المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ حرف الميم - تاريخ الإسلام - ت تدمري - جـ ٣٩

[شمس الدين الذهبي]

فهرس الكتاب

- ‌[المجلد التاسع والثلاثون (سنة 561- 570) ]

- ‌[الطبقة السابعة والخمسون]

- ‌سنة إحدى وستين وخمسمائة

- ‌[الرفض فِي عاشوراء]

- ‌[وقوع الرُّخْص]

- ‌[هياج الكرج عَلَى بلاد الشام]

- ‌[فتح المنيطرة]

- ‌سنة اثنتين وستين وخمسمائة

- ‌[إرسال العسكر لحرب شُمْلة]

- ‌[عودة ركْب الحاجّ]

- ‌[مشاركة قُطْب الدين لعمّه نور الدين الغزو]

- ‌[حريق اللّبّادين]

- ‌[مسير شير كوه إلى مصر]

- ‌[المهادنة بين أسد الدين وشاور]

- ‌سنة ثلاث وستين وخمسمائة

- ‌[امتناع حجّ المصريّين]

- ‌[رخص الورد ببغداد]

- ‌[وزارة البلديّ]

- ‌[مصالحة البهلوان وصاحب مراغة]

- ‌[مشيخة الشيوخ]

- ‌سنة أربع وستين وخمسمائة

- ‌[الإيقاع بالعيّارين]

- ‌[مصادرة الأمير قيماز]

- ‌[مسير أسد الدين إلى مصر]

- ‌[دعوة صلاح الدين لدخول مصر]

- ‌[وزارة أسد الدين]

- ‌[قتل شاور]

- ‌[موت شير كوه]

- ‌[تقليد صلاح الدين أمور الخليفة]

- ‌ملْك إلْدِكْز الريّ

- ‌[تملُّك شُملة بلاد فارس وردّه]

- ‌[قتْل ابني شاور وعمّهما]

- ‌[الزلزلة بصقلّية]

- ‌سنة خمس وستين وخمسمائة

- ‌[الزلازل فِي الشام]

- ‌[نزول الفرنج عَلَى دمياط]

- ‌[أخذ نور الدين سنجار]

- ‌[دخول نجم الدين أيوب مصر]

- ‌[منازلة نور الدين الكرَك]

- ‌[أسْر أمير حصن عكار]

- ‌سنة ست وستين وخمسمائة

- ‌[وفاة المستنجد باللَّه]

- ‌[خلافة المستضيء باللَّه]

- ‌[كتاب التهنئة برحيل الفرنج عَنْ دمياط]

- ‌[وفاة قطب الدين]

- ‌[دخول نور الدين الموصل]

- ‌[أسر جماعة من الفرنج]

- ‌[بناء مدرسة للشافعية والمالكية بمصر]

- ‌[تقليد قضاء مصر]

- ‌[الغارة عَلَى الرملة، وعسقلان وغيرهما]

- ‌[فتح قلعة أيلة]

- ‌[سماع صلاح الدين من السِّلفي]

- ‌[تحويل منازل العزّ إلى مدرسة للشافعية]

- ‌[وفاة ابن الخلّال]

- ‌[استيلاء الخَزَر عَلَى دَوِين]

- ‌[ظهور مغربيّ دعيّ وقتله]

- ‌سنة سبع وستين وخمسمائة

- ‌[عزل ابن رئيس الرؤساء]

- ‌[الحريق ببغداد]

- ‌[هديَّة صاحب البحرين]

- ‌[تدريس ابن الجوزي «بالحلبة» ]

- ‌[الخطبة للعباسيّين بمصر]

- ‌[تعيين قراقوش زماما لقصر الخلفاء]

- ‌[كتاب البشارة بالخطبة لأمير المؤمنين]

- ‌[وصول الخِلَع من الخليفة إلى دمشق]

- ‌[رواية ابن الأثير فِي انقراض الدولة العُبيدية]

- ‌[بداية المنافرة بين صلاح الدين ونور الدين]

- ‌[اتخاذ الحمام للمراسلة]

- ‌[تفويض العماد بالتدريس والنظارة]

- ‌[عبور الخطا نهر جيحون إلى خوارزم]

- ‌سنة ثمان وستين وخمسمائة

- ‌[تدريس ابن الجوزي بجامع المنصور]

- ‌[التخوّف من عسكر همذان]

- ‌[حفل ختان إخوة الخليفة]

- ‌[حضور الخليفة مجلس ابن الجوزي]

- ‌[استيلاء قراقوش عَلَى طرابلس الغرب]

- ‌[فتح برقة واليمن]

- ‌[حصار صلاح الدين الكَرَك]

- ‌[وفاة خوارزم شاه]

- ‌[الحرب بين أبناء خوارزم شاه عَلَى المُلْك]

- ‌[انهزام الروم أمام مليح الأرمني]

- ‌[فتح نور الدين بَهَسْنَا ومَرْعَش]

- ‌[خضوع قلج أرسلان لشروط نور الدين]

- ‌[تدريس القطب النيسابوري بالغزالية]

- ‌[بناء المدرسة العادلية]

- ‌سنة تسع وستين وخمسمائة

- ‌[حريق الظفريَّة]

- ‌[تدريس ابن الجوزي بجامع المنصور]

- ‌[الازدحام عَلَى درس ابن الجوزي بالحربيَّة]

- ‌[وصول التقادم من نور الدين إلى الخليفة بمصر]

- ‌[التدريس بالنظاميّة]

- ‌[خروج ابن أخي شملة وقتله]

- ‌[وقوع البَرَد]

- ‌[زيادة دجلةٍ]

- ‌[الأمطار بالموصل]

- ‌[تجدّد الخلاف بين السُّنَّة والرافضة]

- ‌[البشارة بفتح اليمن وكسر الفرنج]

- ‌[وصول الفتوحات إلى النوبة]

- ‌[الفتوحات فِي اليمن]

- ‌[إخراج المحفوظ فِي خزائن مصر]

- ‌[مهادنة الصالح إِسْمَاعِيل للفرنج]

- ‌مصرع الّذين سَعَوْا فِي إعادة دولة بني عُبَيْد

- ‌[منازلة الفرنج الإسكندرية]

- ‌[هلاك مُرّي ملك الفرنج]

- ‌[رسالة ابن المقدّم إلى صلاح الدين وردّه عليها]

- ‌[وعْظ الطوسي بالتاجية وثورة الشيعة عَلَيْهِ]

- ‌سنة سبعين وخمسمائة

- ‌[إعادة ابن الدامغانيّ إلى قضاء القضاة]

- ‌[موقف قايماز من توزير ابن المظفّر]

- ‌[تدريس ابن الجوزي تحت منظرة الخليفة]

- ‌[فتنة الأمير تتامش]

- ‌[إعادة ابن رئيس الرؤساء إلى الوزارة]

- ‌[وفاة قايماز]

- ‌[امتلاك صلاح الدين دمشق]

- ‌[هدْم قلعة حمص]

- ‌[أخْذ حماه]

- ‌[محاصرة حلب واستغاثة صاحبها بالباطنية]

- ‌[تسلُّم حمص]

- ‌[تسلُّم بعلبَكّ]

- ‌[كسرة عسكر حلب والموصل عند حماه]

- ‌[مصالحة صلاح الدين لصاحب حلب]

- ‌[أخْذ حصن بارين]

- ‌[الإنعام بحمص والإنابة بقلعة دمشق]

- ‌[أخْذ بعلبَكّ وعصيان ابن المقدّم بها]

- ‌[نصوص بعض الكتاب من إنشاء القاضي الفاضل]

- ‌[ملك البهلوان مدينة توريز]

- ‌[رواية ابن الأثير عَنْ فتنة قايماز]

