الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَقَال الزَّيْلَعِيُّ: كُل مَا لَا يُتَغَذَّى بِهِ، وَلَا يُتَدَاوَى بِهِ عَادَةً، لَا يُوجِبُ الْكَفَّارَةَ (1) .
ثَانِيًا: قَضَاءُ الْوَطَرِ أَوِ الشَّهْوَةِ عَلَى وَجْهِ الْقُصُورِ:
وَذَلِكَ فِي الصُّوَرِ الآْتِيَةِ:
41 -
أ - تَعَمُّدُ إِنْزَال الْمَنِيِّ بِلَا جِمَاعٍ، وَذَلِكَ كَالاِسْتِمْنَاءِ بِالْكَفِّ أَوْ بِالتَّبْطِينِ وَالتَّفْخِيذِ، أَوْ بِاللَّمْسِ وَالتَّقْبِيل وَنَحْوِهِمَا فَإِنَّهُ يُوجِبُ الْقَضَاءَ دُونَ الْكَفَّارَةِ عِنْدَ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ - الْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ - وَعِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ يُوجِبُ الْقَضَاءَ وَالْكَفَّارَةَ مَعًا (2) .
ب - الإِْنْزَال بِوَطْءِ مَيِّتَةٍ أَوْ بَهِيمَةٍ، أَوْ صَغِيرَةٍ لَا تُشْتَهَى:
42 -
وَهُوَ يُفْسِدُ الصَّوْمَ، لأَِنَّ فِيهِ قَضَاءَ إِحْدَى الشَّهْوَتَيْنِ، وَأَنَّهُ يُنَافِي الصَّوْمَ، وَلَا يُوجِبُ الْكَفَّارَةَ، لِتَمَكُّنِ النُّقْصَانِ فِي قَضَاءِ الشَّهْوَةِ، فَلَيْسَ بِجِمَاعٍ (3) خِلَافًا لِلْحَنَابِلَةِ، فَإِنَّهُ لَا فَرْقَ عِنْدَهُمْ بَيْنَ كَوْنِ الْمَوْطُوءَةِ كَبِيرَةً أَوْ صَغِيرَةً، وَلَا بَيْنَ الْعَمْدِ وَالسَّهْوِ، وَلَا بَيْنَ
(1) تبيين الحقائق 1 / 326.
(2)
شرح ابن القاسم على متن الغزي، مع حاشية البيجوري عليه 1 / 303، والمغني بالشرح الكبير 3 / 48، والدر المختار 2 / 104، وروضة الطالبين 2 / 361، وكشاف القناع 2 / 325، 326، والقوانين الفقهية (81) ، والشرح الكبير مع حاشية الدسوقي عليه 1 / 529، ومراقي الفلاح 369 و 370، وشرح المحلي على المنهاج 2 / 58.
(3)
الاختيار 1 / 131 و 132، وحاشية القليوبي 2 / 58.
الْجَهْل وَالْخَطَأِ، وَفِي كُل ذَلِكَ الْقَضَاءُ وَالْكَفَّارَةُ، لإِِطْلَاقِ حَدِيثِ الأَْعْرَابِيِّ (1) ، وَالْمَالِكِيَّةُ يُوجِبُونَ فِي ذَلِكَ الْكَفَّارَةَ، لِتَعَمُّدِ إِخْرَاجِ الْمَنِيِّ (2) .
ج - الْمُسَاحَقَةُ بَيْنَ الْمَرْأَتَيْنِ إِذَا أَنْزَلَتْ:
43 -
عَمَل الْمَرْأَتَيْنِ، كَعَمَل الرِّجَال، جِمَاعٌ فِيمَا دُونَ الْفَرْجِ، وَلَا قَضَاءَ عَلَى وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا، إِلَاّ إِذَا أَنْزَلَتْ، وَلَا كَفَّارَةَ مَعَ الإِْنْزَال، وَهَذَا عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَهُوَ وَجْهٌ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ، وَعَلَّلَهُ الْحَنَابِلَةُ بِأَنَّهُ لَا نَصَّ فِي الْكَفَّارَةِ، وَلَا يَصِحُّ قِيَاسُهُ عَلَى الْجِمَاعِ.
