المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ حرف العين - تاريخ الإسلام - ت تدمري - جـ ٣٩

[شمس الدين الذهبي]

فهرس الكتاب

- ‌[المجلد التاسع والثلاثون (سنة 561- 570) ]

- ‌[الطبقة السابعة والخمسون]

- ‌سنة إحدى وستين وخمسمائة

- ‌[الرفض فِي عاشوراء]

- ‌[وقوع الرُّخْص]

- ‌[هياج الكرج عَلَى بلاد الشام]

- ‌[فتح المنيطرة]

- ‌سنة اثنتين وستين وخمسمائة

- ‌[إرسال العسكر لحرب شُمْلة]

- ‌[عودة ركْب الحاجّ]

- ‌[مشاركة قُطْب الدين لعمّه نور الدين الغزو]

- ‌[حريق اللّبّادين]

- ‌[مسير شير كوه إلى مصر]

- ‌[المهادنة بين أسد الدين وشاور]

- ‌سنة ثلاث وستين وخمسمائة

- ‌[امتناع حجّ المصريّين]

- ‌[رخص الورد ببغداد]

- ‌[وزارة البلديّ]

- ‌[مصالحة البهلوان وصاحب مراغة]

- ‌[مشيخة الشيوخ]

- ‌سنة أربع وستين وخمسمائة

- ‌[الإيقاع بالعيّارين]

- ‌[مصادرة الأمير قيماز]

- ‌[مسير أسد الدين إلى مصر]

- ‌[دعوة صلاح الدين لدخول مصر]

- ‌[وزارة أسد الدين]

- ‌[قتل شاور]

- ‌[موت شير كوه]

- ‌[تقليد صلاح الدين أمور الخليفة]

- ‌ملْك إلْدِكْز الريّ

- ‌[تملُّك شُملة بلاد فارس وردّه]

- ‌[قتْل ابني شاور وعمّهما]

- ‌[الزلزلة بصقلّية]

- ‌سنة خمس وستين وخمسمائة

- ‌[الزلازل فِي الشام]

- ‌[نزول الفرنج عَلَى دمياط]

- ‌[أخذ نور الدين سنجار]

- ‌[دخول نجم الدين أيوب مصر]

- ‌[منازلة نور الدين الكرَك]

- ‌[أسْر أمير حصن عكار]

- ‌سنة ست وستين وخمسمائة

- ‌[وفاة المستنجد باللَّه]

- ‌[خلافة المستضيء باللَّه]

- ‌[كتاب التهنئة برحيل الفرنج عَنْ دمياط]

- ‌[وفاة قطب الدين]

- ‌[دخول نور الدين الموصل]

- ‌[أسر جماعة من الفرنج]

- ‌[بناء مدرسة للشافعية والمالكية بمصر]

- ‌[تقليد قضاء مصر]

- ‌[الغارة عَلَى الرملة، وعسقلان وغيرهما]

- ‌[فتح قلعة أيلة]

- ‌[سماع صلاح الدين من السِّلفي]

- ‌[تحويل منازل العزّ إلى مدرسة للشافعية]

- ‌[وفاة ابن الخلّال]

- ‌[استيلاء الخَزَر عَلَى دَوِين]

- ‌[ظهور مغربيّ دعيّ وقتله]

- ‌سنة سبع وستين وخمسمائة

- ‌[عزل ابن رئيس الرؤساء]

- ‌[الحريق ببغداد]

- ‌[هديَّة صاحب البحرين]

- ‌[تدريس ابن الجوزي «بالحلبة» ]

- ‌[الخطبة للعباسيّين بمصر]

- ‌[تعيين قراقوش زماما لقصر الخلفاء]

- ‌[كتاب البشارة بالخطبة لأمير المؤمنين]

- ‌[وصول الخِلَع من الخليفة إلى دمشق]

- ‌[رواية ابن الأثير فِي انقراض الدولة العُبيدية]

- ‌[بداية المنافرة بين صلاح الدين ونور الدين]

- ‌[اتخاذ الحمام للمراسلة]

- ‌[تفويض العماد بالتدريس والنظارة]

- ‌[عبور الخطا نهر جيحون إلى خوارزم]

- ‌سنة ثمان وستين وخمسمائة

- ‌[تدريس ابن الجوزي بجامع المنصور]

- ‌[التخوّف من عسكر همذان]

- ‌[حفل ختان إخوة الخليفة]

- ‌[حضور الخليفة مجلس ابن الجوزي]

- ‌[استيلاء قراقوش عَلَى طرابلس الغرب]

- ‌[فتح برقة واليمن]

- ‌[حصار صلاح الدين الكَرَك]

- ‌[وفاة خوارزم شاه]

- ‌[الحرب بين أبناء خوارزم شاه عَلَى المُلْك]

- ‌[انهزام الروم أمام مليح الأرمني]

- ‌[فتح نور الدين بَهَسْنَا ومَرْعَش]

- ‌[خضوع قلج أرسلان لشروط نور الدين]

- ‌[تدريس القطب النيسابوري بالغزالية]

- ‌[بناء المدرسة العادلية]

- ‌سنة تسع وستين وخمسمائة

- ‌[حريق الظفريَّة]

- ‌[تدريس ابن الجوزي بجامع المنصور]

- ‌[الازدحام عَلَى درس ابن الجوزي بالحربيَّة]

- ‌[وصول التقادم من نور الدين إلى الخليفة بمصر]

- ‌[التدريس بالنظاميّة]

- ‌[خروج ابن أخي شملة وقتله]

- ‌[وقوع البَرَد]

- ‌[زيادة دجلةٍ]

- ‌[الأمطار بالموصل]

- ‌[تجدّد الخلاف بين السُّنَّة والرافضة]

- ‌[البشارة بفتح اليمن وكسر الفرنج]

- ‌[وصول الفتوحات إلى النوبة]

- ‌[الفتوحات فِي اليمن]

- ‌[إخراج المحفوظ فِي خزائن مصر]

- ‌[مهادنة الصالح إِسْمَاعِيل للفرنج]

- ‌مصرع الّذين سَعَوْا فِي إعادة دولة بني عُبَيْد

- ‌[منازلة الفرنج الإسكندرية]

- ‌[هلاك مُرّي ملك الفرنج]

- ‌[رسالة ابن المقدّم إلى صلاح الدين وردّه عليها]

- ‌[وعْظ الطوسي بالتاجية وثورة الشيعة عَلَيْهِ]

- ‌سنة سبعين وخمسمائة

- ‌[إعادة ابن الدامغانيّ إلى قضاء القضاة]

- ‌[موقف قايماز من توزير ابن المظفّر]

- ‌[تدريس ابن الجوزي تحت منظرة الخليفة]

- ‌[فتنة الأمير تتامش]

- ‌[إعادة ابن رئيس الرؤساء إلى الوزارة]

- ‌[وفاة قايماز]

- ‌[امتلاك صلاح الدين دمشق]

- ‌[هدْم قلعة حمص]

- ‌[أخْذ حماه]

- ‌[محاصرة حلب واستغاثة صاحبها بالباطنية]

- ‌[تسلُّم حمص]

- ‌[تسلُّم بعلبَكّ]

- ‌[كسرة عسكر حلب والموصل عند حماه]

- ‌[مصالحة صلاح الدين لصاحب حلب]

- ‌[أخْذ حصن بارين]

- ‌[الإنعام بحمص والإنابة بقلعة دمشق]

- ‌[أخْذ بعلبَكّ وعصيان ابن المقدّم بها]

- ‌[نصوص بعض الكتاب من إنشاء القاضي الفاضل]

- ‌[ملك البهلوان مدينة توريز]

- ‌[رواية ابن الأثير عَنْ فتنة قايماز]

- ‌تراجم رجال هذه الطبقة

- ‌سنة إحدى وستين وخمسمائة

- ‌ حرف الألف

- ‌ حرف الجيم

- ‌ حرف الحاء

- ‌ حرف الزاي

- ‌ حرف السين

- ‌ حرف الشين

- ‌ حرف العين

- ‌ حرف الميم

- ‌ حرف الهاء

- ‌ حرف الياء

- ‌الكنى

- ‌سنة اثنتين وستين وخمسمائة

- ‌ حرف الألف

- ‌ حرف الحاء

- ‌ حرف العين

- ‌ حرف القاف

- ‌ حرف الميم

- ‌ حرف الهاء

- ‌ حرف الياء

- ‌سنة ثلاث وستين وخمسمائة

- ‌ حرف الألف

- ‌ حرف الباء

- ‌ حرف التاء

- ‌ حرف الجيم

- ‌ حرف الحاء

- ‌ حرف الخاء

- ‌ حرف السين

- ‌ حرف الشين

- ‌ حرف الضاد

- ‌ حرف العين

- ‌ حرف القاف

- ‌ حرف الميم

- ‌ حرف النون

- ‌ حرف الهاء

- ‌ حرف الياء

- ‌الكنى

- ‌سنة أربع وستين وخمسمائة

- ‌ حرف الألف

- ‌ حرف الحاء

- ‌ حرف الراء

- ‌ حرف السين

- ‌ حرف الشين

- ‌ حرف العين

- ‌ حرف الميم

- ‌ حرف الياء

- ‌الكنى

- ‌سنة خمس وستين وخمسمائة

- ‌ حرف الألف

- ‌ حرف الجيم

- ‌ حرف الحاء

- ‌ حرف الخاء

- ‌ حرف الطاء

- ‌ حرف العين

- ‌ حرف الميم

- ‌ حرف الياء

- ‌سنة ستّ وستّين وخمسمائة

- ‌ حرف الألف

- ‌ حرف الحاء

- ‌ حرف السّين

- ‌ حرف الطاء

- ‌ حرف العين

- ‌ حرف اللام

- ‌ حرف الميم

- ‌ حرف الياء

- ‌الكنى

- ‌سنة سبع وستين وخمسمائة

- ‌ حرف الألِف

- ‌ حرف الجيم

- ‌ حرف الحاء

- ‌ حرف الخاء

- ‌ حرف السين

- ‌ حرف العين

- ‌ حرف القاف

- ‌ حرف الميم

- ‌ حرف النون

- ‌ حرف الواو

- ‌ حرف الياء

- ‌سنة ثمان وستين وخمسمائة

- ‌ حرف الألف

- ‌ حرف الجيم

- ‌ حرف الحاء

- ‌ حرف السين

- ‌ حرف الصاد

- ‌ حرف العين

- ‌ حرف الميم

- ‌سنة تسع وستين وخمسمائة

- ‌ حرف الألف

- ‌ حرف الجيم

- ‌ حرف الحاء

- ‌ حرف الدال

- ‌ حرف السين

- ‌ حرف العين

- ‌ حرف الفاء

- ‌ حرف الميم

- ‌ حرف الهاء

- ‌ حرف الْيَاءِ

- ‌سنة سبعين وخمسمائة

- ‌ حرف الألِف

- ‌ حرف الحاء

- ‌ حرف الخاء

- ‌ حرف السين

- ‌ حرف الشين

- ‌ حرف العين

- ‌ حرف الفاء

- ‌ حرف القاف

- ‌ حرف الميم

- ‌ حرف الهاء

- ‌ حرف الواو

- ‌ حرف الياء

- ‌المتوفّون فِي هذه الحدود ما بين الستين والسبعين

- ‌ حرف الألف

- ‌ حرف الراء

- ‌ حرف العين

- ‌ حرف الميم

- ‌ حرف الياء

الفصل: ‌ حرف العين

-‌

‌ حرف الزاي

-

13-

زيد بْن عليّ بْن زيد بْن عَلي.

