المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ حرف العين - تاريخ الإسلام - ت تدمري - جـ ٣٩

[شمس الدين الذهبي]

فهرس الكتاب

- ‌[المجلد التاسع والثلاثون (سنة 561- 570) ]

- ‌[الطبقة السابعة والخمسون]

- ‌سنة إحدى وستين وخمسمائة

- ‌[الرفض فِي عاشوراء]

- ‌[وقوع الرُّخْص]

- ‌[هياج الكرج عَلَى بلاد الشام]

- ‌[فتح المنيطرة]

- ‌سنة اثنتين وستين وخمسمائة

- ‌[إرسال العسكر لحرب شُمْلة]

- ‌[عودة ركْب الحاجّ]

- ‌[مشاركة قُطْب الدين لعمّه نور الدين الغزو]

- ‌[حريق اللّبّادين]

- ‌[مسير شير كوه إلى مصر]

- ‌[المهادنة بين أسد الدين وشاور]

- ‌سنة ثلاث وستين وخمسمائة

- ‌[امتناع حجّ المصريّين]

- ‌[رخص الورد ببغداد]

- ‌[وزارة البلديّ]

- ‌[مصالحة البهلوان وصاحب مراغة]

- ‌[مشيخة الشيوخ]

- ‌سنة أربع وستين وخمسمائة

- ‌[الإيقاع بالعيّارين]

- ‌[مصادرة الأمير قيماز]

- ‌[مسير أسد الدين إلى مصر]

- ‌[دعوة صلاح الدين لدخول مصر]

- ‌[وزارة أسد الدين]

- ‌[قتل شاور]

- ‌[موت شير كوه]

- ‌[تقليد صلاح الدين أمور الخليفة]

- ‌ملْك إلْدِكْز الريّ

- ‌[تملُّك شُملة بلاد فارس وردّه]

- ‌[قتْل ابني شاور وعمّهما]

- ‌[الزلزلة بصقلّية]

- ‌سنة خمس وستين وخمسمائة

- ‌[الزلازل فِي الشام]

- ‌[نزول الفرنج عَلَى دمياط]

- ‌[أخذ نور الدين سنجار]

- ‌[دخول نجم الدين أيوب مصر]

- ‌[منازلة نور الدين الكرَك]

- ‌[أسْر أمير حصن عكار]

- ‌سنة ست وستين وخمسمائة

- ‌[وفاة المستنجد باللَّه]

- ‌[خلافة المستضيء باللَّه]

- ‌[كتاب التهنئة برحيل الفرنج عَنْ دمياط]

- ‌[وفاة قطب الدين]

- ‌[دخول نور الدين الموصل]

- ‌[أسر جماعة من الفرنج]

- ‌[بناء مدرسة للشافعية والمالكية بمصر]

- ‌[تقليد قضاء مصر]

- ‌[الغارة عَلَى الرملة، وعسقلان وغيرهما]

- ‌[فتح قلعة أيلة]

- ‌[سماع صلاح الدين من السِّلفي]

- ‌[تحويل منازل العزّ إلى مدرسة للشافعية]

- ‌[وفاة ابن الخلّال]

- ‌[استيلاء الخَزَر عَلَى دَوِين]

- ‌[ظهور مغربيّ دعيّ وقتله]

- ‌سنة سبع وستين وخمسمائة

- ‌[عزل ابن رئيس الرؤساء]

- ‌[الحريق ببغداد]

- ‌[هديَّة صاحب البحرين]

- ‌[تدريس ابن الجوزي «بالحلبة» ]

- ‌[الخطبة للعباسيّين بمصر]

- ‌[تعيين قراقوش زماما لقصر الخلفاء]

- ‌[كتاب البشارة بالخطبة لأمير المؤمنين]

- ‌[وصول الخِلَع من الخليفة إلى دمشق]

- ‌[رواية ابن الأثير فِي انقراض الدولة العُبيدية]

- ‌[بداية المنافرة بين صلاح الدين ونور الدين]

- ‌[اتخاذ الحمام للمراسلة]

- ‌[تفويض العماد بالتدريس والنظارة]

- ‌[عبور الخطا نهر جيحون إلى خوارزم]

- ‌سنة ثمان وستين وخمسمائة

- ‌[تدريس ابن الجوزي بجامع المنصور]

- ‌[التخوّف من عسكر همذان]

- ‌[حفل ختان إخوة الخليفة]

- ‌[حضور الخليفة مجلس ابن الجوزي]

- ‌[استيلاء قراقوش عَلَى طرابلس الغرب]

- ‌[فتح برقة واليمن]

- ‌[حصار صلاح الدين الكَرَك]

- ‌[وفاة خوارزم شاه]

- ‌[الحرب بين أبناء خوارزم شاه عَلَى المُلْك]

- ‌[انهزام الروم أمام مليح الأرمني]

- ‌[فتح نور الدين بَهَسْنَا ومَرْعَش]

- ‌[خضوع قلج أرسلان لشروط نور الدين]

- ‌[تدريس القطب النيسابوري بالغزالية]

- ‌[بناء المدرسة العادلية]

- ‌سنة تسع وستين وخمسمائة

- ‌[حريق الظفريَّة]

- ‌[تدريس ابن الجوزي بجامع المنصور]

- ‌[الازدحام عَلَى درس ابن الجوزي بالحربيَّة]

- ‌[وصول التقادم من نور الدين إلى الخليفة بمصر]

- ‌[التدريس بالنظاميّة]

- ‌[خروج ابن أخي شملة وقتله]

- ‌[وقوع البَرَد]

- ‌[زيادة دجلةٍ]

- ‌[الأمطار بالموصل]

- ‌[تجدّد الخلاف بين السُّنَّة والرافضة]

- ‌[البشارة بفتح اليمن وكسر الفرنج]

- ‌[وصول الفتوحات إلى النوبة]

- ‌[الفتوحات فِي اليمن]

- ‌[إخراج المحفوظ فِي خزائن مصر]

- ‌[مهادنة الصالح إِسْمَاعِيل للفرنج]

- ‌مصرع الّذين سَعَوْا فِي إعادة دولة بني عُبَيْد

- ‌[منازلة الفرنج الإسكندرية]

- ‌[هلاك مُرّي ملك الفرنج]

- ‌[رسالة ابن المقدّم إلى صلاح الدين وردّه عليها]

- ‌[وعْظ الطوسي بالتاجية وثورة الشيعة عَلَيْهِ]

- ‌سنة سبعين وخمسمائة

- ‌[إعادة ابن الدامغانيّ إلى قضاء القضاة]

- ‌[موقف قايماز من توزير ابن المظفّر]

- ‌[تدريس ابن الجوزي تحت منظرة الخليفة]

- ‌[فتنة الأمير تتامش]

- ‌[إعادة ابن رئيس الرؤساء إلى الوزارة]

- ‌[وفاة قايماز]

- ‌[امتلاك صلاح الدين دمشق]

- ‌[هدْم قلعة حمص]

- ‌[أخْذ حماه]

- ‌[محاصرة حلب واستغاثة صاحبها بالباطنية]

- ‌[تسلُّم حمص]

- ‌[تسلُّم بعلبَكّ]

- ‌[كسرة عسكر حلب والموصل عند حماه]

- ‌[مصالحة صلاح الدين لصاحب حلب]

- ‌[أخْذ حصن بارين]

- ‌[الإنعام بحمص والإنابة بقلعة دمشق]

- ‌[أخْذ بعلبَكّ وعصيان ابن المقدّم بها]

- ‌[نصوص بعض الكتاب من إنشاء القاضي الفاضل]

- ‌[ملك البهلوان مدينة توريز]

- ‌[رواية ابن الأثير عَنْ فتنة قايماز]

