الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[نصوص بعض الكتاب من إنشاء القاضي الفاضل]
ومن كتاب فاضليّ إلى العادل نائب مصر، عَنْ أخيه صلاح الدّين:«قد أعلمنا المجلس أنّ العدوّ المخذول، كَانَ الحلبيّون قد استنجدوا بصُلْبانهم، واستطالوا عَلَى الْإِسْلَام بعدوانهم، وأنّه خرج إلى حمص [1] ، فردْنا حماه، وترتّبنا للّقاء [2] ، فَسَار العدوّ إلى حصن الأكراد متعلّقا بحبله، مفتَضَحًا بحِيَله، وهذا فتحٌ تُفْتَح لَهُ القلوب [3] ، قد كفى اللَّه فِيهِ القتال المحسوب» [4] .
ومن كتاب فاضليّ إلى الدّيوان العزيز من السّلطان مضمونه تعداد ما للسّلطان من الفتوحات، ومن جهاد الفرنج مَعَ نور الدّين، ثمّ فتح مصر، واليمن، وأطراف المغرب، وإقامة الخطْبة العبّاسيَّة بها.
ويقول فِي كتابه: «ومنها قلعةٌ بثغر أَيْلَة، بناها العدوّ فِي البحر [5] ، ومنه المَسْلَك إلى الحرمين، فغزوا ساحل الحَرَم، وقتلوا وسبوا، وكادت القِبْلة أن يُستولَى عَلَى أصْلها، والمشاعر أن يسكنها غيرُ أهلها، ومضجع الرَّسُول صلى الله عليه وسلم أن يتطرّق إِلَيْهِ الكُفّار.
وكان باليمن ما عُلِم من الخارج ابن مهديّ الملْحد، الَّذِي سبى الشّرائف الصّالحات، وباعهنَّ بالثّمن البَخْس، واستباحهنّ، ودعا إلى قبر أَبِيهِ، وسمّاه كعبة، وأخذ الأموال، فأنهْضنا إِلَيْهِ أخانا بعسكرنا، فأخذه، والكلمة هناك- بمشيئة اللَّه- إلى الهند سامية.
ولنا فِي المغرب أثرٌ أغرب، وفي أعماله أعمال دون مطلبها مهالك، كالمَهلْكَ دون المطْلب، وذلك أنّ بني عَبْد المؤمن قد اشتهر أنّ أمرهم قد
[3] / 22، مرآة الزمان 8/ 328، 329.
[1]
في الروضتين: «إلى بلد حمص» .
[2]
في الروضتين: «وأخذنا في ترتيب الأطلاب لطلبه ولقاه» .
[3]
في الروضتين: «تفتح له أبواب القلوب» .
[4]
الروضتين ج 1 ق 2/ 614.
[5]
في الروضتين ج 1 ق 2/ 619 «قد بناها في بحر الهند» .
أَمِر، وملكهم قد عُمِر، وجيوشهم لا تطاق، وأمرهم لا يُشاقّ، ونحن فتملّكنا ما يجاورنا منه بلادا تزيد مسافتها عَلَى شهر، وسيّرنا إِلَيْهِ عسكرا بعد عسكر، فرجع بنصر بعد نصر، ومن ذَلِكَ بَرَقة، قَفْصَة، قسطيلية، تَوْزَرَ، كلّ هذه تُقام فيها الخطبة لأمير المؤمنين، ولا عهْدَ لإقامتها من دهر [1] .
وفي هذه السّنة كَانَ عندنا وفدٌ، نحو سبعين [راكبا][2] ، كلّهم يطلب السّلطان بلده تقليدا، ويرجو منَّا وعدا، ويخاف وعيدا. وسيّرنا الخِلَع والمناشير والأَلْوية. فأمّا الأعداء الّذين يقاتلوننا، فمنهم صاحب قُسطنطينية، وهو الطّاغية الأكبر، والجالوت الأكفر، جَرَت لنا معه غَزَوات بحريَّة، ولم نخرج من مصر إلى [3] أنْ وصَلَتْنا رسالةٌ فِي جُمعةٍ واحدةٍ نوبتين بكتابين، يُظْهر خفْضَ الْجَنَاح والانتقالَ من مُعاداةٍ إلى مهاداة، ومن مُفَاضَحَةٍ إلى مُنَاصَحَة، حتّى أندر بصاحب صَقَلّية وأساطيله، وهو من الأعداء، فكان حين علم بأنّ صاحب الشّام وصاحب قسطنطينيَّة قد اجتمعا فِي نَوْبة دِمياط فكُسِرا، أراد أن يظهر قوّته المستقلة، فعمّر أسطولا، استوعب فِيهِ ماله وزمانه، فله الآن خمسُ سنين يُكْثِر عُدّته، وينتخب عدّته، إلى أن وصل منها فِي السّنة الخالية إلى الإسكندريّة أمْرُ رائع، وخَطْب هائل، ما أثقل ظهْرَ البحر مثلُ حمْله، ولا ملأ صدرهُ مثلُ خيله ورَجُله، وما هُوَ إلّا إقليم نقله، وجيش ما احتفل ملك قطّ بنظيره، لولا أنّ اللَّه خذله [4] .
ثمّ عدَّد أشياء، إلى أن قَالَ: والمُراد الآن تقليدٌ جامعٌ بمصر، واليمن، والمغرب، والشّام، وكلّ ما تشتمل عَلَيْهِ الولاية النّوريَّة، وكلّ ما يفتحه اللَّه للدّولة العبّاسيَّة بسيوفنا، ولمن يقيم من أخٍ وولدٍ من بعدنا، تقليدا يضمن للنّعمة تخليدا، وللدعوة تجديدا، مَعَ ما تنعم عَلَيْهِ من السِّمات الّتي فيها المُلْك، والفرنج فهم يعرفون منّا خصما لا يملّ، حتّى يملّوا، وقَرْنًا لا يزال
[1] الروضتين ج 1 ق 2/ 620 بتصرّف.
[2]
في الأصل بياض، والمستدرك من: الروضتين ج 1 ق 2/ 621.
[3]
في الأصل: «إلا» .
[4]
الروضتين ج 1 ق 2/ 620، 621.