبًا فِي بَعْضِ حَاجَاتِهِ، فَقَال: إِنَّ عِنْدِي فِي هَذَا عِلْمًا، سَمِعْتُ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُول: إِذَا كَانَ بِأَرْضٍ وَأَنْتُمْ بِهَا فَلَا تَخْرُجُوا فِرَارًا مِنْهُ، وَإِذَا سَمِعْتُمْ بِهِ بِأَرْضٍ فَلَا تَقْدَمُوا عَلَيْهِ (1) .</p><font color=#ff0000>5 -</font> وَقَدْ ذَكَرَ الْعُلَمَاءُ فِي النَّهْيِ عَنِ الْخُرُوجِ مِنَ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) زاد المعاد (4 / 44 - 45) . وحديث:" أن عمر بن الخطاب خرج إلى الشام " أخرجه البخاري (فتح الباري 10 / 179) ، ومسلم (4 / 1740) .</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٣٢)</span><hr/></div>الْبَلَدِ الَّتِي وَقَعَ بِهَا الطَّاعُونُ حِكَمًا: مِنْهَا: أَنَّ الطَّاعُونَ فِي الْغَالِبِ يَكُونُ عَامًّا فِي الْبَلَدِ الَّذِي يَقَعُ بِهِ فَإِذَا وَقَعَ فَالظَّاهِرُ مُدَاخَلَةُ سَبَبِهِ لِمَنْ بِهَا، فَلَا يُفِيدُهُ الْفِرَارُ، لأَِنَّ الْمَفْسَدَةَ إِذَا تَعَيَّنَتْ - حَتَّى لَا يَقَعَ الاِنْفِكَاكُ عَنْهَا - كَانَ الْفِرَارُ عَبَثًا فَلَا يَلِيقُ بِالْعَاقِل.</p>وَمِنْهَا: أَنَّ النَّاسَ لَوْ تَوَارَدُوا عَلَى الْخُرُوجِ لَصَارَ مَنْ عَجَزَ عَنْهُ - بِالْمَرَضِ الْمَذْكُورِ أَوْ بِغَيْرِهِ - ضَائِعَ الْمَصْلَحَةِ لِفَقْدِ مَنْ يَتَعَهَّدُهُ حَيًّا وَمَيِّتًا. وَأَيْضًا فَلَوْ شُرِعَ الْخُرُوجُ فَخَرَجَ الأَْقْوِيَاءُ لَكَانَ فِي ذَلِكَ كَسْرُ قُلُوبِ الضُّعَفَاءِ، وَقَدْ قَالُوا: إِنَّ حِكْمَةَ الْوَعِيدِ فِي الْفِرَارِ مِنَ الزَّحْفِ مَا فِيهِ مِنْ كَسْرِ قَلْبِ مَنْ لَمْ يَفِرَّ وَإِدْخَال الرُّعْبِ عَلَيْهِ بِخِذْلَانِهِ (1) .</p>وَمِنْهَا: حَمْل النُّفُوسِ عَلَى الثِّقَةِ بِاللَّهِ، وَالتَّوَكُّل عَلَيْهِ، وَالصَّبْرِ عَلَى أَقْضِيَتِهِ وَالرِّضَا بِهَا (2) .</p>وَنَقَل النَّوَوِيُّ عَنِ الْقَاضِي قَوْلَهُ: وَمِنْهُمْ مَنْ جَوَّزَ الْقُدُومَ عَلَيْهِ (أَيْ عَلَى بَلَدِ الطَّاعُونِ) وَالْخُرُوجَ مِنْهُ فِرَارًا، قَال الْقَاضِي: وَرُوِيَ هَذَا عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه، وَأَنَّهُ نَدِمَ عَلَى رُجُوعِهِ مِنْ سَرْغَ، وَعَنْ أَبِي مُوسَى الأَْشْعَرِيِّ وَمَسْرُوقٍ وَالأَْسْوَدِ بْنِ هِلَالٍ أَنَّهُمْ فَرُّوا<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) فتح الباري (10 / 189) .</p><font color=#ff0000>(2)</font> زاد المعاد (4 / 43) .</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٣٢)</span><hr/></div>مِنَ الطَّاعُونِ، وَقَال عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ: فِرُّوا عَنْ هَذَا الرِّجْزِ فِي الشِّعَابِ وَالأَْوْدِيَةِ وَرُءُوسِ الْجِبَال فَقَال مُعَاذٌ: بَل هُوَ شَهَادَةٌ وَرَحْمَةٌ، وَيَتَأَوَّل هَؤُلَاءِ النَّهْيَ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَنْهَ عَنِ الدُّخُول عَلَيْهِ وَالْخُرُوجِ مِنْهُ، مَخَافَةَ أَنْ يُصِيبَهُ غَيْرُ الْمُقَدَّرِ، لَكِنْ مَخَافَةَ الْفِتْنَةِ عَلَى النَّاسِ، لِئَلَاّ يَظُنُّوا أَنَّ هَلَاكَ الْقَادِمِ إِنَّمَا حَصَل بِقُدُومِهِ، وَسَلَامَةُ الْفَارِّ إِنَّمَا كَانَتْ بِفِرَارِهِ، وَقَالُوا: وَهُوَ مِنْ نَحْوِ النَّهْيِ عَنِ الطِّيَرَةِ وَالْقُرْبِ مِنَ الْمَجْذُومِ، وَقَدْ جَاءَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَال: الطَّاعُونُ فِتْنَةٌ عَلَى الْمُقِيمِ وَالْفَارِّ، أَمَّا الْفَارُّ فَيَقُول: فَرَرْتُ فَنَجَوْتُ، وَأَمَّا الْمُقِيمُ فَيَقُول: أَقَمْتُ فَمُتُّ، وَإِنَّمَا فَرَّ مَنْ لَمْ يَأْتِ أَجَلُهُ، وَأَقَامَ مَنْ حَضَرَ أَجَلُهُ.</p>قَال النَّوَوِيُّ: وَالصَّحِيحُ مَا قَدَّمْنَاهُ مِنَ النَّهْيِ عَنِ الْقُدُومِ عَلَيْهِ وَالْفِرَارِ مِنْهُ لِظَاهِرِ الأَْحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ (1) . قَال الْعُلَمَاءُ: وَهُوَ قَرِيبُ الْمَعْنَى مِنْ قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: لَا تَتَمَنَّوْا لِقَاءَ الْعَدُوِّ، وَاسْأَلُوا اللَّهَ الْعَافِيَةَ، فَإِذَا لَقِيتُمُوهُمْ فَاصْبِرُوا (2) .</p>هَذَا وَاتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ عَلَى جَوَازِ الْخُرُوجِ بِشُغْلٍ وَغَرَضٍ غَيْرِ الْفِرَارِ، وَدَلِيلُهُ صَرِيحُ الأَْحَادِيثِ (3) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) صحيح مسلم بشرح النووي (14 / 205 - 207) .</p><font color=#ff0000>(2)</font> حديث:" لا تتمنوا لقاء العدو. . . " أخرجه البخاري (6 / 156) ، ومسلم (3 / 1362) ، واللفظ لمسلم.</p><font color=#ff0000>(3)</font> صحيح مسلم بشرح النووي (14 / 207) ، وعمدة القاري (21 / 259) .</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٣٣)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌أَجْرُ الصَّبْرِ عَلَى الطَّاعُونِ:</span></p><font color=#ff0000>6 -</font> جَاءَ فِي بَعْضِ الأَْحَادِيثِ اسْتِوَاءُ شَهِيدِ الطَّاعُونِ وَشَهِيدِ الْمَعْرَكَةِ فَقَدْ أَخْرَجَ أَحْمَدُ بِسَنَدٍ حَسَنٍ عَنْ عُتْبَةَ بْنِ عَبْدِ السُّلَمِيِّ رَفْعَهُ يَأْتِي الشُّهَدَاءُ وَالْمُتَوَفُّونَ بِالطَّاعُونِ، فَيَقُول أَصْحَابُ الطَّاعُونِ: نَحْنُ الشُّهَدَاءُ، فَيُقَال: انْظُرُوا فَإِنْ كَانَتْ جِرَاحُهُمْ كَجِرَاحِ الشُّهَدَاءِ تَسِيل دَمًا وَرِيحُهَا كَرِيحِ الْمِسْكِ فَهُمْ شُهَدَاءُ، فَيَجِدُونَهُمْ كَذَلِكَ (1) .</p>وَأَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ رضي الله عنها أَنَّهَا سَأَلَتْ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنِ الطَّاعُونِ، فَأَخْبَرَهَا نَبِيُّ اللَّهِ أَنَّهُ كَانَ عَذَابًا يَبْعَثُهُ اللَّهُ عَلَى مَنْ يَشَاءُ فَجَعَلَهُ اللَّهُ رَحْمَةً لِلْمُؤْمِنِينَ فَلَيْسَ مِنْ عَبْدٍ يَقَعُ الطَّاعُونُ فَيَمْكُثُ فِي بَلَدِهِ صَابِرًا يَعْلَمُ أَنَّهُ لَنْ يُصِيبَهُ إِلَاّ مَا كَتَبَهُ اللَّهُ لَهُ إِلَاّ كَانَ لَهُ مِثْل أَجْرِ الشَّهِيدِ (2) . وَيُفْهَمُ مِنْ سِيَاقِ هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ حُصُول أَجْرِ الشَّهَادَةِ لِمَنْ يَمُوتُ بِالطَّاعُونِ مُقَيَّدٌ بِمَا يَلِي:</p>أ - أَنْ يَمْكُثَ صَابِرًا غَيْرَ مُنْزَعِجٍ بِالْمَكَانِ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حديث عتبة بن عبد السلمي: " يأتي الشهداء والمتوفون بالطاعون. . . " أخرجه أحمد (4 / 185)، وحسنه ابن حجر في فتح الباري (10 / 194) .</p><font color=#ff0000>(2)</font> حديث عائشة:" أنها سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الطاعون. . . ". أخرجه البخاري (10 / 192) .</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٣٣)</span><hr/></div>الَّذِي يَقَعُ بِهِ الطَّاعُونُ فَلَا يَخْرُجُ فِرَارًا مِنْهُ.</p>ب - أَنْ يَعْلَمَ أَنَّهُ لَنْ يُصِيبَهُ إِلَاّ مَا كَتَبَ اللَّهُ لَهُ.</p>فَلَوْ مَكَثَ وَهُوَ قَلِقٌ أَوْ نَادِمٌ عَلَى عَدَمِ الْخُرُوجِ ظَانًّا أَنَّهُ لَوْ خَرَجَ لَمَا وَقَعَ بِهِ أَصْلاً وَرَأْسًا، وَأَنَّهُ بِإِقَامَتِهِ يَقَعُ بِهِ، فَهَذَا لَا يَحْصُل لَهُ أَجْرُ الشَّهِيدِ وَلَوْ مَاتَ بِالطَّاعُونِ، هَذَا الَّذِي يَقْتَضِيهِ مَفْهُومُ هَذَا الْحَدِيثِ، كَمَا اقْتَضَى مَنْطُوقُهُ أَنَّهُ مَنِ اتَّصَفَ بِالصِّفَاتِ الْمَذْكُورَةِ يَحْصُل لَهُ أَجْرُ الشَّهِيدِ وَإِنْ لَمْ يَمُتْ بِالطَّاعُونِ (1) .</p>وَالْمُرَادُ بِشَهَادَةِ الْمَيِّتِ بِالطَّاعُونِ أَنَّهُ يَكُونُ لَهُ فِي الآْخِرَةِ ثَوَابُ الشَّهِيدِ، وَأَمَّا فِي الدُّنْيَا فَيُغَسَّل وَيُصَلَّى عَلَيْهِ (2) .</p>قَال الْقَاضِي الْبَيْضَاوِيُّ: مَنْ مَاتَ بِالطَّاعُونِ، أَوْ بِوَجَعِ الْبَطْنِ مُلْحَقٌ بِمَنْ قُتِل فِي سَبِيل اللَّهِ لِمُشَارَكَتِهِ إِيَّاهُ فِي بَعْضِ مَا يَنَالُهُ مِنَ الْكَرَامَةِ بِسَبَبِ مَا كَابَدَهُ، لَا فِي جُمْلَةِ الأَْحْكَامِ وَالْفَضَائِل (3) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) فتح الباري (10 / 193 - 194) .</p><font color=#ff0000>(2)</font> صحيح مسلم بشرح النووي (13 / 63) .</p><font color=#ff0000>(3)</font> عمدة القاري (21 / 261) .</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٣٤)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌طَالِبُ الْعِلْمِ</span></p> </p>‌<span class="title">‌التَّعْرِيفُ:</span></p><font color=#ff0000>1 -</font> الطَّالِبُ: اسْمُ فَاعِلٍ مِنَ الطَّلَبِ، وَالطَّلَبُ لُغَةً: مُحَاوَلَةُ وُجْدَانِ الشَّيْءِ وَأَخْذِهِ (1) .</p>وَالْعِلْمُ لُغَةً: نَقِيضُ الْجَهْل، وَالْمَعْرِفَةُ، وَالْيَقِينُ.</p>وَاصْطِلَاحًا: هُوَ مَعْرِفَةُ الشَّيْءِ عَلَى مَا هُوَ بِهِ.</p>وَقَال صَاحِبُ التَّعْرِيفَاتِ: هُوَ الاِعْتِقَادُ الْجَازِمُ الْمُطَابِقُ لِلْوَاقِعِ.</p>وَقَال الْحُكَمَاءُ: هُوَ حُصُول صُورَةِ الشَّيْءِ فِي الْعَقْل (2) .</p> </p>‌<span class="title">‌فَضْل طَالِبِ الْعِلْمِ:</span></p><font color=#ff0000>2 -</font> لِطَالِبِ الْعِلْمِ فَضْلٌ كَبِيرٌ وَمِيزَةٌ خَاصَّةٌ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى وَالْمَلَائِكَةِ وَالْخَلَائِقِ، وَقَدْ وَرَدَتِ الأَْدِلَّةُ الْمُسْتَفِيضَةُ بِذَلِكَ.</p>فَعَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) لسان العرب، مادة (طلب) ، والكليات 3 / 153.</p><font color=#ff0000>(2)</font> لسان العرب والمصباح المنير، مادة (علم) ، والتعريفات 199، والكليات 3 / 207.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٣٤)</span><hr/></div>قَال: سَمِعْتُ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُول: مَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَبْتَغِي فِيهِ عِلْمًا سَلَكَ اللَّهُ لَهُ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ، وَإِنَّ الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ، وَإِنَّ الْعَالِمَ لَيَسْتَغْفِرُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَمَنْ فِي الأَْرْضِ حَتَّى الْحِيتَانُ فِي الْمَاءِ، وَفَضْل الْعَالِمِ عَلَى الْعَابِدِ كَفَضْل الْقَمَرِ عَلَى سَائِرِ الْكَوَاكِبِ، وَإِنَّ الْعُلَمَاءَ وَرَثَةُ الأَْنْبِيَاءِ، إِنَّ الأَْنْبِيَاءَ لَمْ يُوَرِّثُوا دِينَارًا وَلَا دِرْهَمًا وَإِنَّمَا وَرَّثُوا الْعِلْمَ فَمَنْ أَخَذَهُ أَخَذَ بِحَظٍّ وَافِرٍ (1) .</p>وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ قَال: سَمِعْتُ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُول: الدُّنْيَا مَلْعُونَةٌ مَلْعُونٌ مَا فِيهَا إِلَاّ ذِكْرَ اللَّهِ وَمَا وَالَاهُ أَوْ عَالِمًا وَمُتَعَلِّمًا (2) .</p>وَعَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ قَال: قَال رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَنْ خَرَجَ فِي طَلَبِ الْعِلْمِ فَهُوَ فِي سَبِيل اللَّهِ حَتَّى يَرْجِعَ (3) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حديث أبي الدرداء: " من سلك طريقًا يبتغي فيه علمًا. . . ". أخرجه الترمذي (5 / 48 - 49)، وقال: ليس هو عندي بمتصل. وأخرجه مسلم (4 / 2074)، من حديث أبي هريرة مرفوعًا:" من سلك طريقًا يلتمس فيه علمًا سهل الله له به طريقًا إلى الجنة ".</p><font color=#ff0000>(2)</font> حديث أبي هريرة: " الدنيا ملعونة ". أخرجه ابن ماجه (2 / 1377) ، والترمذي (4 / 561) ، وحسنه.</p><font color=#ff0000>(3)</font> المجموع 1 / 81 (ط. المكتبة السلفية المدينة المنورة) ، إحياء علوم الدين 1 / 11، 15، (ط. مصطفى الحلبي 1939) ، جامع بيان العلم وفضله 1 / 55 (ط. المنيرية)، الآداب الشرعية 2 / 39 (ط. مكتبة الرياض) . وحديث أنس بن مالك:" من خرج في طلب العلم ". أخرجه الترمذي (5 / 29) ، وأعله المناوي براو متكلم فيه، كما في فيض القدير (6 / 124) .</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٣٥)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌آدَابُ طَالِبِ الْعِلْمِ:</span></p><font color=#ff0000>3 -</font> لِطَالِبِ الْعِلْمِ آدَابٌ كَثِيرَةٌ نَذْكُرُ مِنْهَا مَا يَلِي: - أ - يَنْبَغِي لِطَالِبِ الْعِلْمِ أَنْ يُطَهِّرَ قَلْبَهُ مِنَ الأَْدْنَاسِ، لِيَصْلُحَ لِقَبُول الْعِلْمِ وَحِفْظِهِ وَاسْتِثْمَارِهِ. قَال رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: أَلَا وَإِنَّ فِي الْجَسَدِ مُضْغَةً إِذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الْجَسَدُ كُلُّهُ، وَإِذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الْجَسَدُ كُلُّهُ أَلَا وَهِيَ الْقَلْبُ (1) .</p>ب - يَنْبَغِي لِطَالِبِ الْعِلْمِ أَنْ يَقْطَعَ الْعَلَائِقَ الشَّاغِلَةَ عَنْ كَمَال الاِجْتِهَادِ فِي التَّحْصِيل وَيَرْضَى بِالْيَسِيرِ مِنَ الْقُوتِ، وَيَصْبِرَ عَلَى ضِيقِ الْعَيْشِ، وَأَنْ يَتَوَاضَعَ لِلْعِلْمِ وَالْمُعَلِّمِ، فَبِتَوَاضُعِهِ يَنَال الْعِلْمَ، قَال الشَّافِعِيُّ: لَا يَطْلُبُ أَحَدٌ هَذَا الْعِلْمَ بِالْمُلْكِ وَعِزِّ النَّفْسِ فَيُفْلِحُ، وَلَكِنْ مَنْ طَلَبَهُ بِذُل النَّفْسِ وَضِيقِ الْعَيْشِ وَخِدْمَةِ الْعُلَمَاءِ أَفْلَحَ.</p>ج - أَنْ يَنْقَادَ لِمُعَلِّمِهِ وَيُشَاوِرَهُ فِي أُمُورِهِ وَيَأْتَمِرَ بِأَمْرِهِ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَنْظُرَ لِمُعَلِّمِهِ بِعَيْنِ الاِحْتِرَامِ، وَيَعْتَقِدَ كَمَال أَهْلِيَّتِهِ وَرُجْحَانَهِ عَلَى<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حديث:" ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت. . . ". أخرجه البخاري (1 / 126) ، ومسلم (3 / 1220) ، من حديث النعمان بن بشير.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٣٥)</span><hr/></div>أَكْثَرِ طَبَقَتِهِ فَهُوَ أَقْرَبُ إِلَى انْتِفَاعِهِ بِهِ وَرُسُوخِ مَا سَمِعَهُ مِنْهُ فِي ذِهْنِهِ.</p>د - أَنْ يَتَحَرَّى رِضَا الْمُعَلِّمِ وَإِنْ خَالَفَ رَأْيَ نَفْسِهِ، وَلَا يَغْتَابَ عِنْدَهُ، وَلَا يُفْشِيَ لَهُ سِرًّا، وَأَنْ يَرُدَّ غَيْبَتَهُ إِذَا سَمِعَهَا، فَإِنْ عَجَزَ فَارَقَ ذَلِكَ الْمَجْلِسَ، وَأَلَاّ يَدْخُل عَلَيْهِ بِغَيْرِ إِذْنٍ، وَأَنْ يَدْخُل كَامِل الأَْهْلِيَّةِ فَارِغَ الْقَلْبِ مِنَ الشَّوَاغِل مُتَطَهِّرًا مُتَنَظِّفًا، وَيُسَلِّمَ عَلَى الْحَاضِرِينَ كُلِّهِمْ، يَخُصُّ الْمُعَلِّمَ بِزِيَادَةِ إِكْرَامٍ.</p>هـ - أَنْ يَجْلِسَ حَيْثُ انْتَهَى بِهِ الْمَجْلِسُ إِذَا حَضَرَ إِلَى الدَّرْسِ، وَلَا يَتَخَطَّى رِقَابَ النَّاسِ إِلَاّ أَنْ يُصَرِّحَ لَهُ الشَّيْخُ أَوِ الْحَاضِرُونَ بِالتَّقَدُّمِ، وَلَا يَجْلِسَ وَسَطَ الْحَلْقَةِ إِلَاّ لِضَرُورَةٍ، وَلَا بَيْنَ صَاحِبَيْنِ إِلَاّ بِرِضَاهُمَا، وَأَنْ يَحْرِصَ عَلَى الْقُرْبِ مِنَ الشَّيْخِ لِيَفْهَمَ كَلَامَهُ فَهْمًا كَامِلاً بِلَا مَشَقَّةٍ.</p>و أَنْ يَتَأَدَّبَ مَعَ رُفْقَتِهِ وَحَاضِرِي الدَّرْسِ، وَلَا يَرْفَعَ صَوْتَهُ رَفْعًا بَلِيغًا مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ، وَلَا يَضْحَكَ وَلَا يُكْثِرَ الْكَلَامَ بِلَا حَاجَةٍ، وَلَا يَعْبَثَ بِيَدِهِ وَلَا غَيْرِهَا، وَلَا يَلْتَفِتَ بِلَا حَاجَةٍ، وَلَا يَسْبِقَ الشَّيْخَ إِلَى شَرْحِ مَسْأَلَةٍ أَوْ جَوَابِ سُؤَالٍ إِلَاّ أَنْ يَعْلَمَ مِنْ حَال الشَّيْخِ إِيثَارَ ذَلِكَ.</p>ز - يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ حَرِيصًا عَلَى التَّعَلُّمِ</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٣٦)</span><hr/></div>مُوَاظِبًا عَلَيْهِ فِي جَمِيعِ أَوْقَاتِهِ، وَلَا يُضَيِّعَ مِنْ أَوْقَاتِهِ شَيْئًا فِي غَيْرِ الْعِلْمِ إِلَاّ بِقَدْرِ الضَّرُورَةِ وَالْحَاجَةِ، وَأَنْ تَكُونَ هِمَّتُهُ عَالِيَةً فَلَا يَرْضَى بِالْيَسِيرِ مَعَ إِمْكَانِ الْكَثِيرِ، وَأَنْ لَا يُسَوِّفَ فِي اشْتِغَالِهِ، وَلَا يُؤَخِّرَ تَحْصِيل فَائِدَةٍ، لَكِنْ لَا يُحَمِّل نَفْسَهُ مَا لَا تُطِيقُ مَخَافَةَ الْمَلَل، وَهَذَا يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ النَّاسِ.