- ‌تراجم رجال هذه الطبقة

- ‌سنة إحدى وستين وخمسمائة

- ‌ حرف الألف

- ‌ حرف الجيم

- ‌ حرف الحاء

- ‌ حرف الزاي

- ‌ حرف السين

- ‌ حرف الشين

- ‌ حرف العين

- ‌ حرف الميم

- ‌ حرف الهاء

- ‌ حرف الياء

- ‌الكنى

- ‌سنة اثنتين وستين وخمسمائة

- ‌ حرف الألف

- ‌ حرف الحاء

- ‌ حرف العين

- ‌ حرف القاف

- ‌ حرف الميم

- ‌ حرف الهاء

- ‌ حرف الياء

- ‌سنة ثلاث وستين وخمسمائة

- ‌ حرف الألف

- ‌ حرف الباء

- ‌ حرف التاء

- ‌ حرف الجيم

- ‌ حرف الحاء

- ‌ حرف الخاء

- ‌ حرف السين

- ‌ حرف الشين

- ‌ حرف الضاد

- ‌ حرف العين

- ‌ حرف القاف

- ‌ حرف الميم

- ‌ حرف النون

- ‌ حرف الهاء

- ‌ حرف الياء

- ‌الكنى

- ‌سنة أربع وستين وخمسمائة

- ‌ حرف الألف

- ‌ حرف الحاء

- ‌ حرف الراء

- ‌ حرف السين

- ‌ حرف الشين

- ‌ حرف العين

- ‌ حرف الميم

- ‌ حرف الياء

- ‌الكنى

- ‌سنة خمس وستين وخمسمائة

- ‌ حرف الألف

- ‌ حرف الجيم

- ‌ حرف الحاء

- ‌ حرف الخاء

- ‌ حرف الطاء

- ‌ حرف العين

- ‌ حرف الميم

- ‌ حرف الياء

- ‌سنة ستّ وستّين وخمسمائة

- ‌ حرف الألف

- ‌ حرف الحاء

- ‌ حرف السّين

- ‌ حرف الطاء

- ‌ حرف العين

- ‌ حرف اللام

- ‌ حرف الميم

- ‌ حرف الياء

- ‌الكنى

- ‌سنة سبع وستين وخمسمائة

- ‌ حرف الألِف

- ‌ حرف الجيم

- ‌ حرف الحاء

- ‌ حرف الخاء

- ‌ حرف السين

- ‌ حرف العين

- ‌ حرف القاف

- ‌ حرف الميم

- ‌ حرف النون

- ‌ حرف الواو

- ‌ حرف الياء

- ‌سنة ثمان وستين وخمسمائة

- ‌ حرف الألف

- ‌ حرف الجيم

- ‌ حرف الحاء

- ‌ حرف السين

- ‌ حرف الصاد

- ‌ حرف العين

- ‌ حرف الميم

- ‌سنة تسع وستين وخمسمائة

- ‌ حرف الألف

- ‌ حرف الجيم

- ‌ حرف الحاء

- ‌ حرف الدال

- ‌ حرف السين

- ‌ حرف العين

- ‌ حرف الفاء

- ‌ حرف الميم

- ‌ حرف الهاء

- ‌ حرف الْيَاءِ

- ‌سنة سبعين وخمسمائة

- ‌ حرف الألِف

- ‌ حرف الحاء

- ‌ حرف الخاء

- ‌ حرف السين

- ‌ حرف الشين

- ‌ حرف العين

- ‌ حرف الفاء

- ‌ حرف القاف

- ‌ حرف الميم

- ‌ حرف الهاء

- ‌ حرف الواو

- ‌ حرف الياء

- ‌المتوفّون فِي هذه الحدود ما بين الستين والسبعين

- ‌ حرف الألف

- ‌ حرف الراء

- ‌ حرف العين

- ‌ حرف الميم

- ‌ حرف الياء

الفصل: ‌ حرف العين

القاسم بْن صَصْرى، وعبد الرَّحْمَن بْن عُمَر النّسّاج، والقاضي عُمَر بْن المُنَجّا.

قَالَ أَبُو المواهب: تُوُفّي فِي ربيع الآخر، وكان مُقْرِئًا صالحا. ما حَدَّثَنَا عَنِ ابن الحِنّائيّ سواه.

-‌

‌ حرف العين

-

324-

عبد الله بن أحمد بن الْحُسَيْن [1] .

أَبُو مُحَمَّد بْن النّقّار الطّرابُلُسيّ، الشّاميّ، الحِمْيَريّ، الكاتب، المُعَدَّل [2] .

وُلِدَ بأطْرابُلُس سَنَة تسعٍ وسبعين وأربعمائة، وعاش تسعين سَنَة [3] . قَدِمَ دمشقَ شابّا عند استيلاء العدوِّ عَلَى أَطْرابُلُس، وتقدَّم فِي كتابة الإنشاء، وكتب لصاحب الشّام.

[1] انظر عن (عبد الله بن أحمد) في: تاريخ دمشق (مخطوط) 19/ 603 و 39/ 333، والمطبوع بتحقيق د. صلاح الدين المنجد ج 2 ق 1/ 177، وتهذيبه 1/ 257 و 4/ 357 و 7/ 279، وخريدة القصر (قسم الشام) 2/ 111- 118 و (1/ 314) ، ومعجم السفر للسلفي (المصوّر) 1/ 138، وتكملة إكمال الإكمال للصابوني 348 رقم 352، وبغية الطلب (مصوّرة معهد المخطوطات) 2/ 75، ومرآة الزمان ج 8 ق 1/ 289، والروض المعطار للحميري 241، 242، وإنباه الرواة 1/ 35، والوافي بالوفيات 17/ 49، 50 رقم 44، والنجوم الزاهرة 6/ 65، 66، والحياة الثقافية في طرابلس الشام (تأليفنا) 259- 262.

[2]

التقى به الحافظ السلفي فقال: أنشدني أبو محمد عبد الله بن أحمد بن الحسين.. قال:

أنشدني أبي لنفسه بطرابلس:

قد زارني طيف من أهوى على حذر

من الوشاة وداعي الصبح قد هتفا..

أبو محمد هذا من أعيان أهل الشام وأدبائهم، وذكر لي أنه ولد بطرابلس وبها تأدّب على أبيه وغيره، وقد علّقت عنه من شعر أبيه مقطّعات، وكذلك من شعره هو. وقد كاتبته نظما وكاتبني. وأصلهم من الكوفة. (معجم السفر 1/ 138) .

وقال العماد: أدركت حياته بدمشق. وكان شيخا قد أناف على التسعين، وقيل على المائة، وكان مليح الخطّ، حلوه، فصيح الكلام صفوه. وقبل قوله القاضي أبو سعد الهروي وعدّله، ثم اختاره والي دمشق لكتابة الإنشاء في الديوان بعد الشاعر ابن الخياط، وكان جيّد الإنشاء له يد في النظم والنثر. وقد تولّى كتابة الإنشاء لملوك دمشق إلى أن تملّكها نور الدين محمود بن زنكي رحمه الله. وكتب له أيضا مدّة يسيرة. وله نظم مقبول، وشعر معسول. (الخريدة 1/ 314) .

[3]

اختلف في وفاته فقيل في سنة 567 وقيل 568 وقيل 569 هـ.

ص: 344

وكان جيّد النَّظْم والنَّثْر، كبير القدْر.

روى عَنْهُ ابن عساكر فِي «تاريخه» قصيدتين [1] .

325-

عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد بْن هِبَة اللَّه بْن محمد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن حَسْنُونَ [2] .

أَبُو مُحَمَّد بْن أَبِي نصر بْن أَبِي طاهر بْن أَبِي الْحُسَيْن النَّرْسِيّ، البَغْداديُّ.

من بيت العدالة والرِّواية.

سَمِعَ: أَبَا الفضل مُحَمَّد بْن عَبْد السّلام، وأبا غالب الباقِلّانيَ، وأبا بَكْر الطُّرَيْثِيثيّ، وأبا الْحُسَيْن بْن الطُّيوريّ، وابن العلّاف.

سَمِعَ منه: عليّ بْن أَحْمَد الزَّيْديّ، وأبو بَكْر الباقداريّ.

وحدَّث عَنْهُ جماعة وأثنوا عَلَيْهِ منهم: الحافظ عَبْد الغنيّ، وأبو مُحَمَّد بْن قُدَامة، وعبد العزيز بْن الأخضر، وحفيداه أَحْمَد وإسماعيل ابنا إِسْمَاعِيل بْن النّرسيّ.

[1] له قصيدة في وصف متنزّهات دمشق، أولها:

سقى الله ما تحوي دمشق وحيّاها

فما أطيب اللّذّات فيها وأهناها

نزلنا بها فاستوقفتنا محاسن

يحنّ إليها كلّ قلب ويهواها..

ومن شعره قصيدة أولها:

بادر إلى اللّذّات في أزمانها

واركض خيول اللهو في ميدانها

واستقبل الدنيا بصدر واسع

ما أوسعت لك في رحيب مكانها..

وله أيضا:

الله يعلم أنّني ما خلته

يصبو إلى الهجرات حين وصلته

من منصفي من ظالم متعنّت

يزداد ظُلْمًا كلّما حكَّمْتُهُ

ملّكتُهُ روحي ليحفَظَ ملكه

فأضاعني وأضاع ما ملّكته..

هذا. وقد جمعت شعره في كتابي المخطوط (معجم الأدباء والشعراء في تاريخ لبنان الإسلامي) .

[2]

انظر عن (عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد بْن هبة اللَّه) في: المختصر المحتاج إليه 2/ 129، 130 رقم 756، والمشتبه في الرجال 2/ 523، والمعين في طبقات المحدّثين 172 رقم 1849، وتذكرة الحفّاظ 4/ 1327 وفيه «عبد الله بن محمد بن هبة الله» ، وسير أعلام النبلاء 21/ 46 (دون ترجمة) .

ص: 345

وكان يُلَقَّب بالحمامة.

تُوُفّي رحمه الله فِي رمضان ولَهُ ثلاثٌ وثمانون سَنَة.

326-

عَبْد الواحد بْن عَبْد الماجد بْن عَبْد الواحد بْن الأستاذ أَبِي القاسم القُشَيْريّ [1] .

أَبُو مُحَمَّد النَّيْسَابوريّ، الصُّوفيّ.

حدَّث بدمشق وبغداد [2] عَنْ أَبِيهِ، وعبد الغفّار الشّيْروييّ [3] ، ومحمد بن أحمد بن صاعد.

روى عنه: الحافظ ابن عساكر، وأبو القاسم بن صصريّ، والجماعة.

وتوفّي رحمه الله في المحرّم بأصبهان [4] .

327-

[عبد الواحد][5] بن عبد الملك بن محمد بن أبي سعد [6] .

أبو نصر الفضلوسيّ [7] الكرجيّ، الصّوفيّ، الزّاهد.

له عبادة ومجاهدات، وسافر الكثير ولقي المشايخ. وحجّ مرات.

وربّما حجّ منفردا متوكّلا. وسَمِعَ بأصبهان، وبغداد، ومصر.

وَسَمِعَ من: أَبِي عَبْد اللَّه مُحَمَّد بْن أحمد الرّازيّ، وأبي القاسم بن الحصين.

وكان أبو الفرج بن النّقّور قد كتب عنه عجائب، وأنّه قد رأى الخضر ورأى الجن.

[1] انظر عن (عبد الواحد بن عبد الواحد) في: المختصر المحتاج إليه 3/ 74 رقم 881، وذيل تاريخ بغداد لابن النجار 1/ 252، 253 رقم 139.