قَال ابْنُ قُدَامَةَ: وَأَصَحُّ الْوَجْهَيْنِ أَنَّهُمَا لَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِمَا، لأَِنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِمَنْصُوصٍ عَلَيْهِ، وَلَا فِي مَعْنَى الْمَنْصُوصِ عَلَيْهِ، فَيَبْقَى عَلَى الأَْصْل (3) .
د - الإِْنْزَال بِالْفِكْرِ وَالنَّظَرِ:
44 -
إِنْزَال الْمَنِيِّ بِالنَّظَرِ أَوِ الْفِكْرِ، فِيهِ التَّفْصِيل الآْتِي: - مَذْهَبُ الْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ إِلَاّ قَلِيلاً مِنْهُمْ أَنَّ الإِْنْزَال بِالْفِكْرِ - وَإِنْ طَال - وَبِالنَّظَرِ بِشَهْوَةٍ، وَلَوْ إِلَى فَرْجِ الْمَرْأَةِ مِرَارًا،
(1) المغني 3 / 57، وكشاف القناع 2 / 324.
(2)
جواهر الإكليل 1 / 150.
(3)
مراقي الفلاح ص 364، ورد المحتار 2 / 100، وكشاف القناع 2 / 326، والمغني 3 / 59.
لَا يُفْسِدُ الصَّوْمَ، وَإِنْ عَلِمَ أَنَّهُ يُنْزِل بِهِ، لأَِنَّهُ إِنْزَالٌ مِنْ غَيْرِ مُبَاشَرَةٍ، فَأَشْبَهَ الاِحْتِلَامَ. قَال الْقَلْيُوبِيُّ: النَّظَرُ وَالْفِكْرُ الْمُحَرِّكُ لِلشَّهْوَةِ، كَالْقُبْلَةِ، فَيَحْرُمُ وَإِنْ لَمْ يُفْطِرْ بِهِ (1) .
وَمَذْهَبُ الْمَالِكِيَّةِ أَنَّهُ إِنْ أَمْنَى بِمُجَرَّدِ الْفِكْرِ أَوِ النَّظَرِ، مِنْ غَيْرِ اسْتِدَامَةٍ لَهُمَا، يَفْسُدُ صَوْمُهُ وَيَجِبُ الْقَضَاءُ دُونَ الْكَفَّارَةِ.
وَإِنِ اسْتَدَامَهُمَا حَتَّى أَنْزَل فَإِنْ كَانَتْ عَادَتُهُ الإِْنْزَال بِهِمَا عِنْدَ الاِسْتِدَامَةِ، فَالْكَفَّارَةُ قَطْعًا، وَإِنْ كَانَتْ عَادَتُهُ عَدَمَ الإِْنْزَال بِهِمَا عِنْدَ الاِسْتِدَامَةِ، فَخَالَفَ عَادَتَهُ وَأَمْنَى، فَقَوْلَانِ فِي لُزُومِ الْكَفَّارَةِ، وَاخْتَارَ اللَّخْمِيُّ عَدَمَ اللُّزُومِ.
وَلَوْ أَمْنَى فِي أَدَاءِ رَمَضَانَ بِتَعَمُّدِ نَظْرَةٍ وَاحِدَةٍ يَفْسُدُ صَوْمُهُ وَيَجِبُ الْقَضَاءُ، وَفِي وُجُوبِ الْكَفَّارَةِ وَعَدَمِهِ تَأْوِيلَانِ، مَحَلُّهُمَا إِذَا كَانَتْ عَادَتُهُ الإِْنْزَال بِمُجَرَّدِ النَّظَرِ، وَإِلَاّ فَلَا كَفَّارَةَ اتِّفَاقًا (2) .
