الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
246-
سُلَيْمَان بْن عليّ بْن عَبْد الرَّحْمَن.
أَبُو تميم الفُراتيّ، الرّحبيّ، المقرئ، الخبّاز.
سَمِعَ: عَبْد الرَّحْمَن بْن الْحُسَيْن بْن مُحَمَّد الحِنّائيّ.
وروى عَنْهُ: ابنا صَصْرَى، وعبد الرَّحْمَن بْن عُمَر النّسّاخ، وآخرون.
مات رحمه اللَّه تعالى فِي ربيع الأوّل.
نقلت وفاته من خطّ أَبِي عَبْد اللَّه البرْزاليّ.
-
حرف العين
-
247-
عاشر بْن مُحَمَّد بْن عاشر بْن خَلَف [1] .
أَبُو مُحَمَّد الْأَنْصَارِيّ، الشّاطِبيّ.
سَمِعَ من: أَبِي عَلِيّ بْن سُكَّرَة، وأبي جَعْفَر بْن جحدر، وأبي عامر بْن حبيب، وأبي عمران بْن أَبِي تُلَيْد، وأبي بحر الأَسَديّ.
وتفقَّه بأبي مُحَمَّد بْن أَبِي جعفر.
وأخذ القراءات بقُرطُبة عَنْ أَبِي الْعَبَّاس بْن ذرّوه.
وأخذ بعض الروايات عَنْ أبي القاسم بن النّحّاس، وتُوُفّي الشَّيْخ.
وسمع من: ابن عتّاب. وأجاز لَهُ أَبُو عَبْد اللَّه الخَوْلانيّ، وجماعة.
وعُنِي بالفقه، وشُهِر بالحِفْظ. وولي خطَّة الشُّورَى ببَلَنْسِيَة، ثمّ قضاء مُرْسِيَة، فحُمِدت سِيرته، ونال دنيا وحشْمة. ثمّ صُرِف عند زوال دولة الملثَّمين.
وانتهت إليه رئاسة الفتوى.
[ () ] ملازما إقراءه وتعليمه، فاضلا متواضعا، والمسجد الّذي كان يؤمّ به في صلاة الفريضة ويقرأ فيه القرآن لم يزل يعرف بمسجد أبي الربيع إلى أن تغلّب الروم على أندة سنة أربعين وستمائة أو نحوها، مولده سنة ثمان وخمسمائة.
[1]
انظر عن (عاشر بن محمد) في: الأعلام 4/ 10، 11، ومعجم المؤلفين 5/ 51.
روى عَنْهُ: أَبُو الْخَطَّاب بْن واجب، وأبو عَبْد اللَّه بْن سعادة، وابن أخته أَبُو مُحَمَّد بْن غلْبُون، وأبو عَبْد اللَّه الأَنْدَرشيّ.
وله مصنَّفات نافعة.
مات فِي نصف شعبان بعد أن كُفّ بَصَرُه وله ثلاثٌ وخمسون سنة.
248-
عَبْد اللَّه بْن أحمد بْن أحمد بْن أحمد بْن عَبْد اللَّه بْن نصر [1] .
العلّامة أَبُو مُحَمَّد بْن الخشّاب، النَّحْويّ.
شيخ بغداد ونحْويّ البلاد، يقال إنّه بلغ فِي النَّحْو درجة أَبِي عَلِيّ الفارسيّ. وكانت لَهُ معرفة تامَّة بالحديث، واللّغة، والهندسة، والفلسفة، وغير ذَلِكَ.
أخذ عَنْ: أَبِي منصور بْن الجواليقيّ، وأبي بَكْر بْن جوامرد القطّان النّحويّ، وعليّ بن أبي زيد الفصيحيّ، وأبي السّعادات هبة الله بن الشّجريّ، والحسن بن عليّ المحوّليّ اللّغويّ، حتّى أحكم العربيّة.
[1] انظر عن (عبد الله بن أحمد بن أحمد) في: المنتظم 10/ 238، 239 رقم 337 (18/ 198 رقم 4291) ، ومعجم الأدباء 12/ 47- 53 رقم 20، وخريدة القصر (قسم شعراء العراق) 1/ 98، والكامل في التاريخ 11/ 375، 376، وإنباه الرواة 2/ 99- 103، رقم 314، ومرآة الزمان 8/ 288، 289، ووفيات الأعيان 3/ 102- 104، والمختصر في أخبار البشر 3/ 52، والمختصر المحتاج إليه 2/ 127- 129 رقم 755، والعبر 4/ 196، 197، والمعين في طبقات المحدّثين 171 رقم 1838، والإعلام بوفيات الأعلام 234، وسير أعلام النبلاء 20/ 523- 528 رقم 337، وتلخيص ابن مكتوم 88، 89، والمستفاد من ذيل تاريخ بغداد 134- 136، وتاريخ ابن الوردي 2/ 124، ومسالك الأبصار ج 4 مجلّد 2/ 311- 316، ومرآة الجنان 3/ 381، 382، وفوات الوفيات 2/ 156، والبداية والنهاية 12/ 269، والوافي بالوفيات 17/ 14- 16 رقم 11، والذيل على طبقات الحنابلة 1/ 316- 323 رقم 145، وتاريخ ابن الفرات 4/ 189- 206، وطبقات النحاة لابن قاضي شهبة 2/ 17- 20، والنجوم الزاهرة 6/ 65، وتاريخ الخلفاء 448، وبغية الوعاة 2/ 29- 31 رقم 1353، وكشف الظنون 108، 602، 604، 741، 1536، 1563، 1791، 1795، 1804، 1894، 1973، وشذرات الذهب 4/ 220- 222، والفلاكة والمفلوكون 78، 79، وهدية العارفين 1/ 456، وروضات الجنات 451، 452، ومعجم المطبوعات 93، وتاريخ الأدب العربيّ 5/ 167- 169، وفهرست الخديوية 4/ 255، وفهرس المخطوطات المصورة 1/ 424، ومعجم المؤلفين 6/ 20.
وكان مولده سنة اثنتين وتسعين وأربعمائة.
وسمع من: أبي القاسم الرّبعيّ، وأبي الغنائم النّرسيّ، وأبي زكريّا بن مَنْدَهْ، وغيرهم.
ثمّ طلب بنفسه، وقرأ الكثير.
وسمع من: أبي عبد الله البارع، وابن الحصين، وابن كادش، وأبي غالب بن البنّاء.
وقرأ العالي والنّازل إلى أن قرأ عَلَى أقرانه. وكان لَهُ كُتُب كثيرة إلى الغاية [1] . وروى الكثير، وتخرَّج بِهِ خلْقٌ فِي النَّحْو.
وحدَّث عَنْهُ: أَبُو سعد السَّمْعانيّ، وذكره فِي تاريخه فقال: شابّ كامل، فاضل، لَهُ معرفة تامَّة بالأدب، واللّغة، والنَّحْو، والحديث، يقرأ الحديث قراءة حسنة، صحيحة، سريعة، مفهومة.
سَمِعَ الكثير بنفسه، وجمع الأُصول الحِسان من أيّ وجهٍ، وكان يضنّ بها.
سَمِعْتُ بقراءته من أَبِي بَكْر مُحَمَّد بْن عَبْد الباقي، وابن السَّمَرْقَنْدِيّ، وسمعت لقراءته مجلّداتٍ من «طبقات» ابن سعد. وكان يُديم القراءة طول النّهار من غير فُتُور.
قلت: كَانَ عمره إذ ذاك أربعين سنة.
قَالَ: وسمعت أَبَا شجاع عُمَر البِسْطاميّ يقول: لمّا دخلت بغداد قرأ عليّ ابن الخشّاب «غريب الحديث» لأبي مُحَمَّد القُتَيْبِيّ قراءة ما سَمِعْتُ قبلَها مثلها فِي الصّحة والسُّرْعة. وحضر جماعةٌ من الفُضَلاء، وكانوا يريدون أن يأخذوا عَلَيْهِ فلْتَةَ لسانٍ فما قَدَرُوا.
[1] قَالَ سبط ابن الجوزي: وكان مغرى بشراء الكتب، وحضر يوما سوق الكتبيين فنودي على كتاب بخمسمائة دينار ولم يكن عنده شيء فاشتراه وقال: أخّروني ثلاثة أيام، ومضى، فنادى، فبلغت خمسمائة دينار، فقبض صاحبها وباعه بخمسمائة دينار، فوفاه من ثمن الكتب وبقيت الدار له بعشرين دينار وقيل بغير شيء.
قَالَ ابن السَّمعانيّ: كتبت عَنْهُ جزءا رَوَاهُ عَنِ الرَّبَعيّ، وسألته عَنْ مولده فقال: أظنّ أنّه في سنة اثنتين وتسعين وأربعمائة.