[2]

كان تحديثه ببغداد سنة 555 هـ.

[3]

في الأصل: «الشيروي» ، والتصحيح من: المختصر.

[4]

وكان مولده سنة 501 هـ.

[5]

في الأصل بياض.

[6]

انظر عن (عبد الواحد بن عبد الملك) في: المختصر المحتاج إليه 3/ 73، 74 رقم 879، وذيل تاريخ بغداد لابن النجار 1/ 253- 256 رقم 140.

[7]

في الأصل: «البطليوسي» والتصحيح من: المختصر، والذيل.

ص: 346

ولد سنة أربع وتسعين وأربعمائة.

وروى عنه جماعة منهم أبو سعد السّمعانيّ [1] .

وقال ابن الدّبيثيّ [2] إنّه توفّي بالكرخ في سنة تسع هذه [3] .

328-

عبد النَّبِيّ بْن المهديّ [4] .

اليمنيّ الخارجيّ، المُلَقَّب بالمهديّ.

كَانَ أَبُوهُ المهديّ قد استولى عَلَى اليمن، وظلم وعَسَف، وشقّ بطن الْحَبَالَى، وذبح الأطفال، وتمرَّد عَلَى اللَّه. وكان يرى رأي القرامطة.

وولي الأمر بعده عَبْد النَّبِيّ هذا، ففعل أنحس من فعل الوالد، وسبى النّساء، وبنى عَلَى قبر أَبِيهِ قُبَّةً عظيمة لم يُعمل فِي الْإِسْلَام مثلها، فإنّه صفَّح حيطانها بالذَّهب والجواهر، ظاهرا وباطنا، وعمل لها سُتُور الحرير، والقناديل الذَّهب، فيقال إنّه أمر النَّاس بالحجّ إلى قبر أَبِيهِ، كما لحجّ الكعبة، وأن يحمل كلّ واحدٍ إليها مالا، ومن لم يحمل مالا قتله، ومنعهم من الحج، فكانوا يقصدونها من السَّحَر، واجتمع فيها أموالٌ لا تُحْصَى، وانهمك فِي اللّذّات والفواحش إلى أن قصمه اللَّه واستأصله على يد شمس الدّولة ابن

[1] وهو قال: كتبت عنه جزءا انتخبته، وسمع بقراءتي ببغداد، وكنت آنس به كثيرا، قطع البراري على التجريد بلا زاد ولا رفيق ولا راحلة، وكان يطوي الأيام والليالي لا يأكل فيها ويديم السير.

[2]

في المختصر المحتاج إليه.

[3]

وَقَالَ ابن النَّجَّار: كَانَ من أعيان الصُّوفِيَّة ومن عباد الله الصالحين، طوّف البلاد في السياحة وحجّ مرارا على التجريد، وركب المشاقّ، وكانت له آيات وكرامات.

أنشده أبو بكر محمد بن عبد الباقي الأنصاري لبعضهم:

فلقد سئمت مآربي

فوجدت أكثرها خبيث

إلّا الحديث فإنه

مثل اسمه أبدا حديث

[4]

انظر عن (عبد النبي بن المهدي) في: الكامل في التاريخ 11/ 396، ومفرّج الكروب 1/ 238- 243، ومرآة الزمان 8/ 300، 301، والمختصر في أخبار البشر 2/ 54، والعبر 4/ 207، وسير أعلام النبلاء 20/ 582، 583، رقم 364، وتاريخ ابن الوردي 2/ 126 ومرآة الجنان 3/ 390، والبداية والنهاية 12/ 273، 274، والكواكب الدرّية 222، والنجوم الزاهرة 6/ 69 و 72، وشذرات الذهب 4/ 234، وبلوغ المرام 18 وذكره المؤلّف- رحمه الله في: سير أعلام النبلاء 21/ 46 دون ترجمة.

ص: 347

أيّوب، واستولى عَلَى جميع خزائنه وعذّبَه، ثُمَّ قتله، وهدم القُبَّة، وأحرق ما فيها.

هذا معنى ما قاله صاحب «مرآة الزّمان» [1] .

329-

عليّ بْن أَحْمَد بْن أَبِي بَكْر [2] .

أَبُو الْحَسَن الكِنَانيّ [3] أَبِي الْحُسَيْن القُرْطُبيّ، نزيل مدينة فاس. مَعَ «الموطّأ» بقراءة أَبِيهِ من: أَبِي عبد اللَّه مُحَمَّد بْن الفَرَج مولى الطَّلّاع. وسَمِعَ من: أَبِي الْحَسَن القَيْسيّ، وأخذ عَنْهُ القراءات، وخازم بْن مُحَمَّد، وأبي القاسم بْن مُدِير، وأبي الوليد بْن خشرم.

وأخذ عَنْهُ الكبار.

وأخذ أيضا عَنْ: الْحَسَن بْن شفيع، وأبي عُمَر الألْبِيرِيّ.

وقرأ بجيّان عَلَى: أَبِي عامر محمد بن حبيب.

ثمّ حجّ سنة خمسمائة، ولقي أَبَا حامد الغزاليّ وصحِبَه.

كذا قَالَ أَبُو عَبْد اللَّه الأَبّار [4] : وفي هذا نظر، إِلَّا أن يكون دخل خُراسان، وهُوَ محتَمَل عَلَى بُعْد.

قَالَ: وأقام ببيت المقدس يعلِّم القرآن تسعة أشهر، ثُمَّ انصرف واستوطن مدينة فاس سنة ثلاث وخمسمائة، وتصدَّر للإقراء، وطال عُمره.

وروى عَنْهُ من شيوخنا: أبو القاسم بن بقيّ، وأبو زكريّا النّادليّ.

[1] سبط ابن الجوزي 8/ 300، 301.

[2]

انظر عن (علي بن أحمد) في: التكملة لكتاب الصلة لابن الأبّار (مخطوط) م/ ورقة 66، والمطبوع، رقم 1885، وصلة الصلة لابن الزبير 102، والذيل والتكملة لكتابي الموصول والصلة 5/ ق 1/ 150- 153 رقم 310، وتذكرة الحفاظ 4/ 1327، والمعين في طبقات المحدّثين 173 رقم 1850، والعبر 4/ 208، ومعرفة القراء الكبار 2/ 545، 546 رقم 491، ودول الإسلام 2/ 84، وسير أعلام النبلاء 21/ 46 (دون ترجمة) ، وغاية النهاية 1/ 518 رقم 2143، وشذرات الذهب 4/ 234.

[3]

تصحّفت في (غاية النهاية) و (شذرات الذهب) إلى: «الكتّاني» ، وكذا في (دول الإسلام) .

[4]

في تكملة الصلة، رقم 1885.

ص: 348

وقرأتُ عَلَى النّادليّ كتاب «الشّهاب» للقُضَاعيّ، بسماعه منه، عَن القَيْسيّ، عَنْ مؤلّفه.

وكان مَوْلِدُه سنة ستّ وسبعين وأربعمائة.

قلت: عاش ثلاثا وتسعين سَنَة. وكان من أسْنَد أهل وقته.

وقد روى عَنْهُ بالإجازة أَبُو الْحَسَن بْن المُفَضَّل، وبالسّماع عَبْد العزيز بْن عَلِيّ بْن زيدان النَّحْويّ السِّمْنانيّ، نزيل فاس [1] .

330-

عَلِيّ بْن إِبْرَاهِيم بْن المسلّم.

أَبُو الْحَسَن الْأَنْصَارِيّ، الزّاهد، المعروف بابن بِنْت أَبِي سعد.

توفّي بمصر في رجب.

وقد حدَّث قبل موته بيسير. وكان محدِّثًا، عارِفًا بشيوخ المصريّين.

أخذ عَنْهُ الحافظ عَبْد الغنيّ، والمصريّون.

[1] وقال ابن عبد الملك المراكشي: روى عن أبي منصور منتان بن خرّزاد الهمذاني مصنّف «قصة يوسف» قال: وكنت أكتب إليه وقت تأليفه إياه بإملائه أو أمسك عليه المسودّة ويكتب، وصحب بها الإمام أبا حامد الغزالي، وسمع منه أكثر «الموطأ» رواية ابن بكير، وجملة من فوائده، ودعا له أن يمتّعه الله فأجيبت دعوته، وجال في بلاد العراق والحجاز والشام ومصر، وشاهد غرائب كثيرة، ولقي في تجواله أعلاما كبراء لم يعن بالأخذ عنهم إذ لم يكن له كبير اهتبال بشأن الرواية. وأقام يسير فاذ شريعة بيت المقدس تسعة أشهر يعلّم فيها القرآن، ثم قفل إلى المغرب فلقي بتلمسان أبا بحر الأسدي وروى عنه، ثم ورد مدينة فاس في غرّة رمضان ثلاث وخمسمائة ابن ثمان وعشرين سنة، ولقي بها أبا القاسم خلف بن يوسف بن الأبرش، واشترى فيها دارا وبنى مسجدا وتزوّج، وذلك كله عام قدومه فاس.

وكان مقرئا للقرآن العظيم، كثير الاعتناء برواياته، مجوّدا متقنا، فاضلا صالحا، مشهورا بإجابة الدعوة، كريم المجالسة، وأسنّ فكان من آخر الرواة عن بعض هؤلاء الشيوخ، والتزم الإمامة بمسجده والإقراء فيه ستا وستين سنة إلى أن توفي.

وأنشد أبو الحسن بن حنين في كتب الإمام أبي حامد الغزالي:

حبّر العلم إمام

أحسن الله خلاصه

ببسيط ووسيط

ووجيز وخلاصه

ص: 349

331-

عَلِيّ بْن الْحَسَن بْن عَلِيّ بْن أَبِي الأسود [1] .

