الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفقيه عيسى وابن القَيْسرانيّ وضعا عليها من نهبها واستبدّا [1] بأكثرها.
وقيل رُدَّت كلّها إلى صلاح الدّين. وكان معها خمسة أحمال مال [2] .
[مهادنة الصالح إِسْمَاعِيل للفرنج]
وتحرّكت الفرنج بالسّواحل، وكان بدمشق الملك الصّالح إِسْمَاعِيل ابن السّلطان نور الدّين، صبيّ عمره عشر سنين أو أكثر، فاستنجد بصلاح الدّين صاحب مصر. وبلغ صلاحَ الدّين نزولُ الملاعين عَلَى بانياس، فصَالحهم الأمراء وأهل دمشق، وهادنوهم عَلَى مالٍ وأَسارَى يُطْلَقُون. فكتب إلى جماعة يوبّخهم، فكتب إلى الشَّيْخ شرف الدّين بْن أَبِي عصرون يخبره أَنَّهُ لمّا أتاه كتاب الملك الصّالح تجهّز للجهاد وخرج، وسار أربع مراحل، فجاءه الخبر بالهدنة المؤْذِنة بذُلّ الْإِسْلَام، من رفْع القطيعة، وإطلاق الأَسارَى، وسيّدنا المسيح أوّل من جرّد لسانه الَّذِي تُغمد لَهُ السّيوف وتُجَرّد. وكتب فِي ذي الحجَّة من السّنة [3] .
مصرع الّذين سَعَوْا فِي إعادة دولة بني عُبَيْد
كانت دولة العاضد وذُرّيّته لذيذة لأُناس، وهم يتقلَّبون فِي نعيمها، فأُخِّروا وأُبْعِدوا. فذكر جمال الدّين بْن واصل [4] ، وغيره، أنّ فِي سنة تسعٍ وستّين، أراد جماعةٌ من شيعة العُبَيْديّين ومُحِبّيهم إقامةَ الدّعوة، وردَّها إلى العاضد، فكان منهم عُمارةُ اليَمنيّ، وعبدُ الصَّمَد الكاتب، والقاضي هبة الله ابن كامل، وداعي الدّعاة ابن عَبْد القَوِيّ، وغيرهم من الْجُنْد والأَعيان والحاشية، ووافقهم عَلَى ذَلِكَ جماعةٌ من أمراء صلاح الدّين، وعيّنوا الخليفة والوزير، وتقاسموا الدُّور، واتّفق رأيُهم عَلَى استدعاء الفرنج من صَقَلِّية والشّام يقصدون مصر، ليَشْغَلوا صلاح الدّين بهم، ويحلو لهم الوقْت، ليتمّ أمرُهُم ومكرهم.
[1] في الأصل: «وضعوا عليهم من نهبهم واستبدّوا» .
[2]
في الروضتين ج 1 ق 2/ 559: «كان معها عشرة صناديق مالا لم يعلم مقداره» ، البداية والنهاية 12/ 274.
[3]
الكامل 11/ 408.
[4]
في مفرّج الكروب 1/ 229 و 2/ 16، 17.
وقال لهم عُمارة اليمنيّ: أَنَا قد أبعدت أخاه توران شاه إلى اليمن خوفا من أن يسدّ مَسَدَّه، وقرّروا الأمور، وكاد أمرهم أن يتمّ، وأبى اللَّهُ إلّا أن يُتِمّ نورَه، فأدخلوا فِي الشُّورَى الواعظ زين الدّين عليّ بْن نجا، فأظهر لهم أَنَّهُ معهم، ثمّ جاء إلى صلاح الدّين، فأخبره، وطلب من صلاح الدّين ما لابن كامل من الحواصل والعقار، فبذل لَهُ، وأمره بمخالطتهم، وتعريف شأنهم، فصار يُعْلِمُه بكلّ مُتَجَدَّد. فجاء رسول ملك الفرنج بالسّاحل إلى صلاح الدّين بهديَّةٍ، ورسالة، وفي الباطن إليهم. وأتى الخبر إلى صلاح الدّين من أرض الفرنج بَجليَّة الحال، فوضع صلاح الدّين عَلَى الرَّسُول بعضَ من يثق إِلَيْهِ من النّصارى، فداخَل الرَّسُولَ، فأخبره بحقيقة الأمر.
وقيل إنّ عَبْد الصّمد الكاتب كَانَ يلقى القاضي الفاضل [1] بخضوعٍ زائد، فلقِيَه يوما، فلم يلتفت إِلَيْهِ، فقال القاضي الفاضل: ما هذا إلّا لسبب، فأحضر ابن نجا الواعظ، فأخبره الحال، وطلب منه كشف الأمر، فأخبره بأمرهم، فبعثه إلى صلاح الدّين، فأوضح لَهُ الأمر، فطلب صلاح الدّين الجماعة، وقرَّرهم فأقرّوا، وكان بين عُمارة وبين الفاضل عداوة، فلمّا أراد صلاح الدّين صلْبَه، تقدَّم الفاضل وشفع فِيهِ، فظنّ عُمارة أَنَّهُ يحثّه عَلَى هلاكه، فنادى: يا مولانا لا تسمع منه فِي حقّي. فغضب القاضي الفاضل وخرج. فقال صلاح الدّين: إنّما كَانَ يشفع فيك. فندِم، وأُخرج ليُصْلَب، فطلب أن يمرّوا بِهِ عَلَى مجلس القاضي الفاضل، فاجتازوا بِهِ عَلَيْهِ، فأغلق بابه، فقال عُمارة:
عَبْدُ الرّحيم قد احتجبْ
…
إنّ الخلاصَ من [2] الْعَجَبْ
ثمّ صُلِبَ هُوَ والجماعة بين القصرين، وذلك فِي ثاني رمضان، وأفنى بعد ذَلِكَ من بقي منهم [3] .
[1] هو القاضي محيي الدين عبد الرحيم بن علي بن حسن الفاضل البيساني ثم المصري.
[2]
في الكامل 11/ 400، «هو» ، ومثله في الروضتين ج 1 ق 2/ 569.
[3]
الكامل 11/ 398- 400، الروضتين ج 1 ق 2/ 560- 565، سنا البرق الشامي 1/ 147- 149، مسالك الأبصار (مخطوط) 27/ 31 أ، ب، المختصر في أخبار البشر 3/ 54، نهاية الأرب 28/ 367، 368، مرآة الزمان 8/ 299، 300، البداية والنهاية