أَبُو الْحُسَيْن السُّلَميّ، الدّمشقيّ، الدّواجيّ، الفقيه.

سَمِعَ: أَبَاهُ، وأبا مُحَمَّد بْن الأكفانيّ، وجماعة.

وتفقّه عَلَى: جمال الْإِسْلَام.

ورحل إلى بغداد فلقي أَبَا الفضل الأرمويّ وطبقته.

ومات كَهْلًا فِي المحرَّم.

-‌

‌ حرف السين

-

14-

سعيدة بِنْت أبي غالب أحمد بن الحسن بن البنّاء.

امْرَأَة صالحة.

سَمِعْتُ: عَبْد الواحد بْن فهد العلّاف.

وعنها: السّمعانيّ، وابن الحُصْرِيّ.

ماتت فِي صَفَر.

-‌

‌ حرف الشين

-

15-

شعيب بْن أَبِي الْحَسَن عليّ بْن عَبْد الواحد.

الدِّينَوَريّ، ثمّ البغداديّ أَبُو الفُتُوح الخيّاط.

سَمِعَ من: أَبِيهِ.

روى عَنْهُ: عُمَر الْقُرَشِيّ.

تُوُفّي فِي ربيع الأوّل.

-‌

‌ حرف العين

-

16-

عَبْدِ اللَّه بْن جَابِر بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ.

أَبُو إِسْمَاعِيل بْن أَبِي عطيَّة ابن شيخ الْإِسْلَام. الْأَنْصَارِيّ، الهَرَويّ.

انتهت إِلَيْهِ رئاسة الصُّوفيَّة بهَرَاة وتقدّمهم. وكان ذا قُعْدُدٍ في النَّسَب.

ص: 78

قَالَ أَبُو سعد السّمعانيّ: كَانَ فِيهِ سلامة، وحجّ بعد الأربعين وخمسمائة، فسافر بها عَلَى سَمْت الصُّوفيَّة وأهل العِلم. كتبتُ عَنْهُ، وكان يعقد المجالس فِي الأشهر الثّلاثة.

سَمِعَ: أَبَا الفتح نصر بْن أحمد بْن مُحَمَّد الحنفيّ، وطبقته.

وكان يحضر مجلسَه عالَمٌ لا يُحْصَوْن اعتقادا فِي جدّه وتبرُّكًا بمكانه.

ولد سنة خمس وخمسمائة. وتُوُفّي فِي جُمادَى الآخرة بهَرَاة.

17-

عَبْد اللَّه بْن الْحُسَيْن بْن رَوَاحَة بْن إبراهيم بن رَوَاحة [1] .

أَبُو مُحَمَّد الْأَنْصَارِيّ، الحمويّ.

وُلِد بحماه سنة ستّ وثمانين وأربعمائة. وكان شاعرا مُجوِّدًا.

قَالَ ابن عساكر [2] : لَهُ يدٌ فِي القراءات وتهجُّدٌ في الخَلْوات. دخل بغداد، ومدح المقتفي لأمر اللَّه مِرارًا، وخلع عَلَيْهِ ثياب الخطابة، وقلّده إيّاها بحماه. وقد أُسِر وَلَدُهُ فِي البحر، فمات قبل أن يراه. ووُلِد لابنه الْحُسَيْن بالبحر وَلَدُهُ أبا القاسم عَبْد اللَّه. ثمّ خلّصهُ اللَّه تعالى، وأتى بابنه إلى الإسكندريَّة وسمعا الكثير من السَّلَفّي.

وتُوُفّي هذا الخطيب فِي المحرَّم بحماه [3] .

وآخر ما قَالَ:

إلهي لَيْسَ لي مَوْلًى سِواكا

فَهَبْ من فضل فَضْلك لي رضاكا [4]

[1] انظر عن (عبد الله بن الحسين بن رواحة) في: تاريخ دمشق (تراجم حرف العين- عبد الله بن جابر- عبد الله بن زيد) 185 رقم 248، ومعجم الأدباء 10/ 48- 55، ومرآة الزمان 8/ 263، وخريدة القصر (قسم الشام) 1/ 481، وميزان الاعتدال 2/ 409 رقم 4271، وسير أعلام النبلاء 20/ 450، 451 (دون ترجمة) والوافي بالوفيات 17/ 142- 144 رقم 127، وتهذيب تاريخ دمشق 7/ 370.

[2]

في تاريخه 185.

[3]

وكان يصلّي بالناس التراويح في شهر رمضان. (تاريخ دمشق) .

[4]

في الأصل: «سواكا» ، وما أثبتناه عن المصادر.

ص: 79

وإنْ لا [1] ترضَى عنّي فاعْفُ عنّي

لَعَلّي أنْ أحوزَ بِهِ حِماكا

فَقد يَهَبُ الكريمُ وليس يرضى

وأنتِ مُحَكّمٌ في ذا وذاكا [2]

18-

عَبْد اللَّه بْن رِفاعة بْن غدير بْن عَلي بْن أَبِي عُمَر بْن الذّيّال بْن ثابت ابن نُعَيْم [3] .

أَبُو مُحَمَّد السَّعْديّ، الْمَصْرِيّ، الفقيه الشّافعيّ، الفَرَضِيّ.

كَانَ فقيها، ديّنا، بارِعًا فِي الفرائض والحساب. وُلّي القضاء بمصر بالجيزة مدَّةً، ثمّ استعفى فُأعفيَ، واشتغل بالعبادة.

وكان مولده فِي ذي القعدة سنة سبع وستّين وأربعمائة. ولزِم القاضي الخِلَعيّ، وسمع منه الكثير وقدّمه، وتفقّه عَلَيْهِ، وسمع منه «السُّنَن» لأبي دَاوُد، و «السّيرة» والأجزاء العشرين، وغير ذَلِكَ. وهو آخر من حدّث عنه.

[1] هكذا في الأصل، وفي المصادر:«وإلّا» ، وفي مرآة الزمان 8/ 363 «وإن لم» .

[2]

وله وقد كتب إلى ابنه الفقيه أبي علي الحسين بن عبد الله وهو يتفقّه بدمشق:

بنيّ تيقّظ واستمع ما أقوله

ولا تك محتاجا إلى وعظ واعظ

فما أحد في الخلق أشفق من أب

عليك ولا يرعاك مثل مواعظي

إذا كنت في شرح الشبيبة ناسيا

فلست إذا عند المشيب بحافظ

وكتب إليه وهو غائب عنه بديار مصر أبياتا منها:

إنّما هذه الحياة أحاظ

بيننا والممات قسمة عدل

فتوخّ الوحي ولا يك ريث

فالليالي تمحو لما أنت تملي

قد توكّلت فيك يا بني على الله

وحسبي به سبيلا لفضل

غير أني أخاف أن لا يراني

فأجازيك حرّ ثكل بثكل

(تاريخ دمشق)

[3]

انظر عن (عبد الله بن رفاعة) في: العبر 4/ 174، ودول الإسلام 2/ 75، والإعلام بوفيات الأعلام 231، وسير أعلام النبلاء 20/ 435- 438 رقم 284، والمعين في طبقات المحدّثين 168 رقم 1809، والوافي بالوفيات 17/ 167 رقم 155، وطبقات الشافعية الكبرى للسبكي 7/ 124 رقم 820، وطبقات الشافعية للإسنويّ 2/ 54، رقم 639، وذيل التقييد لقاضي مكة 2/ 37 رقم 1118، والمقفّى الكبير للمقريزي 4/ 400، 401 رقم 1494، والنجوم الزاهرة 5/ 372، وحسن المحاضرة 1/ 406، وشذرات الذهب 4/ 198.

ص: 80

روى عَنْهُ: مُحَمَّد بْن عَبْد الرَّحْمَن المسعوديّ، وأبو الجود المقرئ، ومحمد بْن يحيى بْن الرّذّاذ [1] ، ويحيى بْن عَقِيل بْن شريف بن رفاعة، والقاضي عبد الله بن محمد بن مجلّي. والحسن بن عقيل بن شريف، وعبد القويّ بْن الْجَبّاب، وصنيعة المُلْك هبة اللَّه بْن حَيْدَرة، ومحمد بْن عماد، وابن صبّاح، وآخرون.

وتُوُفّي فِي ذي القعدة.

وَأَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ أَحْمَدَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ قَالَا: أنا مُحَمَّدُ بْنُ عِمَادٍ، أنا ابْنُ رِفَاعَةَ، أنا أَبُو الْحَسَنِ الْخِلَعِيُّ، أنا أَبُو سَعْدٍ الْمَالِينِيُّ، أنبا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَدِيٍّ، ثنا الْحَسَنُ بْنُ الْفَرَجِ الْغَزِّيُّ: حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، ثنا مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم [لا عن بين رجل وامرأته][2] وانتقى مِنْ وَلَدِهَا، [فَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا][3] رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وألحق الولد با [لمرأة][4] . 19- عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بن عليّ [5] .

[1] في سير أعلام النبلاء 20/ 436 «الرداد» بدالين مهملتين.

[2]

في الأصل بياض، والمستدرك بين الحاصرتين من: صحيح البخاري.

[3]

في الأصل: «فقرن» ، والمثبت بين الحاصرتين من البخاري.

[4]

في الأصل بياض. والمثبت من: صحيح البخاري- كتاب الطلاق 6/ 181 باب: يلحق الولد بالملاعنة، وفيه من طرق أخرى في: الفرائض، ومسلم في اللعان، وأبو داود في الطلاق، والترمذي في الطلاق، والنسائي في الطلاق، وابن ماجة في الطلاق. وقال الترمذي: حسن صحيح.

[5]

انظر عن (عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ) في: تاريخ دمشق (المطبوع) 38/ 137، 138، ومعجم البلدان 1/ 202، 203، ومعجم الأدباء 1/ 202، واللباب 1/ 768 والإستدراك لابن نقطة (مخطوط) باب: الأشيري والأشتري، وإنباه الرواة 2/ 2137- 141 رقم 355، ووفيات الأعيان 7/ 76، وسير أعلام النبلاء 20/ 450 و 466، 467 رقم 294، ودول الإسلام 2/ 75، والعبر 4/ 174، 175، والإعلام بوفيات الأعلام 231، والمشتبه في الرجال 1/ 28، وتلخيص ابن مكتوم (مخطوط) 98، 99، ومرآة الجنان 3/ 347، والوافي بالوفيات 17/ 536، 536 رقم 455، وطبقات ابن قاضي شبهة 2/ 48، 49، وتوضيح المشتبه 1/ 237، وتبصير المنتبه 1/ 46، 47، والنجوم الزاهرة 5/ 372، وشذرات الذهب 4/ 198، وموسوعة علماء المسلمين في تاريخ لبنان الإسلامي ق 2 ج 2/ 274 رقم 617.