</p>ح - أَنْ يَعْتَنِيَ بِتَصْحِيحِ دَرْسِهِ الَّذِي يَتَعَلَّمُهُ تَصْحِيحًا مُتْقَنًا عَلَى الشَّيْخِ، ثُمَّ يَحْفَظَ حِفْظًا مُحْكَمًا، وَيَبْدَأَ دَرْسَهُ بِالْحَمْدِ لِلَّهِ وَالصَّلَاةِ عَلَى رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَالدُّعَاءِ لِلْعُلَمَاءِ وَمَشَايِخِهِ، وَيُدَاوِمَ عَلَى تَكْرَارِ مَحْفُوظَاتِهِ (1) .</p>وَسَيَأْتِي تَفْصِيل آدَابِ الْمُعَلِّمِ وَالْمُتَعَلِّمِ فِي (طَلَبُ الْعِلْمِ) .</p> </p>‌<span class="title">‌اسْتِحْقَاقُ طَالِبِ الْعِلْمِ لِلزَّكَاةِ:</span></p><font color=#ff0000>4 -</font> اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى جَوَازِ إِعْطَاءِ الزَّكَاةِ لِطَالِبِ الْعِلْمِ، وَقَدْ صَرَّحَ بِذَلِكَ الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ، وَالْحَنَابِلَةُ، وَهُوَ مَا يُفْهَمُ مِنْ مَذْهَبِ الْمَالِكِيَّةِ، إِذْ أَنَّهُمْ يُجَوِّزُونَ إِعْطَاءَ الزَّكَاةِ لِلصَّحِيحِ الْقَادِرِ عَلَى الْكَسْبِ، وَلَوْ كَانَ تَرْكُهُ التَّكَسُّبَ اخْتِيَارًا عَلَى الْمَشْهُورِ.</p>وَذَهَبَ بَعْضُ الْحَنَفِيَّةِ إِلَى جَوَازِ أَخْذِ طَالِبِ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المجموع للنووي 1 / 35 وما بعدها (ط. المكتبة السلفية المدينة المنورة) تذكرة السامع والمتكلم 67 وما بعدها (ط. جمعية دائرة المعارف العثمانية 1353 هـ) ، إحياء علوم الدين 1 / 55 (ط. مصطفى الحلبي 1939 م) .</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٣٦)</span><hr/></div>الْعِلْمِ الزَّكَاةَ وَلَوْ كَانَ غَنِيًّا إِذَا فَرَّغَ نَفْسَهُ لإِِفَادَةِ الْعِلْمِ وَاسْتِفَادَتِهِ، لِعَجْزِهِ عَنِ الْكَسْبِ.</p>نَقَل ابْنُ عَابِدِينَ عَنِ الْمَبْسُوطِ قَوْلَهُ: لَا يَجُوزُ دَفْعُ الزَّكَاةِ إِلَى مَنْ يَمْلِكُ نِصَابًا إِلَاّ إِلَى طَالِبِ الْعِلْمِ، وَالْغَازِي، وَمُنْقَطِعِ الْحَجِّ.</p>قَال ابْنُ عَابِدِينَ: وَالأَْوْجَهُ تَقْيِيدُهُ بِالْفَقِيرِ وَيَكُونُ طَلَبُ الْعِلْمِ مُرَخِّصًا لِجَوَازِ سُؤَالِهِ مِنَ الزَّكَاةِ وَغَيْرِهَا وَإِنْ كَانَ قَادِرًا عَلَى الْكَسْبِ إِذْ بِدُونِهِ لَا يَحِل لَهُ السُّؤَال.</p>وَمَذْهَبُ الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ أَنَّهُ تَحِل لِطَالِبِ الْعِلْمِ الزَّكَاةُ إِذَا لَمْ يُمْكِنِ الْجَمْعُ بَيْنَ طَلَبِ الْعِلْمِ وَالتَّكَسُّبِ بِحَيْثُ لَوْ أَقْبَل عَلَى الْكَسْبِ لَانْقَطَعَ عَنِ التَّحْصِيل.</p>قَال النَّوَوِيُّ: وَلَوْ قَدَرَ عَلَى كَسْبٍ يَلِيقُ بِحَالِهِ إِلَاّ أَنَّهُ مُشْتَغِلٌ بِتَحْصِيل بَعْضِ الْعُلُومِ الشَّرْعِيَّةِ بِحَيْثُ لَوْ أَقْبَل عَلَى الْكَسْبِ لَانْقَطَعَ مِنَ التَّحْصِيل حَلَّتْ لَهُ الزَّكَاةُ، لأَِنَّ تَحْصِيل الْعِلْمِ فَرْضُ كِفَايَةٍ، وَأَمَّا مَنْ لَا يَتَأَتَّى مِنْهُ التَّحْصِيل لَا تَحِل لَهُ الزَّكَاةُ إِذَا قَدَرَ عَلَى الْكَسْبِ وَإِنْ كَانَ مُقِيمًا بِالْمَدْرَسَةِ.</p>وَقَال الْبُهُوتِيُّ: وَإِنْ تَفَرَّغَ قَادِرًا عَلَى التَّكَسُّبِ لِلْعِلْمِ الشَّرْعِيِّ - وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَازِمًا لَهُ - وَتَعَذَّرَ الْجَمْعُ بَيْنَ الْعِلْمِ وَالتَّكَسُّبِ أُعْطَى مِنَ الزَّكَاةِ لِحَاجَتِهِ.</p>وَسُئِل ابْنُ تَيْمِيَّةَ عَمَّنْ لَيْسَ مَعَهُ مَا يَشْتَرِي بِهِ كُتُبًا يَشْتَغِل فِيهَا، فَقَال: يَجُوزُ أَخْذُهُ مِنَ</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٣٧)</span><hr/></div>الزَّكَاةِ مَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ مِنْ كُتُبِ الْعِلْمِ الَّتِي لَا بُدَّ لِمَصْلَحَةِ دِينِهِ وَدُنْيَاهُ مِنْهَا.</p>قَال الْبُهُوتِيُّ: وَلَعَل ذَلِكَ غَيْرُ خَارِجٍ عَنِ الأَْصْنَافِ، لأَِنَّ ذَلِكَ مِنْ جُمْلَةِ مَا يَحْتَاجُهُ طَالِبُ الْعِلْمِ فَهُوَ كَنَفَقَتِهِ.</p>وَخَصَّ الْفُقَهَاءُ جَوَازَ إِعْطَاءِ الزَّكَاةِ لِطَالِبِ الْعِلْمِ الشَّرْعِيِّ فَقَطْ.</p>وَصَرَّحَ الْحَنَفِيَّةُ بِجَوَازِ نَقْل الزَّكَاةِ مِنْ بَلَدٍ إِلَى بَلَدٍ آخَرَ لِطَالِبِ الْعِلْمِ (1) .</p>وَأَمَّا حَقُّهُ فِي طَلَبِ النَّفَقَةِ عَلَيْهِ لِطَلَبِ الْعِلْمِ فَيُرَاجَعُ فِي مُصْطَلَحِ (نَفَقَة) .</p> </p>‌<span class="title">‌طَاوُوسٌ</span></p> </p>انْظُرْ: أَطْعِمَةٌ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حاشية ابن عابدين 2 / 58، 59، حاشية الدسوقي 1 / 494، المجموع 6 / 190، كشاف القناع 2 / 271، 273.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٣٧)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌طِبٌّ</span></p> </p>انْظُرْ: تَطْبِيبٌ</p> </p>‌<span class="title">‌طِحَالٌ</span></p> </p>انْظُرْ: أَطْعِمَةٌ، جِنَايَاتٌ</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٣٨)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌طَرَّارٌ</span></p> </p>‌<span class="title">‌التَّعْرِيفُ:</span></p><font color=#ff0000>1 -</font> الطَّرَّارُ فَعَّالٌ مِنْ طَرَّ، يُقَال: طَرَّ الثَّوْبَ يَطُرُّ طَرًّا أَيْ شَقَّهُ (1) .</p>وَفِي الاِصْطِلَاحِ: هُوَ الَّذِي يَطُرُّ الْهِمْيَانَ أَوِ الْجَيْبَ أَوِ الصُّرَّةَ وَيَقْطَعُهَا وَيَسُل مَا فِيهِ عَلَى غَفْلَةٍ مِنْ صَاحِبِهِ (2) .</p>قَال الْفَيُّومِيُّ: الطَّرَّارُ وَهُوَ الَّذِي يَقْطَعُ النَّفَقَاتِ وَيَأْخُذُهَا عَلَى غَفْلَةٍ مِنْ أَهْلِهَا، وَالْهِمْيَانُ كِيسٌ تُجْعَل فِيهِ النَّفَقَةُ وَيُشَدُّ عَلَى الْوَسَطِ، وَمِثْلُهُ الصُّرَّةُ، قَال ابْنُ الْهُمَامِ: الصُّرَّةُ هِيَ الْهِمْيَانُ، وَالْمُرَادُ مِنْهَا هُنَا الْمَوْضِعُ الْمَشْدُودُ فِيهِ دَرَاهِمُ مِنَ الْكُمِّ (3) .</p>وَنَقَل ابْنُ قُدَامَةَ عَنِ الإِْمَامِ أَحْمَدَ أَنَّ الطَّرَّارَ هُوَ: الَّذِي يَسْرِقُ مِنْ جَيْبِ الرَّجُل أَوْ كُمِّهِ أَوْ صَفَنِهِ (يَعْنِي الْخَرِيطَةَ يَكُونُ فِيهَا الْمَتَاعُ وَالزَّادُ) .</p>وَقَرِيبٌ مِنْ مَعْنَى الطَّرَّارِ النَّشَّال، مِنْ نَشَل<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المصباح المنير، ومتن اللغة، ولسان العرب مادة (طرر) .</p><font color=#ff0000>(2)</font> فتح القدير 5 / 150، والمغني لابن قدامة 8 / 256، والمطلع ص 375.</p><font color=#ff0000>(3)</font> المصباح المنير وفتح القدير 5 / 150.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٣٨)</span><hr/></div>الشَّيْءَ نَشْلاً أَيْ أَسْرَعَ نَزْعَهُ، وَالنَّشَّال كَثِيرُ النَّشْل وَالْخَفِيفُ الْيَدِ مِنَ اللُّصُوصِ‌<span class="title">‌ السَّارِقُ </span>عَلَى غِرَّةٍ (1) .</p> </p>‌<span class="title">‌الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ</span>.</p> </p>أ - السَّارِقُ.</p><font color=#ff0000>2 -</font> السَّارِقُ فَاعِلٌ مِنَ السَّرِقَةِ، وَهِيَ: أَخْذُ مَال الْغَيْرِ خُفْيَةً مِنْ حِرْزِ مِثْلِهِ بِلَا شُبْهَةٍ (2) .</p>وَالسَّارِقُ أَعَمُّ مِنَ الطَّرَّارِ، لأَِنَّ الطَّرَّارَ يَسْرِقُ مِنْ جَيْبِ الإِْنْسَانِ أَوْ كُمِّهِ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ بِصِفَةٍ مَخْصُوصَةٍ.</p> </p>ب -‌<span class="title">‌ النَّبَّاشُ:</span></p><font color=#ff0000>3 -</font> النَّبَّاشُ مُبَالَغَةٌ مِنَ النَّبْشِ أَيِ الْكَشْفِ، يُقَال: نَبَشَ الْقَبْرَ أَيْ كَشَفَهُ (3) .</p>وَفِي الاِصْطِلَاحِ. هُوَ الَّذِي يَسْرِقُ أَكْفَانَ الْمَوْتَى بَعْدَ الدَّفْنِ (4) .</p> </p>‌<span class="title">‌الْحُكْمُ الإِْجْمَالِيُّ:</span></p><font color=#ff0000>4 -</font> ذَهَبَ الأُْصُولِيُّونَ وَالْجُمْهُورُ مِنَ الْفُقَهَاءِ إِلَى أَنَّ الطَّرَّارَ يُعْتَبَرُ سَارِقًا تُقْطَعُ يَدُهُ إِذَا تَوَافَرَتْ فِيهِ سَائِرُ شُرُوطِ الْقَطْعِ (5) . لَكِنَّهُمُ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المعجم الوسيط مادة: (نشل) .</p><font color=#ff0000>(2)</font> فتح القدير 5 / 121، والخرشي 8 / 91، والمهذب 2 / 277، وكشاف القناع 6 / 129.</p><font color=#ff0000>(3)</font> المصباح المنير (نبش) .</p><font color=#ff0000>(4)</font> ابن عابدين 3 / 200، الدسوقي 4 / 240، والمهذب 2 / 279، وكشاف القناع 6 / 138.</p><font color=#ff0000>(5)</font> فتح القدير 4 / 245، والبدائع 7 / 76، وابن عابدين 3 / 204، وبداية المجتهد 2 / 445، والفواكه الدواني 2 / 296، والمغني لابن قدامة 8 / 256، وكشاف القناع 1 / 130، ومسلم الثبوت 2 / 20.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٣٩)</span><hr/></div>اخْتَلَفُوا فِي تَعْلِيل الْحُكْمِ فِيهِ فَذَكَرَ الأُْصُولِيُّونَ أَنَّ الطَّرَّارَ تُقْطَعُ يَدُهُ لأَِنَّهُ وَإِنْ كَانَ مُخْتَصًّا بِاسْمٍ آخَرَ غَيْرِ السَّارِقِ إِلَاّ أَنَّ فِيهِ زِيَادَةَ مَعْنَى السَّرِقَةِ، فَهُوَ مُبَالِغٌ فِي السَّرِقَةِ بِزِيَادَةِ حِذْقٍ مِنْهُ فِي فِعْلِهِ فَيَلْزَمُهُ الْقَطْعُ، قَال النَّسَفِيُّ فِي شَرْحِ الْمَنَارِ: إِنَّ آيَةَ السَّرِقَةِ: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} (1) ظَاهِرَةٌ فِي كُل سَارِقٍ لَمْ يُعْرَفْ بِاسْمٍ آخَرَ، خَفِيَّةٌ فِي حَقِّ الطَّرَّارِ وَالنَّبَّاشِ، لاِخْتِصَاصِهِمَا بِاسْمٍ آخَرَ يُعْرَفَانِ بِهِ، وَتَغَايُرُ الأَْسْمَاءِ يَدُل عَلَى تَغَايُرِ الْمُسَمَّيَاتِ فَالأَْصْل أَنَّ كُل اسْمٍ لَهُ مُسَمًّى عَلَى حِدَةٍ، فَاشْتَبَهَ الأَْمْرَانِ: اخْتِصَاصُهُمَا بِاسْمٍ آخَرَ لِنُقْصَانٍ فِي مَعْنَى السَّرِقَةِ، أَوْ لِزِيَادَةٍ فِيهَا، فَتَأَمَّلْنَا فَوَجَدْنَا الاِخْتِصَاصَ فِي الطَّرَّارِ لِلزِّيَادَةِ فَقُلْنَا: إِنَّهُ دَاخِلٌ تَحْتَ آيَةِ السَّرِقَةِ، وَفِي النَّبَّاشِ لِلنُّقْصَانِ فَقُلْنَا: إِنَّهُ غَيْرُ دَاخِلٍ فِيهَا (2) .</p>أَمَّا الْفُقَهَاءُ فَيُعَلِّلُونَ الْقَطْعَ فِي الطَّرَّارِ بِأَنَّهُ سَارِقٌ مِنَ الْحِرْزِ، لأَِنَّ كُل شَيْءٍ سُرِقَ بِحَضْرَةِ صَاحِبِهِ يُقْطَعُ سَارِقُهُ، لأَِنَّ صَاحِبَهُ حِرْزٌ لَهُ وَلَوْ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) سورة المائدة (38) .</p><font color=#ff0000>(2)</font> كشف الأسرار على المنار 1 / 147، 148، ومسلم الثبوت 2 / 20، 21، والتوضيح مع التلويح 10 / 412.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٣٩)</span><hr/></div>كَانَ فِي فَلَاةٍ (1) قَال النَّفْرَاوِيُّ: الْمُرَادُ بِصَاحِبِهِ الْحَافِظُ لَهُ سَوَاءٌ أَكَانَ مَالِكًا أَمْ غَيْرَهُ (2) .</p><font color=#ff0000>5 -</font> وَقَدْ فَصَّل الْحَنَفِيَّةُ فِي حُكْمِ الطَّرَّارِ فَقَالُوا: إِنْ كَانَ الطَّرُّ بِالْقَطْعِ، وَالدَّرَاهِمُ مَصْرُورَةٌ عَلَى ظَاهِرِ الْكُمِّ لَمْ يُقْطَعْ، لأَِنَّ الْحِرْزَ هُوَ الْكُمُّ، وَالدَّرَاهِمُ بَعْدَ الْقَطْعِ تَقَعُ عَلَى ظَاهِرِ الْكُمِّ، فَلَمْ يُوجَدِ الأَْخْذُ مِنَ الْحِرْزِ، وَإِنْ كَانَتِ الدَّرَاهِمُ مَصْرُورَةً فِي دَاخِل الْكُمِّ يُقْطَعُ، لأَِنَّهَا تَقَعُ بَعْدَ قَطْعِ الصُّرَّةِ فِي دَاخِل الْكُمِّ فَكَانَ الطَّرُّ أَخْذًا مِنَ الْحِرْزِ وَهُوَ الْكُمُّ (3) .</p>وَإِنْ كَانَ الطَّرُّ بِحَل الرِّبَاطِ، فَإِنْ كَانَ بِحَالٍ لَوْ حَل الرِّبَاطَ تَقَعُ الدَّرَاهِمُ عَلَى ظَاهِرِ الْكُمِّ، بِأَنْ كَانَتِ الْعُقْدَةُ مَشْدُودَةً مِنْ دَاخِل الْكُمِّ لَا يُقْطَعُ، لأَِنَّهُ أَخَذَهَا مِنْ غَيْرِ حِرْزٍ، وَإِنْ كَانَ إِذَا حَل الرِّبَاطَ تَقَعُ الدَّرَاهِمُ فِي دَاخِل الْكُمِّ وَهُوَ يَحْتَاجُ إِلَى إِدْخَال يَدِهِ فِي الْكُمِّ لِلأَْخْذِ يُقْطَعُ، لِوُجُودِ الأَْخْذِ مِنَ الْحِرْزِ (4) .</p>وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ قَال: أَسْتَحْسِنُ أَنْ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) فتح القدير مع الهداية 5 / 151، والفواكه الدواني 2 / 296، والمهذب 2 / 279، وكشاف القناع 6 / 130.</p><font color=#ff0000>(2)</font> الفواكه الدواني 2 / 296.</p><font color=#ff0000>(3)</font> بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع للكاساني 7 / 76.</p><font color=#ff0000>(4)</font> البدائع 7 / 76، وفتح القدير مع الهداية 5 / 150، 151، وابن عابدين 3 / 204.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٤٠)</span><hr/></div>أَقْطَعَهُ فِي الأَْحْوَال كُلِّهَا، لأَِنَّ الْمَال مُحْرَزٌ بِصَاحِبِهِ وَالْكُمُّ تَبَعٌ لَهُ (1) .</p>وَذَكَرَ ابْنُ قُدَامَةَ عَنْ أَحْمَدَ رِوَايَةً أُخْرَى أَنَّ الَّذِي يَأْخُذُ مِنْ جَيْبِ الرَّجُل وَكُمِّهِ لَا قَطْعَ عَلَيْهِ (2) .</p>وَيُنْظَرُ تَفْصِيل الْمَوْضُوعِ فِي بَحْثِ (سَرِقَة) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المبسوط للسرخسي 9 / 160، 161.</p><font color=#ff0000>(2)</font> المغني 8 / 256.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٤٠)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌طَرْدٌ</span></p> </p>‌<span class="title">‌التَّعْرِيفُ:</span></p><font color=#ff0000>1 -</font> الطَّرْدُ فِي اللُّغَةِ مَصْدَرٌ، وَهُوَ الإِْبْعَادُ، وَالطَّرَدُ بِالتَّحْرِيكِ الاِسْمُ كَمَا قَال الْفَيُّومِيُّ يُقَال: فُلَانٌ أَطْرَدَهُ السُّلْطَانُ إِذْ أَمَرَ بِإِخْرَاجِهِ عَنْ بَلَدِهِ.</p>قَال ابْنُ مَنْظُورٍ: أَطْرَدَهُ السُّلْطَانُ وَطَرَدَهُ أَخْرَجَهُ عَنْ بَلَدِهِ، وَطَرَدْتُ الرَّجُل إِذَا نَحَّيْتَهُ، وَأَطْرَدَ الرَّجُل جَعَلَهُ طَرِيدًا وَنَفَاهُ، وَاطَّرَدَ الشَّيْءُ: تَبِعَ بَعْضُهُ بَعْضًا وَجَرَى (1) .</p>وَلَا يَخْرُجُ الْمَعْنَى الاِصْطِلَاحِيُّ عَنْ هَذَا الْمَعْنَى.</p>وَهُوَ أَيْضًا مُصْطَلَحٌ أُصُولِيٌّ وَيَذْكُرُهُ الأَْصْلِيُّونَ فِي مَبَاحِثِ الْحَدِّ وَالْعِلَّةِ، فَالطَّرَدُ فِي الْحَدِّ مَعْنَاهُ: كُلَّمَا وُجِدَ الْحَدُّ وُجِدَ الْمَحْدُودُ، فَبِالاِطِّرَادِ يَصِيرُ الْحَدُّ مَانِعًا عَنْ دُخُول غَيْرِ الْمَحْدُودِ، فَلَا يَدْخُل فِيهِ شَيْءٌ لَيْسَ مِنْ أَفْرَادِ الْمَحْدُودِ (2) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) لسان العرب والمصباح المنير مادة (طرد) .</p><font color=#ff0000>(2)</font> التلويح على التوضيح 1 / 10.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٤١)</span><hr/></div>وَالطَّرَدُ فِي الْعِلَّةِ مَعْنَاهُ: أَنْ تَكُونَ كُلَّمَا وُجِدَتِ الْعِلَّةُ وُجِدَ الْحُكْمُ (1)، وَيُرَاجَعُ تَمَامُهُ فِي الْمُلْحَقِ الأُْصُولِيِّ.</p> </p>‌<span class="title">‌الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:</span></p>أ -‌<span class="title">‌ الْعَكْسُ:</span></p><font color=#ff0000>2 -</font> الْعَكْسُ فِي اللُّغَةِ: رَدُّ أَوَّل الشَّيْءِ عَلَى آخِرِهِ، يُقَال: عَكَسْتُ عَلَيْهِ أَمْرَهُ، رَدَدْتُهُ عَلَيْهِ، وَعَكَسْتُهُ عَنْ أَمْرِهِ مَنَعْتُهُ، وَكَلَامٌ مَعْكُوسٌ: مَقْلُوبٌ غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ فِي التَّرْتِيبِ أَوْ فِي الْمَعْنَى.</p>وَالْعَكْسُ اصْطِلَاحًا: هُوَ تَرَتُّبُ عَدَمِ الشَّيْءِ عَلَى عَدَمِ غَيْرِهِ.</p>وَهُوَ فِي مَبَاحِثِ الْعِلَّةِ: انْتِفَاءُ الْحُكْمِ عِنْدَ انْتِقَاءِ الْعِلَّةِ (2) .</p>فَالْعَكْسُ ضِدُّ الطَّرْدِ.</p> </p>ب -‌<span class="title">‌ النَّقْضُ:</span></p><font color=#ff0000>3 -</font> النَّقْضُ فِي اللُّغَةِ: إِفْسَادُ مَا أُبْرِمَ مِنْ عَقْدٍ أَوْ بِنَاءٍ أَوْ عَهْدٍ، وَيَأْتِي بِمَعْنَى الْهَدْمِ، يُقَال: نَقَضَ الْبِنَاءَ أَيْ هَدَمَهُ.</p>وَالنَّقْضُ اصْطِلَاحًا: أَنْ يُوجَدَ الْوَصْفُ الْمُدَّعَى عِلِّيَّتُهُ وَيَتَخَلَّفُ الْحُكْمُ عَنْهُ، وَمِثَالُهُ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) كشف الأسرار 3 / 365، مختصر المنتهى 2 / 218، المحصول ج 2 ق 2 / 305، كشاف اصطلاحات الفنون 4 / 904، الإبهاج 3 / 76.</p><font color=#ff0000>(2)</font> المصباح المنير مادة (عكس) ، الإبهاج 3 / 76، كشف الأسرار 4 / 59، تيسير التحرير 4 / 22.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٤١)</span><hr/></div>قَوْلُنَا: مَنْ لَمْ يُبَيِّتِ النِّيَّةَ تَعَرَّى أَوَّل صَوْمِهِ عَنْهَا فَلَا يَصِحُّ، لأَِنَّ الصَّوْمَ عِبَارَةٌ عَنْ إِمْسَاكِ النَّهَارِ جَمِيعِهِ مَعَ النِّيَّةِ، فَيُجْعَل الْعَرَاءُ عَنِ النِّيَّةِ فِي أَوَّل الصَّوْمِ عِلَّةَ بُطْلَانِهَا، فَيَقُول الْخَصْمُ: مَا ذَكَرْتَ مَنْقُوضٌ بِصَوْمِ التَّطَوُّعِ فَإِنَّهُ يَصِحُّ مِنْ غَيْرِ تَبْيِيتٍ (1) .