الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مُسْتَقِرَّةٌ، وَلَمْ يَجِدْ مَا يَذْبَحُ بِهِ، وَكَانَتْ مَعَهُ جَارِحَةٌ، وَجَبَ أَنْ يُرْسِلَهَا عَلَيْهِ حَتَّى تَقْتُلَهُ فَيَحِل أَكْلُهُ، وَفِي الرِّوَايَةِ الأُْخْرَى عَنْ أَحْمَدَ: أَنَّهُ لَا يَحِل مُطْلَقًا، وَقَال الْقَاضِي: يَحِل إِذَا مَاتَ مِنْ غَيْرِ ذَبْحٍ وَلَا إِرْسَال جَارِحَةٍ عَلَيْهِ (1) .
24 -
الشَّرْطُ الْخَامِسُ:
أَنْ لَا يَغِيبَ عَنِ الصَّائِدِ مُدَّةً طَوِيلَةً وَهُوَ قَاعِدٌ عَنْ طَلَبِهِ، فَإِنْ تَوَارَى الصَّيْدُ عَنْهُ، وَقَعَدَ عَنْ طَلَبِهِ لَمْ يُؤْكَل، أَمَّا إِذَا لَمْ يَتَوَارَ، أَوْ تَوَارَى وَلَمْ يَقْعُدْ عَنْ طَلَبِهِ أُكِل، وَهَذَا مَحَل اتِّفَاقٍ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ فِي الْجُمْلَةِ، وَإِنِ اخْتَلَفَتْ عِبَارَاتُهُمْ وَآرَاؤُهُمْ فِي بَعْضِ الْفُرُوعِ.
وَالْغَرَضُ مِنِ اشْتِرَاطِ هَذَا الشَّرْطِ هُوَ حُصُول التَّيَقُّنِ أَوِ الظَّنِّ، أَيِ الاِعْتِقَادِ الرَّاجِحِ، بِأَنَّ مَا وَجَدَهُ قَبْل الْغِيَابِ، أَوْ بَعْدَهُ مَعَ اسْتِمْرَارِ الطَّلَبِ هُوَ صَيْدُهُ، وَمَا أَرْسَلَهُ مِنَ السَّهْمِ أَوِ الْكَلْبِ أَوْ نَحْوِهِمَا مِنَ الآْلَةِ هُوَ الَّذِي أَصَابَهُ وَأَمَاتَهُ دُونَ غَيْرِهِ.
فَإِنْ شَكَّ فِي صَيْدِهِ، هَل هُوَ أَوْ غَيْرُهُ؟ أَوْ شَكَّ فِي الآْلَةِ الَّتِي أَرْسَلَهَا هَل هِيَ قَتَلَتْهُ؟ أَوْ غَيْرُهَا فَلَا يُؤْكَل (2) .
(1)) البدائع 5 / 51، وجواهر الإكليل 1 / 212، المجموع للنووي 9 / 114، مغني المحتاج 4 / 269، المغني لابن قدامة 8 / 547 - 548، كشاف القناع 6 / 216، حاشية ابن عابدين 5 / 302، الزيلعي 6 / 253، نهاية المحتاج 8 / 109، الشرح الكبير بحاشية الدسوقي 2 / 107.
(2)
حاشية ابن عابدين على الدر المختار 5 / 301، 302، نقلا عن الهداية والزيلعي، والقوانين الفقهية ص 182، 183، ونهاية المحتاج للرملي 8 / 117، وكشاف القناع عن متن الإقناع 6 / 220، 221.
وَقَدْ فَرَّعَ الْفُقَهَاءُ عَلَى هَذَا الشَّرْطِ فُرُوعًا، مِنْهَا:
25 -
أ - إِذَا غَابَ الصَّيْدُ بَعْدَ إِرْسَال السَّهْمِ أَوِ الْكَلْبِ عَلَيْهِ، ثُمَّ وَجَدَهُ مَيِّتًا وَفِيهِ جُرْحٌ آخَرُ غَيْرُ سَهْمِهِ، لَمْ يُؤْكَل بِاتِّفَاقِ الْفُقَهَاءِ، لأَِنَّهُ مَشْكُوكٌ فِيهِ هَل قُتِل بِسَهْمِهِ أَوْ بِسَهْمٍ آخَرَ، وَقَدْ وَرَدَ فِي حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّ رَجُلاً أَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَال: يَا رَسُول اللَّهِ أَفْتِنِي فِي قَوْسِي، قَال: مَا رَدَّ عَلَيْكَ سَهْمُكَ فَكُل. قَال: وَإِنْ تَغَيَّبَ عَلَيَّ؟ قَال: وَإِنْ تَغَيَّبَ عَلَيْكَ، مَا لَمْ تَجِدْ فِيهِ أَثَرَ سَهْمٍ غَيْرَ سَهْمِكَ (1) .
26 -
ب - إِنْ أَرْسَل سَهْمًا أَوْ كَلْبًا إِلَى الصَّيْدِ وَغَابَ عَنْهُ، فَقَعَدَ عَنْ طَلَبِهِ غَيْرَ مُتَحَامِلٍ عَلَى الْمَشْيِ (2) ، ثُمَّ وَجَدَهُ مَيِّتًا لَا يَحِل مَا لَمْ يَعْلَمْ جُرْحَهُ بِسَهْمِهِ يَقِينًا، كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْحَنَفِيَّةُ (3) .
وَلَمْ يَذْكُرِ الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ قَيْدَ الْقُعُودِ عَنِ الطَّلَبِ، فَقَدْ نَصَّ الشَّافِعِيَّةُ عَلَى أَنَّهُ:
(1) انظر المراجع السابقة.
(2)
التحامل على المشي هو أن يتكلفه على مشقة وإعياء (ابن عابدين 5 / 301) .
(3)
ابن عابدين 5 / 301، وانظر كشاف القناع 6 / 218. 128