أَبُو الْحُسَيْن بْن البَلّى [2] البَغْداديُّ، عمّ هِبَة اللَّه بْن البَلّ.

روى عَنْ: أَبِي القاسم الرَّبَعيّ، وابن بيان الرّزّاز.

سمع منه: عليّ بن أحمد الزّيديّ، وغير واحد.

وروى عنه: عليّ بن محمد العلويّ، وابن الأخضر، وموفّق الدّين المقدسيّ، وآخرون.

توفّي في ذي الحجّة [3] .

332-

عليّ بن الحَسَن بن عَليّ [4] .

أَبُو الحَسَن بن الرّميليّ [5] ، الفقيه الشّافعيّ.

كان من أئمّة الشّافعيّة، ورشّح ببغداد لتدريس النّظاميّة.

وروى القليل عَنْ: الأُرْمَويّ، وأبي الوقت.

ولَهُ تعليقة فِي الخلاف.

وكتب عَلَى طريقة ابن البوّاب، وأعاد بالنّظاميّة [6] .

[1] انظر عن (علي بن الحسن بن علي) في: المختصر المحتاج إليه 3/ 121 رقم 995، والمشتبه في الرجال 1/ 115، وذيل تاريخ بغداد لابن النجار 3/ 308، 309 رقم 766، وتوضيح المشتبه 2/ 55.

[2]

البلّ: بفتح الباء الموحّدة. وقد تحرّفت إلى: «النيل» في: ذيل تاريخ بغداد.

[3]

ومولده في أحد الربيعين من سنة 488 هـ.

[4]

انظر عن (علي بن الحسن الرميلي) في: المختصر المحتاج إليه 3/ 121 رقم 994، وذيل تاريخ بغداد لابن النجار 3/ 307، 308 رقم 765، وطبقات الشافعية الكبرى للسبكي 4/ 272، 273، وتوضيح المشتبه 4/ 226، ومعجم المؤلّفين 7/ 64.

[5]

في: ذيل تاريخ بغداد، ومعجم المؤلفين:«الزميلي» بالزاي المنقوطة بدل الراء. والمثبت عن الأصل يتفق مع: المختصر، وطبقات السبكي، وتوضيح المشتبه.

[6]

وقال ابن النجار: من ساكني رحبة جامع القصر، كان فقيها فاضلا، حافظا لمذهب الشافعيّ، حسن المعرفة، ويعرف الأصول معرفة تامة، وله تعليقة في الخلاف، ويعرف الأصول ويحفظ اللغة والنحو، ويكتب خطا مليحا على طريقة ابن البوّاب، وكان حسن الأخلاق متواضعا سخيّا محبوبا إلى الناس.. ورتّب معيدا بالمدرسة النظامية ومتولّيا لأوقافها، وكان مرشحا للتدريس بها ولقضاء القضاة إلّا أنّ أجله حال بينه وبين ذلك،

ص: 350

333-

عُمَارة بْن عَلِيّ بْن زَيْدَان [1] .

الفقيه أَبُو مُحَمَّد الحَكَميّ، المَذْحِجيّ، اليَمَنيّ، نجم الدِّين الشّافعيّ، الفَرَضيّ.

الشَّاعر المشهور.

تَفَقَّه بزَبِيد مُدَّة أربع سِنين فِي المدرسة. وحجَّ سَنَة تسعٍ وأربعين وخمسمائة. ومولده سنة خمس عشرة.

[ () ] وكانت فيه بلاغة، وله نظم ونثر حسن، حدّث باليسير:

ومن شعره:

وليس عجيبا أن تدانت منيّة

لحيّ ولكنّ العجيب بقاءه

ومن جمع أضداد نظام وجوده

فأوجب شيء في الزمان فناءه

فسبحان من لا يعتريه تغيّر

ومن بيديه نقضه وبناءه

وكتب إلى الأمير سليمان بن جاووش لما مرض وارتعشت يداه وتغيّر خطّه، وكان يكتب خطّا مليحا:

طول سقمي والّذي يعتادني

صيّرا الرائق من حظّي كذا

كلّ شيء هان ما سلمت من

ك لي نفس ووقيت الأذى

[1]

انظر عن (عمارة بن علي) في النكت العصرية، له، ففيه أخباره، وخريدة القصر (قسم شعراء الشام) 3/ 101، والكامل في التاريخ 11/ 396، 397 و 400، 401، ومرآة الزمان 8/ 302- 305، والروضتين ج 2 وق 2/ 560- 577، ووفيات الأعيان 3/ 431- 436، ومفرّج الكروب 1/ 212- 216 و 243- 246 و 251- 257، والتذكرة الفخرية للإربلي 76، والمختصر في أخبار البشر 3/ 54، 55، والعبر 4/ 208، ودول الإسلام 2/ 84، وسير أعلام النبلاء 20/ 592- 596 رقم 373، والإعلام بوفيات الأعلام 235، وتاريخ ابن الوردي 2/ 782 وطبقات الشافعية للإسنويّ 2/ 565- 568، ومرآة الجنان 3/ 390- 392، والبداية والنهاية 12/ 274، والوافي بالوفيات 22/ 384- 396 رقم 273، وتاريخ ابن خلدون 4/ 169، والكواكب الدريّة لابن قاضي شهبة 224- 226، وصبح الأعشى 3/ 566، والسلوك للمقريزي 1/ ق 1/ 53، وثمرات الأوراق لابن حجّة 26، واتعاظ الحنفا (انظر فهرس الأعلام 2 ج 3) ، والنجوم الزاهرة 6/ 70، 71 و 73، وبغية الوعاة 2/ 214، وحسن المحاضرة 1/ 406، وتاريخ ثغر عدن لبامخرمة 1/ 165، وكشف الظنون 310، 1103، 1777، 1977، وشذرات الذهب 4/ 234، 235، ومعجم المطبوعات العربية والمعرّبة لسركيس 1377- 1379، وتاريخ الأدب العربيّ 6/ 80- 82، وإيضاح المكنون 2/ 53، والحياة الأدبية في عصر الحروب الصليبية 163- 170، ومعجم المؤلفين 7/ 268، 269.

وانظر كتاب «عمارة اليمني» للدكتور ذي النون المصري، طبعة مصر 1966.

ص: 351

وسيّره صاحب مَكَّة قاسم بْن هاشم بْن فُلَيْتَة رسولا إلى الفائز خليفة مصر، فامتدحه بقصيدته الميميَّة [1]، وهي:

الحمدُ للعيسِ [2] بعدَ العَزْمِ والهِمَمِ

حَمْدًا يقومُ بما أَوْلَتْ [3] من النِّعَمِ

لا أجحد الحقّ [4] ، عندي للركابِ يدٌ

تمنَّت اللُّجَمُ فيها رقبَة [5] الخطمِ

قَرَّبْنَ بُعد مزار العزّ من نَظَري [6]

حَتَّى رَأَيْتُ إمام العَصر من أُمَمِ

ورُحْنَ [7] من كعبةِ البطحاء والحَرَم

وَفْدًا إلى [8] كعبة المعروف والكَرَمِ

فهل دري البيت أَنّي بعد فُرْقته [9]

ما سِرْتُ من حَرَمٍ إِلَّا إلى حَرَمِ

حيث الخلافةُ مضروبٌ سُرَادِقُها

بين النّقيضَيْنِ من عفْوٍ ومن نَقَمِ

وللإمامةِ أنوارٌ مُقَدَّسَةٌ

تجلو البغيضين مِن ظُلْمِ ومِن ظُلَمِ

وللنُّبُوَّةِ آياتٌ تُنَصّ [10] لنا

عَلَى الخفيّين مِن حُكْمٍ ومِن حِكَمِ

وللمكارِمِ أعلامٌ تَعلِّمُنَا

مدحَ الجزيلين من بأسٍ ومن كَرَمِ

وللعُلا ألْسُنٌ تُثْنِي محاوِرُها

عَلَى الحميدين من فِعْلٍ ومن شِيَمِ

أقسمتُ بالفائز المعصوم معتقدا

فوزَ النَّجَاةِ وأجَر البِرِّ فِي القَسَمِ

لقد حمى الدِّينَ والدّنيا وأهْلَهما [11]

وزيرُه الصّالح الفرّاجُ للغم

[1] وذلك في سنة 550 هـ.

[2]

قال أبو شامة تعليقا على هذا الاستهلال: «وعندي من قوله «الحمد للعيس» ، وإن كانت القصيدة فائقة، فقرة عظيمة، فإنه أقام ذلك مقام قولنا «الحمد للَّه» ، ولا ينبغي أن يفعل ذلك مع غير الله تعالى عز وجل، فله الحمد وله الشكر، فهذا اللفظ كالمتعيّن لجهة الربوبية المقدّسة، وعلى ذلك اطّرد استعمال السلف والخلف رضي الله عنهم» . (الروضتين ج 1 ق 2/ 577) .

[3]

في مرآة الزمان: «أولته» . وفي مرآة الجنان: «أوليت» .

[4]

في الأصل: «الخلف» ، والمثبت عن (النكت العصرية) وغيره.

[5]

في مرآة الجنان: «تمنيت اللحم فيها رتية» .

[6]

في مرآة الجنان: «قرير بعد مرار العي 5 من نظري» .

[7]

في مرآة الجنان: «وأجر» .

[8]

في مرآة الجان «السامي إلى» .

[9]

في الروضتين: «زورته» .

[10]

في الروضتين: «تضيء» .

[11]

في مرآة الجنان: «وأهلهم» .