</p> </p>ج -‌<span class="title">‌ الدَّوَرَانُ:</span></p><font color=#ff0000>4 -</font> الدَّوَرَانُ لُغَةً: مَأْخُوذٌ مِنْ دَارَ الشَّيْءُ يَدُورُ دَوْرًا وَدَوَرَانًا بِمَعْنَى طَافَ.</p>وَاصْطِلَاحًا: أَنْ يُوجَدَ الْحُكْمُ عِنْدَ وُجُودِ الْوَصْفِ وَيَنْعَدِمَ عِنْدَ عَدَمِهِ.</p>فَذَلِكَ الْوَصْفُ يُسَمَّى مَدَارًا، وَالْحُكْمُ دَائِرًا، وَسَمَّى بَعْضُهُمُ الدَّوَرَانَ بِالدَّوَرَانِ الْوُجُودِيِّ وَالْعَدَمِيِّ أَوِ الدَّوَرَانِ الْمُطْلَقِ، وَأَمَّا إِذَا كَانَ بِحَيْثُ يُوجَدُ الْحُكْمُ عِنْدَ وُجُودِ الْوَصْفِ فَإِنَّ هَذَا يُسَمَّى بِالدَّوَرَانِ الْوُجُودِيِّ أَوِ الطَّرْدِ، وَإِذَا كَانَ بِحَيْثُ يَنْعَدِمُ الْحُكْمُ عِنْدَ عَدَمِ الْوَصْفِ فَهَذَا يُطْلَقُ عَلَيْهِ الدَّوَرَانُ الْعَدَمِيُّ أَوِ الْعَكْسُ.</p> </p>‌<span class="title">‌الْحُكْمُ الإِْجْمَالِيُّ:</span></p><font color=#ff0000>5 -</font> اشْتَرَطَ بَعْضُ الأُْصُولِيِّينَ لِصِحَّةِ الْعِلَّةِ فِي الْقِيَاسِ أَنْ تَكُونَ مُطَّرِدَةً أَيْ: كُلَّمَا وُجِدَتْ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) لسان العرب مادة (نقض) ، البحر المحيط 5 / 135 (ط وزارة الأوقاف - الكويت 1988 م) ، الإبهاج 3 / 84.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٤٢)</span><hr/></div>الْعِلَّةُ وُجِدَ الْحُكْمُ دُونَ أَنْ يُعَارِضَهَا نَقْضٌ وَإِلَاّ بَطَلَتِ الْعِلَّةُ.</p>قَال الزَّرْكَشِيُّ فِي الْبَحْرِ عِنْدَ سَرْدِهِ لِشُرُوطِ الْعِلَّةِ: السَّادِسُ: أَنْ تَكُونَ مُطَّرِدَةً أَيْ كُلَّمَا وُجِدَتْ وُجِدَ الْحُكْمُ لِتَسْلَمَ مِنَ النَّقْصِ وَالْكَسْرِ.</p>وَقَال الْعَضُدُ فِي شَرْحِهِ لِمُخْتَصَرِ الْمُنْتَهَى: قَدْ يُعَدُّ مِنْ شُرُوطِ الْعِلَّةِ أَنْ تَكُونَ مُطَّرِدَةً أَيْ كُلَّمَا وُجِدَتْ وُجِدَ الْحُكْمُ، وَعَدَمُهُ يُسَمَّى نَقْضًا، وَهُوَ أَنْ يُوجَدَ الْوَصْفُ الَّذِي يُدَّعَى أَنَّهُ عِلَّةٌ فِي مَحَلٍّ مَا مَعَ عَدَمِ الْحُكْمِ فِيهِ وَتَخَلُّفِهِ عَنْهَا (1) .</p><font color=#ff0000>6 -</font> وَاخْتَلَفَ الأُْصُولِيُّونَ فِي كَوْنِ الطَّرْدِ مُفِيدًا لِلْعِلِّيَّةِ - أَيِ اعْتِبَارِهِ مَسْلَكًا مِنْ مَسَالِكِهَا - فَذَهَبَ أَكْثَرُ الأُْصُولِيِّينَ إِلَى أَنَّهُ لَا يُفِيدُ الْعِلِّيَّةَ وَلَا يَكُونُ حُجَّةً مُسْتَدِلِّينَ بِفِعْل الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - حَيْثُ إِنَّهُمْ مَتَى مَا عَدِمُوا الدَّلِيل مِنَ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ اسْتَنَدُوا فِي أَقْيِسَتِهِمْ إِلَى إِجْمَاعِهِمْ عَلَى الْمَسْأَلَةِ وَفْقًا لِلْمَصَالِحِ الَّتِي جَاءَتْ بِهَا الشَّرِيعَةُ الإِْسْلَامِيَّةُ، وَلَمْ نَجِدْهُمْ بِحَالٍ يَحْتَكِمُونَ بِطَرْدٍ لَا يُنَاسِبُ الْحُكْمَ وَلَا يُثِيرُ شُبَهًا وَلَمْ يَلْتَفِتُوا إِلَيْهِ فِي<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) البحر المحيط 5 / 135 (ط وزارة الأوقاف - الكويت 1988 م) ، العضد على ابن الحاجب 2 / 218، التبصرة في أصول الفقه 460 بتحقيق د. محمد حسن هيتو - (ط. دار الفكر 1980 م) .</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٤٢)</span><hr/></div>شَيْءٍ، وَقَدْ دَلَّنَا ذَلِكَ عَلَى أَنَّهُمْ أَدْرَكُوا أَنَّ الطَّرَدَ لَا يَسْتَنِدُ إِلَى دَلِيلٍ سَمْعِيٍّ قَاطِعٍ، بَل الظَّاهِرُ أَنَّهُمْ كَانُوا يَأْبَوْنَهُ وَلَا يَرَوْنَهُ، وَمِمَّا لَا شَكَّ فِيهِ أَنَّهُمْ لَوْ وَجَدُوا فِي الطَّرَدِ مَنَاطًا لأَِحْكَامِ اللَّهِ لَمَا أَهْمَلُوهُ وَعَطَّلُوهُ.</p>وَذَهَبَ جَمَاعَةٌ مِنَ الأُْصُولِيِّينَ إِلَى أَنَّهُ مُفِيدٌ لِلْعِلِّيَّةِ وَمُحْتَجٌّ بِهِ فِيهَا، وَجِهَتُهُمْ فِي ذَلِكَ أَنَّ وُجُودَ الْحُكْمِ مَعَ الْوَصْفِ فِي جَمِيعِ الصُّوَرِ مَا عَدَا صُورَةَ النِّزَاعِ مِمَّا يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ أَنْ يَكُونَ الْوَصْفُ عِلَّةً، لأَِنَّ فَرْضَ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ لِلْحُكْمِ عِلَّةٌ غَيْرُهُ، فَلَوْ لَمْ يُجْعَل هَذَا الْوَصْفُ عِلَّةً لِلْحُكْمِ لَخَلَا الْحُكْمُ عَنِ الْعِلَّةِ فَيَخْلُو عَنِ الْمَصْلَحَةِ، وَهَذَا خِلَافُ مَا ثَبَتَ بِالاِسْتِقْرَاءِ مِنْ أَنَّ كُل حُكْمٍ لَا يَخْلُو عَنْ مَصْلَحَةٍ، وَحَيْثُ ثَبَتَتْ عِلِّيَّتُهُ فِي غَيْرِ الْمُتَنَازَعِ فِيهِ، ثَبَتَتِ الْعِلِّيَّةُ فِي الْمُتَنَازَعِ فِيهِ كَذَلِكَ إِلْحَاقًا بِالْكَثِيرِ الْغَالِبِ فَيَكُونُ الظَّنُّ مُفِيدًا لِلْعِلِّيَّةِ وَهُوَ الْمُدَّعَى (1) .</p>وَسَيَأْتِي تَفْصِيل ذَلِكَ فِي الْمُلْحَقِ الأُْصُولِيِّ.<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) البرهان 2 / 788، الإبهاج 3 / 78، والمستصفى 2 / 307 (ط. دار صادر) ، نهاية السول في شرح منهاج الوصول 4 / 135 (ط. عالم الكتب) .</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٤٣)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌طَرَفٌ</span></p> </p>‌<span class="title">‌التَّعْرِيفُ:</span></p><font color=#ff0000>1 -</font> الطَّرَفُ - بِفَتْحَتَيْنِ - لُغَةً: جُزْءٌ مِنَ الشَّيْءِ وَجَانِبُهُ وَنِهَايَتُهُ (1) .</p>وَبِتَتَبُّعِ عِبَارَاتِ الْفُقَهَاءِ يَتَبَيَّنُ أَنَّهُمْ يُطْلِقُونَ الطَّرَفَ عَلَى كُل عُضْوٍ لَهُ حَدٌّ يَنْتَهِي إِلَيْهِ. فَالأَْطْرَافُ هِيَ النِّهَايَاتُ فِي الْبَدَنِ كَالْيَدَيْنِ، وَالرِّجْلَيْنِ.</p>(ر: أَعْضَاء ف 2) .</p> </p>‌<span class="title">‌الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:</span></p> </p>أ -‌<span class="title">‌ الْعُضْوُ:</span></p><font color=#ff0000>2 -</font> الْعُضْوُ فِي اللُّغَةِ: هُوَ كُل عَظْمٍ وَافِرٍ بِلَحْمِهِ سَوَاءٌ: أَكَانَ مِنْ إِنْسَانٍ، أَمْ حَيَوَانٍ.</p>وَالْفُقَهَاءُ يُطْلِقُونَ الْعُضْوَ عَلَى الْجُزْءِ الْمُتَمَيِّزِ عَنْ غَيْرِهِ مِنْ بَدَنِ إِنْسَانٍ أَوْ حَيَوَانٍ كَاللِّسَانِ، وَالأَْنْفِ، وَالإِْصْبَعِ.</p>فَالْعُضْوُ أَعَمُّ مِنَ الطَّرَفِ، إِذْ كُل طَرَفٍ عُضْوٌ وَلَيْسَ كُل عُضْوٍ طَرَفًا.</p>(ر: أَعْضَاء ف 1)<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الكليات للكفوي 3 / 160، ودستور العلماء 2 / 275.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٤٣)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌الأَْحْكَامُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِالطَّرَفِ:</span></p>‌<span class="title">‌الْجِنَايَةُ عَلَى الطَّرَفِ:</span></p><font color=#ff0000>3 -</font> يَرَى جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ (مِنَ الْمَالِكِيَّةِ، وَالشَّافِعِيَّةِ، وَالْحَنَابِلَةِ، وَالْحَنَفِيَّةِ فِي الْقَوْل الْمُقَابِل لِلْمَشْهُورِ، وَإِسْحَاقُ) : أَنَّ كُل شَخْصَيْنِ يَجْرِي بَيْنَهُمَا الْقِصَاصُ فِي النَّفْسِ يَجْرِي بَيْنَهُمَا الْقِصَاصُ فِي الأَْطْرَافِ السَّلِيمَةِ: كَالرَّجُلَيْنِ، وَالرَّجُل وَالْمَرْأَةِ، وَالْحُرَّيْنِ، وَالْعَبْدَيْنِ (1) .</p>وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ فِي الْمَشْهُورِ، وَالثَّوْرِيُّ إِلَى أَنَّهُ لَا قِصَاصَ بَيْنَ طَرَفَيْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى، وَحُرٍّ وَعَبْدٍ، أَوْ فِي طَرَفَيْ عَبْدَيْنِ فِي الْقَطْعِ وَالْقَتْل وَنَحْوِهِمَا، لاِنْعِدَامِ الْمُمَاثَلَةِ فِي الأَْطْرَافِ، لأَِنَّهَا يُسْلَكُ بِهَا مَسْلَكَ الأَْمْوَال فَيَثْبُتُ التَّفَاوُتُ بَيْنَهُمَا فِي الْقِيمَةِ (2) .</p>وَلَا يَجِبُ الْقِصَاصُ فِي الأَْطْرَافِ إِلَاّ بِمَا يُوجِبُ الْقَوَدَ فِي النَّفْسِ وَهُوَ الْعَمْدُ الْمَحْضُ فَلَا قَوَدَ فِي شِبْهِ الْعَمْدِ وَلَا فِي الْخَطَأِ.</p>وَلِلتَّفْصِيل فِي شُرُوطِ جَرَيَانِ الْقِصَاصِ فِي الأَْطْرَافِ (ر: جِنَايَةٌ عَلَى مَا دُونَ النَّفْسِ) .</p>أَمَّا إِذَا وُجِدَ مَا يَمْنَعُ الْقِصَاصَ فَتَجِبُ الدِّيَةُ.<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حلية لعلماء في معرفة مذاهب الفقهاء 7 / 472، وكشاف القناع 5 / 547، والدر المنتقى بهامش مجمع الأنهر 2 / 626.</p><font color=#ff0000>(2)</font> مجمع الأنهر 2 / 625 - 626.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٤٤)</span><hr/></div><font color=#ff0000>4 -</font> وَقَدِ اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ فِي الْجُمْلَةِ عَلَى قَوَاعِدَ مُحَدَّدَةٍ فِي وُجُوبِ الْقِصَاصِ وَتَوْزِيعِهَا عَلَى الأَْطْرَافِ عَلَى النَّحْوِ التَّالِي:</p>أ - مَنْ أَتْلَفَ مَا فِي الإِْنْسَانِ مِنْهُ شَيْءٌ وَاحِدٌ فَفِيهِ دِيَةٌ كَامِلَةٌ، وَمَنْ أَتْلَفَ مَا فِي الإِْنْسَانِ مِنْ شَيْئَيْنِ فَفِيهِمَا الدِّيَةُ، وَفِي أَحَدِهِمَا نِصْفُهَا، وَمَنْ أَتْلَفَ مَا فِي الإِْنْسَانِ مِنْهُ أَرْبَعَةُ أَشْيَاءَ كَأَجْفَانِ الْعَيْنَيْنِ فَفِيهَا الدِّيَةُ، وَفِي كُل وَاحِدٍ مِنْهَا رُبُعُ الدِّيَةِ.</p>وَمَنْ أَتْلَفَ مَا فِي الإِْنْسَانِ مِنْهُ عَشْرَةُ أَشْيَاءَ كَأَصَابِعِ الْيَدَيْنِ فَفِي جَمِيعِهَا الدِّيَةُ الْكَامِلَةُ وَفِي كُل وَاحِدٍ مِنْهَا عُشْرُ الدِّيَةِ.</p>وَفِي كُل مَفْصِلٍ مِنَ الأَْصَابِعِ مِمَّا فِيهِ مَفْصِلَانِ نِصْفُ عُشْرِ الدِّيَةِ، وَمِمَّا فِيهِ ثَلَاثَةُ مَفَاصِل ثُلُثُ عُشْرِ الدِّيَةِ: أَيْ يَنْقَسِمُ عُشْرُ الدِّيَةِ عَلَى الْمَفَاصِل، كَانْقِسَامِ دِيَةِ الْيَدِ عَلَى الأَْصَابِعِ (1) .</p>(ر: دِيَاتُ فِقَرِهِ 34) .</p>ب - الدِّيَةُ تَتَعَدَّدُ بِتَعَدُّدِ الْجِنَايَةِ وَإِتْلَافِ الأَْطْرَافِ إِذَا لَمْ تُفِضْ إِلَى الْمَوْتِ، فَإِنْ قَطَعَ يَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ مَعًا - وَلَمْ يَمُتْ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ - تَجِبُ دِيَتَانِ.<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) مجمع الأنهر 2 / 640 - 642، وتحفة الفقهاء 3 / 158، والشرح الصغير 4 / 387، والمغني والشرح الكبير 9 / 378، ونيل المآرب 2 / 339 - 340، ومطالب أولي النهى 6 / 112 وما بعدها، ومغني المحتاج 4 / 62.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٤٤)</span><hr/></div>أَمَّا إِذَا أَفْضَتِ الْجِنَايَةُ إِلَى الْمَوْتِ فَتَتَدَاخَل دِيَاتُ الأَْطْرَافِ فِي دِيَةِ النَّفْسِ فَلَا تَجِبُ إِلَاّ دِيَةٌ وَاحِدَةٌ.</p>(ر: دِيَات ف 70، وَتَدَاخُل ف 19) .</p> </p>‌<span class="title">‌بَيْعُ أَطْرَافِ الآْدَمِيِّ:</span></p><font color=#ff0000>5 -</font> اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى حُرْمَةِ بَيْعِ الآْدَمِيِّ الْحُرِّ وَبُطْلَانِهِ، قَال ابْنُ الْمُنْذِرِ: وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ بَيْعَ الْحُرِّ بَاطِلٌ، وَقَال ابْنُ هُبَيْرَةَ: اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ الْحُرَّ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ وَلَا يَصِحُّ (1) ، لأَِنَّ الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ مَالاً، وَالْمَال اسْمٌ لِمَا هُوَ مَخْلُوقٌ لإِِقَامَةِ مَصَالِحِنَا مِمَّا هُوَ غَيْرُنَا، فَالآْدَمِيُّ خُلِقَ مَالِكًا لِلْمَال، وَبَيْنَ كَوْنِهِ مَالاً وَبَيْنَ كَوْنِهِ مَالِكًا لِلْمَال مُنَافَاةٌ، وَإِلَيْهِ أَشَارَ اللَّهُ تَعَالَى فِي قَوْلِهِ:{هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الأَْرْضِ جَمِيعًا} (2) قَال السَّرْخَسِيُّ: ثُمَّ لأَِجْزَاءِ الآْدَمِيِّ مِنَ الْحُكْمِ مَا لِعَيْنِهِ (3) .</p>فَالْفُقَهَاءُ مُتَّفِقُونَ عَلَى أَنَّ أَطْرَافَ الآْدَمِيِّ لَيْسَتْ بِمَالٍ مِنْ حَيْثُ الأَْصْل، وَلَا يَصِحُّ أَنْ تَكُونَ مَحَلًّا لِلْبَيْعِ.</p>وَلَمْ يَخْتَلِفِ الْفُقَهَاءُ فِي حُرْمَةِ بَيْعِ أَجْزَاءِ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) بدائع الصنائع 5 / 140، والإجماع لابن المنذر ص 114، والإفصاح لابن هبيرة 1 / 318 (نشر المؤسسة السعيدية بالرياض) .</p><font color=#ff0000>(2)</font> سورة البقرة - الآية 29.</p><font color=#ff0000>(3)</font> المبسوط للسرخسي 15 / 125.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٤٥)</span><hr/></div>الآْدَمِيِّ، إِلَاّ فِي لَبَنِ الْمَرْأَةِ إِذَا حُلِبَ، فَأَجَازَ بَعْضُهُمْ بَيْعَهُ، وَمَنَعَهُ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ وَجَمَاعَةٌ مِنَ الْحَنَابِلَةِ وَالشَّافِعِيَّةُ فِي وَجْهٍ، قَال الْكَاسَانِيُّ فِي تَعْلِيل مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ الْحَنَفِيَّةُ وَمَنْ مَعَهُمْ: إِنَّ اللَّبَنَ جُزْءٌ مِنَ الآْدَمِيِّ وَالآْدَمِيُّ بِجَمِيعِ أَجْزَائِهِ مُحْتَرَمٌ وَمُكَرَّمٌ، وَلَيْسَ مِنَ الْكَرَامَةِ وَالاِحْتِرَامِ ابْتِذَالُهُ بِالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ (1) .</p> </p>‌<span class="title">‌الاِنْتِفَاعُ بِأَطْرَافِ الْمَيِّتِ:</span></p><font color=#ff0000>6 -</font> يَرَى الْحَنَفِيَّةُ عَدَمَ جَوَازِ الاِنْتِفَاعِ بِأَطْرَافِ الْمَيِّتِ، وَأَجَازُوا التَّدَاوِي بِأَطْرَافِ مَا سِوَى الْخِنْزِيرِ وَالآْدَمِيِّ مِنَ الْحَيَوَانَاتِ مُطْلَقًا (2) .</p>أَمَّا الشَّافِعِيَّةُ فَفِي مَذْهَبِهِمْ بَعْضُ السِّعَةِ فِي الاِنْتِفَاعِ بِأَجْزَاءِ الآْدَمِيِّ وَأَطْرَافِهِ إِذَا كَانَ مَيِّتًا، فَأَجَازُوا لِلْمُضْطَرِّ أَكْل لَحْمِهِ، قَال النَّوَوِيُّ: إِذَا لَمْ يَجِدِ الْمُضْطَرُّ إِلَاّ مَيِّتًا مَعْصُومًا فَفِيهِ طَرِيقَانِ: أَصَحُّهُمَا وَأَشْهَرُهُمَا: يَجُوزُ، وَبِهِ قَطَعَ الْمُصَنِّفُ (الشِّيرَازِيُّ) وَالْجُمْهُورُ، وَالثَّانِي: فِيهِ وَجْهَانِ حَكَاهُمَا الْبَغَوِيُّ: الصَّحِيحُ الْجَوَازُ، لأَِنَّ حُرْمَةَ الْحَيِّ آكَدُ،</p>وَالطَّرِيقُ الثَّانِي: لَا لِوُجُوبِ صِيَانَتِهِ، قَال النَّوَوِيُّ عَنْ هَذَا الْوَجْهِ: لَيْسَ بِشَيْءٍ (3) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الكاساني 5 / 145، والمبسوط للسرخسي 15 / 125، والمغني مع الشرح الكبير 4 / 304، والفروق للقرافي 3 / 237، ومواهب الخليل 4 / 263، وروضة الطالبين 3 / 353.</p><font color=#ff0000>(2)</font> الفتاوى الهندية 5 / 354.</p><font color=#ff0000>(3)</font> المجموع 9 / 44.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٤٥)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌طَرِيقٌ</span></p>‌<span class="title">‌التَّعْرِيفُ:</span></p><font color=#ff0000>1 -</font> الطَّرِيقُ فِي اللُّغَةِ: السَّبِيل - يُذَكَّرُ، وَيُؤَنَّثُ. بِالتَّذْكِيرِ جَاءَ الْقُرْآنُ:{فَاضْرِبْ لَهُمْ طَرِيقًا فِي الْبَحْرِ يَبَسًا} (1)، وَيُقَال: الطَّرِيقُ الأَْعْظَمُ كَمَا يُقَال: كَمَا يُقَال الطَّرِيقُ الْعُظْمَى (2) .</p>وَفِي الإِْصْلَاحِ: لَا يَخْرُجُ عَنِ الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ، وَيُطْلَقُ عَلَى النَّافِذِ، وَغَيْرِ النَّافِذِ، وَالْوَاسِعِ وَالضَّيِّقِ، وَالْعَامِّ، وَالْخَاصِّ.</p> </p>‌<span class="title">‌الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:</span></p>أ -‌<span class="title">‌ الشَّارِعُ:</span></p><font color=#ff0000>2 -</font> مِنْ مَعَانِي الشَّارِعِ: الطَّرِيقُ، قَال ابْنُ الرِّفْعَةِ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ: بَيْنَ الطَّرِيقِ وَالشَّارِعِ عُمُومٌ وَخُصُوصٌ مُطْلَقٌ، فَالطَّرِيقُ عَامٌّ فِي الصَّحَارِيِ، وَالْبُنْيَانِ، وَالنَّافِذِ وَغَيْرِ النَّافِذِ، أَمَّا الشَّارِعُ فَهُوَ خَاصٌّ فِي الْبُنْيَانِ النَّافِذِ (3) .</p> </p>ب -‌<span class="title">‌ السِّكَّةُ:</span></p><font color=#ff0000>3 -</font> السِّكَّةُ هِيَ الطَّرِيقُ الْمُصْطَفَّةُ مِنَ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) سورة طه / 77.</p><font color=#ff0000>(2)</font> لسان العرب، والمصباح المنير.</p><font color=#ff0000>(3)</font> نهاية المحتاج 4 / 392، وأسنى المطالب 2 / 223.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٤٦)</span><hr/></div>النَّخِيل (1) . وَالطَّرِيقُ أَعَمُّ مِنَ السِّكَّةِ.