- ‌تراجم رجال هذه الطبقة

- ‌سنة إحدى وستين وخمسمائة

- ‌ حرف الألف

- ‌ حرف الجيم

- ‌ حرف الحاء

- ‌ حرف الزاي

- ‌ حرف السين

- ‌ حرف الشين

- ‌ حرف العين

- ‌ حرف الميم

- ‌ حرف الهاء

- ‌ حرف الياء

- ‌الكنى

- ‌سنة اثنتين وستين وخمسمائة

- ‌ حرف الألف

- ‌ حرف الحاء

- ‌ حرف العين

- ‌ حرف القاف

- ‌ حرف الميم

- ‌ حرف الهاء

- ‌ حرف الياء

- ‌سنة ثلاث وستين وخمسمائة

- ‌ حرف الألف

- ‌ حرف الباء

- ‌ حرف التاء

- ‌ حرف الجيم

- ‌ حرف الحاء

- ‌ حرف الخاء

- ‌ حرف السين

- ‌ حرف الشين

- ‌ حرف الضاد

- ‌ حرف العين

- ‌ حرف القاف

- ‌ حرف الميم

- ‌ حرف النون

- ‌ حرف الهاء

- ‌ حرف الياء

- ‌الكنى

- ‌سنة أربع وستين وخمسمائة

- ‌ حرف الألف

- ‌ حرف الحاء

- ‌ حرف الراء

- ‌ حرف السين

- ‌ حرف الشين

- ‌ حرف العين

- ‌ حرف الميم

- ‌ حرف الياء

- ‌الكنى

- ‌سنة خمس وستين وخمسمائة

- ‌ حرف الألف

- ‌ حرف الجيم

- ‌ حرف الحاء

- ‌ حرف الخاء

- ‌ حرف الطاء

- ‌ حرف العين

- ‌ حرف الميم

- ‌ حرف الياء

- ‌سنة ستّ وستّين وخمسمائة

- ‌ حرف الألف

- ‌ حرف الحاء

- ‌ حرف السّين

- ‌ حرف الطاء

- ‌ حرف العين

- ‌ حرف اللام

- ‌ حرف الميم

- ‌ حرف الياء

- ‌الكنى

- ‌سنة سبع وستين وخمسمائة

- ‌ حرف الألِف

- ‌ حرف الجيم

- ‌ حرف الحاء

- ‌ حرف الخاء

- ‌ حرف السين

- ‌ حرف العين

- ‌ حرف القاف

- ‌ حرف الميم

- ‌ حرف النون

- ‌ حرف الواو

- ‌ حرف الياء

- ‌سنة ثمان وستين وخمسمائة

- ‌ حرف الألف

- ‌ حرف الجيم

- ‌ حرف الحاء

- ‌ حرف السين

- ‌ حرف الصاد

- ‌ حرف العين

- ‌ حرف الميم

- ‌سنة تسع وستين وخمسمائة

- ‌ حرف الألف

- ‌ حرف الجيم

- ‌ حرف الحاء

- ‌ حرف الدال

- ‌ حرف السين

- ‌ حرف العين

- ‌ حرف الفاء

- ‌ حرف الميم

- ‌ حرف الهاء

- ‌ حرف الْيَاءِ

- ‌سنة سبعين وخمسمائة

- ‌ حرف الألِف

- ‌ حرف الحاء

- ‌ حرف الخاء

- ‌ حرف السين

- ‌ حرف الشين

- ‌ حرف العين

- ‌ حرف الفاء

- ‌ حرف القاف

- ‌ حرف الميم

- ‌ حرف الهاء

- ‌ حرف الواو

- ‌ حرف الياء

- ‌المتوفّون فِي هذه الحدود ما بين الستين والسبعين

- ‌ حرف الألف

- ‌ حرف الراء

- ‌ حرف العين

- ‌ حرف الميم

- ‌ حرف الياء

الفصل: ‌ حرف الميم

القفاص» ، ومع خموله بمصر، قد فشت بالشّام دعوته، وطبّقَتْ مصرَ فتنتُه، وإنّ أرباب المعايش يحملون إِلَيْهِ جُزءًا من كسْبهم. ووجدتْ فِي منزله بالإسكندريَّة عند القبض عَلَيْهِ كُتُبٌ فيها خلُع العِذار، وصرح الكُفْر الَّذِي ما عَنْهُ اعتذار. وكان يدّعى النَّسَب إلى أهل القصر، وأنّه خرج منه صغيرا، ونشأ عَلَى الضّلالة كبيرا، فقد صرعة كُفْره، وحاق بِهِ مكرُه. والحمد للَّه وحده» [1] .

-‌

‌ حرف الفاء

-

334-

[فوارس][2] بْن موهوب بْن عبد اللَّه [3] .

ابن الشّباكيَّة الخفّاف أَبُو الهيجا.

روى عَنْ: إِسْمَاعِيل بْن مَلَّة.

روى عَنْهُ: مكّيّ الفرّا، وأبو مُحَمَّد بْن قُدَامَة، وجماعة [4] .

-‌

‌ حرف الميم

-

335-

مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن محرز بْن عَبْد اللَّه [5] .

أَبُو بَكْر البَطَلْيُوسيّ، عُرِف بالمَنْتَانْجِشِيّ، نزيل إشبيلية.

سَمِعَ من: أَبِيهِ، ومن أَبِي الوليد العُتْبيّ، وأبي مُحَمَّد بن عتّاب، وأبي القاسم بن النَّخّاس [6] .

وأخذ عَنِ ابن النّخّاس القراءات، وعن: أَبِي عَبْد اللَّه بْن مزاحم، وابن طريف.

[1] انظر: الروضتين ج 1 ق 2/ 563- 566، ومفرّج الكروب 1/ 248.

[2]

في الأصل بياض.

[3]

انظر عن (فوارس بن موهوب) في: المختصر المحتاج إليه 3/ 159 رقم 1103.

[4]

مولده سنة 487 تقريبا.

[5]

انظر عن (محمد بن أحمد بن محرز) في: تكملة الصلة لابن الأبّار 2/ 512، 513، والذيل والتكملة لكتاب الموصول والصلة للمراكشي 5/ 677 و 6/ 65، ومعرفة القراء الكبار 2/ 549 رقم 497، وغاية النهاية 2/ 80 رقم 2778.

[6]

في الأصل وغاية النهاية: «النحاس» بالحاء المهملة. والمثبت عن معرفة القراء الكبار.

ص: 368

وأخذ العربيَّة والأدب عَنْ: أَبِي عَبْد اللَّه بْن أَبِي العافية.

قَالَ الأَبّار [1] : كَانَ فقيها، مشاوَرًا، حافظا، أديبا، حافلا، كاتبا.

روى عَنْهُ: أبو بكر بن خير، وأبو عمر بن عيّاد، وأبو الْخَطَّاب بْن واجب شيخنا، وغيرهم.

تُوُفّي فِي آخر السّنة.

قَالَ: وفي هذه السّنة كان غزوة السّبطاط وفتح قنطرة السّيف عَنْوةً.

336-

مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن بْن أَحْمَد بْن عُمَر [2] .

أَبُو شجاع المادَرَائيّ [3] ، أحد الحُجّاب الأعيان بالدّيوان العزيز.

سَمِعَ من: طراد الزينبي، وأبي عبد الله بن طلحة النِّعَاليّ، وغيرهما.

سَمِعَ منه: المبارك بْن كامل مَعَ تقدُّمه، وعُمَر بْن عَلِيّ الْقُرَشِيّ.

وحدَّث عَنْهُ: أَحْمَد بْن أَحْمَد الأَزَجيّ، وعبد اللّطيف بْن القُبَّيْطيّ، وموفَّق الدِّين بْن قُدَامة، وغيرهم.

وكان مولده في سنة ثمانين وأربعمائة، وتُوُفّي فِي صَفَر.

أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْحَافِظِ بِنَابُلُسَ، أنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ، أنا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْمَادَرَائِيُّ بِقِرَاءَتِي: أنا طِرَادُ بْنُ مُحَمَّدٍ، أنا مُحَمَّد بْن أَحْمَدَ بْن مُحَمَّدِ بْن حَسْنُونَ النَّرْسِيُّ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ الدَّقِيقِيُّ، ثنا بَكْرُ بْنُ عُمَرَ، ثنا شُعْبَةُ: أنا سِمَاكٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«إِنَّ مِنَ الشّعر حكما، وإنّ من البيان سحرا» [4] .

[1] في تكملة الصلة 2/ 512.

[2]

انظر عن (محمد بن الحسين) في: سير أعلام النبلاء 21/ 46 (دون ترجمة) .

[3]

المادرائي: بفتح الميم والدال المهملة بعد الألف، وبعدها الراء. نسبة إلى مادرايا من أعمال البصرة. (الأنساب 11/ 64) .

