الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَأَفْرَدُوا لَهَا أَحْكَامًا كُلَّمَا عَرَضَتْ فِي الصَّوْمِ، كَالْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ وَالإِْغْمَاءِ وَالْجُنُونِ وَالسُّكْرِ وَالنَّوْمِ وَالرِّدَّةِ وَالْغَفْلَةِ.
وَأَحْكَامُهُمَا تُنْظَرُ فِي مُصْطَلَحَاتِهَا.
مَا يُفْسِدُ الصَّوْمَ وَيُوجِبُ الْقَضَاءَ وَالْكَفَّارَةَ:
أَوَّلاً: الْجِمَاعُ عَمْدًا:
68 -
ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِلَى أَنَّ جِمَاعَ الصَّائِمِ فِي نَهَارِ رَمَضَانَ عَامِدًا مُخْتَارًا بِأَنْ يَلْتَقِيَ الْخِتَانَانِ وَتَغِيبَ الْحَشَفَةُ فِي أَحَدِ السَّبِيلَيْنِ - مُفْطِرٌ يُوجِبُ الْقَضَاءَ وَالْكَفَّارَةَ، أَنْزَل أَوْ لَمْ يُنْزِل.
وَفِي قَوْلٍ ثَانٍ لِلشَّافِعِيَّةِ لَا يَجِبُ الْقَضَاءُ، لأَِنَّ الْخَلَل انْجَبَرَ بِالْكَفَّارَةِ. وَفِي قَوْلٍ ثَالِثٍ لَهُمْ: إِنْ كَفَّرَ بِالصَّوْمِ دَخَل فِيهِ الْقَضَاءُ، وَإِلَاّ فَلَا يَدْخُل فَيَجِبُ الْقَضَاءُ.
وَعِنْدَ الْحَنَابِلَةِ: إِذَا جَامَعَ فِي نَهَارِ رَمَضَانَ - بِلَا عُذْرٍ - آدَمِيًّا أَوْ غَيْرَهُ حَيًّا أَوْ مَيِّتًا أَنْزَل أَمْ لَا فَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ وَالْكَفَّارَةُ، عَامِدًا كَانَ أَوْ سَاهِيًا، أَوْ جَاهِلاً أَوْ مُخْطِئًا، مُخْتَارًا أَوْ مُكْرَهًا (1)، وَهَذَا لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ قَال: بَيْنَمَا نَحْنُ جُلُوسٌ عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إِذْ جَاءَهُ رَجُلٌ، فَقَال: يَا رَسُول اللَّهِ، هَلَكْتُ، قَال: مَا لَكَ؟ قَال: وَقَعْتُ عَلَى امْرَأَتِي وَأَنَا صَائِمٌ، فَقَال رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم هَل
(1) كشاف القناع 2 / 324، والمغني مع الشرح الكبير 3 / 54.
تَجِدُ رَقَبَةً تُعْتِقُهَا؟ قَال: لَا. قَال: فَهَل تَسْتَطِيعُ أَنْ تَصُومَ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ؟ قَال: لَا. قَال: فَهَل تَجِدُ إِطْعَامَ سِتِّينَ مِسْكِينًا؟ قَال: لَا. قَال: فَمَكَثَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَبَيْنَا نَحْنُ عَلَى ذَلِكَ، أُتِيَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِعَرَقٍ فِيهَا تَمْرٌ (1)، قَال: أَيْنَ السَّائِل؟ فَقَال: أَنَا، قَال: خُذْ هَذَا فَتَصَدَّقْ بِهِ، فَقَال الرَّجُل: عَلَى أَفْقَرَ مِنِّي يَا رَسُول اللَّهِ، فَوَاللَّهِ مَا بَيْنَ لَابَتَيْهَا - يُرِيدُ الْحَرَّتَيْنِ - أَهْل بَيْتٍ أَفْقَرُ مِنْ أَهْل بَيْتِي، فَضَحِكَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم حَتَّى بَدَتْ أَنْيَابُهُ، ثُمَّ قَال: أَطْعِمْهُ أَهْلَكَ (2) .
وَلَا خِلَافَ فِي فَسَادِ صَوْمِ الْمَرْأَةِ بِالْجِمَاعِ لأَِنَّهُ نَوْعٌ مِنَ الْمُفْطِرَاتِ، فَاسْتَوَى فِيهِ الرَّجُل وَالْمَرْأَةُ. وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي وُجُوبِ الْكَفَّارَةِ عَلَيْهَا:
فَمَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِكٍ وَقَوْلٌ لِلشَّافِعِيِّ، وَرِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ وَهِيَ الْمَذْهَبُ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ، وُجُوبُ الْكَفَّارَةِ عَلَيْهَا أَيْضًا، لأَِنَّهَا هَتَكَتْ صَوْمَ رَمَضَانَ بِالْجِمَاعِ فَوَجَبَتْ عَلَيْهَا كَالرَّجُل.
وَعَلَّل الْحَنَفِيَّةُ وُجُوبَهَا عَلَيْهَا، بِأَنَّ السَّبَبَ فِي ذَلِكَ هُوَ جِنَايَةُ الإِْفْسَادِ، لَا نَفْسُ الْوِقَاعِ،
(1) العرق: المكتل.
(2)
حديث أبي هريرة: " بينما نحن جلوس عند النبي صلى الله عليه وسلم. . . ". أخرجه البخاري (الفتح 4 / 163) ومسلم (2 / 781 - 782) والسياق للبخاري.