</p> </p>ج -‌<span class="title">‌ الزُّقَاقُ:</span></p><font color=#ff0000>4 -</font> الزُّقَاقُ طَرِيقٌ ضَيِّقٌ دُونَ السِّكَّةِ، وَيَكُونُ نَافِذًا وَغَيْرَ نَافِذٍ (2) وَالطَّرِيقُ أَعَمُّ مِنَ الزُّقَاقِ.</p> </p>د -‌<span class="title">‌ الدَّرْبُ:</span></p><font color=#ff0000>5 -</font> الدَّرْبُ: بَابُ السِّكَّةِ الْوَاسِعُ، وَأَصْل الدَّرْبِ: الطَّرِيقُ الضَّيِّقُ فِي الْجَبَل، وَيُطْلَقُ عَلَى الْمَدْخَل الضَّيِّقِ (3) .</p> </p>هـ -‌<span class="title">‌ الْفِنَاءُ:</span></p><font color=#ff0000>6 -</font> الْفِنَاءُ فِي اللُّغَةِ: سِعَةٌ أَمَامَ الْبَيْتِ، وَقِيل: مَا امْتَدَّ مِنْ جَوَانِبِهِ، وَيُطْلِقُهُ فُقَهَاءُ الْمَالِكِيَّةِ عَلَى مَا فَضَل مِنْ حَاجَةِ الْمَارَّةِ مِنْ طَرِيقٍ نَافِذٍ (4) .</p> </p>‌<span class="title">‌الأَْحْكَامُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِالطَّرِيقِ:</span></p><font color=#ff0000>7 -</font> الطَّرِيقُ قَدْ يَكُونُ عَامًّا، وَقَدْ يَكُونُ خَاصًّا: فَالطَّرِيقُ الْعَامُّ: مَا يَسْلُكُهُ قَوْمٌ غَيْرُ مَحْصُورِينَ، أَوْ مَا جُعِل طَرِيقًا عِنْدَ إِحْيَاءِ الْبَلَدِ، أَوْ قَبْلَهُ، أَوْ وَقَفَهُ مَالِكُ الأَْرْضِ لِيَكُونَ طَرِيقًا، وَلَوْ بِغَيْرِ إِحْيَاءٍ.<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) لسان العرب والمصباح المنير.</p><font color=#ff0000>(2)</font> لسان العرب والمصباح المنير.</p><font color=#ff0000>(3)</font> المصادر السابقة.</p><font color=#ff0000>(4)</font> لسان العرب والمصباح المنير، حاشية الدسوقي 3 / 368.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٤٦)</span><hr/></div>وَإِنْ وُجِدَ سَبِيلٌ يَسْلُكُهُ النَّاسُ عَامَّةً، اعْتُمِدَ فِيهِ الظَّاهِرُ وَاعْتُبِرَ طَرِيقًا عَامًّا، وَلَا يَبْحَثُ عَنْ أَصْلِهِ.</p>أَمَّا بِنْيَاتُ الطَّرِيقِ - وَهِيَ الْمَمَرَّاتُ الْخَفِيَّةُ الَّتِي يَعْرِفُهَا الْخَوَاصُّ - فَلَا تَكُونُ بِذَلِكَ طَرِيقًا (1) .</p> </p>‌<span class="title">‌قَدْرُ مِسَاحَةِ الطَّرِيقِ:</span></p><font color=#ff0000>8 -</font> إِنْ كَانَتِ الطَّرِيقُ مِنْ أَرْضٍ مَمْلُوكَةٍ يُسَبِّلُهَا مَالِكُهَا فَتَقْدِيرُ مِسَاحَةِ الطَّرِيقِ إِلَى اخْتِيَارِهِ، وَالأَْفْضَل تَوْسِيعُهُ، وَعِنْدَ الإِْحْيَاءِ: إِلَى مَا اتَّفَقَ عَلَيْهِ الْمُحْيُونَ، فَإِنْ تَنَازَعُوا جُعِل سَبْعَةَ أَذْرُعٍ، لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَال: قَضَى النَّبِيُّ إِذَا تَشَاجَرُوا فِي الطَّرِيقِ الْمِيتَاءِ بِسَبْعَةِ أَذْرُعٍ، وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ بِلَفْظِ: إِذَا اخْتَلَفْتُمْ فِي الطَّرِيقِ جُعِل عَرْضُهُ سَبْعَةَ أَذْرُعٍ (2) .</p>وَنَازَعَ فِي هَذَا التَّحْدِيدِ جَمْعٌ مِنْ مُتَأَخِّرِي الشَّافِعِيَّةِ، قَال الزَّرْكَشِيُّ تَبَعًا لِلأَْذْرَعِيِّ: تَابَعَ النَّوَوِيُّ فِي هَذَا التَّحْدِيدِ إِفْتَاءَ ابْنِ الصَّلَاحِ، وَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ: اعْتِبَارُ قَدْرِ الْحَاجَةِ فِي قَدْرِ الطَّرِيقِ، زَادَ عَنْ سَبْعَةِ أَذْرُعٍ أَوْ نَقَصَ عَنْهَا، وَالْحَدِيثُ مَحْمُولٌ عَلَيْهِ، لأَِنَّ ذَلِكَ كَانَ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) نهاية المحتاج 4 / 396، وأسنى المطالب 2 / 220، وحاشية ابن عابدين 5 / 380.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حديث أبي هريرة:" قضى النبي صلى الله عليه وسلم إذا تشاجروا. . . ". أخرجه البخاري (5 / 118) ، ورواية مسلم (3 / 1232) .</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٤٧)</span><hr/></div>عُرْفَ أَهْل الْمَدِينَةِ، وَصَرَّحَ بِذَلِكَ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ (1) .</p>وَإِنْ زَادَ عَلَى سَبْعَةِ أَذْرُعٍ، أَوْ عَنْ قَدْرِ الْحَاجَةِ لَمْ يُغَيَّرْ، لأَِنَّ الطُّرُقَ وَالأَْفْنِيَةَ كَالإِْحْبَاسِ لِلْمُسْلِمِينَ، فَلَا يَجُوزُ لأَِحَدٍ أَنْ يَسْتَوْلِيَ عَلَى شَيْءٍ مِنْهَا، أَوْ يَقْتَطِعَ مِنْ طَرِيقِ الْمُسْلِمِينَ شَيْئًا وَإِنْ كَانَ الطَّرِيقُ وَاسِعًا، لَا يَتَضَرَّرُ الْمَارَّةُ بِالْجُزْءِ الْمُقْتَطَعِ مِنْهُ، لِمَا رُوِيَ عَنِ الْحَكَمِ بْنِ الْحَارِثِ السُّلَمِيِّ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَال: مَنْ أَخَذَ مِنْ طَرِيقِ الْمُسْلِمِينَ، شِبْرًا طَوَّقَهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ سَبْعِ أَرَضِينَ (2)، وَيُهْدَمُ إِنِ اسْتَوْلَى شَخْصٌ أَوِ اقْتَطَعَ مِنَ الطَّرِيقِ وَأَدْخَلَهُ فِي بِنَائِهِ (3) وَفِي قَوْلٍ لِلْمَالِكِيَّةِ: أَنَّهُ لَا يُهْدَمُ عَلَيْهِ مَا اقْتَطَعَ مِنْهَا إِذَا كَانَ مِمَّا لَا يَتَضَرَّرُ بِهِ الْمَارَّةُ، وَلَا يُضَيِّقُ عَلَى الْمَارَّةِ لِسِعَتِهِ (4) .</p> </p>‌<span class="title">‌الاِنْتِفَاعُ بِالطَّرِيقِ النَّافِذَةِ:</span></p><font color=#ff0000>9 -</font> الطَّرِيقُ النَّافِذَةُ وَيُعَبَّرُ عَنْهَا بِـ " الشَّارِعِ "<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) نهاية المحتاج 4 / 396، أسنى المطالب 2 / 220، كشاف القناع 3 / 188، مواهب الجليل 5 / 166، حاشية الزرقاني 6 / 64.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حديث الحكم بن الحارث السلمي:" من أخذ من طريق المسلمين. . ". أخرجه الطبراني في الصغير (2 / 297) ، وأورده الهيثمي في مجمع الزوائد (4 / 176)، وقال: فيه محمد بن عقبة السدوسي، وثقه ابن حبان وضعفه أبو حاتم وتركه أبو زرعة.</p><font color=#ff0000>(3)</font> أسنى المطالب 3 / 220، وكشاف القناع 3 / 188، ومواهب الجليل 5 / 152 وما بعده، والمغني 4 / 552.</p><font color=#ff0000>(4)</font>) مواهب الجليل 5 / 156.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٤٧)</span><hr/></div>مِنَ الْمَرَافِقِ الْعَامَّةِ، لِلْجَمِيعِ الاِنْتِفَاعُ بِهَا بِمَا لَا يَضُرُّ الآْخَرِينَ بِاتِّفَاقِ الْفُقَهَاءِ، وَمَنْفَعَتُهَا الأَْصْلِيَّةُ: الْمُرُورُ فِيهَا، لأَِنَّهَا وُضِعَتْ لِذَلِكَ، فَيُبَاحُ لَهُمُ الاِنْتِفَاعُ بِمَا وُضِعَ لَهُ، وَهُوَ الْمُرُورُ بِلَا خِلَافٍ (1) ، وَكَذَلِكَ يُبَاحُ لِلْجَمِيعِ الاِنْتِفَاعُ بِغَيْرِ الْمُرُورِ مِمَّا لَا يَضُرُّ الْمَارَّةَ، كَالْجُلُوسِ فِي الطَّرِيقِ الْوَاسِعَةِ لاِنْتِظَارِ رَفِيقٍ أَوْ سُؤَالٍ إِنْ لَمْ يَضُرَّ الْمَارَّةَ، وَإِنْ لَمْ يَأْذَنِ الإِْمَامُ بِذَلِكَ لاِتِّفَاقِ النَّاسِ فِي سَائِرِ الأَْزْمَانِ وَالأَْعْصَارِ عَلَى ذَلِكَ، وَهَذَا أَيْضًا مَحَل اتِّفَاقٍ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ (2)، فَإِنْ ضَرَّ الْمَارَّةَ أَوْ ضَيَّقَ عَلَيْهِمْ لَمْ يَجُزْ لِخَبَرِ: لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ (3) .</p>وَيَجُوزُ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ الْجُلُوسُ فِي الطَّرِيقِ النَّافِذَةِ لِلْمُعَامَلَةِ كَالْبَيْعِ وَالصِّنَاعَةِ وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَإِنْ طَال عَهْدُهُ وَلَمْ يَأْذَنِ الإِْمَامُ، كَمَا لَا يَحْتَاجُ فِي الإِْحْيَاءِ إِلَى إِذْنِهِ، لاِتِّفَاقِ النَّاسِ عَلَيْهِ فِي جَمِيعِ الأَْعْصَارِ (4) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) نهاية المحتاج 5 / 342، أسنى المطالب 2 / 449، كشاف القناع 4 / 168، ابن عابدين 5 / 380، فتح القدير 9 / 240، حاشية الدسوقي 3 / 368.</p><font color=#ff0000>(2)</font> المصادر السابقة.</p><font color=#ff0000>(3)</font> حديث:" لا ضرر ولا ضرار ". أخرجه مالك في الموطأ (2 / 745) من حديث عمرو المازني مرسلاً، ولكن له طرقًا أخرى موصولة يتقوى بها، ذكرها ابن رجب في جامع العلوم والحكم (ص 286 - 287) .</p><font color=#ff0000>(4)</font> نهاية المحتاج 5 / 342، أسنى المطالب 2 / 449، حاشية ابن عابدين 5 / 380.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٤٨)</span><hr/></div>وَلَا يُزْعَجُ عَنِ الْمَوْضِعِ الَّذِي سَبَقَ إِلَيْهِ لِلْمُعَامَلَةِ، وَإِنْ طَال مُقَامُهُ فِيهِ، لِخَبَرِ: مَنْ سَبَقَ إِلَى مَا لَمْ يَسْبِقْهُ إِلَيْهِ مُسْلِمٌ فَهُوَ لَهُ (1) ، وَلأَِنَّهُ أَحَدُ الْمُرْتَفِقِينَ، وَقَدْ ثَبَتَ لَهُ بِالْيَدِ فَصَارَ أَحَقَّ مِنْ غَيْرِهِ فِيهِ (2) .</p>وَقَال الْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ: يُشْتَرَطُ أَلَاّ يَطُول الْجُلُوسُ أَوِ الْبَيْعُ، فَإِنْ طَال أُخْرِجَ عَنْهُ. لأَِنَّهُ يَصِيرُ كَالْمُتَمَلِّكِ إِنْ طَال الْجُلُوسُ لِلْمُعَامَلَةِ، وَيَنْفَرِدُ بِنَفْعٍ يُسَاوِيهِ فِيهِ غَيْرُهُ (3) .</p>وَأَضَافَ الْمَالِكِيَّةُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الْجُلُوسُ فِي الطَّرِيقِ الْعَامِّ لاِسْتِرَاحَةٍ وَنَحْوِهَا كَالْحَدِيثِ، وَيُمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ (4) .</p>وَصَرَّحَ الشَّافِعِيَّةُ بِجَوَازِ الْجُلُوسِ فِي الطَّرِيقِ الْعَامِّ لِلاِسْتِرَاحَةِ، لِحَدِيثِ (5) الأَْمْرِ بِإِعْطَاءِ الطَّرِيقِ حَقَّهُ: مِنْ: غَضٍّ لِلْبَصَرِ،<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حديث:" من سبق إلى ما لم يسبقه إليه مسلم فهو له ". أخرجه أبو داود (3 / 453) ، من حديث أسمر بن مضرس، واستغربه المنذري في مختصر السنن (4 / 264) .</p><font color=#ff0000>(2)</font> نهاية المحتاج 5 / 342، أسنى المطالب 2 / 451، ابن عابدين 5 / 380.</p><font color=#ff0000>(3)</font> كشاف القناع 4 / 196، حاشية الدسوقي 3 / 368.</p><font color=#ff0000>(4)</font> حاشية الدسوقي 3 / 368.</p><font color=#ff0000>(5)</font> حديث: " الأمر بإعطاء الطريق حقها ". أخرجه البخاري (11 / 8) ، ومسلم (3 / 1675) ، من حديث أبي سعيد الخدري، ونصه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " إياكم والجلوس في الطرقات، فقالوا: يا رسول الله، ما لنا من مجالسنا بد، نتحدث فيها، فقال: فإذا أبيتم إلا المجلس فأعطوا الطريق حقه، قالوا: وما حق الطريق يا رسول ال</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٤٨)</span><hr/></div>وَكَفٍّ لِلأَْذَى، وَرَدٍّ لِلسَّلَامِ، وَأَمْرٍ بِمَعْرُوفٍ، وَنَهْيٍ عَنْ مُنْكَرٍ، مَا لَمْ يَضُرَّ الْمَارَّةَ، وَلَمْ يُضَيِّقْ عَلَيْهِمْ، وَإِلَاّ كُرِهَ (1) .</p> </p>‌<span class="title">‌إِذْنُ الإِْمَامِ فِي الاِرْتِفَاقِ بِالطَّرِيقِ:</span></p><font color=#ff0000>10 -</font> لَا يُشْتَرَطُ فِي جَوَازِ الْجُلُوسِ لِلْمُعَامَلَةِ فِي الطَّرِيقِ النَّافِذَةِ إِذْنُ الإِْمَامِ، وَلَا يَجُوزُ لَهُ وَلَا لأَِحَدٍ مِنَ الْوُلَاةِ أَخْذُ عِوَضٍ مِمَّنْ يَرْتَفِقُ بِالْجُلُوسِ فِيهِ لِلْمُعَامَلَةِ، وَلَا أَنْ يَبِيعَ جُزْءًا مِنَ الطَّرِيقِ بِلَا خِلَافٍ، وَإِنْ فَضَل الْجُزْءُ الْمُبَاعُ عَنْ حَاجَةِ الطَّرِيقِ، لأَِنَّ الْبَيْعَ يَسْتَدْعِي تَقَدُّمَ الْمِلْكِ، وَهُوَ مُنْتَفٍ، وَلَوْ جَازَ ذَلِكَ لَجَازَ بَيْعُ الْمَوَاتِ وَلَا قَائِل بِهِ، وَلأَِنَّ الطُّرُقَ كَالأَْحْبَاسِ لِلْمُسْلِمِينَ، فَلَيْسَ لأَِحَدٍ أَنْ يَتَصَرَّفَ فِيهَا تَصَرُّفًا يُغَيِّرُ وَضْعَهَا (2) .</p>وَلِلإِْمَامِ أَنْ يَقْطَعَ بُقْعَةً مِنَ الطَّرِيقِ الْعَامِّ لِمَنْ يَجْلِسُ فِيهَا لِلْمُعَامَلَةِ ارْتِفَاقًا، لَا تَمْلِيكًا، إِنْ لَمْ يَضُرَّ الْمُسْلِمِينَ، لأَِنَّ لَهُ نَظَرًا وَاجْتِهَادًا فِي الضَّرَرِ وَغَيْرِهِ، وَلَا يَمْلِكُ الْمَقْطُوعُ لَهُ الْبُقْعَةَ، إِنَّمَا يَكُونُ أَحَقَّ بِالْجُلُوسِ فِيهَا كَالسَّابِقِ إِلَيْهَا (3) .</p> </p>‌<span class="title">‌التَّزَاحُمُ فِي الاِرْتِفَاقِ:</span></p><font color=#ff0000>11 -</font> لِلْجَالِسِ فِي الطَّرِيقِ الْعَامِّ لِلْمُعَامَلَةِ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) أسنى المطالب 2 / 449، نهاية المحتاج 5 / 345.</p><font color=#ff0000>(2)</font> نهاية المحتاج 5 / 343، حاشية الجمل 3 / 570، أسنى المطالب 2 / 450، مواهب الجليل 5 / 156 وما بعده.</p><font color=#ff0000>(3)</font> المصادر السابقة، وكشاف القناع 4 / 196.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٤٩)</span><hr/></div>تَظْلِيل مَوْضِعِ جُلُوسِهِ بِمَا لَا ثَبَاتَ لَهُ مِنْ حَصِيرٍ، أَوْ عَبَاءَةٍ، أَوْ ثَوْبٍ، لِجَرَيَانِ الْعَادَةِ بِذَلِكَ، وَلَيْسَ لِغَيْرِهِ أَنْ يُزَاحِمَهُ فِي مَحَل جُلُوسِهِ بِحَيْثُ يَضُرُّهُ، وَيُضَيِّقُ عَلَيْهِ عِنْدَ الْكَيْل وَالْوَزْنِ وَالأَْخْذِ وَالْعَطَاءِ، وَلَا أَنْ يُزَاحِمَهُ فِي مَوْضِعِ أَمْتِعَتِهِ وَمَوْقِفِ مُعَامِلِيهِ، وَلَهُ أَنْ يَمْنَعَ الْوُقُوفَ بِقُرْبِهِ إِنْ كَانَ الْوُقُوفُ يَمْنَعُ رُؤْيَةَ بِضَاعَتِهِ، أَوْ وُصُول الْقَاصِدِينَ إِلَيْهِ، لأَِنَّ ذَلِكَ كُلَّهُ مِنْ تَمَامِ الاِنْتِفَاعِ بِمَوْضِعِ اخْتِصَاصِهِ، وَلَيْسَ لَهُ الْمَنْعُ مِنَ الْجُلُوسِ بِقُرْبِهِ لِبَيْعِ مِثْل بِضَاعَتِهِ، إِنْ لَمْ يُزَاحِمْهُ فِيمَا يَخْتَصُّ بِهِ مِنَ الْمَرَافِقِ الْمَذْكُورَةِ (1) .</p>وَمَنْ سَبَقَ إِلَى الْجُلُوسِ فِي مَوْضِعٍ مِنَ الطَّرِيقِ النَّافِذِ لِلْمُعَامَلَةِ فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ مِنْ غَيْرِهِ، كَمَا سَبَقَ، وَإِنْ سَبَقَ اثْنَانِ، وَتَنَازَعَا فِيهِ وَلَمْ يَسَعْهُمَا مَعًا أُقْرِعَ بَيْنَهُمَا، لاِنْتِفَاءِ الْمُرَجِّحِ (2) .</p> </p>‌<span class="title">‌تَرْكُ صَاحِبِ الاِخْتِصَاصِ مَوْضِعًا اخْتَصَّ بِهِ:</span></p><font color=#ff0000>12 -</font> إِنْ تَرَكَ الْجَالِسُ مَوْضِعَ اخْتِصَاصِهِ، وَانْتَقَل إِلَى غَيْرِهِ أَوْ تَرَكَ الْحِرْفَةَ الَّتِي كَانَ يُزَاوِلُهَا فِيهِ بَطَل حَقُّهُ فِيهِ، سَوَاءٌ أَأَقْطَعُهُ الإِْمَامُ لَهُ، أَمْ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المصادر السابقة، ومواهب الجليل 5 / 158.</p><font color=#ff0000>(2)</font> نهاية المحتاج 5 / 344، وأسنى المطالب 2 / 450، وكشاف القناع 4 / 196، ومواهب الجليل 5 / 158، وحاشية الدسوقي 3 / 368.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٤٩)</span><hr/></div>سَبَقَ إِلَيْهِ بِلَا إِقْطَاعٍ مِنَ الإِْمَامِ. وَإِنْ فَارَقَهُ لِيَعُودَ إِلَيْهِ لَمْ يَبْطُل حَقُّهُ إِلَاّ أَنْ يَطُول غِيَابُهُ عَنْهُ، لِحَدِيثِ: مَنْ قَامَ مِنْ مَجْلِسِهِ، ثُمَّ رَجَعَ إِلَيْهِ فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ (1) فَإِنْ طَال غِيَابُهُ عَنْهُ بِحَيْثُ يَنْقَطِعُ مُعَامِلُوهُ عَنْهُ وَيَأْلَفُونَ غَيْرَهُ يَبْطُل حَقُّهُ فِيهِ، وَلَوْ كَانَ فَارَقَهُ لِعُذْرٍ أَوْ تَرَكَ مَتَاعَهُ فِيهِ أَوْ كَانَ بِإِقْطَاعِ الإِْمَامِ لَهُ إِلَى هَذَا ذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ (2) .</p>وَقَال الْحَنَابِلَةُ: إِنْ نَقَل مَتَاعَهُ عَنْ مَوْضِعِ اخْتِصَاصِهِ، بَطَل حَقُّهُ فِيهِ، وَإِنْ تَرَكَ مَتَاعَهُ فِيهِ، أَوْ أَجْلَسَ شَخْصًا فِيهِ لِيَحْفَظَ لَهُ الْمَكَانَ، لَمْ يَجُزْ لِغَيْرِهِ إِزَالَةُ مَتَاعِهِ.</p>وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: إِنْ قَامَ لِقَضَاءِ الْحَاجَةِ أَوْ وُضُوءٍ لَمْ يَبْطُل حَقُّهُ.</p>وَكِلَا الْمَذْهَبَيْنِ (الْمَالِكِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ) لَا يُجِيزُ إِطَالَةَ الْجُلُوسِ فِي الطَّرِيقِ الْعَامِّ لِلْمُعَامَلَةِ، فَإِنْ أَطَال أُزِيل عَنْهُ، لأَِنَّهُ يَصِيرُ كَالْمُتَمَلِّكِ، يَخْتَصُّ بِنَفْعٍ يُسَاوِيهِ فِيهِ غَيْرُهُ، وَحَدَّدَ الْمَالِكِيَّةُ طُول الْمُقَامِ بِيَوْمٍ كَامِلٍ (3) .</p>وَإِنْ جَلَسَ لاِسْتِرَاحَةٍ، أَوْ حَدِيثٍ، وَنَحْوِ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حديث:" من قام من مجلسه. . . ". أخرجه مسلم (4 / 1715) من حديث أبي هريرة.</p><font color=#ff0000>(2)</font> نهاية المحتاج 5 / 341، أسنى المطالب 2 / 450، حاشية الجمل 3 / 570.</p><font color=#ff0000>(3)</font> كشاف القناع 4 / 166، حاشية الدسوقي 3 / 368.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٥٠)</span><hr/></div>ذَلِكَ بَطَل حَقُّهُ فِيهِ بِمُفَارَقَتِهِ، بِلَا خِلَافٍ (1) .