ص: 352

اللّابسُ الفخْرَ لم تَنْسج غلائلَه

إِلَّا يدُ الصّنعتين [1] السّيف والقَلَمِ

ليت الكواكب تدنو لي فأَنْظمها

عقودَ مَدْحٍ فما أرضى لكم كَلِمِي [2]

فوصلوه. ثُمَّ ردّ إلى مَكَّة، وعاد إلى زَبِيد. ثُمَّ حجَّ، فأعاده صاحب مَكَّة فِي الرسْليَّة، فاستوطن مصر.

قَالَ ابن خَلِّكَان [3] : وكان شافعيّا شديد التّعصُّب للسُّنَّة، أديبا، ماهرا، ولم يزل ماشى الحال في دولة المصريّين إلى أن ملك صلاح الدِّين، فمدحه ومَدَح جماعة.

ثُمَّ إنّه شرع فِي أمور، وأخذ فِي اتّفاقٍ مَعَ رؤساء البلد فِي التّعصُّب للعُبَيْديّين وإعادة أمرهم، فَنُقِل أمرهم، وكانوا ثمانية مِن الأعيان، فأمر صلاح الدِّين بشنْقهم فِي رمضان بالقاهرة، وكفى اللَّه شرَّهم.

ولعُمَارة كتاب «أخبار اليمن» ، ولَهُ شيءٌ فِي أخبار خلفاء مصر ووزرائها.

وكان هَؤُلَاءِ المخذولون قد همّوا بإقامة وُلِدَ العاضد. وقيل إنّهم كاتبوا الفِرَنج لينجدوهم، فَنَمَّ عليهم رَجُل جنديّ.

وقد نُسِب إلى عمارة بيت شِعْر، وهُوَ:

قد كَانَ مبدأ هذا الأمر من رَجُل [4]

سعى إلى أن دعوه سيّد الأمم

فأفتى الفقهاء بقتله.

[1] في الأصل والنكت العصرية: «الصنعين» . والمثبت عن (الروضتين) .

[2]

النكت العصرية 32، 33، الروضتين ج 1 ق 2/ 574، 575، مرآة الجنان 3/ 391، ووفيات الأعيان 3/ 432، 433، وبعضها في: سير أعلام النبلاء 20/ 593، 594، وطبقات الشافعية للإسنويّ 2/ 566، 567.

[3]

وفيات الأعيان 3/ 433.

[4]

في الروضتين: «قد كان أول هذا الدين من رجل» . (ج 1 ق 2/ 562) .

وفي مرآة الزمان: «وكان أول هذا الدين من رجل» . (8/ 303) .

وفي البداية والنهاية: «قد كان أول هذا الدين من رجل» . (12/ 276) .

ص: 353

ولَهُ ديوان مشهور. وللفقيه عمارة مجلَّد فِيهِ «النُّكَت العصريَّة فِي الدَّولة المصريَّة» [1] ترجم نفسه فِي أوّله فقال [2] : والحديثُ كما قِيلَ شُجُون، والجدُّ قد يُخلط بالمُجُون، وعسى أن يَقُولُ من وقع في يده هذا المجموع: خبّرتنا عَنْ غيرك، فَمَن تكون؟ وإلى أيّ عشٍّ ترجع من الوكون؟ وأنا أقتصر وأختصر:

فأمّا جُرْثُومة النَّسَب فقَحْطانُ، ثُمَّ الحَكَم بعد سَعْد [3] العشيرة المَذْحِجيّ.

وأمّا الوطن فمن تِهامة باليمن مدينة يقال لها مُرْطان من وادي وَسَارع [4] ، بعدها من مَكَّة [5] أحد عشر يوما، وبها المولد والمَرْبَى، وأهلها بقيَّة العرب في تِهامة، لأنّهم لا يُساكنهم حَضَريّ ولا يناكحونه، ولا يُجيزون شهادتَه، ولا يرضَوْن بقتله قَوَدًا بأحدٍ منهم. ولذلك سلمت لغتهم من الفساد.

وكانت رياستهم [6] تنتمي [7] إلى المُثيب بْن سُلَيْمَان، وهُوَ جدّي من جهة الأمّ، وإلى زَيْدان، وهُوَ جدّي لأبي، وهما أبناء عمّ. وكان زيدان يَقُولُ: أَنَا أعدّ من أسلافي أحد عشر جِدًّا، ما منهم إِلَّا عالم مُصَنَّف فِي عِدَّة علوم.

ولقد أدركتُ عمّي عَلِيّ بْن زَيْدان وخالي مُحَمَّد بْن المُثيب، ورياسة حَكَم بْن سَعْد [8] تقف عليهما [9] . وما أعرق فيمن رأيته أحدا يشبه عمّي

[1] نشره «هرتويغ درنبرغ» بعنوان: «النكت العصرية في أخبار الوزراء المصرية» ، وطبع في مدينة شالون سنة 1897.

[2]

في النكت العصرية ص 6، 7.

[3]

في النكت 7 «الحكم بن سعد» .

[4]

في الأصل: «وسارع» .

[5]

في النكت بعدها: «في مهبّ الجنوب» .

[6]

زاد في النكت: «وسياستهم» .

[7]

في النكت: «تنتهي» .

[8]

في النكت: «حكم بن سعد العشيرة» .

[9]

زاد في النكت: «وتنتهي إليهما» .

ص: 354

عليّا [1] فِي السُّؤدُد [2] .

وحدَّثني أخي يحيى بْن أَبِي الْحَسَن، وكان عالما بأيّام النَّاس [3]، قَالَ:

لو كَانَ عمّك عَلِيّ بْن زَيْدان فِي زمن نبيٍّ لكان حواريّا [لَهُ][4] أو صِدّيقًا لفرط سُؤْدُده.

وحدَّثني الفقيه مُحَمَّد بْن حُسَيْن الأَوْقَص، وكان صالحا، قَالَ: واللهِ لو كَانَ عَلِيّ بْن زَيْدان قُرَشِيًّا ودعانا إلى بَيْعتِه لمُتْنا تحت رايته لاجتماع شروط الخلافة فِيهِ [5] .

قَالَ لي أخي يحيى [6] : كَانَ عَلِيّ لا يغضب، ولا يَقْذَع فِي القول، ولا يَجْبُن، ولا يَبْخَل، ولا يضرب مملوكا أبدا، ولا يردّ سائلا، ولا عصى اللَّه تعالى بقولٍ ولا فِعْل، وهذه هِمَّة الملوك، وأخلاق الصِّدّيقين. وحسبُكَ أَنَّهُ حجَّ أربعين حَجَّة، وزار النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم عشر مرّات [7] ، ورآه فِي النّوم خمس مرّات، وأخبره بأمورٍ لم يُخْرَم منها شيء.

فقلت لأخي: مَن القائل؟ [8] :

إذا طَرَقَتْك أحداقُ اللّيالي

ولم يوجَد لعلّتها طبيبُ

وأَعْوَزَ من مُجيرك [9] من سُطاها

فزَيْدانُ هُجيرك [9] والمثيبُ

هما ردّا عليَّ شَتِيت مُلكي

ووجه الدّهر من رغم قطوب

[1] في النكت: «يشبه عليّ بن زيدان» .

[2]

في النكت زيادة: «وهذه اللفظة وهي السؤدد يدخل تحتها كل ما يوصف به سادات أشراف العرب من كل فضيلة» .

[3]

في النكت زيادة جملة.

[4]

إضافة من النكت 8.

[5]

في النكت زيادة جملة.

[6]

قوله في النكت- ص 9.

[7]

في النكت: «زيارات» .

[8]

في النكت زيادة: «في جدّيك المثيب بن سليمان وزيدان بن أحمد» .

[9]

في النكت: «يجيرك» .

ص: 355

وقاما عند خذْلاني بنَصْري

قياما تستكين لَهُ الخُطُوبُ

فقال: هُوَ السُّلطان عَلِيّ بْن حَبابة [1] . وكان قومه قد أخرجوه من مُلكه، وأحقروه [2] من مِلكه وولّوا عليهم أخاه سَلامة، فنزل بهما، فسارا معه فِي جُمُوعٍ من قومهما حَتَّى عزلا سلامة وردّوا [3] عليّا وأصلحا لَهُ قومه. وكان الَّذِي وصل إِلَيْهِ من برّهما وأنفقاه عَلَى الجيش فِي نُصْرته ما ينيف عَلَى خمسين ألفا [4] .

حدَّثني أَبِي قَالَ: مرض عَلِيّ بْن زيدان مرضا أشرف منه [5] على الموت ثُمَّ أَبَلَّ منه، فأنشدتُه لرجلٍ من بني الحارث يُدعى سالم [6] بْن شافع، وكان وفد عَلَيْهِ يستعينه فِي دِيَة قتيل لزِمَتْه، فلمّا اشتغلنا بمرضه رجع [7] الحارثيّ إلى قومه [8] :

إذا أَوْدَى ابنُ زيَدانٍ عليّ

فلا طلعتْ نجومُك يا سماءُ

ولا اشتَمل النّساء عَلَى حَنين

ولا روّى الثَّرَى للسحب ماء

عَلَى الدُّنيا وساكِنها جميعا

إذا أَوْدَى أَبُو الْحَسَن العَفاءُ

قَالَ: فبكى عمّي وأمرني بإحضار الحارثيّ، ودفع إِلَيْهِ ألف دينار. وبعد ستة أشهر ساق عَنْهُ الدِّيَة.

وحدَّثني خالي مُحَمَّد بْن المثيب قَالَ: أجدب النَّاسُ سَنَةً، ففرَّق عَلِيّ بن زيدان على المقلّين أربعمائة بقرة لبون، ومائتي ناقة لبون [9] .

[1] زاد في النكت 10 «الفروديّ» .

[2]

في النكت: «وأفقروه» .