[4]

الحديث صحيح، رواه أكثر من صحابيّ، أخرجه البخاري في الأدب 10/ 448 باب ما يجوز من الشعر والرجز والحداء، وفي فضائل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، باب: أيام الجاهلية، وفي الرقاق، باب: الجنة أقرب إلى أحدكم من شراك نعله، ومسلم في الشعر (2256)، وروى أبو داود في الأدب (5011) باب: ما جاء في الشعر قال: جَاءَ أَعْرَابِيٌّ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فجعل يتكلم بكلام، فقال:«إن من البيان سحرا، وإن من الشعر حكما» ،

ص: 369

337-

مُحَمَّد بْن عَبْد الملك بْن مَسْعُود [1] .

أَبُو بَكْر الدّينَوَرِيّ، أحد العدُول ببغداد.

كَانَ متساهلا فِي الشّهادة فعُزِل. وكان غير محمود الطّريقة. ثُمَّ أُعيد إلى العدالة فِي أواخر أيّامه.

سمع من: أبي سعد بن الطُّيوريّ، وعبد القادر بْن يوسف.

روى عَنْهُ: أَبُو سَعْد السّمعانيّ، ومات قبله.

تُوُفّي سَنَة تسعٍ فِي شعبان.

338-

محمود بْن أَبِي سَعِيد زنكي بن آق سنقر التّركيّ [2] .

[ () ] وأخرجه الترمذي في الأدب (2848) باب: ما جاء إن من الشعر حكمة.

ومن طريق هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها في: الجليس الصالح للجريري 1/ 217، ومعجم الشيوخ لابن جميع الصيداوي (بتحقيقنا) 294 رقم 255، ومسند الشهاب للقضاعي 2/ 99 رقم 964 و 965.

[1]

انظر عن (محمد بن عبد الملك) في: ذيل تاريخ مدينة السلام بغداد لابن الدبيثي 2/ 51 رقم 258، والمختصر المحتاج إليه 1/ 70.

[2]

انظر عن (محمود بن زنكي) في: المنتظم 10/ 248، 249 رقم 348 (18/ 209، 210 رقم 4302) ، والكامل في التاريخ 11/ 402- 405، وسنا البرق الشامي 1/ 153- 155، والتاريخ الباهر 161- 175، والنوادر السلطانية 47، والإشارات إلى معرفة الزيارات للهروي 16، وبغية الطلب (تراجم السلاجقة) انظر فهرس الأعلام 405، وزبدة الحلب 2/ 340، 341 و 3/ 9، 10، ومفرّج الكروب 1/ 263، والروضتين ج 1 ق 1/ 577- 588، ومختصر تاريخ دمشق لابن منظور 24/ 121- 128 رقم 97، وآثار الأول في ترتيب الدول للعباسي 128 و 185، وأخبار الدول المنقطعة 114، وتاريخ مختصر الدول 215، 216، وتاريخ الزمان 189، ومنتخبات من كتاب التاريخ لشاهنشاه 2685، وذيل تاريخ دمشق (انظر فهرس الأعلام)، وكتابنا: ديوان ابن منير الطرابلسي (انظر فهرس الأعلام) 331، ووفيات الأعيان 5/ 184- 189، ومرآة الزمان 8/ 187 و 305- 345، والمختصر في أخبار البشر 3/ 55، والنجوم الزاهرة في حلى حضرة القاهرة 143، ونهاية الأرب 27/ 163- 168، والعبر 4/ 208، 209، وسير أعلام النبلاء 20/ 531- 539 رقم 340، ودول الإسلام 2/ 83، والإعلام بوفيات الأعلام 235، وتاريخ ابن الوردي 2/ 83، ومرآة الجنان 3/ 386- 389، والبداية والنهاية 12/ 277، 278، والإعتبار لأسامة بن منقذ (انظر فهرس الأعلام) 239، والجوهر الثمين 2/ 14، والكواكب الدريّة 228، وتاريخ ابن خلدون 5/ 253، ومآثر الإنافة للقلقشندي 2/ 34

ص: 370

الملك العادل نور الدِّين، ناصر أمير المؤمنين أبو القاسم.

قال ابن عساكر: كان آق سنقر قد وُلّي ناية حلب للسّلطان ملك شاه بْن ألب رسلان، ووُلّي غيرها من بلاد الشّام.

ونشأ قسيم الدَّولة زنكي بالعراق، وندبه السّلطان محمود بن محمد بن ملك شاه بْن ألْب رسلان برأي الخليفة المسترشد باللَّه لولاية المَوْصِل، وديار بَكْر، والبلاد الشّاميَّة، بعد قتل آق سنقر البُرْسُقيّ، وموت ابنه مَسْعُود. فظهرت كفاية زنكي، وعُرِفت شهامته وثَبَاته عند ظهور ملك الروم، ونزوله عَلَى شَيْزَر، حَتَّى رجع إلى بلاده خائبا: وقد حاصر ابن قسيم الدَّولة زنكي دمشقَ مرّتين، فلم يفتحها، وافتتح الرُّهَا، والمَعَرَّة، وكَفَرْطاب وغيرها من أيدي الكُفّار. وتُوُفّي، وقام مقامه فِي ولاية الشّام ابنه الملك نور الدِّين.

وُلِدَ فِي شوَّال سَنَة إحدى عشرة وخمسمائة، ودخل قلعة حلب بعد قتل والده عَلَى جَعْبَر فِي ربيع الأوّل سَنَة إحدى وأربعين، فخلع عَلَى الأمراء.

قلت: تملَّك ولَهُ ثلاثون سَنَة. وكان أعدل ملوك زمانه بالإجماع، وأكثرهم جهادا، وأحرصهم عَلَى الخير، وأَدْيَنَهم وأَتْقَاهم للَّه.

قَالَ ابن عساكر [1] : ظهر منه بذل الاجتهاد فِي قيام الجهاد، وخرج من حلب غازيا فِي أعمال تلّ باشِر، فافتتح حصونا كثيرة، وقلعة أفامية، وحصن

[ () ] و 40 و 46 و 47 و 51 و 168، وتاريخ الخميس للدياربكري 2/ 406، والجواهر المضيّة 2/ 158، وشفاء الغرام لقاضي مكة (بتحقيقنا) 2/ 365- 367، والنجوم الزاهرة 6/ 71، وتحفة الأحباب للسخاوي 57، 68، وتاريخ ابن سباط (بتحقيقنا) 1/ 135- 138، والدارس في تاريخ المدارس للنعيمي 1/ 99 و 331، والسلوك للمقريزي ج 1 ق 1/ 55، وثمرات الأوراق لابن حجّة الحموي 82، وشذرات الذهب 4/ 228- 231، وبدائع الزهور ج 1 ق 2/ 240، 241، وأخبار الدول 279، 280، ومنادمة الأطلال 214- 222، والإشارات إلى أماكن الزيارات لابن الحوراني- 27- 29 وقد نشر المعهد العلمي الفرنسي بدمشق ترجمة «محمود بن زنكي» من تاريخ دمشق لابن عساكر، بتحقيق نيكيتا إيليسيف.

[1]

في تاريخ دمشق، والمختصر.

ص: 371

البارة، وقلعة الرّاوندان، وقلعة تلّ خالد، وحصن كفرلاثا [1] ، وحصن بَسَرْفُوث [2] بجبل بني عُلَيْم، وقلعة عزاز، وتلّ باشِر، ودُلُوك، ومَرْعَش، وقلعة عين تَاب، ونهر الجوز. وغزا حصن إنَّب [3] ، فقصده الإبْرِنْس صاحب أنطاكية، فواقعه، فكسره نور الدِّين وقتله، وقتل ثلاثة آلاف إفْرنجي، وبقي لَهُ ولدٌ صغيرٌ مَعَ أمّه بأنطاكيّة، فتزوّجت بإبْرِنْسٍ آخر، فخرج نور الدِّين فِي بعض غزواته فأسر الإبْرِنْس الآخر، فتملّك أنطاكية ابنُه، وباعه نور الدِّين نفسَه بمالٍ عظيم.

قَالَ: وأظهر السُّنَّة بحلب، وغيَّر البدعة الّتي كانت لَهُ فِي [التّأذين][4] ، وقمع الرّافضة، وبنى بها المدارس، وأقام العدل.

وحاصر دمشق مرَّتين، ثُمَّ قصدها الثّالثة.