وقال ابن النّجّار إنّه أخذ الحساب والهندسة عن: أَبِي بَكْر مُحَمَّد بْن عَبْد الباقي الْأَنْصَارِيّ. وأخذ الفرائض عَنْ أَبِي بَكْر المَزْرَفيّ [1] . وكان ثقة.
ولم يكن فِي دينه بذاك.
قلت: روى عَنْهُ أيضا: أَبُو اليُمْن الكِنْديّ، والحافظ عَبْد الغنيّ، وعبد العزيز بْن الأخضر، وأبو أحمد بْن سُكَيْنَة، وأبو مُحَمَّد بْن قُدَامة، ومحمد بْن عماد الحَرّانيّ، وأبو البقاء العُكْبَرِيّ، وأبو الْحَسَن عَلِيّ بْن نصر الحِلّيّ، وهو شيخهما فِي النَّحْو وشيخ الفخر أَبِي عَبْد اللَّه بْن تَيْمية الخطيب.
وقرأت بخطّ أَبِي مُحَمَّد بْن قُدَامة: كَانَ ابن الخشّاب إمام أهل عصره فِي عِلم العربيَّة، وحضرت كثيرا من مجالسه، لكن لم أتمكّن من الإكثار عَنْهُ لكثرة الزّحام عَلَيْهِ، وكان حَسَن الكلام فِي السُّنَّة وشرحها.
قلت: وكان ظريفا مزّاحا عَلَى عادة الأدباء.
قَالَ ابن الأخضر: كنت عنده وعنده جماعة من الحنابلة، فسأله مكّيّ القرّاد [2] فقال: عندك كتاب الجبال [3] ؟ فقال: يا أَبْلَه ما تَراهم حولي [4] ؟
وقال ابن النّجّار: سَمِعْتُ بعضهم يَقُولُ: سَأَلَ ابنَ الخشّاب واحد من
[1] المزرفي: بفتح الميم وسكون الزاي وفتح الراء وفي آخرها فاء، نسبة إلى المزرفة، وهي قرية كبيرة بالقرب من بغداد على خمسة فراسخ منها. (الأنساب 11/ 275، اللباب 3/ 203، الإستدراك لابن نقطة (مخطوط) باب المزرفي والمزرفن، المشتبه 2/ 587، توضيح المشتبه 8/ 140، تبصير المنتبه 4/ 1361) .
وقد تصحّفت في (بغية الوعاة) إلى «المزرقي» ، وتحرّفت في (معجم الأدباء 12/ 49) إلى «المرزوقي» .
[2]
هكذا في الأصل، والذيل على طبقات الحنابلة 1/ 321، وقد ضبطه المؤلّف- رحمه الله في (المشتبه 2/ 450) بالغين المعجمة والراء المشدّدة وبعد الألف دال.
[3]
في طبقات الحنابلة: «الخيال» .
[4]
معجم الأدباء 12/ 50، بغية الوعاة 2/ 30.
تلامذته: القفا يُمَدّ أو يُقْصَر؟ فقال: يُمَدّ ثمّ يُقْصَر [1] .
قَالَ: وبلغني أنّ اثنين [2][أتياه][3] ليعرضا عَلَيْهِ شِعرًا قالاه، فسمع من أحدهما، فقال للآخر: هُوَ أردأ [4] شِعْرًا منك. فقال: وكيف ولم تسمع شِعري؟ قَالَ: لأنّ شِعره لا يمكن أن يكون أردأ منه.
وسأل بعض تلامذته: ما بك؟
فقال: فؤادي.
فقال: لو لم تهمزْهُ لم يُوجِعّك.
قَالَ: وبلغني أنّ بعض المعلّمين قرأ عَلَيْهِ قول العَجّاج:
أطربا وأنت قنّسريّ [5]
…
وإنّما يأتي الصِّبّا [6] الصَّبِيُّ
فجعل الصَّبا بالياء، فقال لَهُ: هذا عندك فِي المكتب. فاستحى.
وله فِي الشّمعة:
صفراءُ لا من سَقَمٍ مَسَّها
…
كيفَ وكانت أُمُّها الشّافِيَهْ
عُرْيانةٌ باطِنُها مُكْتَسٍ
…
فأعْجَبُ لها كاسِيَةً عارِيَهْ [7]
قَالَ ابن النّجّار: وسمعت حمزة القُبَّيْطيّ يَقُولُ: كَانَ ابن الخشّاب يتعمم بالعمامة، وتبقى عَلَى حَالها مدَّةً حتّى يَسْوَدّ ما يلي رأسَه منها، وتتقطّع من الوسخ، وترمي عليها العصافيرُ ذَرْقَها، فيتركه عَلَى حاله.
قَالَ: وسمعت أَبَا مُحَمَّد بن الأخضر أنّ ابن الخشّاب ما تزوَّج قطّ ولا تَسَرَّى، وكان قذِرًا يستقي بجرَّةٍ مكسورا. ولمّا مرض أتيناه نعوده، فوجدناه
[1] معجم الأدباء 12/ 51، طبقات الحنابلة 1/ 320، بغية الوعاة 2/ 30.
[2]
في الأصل: «اثنان» .
[3]
إضافة على الأصل.
[4]
في الأصل: «أردى» .
[5]
في الأصل: «تتسرّى» ، والتصحيح من (معجم الأدباء) . و «فنّسرى: كبير طاعن في السّنّ» .
[6]
في الأصل: «الصبى» .
[7]
معجم الأدباء 132/ 53.
فِي أسوأ حالٍ من وَسَخِ الثّياب وقذر مكانه وعدم الغداء. فأشرنا عَلَى القاضي أَبِي القاسم بْن الفرّاء بأن ينقله إلى داره، فنقله وأسكنه فِي بيتٍ نظيف، وألبسه ثوبا نظيفا، وأحضر الأشربة والماء ورد، فوجد راحة وخفَّة، فأشهدنا بوقف كُتُبه، فاستولى عليها بيت العطّار، وباعوا أكثرها، وتفرّقت حتّى بقي عشْرها.
فتُرِك برباط المأمونيَّة.
قَالَ ابن النّجّار: كَانَ رحمه الله بخيلا، متبذّلا فِي ملبسه ومَطْعَمه، ويلبس قَذرًا، ويلعب بالشّطرنج عَلَى الطّريق، ويقف عَلَى المُشعبِذ وأصحاب القرود، يُكْثر المُزَاح.
وقد صنَّف الرّدّ عَلَى الحريريّ فِي موضعٍ من «المقامات» ، وشرح «اللُّمَع» لابن جنّيّ ولم يُتمّه، وشرح «مقدّمة» الوزير ابن هُبَيْرة فِي النّحْو، وصنَّف الرّدّ عَلَى أَبِي زكريّا التّبْريزيّ فِي تهذيبه لإصلاح المنطق [1] .
وقال جمال الدّين القفْطيّ [2] : كَانَ مُطَّرحًا للتكلُّف، وفيه بذاءة، ويقف عَلَى الحلَق، ويقعد للشّطرنج أَيْنَ وَجَدَه، وكلامه أجود من قلمه. وكان ضيّق العطن، ما صنَّف تصنيفا فكمَّله. شرح «الْجُمَل» للجُرْجانيّ، وترك أبوابا فِي وسط الكتاب وأقرّ هذا التّصنيف وهو عَلَى هذه الصّورة، ولم يعتذر عَنْهُ.
قَالَ ابن النّجّار: سَمِعْتُ أَبَا بَكْر المبارك بْن المبارك النَّحْويّ يَقُولُ: كَانَ أَبُو مُحَمَّد بْن الخشّاب يحضر دائما سوق الكُتُب، فإذا نوديَ عَلَى الكتاب يريد أن يشتريه أخَذَه وطالَعه، واستغفل الحاضرين، وقطع ورقة، ثمّ يَقُولُ إنّه مقطوعٌ ليشتريه برُخْص، فإذا اشتراه أعاد الورقة فِي بيته.
قَالَ: وكان لَهُ إيوان كبير ملآن من الكُتُب والأجزاء، فكان إذا استعار شيئا وَطُلِبَ منه يَقُولُ: قد حصل بين الكُتُب فلا أقدر عَلَيْهِ.
قلت: إنْ صحّ هذا فلعلّه تاب والله يغفر له.
[1] معجم الأدباء 12/ 51، 52.
[2]
إنباه الرواة 2/ 100.
قَالَ ابن الْجَوْزيّ: دخلت عَلَيْهِ في مرْضه وقد يئس من نفسه، فقال لي:
عند اللَّه أحتسب نفسي.
وتُوُفّي يوم الجمعة ثالث رمضان. ودفن يوم السّبت.