ص: 81

أَبُو مُحَمَّد الأَشِيريّ [1] ، المغربيّ، الفقيه، الحافظ.

رحل فِي كِبَرِه إلى العراق، وإلى الشّام، وحدَّث عَنْ: أَبِي الحَسَن عَلي بْن عَبْد اللَّه بْن مَوْهَب الْجُذَاميّ، والقاضي عِياض.

سَمِعَ منه: عُمَر بْن عَلي الْقُرَشِيّ، ومحمد بْن المبارك بْن مشّق، وأحمد بْن أحمد، وأبو الفُتُوح نصر بْن الحصْريّ، وأبو مُحَمَّد الأستاذ الحلبيّ، وآخرون.

وكان عالِمًا بالحديث، والإِسناد، واللّغة، والنَّسَب، والنَّحْو، مجموع الفضائل.

حضر أَجَلُه باللَّبْوَة [2] بين حمص وبَعْلَبَكّ قادما من حلب، ودُفِن بظاهر بَعْلَبَكّ. وزار قبره السّلطان نور الدّين، وَبَرَّ عياله، وأجرى عليهم رِزْقًا [3] .

وقال جمال الدّين عَلي القِفْطيّ فِي «أخبار النُّحَاة» [4] : إنّ الأَشِيريّ كَانَ يخدم فِي بعض الأمور بدولة عَبْد المؤمن، ولمّا حصل مَعَ القوم بالأندلس جرى لَهُ أمرٌ، فخشي عاقبته، فانهزم بأهله وكُتُبه، وقصد الشّام، فخرج من البحر إلى اللّاذقيَّة، وبها الفرنج، فسلّمه اللَّه تعالى حتّى قدِم حلبَ، فنزل عَلَى العلاء الغَزْنَويّ مدرّس الهلاويَّة، وأقام عنده مدَّة، وروى لهم عن: أَبِي بَكْر ابن العربيّ، والقاضي عِياض. وأقام إلى سنة تسعٍ وخمسين. واتّفق أنّ الوزير يحيى بْن هُبَيْرة صنَّف كتاب «الإفصاح» وجمع لَهُ علماء المذاهب، فطلب

[1] الأشيري: بكسر ثانيه، وياء ساكنة، وراء. نسبة إلى أشير: مدينة في جبال البربر بالمغرب في طرف إفريقية الغربي مقابل بجاية في البرّ. (معجم البلدان 1/ 202) .

وقال المؤلّف الذهبي- رحمه الله في (المشتبه 1/ 28) : نسبة إلى أشيرة من عمل سرقسطة. وتابعه ابن ناصر الدين في (توضيح المشتبه 1/ 236) بوجود الهاء في آخرها.

أما ابن تغري بردي فأبعد كثيرا حين قال: أشير بين حمص وبعلبكّ! (النجوم الزاهرة 5/ 372) .

[2]

اللّبوة: قرية في الشمال من بعلبكّ قريبة منها.

[3]

تاريخ دمشق 38/ 138.

[4]

إنباه الرواة 2/ 148.

ص: 82

فقيها مالكيّا، فذكروا لَهُ الأَشِيريّ، فطلبه من نور الدّين، فسيّره إليه، فأكرمه.

ثمّ حجَّ مِن بغداد بعياله سنة ستّين، فضاق بهم الحال، فأقام بالمدينة، ثمّ جاء بمفرده فِي وسط السّنة إلى الشّام، فاجتمع بنور الدّين بظاهر حمص، فوعده بخير، فاتّفق أَنَّهُ مرض ومات فِي رمضان باللَّبْوَة.

وله كتاب «تهذيب الاشتقاق» الَّذِي للمبرّد.

ثمّ إنّ نور الدّين أحضر عائلته مَعَ متولّي السّبيل، وقرّر لهم كفايتهم بحلب، وصار ابنه جُنْديًّا.

وقال الأبّار: عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد الصَّنْهاجيّ الأَشِيريّ، سَمِعَ: أَبَا جَعْفَر بْن غزيون، وغيره. وكان شاعرا، كتب لصاحب المغرب. فلمّا تُوُفّي مخدومه استؤسر ونُهِبت كُتُبُه، فتوجّه إلى الشّام.

ذكره ابن عساكر وقال: سَمِعَ منّي وسمعت منه [1] . وتُوُفّي فِي شوّال.

وقال ابن نُقْطَة [2] : سَمِعَ من شُرَيْح بْن مُحَمَّد، وابن العربيّ. وكان ثقة، صالحا، حافظا، تُوُفّي فِي رمضان.

قلت: أَشِير قلعة بالمغرب لبني حمّاد.

قَالَ ابن النّجّار: ثنا عَنْهُ ابن الحُصْريّ، وقال: كَانَ إماما فِي الحديث، ذا معرفةٍ بفِقْهه ومعانيه، ورجاله، ولغته.

[1] وزاد ابن عساكر: وكتب عنّي كتابا ألّفته لأجله سمّيته «كتاب بعض ما انتهى إلينا من الأخبار في ذكر من وافقت كنيته كنية زوجته من الصحابة الأخيار» ، وغيره. وعلّقت عنه شيئا من أخبار أبي الوليد الباجي، ولم أسمع منه حديثا مسندا لنزول سنده.

وكان أديبا له شعر جيد. ثم توجّه إلى حلب. وذكره أبو اليُسر شاكر بْن عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن سليمان التنوخي القاضي المنشئ للملك العادل- رحمه الله الأمير أبو يعقوب يوسف بن علي الملثّم، وهما في صحبته في الزيارة بالبقاع، وأثنيا عليه خيرا كثيرا، ورغّباه في تربته بحلب المحروسة لتقوية السّنّة بها لحاجة أهلها إلى مثله، فنقله الملك العادل إلى ثغر حلب، وقرّر له كفايته، وأقام يروي حَدِيثَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سنتي ثمان وتسع وخمسين وخمسمائة، وسفّره إلى حجّ بيت الله الحرام، فجاور.

[2]

في الإستدراك، باب: الأشيري والأشتري.

ص: 83

ثمّ حكى انزعاج ابن هُبَيْرة بقوله لَهُ: ما قلتَ لَيْسَ صحيحا [1] . فانقطعِ الأَشِيريّ، وطلبه الوزير ولاطَفَه، وما تركه حتّى قَالَ لَهُ مثل قوله لَهُ، ووَصَله بمال، رحمهما اللَّه تعالى [2] .

20-

عَبْد الرَّحْمَن بْن الحَسَن بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن طاهر بْن مُحَمَّد [3] .

أَبُو طَالِب بْن العجميّ، الحلبيّ.

من بيت حِشْمة، وتقدُّم، وفضيلة.

رحل إلى بغداد فتفقَّه عَلَى: أَبِي بَكْر مُحَمَّد بْن أحمد الشّاشيّ، وأسعد المِيهَنيّ، وسمع من: أَبِي القاسم بْن بَيَان. وعاد إلى بلده، وتقدَّم بها. وقدِم رسولا من صاحب حلب إلى دمشق، وتولّى عمارة المسجد الَّذِي ببَعْلَبَكّ فِي أيّام أتابك زنكيّ بن آق سنقر، ثمّ حجّ وجاور، وتولّى عمارة المسجد الحرام من قِبل صاحب المَوْصِل. وبنى بحلب مدرسة مليحة، ووقف عليها. وكان فِيهِ عصبيَّة وهمَّة ومحبّة للعلماء [4] .

ولد سنة ثمانين وأربعمائة.

روى عنه: أبو سعد السمعاني، وعمر بن عليّ القرشيّ، وأبو محمد بن

[1] قيل جرى بينه وبين الوزير ابن هبيرة كلام في دعائه عليه السلام يوم بدر: «إن تهلك هذه العصابة» ، وكان الصواب معه، وقد نازع الوزير بعنف، فأحرجه حتى قال له الوزير:

تهذي! ليس كلامك بصحيح. وانفضّ الناس، ثم اعتذر إليه الوزير بكل طريق. (إنباه الرواة 2/ 139) .

[2]

وقال ابن ناصر الدين: وفي «ذكر من أجاز علما» جمع أبي جعفر محمد بن الحسين الكاتب: عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بن علي الأشيري، أبو محمد، توفي سنة ثلاث وستين وخمسمائة. انتهى.

وهو الّذي ذكره المصنّف، ولكن اختلفا في وفاته، والأول هو الأكثر. (توضيح المشتبه 1/ 237) .

[3]

انظر عن (عبد الرحمن بن الحسن) في: تاريخ دمشق (المطبوع) 20/ 262، 263، ومرآة الزمان 8/ 263، 264 وفيه:«عبد الرحمن بن الحسين» ، والعبر 4/ 175، والنجوم الزاهرة 5/ 372، وشذرات الذهب 4/ 198، وموسوعة علماء المسلمين في تاريخ لبنان الإسلامي ق 2 ج 2/ 171 رقم 491 وفيها:«عبد الرحمن بن الحسين» .

[4]

وهو عمّر جامعا ببعلبكّ. (مرآة الزمان) .

ص: 84

علْوان الأستاذ، وأبو القاسم بْن صَصْرَى، وآخرون [1] .

وتُوُفّي رحمه اللَّه تعالى فِي نصف شعبان.

21-

عَبْد الصمد بْن الْحُسَيْن بْن أحمد بْن عَبْد الصّمد بْن مُحَمَّد بْن تميم [2] .

أَبُو المعالي التّميميّ، الدّمشقيّ، الخطيب، الشّاهد.

قرأ بروايات، وسمع كثيرا من: أَبِي القاسم النّسيب، وأبي طاهر الحِنّائيّ، وكان صَدُوقًا أمينا.

حدَّث بشيءٍ يسير، وتُوُفّي فِي رمضان وله ثمانٍ وستّون سنة.

22-

عَبْد العزيز بْن الْحُسَيْن [3] .

القاضي الجليس، أَبُو المعالي بْن الجبّاب [4] ، التّميميّ، السَّعْديّ، الأغلبيّ، الْمَصْرِيّ.

كَانَ جليسا لخليفة مصر، من أجِلّاء الأدباء، وكبار الإلِبّاء [5] .

تُوُفّي عَنْ نيِّفٍ وسبعين سنة. وهو والد عَبْد القويّ راوي «السّيرة» .

[1] وقال ابن عساكر: وكان متعصّبا لأهل السّنّة، محبّا لأهل العلم، متعاهدا لأحوال الفقهاء.

وحدّث بحلب.. وأجاز لنا جميع حديثه. (تاريخ دمشق) .

[2]

انظر عن (عبد الصمد بن الحسين) في: سير أعلام النبلاء 20/ 451 (دون ترجمة) .