وقد كَانَ صَالَح مَعِين الدِّين أنز [5] نائب صاحبها، وصاهَره، واجتمعت كلمتُهما عَلَى الغزْو، فسلَّم أهل دمشق إِلَيْهِ البلد لغلاء الأسعار، وللخوف من العدوّ، فتملّكها وسكنها، وحصّن سورها، وبنى بها المدارس والمساجد، ووسّع أسواقها، ورفع عَنِ النَّاس الأَثقال، ومنع مِنْ أخذ ما كَانَ يؤخذ منهم من المغارم بدار بِطّيخ وسوق الغَنَم. وضمان النّهر والكَيّالة، وأبطل الخمر.

وأخذ من الفِرَنج ثغر بانياس، والمُنَيْطِرة [6] .

وكان فِي الحرب رابط الجأش، ثابت القَدَم، حَسَن الرَّمْي. وكان

[1] كفرلاثا: بالثاء المثلّثة، والقصر. بلدة ذات جامع ومنبر في سفح جبل عاملة من نواحي حلب بينهما يوم واحد.. وأهلها إسماعيلية (معجم البلدان 4/ 470) .

[2]

بسرفوث: حصن من أعمال حلب في جبال بني عليم، وقد خرب، وهو الآن قرية.

(معجم البلدان 1/ 420) .

[3]

إنّب: حصن من أعمال عزاز من نواحي حلب. (معجم البلدان 1/ 258) .

[4]

في الأصل بياض. والمثبت من تاريخ دمشق، والمختصر 24/ 123.

[5]

هكذا بالزاي في الأصل، وهو «أنر» بالراء.

[6]

المنيطرة: حصن في جبال لبنان بين جبيل وبعلبكّ. وصفه ياقوت بأنه حصن بالشام قريب من طرابلس. (معجم البلدان 5/ 27) .

ص: 372

يتعرَّض بنفسه للشّهادة، فلقد حكى عَنْهُ كاتبه أبو اليُسْر شاكر بْن عَبْد اللَّه أَنَّهُ سمعه يسأل اللَّه أن يحشره من بطون السّباع وحواصل الطَّيْر، والله يقي مهجته من الأَسْوأ. فلقد أحسن إلى العلماء وأكرمهم، وبنى دُور العدل، وحضرها بنفسه أكثر الأوقات، ووقف عَلَى المرضى، وأَدَرَّ عَلَى الضُّعفاء والأيتام وعلى المجاورين، وأمر بإكمال سور مدينة النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم، واستخراج العين الّتي بأُحُد، وكانت قد دفنتها السيول.

وفتح سُبُل الحجّ من الشّام، وعمّر الرُّبَط، والخوانق، والبيمارستانات فِي بلاده، وبنى الجسور والطُّرُق والخانات، ونصَّبَ مؤدّبين للأيتام. وكذلك صنع لَمّا ملك بسِنْجار، وحَرَّان والرّقّة، والرّها، ومنبج، وشيزر، وحماه، وحمص، وصَرْخَد، وبَعْلَبَكّ، وتَدمُر. ووقف كُتُبًا كثيرة عَلَى أهل العِلْم.

وكسر الفِرَنج والأرمن عَلَى حارِم هُوَ وأخوه قطب الدِّين فِي عسكر المَوْصِل، وكان العدوّ ثلاثين ألف، فلم يفلت منهم إِلَّا القليل. وقبلها كسر الفِرَنج عَلَى بانياس.

قَالَ سِبْط الْجَوْزيّ [1] : سبب أخْذ نور الدِّين دمشقَ ما ظهر من صاحبها مُجير الدِّين من الظُّلْم ومصادرات أهلها، وقبْضة عَلَى جماعةٍ من الأعيان، واستدعى زين الدَّولة [2] بْن الصُّوفيّ الَّذِي ولّاه رياسة دمشق لَمّا أخرج أخاه وجيه الدَّولة منها، فقتله فِي القلعة، ونهب داره، وأحرق دُور بني الصُّوفيّ، ونهب أموالهم. وتواترت مكاتباته للفرنج يستنجد بهم ويُطْمعهم فِي البلاد، وأعطاهم بانياس، فكانوا يشنُّون الغارات إلى باب دمشق، فيقتلون ويأسرون.

وجعل للفِرَنج عَلَى أهل دمشق قطيعة، فكاتب أهل دولته نور الدِّين، فأخذ نور الدِّين معه فِي الملاطفة والودّ، وخاف إنْ شدَّ عَلَيْهِ أن يستعين بالفِرَنج.

ولم يزل إلى أن تسلّم دمشق.

[1] في مرآة الزمان 8/ 220، 221.

[2]

في مرآة الزمان 8/ 221 «سيف الدولة» ، وفي الحاشية (1) هو مؤيّد الدين.

ص: 373

قَالَ ابن عساكر [1] : وقد كَانَ شاور السَّعْديّ أمير الجيوش بمصر وصل إلى جنابه مستجيرا لَهُ لَمّا عاين الدّهر، فأكرمه وأكرم مورده واحترمه، وبعث معه جيشا لردّه إلى درجته، فوصلوا معه، وقتلوا خصمه، ولم يقع منه الوفاء بما ورد من جهته، فأصرّ عَلَى المشاققة وكابر، واستنجد بالعدوّ المخذول، فأنجدوه، وضمِن لهم الأموالَ العظيمة، فرجع عسكر نور الدِّين، فحدَّث صاحب الفرنج نفسَه بأخْذ مصر، فتوجَّه إليها بعد سِنين لينتهز الفرصة، فأخذ بَلبيس، وخيَّم بعَرَصَة مصر، فلمّا بلغ نورَ الدِّين ذَلِكَ، بذل جهده فِي توجيه الجيش إليها، فلمّا سَمِعَ العدوّ بمجيء الجيش رجعوا، وأمِن أهلُ مصر بقدوم الجيش وانتعشوا، واطُّلِع من شاور عَلَى المخامرة، وأنّه أنفذ يراسل العدوّ ليردَّهم إلى مصر، ويدفع بهم الجيش، فلمّا عرف غدْره تمارض أسد الدِّين، فجاء شاور يعوده، فوثب جورديك وبُزْغُش النُّوريّان فقتلاه، وأراح اللَّه منه، وصفى الأمر لأسد الدِّين، وتملّك وحُمِدت سيرته، وظهرت السُّنَّة بمصر.

وكان حَسَن الخطّ، حريصا عَلَى تحصيل الكُتُب الصِّحاح والسُّنَن، كثير المطالعة للفِقه، والحديث، مواظبا عَلَى الصَّلَوات فِي جماعةٍ، كثير التِّلاوة، والصِّيَام، والتّسبيح، عفيفا، متحرّيا فِي المطعم والمشرب، عُرْيًا عَن التَّكَبُّر.

وكان ذا عقل متين ورأي رهين، مقْتديًا بسيرة السَّلَف، مُتَشَبِّهًا بالعلماء والصُّلحاء. روى الحديث وأسمعه بالإجازة. وكان من رآه شاهَدَ من جلال السّلطنة وهَيْبة المُلك ما يُبْهِره، فإذا فاوضه رَأَى من لطافته وتواضعه ما يُحيِّره.

ولقد حكى عَنْهُ مَن صَحِبَه فِي حَضَره وسَفَره أَنَّهُ لم يسمع منه كلمةَ فُحْش في رضاه ولا في ضَجَره، وإنَّ أشهى ما إِلَيْهِ كلمةُ حقٍّ يسمعها، وإرشادٌ إلى سُنَّة يتَّبِعُها، يؤاخي الصّالحين ويزورهم، وإذا احتلم مماليكه أعتقهم، وزوَّج ذكرانهم بإناثهم ورزقهم. ومتى تكرَّرت الشِّكاية من وُلاته عزلهم. وأكثر ما

[1] في تاريخ دمشق، ومختصره 24/ 125.

ص: 374

أخذه من البلدان تسلّمه بالأمان. وكان كُلَّما فتح اللَّه عَلَيْهِ فتحا، وزاده ولايةَ، أسقط عَنْ رعيّته قسْطًا، حَتَّى ارتفعت عَنْهُمُ الظُّلامات والمُكُوس، واتَّضعت فِي جميع ولايته الغرامات والنُّحُوس.