[3]

في النكت: «وولّيا» .

[4]

في النكت 10: «وأنفقاه على الجيش في نصرته وحملا إليه من خيل ومن إبل ما ينيف على خمسين ألفا من الذهب» .

[5]

في النكت: «فيه» .

[6]

في النكت 11 «سلم» .

[7]

في النكت: «فلما شغلنا بمرض صاحبنا ارتحل» .

[8]

زاد في النكت: «وأرسل إليّ بقصيدة منها» .

[9]

انظر النكت 11، 12.

ص: 356

وأذكر وأنا طفل [1] أنّ معلّمي عطيَّة بْن مُحَمَّد [2] بعثني إلى عمّي بكتابةٍ كتبها فِي لوحي. فضمّني إِلَيْهِ وأجلسني فِي حُجْره وقال: كم يعطى الأديب؟

قلت: بقرة لبونا [3] . فضحك، ثُمَّ أمر لَهُ بمائة بقرةٍ لبونٍ معها أولادها، ووهب لَهُ غلّة أرضٍ حصل لَهُ منها ألفا إرْدَبّ من السِّمْسمِ خاصَّة.

وأمَّا سعة أمواله، فلم تكُنْ تدخل [تحت][4] حصر، بل كَانَ الفارس يمشي من صلاة الصُّبح إلى آخر السّاعة [5] فِي فرقانات من الإِبِل [6] والبقر والغَنَم كلّها لَهُ.

وكان يسكن فِي مدينةٍ منفرِدةٍ عَنِ البلد الكبير.

وأمّا حماسته وشدَّة بأسه فيُضْرَب بها المثل، وهُوَ شيءٌ يزيد عَلَى العادة بنوع من التّأييد، فلم يكن أحدٌ يقدر أن يجرّ قوسه. وكان سهمه ينفذ من الدَّرَقَة ومن الْإِنْسَان الَّذِي تحتها [7] .

وكان النَّاس يسرّحون أموالهم إلى وادٍ مُعْشِبٍ مُخْصِبٍ فسيحٍ [8] بعيدٍ من البلد [9] ، وفيه عبيدٌ متغلّبة [10] نحوٌ من ثلاثة آلاف راجل، قد حموا ذَلِكَ الوادي بالسّيف، يقطعون الطّريق، ويعتصمون بشعفات الجبال وصياصيها.

وكان العدد الَّذِي يسرح مع المال [11] في كلّ يوم خمسمائة قوس ومائة فَارس. فشكى النَّاس إلى عَلِيّ بْن زيدان أنّ فيهم من قد طال شعره، وانقطع

[1] زاد في النكت: «عمري ثماني سنين» .

[2]

زاد في النكت: «بن حرام» .

[3]

في الأصل: «لبون» .

[4]

إضافة من النكت 12.

[5]

في النكت: «الساعة الثانية» .

[6]

في النكت: «في فرقانات من الأنعام الثلاثة الإبل..» .

[7]

انظر: النكت العصرية 13.

[8]

في النكت 16 «مسبع» .

[9]

في النكت: «يقال له: صبياء» .

[10]

في النكت: «وفيه من عبيد الحكميّين طوائف متغلّبة» .

[11]

في النكت: «الّذي يحرس المال ويسرّح معه» .

ص: 357

حذاؤه ووتره، وسألوه أن ينظر لهم [فِي][1] من ينوب عَنْهُمْ يوما ليُصلحوا أحوالهم.

فنادى مناديه [2] باللّيل: من أراد أن يقعد فلْيقعد، فقد كُفي.

ثُمَّ أمر الرِّعاء فرحلوا [3] ، وركب وحده فرسا لَهُ نجديّا من أكرم [4] الخيل سَبْقًا وأدبا وجنّب حِجْرة. فما هُوَ إِلَّا أنْ وردت الأنعام ذَلِكَ الوادي حَتَّى خرجت عليها العبيد، فاستاقوها وقتلوا من الرِّعاء تسعة. فركب ابن زيدان فأدرك العبيد، وهم سبعمائة رَجُل [5] أبطال [6]، فقال لهم: رُدُّوا المال، وإلّا فأنا عَلِيّ بْن زيدان. فتسرّعوا إِلَيْهِ فكان لا يضع سهما إِلَّا بقتيلٍ [7] ، حَتَّى إذا ضايقوه اندفع عَنْهُمْ غير بعيدٍ، فإذا ولّوا كرّ عليهم [8] ، ولم يزل ذَلِكَ دأبه ودأبهم حَتَّى قتل منهم خمسة وتسعين رجلا، فطلب الباقون أمانه ففعل، وأمرهم أن يدير بعضُهم بكتاف بعضٍ، ففعلوا، وأخذ جميع أسلحتهم [9] فحمّلها بعمائمهم عَلَى ظهور الإبِل، وعاد والعبيد بين يديه أسارى.

وقد كَانَ بعض الرِّعاء هرب فنعاه إلى النَّاس، فخرج النَّاس أرسالا حَتَّى لقوة العصر خارجا من الوادي، والمواشي سالمة، والعبيد أسارى [10] .

قَالَ لي أَبِي: أذكر أنّا لم نصل تِلْكَ اللّيلة صحبته [11] إلى المدينة حتّى

[1] إضافة من النكت.

[2]

في الأصل: «من ناديه» .

[3]

في النكت 17 «فسرّحوا على عادتهم» .

[4]

في النكت: «من كرام» .

[5]

في النكت: «راجل» .

[6]

في الأصل: «أبطالا» .

[7]

زاد في النكت: «منهم» .

[8]

زاد في النكت: «فنال منهم ما يريد» .

[9]

في النكت: «جميع أسلحة الأحياء والقتلاء» .

[10]

النكت العصرية 17، 18.

[11]

في النكت 18 «صحبة عمّك» .

ص: 358

كسرت العربُ عَلَى باب داري ألف سيف، حَتَّى قِيلَ إنّ عليّا قُتل وامتدّ الخبر إلى بني الحارث، وكانوا خَلْفا [1] ، فأصبح فِي منازلهم سبعون فرسا معقورة مكسورة حزنا عَلَيْهِ.

ثُمَّ اصطنع العبيد وأعتقهم، وردّ عليهم أسلحتهم، فتكفّلوا لَهُ أمان البلاد من عشائرهم.

وكان السُّفهاء والشّباب منّا [2] لا يزال يجني بعضهم عَلَى بعض، ويكثر الجراح والقتْل، فأذكر عشيَّة أنّ القوم هزمونا حَتَّى أدخلونا البيوت، فقيل لهم: هذا عَلِيّ أقبل. فانهزموا حَتَّى مات تحت أرجل القوم ثلاثة رجال. ثُمَّ أصلح بين النَّاس [3] .

تُوُفّي عَلِيّ بْن زيدان سنة ستّ وعشرين وخمسمائة، وتبِعَه خالي مُحَمَّد بْن المثيب سَنَة ثمانٍ، فكان أَبِي يتمثَّل بعدهما بقول الشَّاعر:

ومن الشّقاء تفرُّدي بالسُّؤْدُدِ [4]

وتماسكت أحوال النَّاس لوالدي سَنَة تسعٍ وعشرين، وفيها أدركت الحُلْم.

ثُمَّ مُنِعْنا الغَيْثَ سَنَةً وبعض أخرى، حَتَّى هلك الحَرْث [5] ، ومات النَّاس فِي بيوتهم، فلم يجدوا من يدفنهم.

وفي سَنَة إحدى وثلاثين دَفَعَتْ لي والدتي مَصُوغًا لها بألف مِثْقال [6] ، ودفع لي أبي أربعمائة دينار وسبعين، وقالا لي: تمضي إلى زَبِيد إلى الوزير مُسْلِم بْن سَخْت، وتُنْفِق هذا المال عليك وتنفقه، ولا ترجع حَتَّى تُفْلِح، وزبيد عنّا تسعة أيام.

[1] في الأصل: «حلفاء» .

[2]

زاد في النكت 18 «ومن أخوالي» .

[3]

انظر النكت 18، 19.

[4]

النكت العصرية 20.

[5]

زاد في النكت 21 «والنسل» .

[6]

في النكت: «بألف دينار» .

ص: 359

فأنزلني الوزير فِي داره مَعَ أولاده، ولازمتُ الطَّلَب، فأقمتُ أربع سِنين لا أخرج من المدرسة إِلَّا لصلاة الجمعة. ثُمَّ زرت أبويّ فِي السّنة الخامسة ورددت ذَلِكَ المصاغ، ولم أحْتَجْ إِلَيْهِ [1] .

وتفقّهت، وقرأ عليَّ جماعة فِي مذهب الشّافعيّ والفرائض. ولي فيها مُصَنَّف يُقرأ باليمن [2] .

وقد زارني والدي بزَبِيد سَنَة تسعٍ وثلاثين، فأنشدته من شِعري، فاستحسنه واستحلفني أن لا أهجوَ مسلما. فحلفت لَهُ، ولطف اللَّه بي، فلم أهْجُ أحدا، سوى إنسانٍ هجاني ببيتين بحضرة الملك الصّالح، يعني ابنُ رُزّيك، فأقسم عليَّ أن أُجيبه [3] .

وحججت مَعَ الحُرَّة أمّ فاتك ملك [4] زَبِيد، ورُبّما حجَّ معها أهل اليمن فِي أربعة آلاف بعير. ويسافر الرحل منهم بحريمه وأولاده [5] .