وحدَّثني عَبْد اللَّه بْن أَبِي الفَرَج الحِنّائيّ الرجل الصّالح قَالَ: رَأَيْته فِي النّوم بعد موته بأيّام، ووجهه مضيء، فَقُلْتُ لَهُ: مَا فَعَلَ اللَّهُ بِكَ؟ قَالَ: غُفِر لي وأدخلني الجنَّة، إلّا أَنَّهُ أعرضَ عنّي.
فقلت لَهُ: أعرض عنك؟ فقال: نعم، وعن جماعة من العلماء تركوا العمل [1] .
249-
عَبْد اللَّه بْن طاهر بْن حَيْدرة بْن مفوّز [2] .
أَبُو مُحَمَّد المَعَافِريّ، الشّاطبيّ.
أخذ القراءات عَنْ أَبِي الْحَسَن بْن أَبِي العَيْش.
وسمع من: أَبِيهِ، وأبي إِسْحَاق بْن جماعة.
وتفقَّه بأبي عَبْد اللَّه بْن مُغَاوِر، وأجاز لَهُ آخرون.
قَالَ الأَبّار: كَانَ فقيها، إماما، خبيرا بالشّروط، وَقُورًا. ولي قضاء شاطِبة، فجرى عَلَى طريقة السَّلَف الصّالح، عدلا، وزكاة، وحلما، وأناة.
وتُوُفّي كهْلًا.
250-
عَبْد اللَّه بْن منصور بْن هبة اللَّه بْن أحمد [3] .
أَبُو مُحَمَّد بْن أَبِي الفوارس بْن المَوْصِليّ، البغداديّ، المعدّل.
سَمِعَ من أَبِي البركات مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه الوكيل «ديوان المتنبّي» وتفرّد به.
[1] المنتظم.
[2]
انظر عن (عبد الله بن طاهر) في: تكملة الصلة لابن الأبّار.
[3]
انظر عن (عبد الله بن منصور) في: المختصر المحتاج إليه 2/ 170، 171 رقم 811، والمعين في طبقات المحدّثين 171 رقم 1839، والنجوم الزاهرة 6/ 66، وشذرات الذهب 4/ 222، وذيل التقييد لقاضي مكة 2/ 69 رقم 1167 وذكر في: سير أعلام النبلاء 20/ 529 (دون ترجمة) .
وسمع من: أَبِي عَبْد اللَّه النّعاليّ، وأبي الْحَسَن بْن الطُّيُوريّ، وأبي الْحَسَن بْن العلّاف، وشجاع الذّهليّ، وغيرهم.
سمع منه: أَبُو مُحَمَّد بْن الخشّاب، وأبو سعد بْن السَّمعانيّ، وغير واحد.
وحدَّث عَنْهُ: أَبُو مُحَمَّد بْن الأخضر، وابن قُدَامة، ومنصور بْن الزّكيّ، والغزّال، ومحمد بْن عماد الحرّانيّ، وأبو حفص السُّهْرَوَرْدِيّ فِي مشيخته، وآخرون.
وروى عَنْهُ بالإجازة الرشيد بْن مَسْلَمَة، وغيره.
قَالَ الدَّبِيثيّ [1] : فُقِد أياما ثمّ فُقِد فِي بيته ميّتا فِي ربيع الآخر، وله ثمانون سنة.
251-
عَبْد الله العاضد لدين الله [2] .
[1] المختصر المحتاج إليه.
[2]
انظر عن (العاضد لدين الله) في: النوادر السلطانية 35، وسنا البرق الشامي 1/ 111، والتاريخ الباهر 156، 157، والكامل في التاريخ 11/ 368- 371، والمنتظم 10/ 237، وتاريخ الزمان 187، والروضتين ج 1 ق 2/ 492، 494، وزبدة الحلب 2/ 333، ومفرّج الكروب 1/ 200- 216، والمغرب في حلى المغرب 141، وأخبار الدول المنقطعة 111- 117، والنكت العصرية 53، 190، 196، 197، 198، 201، 214، 222، 232، 235، 281، 305، 309، 310، 341، 342، 346، 362، ونزهة المقلتين 112، والمختصر في أخبار البشر 3/ 50، 51، والدرّ المطلوب 48، والعبر 4/ 194، 195، ودول الإسلام 2/ 80، والإعلام بوفيات الأعلام 234، وتاريخ ابن الوردي 2/ 79، ومرآة الجنان 3/ 379 و 382، والبداية والنهاية 12/ 264- 267، والوافي بالوفيات 17/ 685- 694 رقم 584، ووفيات الأعيان 3/ 109- 112، وتاريخ ابن الفرات، مجلّد 4 ج 1/ 164، والجوهر الثمين 1/ 267- 269، والمؤنس 72، 73، والكواكب الدريّة 195- 197، والسلوك ج 1 ق 1/ 44، واتعاظ الحنفا 3/ 325، 326، والمواعظ والاعتبار 1/ 357- 359، والنجوم الزاهرة 5/ 355- 357، وحسن المحاضرة 1/ 609، وتاريخ الخلفاء 443، 446، 447 وتاريخ ابن خلدون 4/ 76- 82، وتاريخ ابن سباط 1/ 131، ومآثر الإنافة 2/ 51، وشذرات الذهب 4/ 222، 223، وشفاء القلوب 75، 76، وبدائع الزهور ج 1 ق 1/ 234، 235، وأخبار الدول (الطبعة الجديدة) 2/ 249- 251.
أَبُو مُحَمَّد بْن يوسف بْن الحافظ لدين الله عبد المجيد بن محمد بن المستنصر بْن الظّاهر بْن الحاكم العُبَيْديّ، الْمَصْرِيّ، الرّافضيّ، الَّذِي يزعم هُوَ وبيته أنّهم فاطميّون وهو آخر خلفاء مصر.
وُلِد سنة ستٍّ وأربعين وخمسمائة فِي أوّلها. ولمّا هلك الفائز ابن عمّه واستولى الملك طلائع بْن رُزّيك عَلَى الدّيار المصريَّة بايع العاضد وأقامه صورة، وكان كالمحجور عَلَيْهِ لا يتصرَّف فِي كلّ ما يريد. ومع هذا كَانَ رافضيّا، سَبّابًا، خبيثا.
قَالَ ابن خَلِّكان: كَانَ إذا رَأَى سُنّيًّا استحلّ دمه. وسار وزيره الملك الصّالح سيرة مذمومة، واحتكر الغلّات، فغلت الأسعار، وقتل أمراء الدّولة خِيفةً منهم، وأضعف أحوال دولتهم بقتل ذوي الرأي والبأس، وصادر ذوي الثّروة.
وفي أيّام العاضد ورد حَسَن بْن نزار بْن المستنصر العُبَيْديّ من الغرب، وقد جمع وحشد، فلمّا قارب مصر غَدَر بِهِ أصحابه، وقبضوا عَلَيْهِ، وأتوا بِهِ إلى العاضد، فذُبِح صبرا فِي سنة سبْعٍ وخمسين.
قلت: ثمّ قتل ابن رُزِّيك، ووَزَرَ لَهُ شاوَر، فكان سبب خراب دياره، ودخل أسد الدّين إلى ديار مصر كما ذكرنا، وَقُتِلَ شاوَر، ومات بعده أسد الدّين، وقام فِي الأمر ابن أخيه صلاح الدّين وتمكَّن فِي المملكة.
قَالَ القاضي جمال الدّين ابن واصل [1] : حكى لي الأمير حسام الدّين، فحكى أَنَّهُ لمّا وقعت هذه الوقعة، يعني وقعة السّودان، بالقاهرة الّتي زالت دولتهم فيها، ودولة آل عُبَيْد، قَالَ: شرع صلاح الدّين يطلب من العاضد أشياء من الخَيل والرقيق والأموال ليتقوّى بذلك.
قَالَ: فسيَّرني يوما إلى العاضد أطلب منه فَرَسًا، ولم يبق عنده إلّا فرسٌ واحد، فأتيته وهو راكب فِي بستانه المعروف بالكافوريّ الَّذِي يلي القصر،
[1] في مفرّج الكروب 1/ 200.
فقلت: صلاح الدّين يسلّم عليك، ويطلب منك فَرَسًا. فقال: ما عندي إلّا الفَرَس الَّذِي أَنَا راكبه، ونزل عَنْهُ وشقّ خُفَّيه ورمى بهما، وسلّم إليَّ الفَرَس، فأتيت بِهِ صلاحَ الدّين. ولِزم العاضد بيته.
قلت: واستقلّ صلاح الدّين بالأمر، وبقي العاضد معه صورة إلى أن خلعه، وخطب فِي حياته لأمير المؤمنين المستضيء بأمر اللَّه العبّاسيّ، وأزال اللَّه تلك الدّولة المخذولة. وكانوا أربعة عشر متخلّفا لا مستخلفا.