وَقَال الأَْذْرَعِيُّ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ، وَتَبِعَهُ شَيْخُ الْقَلْيُوبِيِّ، وَالرَّمْلِيُّ: يُفْطِرُ إِذَا عَلِمَ الإِْنْزَال
(1) حاشية القليوبي 2 / 59، وانظر الدر المختار 2 / 98، والإقناع للشربيني الخطيب 2 / 331.
(2)
الشرح الكبير للدردير وحاشية الدسوقي عليه 1 / 529، وجواهر الإكليل 1 / 150، والقوانين الفقهية ص 81، وانظر منح الجليل 1 / 402، 403.
بِالْفِكْرِ وَالنَّظَرِ، وَإِنْ لَمْ يُكَرِّرْهُ (1) .
وَمَذْهَبُ الْحَنَابِلَةِ التَّفْرِقَةُ بَيْنَ النَّظَرِ وَبَيْنَ الْفِكْرِ، فَفِي النَّظَرِ إِذَا أَمْنَى يَفْسُدُ الصَّوْمُ، لأَِنَّهُ أَنْزَل بِفِعْلٍ يَتَلَذَّذُ بِهِ، وَيُمْكِنُ التَّحَرُّزُ مِنْهُ، فَأَفْسَدَ الصَّوْمَ، كَالإِْنْزَال بِاللَّمْسِ، وَالْفِكْرُ لَا يُمْكِنُ التَّحَرُّزُ مِنْهُ، بِخِلَافِ النَّظَرِ.
وَلَوْ أَمْذَى بِتَكْرَارِ النَّظَرِ، فَظَاهِرُ كَلَامِ أَحْمَدَ لَا يُفْطِرُ بِهِ، لأَِنَّهُ لَا نَصَّ فِي الْفِطْرِ بِهِ، وَلَا يُمْكِنُ قِيَاسُهُ عَلَى إِنْزَال الْمَنِيِّ، لِمُخَالَفَتِهِ إِيَّاهُ فِي الأَْحْكَامِ، فَيَبْقَى عَلَى الأَْصْل (2) .
وَإِذَا لَمْ يُكَرِّرِ النَّظَرَ لَا يُفْطِرُ، سَوَاءٌ أَمْنَى أَوْ أَمْذَى، وَهُوَ الْمَذْهَبُ، لِعَدَمِ إِمْكَانِ التَّحَرُّزِ، وَنَصَّ أَحْمَدُ: يُفْطِرُ بِالْمَنِيِّ لَا بِالْمَذْيِ (3) .
أَمَّا الْفِكْرُ، فَإِنَّ الإِْنْزَال بِهِ لَا يُفْسِدُ الصَّوْمَ. وَاخْتَارَ ابْنُ عَقِيلٍ: الإِْفْسَادَ بِهِ، لأَِنَّ الْفِكْرَ يَدْخُل تَحْتَ الاِخْتِيَارِ، لَكِنَّ جُمْهُورَهُمُ اسْتَدَلُّوا بِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه: إِنَّ اللَّهَ تَجَاوَزَ لأُِمَّتِي عَمَّا وَسْوَسَتْ أَوْ حَدَّثَتْ بِهِ أَنْفُسَهَا، مَا لَمْ تَعْمَل بِهِ أَوْ تَكَلَّمْ (4) وَلأَِنَّهُ لَا نَصَّ فِي الْفِطْرِ بِهِ وَلَا
(1) حاشية القليوبي على شرح المحلي على المنهاج 2 / 59.
(2)
المغني 3 / 49، وانظر أيضا: الروض المربع 1 / 140.
(3)
الإنصاف 3 / 302.
(4)
حديث أبي هريرة " إن الله تجاوز لأمتي. . . ". أخرجه البخاري (الفتح 11 / 549) ومسلم (1 / 117) واللفظ للبخاري.