[3]

انظر عن (عبد العزيز بن الحسين) في: النكت العصريّة 116 و 158 و 252، وخريدة القصر (قسم شعراء مصر) 1/ 189- 200، وكتاب الروضتين ج 1 ق 2/ 360- 363، ووفيات الأعيان 7/ 223، وأخبار مصر لابن ميسّر 152، والمغرب في حلى المغرب 254- 259، والوافي بالوفيات 18/ 473- 476 رقم 501، وفوات الوفيات 1/ 354- 356، والبداية والنهاية 12/ 251، واتعاظ الحنفا 3/ 281، والنجوم الزاهرة 5/ 371، وحسن المحاضرة 1/ 563، والكواكب السيارة لابن الزيات 178، وتوضيح المشتبه 3/ 43.

[4]

الجبّاب: بالجيم والباء الموحّدة، عرف بذلك لجلوس جدّه في سوق الجباب. (توضيح المشتبه 3/ 42) .

[5]

وتولّى ديوان الإنشاء للفائز مع الموفّق بن الخلّال. (الوافي بالوفيات 18/ 474) .

ص: 85

ومن شِعره:

ومن عجب [1] أنّ السُّيُوف لديهمُ

تَحِيض دَماءً [2] وَالسُّيُوفُ ذُكُورُ [3]

وأعجبُ من ذا أنّها في أَكُفّهْم

تأجَّجُ نارا، والأَكُفُّ بُحورُ [4]

23-

عَبْد القادر بْن أَبِي صالح عَبْد اللَّه بن جبليّ دوست [5] .

[1] في الأصل: «عجبي» ، والمثبت عن المصادر.

[2]

في الأصل: «دما» ، والمثبت عن المصادر.

[3]

ورد البيت مختلفا في النجوم الزاهرة:

ومن عجب أن الصوارم في الوغى

تحيض بأيدي القوم وهي ذكور

وفي فوات الوفيات 2/ 333:

ومن عجبي أن الصوارم والقنا

تحيض بأيدي القوم وهي ذكور

[4]

البيتان في: الروضتين ج 1 ق 2/ 360، والبداية والنهاية 12/ 251، والوافي بالوفيات 18/ 474، وفوات الوفيات 2/ 333، والنجوم الزاهرة 5/ 371.

ومن شعره:

حيّا بتفّاحة مخضّبة

من شفّني حبّه وتيّمني

فقلت ما إن رأيت مشبهها

فاحمرّ من خجلة فكذّبني

وكان الجليس ابن الجبّاب كبير الأنف، وكان الخطيب أبو القاسم هبة الله بن البدر المعروف بابن الصيّاد مولعا بأنفه وهجائه، وذكر أنفه في أكثر من ألف مقطوعة، فانتصر له أبو الفتح بن قادوس الشاعر فقال:

يا من يعيب أنوفنا

الشمّ التي ليست تعاب

الأنف خلقه ربّنا

وقرونك الشّمّ اكتساب

[5]

انظر عن (عبد القادر الجيلي) في: الأنساب 3/ 415، والمنتظم 10/ 219 رقم 308 (18/ 173 رقم 4259) ، والكامل في التاريخ 11/ 323، ومرآة الزمان 8/ 264- 266، وبهجة الأسرار في مناقب سيدي عبد القادر، للشطنوفي، والمختصر في أخبار البشر 3/ 43، والعبر 4/ 175، 176، والمعين في طبقات المحدّثين 169 رقم 1810، ودول الإسلام 2/ 75، والإعلام بوفيات الأعلام 231، وسير أعلام النبلاء 20/ 439- 451 رقم 286، وتاريخ ابن الوردي 2/ 107- 111، وفوات الوفيات 2/ 373، 374، ومرآة الجنان 3/ 347- 366، والبداية والنهاية 12/ 252، والذيل على طبقات الحنابلة 1/ 290- 310، وتاريخ الخميس للدياربكري 2/ 408، والنجوم الزاهرة 5/ 371، والطبقات الكبرى للشعراني 1/ 108، وشذرات الذهب 4/ 198- 202، والأعلام 4/ 47، وديوان الإسلام 3/ 285، 286 رقم 1438، وكشف الظنون 662، وإيضاح المكنون 1/ 257، وهدية العارفين 1/ 596، ومعجم المؤلفين 5/ 307.

ص: 86

وزاد بعض النّاس فِي نَسَبه إلى أن وصله بالحسن بْن عَلي رضي الله عنه فقال: ابن أَبِي عَبْد اللَّه بْن عَبْد اللَّه بْن يحيى الزّاهد بْن مُحَمَّد بْن دَاوُد بْن مُوسَى بْن عَبْد اللَّه بْن مُوسَى بْن عَبْد اللَّه المحض بْن حَسَن المثنّى بْنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْن أَبِي طَالِب رضي الله عنه.

الشَّيْخ أَبُو مُحَمَّد الْجِيليّ [1] ، الحنبليّ، الزّاهد، صاحب الكرامات والمقامات، وشيخ الحنابلة رحمة [2] اللَّه عَلَيْهِ. وُلِد بجيلان فِي سنة إحدى وسبعين وأربعمائة. وقدِم بغدادَ شابّا، فتفقّه عَلَى القاضي أَبِي سعد المُخَرّميّ [3] .

وسمع الحديث من: أَبِي بَكْر أحمد بْن المظفَّر بْن سَوْسَن التّمّار، وأبي غالب الباقِلّانيّ، وأبي القاسم بْن بَيَان الرّزّاز، وأبي مُحَمَّد جَعْفَر السّرّاج، وأبي سعد بْن خُشَيْش، وأبي طَالِب بْن يوسف، وجماعة.

روى عنه: أبو سعد السمعاني، وعمر بن علي الْقُرَشِيّ، وولداه عَبْد الرّزّاق وموسى ابنا عَبْد القادر، والحافظ عَبْد الغنيّ، والشّيخ الموفّق، ويحيى بْن سعد اللَّه التِّكْريتيّ، والشّيخ عَلي بْن إدريس اليعقوبيّ، وأحمد بْن مطيع الباجِسْرائيّ [4] ، وأبو هُرَيْرَةَ مُحَمَّد بْن لَيْث بْن الوَسَطانيّ، وأكمل بْن مَسْعُود الهَاشميّ، وطائفة آخرهم وفاة أَبُو طَالِب عَبْد اللّطيف بْن مُحَمَّد بْن القُبَّيْط [5] .

وآخر من روى عنه بالإجازة: الرشيد بن أحمد بْن مَسْلَمَة. وكان إمام زمانه، وقُطْب عصره، وشيخ شيوخ الوقت بلا مدافعة.

[1] تحرّفت في (مرآة الزمان 8/ 264) إلى: «الحلبي» .

و «الجيلي» : نسبة إلى بلاد متفرّقة وراء طبرستان. ويقال لها: كيل وكيلان، والنسبة إليها جيلي وجيلاني وكيلاني. (الأنساب 3/ 414) .

[2]

في الأصل: «رحمت» .

[3]

تحرّفت هذه النسبة في (الذيل على طبقات الحنابلة 1/ 290) إلى: «المخرامي» ، وفي (مرآة الجنان 3/ 351) إلى:«المخزومي» .

[4]

الباجسرائي: بكسر الجيم، وسكون السين، وراء، نسبة إلى باجسرى. بليدة في شرقيّ بغداد، بينها وبين حلوان على عشرة فراسخ من بغداد. (معجم البلدان 1/ 313) .

[5]

القبّيطي: بضم القاف، تليها موحّدة مشدّدة مفتوحة، ثم مثنّاة تحت ساكنة، ثم الطاء المهملة المكسورة.

ص: 87

أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الْخَالِقِ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ [1] بِبَعْلَبَكَّ، أَنَا أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ قُدَامَةَ سَنَةَ إِحْدَى عَشْرَةَ وَسِتِّمَائَةٍ، أَخْبَرَنَا شَيْخُ الْإِسْلَامِ مُحْيِي الدِّينِ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الْقَادِرِ بْنُ أَبِي صَالِحٍ الْجِيلِيُّ، أَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ الْمُظَفَّرِ التَّمَّارُ، أنا أَبُو عَلِيِّ بْنِ شَاذَانَ، أنا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ بْنِ نَجِيحٍ، أنا يَعْقُوبُ بْنُ يُوسُفَ الْقَزْوِينِيُّ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدٍ، ثنا عَمْرُو بْنُ أَبِي قَيْسٍ، عَنْ سِمَاكٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: إِنَّ بَنِي إِسْرَائِيلَ اسْتَخْلَفُوا خَلِيفَةً عَلَيْهِمْ بَعْدَ مُوسَى، فَقَامَ يُصَلِّي فِي الْقَمَرِ، فَوْقَ بَيْتِ الْمَقْدِسِ، فَذَكَرَ أُمُورًا كَانَ صَنَعَهَا، فَخَرَجَ فَتَدَلَّى بِسَبَبٍ، فَأَصْبَحَ السَّبَبُ مُعَلَّقًا فِي الْمَسْجِدِ وَقَدْ ذَهَبَ، فَانْطَلَقَ حَتَّى أَتَى قَوْمًا عَلَى شَطِّ الْبَحْرِ، فَوَجَدَهُمْ يَصْنَعُونَ لَبِنًا فَسَأَلَهُمْ كَيْفَ يَأْخُذُونَ هَذَا اللَّبِنَ؟ قَالَ: فَأَخْبَرُوهُ، فَلَبَّنَ مَعَهُمْ، وَكَانَ يَأْكُلُ مِنْ عَمَلِ يَدَيْهِ، فَإِذَا كَانَ حِينُ الصَّلَاةِ تَطَهَّرَ فَصَلَّى. فَرَفَعَ ذَلِكَ الْعُمَّالُ إِلَى قَهْرَمَانِهِمْ، إِنَّ فِينَا رَجُلًا يَفْعَلُ كَذَا وَكَذَا. فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ، فَأَبَى أَنْ يَأْتِيَهُ، ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ إِنَّهُ جَاءَهُ بِنَفْسِهِ يَسِيرُ عَلَى دَابَّتِهِ، فَلَمَّا رَآهُ فَرَّ وَاتَّبَعَهُ، فَسَبَقَهُ وَقَالَ: انْظُرْنِي أُكَلِّمْكَ.

قَالَ: فَقَامَ حَتَّى كَلَّمَهُ، فَأَخْبَرَهُ خَبَرَهُ، فَلَمَّا أَخْبَرَهُ خَبَرَهُ، وَأَنَّهُ كَانَ مَلِكًا، وَأَنَّهُ فَرَّ مِنْ رَهْبَةِ رَبِّهِ عز وجل، قَالَ: لَأَظُنُّ [2] أَنِّي لاحِقٌ بِكَ. قَالَ: فَلَحِقَهُ فَعَبَدَا اللَّهَ حَتَّى مَاتَا بِرَمْلَةِ مِصْرَ.

قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: لَوْ كُنْتُ ثَمَّ لاهْتَدَيْتُ [3] إِلَى قَبْرَيْهِمَا مِنْ صِفَةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الّتي وصف [4] .