قَالَ الْإِمَام شهاب الدّين أَبُو شامة [1] : اجتمعت بالأمير أَبِي الفُتُوح ابن العاضد وهو مسجون مقيّد في سنة ثمان وعشرين وستّمائة، فحكى لي أنّ أَبَاهُ فِي مرضه استدعى صلاح الدّين فحضر، قَالَ: فأحضرونا، يعني أولاده، ونحن صغار، فأوصاه بنا، فالتزم إكرامنا واحترامنا.
قَالَ أَبُو شامة [2] : كَانَ منهم ثلاثة بإفريقية وهم الملقّبون بالمهديّ، والقائم، والمنصور، وأحد عشر بمصر، وهم: المُعِزّ، والعزيز، والحاكم، والظّاهر، والمستنصر، والمستعلي، والآمر، والحافظ، والظّافر، والفائز، والعاضد، يدّعون الشَّرَف، ونسبتهم إلى مَجُوسيٍّ أو يهوديّ، حتّى اشتهر لهم ذَلِكَ بين العَوَامّ، فصاروا يقولون الدّولة الفاطميَّة والدّولة العلويَّة. إنّما هِيَ الدّولة اليهوديَّة، أو المجوسيَّة الملحدة الباطنيَّة.
قَالَ: وقد ذكر ذَلِكَ جماعة من العلماء الأكابر أنّهم لم يكونوا لذلك أهلا، ولا نَسَبهم صحيح، بل المعروف أنّهم بنو [3] عُبَيْد. وكان والد عُبَيْد هذا من نسْل القدّاح الملحد المجوسيّ.
قَالَ: وقيل كَانَ والد عُبَيْد هذا يهوديّا من أهل سَلَمِيَّة، وكان حدّادا.
وعُبَيْد كَانَ اسمه سَعِيد، فلمّا دخل المغرب تسمّى بعُبَيْد الله، وادّعى نسبا ليس
[1] في الروضتين ج 1 ق 2/ 492.
[2]
في الروضتين ج 2/ 510، 511.
[3]
في الأصل: «بنوا» .
بصحيح. وذكر ذَلِكَ جماعة من علماء الأنساب، ثمّ ترقَّت بِهِ الحال إلى أن ملك المغرب، وبنى المهديَّة، وتلقَّب بالمَهْديّ. وكان زِنْديقًا خبيثا، عدوّا للإسلام. قتل من الفُقَهاء، والمحدّثين، والصّالحين جماعة كبيرة، ونشأت ذُرّيته عَلَى ذَلِكَ. وبقي هذا البلاء عَلَى الْإِسْلَام من أوّل دولتهم إلى آخرها، وذلك فِي ذي الحجَّة سنة تسعٍ وتسعين ومائتين إلى سنة سبْعٍ وستّين وخمسمائة.
وقد بيَّن نَسَبَهم جماعةٌ مثل القاضي أَبِي بَكْر الباقِلّانيّ، فإنّه كشف فِي أوّل كتابه المسمّى «كشف أسرار الباطنيّة» عَنْ بُطْلان نَسَب هَؤُلَاءِ إلى عليّ رضي الله عنه، وكذلك القاضي عَبْد الْجَبّار بْن أحمد استقصى الكلام فِي أُصُولها، وبيّنها فِي أواخر كتاب «تثبيت النُّبُوَّة» ، وبيّن ما فعلوه من الكفريات والمنكرات.
قرأت فِي تاريخ صُنِّف عَلَى السِّنين فِي مجلَّدٍ صنّفه بعض الفُضَلاء سنة بضْعٍ وثلاثين وستَمائة، وقدّمه لصاحب مصر الملك الصّالح: فِي سنة سبْع وستّين: وفي [1] العاضد فِي يوم عاشوراء بعد إقامة الخطبة بمصر بيُوَيْمات فِي أوّل جمعة من المحرَّم لأمير المؤمنين المستضيء باللَّه، والعاضد آخر خلفاء مصر. فلمّا كانت الجمعة الثّانية خُطِب بالقاهرة أيضا للمستضيء، ورجعت الدّعوة العبّاسيَّة بعد أن كانت قد قُطِعَت بها أكثر من مائتي سنة. وتسلَّم الملك صلاح الدّين قصر الخلافة، واستولى عَلَى ما كَانَ بِهِ من الأموال والذّخائر، وكانت عظيمة الوصف. وقبض عَلَى أولاد العاضد وأهل بيته، وحبسهم فِي مكانٍ واحدٍ بالقصر، وأجرى عليهم ما يمولهم، وعفّى آثارهم، وقمع مواليهم وسائر أنسبائهم.
قَالَ: وكانت هذه الفِعْلة من أشرف أفعاله، فَلَنِعْمَ ما فعل، فإنّ هَؤُلَاءِ كانوا باطنيَّةً زنادقة، دَعَوْا إلى مذهب التّناسخ، واعتقاد حلول الجزء الإلهيّ فِي أشباحهم.
وقد ذكرنا أنّ الحاكم قَالَ لداعيه: كم فِي جريدتك؟
[1] في الأصل: «وفا» .
قَالَ: ستَّة عشر ألفا يعتقدون أنّك الإله.
قَالَ شاعرهم
…
[1] فِي الحاكم:
ما شئت لا [2] ما شاءت الأقدار
…
فاحكُمْ فأنت الواحدُ القَهّار [3]
فلعن اللَّه المادحَ والممدوحَ، فليس هذا فِي القُبْح إلّا كقول فرعون أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلى 79: 24 [4] .
قَالَ بعض شُعرائهم [5] فِي المهديّ برَقّادة:
حَلّ برَقّادةَ المسيحُ
…
حلّ بها آدمُ ونوحُ
حلّ بها اللَّهُ في عُلاهُ
…
فما سِوى اللَّه فهو رِيحُ [6]
قَالَ: وهذا أعظم كُفرًا من النّصارى، لأنّ النّصارى يزعمون أنّ الجزء الإلهيّ حلّ بناسوت عيسى فقط، وهؤلاء يعتقدون حُلُوله فِي جسد آدم ونوح والأنبياء وجميع الأئمّة.
هذا اعتقادهم لعنهم اللَّه. فأمّا نَسَبهم فأئمَّة النّسَب مُجْمِعُون عَلَى أنّهم ليسوا من وُلِد عَلِيّ رضوان اللَّه عَلَيْهِ، بل ولا من قُريشٍ أصلا.
قلت: قد ذكرنا فيما مضى أنّ القادر باللَّه كتب محضرا يتضمَّن القدْح في نَسَبهم ومذهبهم، وأنّه شهد فِي ذَلِكَ المحضر خلْقٌ، منهم: الشّريفان الرّضيّ، والمرتَضَى، والشّيخ أَبُو حامد الإسْفَرَائينيّ، وأبو جَعْفَر القُدُوريّ، وفي
[1] بياض في الأصل.
[2]
في الأصل: «إلا» .
[3]
تاريخ ابن الفرات م 4 ج 1/ 154.
[4]
سورة النازعات، الآية 24.
[5]
هو محمد البديل كاتب أبي قضاعة. (البيان المغرب 1/ 160) .
[6]
ورد هذا البيت في (البيان المغرب) على هذا النحو:
حلّ بها الله ذو المعالي
…
وكلّ شيء سواه ريح
وقبله بيت:
حلّ بها أحمد المصفّى
…
حلّ بها الكبش والذّبيح
وقد تحرّفت كلمة «برقّادة» إلى «ترقادة» في: تاريخ ابن الفرات م 4 ج 1/ 155.
المحضر أنّ أصلهم من الدِّيصَانيَّة، وأنّهم خوارج أدعياء. وذلك في سنة اثنتين وأربعمائة [1] .
وقال العماد الكاتب [2] ، يصف ما جرى عَلَى ما خَلَّفه العاضد من ولدٍ وخَدَم وأمتعة، إلى أن قَالَ: وهم الآن محصورون محسورون، ولم يظهروا، وقد نقص عددهم، وقلص مددهم.
ثم عَرَض من بالقصر من الجواري والعبيد فوجد أكثرهنّ حرائر، فأطلقهنّ، وفرّق من بقي. وأخذ- يعني صلاح الدّين- كلّما صلح لَهُ ولأهله وأمرائه من أخاير الذّخائر، وزواهر الجواهر، ونفائس الملابس، ومحاسن العرائس، والدُّرَّة اليتيمة، والياقوتة الغالية القيمة، والمَصُوغات التِّبْرِيَّة، والمصنوعات العنبريَّة، والأواني الفضّيَّة، والصّواني الصِّينيَّة، والمنسوجات المغربيَّة، والممزوجات الذّهبيّة، والعقود والنُّقود، والمنظوم والمنضود، وما لا يُعَدّ الإحصاء.