وقال أَبُو الفَرَج بْن الْجَوْزيّ [1] : نور الدِّين وليَ الشّامَ سِنين، وجاهد الثّغور، وانتزع من أيدي الكُفَّار نيِّفًا وخمسين مدينة وحصْنًا، وبنى مارستانا [2] فِي الشّام، فأنفق عَلَيْهِ مالا، وبنى بالمَوْصِل جامعا غرِم عَلَيْهِ سبعين [3] ألف دينار، ثُمَّ أثنى عَلَيْهِ.

وقال: كَانَ يتديَّن بطاعة الخلفاء، وترْك المُكُوس قبل موته، وبعث جُنودًا فتحوا مصر. وكان يميل إلى التَّواضُع، ومحبَّة العلماء والصُّلَحاء، وكاتَبَني مِرارًا. وأحْلَفَ الأمراءَ عَلَى طاعة ولده بعدَه، وعاهد ملوك الفِرَنج، وصاحبَ طَرَابُلُسَ، وقد كَانَ فِي قبضته أسيرا، عَلَى أن يطلقه بثلاثمائة دينار، وخمسمائة حصان، وخمسمائة زرديّة، ومثلها تراس إفرنجيّة، ومثلها قنطوريّات، وخمسمائة أسيرٍ مسلمين، وبأنّه لا يُغير عَلَى بلاد المسلمين سبْع سِنين وسبعة أشهر وسبعة أيّام. وأخذ منه فِي قبضته عَلَى الوفاء بذلك مائة من أولاد الفِرَنج وبَطَارقيّهم، فإن نكث أراق دماءهم. وعزم عَلَى فتح بيت المقدس، فتُوُفّي فِي شوَّال. وكانت ولايته ثمانيا وعشرين سَنَة.

وقال المُوفَّق عَبْد اللّطيف: كَانَ نور الدِّين لم ينشف لَهُ لبدٌ من الجهاد، وكان يأكل من عمل يده، ينسخ تارة، ويعمل أعلافا تارة، ويلبس الصوف، ويلازم السَّجّادةَ والمُصْحَف، وعمّر المدارس، وعمّر المارستان بدمشق للمهذّب ابن النّقّاش تلميذ أوحد الزّمان.

وكان حنفيّا، ويُراعي مذهب الشّافعيّ، ومالك. وكان ولده الصّالح أحسن أهل زمانه صورة.

[1] في المنتظم 10/ 248، 249.

[2]

في الأصل: «وبنى مارستان» .

[3]

في المنتظم: «ستين» .

ص: 375

ونزل نور الدِّين عَلَى حارِم، فكبستهم الفِرَنج، وهرب جيشه عَلَى الخيل عُرْيًا، وقام هُوَ حافيا، فركب فَرَس النَّوْبة، وأخذت الفِرَنج الخِيَم بما حَوَت، فلمّا دخل حلبَ غرِم لجميع الْجُنْد ما ذهب، حَتَّى المِخْلَاة والمِقْوَد، وخرج بعد شهرٍ بأتمّ عُدَّة، وكسرهم كسرة مُبِيدة.

ونقل الْحَسَن بْن مُحَمَّد القليوبيّ فِي «تاريخه» قَالَ: لَمّا جاءت الزّلزلة بنى نور الدِّين فِي القلعة بيتا من خشب كَانَ يبيت فِيهِ، فدُفِن فِي ذَلِكَ البيت، ورثاه جماعة من الشُّعراء، وأخرجت الأمراء ولده مشقوق الثّياب، مجزوز الشَّعْر، وأجلسوه على التَّخْت الباقي من عهد تُتُش، والنّاس حوله يبكون، ثُمَّ حلف لَهُ الأمراء.

وقال القاضي ابن خَلِّكان [1] : وسيَّر نور الدّين الأمير أسد الدّين شير كوه إلى مصر ثلاثٍ دفعات، ثُمَّ ملكها صلاح الدِّين نيابة لَهُ، وضرب باسمه السِّكَّة والخُطْبة.

قَالَ: وكان زاهدا، عابدا، متمسّكا بالشّريعة، مجاهدا، كثير البِرّ والأوقاف. وبنى بالمَوْصِل الجامع النّوريّ. ولَهُ من المناقب ما يستغرق الوصف.

تُوُفّي فِي حادي عشر شوَّال بقلعة دمشق بالخوانيق، وأشاروا عَلَيْهِ بالفَصْد فامتنع، وكان مَهِيبًا، قلّما روجع، وكان أسمر طويلا، حَسَن الصّورة، لَيْسَ بوجهه شَعْر سوى حَنَكه. وعُهِد بالمُلك إلى ولده الملك الصّالح إِسْمَاعِيل، وهُوَ ابن إحدى عشرة سَنَة.

وقال ابن الأثير [2] : حكى لي الطّبيب قَالَ: استدعاني نور الدِّين مَعَ غيري، فدخلنا عَلَيْهِ، وقد تمكّنت الخوانيق منه، وقارب الهلاك، ولا يكاد يُسمع صوتُه، فقلت: ينبغي أن ينتقل إلى موضعٍ فسيحٍ مضيء، فله أثر في

[1] في وفيات الأعيان 5/ 185.

[2]

في الكامل 11/ 402.

ص: 376

هذا المرض. وأشرنا بالفَصْد، فقال: ابن ستّين سَنَة لا يفتصِد. وامتنع منه، فعالجناه بغيره، فلم ينجع.

قَالَ ابن الأثير [1] : كَانَ أسمر طويلا، لَيْسَ لَهُ لحية إِلَّا في حَنَكه. وكان واسع الجبهة، حَسَن الصّورة، حُلْو العينين، قد طالعت السِّيَر، فلم أر فيها بعد الخلفاء الرّاشدين وعُمَر بْن عَبْد العزيز أحسن من سيرته، ولا أكثر تحرّيا منه للعدل.

وكان لا يأكل، ولا يلبس، ولا يتصرّف فِي الَّذِي يخصّه إِلَّا من مُلْكٍ كَانَ لَهُ قد اشتراه من سهمه من الغنيمة، ومن الأموال المُرْصَدَة لمصالح المسلمين. ولقد طلبَتْ منه زوجته فأعطاها ثلاثة دكاكين بحمص كراها نحو عشرين دينارا في السّنة، فاستقلَّتها فقال: لَيْسَ لي إِلَّا هذا، وجميع ما بيدي أَنَا فِيهِ خازن للمسلمين. وكان رحمه الله يصلّي كثيرا باللّيل. وكان عارِفًا بالفقه عَلَى مذهب أَبِي حنيفة، ولم يترك فِي بلاده عَلَى سَعتِها مُكْسًا.

إلى أن قَالَ فِي أوقافه عَلَى أنواع البِرّ: سَمِعْتُ أنّ حاصل وقْفه فِي الشّهر تسعة آلاف دينار صوريّ.

قَالَ لَهُ القُطْب النَّيْسَابوريّ مرَّةً: لا تُخَاطِرْ بنفسك، فإنْ أُصِبتَ فِي معركةٍ لا يبقى للمسلمين أحدٌ إِلَّا أخذه السّيف. فقال: مَن محمود حَتَّى يقال له هذا؟ مَن حفظ البلاد قبلي؟ ذَلِكَ اللَّه الَّذِي لا إله إِلَّا هُوَ.

وقال يحيى بْن مُحَمَّد الوهْرانيّ، وذكر نور الدِّين: هُوَ سهم للدّولة سديد، ورُكنٌ للخلافة شديد، وأميرٌ زاهد، وملك مجاهد، تساعده الأفلاك، وتعضدُه الجيوشُ والأملاك، غير أَنَّهُ عرف بالمرعى الوكيل لابن السّبيل، وبالمحلّ الجديب للشاعر الأريب، فما يُرزّى ولا يُعزّى، ولا لشاعرٍ عنده نعمةٌ تجزى.

وإيّاه عنى [2] أُسامة بن منقذ بقوله:

[1] في الكامل 11/ 403.

[2]

في الأصل: «عنا» .

ص: 377

سلطانُنا زاهدٌ والنّاس قد زَهِدُوا

لَهُ فكلٌّ عَن [1] الخيراتِ مُنْكمِش

أيَّامُه مثلُ شهر الصَّوم طاهرةٌ

من المعاصي وفيها الجوعُ والعَطَشُ [2]

قلت: وفي كتاب «البرق الشّاميّ» وغيره من مصنَّفات العماد الكاتب كثيرٌ من سِيرة نور الدِّين وأخباره. وقد عُنيَ الْإِمَام أَبُو شامة [3] فِي كتاب «الروضتين» له بأخبار الدّولتين النّوريّة والصّلاحيّة.