</p> </p>‌<span class="title">‌الاِنْتِفَاعُ فِي الطَّرِيقِ بِغَيْرِ الْمُرُورِ، وَالْجُلُوسِ لِلْمُعَامَلَةِ:</span></p><font color=#ff0000>13 -</font> ذَهَبَ الْفُقَهَاءُ إِلَى حُرْمَةِ التَّصَرُّفِ فِي الطَّرِيقِ النَّافِذَةِ وَيُعَبَّرُ عَنْهُ بِـ (الشَّارِعِ) بِمَا يَضُرُّ الْمَارَّةَ فِي مُرُورِهِمْ، لأَِنَّ الْحَقَّ لِعَامَّةِ الْمُسْلِمِينَ، فَلَيْسَ لأَِحَدٍ أَنْ يُضَارَّهُمْ فِي حَقِّهِمْ، وَيَمْتَنِعُ عِنْدَ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ بِنَاءُ دِكَّةٍ - وَهِيَ الَّتِي تُبْنَى لِلْجُلُوسِ عَلَيْهَا وَنَحْوِهَا - فِي الطَّرِيقِ النَّافِدَةِ وَغَرْسُ شَجَرَةٍ فِيهَا وَإِنِ اتَّسَعَ الطَّرِيقُ، وَأَذِنَ الإِْمَامُ، وَانْتَفَى الضَّرَرُ، وَبُنِيَتْ لِلْمَصْلَحَةِ الْعَامَّةِ لِمَنْعِهِمَا الطُّرُوقَ فِي مَحَلِّهِمَا، وَلأَِنَّهُ بِنَاءٌ فِي غَيْرِ مِلْكِهِ بِغَيْرِ إِذْنِهِ، وَقَدْ يُؤْذِي الْمَارَّةَ فِيمَا بَعْدُ، وَيُضَيِّقُ عَلَيْهِمْ، وَيَعْثِرُ بِهِ الْعَاثِرُ، فَلَمْ يَجُزْ، وَلأَِنَّهُ إِذَا طَال الزَّمَنُ أَشْبَهَ مَوْضِعُهُمَا الأَْمْلَاكَ الْخَاصَّةَ، وَانْقَطَعَ اسْتِحْقَاقُ الطُّرُوقِ (2) .</p>وَقَال الْحَنَفِيَّةُ: يَجُوزُ بِنَاءُ دِكَّةٍ، وَغَرْسُ أَشْجَارٍ فِي الطَّرِيقِ النَّافِذَةِ كَإِخْرَاجِ الْمَيَازِيبِ، وَالأَْجْنِحَةِ، إِنْ لَمْ يَضُرَّ الْمَارَّةَ، وَلَمْ يَمْنَعْ مِنَ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المصادر السابقة.</p><font color=#ff0000>(2)</font> أسنى المطالب 2 / 219، والمحلي على حاشية القليوبي 2 / 310، ونهاية المحتاج 5 / 397، والمغني لابن قدامة 4 / 552، وكشاف القناع 3 / 406، وحاشية الدسوقي 3 / 368.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٥٠)</span><hr/></div>الْمُرُورِ فِيهَا، فَإِنْ ضَرَّ الْمَارَّةَ أَوْ مَنَعَ لَمْ يَجُزْ إِحْدَاثُهَا، وَلِكُلٍّ مِنَ الْعَامَّةِ مِنْ أَهْل الْخُصُومَةِ مَنْعُهُ مِنْ إِحْدَاثِهَا ابْتِدَاءً، وَمُطَالَبَتُهُ بِنَقْضِهِ بَعْدَ الْبِنَاءِ، سَوَاءٌ أَضَرَّ أَمْ لَمْ يَضُرَّ، لأَِنَّ كُل وَاحِدٍ مِنْهُمْ صَاحِبُ حَقٍّ بِالْمُرُورِ بِنَفْسِهِ وَبِدَوَابِّهِ، فَكَانَ لَهُ حَقُّ النَّقْضِ كَمَا فِي الْمِلْكِ الْمُشْتَرَكِ.</p>هَذَا إِذَا بَنَاهَا لِنَفْسِهِ وَبِغَيْرِ إِذْنِ الإِْمَامِ، فَإِنْ بَنَاهَا لِمَصْلَحَةِ الْمُسْلِمِينَ أَوْ بِإِذْنِ الإِْمَامِ، وَإِنْ بَنَاهَا لِنَفْسِهِ لَمْ يُنْقَضْ، إِنْ لَمْ يَضُرَّ الْمَارَّةَ (1) .</p>وَإِنْ كَانَ يَضُرُّ الْعَامَّةَ لَا يَجُوزُ إِحْدَاثُهُ، أَذِنَ الإِْمَامُ أَمْ لَمْ يَأْذَنْ (2)، لِقَوْل النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ (3) .</p> </p>‌<span class="title">‌الاِرْتِفَاقُ فِي هَوَاءِ الطَّرِيقِ النَّافِذَةِ:</span></p><font color=#ff0000>14 -</font> ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِلَى أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْعَامَّةِ الاِنْتِفَاعُ فِي هَوَاءِ الطَّرِيقِ النَّافِذَةِ بِإِخْرَاجِ جَنَاحٍ إِلَيْهَا أَوْ رَوْشَنٍ أَوْ سَابَاطٍ، وَهُوَ سَقِيفَةٌ عَلَى حَائِطَيْنِ وَيَمُرُّ الطَّرِيقُ بَيْنَهُمَا، وَنَحْوُ ذَلِكَ كَالْمِيزَابِ، إِنْ رَفَعَهَا بِحَيْثُ يَمُرُّ تَحْتَهُ الْمَاشِي مُنْتَصِبًا، مِنْ غَيْرِ احْتِيَاجٍ إِلَى طَأْطَأَةِ رَأْسِهِ، وَعَلَى رَأْسِهِ الْحُمُولَةُ الْمُعْتَادَةُ، وَلَمْ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) فتح القدير 9 / 240، وابن عابدين 5 / 380.</p><font color=#ff0000>(2)</font> رد المحتار على الدر المختار على حاشية ابن عابدين 5 / 380.</p><font color=#ff0000>(3)</font> حديث:" لا ضرر ولا ضرار ". تقدم ف 9.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٥١)</span><hr/></div>يَسُدَّ الضَّوْءَ عَنِ الطَّرِيقِ، وَإِنْ كَانَ الطَّرِيقُ مَمَرًّا لِلْقَوَافِل يُرْفَعُ الْمِيزَابُ وَالْجَنَاحُ وَنَحْوُهَا بِحَيْثُ يَمُرُّ تَحْتَهَا الْمَحْمَل عَلَى الْبَعِيرِ، وَالْمِظَلَّةُ فَوْقَ الْمَحْمَل، فَإِنْ أَخَل بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ هَدَمَهُ الْحَاكِمُ، وَلِكُلٍّ الْمُطَالَبَةُ بِإِزَالَتِهِ، لأَِنَّهُ إِزَالَةٌ لِلْمُنْكَرِ</p><font color=#ff0000>(1)</font> وَالأَْصْل فِي جَوَازِ إِخْرَاجِ الْجَنَاحِ إِلَى الطَّرِيقِ النَّافِذِ مَا صَحَّ مِنْ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم: نَصَبَ بِيَدِهِ الشَّرِيفَةِ مِيزَابًا فِي دَارِ عَمِّهِ الْعَبَّاسِ إِلَى الطَّرِيقِ، وَكَانَ شَارِعًا إِلَى مَسْجِدِهِ (2) وَقِيسَ عَلَيْهِ الْجَنَاحُ وَنَحْوُهُ، وَلإِِطْبَاقِ النَّاسِ عَلَى فِعْل ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ إِنْكَارٍ.</p><font color=#ff0000>(3)</font> وَقَال الْحَنَفِيَّةُ، لِكُلٍّ مِنْ أَهْل الْخُصُومَةِ مِنَ الْعَامَّةِ مَنْعُهُ مِنْ إِحْدَاثِ ذَلِكَ ابْتِدَاءً، وَمُطَالَبَتُهُ بِنَقْضِهِ بَعْدَ الْبِنَاءِ ضَرَّ أَمْ لَمْ يَضُرَّ.</p><font color=#ff0000>(4)</font> وَقَال الْحَنَابِلَةُ: لَا يَجُوزُ إِخْرَاجُ شَيْءٍ مِمَّا ذُكِرَ إِلَى طَرِيقٍ نَافِذَةٍ أَذِنَ الإِْمَامُ، أَوْ لَمْ يَأْذَنْ، ضَرَّ الْمَارَّةَ أَوْ لَمْ يَضُرَّ وَقَالُوا: لأَِنَّهُ بِنَاءٌ فِي غَيْرِ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) أسنى المطالب 2 / 219، وحاشية القليوبي 2 / 310، وحاشية الدسوقي 3 / 368، وفتح القدير 9 / 240.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حديث:" نصب النبي صلى الله عليه وسلم ميزابًا في دار عمه العباس ". أخرجه أحمد (1 / 210) ، من حديث عبيد الله بن عباس، وأورده الهيثمي في مجمع الزوائد (4 / 206 - 207)، وقال: رواه أحمد، ورجاله ثقات، إلا أن هشام بن سعد لم يسمع من عبيد الله.</p><font color=#ff0000>(3)</font> المصادر السابقة.</p><font color=#ff0000>(4)</font> حاشية ابن عابدين 5 / 380، فتح القدير 9 / 240.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٥١)</span><hr/></div>مِلْكِهِ، بِغَيْرِ إِذْنِ مَالِكِهِ، فَلَمْ يَجُزْ كَبِنَاءِ الدِّكَّةِ، أَوْ بِنَائِهِ فِي دَرْبٍ غَيْرِ نَافِذٍ بِغَيْرِ إِذْنِ أَهْلِهِ، وَيُفَارِقُ الْمُرُورَ فِي الطَّرِيقِ، فَإِنَّهَا جُعِلَتْ لِذَلِكَ وَلَا مَضَرَّةَ فِيهِ، وَالْجُلُوسُ لأَِنَّهُ لَا يَدُومُ وَلَا يُمْكِنُ التَّحَرُّزُ مِنْهُ، وَلَا يَخْلُو الإِْخْرَاجُ إِلَى الطَّرِيقِ الْعَامِّ عَنْ مَضَرَّةٍ، فَإِنَّهُ يَظْلِمُ الطَّرِيقَ بِسَدِّ الضَّوْءِ عَنْهُ، وَرُبَّمَا سَقَطَ عَلَى الْمَارَّةِ، أَوْ سَقَطَ مِنْهُ شَيْءٌ، وَقَدْ تَعْلُو الأَْرْضُ بِمُرُورِ الزَّمَنِ فَيَصْدِمُ رُءُوسَ النَّاسِ، وَيَمْنَعُ مُرُورَ الدَّوَابِّ بِالأَْحْمَال، وَمَا يُفْضِي إِلَى الضَّرَرِ فِي ثَانِي الْحَال يَجِبُ الْمَنْعُ مِنْهُ فِي ابْتِدَائِهِ، كَمَا لَوْ أَرَادَ بِنَاءَ حَائِطٍ مَائِلٍ إِلَى الطَّرِيقِ يَخْشَى وُقُوعَهُ عَلَى مَنْ يَمُرُّ فِيهَا.</p>وَقَال ابْنُ عَقِيلٍ مِنَ الْحَنَابِلَةِ يَجُوزُ ذَلِكَ بِإِذْنِ الإِْمَامِ، أَوْ نَائِبِهِ، إِنْ لَمْ يَكُنْ فِي ذَلِكَ ضَرَرٌ، لأَِنَّ الإِْمَامَ، نَائِبٌ عَنِ الْمُسْلِمِينَ - وَفِي حُكْمِهِ نُوَّابُهُ - وَإِذْنُهُ كَإِذْنِ الْمُسْلِمِينَ.</p>وَلِمَا وَرَدَ أَنَّ عُمَرَ رضي الله عنه: اجْتَازَ عَلَى دَارِ الْعَبَّاسِ رضي الله عنهما وَقَدْ نَصَبَ مِيْزَابًا إِلَى الطَّرِيقِ فَقَلَعَهُ، فَقَال الْعَبَّاسُ: تَقْلَعُهُ وَقَدْ نَصَبَهُ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِيَدِهِ؟ فَقَال: وَاللَّهِ لَا تَنْصِبُهُ إِلَاّ عَلَى ظَهْرِي، فَانْحَنَى حَتَّى صَعِدَ عَلَى ظَهْرِهِ فَنَصَبَهُ، وَلأَِنَّ الْعَادَةَ جَارِيَةٌ بِهِ. (1)<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المغني لابن قدامة 4 / 551 - 552، كشاف القناع 3 / 406.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٥٢)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌مَا تَوَلَّدَ مِنْ إِخْرَاجِ الْمِيزَابِ وَنَحْوِهِ إِلَى الطَّرِيقِ النَّافِذِ:</span></p><font color=#ff0000>15 -</font> قَال الشَّافِعِيَّةُ، وَالْحَنَابِلَةُ: إِنَّ مَا تَوَلَّدَ مِنْ إِخْرَاجِ مِيزَابٍ وَنَحْوِهِ: كَالْجَنَاحِ وَالسَّابَاطِ إِلَى الطَّرِيقِ النَّافِذِ مِنْ تَلَفِ مَالٍ، أَوْ مَوْتِ نَفْسٍ فَمَضْمُونٌ وَإِنْ جَازَ إِخْرَاجُهُ، وَأَذِنَ الإِْمَامُ وَلَمْ يَضُرَّ الْمَارَّةَ، وَتَنَاهَى فِي الاِحْتِيَاطِ، وَحَدَثَ مَا لَمْ يُتَوَقَّعْ، كَصَاعِقَةٍ، أَوْ رِيحٍ شَدِيدَةٍ، لأَِنَّ الاِرْتِفَاقَ بِالطَّرِيقِ الْعَامِّ مَشْرُوطٌ بِسَلَامَةِ الْعَاقِبَةِ، وَمَا لَمْ تَسْلَمْ عَاقِبَتُهُ فَلَيْسَ بِمَأْذُونٍ فِيهِ، وَيَجِبُ بِهِ الضَّمَانُ، وَكَذَا إِنْ وَضَعَ تُرَابًا فِي الطَّرِيقِ لِتَطْيِينِ سَطْحِ مَنْزِلِهِ، فَزَل بِهِ إِنْسَانٌ فَمَاتَ، أَوْ بَهِيمَةٌ فَتَلِفَتْ يَضْمَنُ، لأَِنَّهُ تَسَبَّبَ فِي تَلَفِهِ، فَتَجِبُ دِيَةُ الْخَطَأِ عَلَى عَاقِلَتِهِ، وَقِيمَةُ الدَّابَّةِ فِي مَالِهِ. (1)</p>وَقَال الْحَنَفِيَّةُ: هَذَا إِذَا لَمْ يَأْذَنِ الإِْمَامُ، فَإِنْ أَذِنَ الإِْمَامُ بِإِخْرَاجِ الْمِيزَابِ وَنَحْوِهِ إِلَى الطَّرِيقِ الْعَامِّ فَلَا ضَمَانَ، لأَِنَّهُ غَيْرُ مُتَعَدٍّ فِي إِخْرَاجِ الْجَنَاحِ حِينَئِذٍ، لأَِنَّ لِلإِْمَامِ وِلَايَةً عَلَى الطَّرِيقِ لأَِنَّهُ نَائِبٌ عَنِ الْعَامَّةِ، فَكَانَ الْمُخْرِجُ كَمَنْ فَعَلَهُ فِي مِلْكِهِ. (2)</p>وَعِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ لَا يَضْمَنُ شَيْئًا أَذِنَ الإِْمَامُ أَوْ لَمْ يَأْذَنْ، جَاءَ فِي مَوَاهِبِ الْجَلِيل: قَال مَالِكٌ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) نهاية المحتاج 7 / 356، مغني المحتاج 4 / 84 وما بعده، والمحلي على القليوبي 4 / 148، والمغني 7 / 830.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حاشية ابن عابدين 5 / 380 - 381، فتح القدير 9 / 246.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٥٢)</span><hr/></div>فِي جَنَاحٍ خَارِجٍ إِلَى الطَّرِيقِ فَسَقَطَ عَلَى رَجُلٍ فَمَاتَ. قَال مَالِكٌ: لَا شَيْءَ عَلَى مَنْ بَنَاهُ. (1)</p> </p>‌<span class="title">‌مَا يَجِبُ فِي الضَّمَانِ عِنْدَ الْقَائِلِينَ بِهِ:</span></p><font color=#ff0000>16 -</font> إِنْ كَانَ بَعْضُ الْجَنَاحِ فِي الْجِدَارِ، وَبَعْضُهُ خَارِجًا إِلَى الطَّرِيقِ فَسَقَطَ الْخَارِجُ وَحْدَهُ - كُلُّهُ، أَوْ بَعْضُهُ - فَأَتْلَفَ شَيْئًا فَعَلَى الْمُخْرِجِ ضَمَانُ مَا تَلِفَ بِهِ مِنْ نَفْسٍ، أَوْ مَالٍ، لأَِنَّهُ تَلِفَ بِمَا هُوَ مَضْمُونٌ عَلَيْهِ خَاصَّةً، سَوَاءٌ كَانَ الْمُخْرِجُ مَالِكَهُ أَوْ مُسْتَعِيرًا أَوْ مُسْتَأْجِرًا أَوْ غَاصِبًا، وَإِنْ سَقَطَ مَا فِي الدَّاخِل وَالْخَارِجِ، وَتَلِفَ بِهِ إِنْسَانٌ، أَوْ مَالٌ فَعَلَى صَاحِبِ الْجِدَارِ، نِصْفُ الدِّيَةِ، إِنْ كَانَ التَّالِفُ إِنْسَانًا، وَنِصْفُ قِيمَةِ الْمُتْلَفِ إِنْ كَانَ مَالاً، لأَِنَّ التَّلَفَ حَصَل بِسُقُوطِ مَا فِي دَاخِل الْجِدَارِ مِنَ الْجَنَاحِ، وَهُوَ غَيْرُ مَضْمُونٍ لأَِنَّهُ فِي مِلْكِهِ، وَالْمَشْرُوعُ إِلَى الطَّرِيقِ الْعَامِّ، وَهُوَ مَضْمُونٌ. (2)</p>وَقَال الْحَنَابِلَةُ: يَضْمَنُ كُل الدِّيَةِ أَوِ الْقِيمَةَ فِي الْحَالَيْنِ، لأَِنَّهُ تَلِفَ بِمَا أَخْرَجَهُ إِلَى الطَّرِيقِ فَضَمِنَ، كَمَا لَوْ بَنَى حَائِطًا مَائِلاً إِلَى الطَّرِيقِ فَأَتْلَفَ شَيْئًا، وَلأَِنَّهُ إِخْرَاجٌ يَضْمَنُ بِهِ بَعْضَهُ فَيَضْمَنُ كُلَّهُ. (3)<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) مواهب الجليل 5 / 173.</p><font color=#ff0000>(2)</font> مغني المحتاج 4 / 85.</p><font color=#ff0000>(3)</font> المغني 7 / 830.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٥٣)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌سُقُوطُ جِدَارٍ مَائِلٍ إِلَى طَرِيقٍ نَافِذٍ:</span></p><font color=#ff0000>17 -</font> ذَهَبَ الْفُقَهَاءُ إِلَى أَنَّهُ إِذَا بَنَى فِي مِلْكِهِ جِدَارًا مَائِلاً إِلَى الطَّرِيقِ النَّافِذَةِ فَسَقَطَ فِيهِ فَتَلِفَ بِهِ شَيْءٌ ضَمِنَ، لأَِنَّهُ مُتَعَدٍّ فِي ذَلِكَ، وَإِنْ بَنَاهُ فِي مِلْكِهِ مُسْتَوِيًا فَسَقَطَ بِغَيْرِ اسْتِهْدَامٍ وَلَا مَيْلٍ، فَأَتْلَفَ شَيْئًا فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ بِلَا خِلَافٍ، لأَِنَّهُ لَمْ يَتَعَدَّ فِي بِنَائِهِ، وَلَا حَصَل مِنْهُ تَفْرِيطٌ بِإِبْقَائِهِ، وَإِنْ مَال قَبْل وُقُوعِهِ إِلَى هَوَاءِ الطَّرِيقِ، فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْهُ نَقْضُهُ وَإِصْلَاحُهُ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ، لأَِنَّهُ لَمْ يَتَعَدَّ بِبِنَائِهِ، وَلَا فَرَّطَ فِي تَرْكِهِ وَإِصْلَاحِهِ، لِعَجْزِهِ عَنْهُ، فَأَشْبَهَ كَمَا لَوْ سَقَطَ مِنْ غَيْرِ مَيْلٍ.</p>وَإِنْ أَمْكَنَهُ نَقْضُهُ وَإِصْلَاحُهُ، فَلَمْ يَفْعَل فَقَدْ ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ وَأَحْمَدُ إِلَى الضَّمَانِ بِشَرْطِ أَنْ يُطَالِبَ وَاحِدٌ أَوْ أَكْثَرُ مِنْ أَهْل الْمَصْلَحَةِ فِي الْخُصُومَةِ بِالنَّقْضِ، وَيَشْهَدُ عَلَى ذَلِكَ عِنْدَ حَاكِمٍ أَوْ جَمْعٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: يَضْمَنُ لِتَقْصِيرِهِ وَإِنْ لَمْ يُطَالِبْ وَلَمْ يَشْهَدْ. (1)</p> </p>‌<span class="title">‌إِلْقَاءُ شَيْءٍ فِي الطَّرِيقِ الْعَامِّ:</span></p><font color=#ff0000>18 -</font> لَوْ أَلْقَى قُمَامَاتٍ، أَوْ قُشُورَ بِطِّيخٍ وَرُمَّانٍ وَمَوْزٍ بِطَرِيقٍ نَافِذٍ فَمَضْمُونٌ، مَا لَمْ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) نهاية المحتاج 7 / 358، مغني المحتاج 4 / 186، ابن عابدين 5 / 384، وحاشية الدسوقي 4 / 356، ومواهب الجليل 6 / 321، والمغني 8 / 828.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٥٣)</span><hr/></div>يَتَعَمَّدْ الْمَارُّ الْمَشْيَ عَلَيْهَا قَصْدًا، وَكَذَا إِنْ رَشَّ فِي الطَّرِيقِ مَاءً فَزَلَقَ بِهِ إِنْسَانٌ، أَوْ بَهِيمَةٌ، فَتَلِفَ يَضْمَنُ. (1) (ر: مُصْطَلَح: ضَمَان)</p> </p>‌<span class="title">‌إِحْدَاثُ بِئْرٍ فِي طَرِيقٍ نَافِذٍ:</span></p><font color=#ff0000>19 -</font> لَا يَجُوزُ لأَِحَدٍ أَنْ يَحْفِرَ بِئْرًا فِي الطَّرِيقِ النَّافِذِ لِنَفْسِهِ، سَوَاءٌ جَعَلَهَا لِمَاءِ الْمَطَرِ، أَوِ اسْتِخْرَاجِ مَاءٍ يَنْتَفِعُ بِهِ، وَإِنْ لَمْ يَضُرَّ، لأَِنَّ الطَّرِيقَ مِلْكٌ لِلْمُسْلِمِينَ كُلِّهِمْ، فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُحْدَثَ فِيهَا شَيْءٌ بِغَيْرِ إِذْنِهِمْ، وَإِذْنُ كُلِّهِمْ غَيْرُ مُتَصَوَّرٍ، وَإِنْ حَفَرَهَا وَتَرَتَّبَ عَلَى حَفْرِهَا ضَرَرٌ فَفِي ضَمَانِهِ تَفْصِيلٌ بَيْنَ مَا إِذَا كَانَ بِإِذْنِ الإِْمَامِ أَوْ بِغَيْرِ إِذْنِهِ وَبَيْنَ مَا إِذَا كَانَ الْحَفْرُ لِمَصْلَحَةِ الْحَافِرِ أَوْ لِمَصْلَحَةِ الْمُسْلِمِينَ.</p>(ر: مُصْطَلَح: ضَمَان) .</p> </p>‌<span class="title">‌ضَمَانُ الضَّرَرِ الْحَادِثِ مِنْ مُرُورِ الْبَهَائِمِ فِي الطَّرِيقِ الْعَامِّ:</span></p><font color=#ff0000>20 -</font> الْمُرُورُ فِي الطَّرِيقِ النَّافِذِ حَقٌّ لِجَمِيعِ النَّاسِ، لأَِنَّهُ وُضِعَ لِذَلِكَ، وَمُبَاحٌ لَهُمْ بِدَوَابِّهِمْ، بِشَرْطِ السَّلَامَةِ فِيمَا يُمْكِنُ الاِحْتِرَازُ عَنْهُ، فَإِنْ تَرَتَّبَ عَلَى ذَلِكَ ضَرَرٌ فَفِي ضَمَانِهِ تَفْصِيلٌ (يُنْظَرُ فِي مُصْطَلَحِ: ضَمَان)<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المصادر السابقة.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٥٤)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌الطَّرِيقُ غَيْرُ النَّافِذِ:</span></p><font color=#ff0000>21 -</font> الطَّرِيقُ غَيْرُ النَّافِذِ مِلْكٌ لأَِهْلِهِ، فَلَا يَجُوزُ لِغَيْرِ أَهْلِهِ التَّصَرُّفُ فِيهِ إِلَاّ بِرِضَاهُمْ، وَإِنْ لَمْ يَضُرَّ، لأَِنَّهُ مِلْكُهُمْ، فَأَشْبَهَ الدُّورَ.