وأطلق البيع بعد ذَلِكَ فِي كلّ جديدٍ وعتيق، وبالٍ وأسمال، واستمرّ البيع فيها مدَّة عشْر سِنِين، وانتقلت إلى البلاد بأيدي المسافرين.
وكتب السّلطان صلاح الدّين إلى وزير بغداد عَلَى يد شمس الدّين مُحَمَّد بْن المحسِّن بْن الْحُسَيْن بْن أَبِي المضاء البَعْلَبَكّيّ الَّذِي خطب أوّل شيءٍ بمصر لبني الْعَبَّاس فِي أوّل السّنة بإنشاء الفاضل كتابا، فممّا فِيهِ:
«قد توالت الفُتُوح غربا وشرقا [3] ، ويَمَنًا وشآما، وصارت البلاد [4] والشّهر بل الدّهر حرما حراما، وأضحى الدّين واحدا [5] بعد ما كان أديانا.
[1] انظر حوادث سنة 402 هـ. من هذا الكتاب في الجزء المتضمّن ل (حوادث ووفيات 401- 420 هـ.) ص 11 بعنوان «محضر الطعن في صحّة نسب الخلفاء بمصر» .
[2]
انظر: سنا البرق الشامي 1/ 112، والروضتين ج 1 ق 2/ 494، 495 وقد تقدّم مثل هذا في الحوادث لسنة 4567 هـ.
[3]
كلمة «شرقا» ليست في الروضتين ج 1 ق 2/ 496.
[4]
في الروضتين: «وصارت البلاد بل الدنيا» .
[5]
في الأصل: «واحد» .
والخلافة إذا ذُكِّر بها أهلُ الخِلاف لم يخرّوا عليها [إلّا][1] صُمًّا وعُمْيانا.
والبِدْعة خاشعة، والجمعة جامعة، والمذلَّة فِي شِيَع الضّلال شائعة. ذَلِكَ أنّهم اتّخذوا عباد اللَّه من دون أولياءَ، وسمّوا أعداءَ اللَّه أصفياء. وتقطّعوا فِي أمرهم شِيَعًا، وفرَّقوا أمر الأمَّة وكان مجتمِعا. وكذّبوا بالنّار، فعُجِّلَتْ لهم نار الحُتُوف، ونثرت أقلامُ الظُّباء حروفَ رُءوسهم نَثْر الأقلام للحروف. ومُزِّقوا كلّ ممزَّق، وأخذ منهم كلّ مخنق. وقطِع دابرهم، ووعظ آتِيهم [2] غابرهم.
ورَغمت أُنوفهم ومنابرهم، وحقَّت عليهمُ الكلمة تشريدا وقتْلا، وتَمَّتْ كَلِمَةُ [3] رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلًا، وليس السّيف عمّن سواهم من الفرنج [4] بصائم، ولا اللّيل عَنِ السَّير إليهم بنائم. ولا خفاء عَنِ المجلس الصّاحبيّ أنّ من شدّ عقْد خلافة، وحلّ عقد خلاف، وقام بدولةٍ وقعد بأخرى قد عجز عَنْهَا الأخلاف والأسْلاف، فإنّه يفتقر [5] إلى أن يُشكر ما نصح، ويُقَلَّدَ ما فتح، ويبلَّغ ما اقترح، ويقام [6] حقّه ولا يطَّرَح، ويقرَّب مكانه وإن نَزَح، وتأتيه التّشريفات الشّريفة» .
[1] إضافة إلى الأصل.
[2]
في الروضتين ج 1 ق 2/ 497 «آيبهم» .
[3]
في الروضتين «كلمات» ، والمثبت يتفق مع الآية الكريمة رقم 115 من سورة الأنعام.
[4]
في الروضتين: «من كفار الفرنج» .
[5]
في الروضتين: «مفتقر» .
[6]
في الروضتين «يقدّم» .
[7]
في الروضتين: «تنجيز» .
[8]
في الروضتين: «لصعود درجة المنبر» .
[9]
في الروضتين: «بلباس» .
[10]
انظر: الروضتين ج 1 ق 2/ 496، 497.
وقال ابن أبي طيِّئ [1] : لمّا فرغ السّلطان من أَمْر الخطْبة أَمَر بالقبض عَلَى القصور بما فيها، فلم يوجد فيها من المال كبيرُ أمرٍ، لأنّ شاوَر كَانَ قد ضيَّعه فِي إعطائه الفِرَنْج، بل وجد فيها ذخائر جليلة.
ومن عجيب ما وجد فِيهِ قضيب زُمُرُّدٍ شِبْر وشيء فِي غِلَظ الإبهام، فأخذه السّلطان، وأحضر صائغا ليقطعه، فأبى الصّائغ واستعفى، فرماه السّلطان، فانقطع ثلاثَ قِطَع، وفرَّقه عَلَى نسائه. ووُجِد طبلُ القُولنْج [2] الَّذِي صُنِع للظّافر، وكان مَن ضَرَبه خرج منه الرّيح واستراح من القُولنْج، فوقع إلى بعض الأكراد، فلم يدرِ ما هُوَ، فكسره، لأنّه ضرب بِهِ فَحَبَق [3] . ووُجد فِي الذّخائر إبريقٌ عظيم من الحجر المائع، فكان من جملة ما أُرسل من التُّحَف إلى بغداد.
ثمّ وصل موفّق الدّين بْن القَيْسَرانيّ، واجتمع من مصر بصلاح الدّين، وأبلغه رسالة نور الدّين، وطالَبَه بحساب جميع ما حصَّله، فصعُب ذَلِكَ عَلَيْهِ، وهَمّ بشقّ العصا، ثمّ سكن، وأمر النُّوّاب بعمل الحساب، وعرضه عَلَى ابن القَيْسَرانيّ، وأراه جرائد الأجناد بأخبارهم، وقد ذُكِر فِي الحوادث جميع ذَلِكَ [4] .
وكان عُمارة اليمنيّ الشّاعر من العُبَيْدييّن ممّن يتولّاهم، فرثى العاضد بهذه:
رميتَ يا دهْرُ كفَّ المجد بالشَّلَلِ
…
وجِيدَهُ بعد حُسْن الحلي بالعَطَلِ [5]
سعيتَ فِي منهج الرّأي العثور فإنْ
…
قدرت من عثرات الدّهر فاستقلِ
خدعت مازنك الأعلى فأنْفُكَ لا
…
يَنْفَكُّ ما بين أمر الشّين والخجل
[1] قوله في الروضتين ج 1 ق 2/ 506.
[2]
القولنج: مرض معوي يعسر معه خروج الثقل والريح. (القاموس المحيط) .
[3]
الحبق والحباق: الضراط، والفعل: حبق يحبق حبقا وحبقا وحباقا. (القاموس المحيط) .
[4]
انظر حوادث سنة 567 هـ. من هذا الكتاب.
[5]
البيت في خريدة القصر، والأبيات ليست في كتابه «النكت العصرية» .
لَهَفِي ولَهف بني الآمال قاطبة
…
عَلَى فجيعتها فِي أَكرم الدُّوَلِ
قومٌ عرفتُ بهم نَسَب الألُوف ومن
…
كمالها أنّها جاءت ولم أَسَلِ
يا عاذِلي فِي هوى ابن [1] فاطمةٍ
…
لك الملامةُ إن قَصَّرْتَ فِي عذلي
باللَّه دُرْ ساحة القَصْريْنِ وَابْكِ معي
…
عليهما لا عَلَى صِفِّين والْجَمَلِ
ماذا ترى كانت الإفرنْجُ فاعلة
…
فِي نَسْل آل أمير المؤمنين علي
أَسَلْتُ من أسفٍ دمعي غداةَ خَلَتْ
…
رِحابُكُم وغَدَتْ مهجورَة السُّبُلِ
واللهِ لا فازَ يومَ الحشْر مُبْغِضُكُم
…
ولا نجا من عذاب النّار غيرُ ولي
وهي طويلة.
قِيلَ: كَانَ موت العاضد بذَرَب مُفْرِطٍ أتْلَفه.
وقيل: مات غمّا لمّا سَمِعَ بقطْع خطْبته؟
وقيل: بل كَانَ لَهُ خاتَمٌ مسموم فامتصّه، فمات لمّا سَمِعَ بزوال دولته، والأوّل أقرب وأشبه.
252-
عَبْد اللَّه بْن أحمد بْن الْحُسَيْن [2] .
الرئيس أَبُو مُحَمَّد الحِمْيَريّ [3] الأطرابُلُسيّ، الكاتب، ويُعرف بابن النّقّار.
وُلِد بطرابُلُس سنة تسعٍ وسبعين، وقرأ بها الأدب، فلمّا أخذتها الفرنج
[1] في الأصل: «هو ابنا» .