ودُفِن نور الدِّين بتُربته عَلَى باب الخوّاصين رحمه الله، وعاش ابنه عشرين سَنَة، ومات بالقولنْج فِي حلب.

قَالَ مجد الدِّين ابن الأثير الْجَزَريّ، فِي «تاريخ المَوْصِل» عَلَى ما حكاه أَبُو المُظَفَّر بْن الْجَوْزيّ عَنْهُ قَالَ [4] : لم يلبس حريرا قطّ، ولا ذَهَبًا ولا فضّة، ومنع من بيع الخمر فِي بلاده.

قلت: قد لبس خلْعة الخليفة وهي من حرير وطَوْق ذهب، فلعلّه أراد أَنَّهُ لا بُدّ من لبْس ذَلِكَ.

قَالَ: وكان كثير الصّيام، ولَهُ أوراد فِي اللّيل والنّهار، كثير اللَّعِب بالكُرة، فكتب إِلَيْهِ بعض الصّالحين يُنْكِر عَلَيْهِ ويقول: تُتْعِب الخيلَ فِي غير فائدة.

فكتب إِلَيْهِ بخطّه: واللهِ ما أقصد اللَّعِبَ، وإنّما نَحْنُ فِي ثغرٍ، فرُبَّما وقع الصُّوت، فتكون الخيلُ قد أدمنت عَلَى سُرعة الانعطاف بالكَرّ والفَرّ [5] .

وأُهْدَيَت لَهُ عمامة مذهَّبة من مصر، فوهبها لشيخ الصُّوفية ابن حَمُّوَيْه، فبعث بها إلى العجم، فأبيعت بألف دينار [6] .

[1] في الروضتين: «على» .

[2]

ديوان أسامة 158، الروضتين ج 1 ق 2/ 584.

[3]

في الأصل: «أبو سامة» بالسين المهملة.

[4]

في مرآة الزمان 8/ 307.

[5]

مرآة الزمان 8/ 307، 308.

[6]

مرآة الزمان 8/ 308.

ص: 378

قَالَ: وكان عارفا بمذهب أَبِي حنيفة، وليس عنده تعصُّب [1] ، والمذاهب عنده سواء.

قَالَ: وكان يلعب يوما في ديوان دمشق، وجاءه رَجُلٌ فطلبه إلى الشَّرْع، فجاء معه إلى مجلس القاضي كمال الدّين بن الشَّهْرُزُوريّ، وتقدَّمه الحاجب يَقُولُ للقاضي: لا تنزعِجْ، واسلْك معه ما تسلك مَعَ آحاد النَّاس. فلمّا حضر سوّى بينه وبين خصْمه وتحاكما، فلم يثبت للرّجل عَلَيْهِ حقّ، وكان يدّعي مُلْكًا فِي يد نور الدِّين، فقال نور الدِّين: هَلْ ثبت لَهُ حقّ؟ قَالُوا: لا. قَالَ:

فاشهدوا أنّي قد وهبت لَهُ المِلْك، وإنّما حضرت معه لئلّا يُقال عنّي أنّي دُعيت إلى مجلس الشَّرع فأَبَيْت [2] .

قَالَ: ودخل يوما فرأى مالا كثيرا، فقالوا: بعث بهذا القاضي كمال الدِّين من قابض الأوقاف. فقال: رُدُّوه، وقولوا لَهُ: أَنَا رقبتي دقيقة، لا أقدر عَلَى حمله غدا، وأنت رقبتك غليظة تقدر عَلَى حمله [3] .

ولَمّا قَدِمَ أمراؤه دمشقَ أفنوا الأملاك، واستطالوا عَلَى النَّاس، خصوصا أسد الدّين شير كوه، ولم يقدر القاضي على الانتصاف من شير كوه، فأمر نور الدِّين ببناء دار العدل، فقال شير كوه: إنّ نور الدِّين ما بنى هذه الدّار إِلَّا بسببي، وإلا فمن يمتنع عَلَى كمال الدِّين؟. وقال لديوانه: واللهِ لئن أُحضِرتُ إلى دار العدل بسببٍ واحد منكم لأصلبنَّه. فإنّ كَانَ بينكم وبين أحدٍ منازعةٌ فارضوه مهما أمكن، ولو أتى على جميع مالي [4] .

وكان نور الدِّين يقعد فِي دار العدل فِي الأسبوع أربع مرّات، ويحضر عنده الفقهاء والعلماء، ويأمر بإزالة الحاجب والبوّابين [5] .

[1] مرآة الزمان 8/ 308.

[2]

مرآة الزمان 8/ 308.

[3]

مرآة الزمان 8/ 308.

[4]

مرآة الزمان 8/ 309.

[5]

مرآة الزمان 8/ 309.

ص: 379

قَالَ: وكان إذا حضرت الحربُ حمل قوسين وتركشَيْن [1] ، وكان لا يتّكل الْجُنْد عَلَى الأمراء، بل يتولّاهم بنفسه، ويُباشر خيولهم وسلاحهم.

قَالَ: وأنفق على عمارة جامع الموصل ستّين [2] ألف دينار، وفوّض عمارته إلى الشَّيْخ عُمَر المُلّا الزّاهد.

قَالَ: ويُقال: أنفق عَلَيْهِ ثلاثمائة ألف دينار، فتمّ فِي ثلاثٍ سِنين. وبنى جامع حماه عَلَى العاصي [3] .

قَالَ: ووقع فِي أسْره ملك إفرنجيّ، فأشار الأمراء ببقائه فِي أسره خوفا من شرِّه، وبذل هُوَ فِي نفسه مالا. فبعث إِلَيْهِ نور الدِّين سرّا يقول: أحضر المال. فأحضر ثلاثمائة ألف دينار، فأطلقه. فعند وصوله إلى مأمنه مات.

فطلب الأمراء سهمهم من المال، فقال: ما تستحقّون منه شيئا لأنّكم نهيتم، وقد جمع اللَّه لي الحُسْنَيَيْن: الفداء، وموت اللّعين، وخلاص المسلمين منه.

فبنى بذلك المال المارستان، والمدرسة بدمشق، ودار الحديث [4] .

قَالَ: وما كَانَ أحدٌ من الأمراء يتجاسر أن يجلس عنده من هَيْبته، فإذا دخل عَلَيْهِ فقيرٌ أو عالِمٌ أو ربُّ حِرْفةٍ قام ومشى إِلَيْهِ وأجلسه إلى جانبه، ويُعطيهم الأموال، وإذا قِيلَ لَهُ فِي ذَلِكَ يَقُولُ: هَؤُلَاءِ لهم حقٌّ فِي بيت المال، فإذا قنعوا منّا ببعضه فلهم المِنَّة علينا [5] .

وقال العماد الكاتب فِي «البرق الشّاميّ» : أكَثَر نور الدِّين فِي السَّنة الّتي تُوُفّي فيها من الصَّدقات، والأوقاف، وعمارة المساجد، وأسقط كلّما فيه

[1] في المرآة: «تركاشين» . والتركاش: كلمة فارسية معناها: الجعبة. (معجم الألفاظ الفارسية المعرّبة لأدي شير 36) .

[2]

تقدّم أنه غرم عليه «سبعين» ألف دينار. والمثبت يتفق مع: المنتظم 10/ 248، ومرآة الزمان 8/ 310.

[3]

مرآة الزمان 8/ 310 و 311.

[4]

مرآة الزمان 8/ 311.

[5]

مرآة الزمان 8/ 311، 312.

ص: 380

حرام، فما أبقى سوى الجزْية والخراج، وما يحصل من قسمة الغَلَّات عَلَى قويم المنهاج، وأمرني بكتابة مناشير لجميع أهل البلاد، فكتبت أكثر من ألف منشور، وحَسَبْنا ما تصدَّق بِهِ فِي تِلْكَ الشّهور، فكان ثلاثين ألف دينار [1] .

وكان لَهُ برسم نفقته الخاصَّة فِي كلّ شهرٍ من الجزية ما يبلغ ألفي قِرْطاس، يصرفها فِي كسْوَته ومأكوله، وأُجرة الخياطة، وجامكيَّة طبّاخة، ويستفضل منها ما يتصدَّق بِهِ فِي آخر الشّهر.