[1] توفي سنة 696 هـ. انظر: معجم شيوخ الذهبي 1/ 281، 282 رقم 390، والمعجم المختص بالمحدّثين 134 رقم 155، وموسوعة علماء المسلمين في تاريخ لبنان الإسلامي ق 2 ج 2/ 159- 161 رقم 473 وفيها مصادر ترجمته.

[2]

في الأصل: «لا أظنّ» وهو غلط.

[3]

في الأصل: «لاقتديت» .

[4]

أخرجه الطبراني في (المعجم الكبير 10/ 216، 217 رقم 1370) وفيه: عن سماك بن حرب، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، عن أبيه.

ص: 88

قَالَ ابن السَّمعانيّ: أَبُو مُحَمَّد عَبْد القادر فخر أهل جِيلان، إمام الحنابلة وشيخهم فِي عصره، فقيهٌ صالح ديّن، كثير الذِّكْر دائم الفِكر سريع الدّمعة. تفقَّه عَلَى المُخَرِّمي، وصحِبَ الشَّيْخ حمّاد الدّبّاس.

قَالَ: وكان يسكن باب الأزج في المدرسة الّتي بنو لَهُ. مضيت يوما لأودّع رفيقا لي، فلمّا انصرفنا قَالَ لي بعض من كَانَ معي: ترغب فِي زيارة عَبْد القادر والتَّبرُّك بِهِ؟ فمضينا ودخلت مدرسته، وكانت بكرة، فخرج وقعد بين أصحابه، وختموا القرآن، فلمّا فرغنا أردتُ أن أقوم، فأجلسني وقال:

حتّى نفرغ من الدَّرْس. فألقى درسا عَلَى أصحابه، ما فهمت منه شيئا.

وأعجب من هذا أنّ أصحابه قاموا وأعادوا ما درّس لهم، فلعلّهم فهموا لإلْفهم بكلامه وعبارته [1] .

وقال أَبُو الفَرَج بْن الْجَوْزيّ [2] : وكان أَبُو سعد المُخَرَّميّ قد بنى [3] مدرسة لطيفة بباب الأَزَج، ففوِّضت إلى عَبْد القادر، فتكلّم عَلَى النّاس بلسان الوعظ، وظهر لَهُ صِيتٌ بالزُّهْد. وكان لَهُ سَمْتٌ وصَمْت، وضاقت المدرسة بالنّاس.

وكان يجلس عند سور بغداد، مستِندًا إلى الرباط، ويتوب عنده فِي المجلس خلقٌ كثير، فعُمِّرَت المدرسةُ ووُسِّعَت. وتعصّب فِي ذَلِكَ العوامّ.

وأقام بها يُدرّس ويعظ إلى أن تُوُفّي.

قلت: لم تَسَعْ مَرَارةُ ابن الجوزيّ بأن يترجمه بأكثر من هذا، لما فِي قلبه لَهُ من البُغْض، نعوذ باللَّه من الهوى [4] .

[ () ] وفيه أيضا: «رميلة مصر» .

ورواه أيضا في (المعجم الأوسط برقم 494) .

وذكره الهيثمي في (مجمع الزوائد 10/ 218، 219) ونسبه إلى البزّار أيضا 1/ 303 وقال:

إسناده حسن.

[1]

الذيل على طبقات الحنابلة 1/ 291.

[2]

في المنتظم 10/ 219 (18/ 173) .

[3]

في الأصل: «بنا» .

[4]

ولقد انتقد اليافعيّ بدوره المؤلّف الذهبيّ- رحمه الله فقال: «وقوله انتهى إليه التقدّم في

ص: 89

أنبأنا أَبُو بَكْر بْن طَرْخان أنّ الشَّيْخ الموفَّق أخبرهم، وقد سُئل عَنِ الشَّيْخ عَبْد القادر رضي الله عنه: أدركناه فِي آخر عُمره، فأسكننا فِي مدرسته، وكان يُعنَى بنا، ورُبّما أرسل إلينا ابنه يحيى، فيُسْرِج لنا السِّراج، وربّما يرسل إلينا طعاما من منزله. وكان يُصلّي الفريضة بنا إماما، وكنت أقرأ عَلَيْهِ من حِفْظي من كتاب الخِرَقيّ غُدْوةً، ويقرأ عَلَيْهِ الحافظ عَبْد الغنيّ من كتاب «الهداية» . وما كَانَ أحد يقرأ عَلَيْهِ ذَلِكَ الوقت سوانا، فأقمنا عنده شهرا وتسعة أيّام، ثمّ مات، وصلَّينا عَلَيْهِ ليلا فِي مدرسته. ولم يسمع عَنْ أحدٍ يُحكى عَنْهُ من الكرامات أكثر مما يُحْكى عَنْهُ، ولا رَأَيْت أحدا يعظّمه النّاسُ من أجل الدّين أكثر منه. وسمعنا عَلَيْهِ أجزاء يسيرة [1] .

قرأت بخطّ السّيف ابن المجد الحافظ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْد اللَّه مُحَمَّد بْن محمود المَرَاتِبيّ يَقُولُ: سَمِعْتُ الشَّيْخ أَبَا بَكْر العماد رحمه الله قَالَ: كنت قد قرأت فِي أُصول الدّين، فأوقع عندي شكّا، فقلت حتّى أمضي إلى مجلس الشَّيْخ عَبْد القادر، فقد ذكر أَنَّهُ يتكلّم عَلَى الخواطر. فمضيت إلى مجلسه وهو يتكلَّم فقال: اعتقادنا اعتقاد السَّلَف الصّالح والصّحابة. فقلت فِي نفسي:

هذا قاله اتّفاقا. فتكلّم ثمّ التفت إلى النّاحية الّتي أَنَا فيها، فأعاد القول، فقلت: الواعظ يلتفت مرّة هكذا، ومرّة هكذا. فالتفت إليَّ وقال: يا أَبَا بَكْر، وأعاد القول، قُمْ فقد جاء أَبوك، وكان غائبا. فقمت مبادرا إلى بيتنا، وإذا أَبِي فقد جاء [2] .

[ () ] الوعظ والكلام على الخواطر فغضّ من منصبه العالي وقدح لا مدح فيما له من المفاخر والمعالي.

فمن مدح السادات أهل نهاية

وسامي مقامات بأوصاف مبتدي

فقد ذمّهم فيما به ظنّ مدحهم

وكم معتد فيها بزعمه مهتدي

(انظر: مرآة الجنان 3/ 349) .

وذكر اليافعيّ أيضا أخبار الجيلاني في كتابين له: «خلاصة المفاخر في أخبار مناقب الشيخ عبد القادر» و «نشر المحاسن الغالية في فضل المشايخ أولي المقامات العالية» . (مرآة الجنان 3/ 355) .

[1]

سير أعلام النبلاء 20/ 442.

[2]

سير أعلام النبلاء 20/ 442.

ص: 90

قلت: ونظير هذه الحكاية ما حَدَّثَنَا الفقيه أَبُو القاسم بْن مُحَمَّد بْن خَالِد قَالَ:

حدّثني شيخنا جمال الدّين يحيى بْن الصَّيرفيّ: سَمِعْتُ أَبَا البقاء النَّحْويّ قَالَ: حضرت مجلس الشَّيْخ عَبْد القادر، فقرءوا بين يديه بالألحان، فقلت في نفسي: تُرَى لأيّ شيءٍ لا يُنْكر الشَّيْخ هذا. فقال الشَّيْخ: يجيءُ واحدٌ قد قرأ أبوابا من الفِقْه يُنكر. فقلت فِي نفسي: لعلّ أَنَّهُ قصد غيري. فقال: إيّاك نعني بالقَول. فتبت فِي نفسي من اعتراضي عَلَى الشَّيْخ. فقال: قد قبل اللَّه توبتك [1] .

وسمعت شيخنا ابن تَيْميَة يَقُولُ: سَمِعْتُ الشَّيْخ عزّ الدّين أحمد الفاروثيّ [2] : سَمِعْتُ شيخنا شهاب الدّين السُّهْرَوَرْدِيّ يَقُولُ: عَزَمْتُ عَلَى الاشتغال بالكلام وأُصول الدّين، فقلت في نفسي: أستشير الشَّيْخ عَبْد القادر.

فأتيتُه فقال قبل أن أنطِق: يا عُمَر، ما هُوَ من عُدَّة القبر، يا عُمَر ما هُوَ من عُدَّة القبر.

قَالَ: فتركته [3] .

وقال أَبُو عَبْد اللَّه مُحَمَّد بْن محمود المَرَاتِبيّ: قلت للشّيخ الموفَّق: هَلْ لسماع الحديث عند ابن شافع، فكلّ ما سمعناه لم ننتفع بِهِ.

قَالَ السّيف: يعني لنزول ذَلِكَ [4] . وذلك أنّهم سمعوا منه «المسند» و «البخاريّ» .

وقال شيخنا أبو الحسين اليُونينيّ [5] : سَمِعْتُ الشَّيْخ عزّ الدّين بْن عَبْد

[1] سير أعلام النبلاء 20/ 422، 443.

[2]

الفاروثيّ: نسبة إلى فاروث من قرى واسط. وهي براء مضمومة بعد الألف، ثم واو ساكنة، ثم مثلّثة. (توضيح المشتبه 7/ 12) .

وقد تحرّفت في (الذيل على طبقات الحنابلة 1/ 296) إلى «الفاروقي» بالقاف بدل الثاء.

[3]

سير أعلام النبلاء 20/ 443، الذيل على طبقات الحنابلة 1/ 296، 297.

[4]

سير أعلام النبلاء 20/ 443.

[5]

هو عليّ بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه بن عيسى اليونيني البعلي، ولد ببعلبكّ سنة 621

ص: 91

السّلام يَقُولُ: ما نُقِلت إلينا كرامات أحدٍ بالتّواتر إلّا الشَّيْخ عَبْد القادر، فقيل لَهُ هذا مَعَ اعتقاده، فكيف هذا؟ قَالَ: لازمُ المذهب لَيْسَ بمذْهب [1] .

وقال ابن النّجّار فِي ترجمة الشَّيْخ عَبْد القادر: دخل بغداد سنة ثمانٍ وثمانين، وله ثمان عشرة سنة، فقرأ الفقه عَلَى: أَبِي الوفاء بْن عَقِيل، وأبي الْخَطَّاب، وأبي سعد المبارك المُخَرِّميّ، وأبي الْحُسَيْن بْن الفرّاء، حتّى أحكم الأُصُولَ، والفُروع، والخِلاف.

وسمع الحديث، فذكر شيوخه.

قَالَ: وقرأ الأدب عَلَى أَبِي زكريّا التِّبْريزيّ، واشتغل بالوعْظ إلى أن برز فِيهِ. ثمّ لازَم الخُلْوة، والرّياضة، والسّياحة، والمجاهَدَة، والسَّهر، والمُقام فِي الخراب والصّحراء. وصحِب الشَّيْخ حمّادَ الدّبّاس، وأخذ عَنْهُ علم الطّريق. ثمّ إنّ اللَّه تعالى أظهره للخلْق، وأوقع لَهُ الْقَبُولَ العظيم، فعقد مجلس الوعْظ في سنة إحدى وعشرين وخمسمائة. وأظهر اللَّه الحكمةَ عَلَى لسانه.