[2]
انظر عن (عبد الله بن أحمد بن الحسين) في: تاريخ دمشق (مخطوطة التيمورية) 19/ 603، وانظر: 39/ 333، وتاريخ دمشق (تحقيق د. صلاح الدين المنجّد ج 2 ق 1/ 177 (دمشق 1954) ، وتهذيب تاريخ دمشق 1/ 257 و 7/ 279، ومعجم السفر للسلفي (مصوّر بدار الكتب المصرية) 1/ 138، وخريدة القصر (قسم شعراء الشام) 1/ 314 و 2/ 111- 118، وتكملة إكمال الإكمال لابن الصابوني 348 رقم 352، وإنباه الرواة للقفطي 1/ 35، وبغية الطلب (المخطوط) 2/ 75، ومرآة الزمان 8/ 289، والروض المعطار 241، 242، والوافي بالوفيات 17/ 49، 50 رقم 44، والنجوم الزاهرة 6/ 65، 66، والحياة الثقافية في طرابلس الشام (تأليفنا) 259- 262، ودار العلم بطرابلس 46 (تأليفنا) ، ولبنان في العصر الفاطمي- سلسلة دراسات في تاريخ الساحل الشامي- (تأليفنا) ق 2 (طبعة دار الإيمان بطرابلس) ، ومعجم الشعراء والأدباء (مخطوط) من جمعنا.
[3]
في مرآة الزمان: «الحميدي» ، وهو تصحيف.
تحوّل إلى دمشق. وكان شاعرا فاضلا، كتب لملوك دمشق، ثمّ كتب لنور الدّين رحمه الله. وعُمِّر دهرا، وله قصيدة مشهورة يَقُولُ فيها:
مَن مُنْصفي مَن ظالمٍ متعتّب [1]
…
يزداد ظُلْمًا كلّما حكَّمْتُهُ
ملّكتُهُ روحي ليحفَظَ ملْكَهُ
…
فأضاعني وأضاع ما ملّكتُهُ
أحبابنا أنفقتُ عُمري عندكُم
…
فمتى أُعوِّض بعضَ ما أنفقتُهُ؟
فلِمن أَلُوم عَلَى الهوى وأنا الَّذِي
…
قُدْتُ الفؤاد إلى الغرام وسقته [2]
[1] في مرآة الزمان: «متعنتا» .
[2]
انظر أبياتا أخرى منها في: مرآة الزمان 8/ 289، وهي في: الوافي بالوفيات 17/ 49، 50، والنجوم الزاهرة 6/ 65.
والتقى به الحافظ السّلفي وقال إنه أنشده من شعر أبيه «أحمد بن الحسين» :
قد زارني طيف من أهوى على حذر
…
من الوشاة وداعي الصبح قد هتفا.
ثم قال: أبو محمد هذا من أعيان أهل الشام وأدبائهم، وذكر لي أنه ولد بطرابلس وبها تأدّب على أبيه وغيره، وقد علّقت عنه من شعر أبيه مقطّعات، وكذلك من شعره هو. وقد كاتبته نظما وكاتبني، وأصلهم من الكوفة. (معجم السفر 1/ 138) .
وقال العماد الكاتب: أدركت حياته بدمشق، وكان شيخا قد أناف على التسعين، وقيل على المائة، وكان مليح الخط حلوه، فصيح الكلام صفوه.
وقبل قوله القاضي أبو سعد الهروي وعدّله، ثم اختاره والي دمشق لكتابة الإنشاء في الديوان بعد الشاعر ابن الخياط. وكان جيّد الإنشاء، له يد في النظم والنثر، وقد تولّى كتابة الإنشاء لملوك دمشق إلى أن تملّكها نور الدين محمود بن زنكي، رحمه الله. وكتب له أيضا مدّة يسيرة، وله نظم، مقبول وشعر معسول. (خريدة القصر 1/ 314) .
ذكر ابن عساكر له قصيدتين، الأولى في تشوّقه إلى دمشق، ومطلعها:
سقى الله ما تحوي دمشق وحيّاها
…
فما أطيب اللّذّات فيها وأهناها
والثانية في الوجدانيات، ومطلعها:
بادر إلى اللّذّات في أزمانها
…
واركض خيول اللهو في ميدانها
(تاريخ دمشق 19/ 603، و 2 ق 1/ 177، وتهذيبه 1/ 257، الروض المعطار 241، 242) .
ويقول خادم العلم محقق هذا الكتاب «عمر عبد السلام تدمري» :
اختلف في وفاته، فقيل في هذه السنة 567 وقيل في السنة التالية 568 وقيل بعدها سنة 569 هـ. وهذا الأخير يتفق مع القول بأنه قد أناف على التسعين. وقيل أناف على المائة.
(الخريدة 1/ 314) ووقع في (تاريخ دمشق) أنه بلغ سبعين سنة!
253-
عَبْد الكريم بْن إِسْمَاعِيل بْن أَبِي سعد أحمد بْن مُحَمَّد [1] .
النَّيْسابوريّ، ثمّ البغداديّ، الصُّوفيّ.
سَمِعَ من: ابن الحُصَيْن، وزاهر الشّحّاميّ.
كتب عَنْهُ: عُمَر بْن عَلِيّ الْقُرَشِيّ، وغيره.
254-
عَبْد الملك بْن إلْكِيَا الهَرّاسيّ أَبِي الْحَسَن عليّ بْن مُحَمَّد [2] .
الطَّبَريّ، ثمّ البغداديّ.
سَمِعَ من: ابن بيان الرّزّاز.
روى عَنْهُ: ابن الأخضر.
وتُوُفّي فِي ربيع الآخر.
255-
عَبْد [الملك][3] بْن محمد بن باتانة.
أَبُو الْحَسَن المغربيّ، المجوّد.
ما ذكر ابن النّجّار عَلَى من تلا.
سَمِعَ: أَبَا العزّ بْن المختار.
ومات فِي ربيع الأوّل [4] .
[1] انظر عن (عبد الكريم بن إسماعيل) في: تلخيص معجم الألقاب ج 4 ق 3/ 220، والمختصر المحتاج إليه 3/ 68 رقم 868.
[2]
انظر عن (عبد الملك بن الكيا الهرّاسي) في: ذيل تاريخ بغداد لابن النجار 1/ 120- 122 رقم 41 وفيه «عبد الملك بْن علي بْن مُحَمَّد بْن علي بْن إبراهيم، أبو المعالي. مدرّس المدرسة النظامية، ولد ببغداد ونشأ بها.. وحدّث باليسير.. ولم يكن له اشتغال بالعلم، ولا سلك طريقة والده، بل خالط أصحاب الديوان وخدم في أشغالهم، وعلت مرتبته، فرتّب حاجبا بالباب النوبي، وناظرا في المظالم في سنة خمسين وخمسمائة، فأقام نحوا من أربعين يوما ثم عزل.
وانظر عنه حكاية حبس من أجلها.
[3]
في الأصل بياض، والمثبت عن:
ذيل تاريخ بغداد لابن النجار 1/ 319، 140 رقم 57.
[4]
وقال ابن النجار: قرأت في كتاب أبي بكر محمد بن علي بن عمر الليثي المقرئ بخطه قال: أبو الحسن عبد الملك بن محمد بن يوسف المقرئ سمعت منه عن عمر بن ظفر وكان من المتقنين والحفّاظ المجوّدين والأئمة المحقّقين، يعطي الحروف حقوقها في
256-
عثمان بْن يوسف بْن أيّوب [1] .
أَبُو عَمْرو الكاشْغُريّ، الخُجَنْديّ، ويُعرف أَبُوهُ بابن زُرَيق [2] .
من أهل كاشْغَر، سكن بغداد. وكان يوسف يخدم فِي إصطبل المستظهر باللَّه، فوُلِد لَهُ عثمان، وتفقّه عَلَى مذهب أَبِي حنيفة، وسمع الحديث.
وسمَّع أولاده عليّا، وأبا بَكْر، وإبراهيم من: أَبِي الفَتْح بْن البَطِّيّ، وأَبِي بَكْر بْن النَّقُّور، وأبي المعالي بْن حنيفة، وأمثالهم.
وحصّل الأُصول، واستنسخ، ونُفِّذ من الدّيوان العزيز فِي مهمٍّ إلى الملك نور الدّين، فسمع منه الشَّيْخ أَبُو عَمْرو، وأخوه الشَّيْخ الموفَّق، والحافظ عَبْد الغنيّ فِي سنة خمسٍ وستّين.
قَالَ ابنه إِبْرَاهِيم: تُوُفّي فِي حدود سنة سبْعٍ وستّين.
257-
عرقلة [3] .
الشّاعر المشهور.
هُوَ أَبُو النَّدَى حسّان بْن نُمَيْر الكلبيّ، الدّمشقيّ، شاعر مُجِيد، ونديم خليع، وأعور مطبوع، وهو القائل فِي دمشق.