وقيل إنّ قيمة كلّ ستّين قرطاسا بدينار [2] .

وذكر العماد جملة من فضائله.

وقال فِي ترجمته القاضي ابنُ واصل [3] : حكى مَعِين الدِّين مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن خَالِد بْن مُحَمَّد بْن القَيْسرانيّ قَالَ: انكسر عَلَى ضامن الزّكاة مالٌ، وهُوَ ابن شمّام، فباع أملاكه بثمانية آلاف دينار صوريَّة وحملها، فحُبِس عَلَى ما بقي عَلَيْهِ، وكان جدّي خَالِد هُوَ الوزير والمشير، فقال لنور الدِّين: رَأَيْت البارحة كأنّ المولى قد نزع ثيابه ودفعها إليَّ وقال: اغسِلْها. فأخذتُها وغسّلتها.

فأطرق وسكت، فندِمت وخفْت أن يكون تطيَّر منِّي، فخرجت وأنا ضيّق الصَّدر، فبقيت ثمانية أيّام لم يطلبني، فساء ظنّي، فدخل عَلَى نور الدِّين الشَّيْخ إِسْمَاعِيل المكبس، وكان يحبّه، فقال: يا مولانا قد حضر مَن زاد فِي دار الزّكاة خمسة آلاف دينار فِي السّنة، فانتهره وقال: قد أصبحت عَلَى سجّادتي بعد أداء فريضتي أذكر اللَّه، واستفتحتَ أنت تبشّرني بمُكْسٍ. فوجم الشَّيْخ إِسْمَاعِيل، ثُمَّ قَالَ: اطلبوا خالدا.

قَالَ: فحضرت، فتبسَّم وقال: قد تفسَّر منامك. فقلت: بخير إن شاء

[1] مرآة الزمان 8/ 312.

[2]

مرآة الزمان 8/ 312.

[3]

في مفرّج الكروب 1/ 263.

ص: 381

اللَّه. فقال: لا تظنّ أنّ تَرْكي لك لِوَجْدَةٍ، بل كنت مفكّرا فِي المنام حَتَّى فتح اللَّه بتأويله. اعلم أنّ غسْل الثّياب غسْل أوساخِ الذُّنوب، ولا ذَنب أوسَخَ مِن تناول أموال المُكُوس. فلا تترك من يومنا هذا فِي بلدٍ من بلادي مُكْسًا، ولا دِرْهمًا حراما، واكتب بذلك تواقيع تكون مخلَّدَةً فِي البلاد.

والتفت إِلَيْهِ إِسْمَاعِيل فقال: مُرْ أطلق ابن شمّام [1] ، ورُدَّ عَلَيْهِ ما أُخِذ منه. فلمّا عرف ابن شَمّام بذلك، اقترح بأن يجعل الذَّهَب فِي أطباق، وتُزَفّ بالطُّبول والبُوقات فِي الأسواق. فأمر نور الدِّين بإجابته، وأن يُخلَع عَلَيْهِ.

وكتب جدّي خَالِد بذلك تواقيع ونسختُها كلَّها: الحمد للَّه فاتح أَبُواب الخيرات، بعد إغلاقها، وناهج سُبُل النّجاة لطُلّابها وطُرّاقها، وفارج الكُرُبات بعد إرتاجها وإطْباقها، الَّذِي منح أولياءه التّوفيق، وأوضح لهم دليله، ونصر أهل الحقّ، وأعان قبيله، نحمده عَلَى جزيل مواهبه، وجليل رغائبه، ونسأله أن يُصلّي عَلَى مُحَمَّد الَّذِي أوضح الطّريق والمَحجَّة، وأوجب الحُجَّة، وعلى آله..

إلى أن قَالَ: وبعد، فقد اتّضح عَلَى الأَفْهام، ووضح عند الخاصّ والعامّ، ما نغاديه ونراوحه، ونُماسيه ونُصابحه، ونشتغل بِهِ عامَّة أوقاتنا، ونُعمِل فِيهِ [عقولنا][2] وأفكارنا من الاجتهاد فِي إحياء سنَّةٍ حَسَنة، وإماتة سُنَّة سيّئة، وإزالة مَظْلِمة، ومحو سِيرةٍ مؤلمة..

إلى أن قَالَ: وقد علمتم معاشرَ الرعايا وفَّقكم اللَّه، ما كَانَ مُرَتَّبًا من المظالم المجحِفَة بأحوالكم، والمُكُوس المستولية عَلَى شطْر أموالكم، والرُّسوم المضيّقة عليكم فِي أرزاقكم، فأمرْنا بإزالة ذَلِكَ عنكم أوّلا فأوّلا، ولا نتبع فِي إقراره عَلَى وجوهه شُبْهة ولا تأوُّلًا. وقد كَانَ بقي من رسم الظُّلم ومعالم الجور فِي سائر ولايتنا ما أمرنا بإزالته رأفة بكم ولطفا،

[1] في الأصل: «شمامة» ، وقد تقدم قبل قليل كما أثبتناه.

[2]

في الأصل بياض.

ص: 382

الْآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفاً 8: 66 [1] . وسنذكر ما أزلناه من المظالم والمُكوس أوّلا وآخرا من سائر أعمال ولايتنا عمّرها الدَّهْر فِي هذا السِّجِلّ من الدّيوان.

قَالَ: ثُمَّ كتب بخطٍّ دقيقٍ ما صورته: ذِكْر ما أُطْلِق مِنَ الرُّسوم والضّرائب فِي هذا التّاريخ، ورسْم إطلاق ذَلِكَ وتَعْفِيَة آثاره، وإخماد ناره، ومبلغ ما تحصَّل مِن ذَلِكَ فِي كلّ سنة خمسمائة ألف وستّة وثمانون ألفا وأربعمائة وسبعون دينارا. فمن ذَلِكَ دمشق بتواريخ متقدّمة مائتا ألف وعشرون ألفا وخمسمائة وثلاثة وثمانون دينارا. دمشق فِي تاريخ هذا الكتاب خمسون ألفا وسبعمائة وثلاثون دينارا، تدمر خمسمائة دينار، صرخد سبعمائة دينار، القريتين والسّخنة. خمسمائة دينار، بانياس ألف ومائتا دينار، بَعْلَبَكّ وأعمالها ستّة آلاف وتسعمائة وعشرون دينارا، حمص وأعمالها ستَّة وعشرون ألف دينار ونيِّفًا، حماه وأعمالها ستَّة وعشرون ألف دينار ونيّف، حلب ستَّةٌ وتسعون ألف دينار ونيّف، سيرين ألفان وثلاثمائة وستّون دينارا، المعرّة سبعة آلاف دينار، كفر طاب ألف دينار، عزاز ستّة آلاف وخمسمائة دينار، تلّ باشر ألف وخمسمائة دينار، عين تاب تسعة وثمانون دينارا، بالِس أربعة آلاف دينار، مَنْبِج وأعمالها ثمانية عشر ألفا وخمسمائة وستَّة وستّون دينارا، الباب وبزاعة ثلاثة آلاف دينار، قلعة نجم ثلاثمائة دينار، قلعة نجم ثلاثمائة دينار، قلعة جَعْبَر سبعة آلاف وستّمائة دينار ونيِّف، الرَّقَّة ستَّة وعشرون ألفا وستّمائة ونيِّف دينارا، سِنْجار سبعة آلاف دينار، المَوْصِل ثمانية وثلاثون ألف دينار نصيبين عشرة آلاف وأربعمائة دينار، مرابان خمسة آلاف وسبعمائة دينار، بطايان من أعمال الخابور مائتان وخمسون دينارا، الأرسل سبعمائة وخمسون دينارا، السّمسمانيَّة ألف دينار، قرقيسيا ألف دينار، الشّلين مائتا دينار، ماكسين خمسة آلاف دينار، المَجْدَل ثلاثة آلاف دينار، الحُصَيْن ستّمائة دينار ونيِّف، الْجُحَيْشة هِيَ وما قبلها من الخابور مائتا دينار، المحولية مائةٌ وثلاثةٌ وستّون دينارا، الرّحبة ستّة عشر ألفا وسبعمائة وأربعون دينارا.

[1] سورة الأنفال، الآية 66.