ثمّ جلس فِي مدرسة شيخه أَبِي سعد للتّدريس والفتوى فِي سنة ثمانٍ وعشرين، وصار يُقصد بالزّيارة والنُّذُور. وصنِّف في الأصول والفُروع، وله كلامٌ عَلَى لسان أهل الطّريقة عالٍ.

روى لنا عَنْهُ ولدُه عَبْد الرّزّاق، وأحمد بْن البَنْدَنيجيّ [2] ، وابن القُبَّيْطيّ، وغيرهم.

كتب إليَّ عَبْد اللَّه بْن أَبِي الْحَسَن الْجُبّائيّ [3] بخطّه قَالَ: قَالَ لي الشّيخ

[ () ] وتوفي فيها سنة 701 هـ. (انظر ترجمته ومصادرها في كتابنا: موسوعة علماء المسلمين في تاريخ لبنان الإسلامي ق 2 ج 3/ 63- 66 رقم 761) .

و «اليونيني» نسبة إلى يونين، بلدة شمال بعلبكّ.

[1]

سير أعلام النبلاء 20/ 443.

[2]

البندنيجي: بفتح الباء المنقوطة بواحدة وسكون النون وفتح الدال المهملة وكسر النون وسكون الياء المنقوطة باثنتين من تحتها وفي آخرها الجيم. هذه النسبة إلى بندنيجين وهي بلدة قريبة من بغداد بينهما دون عشرين فرسخا. (الأنساب 2/ 313) .

[3]

تحرّفت «الجبّائي» إلى «الجبالي» في (الذيل على طبقات الحنابلة 1/ 297) .

ص: 92

عَبْد القادر: طالَبَتْني نفسي يوما بشهوةٍ، فكنت أُضاجِرُها، وأدخل فِي دربٍ وأخرج إلى دربٍ أطلب الصّحراء، فبينما أَنَا أمشي، إذ رَأَيْت رُقْعةً مُلْقاةً، فإذا فيها: ما للأقوياء والشَّهَوات، إنّما خُلِقت الشَّهَوات للضُّعَفاء ليتقَوَّوا بها عَلَى طاعتي. فلمّا قرأتها خرجَتْ تلك الشَّهوة من قلبي.

قَالَ: وقال لي: كنت أقتات بخرنوب الشَّوك، وورق الخسّ من جانب النّهر [1] .

قرأت بخطّ أَبِي بَكْر عَبْد اللَّه بْن نصر بْن حمزة التَّيْميّ: سَمِعْتُ عَبْد القادر الْجِيليّ قَالَ: بلغت بي الضّائقة فِي غلاءٍ نزل ببغداد، إلى أنْ بقيت أيّاما لا آكل فيها طعاما بل أتتبَّع المنبوذات، فخرجت يوما إلى الشَّطّ لعلّي أجد ورق الخسّ والبقل، فما ذهبتُ إلى موضع إلّا وجدت غيري قد سبقني إِلَيْهِ، فرجعت أمشي فِي البلد، فلا أدرك موضعا قد كَانَ فِيهِ شيءٌ منبوذٌ إلّا وقد سُبِقْتُ إِلَيْهِ، فأجْهَدَني الضَّعْفُ، وعجزت عَنِ التّماسُك، فدخلت مسجدا، وقعدت، وكدتُ أصافح الموتَ، إذ دخل شابٌّ أعجميّ ومعه خُبزٌ وشِواء، وجلس يأكل، فكنت أكاد كلّما رفع يده بالُّلْقمة أن أفتح فمي من شدَّة الجوع، حتّى أنكرت ذَلِكَ عَلَى نفسي، إذ التفَتَ فرآني، فقال: بسم الله، فأبيت، فأقسم عليّ، فبادرت نفسي إلى إجابته، فأبيت مخالفا لها ولهواها، فأقسم عليّ، فأجبْتُهُ، وأكلت مقصِّرًا، وأخذ يسألني: ما شُغلُكَ، ومن أَيْنَ أنت؟

فقلت: أمّا شغْلي فمتفقّه، وأمّا من أَيْنَ، فمن جِيلان. فقال: وأنا والله من جِيلان، فهل تعرف لي شابّا جيلانيّا اسمه عَبْد القادر، يُعرف بسِبْط أَبِي عَبْد اللَّه الصَّوْمعيّ الزّاهد؟ قلت: أَنَا هُوَ. فاضطرب لذلك، وتغيَّر وجهه، وقال: واللهِ يا أخي، لقد وصلت إلى بغداد، ومعي بقيَّة نفقةٍ لي، فسألت عنك، فلم يُرشْدني أحدٌ، إلى أنْ نفدتْ نَفَقَتي، وبقيت بعدها ثلاثة أيّام لا أجد ثمن قُوتي إلّا من مالك معي، فلمّا كَانَ هذا اليوم الرابع قلت: قد تجاوزتْني ثلاثة أيّام لم آكل فيها طعاما، وقد أحلّت لي الميتة، فأخذت من

[1] سير أعلام النبلاء 20/ 443، 444، الذيل على طبقات الحنابلة 1/ 298، فوات الوفيات 2/ 373، 374.

ص: 93

وديعتك ثمن هذا الخُبز والشِّواء، فكُلْ طيّبا، فإنّما هُوَ لك، وأنا ضيفك الآن.

فقلت: وما ذاك؟

قَالَ: أمّك وجّهت معي ثمانية دنانير، والله ما خُنْتُكَ فيها إلى اليوم.

فسكّنته وطيّبت نفسه، ودفعت إِلَيْهِ شيئا منها [1] .

كتب إليَّ عَبْد اللَّه بْن أَبِي الْحَسَن الْجُبّائيّ قَالَ: قَالَ لي الشَّيْخ عَبْد القادر: كنت فِي الصّحراء أكرّر الفقه وأنا فِي مشقَّةٍ من الفقر، فقال لي قائل لم أر شخصه: اقترضْ ما تستعين بِهِ عَلَى طلب الفِقْه. فقلت: كيف أقترض وأنا فقير، ولا وفاء لي؟

قَالَ: اقترض وعلينا الوفاء.

قَالَ: فجئت إلى بقّالٍ فقلت لَهُ: تعاملني بشرْط إذا سهّل اللَّه لي شيئا أعطيك، وإنْ متّ تجعلني فِي حِلّ، تعطيني كلَّ يومٍ رغيفا ورشادا.

قَالَ: فبكى وقال: يا سيّدي أَنَا بحُكْمك.

فأخذت منه مدَّةً، فضاق صدري. فأظنّ أَنَّهُ قَالَ: فقيل لي: امضِ إلى موضع كذا، فأيّ شيء رَأَيْت عَلَى الدّكَّة فخُذْه وادفعه إلى البَقَليّ. فلمّا جئت رَأَيْت عَلَى دكَّةٍ هناك قطعة ذهبٍ كبيرة، فأخذتُها وأعطيتها للبقليّ [2] .

قَالَ: ولحِقَني الجنون مرَّةً، وحُمِلت إلى المارِستان، وطرقتني الأحوال حتّى متّ، وجاءوا بالكَفَن، وجعلوني عَلَى المَغْسَل، ثمّ سُرِّيَ عنّي وقمت.

ثمّ وقع فِي نفسي أن أخرج من بغداد لكثْرة الفِتَن الّتي بها، فخرجت إلى باب الحلبة، فقال لي قائل: إلى أَيْنَ تمشي؟ ودفعني دفعة حتّى خَرَرْتُ منها، وقال: ارجع، فإنّ للنّاس فيك مَنْفَعة. قلت: أريد سلامة دِيني. قَالَ: لك ذَلِكَ. ولم أر شخصه.

[1] سير أعلام النبلاء 20/ 444، 445، الذيل على طبقات الحنابلة 1/ 298، 299.

[2]

سير أعلام النبلاء 20/ 445.

ص: 94

ثمّ بعد ذَلِكَ طرقتني الأحوال، فكنت أتمنى من يكشفها لي، فاخترتُ بالظَّفَرّية، ففتح رَجُلٌ داره، وقال لي: يا عَبْد القادر، أيش طلبت البارحة؟

فنسيت وسكتّ، فاغتاظ منّي، ودفع الباب فِي وجهي دفعة عظيمة، فلمّا مَشيتُ ذكرت الَّذِي سَأَلت اللَّهَ، فرجعت أطلب الباب، فلم أعرفه. وكان حمّادا الدّبّاس. ثمّ عرفته بعد ذَلِكَ، وكتب لي جميع ذَلِكَ ممّا كنت يُشكِلُ عليّ. وكنت إذا غبْتُ عَنْهُ لطلب العِلم ورجعت إِلَيْهِ يَقُولُ: أيْش جاء بَك إلينا؟ أنت فقيه، مُرّ إلى الفُقهاء. وأنا أسكت.

فلمّا كَانَ يوم جمعة، خرجت مَعَ الجماعة معه إلى الصّلاة فِي شدَّة البرد، فلمّا وصلنا إلى قنطرة النّهر، دفعني النّاس فِي الماء. فقلت: غُسْل الجمعة، بسم الله.

وكان عليّ جُبَّة صوف، وفي كمّي أجزاء، فرفعت كُمّي لئلّا تهلك الأجزاء، وخلّوني ومشوا، فعصرت الْجُبَّة، وتبِعْتُهم، وتأذّيت من البرد كثيرا.

وكان الشَّيْخ يؤذيني ويضربني، وإذا غبت وجئت يَقُولُ: قد جاءنا اليوم الخُبْز الكثير والفالوذَج، وأكلنا وما خبّأنا لك وحشة عليك، فطمع فِيَّ أصحابه وقالوا: أنت فقيه، أيْش تعمل معنا؟ فلمّا رآهم الشَّيْخ يُؤْذوني غار لي، وقال لهم: يا كلاب، لِمَ تؤذونه؟ والله ما فيكم مثله، وإنّما أوذيه لأمتحنه، فأراه جبلا لا يتحرَّك.

ثمّ بعد مدَّةٍ قدِم رَجُلٌ من هَمَذَان يقال له يوسف الهَمَذَانيّ، وكان يقال لَهُ القُطْب، ونزل فِي رِباط، فلمّا سَمِعْتُ بِهِ مشيت إلى الرّباط، فلم أره، فسألت عَنْهُ، فقيل: هُوَ في السّرداب، فنزلت إليه، فلمّا آني قام وأجلسني وفَرَشَني، وذكر لي جميع أحوالي، وحلّ لي المُشْكِل عليّ، ثمّ قَالَ لي:

تتكلّم عَلَى النّاس. فقلت: يا سيّدي أَنَا رَجُل أعجميّ قحّ، أخرس، أيْش أتكلّم عَلَى فُصَحاء بغداد؟

فقال لي: أنت حفظتَ الفِقْه وأُصوله، والخلاف، والنَّحْو، واللّغة،

ص: 95

وتفسير القرآن، لا يصلح لك أنْ تتكلّم؟ اصعد عَلَى الكُرْسيّ، وتكلَّم عَلَى النّاس، فإنّي أرى فيك عِذْقًا سيصير نخلة [1] .