فأمّا دمشقُ فجنّاتٌ مزَخْرَفَةٌ
…
للطّالبين بها الوِلْدان والحورُ
ما صاح فيها عَلَى أوتاره قمرٌ
…
إلّا وغنّاه قمْريّ وشُحْرورُ
يا حَبَّذا دروع الماء تنسُجُها
…
أناملُ الرّيح لولا أنّها زُورُ [4]
وله وقد ولي صلاح الدين يوسف بن أيوب شحنكية دمشق لنور الدين
[ () ] تلاوته وحسن طريقته، قرأت عليه القرآن.
[1]
انظر عن (عثمان بن يوسف) في: ذيل تاريخ بغداد لابن النجار 2/ 244، 245 رقم 472.
[2]
في الأصل: «بأرتق» .
[3]
انظر عن (عرقلة) في: خريدة القصر (قسم شعراء الشام) 1/ 178- 229، والروضتين ج 1 ق 2/ 399، و 448- 450، ومرآة الزمان 8/ 286- 288، والمختصر في أخبار البشر 3/ 46، والدرّ المطلوب 49.
[4]
الأبيات في: مرآة الزمان 8/ 288.
فِي سنة 560:
رُوَيْدَكم يا لصوصَ الشّامِ
…
فإنّي لكم ناصحٌ فِي المقالِ
أتاكم سَمِيُّ النَّبِيّ الكريم
…
يوسف ربّ الْحِجَى والْجَمالِ
فذلك يقطعُ أيدي النِّسا
…
وهذا يُقطّع أيدي الرجالِ [1]
وكان صلاح الدّين وَعَده إنْ أخذ مصر أن يُعطيه ألف دينار، فلمّا مَلَكَها قَالَ فِيهِ:
قُلْ لصلاح الدّين مُعِيني عند افتقاري
…
يا ألف مولاي أَيْنَ الألف دينار؟
أخشى من الأسر إنْ حاولتُ أرضَكُم
…
وما تقى جنَّة الفردوس بالنّار
فجُدْ بها عاضديّات موفرة
…
من بعد ما خلف الطّاغي أخو الغار [2]
حمرا كأسيافكم غُبْرًا [3] كخيلكم
…
عُتْقًا ثِقالًا كأعدائي وأطمارِي [4]
فأعطاه ألف دينار وأخذ لَهُ من إخوته مثلَها، فجاءه الموت ولم ينتفع بفجأة الغِني.
ومن شِعره:
عندي لكم من الأشواق والبَرحَا
…
ما صيّر الجسم من بعد الضّنّا شَبَحا
أحبابنا لا تظنّوني سَلَوْتُكُم
…
الحال ما حال والتّبريح ما برحا
لو كَانَ يسبح صَبٌّ فِي مَدَامعه
…
لكنتُ أوّل مَن فِي دمعه سَبَحا
أو كنتُ أعلم أنّ البَيْن يقتلني
…
ما تبت عنكم ولكن فات ما ربحا [5]
وله:
ترى عند من أحببته لا عدِمْته
…
من الشّوق ما عندي وما أَنَا صانعُ
[1] الأبيات في: مرآة الزمان 8/ 288.
[2]
في مرآة الزمان: «العار» .
[3]
في المرآة: «غرا» .
[4]
المرآة 8/ 286، 287.
[5]
في مرآة الزمان 8/ 287: «ما حلت منكم ولكن فات ما ذبحا» .
جنبي [1] إذا حدّثت عَنْ ذاك أعين
…
وكلّي إذا نُوجيت عَنْهُ مسامعُ [2]
ولعرقلة ديوانٌ مشهور.
تُوُفّي بدمشق فِي حدود سنة سبْعٍ هذه.
258-
عليّ بْن أحمد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن أحمد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن يعيش [3] .
أَبُو الْحَسَن الْقُرَشِيّ، الزُّهْرِيّ، العَوْفيّ، الباجيّ، قاضي إشبيلية.
سَمِعَ: أَبَا القاسم الهَوْزَنيّ، وشُرَيْح بْن مُحَمَّد، وأبا بَكْر بْن العربيّ.
وناظر فِي «المدوّنة» عند أَبِي مروان الباجيّ.
وأخذ العربيَّة عَنْ: أَبِي الْحَسَن بْن الأخضر.
وسمع بقُرْطُبة من: أَبِي مُحَمَّد بْن عتّاب، وابن بَقِيّ، وأبي الوليد بْن طريف.
قَالَ الأَبّار [4] : وكان فقيها، مشاوَرًا، محدّثا، متقدّما بنفسه وبشرفه.
وله تصنيف فِي مناسك الحجّ.
حدَّث عَنْهُ: أَبُو بَكْر بْن خَيْر، وأبو عُمَر بْن عبّاد، وأبو بَكْر بْن أَبِي زمنين، وأبو الْخَطَّاب بْن واجب.
وآخر من حدَّث عَنْهُ أَبُو القاسم عَبْد الرَّحْمَن ابنه.
تُوُفّي فِي ربيع وله سبْعٌ وسبعون سنة. وكانت لَهُ جنازة مشهودة.
259-
عليّ بن صالح بن أبي اللّيث [5] .
[1] في مرآة الزمان: «جميعي» .
[2]
مرآة الزمان 8/ 287.
[3]
انظر عن (علي بن أحمد بن عبد الرحمن) في: صلة الصلة لابن الزبير 100، وتكملة الصلة لابن الأبّار، رقم 1861، والذيل والتكملة 5 ق 1/ 162- 164 رقم 323، ونيل الابتهاج 199 للتنبكتي، ومعجم المؤلفين 7/ 19،.
[4]
في تكملة الصلة.
[5]
انظر عن (علي بن صالح) في: صلة الصلة لابن الزبير 96، وتكملة الصلة لابن الأبّار، رقم 1860، والديباج المذهب 212، والذيل والتكملة 5 ق 1/ 218، 219 رقم 447،
أَبُو الْحَسَن بْن عزّ النّاس العَبْدَريّ، الدّانيّ، الطّرْطُوشيّ.
سَمِعَ: أَبَا مُحَمَّد بْن الصَّيْقَلِ، وأبا بَكْر بْن العربيّ، وأبا القاسم بْن ورد.
قَالَ الأَبّار [1] : وكان فقيها متقِنًا، عالما بالأُصول والفروع، دقيق النّظر، جيّد الاستنباط، فصيحا لَسِنًا. وكان رأس الفتوى بدانية. وله مصنَّفات [2] .
أخذ عَنْهُ: أَبُو عَمْرو بْن عيّاد، وابنه مُحَمَّد، وأبو مُحَمَّد بْن سُفْيَان، وأسامة بْن سُلَيْمَان، وأبو القاسم بْن سمحون.
وَقُتِلَ مظلوما بدانية سنة ستٍّ وستّين.
وقال مُحَمَّد بْن عيّاد: قُتِلَ لسعايةٍ لحِقَتْه عند السّلطان مُحَمَّد بْن سعد سنة سبْعٍ وستّين، ووُلِد سنة ثمانٍ وخمسمائة بطرطُوشة.
260-
عليّ بْن عَبْد اللَّه بْن خَلَف بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن عَبْد الملك [3] .
الْإِمَام أَبُو الْحَسَن ابن النّعمة الأندلسيّ، المريّي، نزيل بلنسية.
[ () ] ونيل الابتهاج 184، والإحاطة لأخبار غرناطة (مخطوطة الأسكوريال)335.
[1]
في التكملة.
[2]
وقال ابن عبد الملك المراكشي: وكان عالما بالفقه حافظا لمسائله، متقدّما في علم الأصول، ثاقب الذهن، ذكيّ الفؤاد، بارع الاستنباط، مسدّد النظر، متوقّد الخاطر، فصيح العبارة، ذا حظ من قرض الشعر، واستخلصه الأمير أبو زكريا بن غانية أيام إمارته ببلنسية لمشهور معرفته ونباهته، ثم صار صحبته إلى قرطبة سنة سبع وثلاثين، ولازمه إلى أن توفي أبو زكريا بغرناطة سنة ثلاث وأربعين، فانتقل إلى شرق الأندلس واستقرّ بدانية. وله مصنفات منها:«كتاب العزلة» ، ومنها «شرح معاني التحية» .
