الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[حريق اللّبّادين]
وفيها، قال أبو المظفّر ابن الجوزيّ [1] : احترقت اللّبّادين، وباب السّاعات [2] بدمشق حريقا عظيما صار تاريخا، رقد طبّاخ هريسة عَلَى القِدْر ونام، فاحترقت دكّانه، ولعبت النّار فِي اللّبّادين، وتعدَّت إلى دُورٍ كثيرة، ونُهبت أموالٌ عظيمة، وأقامت النّار تلعب أيّاما.
[مسير شير كوه إلى مصر]
وفيها كَانَ مسير الأمير أسد الدّين شير كوه المسير الثّاني إلى مصر. جهّز السّلطان نور الدّين المعظَّم جيوشه، وقيل: بل جهَّز معه أَلْفَيْ فارس، فنزل بالجيزة محاصرا لمصر مدَّة نيِّفٍ وخمسين يوما، فاستنجد شاور بالفرنج، فدخلوا مصر من دِمياط لنجدته، فرحل أسد الدّين من بين أيديهم، وتقدّم عَنْ منزلته، ثمّ وقع بينه وبين المصريّين حربٌ عَلَى قِلَّة عسكره وكَثْرة عدوّه، فانتصر فيها أسد الدّين، وقتل من الفرنج ألوفا وأسر منهم سبعين فارسًا [3] .
قَالَ ابن الأثير [4] : كانت هذه الوقعة من أعجب ما يؤرَّخ أنّ ألَفْي فارس تهزم عساكر مصر والفرنج السّاحليّة.
[1] في مرآة الزمان 8/ 270، وانظر: دول الإسلام 2/ 75، 76.
[2]
باب الساعات: هو الباب الغربي للجامع الأموي ويعرف بباب الزيادة، سمّي بباب الساعات لأنه كان هناك منكاب الساعات يعلم بها كل ساعة تمضي من النهار، عليها عصافير من نحاس، وحيّة من نحاس، وغراب، فإذا تمّت الساعة خرجت فصفرت العصافير، وصاح الغراب وسقطت حصاة. (الدارس في تاريخ المدارس 2/ 386، 387) .
أما اللبّادين فهي محلّة في شرق جامع دمشق مكان النوفرة اليوم وما حولها. (معجم الأماكن الطبوغرافية، للمنجد) وقد تصحّفت إلى «البلادين» في مرآة الجنان 3/ 370، والخبر في: النجوم الزاهرة 5/ 373.
[3]
أخبار الدول المنقطعة 115، المختصر في أخبار البشر 2/ 43، مرآة الزمان 8/ 268، دول الإسلام 2/ 76، اتعاظ الحنفا 3/ 284.
[4]
في الكامل في التاريخ 11/ 326، والتاريخ الباهر 133، والعبر 4/ 176، ومرآة الجنان 3/ 370.
قلت: صدق واللَّهِ ابنُ الأثير، وهذه تُسمّى وقعة البابين، وهو موضع بالصَّعيد، أدْرَكَتْهُ فِيهِ الفرنجُ والمصريّون فِي جُمَادَى الآخرة من السّنة، فعمل مشورة، فأشاروا بالتَّعْدِية إلى الجانب الشّرقي والرجوع إلى الشّام، وقالوا: إنِ انهزمنا إلى أَيْنَ نلتجئ؟ فقال بُزْغُش النُّوريّ صاحب الشَّقِيف [1] : مَن خاف القتْل والأسْر فلا يخدم الملوك، والله لئِن عُدْنا إلى نور الدّين من غير غَلَبَةٍ ليأخذنّ إقطاعاتنا ويطردنا.
فقال أسد الدّين: هذا رأيي. وقال صلاح الدّين كذلك، فوافق الأمراء، ونصبوا للملتقى، وجعلوا الثِّقَل فِي القلب حِفْظًا لَهُ وتكثيرا للسّواد، وأقيم صلاح الدّين في القلب، وقال لَهُ عمّه أسد الدّين: إذا حملوا عَلَى القلب فلا تُصْدِقوهم القتال، وتقهقروا، فإنْ ردّوا عنكم فارجعوا عَلَى أعقابهم. ثمّ اختار هُوَ طائفة يثق بشجاعتهم، ووقف فِي الميمنة، فحملت الفرنج عَلَى القلب، فناوشوهم القتال، واندفعوا بين أيديهم عَلَى بقيّتهم، فتبِعَتْهم الفرنج، فحمل أسد الدّين عَلَى باقي الفرنج والمصريّين، فهزمهم، ووضع فيهم السَّيف. فلمّا عاد الفرنج من حملتهم عَلَى القلب رأوا عسكرهم مهزوما، فولّوا وانهزموا، ونزل النَّصر [2] .
ثمّ سار أسد الدّين إلى الصّعيد، فجبى خراجها، وأقام الفرنج بالقاهرة حتّى استراشوا، وقصدوا الإسكندرية وقد أخذها صلاح الدّين يوسف ابن أخي أسد الدّين، فحاصروها أربعة أشهر، وقاتل أهلُها مَعَ صلاح الدّين أشدّ قتال بجموعه، فترحّل الفرنج عن الإسكندريّة [3] .
[1] الشقيف: هو شقيف تيرون، حصن بجبل عامل شرقيّ صور.
[2]
الكامل في التاريخ 11/ 324- 326، التاريخ الباهر 132، 133، النوادر السلطانية 37، 38، زبدة الحلب 2/ 323، 324، كتاب الروضتين ج 1 ق 2/ 365، تاريخ الزمان 178 و 179، أخبار الدول المنقطعة 115، مفرّج الكروب 1/ 152، المختصر في أخبار البشر 3/ 43، 44، دول الإسلام 2/ 76، العبر 4/ 176، 177، تاريخ ابن الوردي 2/ 72، مرآة الجنان 3/ 370، البداية والنهاية 12/ 252، 253، الكواكب الدريّة 169- 171، اتعاظ الحنفا 3/ 282- 285، تاريخ ابن سباط 1/ 117، نهاية الأرب 28/ 335- 337، مرآة الزمان 8/ 268، 269.
[3]
الكامل 11/ 326، التاريخ الباهر 133، 134 الروضتين ج 1 ق 2/ 365، 366 و 370،