قَالَ: وقال لي الشَّيْخ عَبْد القادر: كنت أؤمَر وَأُنْهَى فِي النّوم واليَقَظَة، وكان يغلب عليّ الكلام، ويزدحم عَلَى قلبي إنْ لم أتكلّم حتّى أكاد أختنق، ولا أقدر أن أسكت. وكان يجلس عندي رجلان وثلاثة يسمعون كلامي، ثمّ تَسَامَع النّاس بي، وازدحم عليّ الخلْق، حتّى صار يحضر المجلسَ نحوٌ من سبعين ألفا.

وقال لي: فتّشت الأعمال كلّها، فما وجدت فيها أفضل من إطعام الطّعام، أودّ لو أنّ الدّنيا بيدي فأُطْعمها الجياع.

وقال لي: كفّي مثقوبة لا تضبط شيئا، لو جاءني ألفُ دينار لم أبيّتها.

وكان إذا جاءه أحدٌ بذَهَبٍ يَقُولُ لَهُ: ضَعْها تحت السّجّادة.

وقال لي: أتمنّى أن أكون فِي الصَّحَاري والبراري، لما كنت فِي أوّل الأمر، لا أرى الخلْق ولا يروني.

ثمّ قَالَ: أراد اللَّه منّي منفعة الخلْق، فإنّه قد أسلم على يدي أكثر من خمسمائة، وتاب عَلَى يدي من العَيّارين والمشّالحة أكثرُ من مائة ألف، وهذا خيرٌ كثير.

وقال لي: ترِدُ عليّ الأثقال الكثيرة، ولو وُضِعت عَلَى الجبال تفسَّخَتْ، فأضع جنْبي عَلَى الأرض، وأقرأ فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً. إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً 94: 5- 6 [2] ثمّ أرفع رأسي وقد انفرجت عنّي.

وقال لي: إذا ولد لي ولدٌ أخذته عَلَى يدي، وأقول هذا ميّت. فأخرجه من قلبي، فإذا مات لم يؤثّر عندي موتُهُ شيئا [3] .

[1] سير أعلام النبلاء 20/ 445- 447.

[2]

سورة الإنشراح، الآيتان 5 و 6.

[3]

سير أعلام النبلاء 20/ 447.

ص: 96

وقال ابن النّجّار: سَمِعْتُ عَبْد الرّزّاق بْن عَبْد القادر يَقُولُ: وُلِد لوالدي تسعٌ وأربعون ولدا، سبعةٌ وعشرون ذَكَرًا، والباقي إناث [1] .

وقال: كتب إليَّ عَبْد اللَّه بْن أَبِي الْحَسَن الْجُبّائيّ قَالَ: كنت أسمع كتاب «الحلْية» عَلَى ابن ناصر، فَرَقَّ قلبي، وقلت فِي نفسي: اشتهيت أن أنقطع عَن الخلْق وأشتغل بالعبادة. ومضيت فصلَّيتُ خلْف الشَّيْخ عَبْد القادر، فلمّا صلّى جلسنا، فنظر إليَّ وقال إذا أردتَ الانقطاع، فلا تنقطعْ حتّى تتفقَّه، وتجالس الشّيوخ، وتتأدَّب، وإلّا تنقطع وأنت فُرَيْخ ما رَيَّشْتَ [2] .

قَالَ ابْنُ النَّجَّارِ: أَخْبَرَنِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدٍ الشَّاهِدُ، عَنْ عَبْدِ الْوَهَّابِ ابْنِ الشَّيْخِ عَبْدِ الْقَادِرِ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا الثَّنَاءِ بْنَ أَبِي الْبَرَكَاتِ النَّهْرَ مَلْكِيَّ يَقُولُ: قَالَ لِي صَدِيقٌ لِي: قَدْ سَمِعْتُ أَنَّ الشَّيْخَ عَبْدَ الْقَادِرِ لا يَقَعُ عَلَى ثِيَابِهِ الذُّبَابُ. فَقُلْتُ: مَا لِي عِلْمٌ بِهَذَا. ثُمَّ بَكَّرْنَا يَوْمَ الْجُمُعَةِ، وَحَضَرْنَا مَجْلِسَهُ، فَالْتَفَتَ إِلَيَّ وَإِلَيْهِ وَقَالَ: أَيْشَ يَعْمَلُ الذُّبَابُ عِنْدِي، لا دِبْسُ الدُّنْيَا، وَلا عَسَلُ الآخِرَةِ [3] .

قَالَ: وأنبأنا أَبُو البقاء عَبْد اللَّه بْن الْحُسَيْن الحنبليّ: سَمِعْتُ يحيى بْن نجاح الأديب يَقُولُ: قلت فِي نفسي: أريد أُحصي كم يقصّ الشَّيْخ عَبْد القادر شَعْرًا من التُّوَّاب. فحضرت المجلسَ ومعي خَيْط، فكلّما قصّ شَعْرًا عقدت عُقْدةً تحت ثيابي، من الخيط، وأنا فِي آخر النّاس، وإذا بِهِ يَقُولُ: أَنَا أحلُّ، وأنت تعقد؟! [4] .

قَالَ: وسمعت شيخ الصُّوفيَّة عُمَر بْن محمد السّهرورديّ يقول: كنت

ص: 97

أتفقّه فِي صباي، فخطر لي أن أقرأ شيئا من عِلْم الكلام، عزمت عَلَى ذَلِكَ من غير أن أتكلَّم بِهِ، فاتّفق أنّي صلّيتُ مَعَ عمّي الشَّيْخ أَبِي النّجيب، فحضر عنده الشَّيْخ عَبْد القادر مسلِّمًا، فسأله عمّي الدّعاء لي، وذكر لَهُ أنّي مشتغل بالفِقه.

وقمت فقبّلت يده، فأخذ يدي وقال لي: تُبْ ممّا عزمتَ عَلَى الاشتغال بِهِ، فإنّك تُفْلِح. ثمّ سكتَ وترك يدي، ولم يتغيَّر عزمي عَنِ الاشتغال بالكلام، حتّى شُوِّشَتْ عليّ جميعُ أحوالي، وتكدَّر وقتي عليّ، فعلمت أنّ ذَلِكَ بمخالفة الشَّيْخ [1] .

قَالَ: وسمعت أَبَا مُحَمَّد بْن الأخضر يَقُولُ: كنت أدخل عَلى الشَّيْخ عَبْد القادر فِي وسط الشّتاء وقوّة برْده، وعليه قميصٌ واحدٌ، وعلى رأسه طاقيَّة، وحوله من يُروّحه بالمِرْوحة، والعَرَق يخرج من جسده كما يكون فِي شدة الحرّ [2] .

قَالَ: وسمعت عَبْد العزيز بْن عَبْد الملك الشَّيْبانيّ: سَمِعْتُ الحافظ عَبْد الغنيّ: سَمِعْتُ أَبَا مُحَمَّد بْن الخشّاب النَّحْويّ يَقُولُ: كنت وأنا شابّ أقرأ النَّحْو، وأسمع النّاس يصفون حُسْن كلام الشَّيْخ عَبْد القادر، فكنت أريد أن أسمعه، ولا يتَّسع وقتي لذلك، فاتّفق أنْ حضرتُ يوما مجلسَه، فلمّا تكلَّم لم أَستحسن كلامه، ولم أفهمْهُ، فقلت فِي نفسي: ضاع اليوم منّي. فالتفَتَ إلى الجهة الّتي كنت فيها وقال: وَيْلَكَ تُفَضّل النَّحْو عَلَى مجالِس الذِّكْر، وتختار [ذَلِكَ][3] ؟! اصْحَبْنا نُصَيِّرُكَ سِيبَوَيْه.

وقال: حكى شيخنا أحمد بْن ظَفَر بْن الوزير ابن هُبَيْرة قَالَ: سَأَلْتُ جدّي أنْ يأذن لي إلى الشَّيْخ عَبْد القادر، فأذِن لي، وأعطاني مبلغا من الذَّهب، وأمرني أنْ أدفعه إِلَيْهِ، وتقدم إليَّ بالسّلام عَلَيْهِ. فحضرت، فلمّا انقضى المجلس ونزل عَنِ المِنْبر، سلّمت عَلَيْهِ، وتحرَّجت من دفع الذّهب

[1] سير أعلام النبلاء 20/ 448، الذيل على طبقات الحنابلة 1/ 297.

[2]

سير أعلام النبلاء 20/ 449، الذيل على طبقات الحنابلة 1/ 299.

[3]

في الأصل بياض، والمضاف من: سير أعلام النبلاء 20/ 449.

ص: 98

إِلَيْهِ فِي ذَلِكَ الْجَمْع، فبادرني الشَّيْخ سابقا لفِكرتي وقال: هاتِ ما معك، ولا عليك من النّاس، وَسَلِّمْ عَلَى الوزير.

قَالَ: ففعلت وانصرفت مدهوشا [1] .

وقال أَبُو بَكْر عَبْد اللَّه بْن نصر الهاشميّ: حدَّثني أَبُو الْعَبَّاس أحمد بن المبارك المرقعاتيّ قَالَ: صحبْتُ الشَّيْخ عَبْدَ القادر [2] .

وقال صاحب «مرآة الزّمان» [3] : كَانَ سكوت الشَّيْخ عَبْد القادر أكثر من كلامه، وكان يتكلَّم عَلَى الخواطر، فظهر لَهُ صِيت عظيم، وَقَبُولٌ تامّ. وما كَانَ يخرج من مدرسته إلّا يوم الجمعة، أو إلى الرباط. وتاب عَلَى يده مُعظَم أهل بغداد، وأسلم معظم اليهود والنّصارى. وما كَانَ أحدٌ يراه إلّا فِي أوقات الصّلاة. وكان يصدع بالحقّ عَلَى المنبر، ويُنْكِر عَلَى من يولّي الظَّلَمَةَ عَلَى النّاس.

ولمّا ولّي المقتفي القاضي ابن المرخّم الظّالم، قَالَ عَلَى المنبر: ولّيت عَلَى المسلمين ظُلْمَ الظَّالمين، ما جوابك غدا عند ربّ العالمين؟

وكان لَهُ كرامات ظاهرة. لقد أدركت جماعة من مشايخنا يحكون منها جملة. حكى لي خالي لأمّي خاصّبَك قَالَ: كَانَ الشَّيْخ عَبْد القادر يجلس يوم الأحد، فبِتُّ مهتّما بحضور مجلسه، فاتّفق أنّني احتلمتُ، وكانت ليلة باردة، فقلت ما أُفَوِّت مجلسه، وإذا انقضى المجلس اغتسلتُ. وجئت إلى المدرسة والشّيخ عَلَى المِنْبر، فساعة وقعتْ عينهُ عليّ قَالَ: يا زُبَيْر، تحضر مجلسنا وأنت جُنُبٌ وتحتجّ بالبرْد! وحكى لي مظفَّر الحربيّ، رَجُلٌ صالح، قَالَ: كنت أنام فِي مدرسة الشّيخ عبد

[1] سير أعلام النبلاء 20/ 449.