</p>وَأَهْلُهُ مَنْ لَهُمْ حَقُّ الْمُرُورِ فِيهِ إِلَى مِلْكِهِمْ مِنْ دَارٍ، أَوْ بِئْرٍ، أَوْ فُرْنٍ، أَوْ حَانُوتٍ، لَا مَنْ لَاصَقَ جِدَارُهُ الدَّرْبَ مِنْ غَيْرِ نُفُوذِ بَابٍ فِيهِ، لأَِنَّ هَؤُلَاءِ هُمُ الْمُسْتَحِقُّونَ الاِرْتِفَاقَ فِيهِ. (1)</p>وَيَسْتَحِقُّ كُل وَاحِدٍ مِنْ أَهْل الطَّرِيقِ غَيْرِ النَّافِذِ الاِرْتِفَاقَ بِمَا بَيْنَ رَأْسِ الدَّرْبِ وَبَابِ دَارِهِ، لأَِنَّ ذَلِكَ هُوَ مَحَل تَرَدُّدِهِ، وَمُرُورِهِ، وَمَا عَدَاهُ هُوَ فِيهِ كَالأَْجْنَبِيِّ مِنَ الطَّرِيقِ، وَفِي قَوْلٍ لِلشَّافِعِيَّةِ: لِكُلٍّ مِنْ أَهْل الدَّرْبِ غَيْرِ النَّافِذِ الاِرْتِفَاقُ بِكُل الطَّرِيقِ، لأَِنَّهُمْ رُبَّمَا يَحْتَاجُونَ إِلَى التَّرَدُّدِ وَالاِنْتِفَاعِ بِهِ كُلِّهِ، لإِِلْقَاءِ الْقُمَامَاتِ فِيهِ عِنْدَ الإِْدْخَال وَالإِْخْرَاجِ.</p>أَمَّا الْبِنَاءُ فِيهِ وَإِخْرَاجُ رَوْشَنٍ، أَوْ جَنَاحٍ، أَوْ سَابَاطٍ، فَلَا يَجُوزُ لأَِحَدٍ مِنْهُمْ، إِلَاّ بِرِضَا الْبَاقِينَ، كَسَائِرِ الأَْمْلَاكِ الْمُشْتَرَكَةِ، لأَِنَّهُ بِنَاءٌ فِي هَوَاءِ قَوْمِ مُعَيَّنِينَ فَلَا يَجُوزُ بِغَيْرِ رِضَاهُمْ.</p>وَفِي قَوْلٍ لِلشَّافِعِيَّةِ: يَجُوزُ لِبَعْضِ أَهْل<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) نهاية المحتاج 4 / 398 وما بعدها، أسنى المطالب 2 / 221، كشاف القناع 3 / 410، حاشية ابن عابدين 5 / 382، حاشية الدسوقي 3 / 368، الزرقاني 6 / 65.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٥٤)</span><hr/></div>الدَّرْبِ إِخْرَاجُ مَا ذُكِرَ إِلَى الطَّرِيقِ الْمَسْدُودِ بِغَيْرِ رِضَا الْبَاقِينَ إِنْ لَمْ يَضُرَّ، لأَِنَّ لِكُل وَاحِدٍ مِنْهُمُ الاِنْتِفَاعَ بِقَرَارِهِ فَيَجُوزُ الاِنْتِفَاعُ بِهَوَائِهِ، وَهُوَ قَوْلٌ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ.</p>قَال الزُّرْقَانِيُّ: وَهُوَ الْمَشْهُورُ، وَالأَْوَّل ضَعِيفٌ. (1)</p> </p>‌<span class="title">‌طَعَامٌ</span></p> </p>انْظُرْ: أَطْعِمَةٌ، أَكْلٌ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المصادر السابقة، والمغني لابن قدامة 4 / 552 - 553.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٥٥)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌طَعْمٌ</span></p> </p>‌<span class="title">‌التَّعْرِيفُ:</span></p><font color=#ff0000>1 -</font> الطَّعْمُ - بِالْفَتْحِ - مَا يُؤَدِّيهِ‌<span class="title">‌ الذَّوْقُ</span>، فَيُقَال: طَعْمُهُ حُلْوٌ أَوْ حَامِضٌ، وَتَغَيَّرَ طَعْمُهُ إِذَا خَرَجَ عَنْ وَصْفِهِ الْخِلْقِيِّ.</p>وَالطَّعْمُ أَيْضًا مَا يُشْتَهَى مِنَ الطَّعَامِ يُقَال: لَيْسَ لَهُ طَعْمٌ وَمَا فُلَانٌ بِذِي طَعْمٍ إِذَا كَانَ غَثًّا.</p>وَقَال الْفَيُّومِيُّ فِي مَعْنَى قَوْل الْفُقَهَاءِ: (الطَّعْمُ عِلَّةُ الرِّبَا) كَوْنُهُ مِمَّا يُطْعَمُ أَيْ مِمَّا يُسَاغُ جَامِدًا كَانَ أَوْ مَائِعًا. (1)</p>وَالطُّعْمُ - بِالضَّمِّ - الطَّعَامُ.</p>وَلَا يَخْرُجُ اسْتِعْمَال الْفُقَهَاءِ لِهَذَا اللَّفْظِ عَنِ الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ.</p> </p>‌<span class="title">‌الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:</span></p> </p>الذَّوْقُ:</p><font color=#ff0000>2 -</font> الذَّوْقُ: إِدْرَاكُ طَعْمِ الشَّيْءِ بِاللِّسَانِ يُقَال: ذُقْتُ الطَّعَامَ أَذُوقُهُ ذَوْقًا وَذَوَقَانًا وَذَوَاقًا وَمَذَاقًا إِذَا عَرَفْتَهُ بِتِلْكَ الْوَاسِطَةِ.<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المصباح المنير، والصحاح.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٥٥)</span><hr/></div>فَالذَّوْقُ مُلَابَسَةٌ يُحَسُّ بِهَا الطَّعْمُ (1) .</p> </p>‌<span class="title">‌الأَْحْكَامُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِالطَّعْمِ: </span>-</p> </p>أ -‌<span class="title">‌ تَغَيُّرُ طَعْمِ الْمَاءِ:</span></p><font color=#ff0000>3 -</font> اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ الْمَاءَ الَّذِي غَيَّرَتْ النَّجَاسَةُ طَعْمَهُ أَوْ لَوْنَهُ أَوْ رِيحَهُ أَوْ أَكْثَرَ مِنْ وَاحِدٍ مِنْ هَذِهِ الصِّفَاتِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ بِهِ الْوُضُوءُ وَلَا الطُّهُورُ. (2)</p>كَمَا لَا خِلَافَ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ فِي جَوَازِ الْوُضُوءِ بِمَا خَالَطَهُ طَاهِرٌ لَمْ يُغَيِّرْهُ، إِلَاّ مَا حُكِيَ عَنْ أُمِّ هَانِئٍ فِي مَاءٍ بُل فِيهِ خُبْزٌ لَا يُتَوَضَّأُ بِهِ (3) .</p>ثُمَّ اخْتَلَفُوا فِي الْوُضُوءِ بِمَاءٍ خَالَطَهُ طَاهِرٌ يُمْكِنُ التَّحَرُّزُ مِنْهُ فَغَيَّرَ إِحْدَى صِفَاتِهِ: طَعْمَهُ أَوْ لَوْنَهُ أَوْ رِيحَهُ.</p>فَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ، وَالشَّافِعِيَّةُ، وَالْحَنَابِلَةُ عَلَى الْمَذْهَبِ: إِلَى أَنَّ الْمَاءَ الْمُتَغَيِّرَ طَعْمًا أَوْ لَوْنًا أَوْ رِيحًا بِمُخَالِطٍ طَاهِرٍ يَسْتَغْنَى عَنْهُ الْمَاءُ تَغَيُّرًا يَمْنَعُهُ الإِْطْلَاقَ لَا تَحْصُل بِهِ الطَّهَارَةُ. (4)</p>وَيَرَى الْحَنَفِيَّةُ وَأَحْمَدُ فِي رِوَايَةٍ جَوَازَ التَّوَضُّؤِ بِالْمَاءِ الَّذِي أُلْقَى فِيهِ الْحِمَّصُ أَوِ الْبَاقِلَاّءُ فَتَغَيَّرَ لَوْنُهُ وَطَعْمُهُ وَلَكِنْ لَمْ تَذْهَبْ رِقَّتُهُ، وَلَوْ طُبِخَ فِيهِ الْحِمَّصُ أَوِ الْبَاقِلَاّءُ وَرِيحُ الْبَاقِلَاّءِ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المصباح المنير والصحاح مادة (ذوق) والفروق ص 254.</p><font color=#ff0000>(2)</font> بداية المجتهد 1 / 23 (نشر دار المعرفة) .</p><font color=#ff0000>(3)</font> المغني 1 / 15.</p><font color=#ff0000>(4)</font> الشرح الصغير 1 / 31، وأسنى المطالب 1 / 7، والمغني 1 / 12.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٥٦)</span><hr/></div>يُوجَدُ فِيهِ لَا يَجُوزُ بِهِ التَّوَضُّؤُ. (1)</p>وَلِلتَّفْصِيل فِي الْمَسَائِل الْمُتَعَلِّقَةِ بِالْمَوْضُوعِ (ر: مِيَاه) .</p> </p>ب -‌<span class="title">‌ اعْتِبَارُ الطَّعْمِ عِلَّةً لِتَحْرِيمِ الرِّبَا:</span></p><font color=#ff0000>4 -</font> الأَْعْيَانُ الْمَنْصُوصُ عَلَى تَحْرِيمِ الرِّبَا فِيهَا سِتَّةٌ: الذَّهَبُ وَالْفِضَّةُ وَالْبُرُّ وَالشَّعِيرُ وَالتَّمْرُ وَالْمِلْحُ.</p>وَقَدِ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي عِلَّةِ الرِّبَا فِيمَا عَدَا الأَْثْمَانَ هَل هِيَ الطَّعْمُ أَوْ غَيْرُ ذَلِكَ.</p>وَتَفْصِيل ذَلِكَ فِي مُصْطَلَحِ: (رِبا ف 64 - 68) .</p> </p>‌<span class="title">‌طِفْلٌ</span></p> </p>انْظُرْ: صِغَر</p> </p>‌<span class="title">‌طُفَيْلِيٌّ</span></p> </p>انْظُرْ: تَطَفُّلٌ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الفتاوى الهندية 1 / 21، والمغني 1 / 12، والإنصاف 1 / 32 - 33.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٥٦)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌طِلَاءٌ</span></p> </p>‌<span class="title">‌التَّعْرِيفُ:</span></p><font color=#ff0000>1 -</font> مِنْ مَعَانِي الطِّلَاءِ - بِكَسْرِ الطَّاءِ وَبِالْمَدِّ - فِي اللُّغَةِ: الشَّرَابُ الْمَطْبُوخُ مِنْ عَصِيرِ الْعِنَبِ، وَهُوَ الرُّبُّ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الأَْثِيرِ، وَأَصْلُهُ الْقَطِرَانُ الْخَاثِرُ الَّذِي تُطْلَى بِهِ الإِْبِل (1)</p>وَفِي الاِصْطِلَاحِ: الطِّلَاءُ: هُوَ الْعَصِيرُ يُطْبَخُ بِالنَّارِ أَوِ الشَّمْسِ حَتَّى يَذْهَبَ أَقَل مِنْ ثُلُثَيْهِ، وَيَصِيرُ مُسْكِرًا (2) . وَقِيل: مَا طُبِخَ مِنْ مَاءِ الْعِنَبِ حَتَّى ذَهَبَ ثُلُثَاهُ وَبَقِيَ ثُلُثُهُ وَصَارَ مُسْكِرًا. قَال التُّمُرْتَاشِيُّ: وَهُوَ الصَّوَابُ. (3)</p>وَيُسَمَّى الطِّلَاءُ أَيْضًا بِالْمُثَلَّثِ، يَقُول الزَّيْلَعِيُّ: الْمُثَلَّثُ مَا طُبِخَ مِنْ مَاءِ الْعِنَبِ حَتَّى يَذْهَبَ ثُلُثَاهُ، وَيَبْقَى الثُّلُثُ. (4)</p>وَقَال الْحَصْكَفِيُّ نَقْلاً عَنِ الشُّرُنْبُلَالِيَّةِ: وَسُمِّيَ بِالطِّلَاءِ لِقَوْل عُمَرَ رضي الله عنه:<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) لسان العرب مادة (طلى) .</p><font color=#ff0000>(2)</font> الدر المختار مع حاشية ابن عابدين 5 / 290.</p><font color=#ff0000>(3)</font> تنوير الأبصار مع الدر المختار على هامش ابن عابدين 5 / 290، ويقول الحصكفي: في وجه التصويب إن الأول يسمى الباذق. (نفس المرجع) .</p><font color=#ff0000>(4)</font> تبيين الحقائق على الكنز للزيلعي 4 / 46 وانظر البدائع 5 / 112.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٥٧)</span><hr/></div>مَا أَشْبَهَ هَذَا بِطِلَاءِ الْبَعِيرِ، وَهُوَ الْقَطِرَانُ الَّذِي يُطْلَى بِهِ الْبَعِيرُ الْجَرْبَانُ (1) .</p> </p>‌<span class="title">‌الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:</span></p>أ -‌<span class="title">‌ الْخَمْرُ: </span>-</p><font color=#ff0000>2 -</font> الْخَمْرُ: هِيَ النَّيِّءُ مِنْ مَاءِ الْعِنَبِ إِذَا غَلَى وَاشْتَدَّ عِنْدَ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ، وَزَادَ أَبُو حَنِيفَةَ: وَقَذَفَا بِالزَّبَدِ، وَتُطْلَقُ الْخَمْرُ أَيْضًا عِنْدَ الْجُمْهُورِ عَلَى كُل مَا يُسْكِرُ وَلَوْ مِنْ غَيْرِ مَاءِ الْعِنَبِ (2) .</p> </p>ب -‌<span class="title">‌ الْبَاذِقُ وَالْمُنَصَّفُ:</span></p><font color=#ff0000>3 -</font> الْبَاذِقُ: هُوَ الْمَطْبُوخُ أَدْنَى طَبْخَةً مِنْ مَاءِ الْعِنَبِ حَتَّى ذَهَبَ أَقَل مِنْ ثُلُثَيْهِ، سَوَاءٌ أَكَانَ الذَّاهِبُ قَلِيلاً أَمْ كَثِيرًا بَعْدَ أَنْ لَمْ يَصِل ثُلُثَيْهِ.</p>وَالْمُنَصَّفُ مِنْهُ مَا ذَهَبَ نِصْفُهُ (3) .</p> </p>ج -‌<span class="title">‌ نَقِيعُ الزَّبِيبِ:</span></p><font color=#ff0000>4 -</font> نَقِيعُ الزَّبِيبِ: هُوَ النَّيِّءُ مِنْ مَاءِ الزَّبِيبِ، بِأَنْ يُتْرَكَ الزَّبِيبُ فِي الْمَاءِ مِنْ غَيْرِ طَبْخٍ حَتَّى تَخْرُجَ حَلَاوَتُهُ إِلَى الْمَاءِ، ثُمَّ يَشْتَدَّ وَيَغْلِيَ (4) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الدر المختار بهامش رد المحتار 5 / 290، وانظر الزيلعي 6 / 45.</p><font color=#ff0000>(2)</font> ابن عابدين 5 / 288، والزيلعي 6 / 45، 46، والموسوعة الفقهية 5 / 12 مصطلح (أشربه ف 4) .</p><font color=#ff0000>(3)</font> ابن عابدين 5 / 290، والزيلعي 6 / 45.</p><font color=#ff0000>(4)</font> الزيلعي 6 / 45، وابن عابدين 5 / 289، 290.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٥٧)</span><hr/></div>د -‌<span class="title">‌ السُّكَّرُ:</span></p><font color=#ff0000>5 -</font> السُّكَّرُ: هُوَ النَّيِّءُ مِنْ مَاءِ الرُّطَبِ إِذَا اشْتَدَّ وَقَذَفَ بِالزَّبَدِ، قَال الزَّيْلَعِيُّ: هُوَ مُشْتَقٌّ مِنْ سَكِرَتِ الرِّيحُ إِذَا سَكَنَتْ (1) .</p>وَهُنَاكَ أَنْوَاعٌ أُخْرَى مِنَ الأَْشْرِبَةِ الْمَأْخُوذَةِ مِنَ الْعِنَبِ وَالتَّمْرِ وَغَيْرِهِمَا لَهَا أَسْمَاءٌ أُخْرَى مُخْتَلِفَةٌ، يُنْظَرُ تَفْصِيلُهَا فِي مُصْطَلَحِ (أَشْرِبَة) .</p> </p>‌<span class="title">‌الْحُكْمُ الإِْجْمَالِيُّ:</span></p><font color=#ff0000>6 -</font> ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ (الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ وَمُحَمَّدٌ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ) إِلَى أَنَّ الأَْشْرِبَةَ الْمُسْكِرَةَ كُلَّهَا حَرَامٌ، وَقَالُوا: كُل مَا أَسْكَرَ كَثِيرُهُ فَقَلِيلُهُ حَرَامٌ مِنْ أَيِّ نَوْعٍ كَانَ (2) لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: كُل مُسْكِرٍ خَمْرٌ وَكُل خَمْرٍ حَرَامٌ. (3) وَعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: سُئِل النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَنِ الْبِتْعِ وَهُوَ نَبِيذُ الْعَسَل، وَكَانَ أَهْل الْيَمَنِ يَشْرَبُونَهُ، فَقَال: كُل شَرَابٍ أَسْكَرَ فَهُوَ حَرَامٌ. (4) وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما أَنَّ النَّبِيَّ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) نفس المراجع.</p><font color=#ff0000>(2)</font> تبيين الحقائق للزيلعي 6 / 46، والموسوعة الفقهية مصطلح (أشربة) .</p><font color=#ff0000>(3)</font> حديث:" كل مسكر خمر. . ". أخرجه مسلم (3 / 1587) من حديث ابن عمر.</p><font color=#ff0000>(4)</font> حديث عائشة: " كل شراب أسكر فهو حرام. . " أخرجه البخاري (10 / 41) ، ومسلم (3 / 1585، 1586) .</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٥٨)</span><hr/></div>صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: مَا أَسْكَرَ كَثِيرُهُ فَقَلِيلُهُ حَرَامٌ.</p><font color=#ff0000>(1)</font> وَذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ إِلَى الطِّلَاءِ بِالتَّفْسِيرِ الثَّانِي، وَهُوَ مَا طُبِخَ مِنْ مَاءِ الْعِنَبِ حَتَّى ذَهَبَ ثُلُثَاهُ وَإِذَا كَثُرَ مِنْهُ أَسْكَرَ وَهُوَ الْمُسَمَّى بِالْمُثَلَّثِ حَلَالٌ، وَلَا يَحْرُمُ مِنْهُ إِلَاّ الْقَدَحُ الأَْخِيرُ الَّذِي يَحْصُل بِهِ الإِْسْكَارُ، أَمَّا مَا ذَهَبَ أَقَل مِنْ ثُلُثَيْهِ فَحَرَامٌ بِالإِْجْمَاعِ (2) .</p><font color=#ff0000>7 -</font> وَمَحَل حِل الْمُثَلَّثِ عِنْدَهُمَا لِلتَّدَاوِي وَاسْتِمْرَاءِ الطَّعَامِ وَالتَّقَوِّي عَلَى الطَّاعَةِ.</p>قَال الْكَاسَانِيُّ: فِي الْمُثَلَّثِ: لَا خِلَافَ فِي أَنَّهُ مَا دَامَ حُلْوًا لَا يُسْكِرُ يَحِل شُرْبُهُ، وَأَمَّا الْمُعَتَّقُ الْمُسْكِرُ فَيَحِل شُرْبُهُ لِلتَّدَاوِي وَاسْتِمْرَاءِ الطَّعَامِ وَالتَّقَوِّي عَلَى الطَّاعَةِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهُ لَا يَحِل شُرْبُهُ لِلَّهْوِ وَالطَّرَبِ، (3) لَكِنَّ الْفَتْوَى عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ عَلَى مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ مُحَمَّدٌ رحمه الله مِنَ الْحُرْمَةِ، وَذَلِكَ لِغَلَبَةِ الْفَسَادِ فِي زَمَانِنَا، كَمَا حَرَّرَهُ ابْنُ عَابِدِينَ وَالزَّيْلَعِيُّ (4) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حديث ابن عمر:" ما أسكر كثيره فقليله حرام. . . " أخرجه ابن ماجه (2 / 1125) ، وصححه ابن حجر في الفتح (10 / 43) .</p><font color=#ff0000>(2)</font> الزيلعي 6 / 46، 47، وابن عابدين وبهامشه الدر المختار 5 / 290، 292، 293.</p><font color=#ff0000>(3)</font> بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع للكاساني 5 / 116، وتبيين الحقائق للزيلعي 6 / 46.</p><font color=#ff0000>(4)</font> ابن عابدين 5 / 292، 293، وتبيين الحقائق للزيلعي 6 / 47.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٥٨)</span><hr/></div>وَهَذَا مُوَافِقٌ لِمَا ذَهَبَ إِلَيْهِ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ. (1)</p>وَيُنْظَرُ تَفْصِيل الأَْشْرِبَةِ وَأَنْوَاعِهَا فِي مُصْطَلَحِ (أَشْرِبَة) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المغني لابن قدامة 8 / 304 - 305.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٦١)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌أ</span></p>الآجري: هو محمد بن الحسين:</p>تقدمت ترجمته في ج 19 ص 305.</p>الآمدي: هو علي بن أبي علي:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 325.</p> </p>ابن أبي شيبة: هو عبد الله بن محمد:</p>تقدمت ترجمته في ج 2 ص 397.</p>ابن أبي ليلى: هو محمد بن عبد الرحمن:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 325.</p> </p>ابن الأثير: هو المبارك بن محمد:</p>تقدمت ترجمته في ج 2 ص 398.</p>ابن تيمية (تقي الدين) : هو أحمد بن عبد الحليم:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 326.</p>ابن جزي: هو محمد بن أحمد:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 327.</p>ابن حبيب: هو عبد الملك بن حبيب:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 399.</p>ابن حجر العسقلاني: هو أحمد بن علي:</p>تقدمت ترجمته في ج2 ص399.