إلى أن قَالَ: فأذكر ليلةَ، وقد سئمت ركوبَ المحمل، أنّي ركبت نجيبا [6] ، وحين تهوّر اللّيل آنَسْتُ حسّا، فوجدت هودجا مُفْرَدًا، والبعير يَرتعي [7]، فناديت مِرارًا: يا أهل الجمل [8] . فلم يكلّمني أحد، فدنوت فإذا امرأتان نائمتان فِي الهودج، أرجُلُهما خارجةُ [9] ولكلّ واحدَّةٍ زوج خلخال من الذَّهَب. فسلبت الزّوجين من أرجلهما وهما لا تعقلان [10] ، وأخذت بخطام

[1] في الأصل: «أحتج إليها» ، والمثبت عن: النكت العصرية 22.

[2]

النكت العصرية 23.

[3]

النكت العصرية 23.

[4]

في الأصل: «أم» .

[5]

النكت العصرية 24.

[6]

في النكت 25: «ركبت جملا نجيبا» .

[7]

في الأصل: «ترتعي» .

[8]

في الأصل: «الحمل» .

[9]

في النكت: «خارجة منه» .

[10]

في النكت: «يعقلان» .

ص: 360

الجمل [1] حَتَّى أبركته فِي المَحَجَّة العُظْمَى وعَقَلْتُه، وبعدتُ عَنْهُ بحيث أشاهده، حَتَّى مرّت قافلةٌ، فأقاموا البعير وساقوه. فلمّا أصبح النَّاس إذا صائح يَنْشُد الضّالَّة، ويبذل لمن ردّها مائة دينار. وإذا هما امرأتان لبعض أكابر أهل زَبِيد.

وكانت عادة الحُرَّة أن تمشي فِي السّاقة، فمن نام أَيْقَظَتْه، وكان لها مائة بعير برسم حمل المنقطعين.

وحين تنصّفت اللّيلة الثّانية تأخّرت حَتَّى مرّ بي محملها، فبادر الغلمان إليَّ وقالوا: لك حاجة؟ فقلت: الحديث مَعَ الحُرَّة. ففعلوا ذَلِكَ، فأخرجَتْ رأسَها من سَجَف الهودج.

قَالَ: فناولتُها الزَّوْجَين، وبلغني أنّ وزنهما ألف مِثْقال، فَقالَتْ: ما اسمُك؟ ومن تكون؟ فقد وجب حقّك.

فأعلمتُها، وحصل لي منها جانب قويّ وصورة وتقدُّم، وتسهّل الوصول إليها فِي كلّ وقت. وبذلك حصلت معرفة بالوزير القائد أَبِي مُحَمَّد سرور الفاتكيّ. وكسبت بمعرفتها مالا جزيلا [2] . وتجرت لها بألوفٍ من المال، وتردّدت إلى عدن، وحصلت لي صُحْبة أهل عدن. وقضى ذَلِكَ باتِّساع الحال وذهاب الصّيت، حَتَّى كَانَ القاضي أَبُو عَبْد اللَّه مُحَمَّد بْن أَبِي عقامة الحفائليّ [3] رأس أهل العِلْم والأدب بزَبِيد يَقُولُ لي: أنت خارجيّ هذا الوقت وسعيده، لأنّك أصحبت تُعدّ من جملة أكابر التّجّار وأهل الثّروة، ومن أعيان الفقهاء الّذين أفتوا، ومن أفضل أهل الأدب. فأمّا الوجاهة عند أهل الدّول، ونعمة خدّك بالطّيب واللّباس وكثرة السّراري، فو الله ما أعرف من يَعشرك فِيهِ، فهنيئا لك.

[1] في الأصل: «الحمل» .

[2]

النكت العصرية 26.

[3]

في الأصل: «قتامة المنائلي» ، والتصحيح من النكت 28.

ص: 361

فكأنّه واللهِ بهذا القول نعى إليَّ حالي وذَهاب مالي. وذلك أنّ كتاب الدّاعي مُحَمَّد بْن سبإ صاحب عدن [جاءني][1] من ذي الحِجَّة يستدعي وصولي إِلَيْهِ، فاستأذنت أهل زَبِيد، فأذِنُوا لي على غشّ. وكانت للدّاعي بيدي خمسة آلاف دينار سيَّرها معي أتباعٌ لَهُ، بها أمتعة من مَكَّة وزَبِيد، فلمّا قدِمْت إلى ذي جَبْلة وجدُتُه قد دخل عروسا عَلَى ابْنَة السُّلطان عَبْد اللَّه [2] . وكان جماعة من أكابر التّجّار والأعيان، مثل بركات ابن المقرئ، وحسن ابن الحمّار [3] ، ومُرَجّى [4] الحَرّانيّ، وعليّ بْن مُحَمَّد النّيليّ، والفقيه أَبِي الْحَسَن بْن مهديّ القائم الَّذِي قام باليمن، وأزال دولة أهل زَبِيد، وكانوا قد سبقوني ولم يصلوا إلى الدّاعي. فلمّا وصلت إلى ذي جَبْلة كتبت إِلَيْهِ قول أَبِي الطّيب:

كُنْ حيثُ شئتَ تصل إليك رِكابُنا

فالأرضُ واحدةٌ وأنت الأوحدُ [5]

ثُمَّ أتْبَعْتُ ذَلِكَ برُقْعةٍ أطلب الإِذْن بالاجتماع بِهِ، فكتب بخطّه عَلَى ظهرها:

مرحبا مرحبا قدومُك بالسّعد

فقد أشرقت بك الآفاقُ

لو فرشنا الأحداقَ حَتَّى تطأهنّ

لقلّتُ فِي حقّك الأحداقُ

وكان هذان البيتان ممّا حفظه عَنْ جاريةٍ مغنيَّةٍ كنت أهديتها إِلَيْهِ، واتّفق أنّ الرُّقْعة وصلت مفتوحة بيد غلامٍ جاهل، فلم تقع فِي يدي حَتَّى وقف عليها الجماعة كلّهم، وركبت إِلَيْهِ فأقمت عنده فِي المستنْزَه أربعة أيّام، فما مِن الجماعة إِلَّا مَن كتب إلى [6] أهل زَبِيد بما يوجب سفك دمي، ولا علم لي،

[1] إضافة من النكت العصرية 28.

[2]

في النكت 29 «عبد الله بن أسعد بن وائل» .

[3]

في الأصل: «الخمار» .

[4]

في الأصل: «مرجّا» .

[5]

النكت 29.

[6]

في الأصل: «إليّ» .

ص: 362

حَسَدًا منهم وبَغْيًا. وكان ممّا تمّموا بِهِ المكيدةَ عليّ ونسبوه إليَّ، أنّ عَلِيّ بْن مهديّ صاحب الدَّولة اليوم باليمن التمس من الدّاعي مُحَمَّد بْن سبإ أن ينصره عَلَى أهل زَبِيد، فسألني الدّاعي أن أعتذر عَنْهُ إلى عَلِيّ بْن مهديّ لِما كَانَ بيني وبين ابن مهديّ من أكيد الصُّحبة فِي مبادي أمره، لأنّي لم أفارقْه إِلَّا بعد أن استفحل أمره، وكشف القناع فِي عداوة أهل زَبِيد، فتركته خوفا عَلَى مالي وأولادي لأنّي مقيمٌ بينهم. وحين رجعت إلى زَبِيد من تِلْكَ السُّفْرة وجدتُ القوم قد كتبوا إلى أهل زَبِيد فِي حقّي كُتُبًا مضمونها: إنّ فُلانًا كَانَ الواسطة بين الدّاعي وبين ابن مهديّ عَلَى حَرْبكم وزوال ملككم فاقتلوه. فحدّثني الشَّيْخ جيّاش [1] قَالَ: أجْمَعَ رأيُهم عَلَى قتْلك فِي ربيع الآخر سَنَة ثمانٍ وأربعين. فجاءهم باللّيل خبر مُحَمَّد بْن الأغرّ [2] ونفاقه وزَحْفه عَلَى تِهامة، فانزعجوا واشتغلوا، وخرجتُ حاجّا بل هاجّا إلى مَكَّة سَنَة تسعٍ. فمات أمير مَكَّة هاشم بْن فُلَيْتَه، ووُلّي الحرمين ابنُه قاسم، فألزمني السّفارة عَنْهُ إلى الدَّولة المصريَّة، فقدِمْتُها فِي ربيع الأوّل سَنَة خمسين، والخليفة بها الفائز، والوزير الملك الصّالح طلائع بْن رُزِّيك. فلمّا أحضِرتُ للسّلام عليهما فِي قاعة الذَّهب أنشدتُهما:

الحمدُ للعيسِ بعدَ العَزْمِ والهِمَمِ

حَمْدًا يقومُ بما أَوْلَتْ من النِّعَمِ

إلى آخرها [3] .

وعهدي بالصّالح يستعيدها فِي حال النّشيد، والأُستاذون وأعيان الأمراء والكبراء يذهبون فِي الاستحسان كلّ مذهب، ثُمَّ أُفيضت عليَّ خِلَعٌ من ثياب الخلافة مذهّبة، ودفع لي الصّالح خمسمائة دينار، وإذا ببعض الأُستاذِين خرج لي من عند السّيدة بنت الإمام الحافظ بخمسمائة دينارٍ أخرى. وأُطْلِقَتْ لي رسومٌ لم تُطلَقْ لأحدٍ قبلي. وتهادتني أمراءُ الدَّولة إلى منازلهم، واستحضرني

[1] في النكت 31 «جيّاش بن إسماعيل» .

[2]

في الأصل: «الأعز» ، والمثبت عن: النكت.

[3]

تقدّمت الأبيات في أول الترجمة.