[2]

في الأصل ترك بياض مقدار نيّف وأربعة أسطر، وكتب بجانبه على الهامش «ث. بيّض المؤلّف هذا المقدار ويمكن أن يكتب من مناقبه» .

[3]

ج 8/ 264، 265.

ص: 99

القادر لأجل المجلس، فمضيت ليلة وصعدت عَلَى سُطُوح المدرسة، وكان الْحَرُّ شديدا، فاشتهيت الرُّطَبَ وقلت: يا إلهي وسيّدي، ولو أنّها خمس رُطَبَات.

وقال: كَانَ للشّيخ بابٌ صغيرٌ فِي السّطح، ففتح الباب وخرج، وبيده خمسُ رُطَبَات، وصاح: يا مظفَّر، وما يعرفني، تعال خُذْ ما طلبتَ.

قَالَ: ومن هذا شيءٌ كثير.

قَالَ: وكان ابن يونس وزير الْإِمَام النّاصر قد قصد أولاد الشَّيْخ عَبْد القادر، وبدّد شملهم، وفعل فِي حقّهم كلَّ قبيح، ونفاهم إلى واسط، فبدَّد اللَّه شمل ابن يونس ومزّقه، ومات أقبح موتة.

قلت: كَانَ الشَّيْخ رضي الله عنه عديم النّظير، بعيد الصِّيت، رأسا فِي العِلْم والعمل. جمع الشَّيْخ نور الدّين الشَّطَنُوفيَّ المقرئ كتابا حافلا فِي سيرته وأخباره فِي ثلاث مجلّدات، أتى فِيهِ بالبَرَّة وأُذُن الْجَرَّةِ، وبالصّحيح والواهي والمكذوب، فإنّه كتب فِيهِ حكاياتٍ عَنْ قومٍ لا صِدْق لهم، كما حكوا أنّ الشَّيْخ مشى فِي الهواء من مِنْبره ثلاث عشرة خُطْوةً في المجلس، ومنها أنّ الشَّيْخ وعظ، فلم يتحرَّك أحدٌ فقال: أنتم لا تتحرَّكون ولا تَطْرُبون، يا قناديل اطربي.

قَالَ: فتحرَّكت القناديل، ورقصت الأطباق.

وفي الجملة فكراماته متواترة، ولم يخلف بعدَه مثله.

تُوُفّي فِي عاشر ربيع الآخر سنة إحدى وستّين وله تسعون سنة، وشيَّعه خلْق لا يُحْصَوْن.

قَالَ الْجُبّائيّ: كَانَ الشَّيْخ عَبْد القادر يَقُولُ: الخْلق حجابك عَنْ نفسك، ونفسك حجابك عَنْ ربّك [1] .

24-

عَبْد العزيز بْن عَلي بن مُحَمَّد بن سلمة [2] .

[1] سير أعلام النبلاء 20/ 450.

[2]

انظر عن (عبد العزيز بن علي) في: تكملة الصلة لابن الأبّار 628، معرفة القراء الكبار

ص: 100

أَبُو الأَصْبَغ بْن الطّحّان الأندلسيّ، السُّمّانيّ، الإشبيليّ.

ويُكنى أَبَا حُمَيْد أيضا.

وُلِد سنة ثمانٍ وتسعين وأربعمائة بإشبيليّة. وأخذ القراءات عن أبي العبّاس ابن عَيْشُون، وأبي الْحَسَن شُرَيْح وروى عَنْهُمَا.

وعن: أَبِي عَبْد اللَّه بْن عَبْد الرّزّاق الكلبيّ، ويحيى بْن سعادة، وأحمد بْن بقا صاحب أَبِي عَلي بْن سُكَّرَة.

وروى مصنَّف النَّسَائيّ، عَنْ أَبِي مروان بْن مَسَرَّة، وروى أيضا عَنْ جَعْفَر بْن مكّيّ: وانتقل بأَخَرَة إلى مدينة فاس. ثمّ حجَّ ودخل إلى العراق، ثمّ إلى الشّام.

وقرأ بواسط القراءات أيضا، وأقرأها. وكان بارِعًا فِي معرفتها وتعليلها.

وله مصنَّف فِي الوقْف والابتداء.

قَالَ أَبُو عَبْد اللَّه بْن الأَبّار [1] : حجّ، وسُمِع منه، وجلّ قدره، وصنَّف تصانيف، وكان أستاذا ماهرا فِي القراءات.

روى عَنْهُ: عَبْد الحقّ الإشبيليّ، وعليّ بْن يونس.

وأجاز لشيخنا أَبِي القاسم بْن بَقِيّ. وكانت رحلته سنة أربعٍ وخمسين.

وقال ابن الدَّبِيثيّ [2] : سَمِعْتُ غيرَ واحدٍ يَقُولُ: لَيْسَ بالمغرب أعلم بالقراءات من ابن الطَّحّان. قرأ عَلَيْهِ الأثير أَبُو الْحَسَن مُحَمَّد بْن الْحَسَن بْن أَبِي العلاء، وأبو طَالِب بْن عَبْد السّميع، ونعمة اللَّه بْن أحمد بْن أَبِي الهندباء، وغيرهم.

[2] / 548، 549 رقم 496، وسير أعلام النبلاء 20/ 451 (دون ترجمة) ، والمختصر المحتاج إليه لابن الدبيثي 3/ 45، 46 رقم 821، والوافي بالوفيات 18/ 529، 530 رقم 533، وغاية النهاية 1/ 395، ونفح الطيب 2/ 634، وإيضاح المكنون 294، 656، ومعجم المؤلفين 5/ 254، 255.

وسيعاد في المتوفين تقريبا في هذه الطبقة، رقم (392) .

[1]

في تكملة الصلة.

[2]

في المختصر المحتاج إليه.

ص: 101

وتُوُفّي بحلب بعد السّتّين [1] .

قلت: كتبته فِي هذه السّنة ظَنًّا لا يقينا [2] .

25-

عَبْد الكريم بْن مُحَمَّد بْن أَبِي الفضل بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الواحد [3] .

الفقيهُ أَبُو الفضائل الْأَنْصَارِيّ، الحَرَسْتانيّ [4] ، الدّمشقيّ، الشّافعيّ.

قَالَ الحافظ ابن عساكر: ولد سنة سبع عشرة وخمسمائة، وسمع:

جمال الْإِسْلَام السُّلَميّ، وأبا الْحَسَن بْن قُبَيْس [5] . ورحل فسمع ببغداد درْسَ أَبِي منصور ابن الرّزّاز، وبخُرَاسان درس مُحَمَّد بْن يحيى. وناب فِي التّدريس عَنِ ابن عصرون بالأمينيَّة. وتُوُفّي فِي رمضان [6] .

قلت: هُوَ أخو قاضي القُضاة جمال الدّين عَبْد الصّمد.

26-

عَبْد الواحد بْن عَلي بْن عَبْد الوهّاب.

الدِّينَوَريّ، أخو شعيب.

تُوُفّي قبل شُعيب بأيّامٍ فِي صَفَر. وله أربعٌ وثمانون سنة.

روى عَنْ أَبِيهِ.

وروى عنه أيضا: عمر القرشيّ.

[1] وقال أيضا: وقدم بغداد فسمع منه عمر القرشي، وصار إلى واسط، فقرأ عليه القراءات بها جماعة سنة تسع وخمسين وخمسمائة.

[2]

ومن شعره:

دع الدنيا لعاشقها

سيصبح من رشائقها

وعاد النفس مصطبرا

ونكّب عن خلائقها

هلاك المرء أن يضحي

مجدّا في علائقها

وذو التقوى يذلّلها

فيسلم من بوائقها

[3]

انظر عن (عبد الكريم بن محمد) في: تاريخ دمشق لابن عساكر، ومرآة الزمان 8/ 366، 267.

[4]

الحرستانيّ: بالتحريك وسكون السين، وتاء فوقها نقطتان. قرية كبيرة عامرة وسط بساتين دمشق على طريق حمص، بينها وبين دمشق أكثر من فرسخ. (معجم البلدان 2/ 241) .

[5]

في مرآة الزمان 8/ 267 «قيس» .

[6]

وصفه سبط ابن الجوزي بأنه كان صالحا ثقة.

ص: 102

27-

عَلي بْن أحمد بْن عَلي بْن أحمد بْن جَعْفَر [1] .

أَبُو الْحَسَن الْقُرَشِيّ الحَرَسْتانيّ، الدّمشقيّ.

سَمِعَ «جزء الرافقيّ» بحَرَسْتا من أَبِي عَبْد الله الحسن بن أحمد بن أبي الحديد في سنة ثمانين وأربعمائة. وكان ذاكرا لسماعه. وهو الَّذِي عرَّف الطَّلَبَة بنفسه لمّا رآهم يسمعون بحَرَسْتا، وقال: ما أنسى ابنَ أَبِي الحديد وقد طلع إلى هنا، وسمعنا عَلَيْهِ، وطلعت إلى هذا الْجَوْز، وفرطْتُ لهم منه وأنا صبيّ. فدخل الطَّلَبَة ونبشوا سماعه وسمعوا منه.

روى عَنْهُ: الحافظ ابن عساكر [2] ، وابنه القاسم، ومحمود بْن شُتَيّ [3] وأبو القاسم بْن صَصْرَى، وسيف الدّولة مُحَمَّد بْن غسّان، ومُكْرَم، وكريمة.

ولم يخبرني أحدٌ أَنَّهُ رَأَى أصْلَ سماع كريمة منه.

تُوُفّي فِي شوّال.

وآخر من روى لنا الجزء المذكور سُنْقُر القُضاعيّ [4] بحلب، عَنْ مُكْرَم، عَنْهُ.

28-

عَلي بْن أحمد بْن مُحَمَّد بْن الكَرْخيّ [5] .

أَبُو المظفَّر [6] .

روى عَنْ: الْحُسَيْن بْن عَلي بن البسريّ.

[1] انظر عن (علي بن أحمد بن علي) في: تاريخ دمشق لابن عساكر، ومختصره لابن منظور 17/ 184 رقم 67، وسير أعلام النبلاء 20/ 421 رقم 279، وأعاد ذكره مرتين 450 و 451 على أنه راوي جزء الرافقي.

[2]

وهو قال: لم يكن الحديث من شأنه.

[3]

شتيّ: بضم الشين المعجمة، وفتح التاء المثنّاة من فوقها، وتشديد الياء.

[4]

معجم شيوخ الذهبي 1/ 221 رقم 306 وفيه «القضائي» .

[5]

انظر عن (علي بن أحمد بن محمد) في: ذيل تاريخ بغداد لابن النجار 3/ 156- 158 رقم 639.

[6]

قال ابن النجار: من أهل باب الأزج، وهو أخو القاضي أبي طاهر محمد، وأبي المعالي الحسن. كان شيخا حسنا نظيفا في صورته وملبسه وطهارته، وكان منزويا في منزله، مقبلا على شأنه، مشتغلا بالخير، قليل المخالطة للناس.

ص: 103