</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٦١)</span><hr/></div>ابن حجر المكي: هو أحمد بن حجر الهيثمي:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 327.</p>ابن دقيق العيد: هو محمد بن علي:</p>تقدمت ترجمته في ج 4 ص 319.</p>ابن رجب: هو عبد الرحمن بن أحمد:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 328.</p>ابن رشد: هو محمد بن أحمد (الجد) :</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 328.</p>ابن رشد: هو محمد بن أحمد (الحفيد) :</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 328.</p>ابن السبكي: هو عبد الوهاب بن علي:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 353.</p>ابن سيرين: هو محمد بن سيرين:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 329.</p> </p>ابن شبرمة: هو عبد الله بن شبرمة:</p>تقدمت ترجمته في ج 2 ص 400.</p>ابن الشحنه: هو عبد البر بن محمد:</p>تقدمت ترجمته في ج 3 ص 342.</p> </p>ابن عابدين: محمد أمين بن عمر:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 330.</p>ابن عباس: هو عبد الله بن عباس:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 330.</p>ابن عبد البر: هو يوسف بن عبد الله:</p>تقدمت ترجمته في ج 2 ص 400.</p> </p>ابن عبد الحكم: هو محمد بن عبد الله:</p>تقدمت ترجمته في ج 3 ص 342.</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٦٢)</span><hr/></div>ابن عبد السلام: هو محمد بن عبد السلام:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 331.</p>ابن العربي: هو محمد بن عبد الله:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 331.</p> </p>ابن عرفة: هو محمد بن محمد بن عرفة:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 331.</p> </p>ابن عقيل: هو علي بن عقيل:</p>تقدمت ترجمته في ج 2 ص 401.</p>ابن عمر: هو عبد الله بن عمر:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 331.</p> </p>ابن فرحون: هو إبراهيم بن علي:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 332.</p>‌<span class="title">‌ابن القابسي (؟ - 352 ه</span>ـ) :</p>هو علي بن محمد بن خلف، أبو الحسن، المعافري، المعروف بابن القابسي. فقيه مالكي، أصولي، سمع من رجال أفريقية أبي العباس الأبياني وأبي الحسن بن مسرور الدباغ وأبي عبد الله بن مسرور وغيرهم، وكان أهل القيروان يفضلونه ويأخذون عنه، تفقه عليه أبو عمران الفاسي وعتيق السوسي وغيرهم. من تصانيفه:" كتاب الممهد " و " مناسك الحج " و " الذكر والدعاء " و " أحكام الديانة والمنقذ من شبه التأويل ". (الديباج ص 199 - 201، وشجرة</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٦٢)</span><hr/></div>النور الزكية 1 / 97) .</p> </p>ابن القاسم: هو عبد الرحمن بن القاسم المالكي:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 332.</p> </p>ابن قاسم: هو محمد بن قاسم:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 332.</p> </p>ابن قدامة: هو عبد الله بن أحمد:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 333.</p> </p>‌<span class="title">‌ابن قطلوبغا (2 0 8 - 879 ه</span>ـ)</p>هو قاسم بن قطلوبغا بن عبد الله، المصري، ويعرف بقاسم الحنفي، فقيه من فقهاء الحنفية، محدث، أصولي، مؤرخ، مشارك في بعض العلوم. قال السخاوي في وصفه: " إمام، علامة، طلق اللسان، قادر على المناظرة، مغرم بالانتقاد ولو لمشايخه أخذ الفقه عن العز بن عبد السلام وابن الهمام وعبد اللطيف الكرماني وغيرهم ". من تصانيفه: " شرح درر البحار لمحمد القونوي، في فروع الفقه الحنفي، و " تاج التراجم في طبقات الفقهاء الحنفية "، و " غريب القرآن " و " نزهة الرائض في أدلة الفرائض ". [الفوائد البهية ص 99، وشذرات الذهب 7 / 326، ومعجم المؤلفين 8 / 111، والأعلام 6 / 14] .</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٦٣)</span><hr/></div>ابن قيم الجوزية: هو محمد بن أبي بكر:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 333.</p>ابن كاتب: هو عبد الرحمن بن علي:</p>تقدمت ترجمته في ج 24 ص 356.</p>ابن كثير: هو إسماعيل بن عمر:</p>تقدمت ترجمته في ج 7 ص 330.</p>ابن كثير: هو محمد بن إسماعيل:</p>تقدمت ترجمته في ج 4 ص 320.</p>ابن كنانة: هو عثمان بن عيسى:</p>تقدمت ترجمته في ج 11 ص 369.</p>ابن الماجشون: هو عبد الملك بن عبد العزيز:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 333.</p>ابن المبارك: هو عبد الله بن المبارك:</p>تقدمت ترجمته في ج 2 ص 402.</p>ابن مسعود: هو عبد الله بن مسعود:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 360.</p>ابن مفلح: هو محمد بن مفلح:</p>تقدمت ترجمته في ج 4 ص 321.</p>ابن المنذر: هو محمد بن إبراهيم:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 334.</p> </p>ابن المواز: هو محمد بن إبراهيم:</p>تقدمت ترجمته في ج 2 ص 402.</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٦٣)</span><hr/></div>ابن نجيم: هو زين الدين بن إبراهيم:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 334.</p>ابن نجيم: هو عمر بن إبراهيم:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 334.</p>ابن هبيرة: هو يحيى بن محمد:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 335.</p>ابن الهمام: هو محمد بن عبد الواحد:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 335.</p>ابن وهب: هو عبد الله بن وهب المالكي:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 335.</p>ابن يونس: هو أحمد بن يونس:</p>تقدمت ترجمته في ج 10 ص 315.</p>أبو إسحاق الأسفرايني: هو إبراهيم بن محمد:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 335.</p> </p>أبو إسحاق المروزي: هو إبراهيم بن أحمد:</p>تقدمت ترجمته في ج 2 ص 421.</p>أبو بكر الجصاص: هو أحمد بن علي:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 345.</p>أبو بكر الصديق:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 336.</p> </p>أبو ثور: هو إبراهيم بن خالد:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 336.</p> </p>‌<span class="title">‌أبو ثعلبة الخشني (؟ - 75 ه</span>ـ)</p>هو جرثوم بن ناشم، وقيل: جرثوم بن لاشر، وقيل جرثوم بن عمرو، وقيل غير ذلك ولا يكاد يعرف إلا بكنيته، روى عن النبي صلى الله عليه وسلم. وعن معاذ بن جبل وعن أبي عبيدة بن</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٦٤)</span><hr/></div>الجراح، وروى عنه أبو إدريس الخولاني وسعيد بن المسيب وعطاء بن يزيد الليثي وغيرهم. قال ابن الكلبي: أبو ثعلبة بايع رسول الله صلى الله عليه وسلم بيعة الرضوان وضرب له بسهم يوم خيبر، وأرسله رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى قومه فأسلموا. [الاستيعاب 4 / 1618، وتهذيب التهذيب 12 / 49، وأسد الغابة 6 / 44، والعبر1 / 85، والإصابة 11 / 54] .</p> </p>أبو حامد الأسفراييني: هو أحمد بن محمد:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 340.</p>‌<span class="title">‌أبو الحسن (244 - 324 ه</span>ـ)</p>هو عبد الله بن محمد بن زرقون، أبو الحسن، العسال، فقيه مالكي، قال القاضي السبتي: كان من أهل العلم والفقه على مذهب المدنيين بالقيروان، وقال الخراط: كان رجلا صالحا ثقة مأمونا فقيها خيرا، سمع من سهل القبرياني، وأبي داود العطار، وسمع منه أبو الحسن بن زياد، وأبو الأزهر بن نافذ. [ترتيب المدارك وتقريب المسالك 5 / 323] .</p> </p>أبو الحسن القابسي:</p>ر: ابن القابسي. (ص 361 من هذا الجزء) .</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٦٤)</span><hr/></div>أبو حميد الساعدي:</p>تقدمت ترجمته في ج 7 ص 331.</p>أبو حنيفة: هو النعمان بن ثابت:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 336.</p>أبو الخطاب: هو محفوظ بن أحمد:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 337.</p>أبو الدرداء: هو عويمر بن مالك:</p>تقدمت ترجمته في ج 3 ص 346.</p>أبو زيد الشافعي: هو محمد بن أحمد:</p>تقدمت ترجمته في ج 9 ص 286.</p>أبو سعيد الخدري: هو سعد بن مالك:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 337.</p> </p>أبو عبيدة بن الجراح:</p>تقدمت ترجمته في ج 2 ص 404.</p>‌<span class="title">‌أبو القاسم الصفار (؟ - 326، وقيل 336 ه</span>ـ)</p>هو أحمد بن عصمة، أبو القاسم الصفار البلخي، فقيه، محدث، تفقه على أبي جعفر الهندواني، وسمع منه الحديث، روى عنه أبو علي الحسن بن صديق بن الفتح. [الطبقات السنية 1 / 393، والجواهر المضية 2 / 263] .</p> </p>أبو قتادة: هو الحارث بن ربعي:</p>تقدمت ترجمته في ج 2 ص 404.</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٦٥)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌أبو مخلد </span>(؟ -؟)</p>هو عبد الملك (150 بن الشعشاع، أبو مخلد، تابعي، قال ابن حجر: مجهول، وذكره ابن حبان في الثقات. [التاريخ الكبير 3 / 1 / 419، ولسان الميزان 4 / 65، والثقات لابن حبان 5 / 119] .</p> </p>أبو مسعود البدري: هو عقبة بن عمرو:</p>تقدمت ترجمته في ج 3 ص 348.</p> </p>‌<span class="title">‌أبو مصعب - 242 ه</span>ـ)</p>هو أحمد بن أبي بكر القاسم بن الحارث بن زرارة بن مصعب، أبو مصعب، الزهري، المدني، القرشي، فقيه، لازم مالك بن أنس، وتفقه به، وسمع منه (الموطأ) وأتقنه عنه، وسمع من العطاف بن خاف، ويوسف بن الماجشون ومسلم بن خالد وغيرهم. حدث عنه البخاري ومسلم، وأبو داود، الترمذي وابن ماجه وغيرهم، وقال أبو إسحاق في طبقاته: كان أبو مصعب من أعلم أهل المدينة وقال أبو الحسن: أبو مصعب ثقة في (الموطأ) وقدمه على يحيى بن بكير. [سير أعلام النبلاء 11 / 436، وتهذيب التهذيب 1 / 20، وطبقات الحفاظ</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٦٥)</span><hr/></div>ص 209، والدبياج المذهب 30، وتذكرة الحفاظ 2 / 60] .</p> </p>أبو موسى الأشعري: هو عبد الله بن قيس:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 338.</p> </p>أبو هريرة: هو عبد الرحمن بن صخر:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 339.</p>أبو واقد الليثي: هو الحارث بن مالك:</p>تقدمت ترجمته في ج 5 ص 338.</p> </p>أبو يعلى: هو محمد بن الحسين:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 364.</p>أبو يوسف: هو يعقوب بن إبراهيم:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 339.</p>الآبي المالكي: هو محمد بن خليفة:</p>تقدمت ترجمته في ج 8 ص 280.</p>الأجهوري: هو علي بن محمد:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 339.</p>أحمد بن حنبل:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 339.</p>الأذرعي: هو أحمد بن حمدان:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 340.</p>أسامة بن زيد:</p>تقدمت ترجمته في ج 4 ص 324.</p>إسحاق بن راهويه:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 340.</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٦٦)</span><hr/></div>الإسنوي: هو عبد الرحيم بن الحسن:</p>تقدمت ترجمته في ج 3 ص 349.</p> </p>أشهب: هو أشهب بن عبد العزيز:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 341.</p> </p>أصبغ: هو أصبغ بن الفرخ:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 341.</p> </p>‌<span class="title">‌الأقفهسي: (؟ - 823 ه</span>ـ)</p>هو عبد الله بن مقداد، القاضي جمال الدين، الأقفهسي، فقيه مالكي مفتي، أخذ عن خليل وانتفع به وبغيره، وعنه الشيخ البساطي وعبد الرحمن البكر وعبادة غيرهم، انتهت إليه رياسة المذهب. ومن تصانيفه: " شرح على مختصر خليل "، و " شرح على الرسالة ". [شجرة النور الزكية ص 240] .</p> </p>الإمام أحمد: هو أحمد بن محمد:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 339.</p> </p>أنس بن مالك:</p>تقدمت ترجمته في ج 2 ص 402.</p> </p>الأوزاعي: هو عبد الرحمن بن عمرو:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 341.</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٦٦)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌ب</span></p>البابرتي: هو محمد بن محمد:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 342.</p> </p>الباجي: هو سليمان بن خلف:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 342.</p>الباقلاني: هو محمد بن الطيب:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 342.</p>البجيرمي: هو سليمان بن محمد:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 342.</p>البخاري: هو محمد بن إسماعيل:</p>تقدمت ترجمة في ج 1 ص 343.</p>البراء بن عازب:</p>تقدمت ترجمته في ج 6 ص 345.</p>البزدوي: هو علي بن محمد:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 343.</p>البلقيني: هو عمر بن رسلان:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 344.</p>البناني: هو محمد بن الحسن:</p>تقدمت ترجمته في ج 3 ص 352.</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٦٧)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌البهنسي (؟ - 987 ه</span>ـ)</p>هو محمد بن محمد بن البهنسي، الدمشقي، فقيه. من‌<span class="title">‌ ت</span>صانيفه:(شرح ملتقى الأبحر) في فروع الفقه الحنفي، وصل فيه إلى كتاب البيع. [معجم المؤلفين 11 / 201، وكشف الظنون 1814، وإيضاح المكنون 2 / 202] .</p> </p>البهوتي: هو منصور بن يونس:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 344.</p>البيجوري: هو إبراهيم بن محمد:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 344.</p>البيضاوي: هو عبد الله بن عمر:</p>تقدمت ترجمته في ج 10 ص 319.</p>البيهقي: هو أحمد بن الحسين:</p>تقدمت ترجمته في ج 2 ص 407.</p> </p>ت</p>الترمذي: هو محمد بن عيسى:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 344.</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٦٧)</span><hr/></div>تقي الدين: هو أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 326.</p>التمرتاشي: هو محمد بن صالح:</p>تقدمت ترجمته في ج 3 ص 352.</p>التهانوي: هو محمد بن علي:</p>تقدمت ترجمته في ج 2 ص 407.</p>‌<span class="title">‌ث</span></p>‌<span class="title">‌ثابت البناني (؟ - 127، وقيل 123 ه</span>ـ)</p>هو ثابت بن أسلم، أبو محمد، البناني، البصري، من تابعي أهل البصرة، روى عن أنس وابن الزبير وابن عمر وعبد الله بن مغفل، وروى عنه حميد الطويل وشعبة، وجرير بن حازم وحماد بن سلمة وحماد بن زيد ومعمر وغيرهم، قال السمعاني: كان من أعبد أهل البصرة، وقال العجلي: ثقة، رجل صالح، وقال ابن سعد: كان ثقة مأمونا. [تهذيب التهذيب2 / 402، والأنساب2 / 330] .</p> </p>الثوري: هو سفيان بن سعيد:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 345.</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٦٨)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌ج</span></p>جابر بن زيد:</p>تقدمت ترجمته في ج 2 ص 408.</p>جابر بن عبد الله:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 345.</p>الجرجاني: هو علي بن م‌<span class="title">‌ح</span>مد:</p>تقدمت ترجمته في ج 4 ص 326.</p> </p>الجصاص: هو أحمد بن علي:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 345.</p>الجويني: هو عبد الله بن يوسف:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 345.</p>ح</p>‌<span class="title">‌الحداد (؟ - 800ه</span>ـ)</p>هو أبو بكر بن علي بن محمد، الحداد،</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٦٨)</span><hr/></div>الزبيدي، فقيه حنفي يماني مشارك في بعض العلوم، قال الضمدي: له في مذهب أبي حنيفة مصنفات جليلة لم يصنف أحد من العلماء الحنفية باليمن مثلها كثرة وإفادة، تبلغ كتبه نحو 20 مجلدًا. من تصانيفه:" السراج الوهاج " في شرح مختصر القدوري، و " الجوهرة النيرة " في شرح مختصر القدوري أيضا، و " سراج الظلام " في شرح منظومة الهاملي. [البدر الطالع 1 / 166، والأعلام 2 / 42] .</p> </p>حذيفة بن اليمان:</p>تقدمت ترجمته في ج 2 ص 409.</p> </p>الحسن البصري: هو الحسن بن يسار:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 346.</p> </p>الحصكفي: هو محمد بن علي:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 347.