الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[الخطبة للعباسيّين بمصر]
ووصل ابن عَصْرُون [1] رسولا، بأنّ أمير المؤمنين خُطِب لَهُ بمصر [2] ، وضُرِبت السّكَّة باسمه، فغلّقت أسواق بغداد، وعُمِلت القباب. وكانت قد قُطِعت من مصر خطبة بني الْعَبَّاس من أكثر من مائتي سنة [3] .
قَالَ العماد [4] رحمه الله: استفتح السّلطان سنة سبْعٍ بجامع مصر كلّ طاعة وسمع، وهو إقامة الخُطَب فِي الجمعة الأولى بمصر لبني الْعَبَّاس، وعَفَت البدعة، وصَفت الشِّرْعَة، وأقيمت الخطبة العبّاسيَّة فِي الجمعة الثّانية بالقاهرة. وأعقب ذَلِكَ موتُ العاضِد فِي يوم عاشوراء بالقصر، وجلس السّلطان صلاح الدّين للعزاء، وأغرب فِي الحُزْن والبكاء، وتسلَّم القصر، بما فِيهِ من خزائنه ودفائنه [5] .
[تعيين قراقوش زماما لقصر الخلفاء]
ولمّا قُتِلَ مؤتَمَنُ الخلافةِ صُرِف مَن هُوَ زمام القصر، وصيّر زمامه بهاء
[1] هو شهاب الدين أبو المعالي المطهّر بن أبي عصرون، وسيأتي في المتن قريبا.
[2]
ذكر العماد في أخبار سنة 572 هـ. أنّ الّذي خطب بمصر لبني العباس أولا هو: أبو عبد الله محمد بن المحسن بن الحسين بن أبي المضاء البعلبكي. وذكر ذلك أيضا ابن الدبيثي في تاريخه. (الروضتين ج 1 ق 2/ 492) وانظر الاختلاف في: نهاية الأرب 28 (حوادث 567 هـ.) واتعاظ الحنفا 3/ 326، والنجوم الزاهرة 5/ 355، 356 والخطبة 343.
[3]
المنتظم 10/ 237 (18/ 196)، وانظر: الكامل في التاريخ 11/ 371، والروضتين ج 1 ق 2/ 493 و 502، تاريخ الزمان 187، المغرب في حلى المغرب 98، ودول الإسلام 2/ 80 وفيه: وكانت دولتهم من قبيل الثلاثمائة
…
وكانت قد قطعت دعوة بني العباس من مصر من مائتين وعشر سنين، العبر 4/ 195 وفيه:«وكانت خطبة بني العباس قد قطعت من مصر من مائتي سنة وتسع سنين» ، ومثله في: مرآة الجنان 3/ 379، بدائع الزهور ج 1 ق 1/ 236 وفيه:«وقد أقامت دولتهم بمصر نحو مائتين وست سنين» .
[4]
في الروضتين ج 1 ق 2/ 494 جزء يسير من قول العماد، وهو في: سنا البرق الشامي 1/ 111.
[5]
المغرب في حلى المغرب 97، دول الإسلام 2/ 80.
الدّين قراقوش [1] ، فما دخل القصْرَ شيءٌ ولا خرج إلّا بمرأى منه ومَسْمَع، ولا حصل أهلُ القصر بعد ذَلِكَ عَلَى صفْو مُشْرَع. فلمّا تُوُفّي العاضد أحيط عَلَى آل القصر فِي موضع جُعِل برسمهم عَلَى الانفراد، وقُرِّرت لهم الكُسْوات والأزْواد، فدامت زمانا، فجُمِعت رجالهم، واحتُرِز عليهم، ومنعوا من النّساء لئلّا يتناسلوا، وهم إلى الآن محصورون محسورون لم يظهروا. وقد نقص عددهُم، وقُلِّص مددُهُم. وفرَّق ما فِي القصر من الحرائر والإماء، وأخذ ما يصلح له ولأمرائه من أخاير الذّخائر، وزواهر الجواهر، ونفائس الملابس، ومحاسن العرائس، وقلائد الفرائد، والدُّرَّة اليتيمة، والياقوتة الغالية [2] القيمة.
ووصف العماد أشياء، عديدة [3] .
قَالَ [4] : واستمرّ البيع فيما بقي عشر سنين، ومن جُملتها الكُتُب، وكانت خزانة الكُتُب مشتملة عَلَى نحو مائةٍ وعشرين ألف مجلّدة [5] .
وانتقل إلى القصر الملك العادل سيف الدّين أَبُو بَكْر لمّا ناب عَنْ أخيه، واستمرَّت سُكْناه فِيهِ [6] .
وكان صلاح الدّين لا يخرج عَنْ أمر نور الدّين، ويعمل لَهُ عمل القويّ الأمين، ويرجع إلى رأيه المتين [7] .
[1] هو بهاء الدين قراقوش بن عبد الله الأسدي المتوفى سنة 597 هـ. (وفيات الأعيان 3/ 364- 371) .
[2]
في الروضتين ج 1 ق 2/ 495 «والياقوتة العالية الغالية» .
[3]
الروضتين ج 1 ق 2/ 494، 495 و 506، سنا البرق الشامي 1/ 112.
[4]
قوله في الروضتين ج 1 ق 2/ 495 و 507، وسنا البرق الشامي 1/ 112، والنجوم الزاهرة 5/ 335.
[5]
الروضتين ج 1 ق 2/ 508، سنا البرق الشامي 1/ 111- 113، دول الإسلام 2/ 80 فيه:
«وكانت أزيد من مائة ألف مجلّد» .
[6]
سنا البرق الشامي 1/ 113،
[7]
الروضتين ج 1 ق 2/ 503.