[3]
انظر عن (علي بن عبد الله بن خلف) في: صلة الصلة لابن الزبير 104، وتكملة الصلة لابن الأبّار 669 رقم 1863، والمعجم، له 298، 299، ومعجم أصحاب الصدفي 286، وبغية الملتمس للضبيّ 411، رقم 1224، والعبر 4/ 198، وسير أعلام النبلاء 20/ 584، 585 رقم 336، والمعين في طبقات المحدّثين 171 رقم 1840، ومرآة الجنان 3/ 382، وغاية النهاية 1/ 553، والنجوم الزاهرة 6/ 66، وبغية الوعاة 2/ 171، ونيل الابتهاج 185، وشذرات الذهب 4/ 223، وطبقات المفسرين للسيوطي 23، 24، وطبقات المفسرين للداوديّ 1/ 407، 408، وإيضاح المكنون 2/ 28، وهدية العارفين 1/ 700، وفهرس الفهارس للكتاني 2/ 91، ومعجم المؤلفين 7/ 134، 135، ومعجم طبقات الحفاظ والمفسرين 257 رقم 355.
أخذ فِي صِغَره عَنْ أَبِي الْحَسَن بْن شفيع.
وسمع من: عبّاد بْن سَرْحان.
وانتقل به أبوه إلى بلنسية سنة ستّ وخمسمائة فقرأ بها القرآن على موسى بن خميس الضّرير، وأبي عبد الله بن باسة.
وأخذ العربيّة عَنْ أَبِي مُحَمَّد البَطَلْيُوسيّ واختصّ بِهِ.
وروى عَنْ: أَبِي بحر بْن العاص، وخُلَيْص بْن عَبْد اللَّه، وأبي عَبْد اللَّه بْن أَبِي الخير.
ورحل إلى قُرْطُبة سنة ثلاث عشرة فتفقَّه بأبي الوليد بْن رُشْد، وأبي عَبْد اللَّه بْن الحاجّ.
وسمع من: أَبِي مُحَمَّد بْن عتّاب، وأبي القاسم بْن بَقِيّ، وأبي الحسن بن مغيث، وجماعة.
وسمع أيضا من: أبي علي بْن سُكَّرَة.
وأجاز له جماعة، وتصدَّر ببَلَنْسِيَة لإقراء القرآن، والفِقه، والنَّحْو، والرواية، ونشر العلوم.
قَالَ الأَبّار [1] : وكان عالما متقنا، حافظا للفقه والتّفاسير ومعاني الآثار، مقدَّمًا فِي عِلم اللّسان، فصيحا، مُفَوَّهًا، ورِعًا، فاضلا، معظّما عند الخاصَّة والعامَّة، دمث الأخلاق، ليّن الجانب. ولي خطَّة الشُّورى وخطابة بَلَنْسِيَة دَهْرًا، وانتهت إِلَيْهِ رئاسة الإقراء والفَتْوى. وصنَّف كتاب «ريّ الظمآن فِي تفسير القرآن» ، وهو كبير [2] . وصنَّف كتاب «الإمعان فِي شرح مصنَّف النَّسائيّ
[1] في تكملة الصلة.
[2]
حكى عنه أبو الحسن بن لبّ أنه كان في حين اشتغاله بجمعه يبيت في بيت كتبه ويطفئ المصباح، فكلما تذكر شيئا قام وأوقده ونظر ثم يعود ويطفئه، فكان هذا دأبه كأنه يلتمس بذلك خلوّ الخاطر في الظلمة.
وقال ابن عبد الملك المراكشي: قد وقفت على بعض هذا الكتاب، وكان كاملا عند بعض الطلبة بدرعة في سبعة وخمسين مجلّدا متوسطة بعضها، وفيه أولها، أكثرها بخطّ تلميذه
أَبِي عَبْد الرَّحْمَن [1] بلغ فِي الغاية فِي الاحتفال والإكثار، وانتفع بِهِ النّاس، وكثُر الراحلون إِلَيْهِ.
وَأَخْبَرَنَا عَنْهُ جماعة من شيوخنا، وهو خاتمة العلماء بشرف الأَنْدَلُس.
تُوُفّي فِي رمضان إلى رحمة [2] اللَّه تعالى، وهو فِي عَشْر الثّمانين.
قرأ عَلَيْهِ بالروايات: أَبُو عَلِيّ الْحَسَن بْن مُحَمَّد بْن فاتح [3] .
261-
عليّ بْن عِمران بْن معروف [4] .
أَبُو الْحَسَن البكريّ الأصبهانيّ.
كَانَ سالار الحاج، حجّ مرّات.
روى عَنْ: أَبِي مطيع، وأبي الفتح الحدّاد.
وعنه: أَبُو المحاسن الْقُرَشِيّ، وابنه أَبُو بَكْر عَبْد اللَّه.
وُلِد سنة خمس وثمانين وأربعمائة.
[ () ] الأخصّ به أبي جعفر بن عون الله، وأكثرها، ومنه آخرها بخط أبي عبد الله محمد بن أبي الحسن محمد بن عبد العزيز بن واجب، وتاريخ فراغه من نسخه من سلخ جمادى الآخرة سنة سبع وستين وخمسمائة.
[1]
قال المراكشي: وما أرى أن أحدا تقدّمه في شرح كتاب حديثي إلى مثله توسعا في فنون العلم وإكثارا من فوائده، وقد وقفت على أسفار منه مدمجة بخطه أكثرها ضخم، وكان تجزئة ثلاثة عشر.
[2]
في الأصل: «رحمت» .
[3]
ووصفه أبو بكر يحيى بن محمد الأركشي في مقامته التي سمّاها «قسطاس البيان في مراتب الأعيان» بما نصّه: فقيه عارف، وحامل أدوات ومعارف، وما هو إلا زبدة زمان تمخّض العصر عنها، وروضة علوم تضوّع القطر منها، تلتمس أشتاتها من عنده وتقتبس، ويفزع إليه في كل ما أشكل مها والتبس، ذهب في اقتنائها أهدى مذهب، وامتطى إلى حامليها صهوة الهجير الملهب، حتى انتهجت له شعابها، وانقادت إلى فهمه صعابها، وما زال متتبعا مساقط أثرها، حتى روي من سلسبيلها وكوثرها، فشيّد ما عني به تشييدا، وجوّده إتقانا وتقييدا، فطالبو العلم والأدب، ينسلون إليه من كل حدب، فيقتبسون عيونه من عنده، ويقتدحون فيه واري زنده، والله تعالى يبقيه معتنيا بالعلم وأهله، متلقّيا لهم برحبه وسهله، ولا زال موصوفا بالنبالة والذكاء، كما لم يزل مجبولا على الجلالة والزكاء، ولا برح الدهر بإقباله خاطبا، والسعد في حباله حاطبا. (الذيل والتكملة) .
[4]
انظر عن (علي بن عمران) في: المختصر المحتاج إليه 3/ 132 رقم 1024.
ومات فِي ذي الحجَّة.
262-
عليّ بْن أَبِي عَبْد اللَّه مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن فيد [1] .
أَبُو الْحَسَن الفارسيّ الأصل القُرْطُبيّ.
روى عَنْ: أَبِي مُحَمَّد بْن عتّاب، وأبي الوليد بْن طريف، وأبي بحر الأَسَديّ.
وحجّ سنة ثلاثين، فسمع: أَبَا بَكْر بْن عشير الشّروانيّ، وأبا عليّ بْن العرجاء، وأبا المظفَّر الشَّيْبانيّ.
قَالَ الأَبّار [2] : ولقي أيضا: أَبَا سَعِيد حيدر بْن يحيى، وسلطان بن إبراهيم المقدسيّ، وأكثر عَنِ السِّلَفيّ [3] . وانصرف إلى قُرْطُبة بفوائد جمَّة، فسمعوا منه.
وكان من أهل العناية الكاملة بالرواية، ثَبْتًا، عارفا، موصوفا بالذّكاء والحِفْظ، متواضعا. خرج من قُرْطُبة فِي الفتنة بعد الأربعين وخمسمائة، فنزل كورة أَلْش، من أعمال مُرْسِيَّة، فولي خطابتها مدَّة. وكان النّاس يقصدونه.
حدَّث عَنْهُ ابن بَشْكوال [4] ، وأعجب من هذا أنّ رزين بْن معاوية العبْدَريّ حدَّث عَنْهُ بسيرة ابن إِسْحَاق، بروايته عَنِ السِّلَفيّ.
وحدَّث عَنْهُ من شيوخنا: أَبُو الْخَطَّاب بْن واجب، وأبو عَبْد اللَّه التُّجَيبيّ.
استشهد فِي خروجه من ألْش مَعَ عامَّة أهلها لمّا خافوا من الأمير سعد بْن مُحَمَّد، وكانوا قد خلعوا دعوته.
[1] انظر عن (علي بن أبي عبد الله) في: صلة الصلة لابن الزبير 102، وتكملة الصلة لابن الأبّار، رقم 1864، وبغية الملتمس للضبيّ، رقم 1202، والذيل والتكملة 5 ق 1/ 278، 279 رقم 557.
[2]
في تكملة الصلة.
[3]
وكان السلفي يقول: كتب عني ألف ورقة.
[4]
وكان سمعه في سنة 534 هـ.