</p> </p>الحطاب: هو محمد بن محمد بن عبد الرحمن:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 347.</p> </p>حماد بن أبي سليمان:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 348.</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٦٩)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌خ</span></p>الخ‌<span class="title">‌ر</span>شي: هو محم‌<span class="title">‌د </span>بن عبد الله:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 348.</p>الخرقي: هو عمر بن الحسين:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 348.</p> </p>الخطابي: هو حمد بن محمد:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 349.</p>خليل: هو خليل بن إسحاق:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 349.</p>د</p>الدردير: هو أحمد بن محمد:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 350.</p>الدسوقي: هو محمد بن أحمد الدسوقي:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 350.</p>ر</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٦٩)</span><hr/></div>الرا‌<span class="title">‌ز</span>ي: هو أحمد بن علي الجصاص:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 345.</p>رافع بن خديج:</p>تقدمت ترجمته في ج 3 ص 356.</p> </p>ربيعة الرأي: هو ربيعة بن فروخ:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 351.</p> </p>الرحيباني: هو مصطفى بن سعد:</p>تقدمت ترجمته في ج 2 ص 411.</p>الرملي: هو خير الدين الرملي:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 349.</p>الرملي الكبير: هو أحمد بن حمزة:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 352.</p> </p>ز</p>الزرقاني: هو عبد الباقي بن يوسف:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 352.</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٧٠)</span><hr/></div>الزركشي: هو محمد بن بهادر:</p>تقدمت ترجمته في ج 2 ص 412.</p> </p>زروق: هو أحمد بن أحمد:</p>تقدمت ترجمته في ج 17 ص 341.</p> </p>زفر: هو زفر بن الهذيل:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 353.</p> </p>زكريا الأنصاري: هو زكريا بن محمد الأنصاري:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 353.</p> </p>الزهري: هو محمد بن مسلم:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 353.</p> </p>زيد بن ثابت:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 353.</p> </p>‌<span class="title">‌الزيلعي (؟ - 743 ه</span>ـ)</p>هو عثمان بن علي بن محجن بن يونس، أبو عمر، فخر الدين، الزيلعي، فقيه حنفي، قدم القاهرة سنة 705 هـ فأفتى ودرس وتوفي فيها قال صاحب الجواهر المضية: قدم القاهرة فنشر الفقه وانتفع الناس به. من تصانيفه: " تبيين الحقائق في شرح كنز الدقائق " و " وشرح الجامع الكبير " للشيباني و " شرح المختار " للموصلي، و " بركة الكلام على أحاديث الأحكام ". [الجواهر المضية 1 / 345، ومعجم</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٧٠)</span><hr/></div>المؤلفين 6 / 363، وتاج التراجم ص 30، والأعلام 4 / 373، والفوائد البهية ص 115، والدرر الكامنة 2 / 446] .</p> </p>‌<span class="title">‌س</span></p>سالم بن عبد الله:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 353.</p> </p>السبكي: هو علي بن عبد الكافي:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 354.</p>سحنون: هو عبد السلام بن سعيد:</p>تقدمت ترجمته في ج 2 ص 412.</p>السرخسي: هو محمد بن محمد:</p>تقدمت ترجمته في ج 2 ص 413.</p> </p>سعد بن أبي وقاص:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 354.</p> </p>سعيد بن جبير:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 354.</p>سعيد بن المسيب:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 354</p>‌<span class="title">‌سلمان بن عامر الضبي </span>(؟ -؟)</p>هو سلمان بن عامر بن أوس بن حجر بن عمرو بن الحارث الضبي. روى عن النبي</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٧١)</span><hr/></div>صلى الله عليه وسلم، وروى عنه محمد بن سيرين وأخته بنت سيرين وعبد العزيز بن ب‌<span class="title">‌ش</span>ر بن كعب العدوي. قال البخاري له صحبة، وذكر أبو إسحاق الصريفيني: توفي سلمان في خلافة عثمان وفيه نظر. والصواب أنه تأخر إلى خلافة معاوية. [تهذيب التهذيب 4 / 137، والإصابة 2 / 62، وتهذيب الكمال 11 / 244، وأسد الغابة 2 / 327، والاستيعاب 2 / 633] .</p> </p>سلمة بن الأكوع:</p>تقدمت ترجمته في ج 6 ص 349.</p>سهل بن سعد الساعدي:</p>تقدمت ترجمته في ج 8 ص 283.</p> </p>سويد بن غفلة:</p>تقدمت ترجمته في ج 13 ص 313.</p>السيوطي: هو عبد الرحمن بن أبي بكر:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 355.</p>ش</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٧١)</span><hr/></div>الشاطبي: هو إبراهيم بن موسى:</p>تقدمت ترجمته في ج 2 ص 413.</p> </p>الشاطبي: هو القاسم بن مرة:</p>تقدمت ترجمته في ج 2 ص 413.</p> </p>الشافعي: هو محمد بن إدريس:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 355.</p> </p>الشبراملسي: هو علي بن علي:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 355.</p> </p>الشربيني الخطيب: هو محمد بن أحمد:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 356.</p> </p>الشرقاوي: هو عبد الله بن حجازي:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 356.</p> </p>الشرنبلالي: هو الحسن بن عمار:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 356.</p> </p>شريح: هو شريح بن الحارث:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 356.</p> </p>الشعبي: هو عامر بن شراحيل:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 356.</p> </p>الشوكاني: هو محمد بن علي:</p>تقدمت ترجمته في ج 2 ص 414.</p> </p>الشيخان:</p>تقدم بيان المراد بهذا اللفظ في ج 1ص357.</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٧٢)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌ص</span></p>صاحب البدائع: هو أبو بكر بن مسعود:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 366.</p>صاحب التعريفات: هو علي بن محمد:</p>تقدمت ترجمته في ج 4 ص 326.</p>صاحب دستور العلماء: هو محمد بن علي:</p>تقدمت ترجمته في ج 2 ص 407.</p>صاحب المغني: هو عبد الله بن أحمد:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 333.</p>صاحب الهداية: هو علي بن أبي بكر المرغيناني:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 371.</p>الصاحبان:</p>تقدم بيان المراد بهذا اللفظ في ج اص 357.</p> </p>الصاوي: هو أحمد بن محمد:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 357.</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٧٢)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌ض</span></p>الضحاك: هو الضحاك بن قيس:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 358.</p>الضحاك: هو الضحاك بن مخلد:</p>تقدمت ترجمته في ج 14 ص 290.</p>‌<span class="title">‌ط</span></p>طاوس بن كيسان:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 358.</p>الطحاوي: هو أحمد بن محمد:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 358.</p>الطحاوي: هو أحمد بن محمد:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 358.</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٧٣)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌ع</span></p>عائشة:</p>تقدمت ترجمتها في ج 1 ص 359.</p>عامر بن ربيعة:</p>تقدمت ترجمته في ج 4 ص 330.</p>عبد الله بن أحمد بن حنبل:</p>تقدمت ترجمته في ج 3 / 363.</p>‌<span class="title">‌عبد الله بن دينار (؟ - 127 ه</span>ـ)</p>هو عبد الله بن دينار، أبو عبد الرحمن، العدوي، المدني، مولى ابن عمر، روى عن ابن عمر وأنس وسليمان بن يسار وأبي صالح السمان وغيرهم، وروى عنه ابنه عبد الرحمن، ومالك وسليمان بن طويل وشعبة وسفيان الثوري وسفيان بن عيينة وغيرهم، قال الذهبي: أحد الثقات؛ وقال الحافظ أحمد بن علي الأصبهاني: أحاديثه نحو مئتي حديث. [سير أعلام النبلاء5 / 253، وتهذيب التهذيب / 201] .</p> </p>عبد الله عمرو:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 331.</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٧٣)</span><hr/></div>عثمان بن عفان:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 360.</p> </p>‌<span class="title">‌عدي بن حاتم (؟ - 67 ه</span>ـ)</p>هو عدي بن حاتم بن عبد الله بن سعد بن الحشرج، أبو وهب، الطائي، صاحب النبي صلى الله عليه وسلم، روى عن النبي صلى الله عليه وسلم، وعن عمر رضي الله عنه وروى عنه عبد الله بن معقل والشعبي وسعيد بن جبير ومصعب بن سعد وهشام بن الحارث وغيرهم، وحضر فتح المدائن وشهد مع علي الجمل وصفين والنهروان. [الاستيعاب ترجمة 1057، وتهذيب الأسماء واللغات 1 / 398. والإصابة 2 / 468 وتهذيب التهذيب 7 / 166، والطبقات الكبرى لابن سعد 6 / 22] .</p> </p>العدوي: هو علي بن أحمد المالكي:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 375.</p> </p>عز الدين بن عبد السلام: هو عبد العزيز بن عبد السلام:</p>تقدمت ترجمته في ج 2 ص 417.</p> </p>العزيزي: هو علي بن أحمد:</p>تقدمت ترجمته في ج 4 ص 331.</p>عطاء بن أسلم:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 360.</p>علي بن أبي طالب:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 361.</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٧٤)</span><hr/></div>عمر بن الخطاب:</p>تقدمت ترجمته‌<span class="title">‌ ف</span>ي ج 1 ص 362.</p>عمر بن عبد العزيز:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 362.</p>عمرو بن حزم:</p>تقدمت ترجمته في ج 14 ص 295.</p> </p>عمرو بن شعيب:</p>تقدمت ترجمته في ج 4 ص 332.</p>عمرو بن العاص:</p>تقدمت ترجمته في ج 6 ص 354.</p> </p>العيني: هو محمود بن أحمد:</p>تقدمت ترجمته في ج 2 ص 418.</p>‌<span class="title">‌غ</span></p>الغزالي: هو محمد بن محمد:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 363.</p>ف</p>الفيومي: هو أحمد بن محمد:</p>تقدمت ترجمته في ج 15 ص 316.</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٧٤)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌ق</span></p>قاسم: هو قاسم بن قطلوبغا -: ابن قطلوبغا:</p>(ص 361 من هذا الجزء) .</p>القاضي أبو الطيب: هو طاهر بن عبد الله:</p>تقدمت ترجمته في ج 6 ص 343.</p>القاضي أبو يعلى: هو محمد بن الحسين:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 364.</p>القاضي حسين: هو حسين بن محمد:</p>تقدمت ترجمته في ج 2 ص 419.</p> </p>قاضيخان: هو حسن بن منصور:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 365.</p> </p>قتادة بن دعامة:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 365.</p>القرافي: هو أحمد بن إدريس:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 365.</p>القرطبي: هو محمد بن أحمد:</p>تقدمت ترجمته في ج 2 ص 419.</p> </p>القليوبي: هو أحمد بن أحمد:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 366.</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٧٥)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌ك</span></p>ا‌<span class="title">‌ل</span>كاساني: هو أبو بكر بن مسعود:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 366.</p>ل</p>اللخمي: هو علي بن محمد:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 367.</p> </p>‌<span class="title">‌لقيط بن صبرة </span>(؟ -؟)</p>هو لقيط بن صبرة بن عبد الله بن المنتفق، أبو عاصم، العامري، صحابي، روى عن النبي صلى الله عليه وسلم، وروى عنه ابنه عاصم، وأخرج له أحمد بن حنبل والترمذي والنسائي وابن ماجه وابن حبان. قيل هو لقيط بن عامر ورجح ابن حجر في الإصابة: أنهما اثنان. [الإصابة3 / 329، وأسد الغابة 4 / 222، وتهذيب التهذيب 8 / 456] .</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٧٥)</span><hr/></div>الليث بن سعد:</p>تقد‌<span class="title">‌م</span>ت ترجمته في ج 1 ص 368.</p>م</p>مالك: هو مالك بن أنس:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 369.</p>الماوردي: هو علي بن محمد:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 369.</p> </p>المتولي: هو عبد الرحمن بن مأمون:</p>تقدمت ترجمته في ج 2 ص 420.</p>مجاهد بن جبر:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 369.</p> </p>مجد الدين بن تيمية: هو عبد السلام بن عبد الله:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 326.</p>المحلي: هو محمد بن أحمد:</p>تقدمت ترجمته في ج 2 ص 420.</p>محمد بن الحسن الشيباني:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 370.</p>محمد بن الفضل البخاري:</p>تقدمت ترجمته في ج 20 ص 349.</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٧٦)</span><hr/></div>المرداوي: هو علي بن سليمان:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 370.</p> </p>المرغيناني: هو علي بن أبي بكر:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 371.</p> </p>المزني: هو إسماعيل بن يحيى المزني:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 371.</p> </p>مسروق:</p>تقدمت ترجمته في ج 3 ص 367.</p> </p>مسلم: هو مسلم بن الحجاج:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 371.</p> </p>المسناوي: هو محمد بن أحمد:</p>تقدمت ترجمته في ج 3 ص 367.</p> </p>معاذ بن جبل:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 371.</p> </p>المقدسي: هو عبد الغني بن عبد الواحد:</p>تقدمت ترجمته في ج 14 ص 298.</p> </p>مكحول بن شهران:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 372.</p> </p>المنذري: هو عبد العظيم بن عبد القوي:</p>تقدمت ترجمته في ج 14 ص 298.</p> </p>المواق: هو محمد بن يوسف:</p>تقدمت ترجمته في ج 3 ص 368.</p> </p>الموصلي: هو عبد الله بن محمود:</p>تقدمت ترجمته في ج 2 ص 423.</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٧٦)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌ن</span></p>‌<span class="title">‌نبيشة الهذلي </span>(؟ -؟)</p>هو نبيشة الخير بن عبد الله بن عمرو بن عتاب بن الحارث بن نصير الهذلي، صحابي روى عن النبي صلى الله عليه وسلم، وروى عنه أبو المليح الهذلي وأم عاصم جدة أبي اليمان، له في صحيح مسلم حديث " أيام التشريق أيام أكل وشرب ". [تهذيب التهذيب10 / 417] .</p> </p>النخعي: هو إبراهيم النخعي:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 325.</p> </p>النعمان بن بشير:</p>تقدمت ترجمته في ج 5 ص 348.</p>النفراوي: هو عبد الله بن عبد الرحمن:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 325.</p> </p>النووي: هو يحيى بن شرف:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 373.</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٧٧)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌ي</span></p>‌<span class="title">‌يحيى القطان (120 - 198 ه</span>ـ)</p>هو يحيى بن سعيد بن فروخ، أبو سعيد، القطان التميمي، من حفاظ الحديث، ثقة حجة، من أقران مالك وشعبة، كان يفتي بقول أبي حنيفة، سمع يحيى بن سعيد الأنصاري والثوري وابن عيينة وأحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه وأبو بكر بن أبي</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٢٨</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٧٧)</span><hr/></div>شيبة وغيرهم، واتفقوا على إمامته وجلالته ووفور حفظه وعلمه وصلاحه، قال أحمد بن حنبل: ما رأيت مثل يحيى بن القطان في كل أحواله، وقال ابن منجويه: يحيى بن القطان من سادات أهل زمانه حفظا وورعا وفقها وفضلا ودينا وعلما وهو الذي مهد لأهل العراق رسم الحديث وأمعن في البحث عن الثقاة وترك الضعفاء وقال أبو زرعة: هو من الثقات الحفاظ. [سير أعلام النبلاء 9 / 175، وتهذيب الأسماء واللغات 2 / 154، وتذكرة الحفاظ 1 / 298، وشذرات الذهب1 / 355] .</div>
</div></body></html>