ص: 383

ثُمَّ كتب بعد ذَلِكَ بالقلم الجافي: تحقيقا للحقّ، وتمحيقا للباطل، ونشرا للعدل، وتقديما للصّلاح الشّامل، وإيثارا للثّواب الآجل عَلَى الحُطام العاجل..

إلى أن قَالَ: فأيقنوا أنّ ذَلِكَ إنعامٌ مستمرّ عَلَى الدّهور، باق إلى يوم النُّشُور، ف كُلُوا مِنْ رِزْقِ رَبِّكُمْ وَاشْكُرُوا لَهُ بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ 34: 15 [1] .

وسبيل كلّ واقفٍ عَلَى هذا المِثال من الوُلاة والعمّال حذْف ذَلِكَ كلّه، وتَعْفية رسومه، ومحو آثاره، وإقراره وإطلاقه عَلَى الإطلاق، فَمَنْ بَدَّلَهُ بَعْدَ مَا سَمِعَهُ فَإِنَّما إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ إِنَّ الله سَمِيعٌ عَلِيمٌ 2: 181 [2] . والتّوقيع الأعلى [3] حجَّة لمضمونه ومقتضاه.

وكتب [بيده][4] الكريمة شرّفها اللَّه، فِي مُسْتَهَلّ رجب سَنَة سبع وستّين وخمسمائة.

ومن شجاعته، نقل ابن واصل [5] وغيره أَنَّهُ كَانَ مِن أقوى النَّاس بَدَنًا وقلبا، وأنّه لم يُرَ عَلَى ظهر فَرَسٍ أشدّ منه، كأنّما خُلِق عَلَيْهِ ولا يتحرَّك.

وكان من أحسن النَّاس لعبا بالكُرَة، تجري الفَرَس ويتناولها من الهواء بيده، ويرميها إلى آخر الميدان. وكان يمسك الجوكان بكم قبائه استهانة باللّعب.

وكان إذا حضر الحرب أخذ قوسين وتركاشَيْن، وباشر القتال بنفسه.

وكان يَقُولُ: طالما تعرّضتُ للشّهادة فلم أُدْرِكْها.

قلت: قد أدركْتَها عَلَى فراشك، وبقي ذَلِكَ فِي أفواه المسلمين تراهم يقولون: نور الدِّين الشّهيد. وما شهادته إِلَّا بالخوانيق رحمه الله.

[1] سورة سبإ، الآية 15.

[2]

سورة البقرة، الآية 181.

[3]

في الأصل: «الأعلى» .

[4]

بياض في الأصل.

[5]

في مفرّج الكروب.

ص: 384

ومن فضائله، قَالَ سِبْط ابن الْجَوْزيّ [1] إنّه كَانَ لَهُ عجائز بدمشق وحلب، فكان يخيط الكوافي [2] ويعمل الكساكير [3] ويبيعها لَهُ العجائز سرّا، فكان يوما [4] يصوم ويُفطر عَلَى أثمانها.

حكى لي شرف الدِّين يعقوب بْن المعتمد أنّ فِي دارهم سُكْرة عَلَى حرستان [5] من عمل نور الدِّين يتبرّكون بها، وهي باقية إلى سَنَة خمسين وستّمائة.

ومنها ما حكى لي الشَّيْخ أَبُو عُمَر قَالَ: كَانَ نور الدِّين يزور والدي في المدرسة الصّغيرة المجاورة للدَّير، ونور الدِّين بنى هذه المدرسة، والمصنع، والفُرن، فجاء لزيارة والدي، وكان فِي سقف المسجد خشبةٌ مكسورة، فقال لَهُ بعض الجماعة: لو جدّدت السَّقْف. فنظر إلى الخشبة وسكت. فلمّا كَانَ من الغد جاء مِعْمارُه ومعه خشبة، فزرقها موضِعَ المكسورة ومضى. فقال لَهُ بعض الحاضرين: ذاكَرْتَنا فِي كشْف سقْف. فقال: لا واللهِ، وإنّما هذا الشَّيْخ أَحْمَد رجلٌ صالحٌ، وإنّما أزوره لأنتفع بِهِ، وما أردت أن أُزخرف لَهُ المسجد [6] .

ومنها ما حكى لي نجم الدِّين الْحُسَيْن بْن سلام قَالَ: لَمّا ملك الأشرف دمشقَ، وعمّر فِي القلعة مسجد أَبِي الدّرداء، قَالَ لي: يا نَجْمَ الدّين، كيف

[1] في مرآة الزمان 8/ 313.

[2]

في المرآة: «اللوافر» . وقال مصحّحه في الحاشية (1) ولعلّ الصواب الكوافر جمع الكافر وهو ثوب يلبس فوق الدروع.

[3]

في الأصل «السكاكر» ، والمثبت عن مرآة الزمان 8/ 313 وفيه:«ويعمل الكساكير للأبواب» .

وجاء على هامش الأصل: «السكارة: الضّبّة» .

[4]

في الأصل: «فكان يوم» .

[5]

هكذا في الأصل. وفي مرآة الزمان 8/ 314 «في دارهم سكرة من عمل نور الدين بخوزستان» .

[6]

مرآة الزمان 8/ 314.

ص: 385

ترى هذا المسجد؟ قد عمّرتُه وأفردتُه عَن الدُّور، وما صلّى فِيهِ أحدٌ من زمان أَبِي الدّرداء. فقلت. اللَّه اللَّه يا مولانا، ما زال نور الدِّين منذ ملك دمشقَ يصلّي فِيهِ الصَّلَوات الخمس [1] .

حدَّثني والدي، وكان من أكابر عُدُول دمشق، أنّ الفِرَنج لَمّا نزلت عَلَى دِمْياط بعد موت أسد الدِّين، وضايقوها، أشرفت عَلَى الأَخْذ، فأقام نور الدِّين عشرين يوما صائما، لا يُفطر إِلَّا عَلَى الماء، فضعُف وكاد يتلف، وكان مَهِيبًا لا يتجاسر أحدٌ أن يُخاطبه فِي ذَلِكَ، وكان لَهُ إمامٌ ضريرٌ اسمه يحيى، وكان يقرأ عَلَيْهِ القرآن، فاجتمع إِلَيْهِ خواصُّ نور الدِّين، وكلّموه فِي ذَلِكَ. فلمّا كَانَ تِلْكَ اللّيلة رَأَى الشَّيْخ يحيى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فِي الْمَنَامِ يَقُولُ لَهُ: يا يحيى بِشِّر نورَ الدِّين برحيل الفِرَنْج عَنْ دِمياط. فقلت: يا رسول [2] اللَّه، ربّما لا يصدِّقني! فقال: قُلْ لَهُ بعلامة يوم حارِم.

قَالَ: وانتبه يحيى، فلمّا صلّى نور الدِّين خلْفَه الفجْرَ، وشرع يدعو، هابه أن يكلّمه، فقال لَهُ نور الدِّين: يا يحيى. قَالَ: لَبَّيْكَ. قَالَ: تحدِّثْني أو أحدّثْك؟ فارتعد يحيى وخرِس، فقال: أَنَا أحدّثك، رَأَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فِي هذه اللّيلة، وقال لك: كذا وكذا. قَالَ: نعم، فباللَّه يا مولانا، ما معنى قوله:

بعلامة يوم حارِم؟ قَالَ: لَمّا التقينا خفتُ عَلَى الْإِسْلَام، فانفردت ونزلت، ومرَّغْتِ وجهي عَلَى التّراب، وقلت: يا سيّدي، مَن محمود فِي البَيْن [3] ، الدِّين دِينُك، والْجُنْد جُنْدُك، وهذا اليوم هُوَ، فافعلْ ما يليق بكَرَمِك.

قَالَ: فنصرنا اللَّه عليهم [4] .

وحكى لي شيخنا تاج الدِّين الكِنْديّ قَالَ: ما تبسَّم نور الدِّين إِلَّا نادرا.

حكى لي جماعة من المحدّثين أنّهم قرءوا عنده حديث التّبسّم، وكان يرويه،

[1] مرآة الزمان 8/ 316، 317.

[2]

في الأصل: «يرسول» .

[3]

هكذا في الأصل. وفي مرآة الزمان 8/ 318 «في الفئتين» .

[4]

مرآة الزمان 8/ 317، 318.

ص: 386