ص: 363

الصّالح للمجالسة، وانثالت عليَّ صلاته، ووجدت بحضرته أعيان أهل الأدب الجليس أَبَا المعالي بْن الحَبَاب، والمُوفَّق بْن الخلّال صاحب ديوان الإنشاء، وأبا الفتح محمود بْن قادوس، والمهذَّب حَسَن بْن الزُّبَيْر. وما من هذه الْجِلَّة أحدٌ إلّا ويضرب في الفضائل النّفسانيّة والرّئاسة الإنسانية بأوفر نصيب.

وأمّا جُلَساؤه من أهل السّيوف فولده مجد الْإِسْلَام، وصهره سيف الدِّين حُسَيْن، وأخوه فارس الْإِسْلَام بدر، وعزّ الدِّين حُسام، وعليّ بْن الزُّبْد [1] ، ويحيى بْن الخيّاط، ورضوان [2] ، وعلي هَوْشات، ومُحَمَّد بْن شمس الخلافة [3] .

قلت: وعمل عمارة فِي الصّالح عِدَّة قصائد، وتوجَّه إلى مَكَّة مَعَ الحُجّاج، ثُمَّ ذكر أَنَّهُ قَدِمَ فِي الرّسْليَّة أيضا من أمير مَكَّة [4] . وذكر أَنَّهُ حضر مجلس الصّالح طلائع، قال [5] : فكانت تجري بحضرته مسائل ومذاكرات ويأمرني بالخوض فيها، وأنا منعزلٌ عَنْ ذَلِكَ لا أنطق، حَتَّى جرى من بعض الأمراء ذِكْر بعض السَّلَف، فاعتمدت قوله تعالى: فَلا تَقْعُدُوا [6] مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ 4: 140 [7] ونهضْتُ، فأدركني الغلمان، فقلت: حَصَاةٌ يَعْتادُني وَجَعُها. وانقطعتُ ثلاثة أيّامٍ، ورسوله فِي كلّ يومٍ والطّبيب معه.

ثُمَّ ركبت بالنّهار، فوجدته فِي بستانٍ وقلت: إنّي لم يكن بي وَجَعٌ، وإنّما كرهت ما جرى فِي حقّ السَّلَف، فإنْ أمر السُّلطان بقطْع ذَلِكَ حضرت، وإلّا فلا، وكان [لي][8] فِي الأرض سعة، وفي الملوك كثرة، فتعجّب من هذا

[1] في الأصل: «الرند» ، والمثبت عن النكت 35.

[2]

هو: رضوان بن جلب راغب، كما في النكت.

[3]

النكت 35.

[4]

النكت العصرية 41، 42.

[5]

في النكت العصرية 43، 44.

[6]

في الأصل: «تفقد» .

[7]

سورة النساء، الآية 139.

[8]

من النكت 44.

ص: 364

وقال: سألتك ما الَّذِي تعتقد فِي أَبِي بَكْر وعُمَر؟ قلت: أعتقد أَنَّهُ لولاهما لم يبق الْإِسْلَام علينا ولا عليكم، وأنّ محبَّتَهما واجبة.

فضحك، وكان مرتاضا حصيفا قد لقي فِي ولايته فُقهاء السُّنَّة وسَمِعَ كلامهم، وقد جاءتني منه مرَّةً أبياتٌ معها ثلاثة أكياس ذَهَب، وهي قوله:

قُلْ للفقيه عُمارةِ يا خَيْرَ من

أضْحَى يؤلّف خُطْبةً وخِطابا

اقْبَلْ نصيحةَ من دعاك إلى الهُدَى

قُلْ حِطَّةٌ وادخلْ إلينا البابا

تَلْق الأئمَّة شافعين ولا تجدْ

إِلَّا لدينا سُنَّةً وكتابا

وعليّ إنْ يَعْلُو محلُّكَ فِي الوَرَى

وإذا شفعتَ إليَّ كنتَ مُجابا

وتعجّل الآلاف ديني [1] ثلاثةٌ

صِلة وحقِّك لا تُعَدُّ ثَوابا [2]

فأجبته مَعَ رسوله:

حاشاك من هذا الْخَطَّاب خطابا

يا خيرَ أملاك الزّمان نِصابا

فاشدُدْ يديكَ عَلَى صفاء محبّتي

وامنُنْ عليَّ وسُدَّ هذا البابا [3]

ومن مليح قول عُمارة اليمنيّ من قصيدة:

لو لم يكن يدري [4] بما جهِل الوَرَى

من الفضل لم تبق [5] عليه الفضائِلُ

لئن كَانَ منّا قابَ قَوْسٍ فبيننا

فراسخُ من إجلاله ومراحلُ [6]

ولَهُ يرثي الصّالح بْن رُزّيك لَمّا قُتِلَ:

أَفي أهلِ ذا النّادي عليمٌ أُسائَلُهُ

فإنّي لِما بي ذاهب اللُّبّ ذاهِلُهْ

سَمِعْتُ حَديثًا أحسدُ الصُمَّ عنده

ويَذْهل واعيه ويخرس قائلُهْ

وقد رابني من شاهد الحال أنّني

أرى الدّست منصوبا وما فيه كافله

[1] في النكت: «وحي» .

[2]

النكت 45.

[3]

النكت 45، 46 وفيه بيتان آخران.

[4]

في النكت: «أدرى» .

[5]

في النكت: «لم تنفق» .

[6]

النكت 47.

ص: 365

وإنّي أرى فوق الوجوه كآبة

تدلّ عَلَى أنّ الوجوه تواكلُهْ

دعوني فما هذا بوقت بكائه

سيأتيكم ظلُّ البكاء وذابلُهْ [1]

ولَهُ من قصيدة:

أفاعِيلُهُم فِي الجودِ أفعالُ سُنَّةٍ

وإنْ خالفوني فِي اعتقاد التَّشَيُّعِ [2]

ومن شِعره الفائق:

لي فِي هوى [3] الرشأ العُذْريّ إعذارُ [4]

لم يبقَ مُذْ أقرّ [5] الدَّمْعُ إنكارُ

لي في القُدُود وفي لثْم الخُدُود [6] وفي

ضَمِّ النُّهُودِ [7] لُباناتٌ وأوطارُ

لُمْني جزافا وسامحني مصارفة

فالنّاسُ فِي درجات الحبّ أطوارُ

وغُرَّ غيري ففي أسْري [8] ودائرتي

في المها درَّة قلبي لها دارُ [9]

ومن كتاب فاضليّ إلى نور الدِّين عَنْ صلاح الدِّين فِي أمر المُصَلَّبين، وفي جملتهم عُمارة اليمنيّ: «قصر هذه الخدمة عَلَى متجدّدٍ سارّ فِي الْإِسْلَام [10] ، والمملوك لم يزل يتوسَّم من جُنْد مصر وأهل القصر [11] أنّهم أعداء وإن قعدت [12] بهم الأيّام [13] ، ولم تزل عيونه بمقاصدهم موكلة،

[1] في الأصل: «ذايله» ، والمثبت من: النكت العصرية 50.

[2]

النكت العصرية 288 والقصيدة من 64 بيتا، وقد كتب بها إلى الملك الناصر (صلاح الدين) ولم ينشدها وترجمها بشكاية المتظلّم ونكاية المتألّم.

[3]

في النكت: «ما عن هوى» .

[4]

في البداية والنهاية: «اعدار» .

[5]

في البداية: «لم يبق لي مداقسر» .

[6]

في النكت: «وفي ضمّ النهود» .

[7]

في النكت: «لثم الخدود» .

[8]

في الأصل: «سري» . وفي الروضتين: «وخلّ عذلي ففي داري» . (572) وفي الصفحة التالية 573 ورد البيت كما هو أعلاه.

[9]

الأبيات من قصيدة في النكت العصرية 265، والكامل لابن الأثير 11/ 264، والروضتين ج 1 ق 2/ 572، ومنها بيتان في: سنا البرق الشامي 1/ 149.

[10]

في الروضتين: «سار للإسلام وأهله» ، وبعد فقرة حذفها المؤلّف- رحمه الله.

[11]

في الروضتين زيادة بعدها.

[12]

في الروضتين: «تعدّت» .

[13]

في الروضتين زيادة.

ص: 366

وخطراته فِي التَّحرُّز منهم مستعملة، لا يخلو شهر من مَكْرٍ [1] يجتمعون عَلَيْهِ، وحيلة يُبرمونها. وكان أكثر ما يَستروحون [2] إِلَيْهِ المكاتبات إلى الفِرَنج، فسيَّر ملك الفِرَنج كاتبه، «جُرْج» رسولا إلينا ظاهرا، وإليهم باطنا [3] .

والمولى عالِمٌ أنّ عادة أوليائه المستفادة من أدبه أن لا يبسطوا عقابا مؤلما، وإذا طال لهم الاعتقاد خلَّى سبيلهم. ولا يزيدهم العفوُ إِلَّا ضراوة، ولا الرّقَّةُ عليهم إِلَّا قساوة. وعند وصول «جُرْج» ورد إلينا كتابٌ ممّن لا نرتاب بِهِ من قومه يذكرون أَنَّهُ رسول مخاتلة لا رسول مجاملة، [و] حامل بليَّة، لا حامل هديَّة. فأوهمناه الإغفالَ، فتوصّل مرَّةً بالخروج إلى الكنيسة إلى الاجتماع بحاشية القصر وأعوانهم، فتنقّلت إلينا أحوالهم فأمسكنا جماعة متمرّدة قد اشتملت عَلَى الاعتقادات المارقة، وكُلًّا أخذ اللَّه بذنْبه، فمنهم من أقرَّ طائعا، ومنهم أقرَّ بعد الضَّرْب، وانكشفت المكتومات، وعيّنوا خليفة ووزيرا [4] .

وكانوا فأما تقدَّم، والمملوك بالعسكر عَلَى الكَرَك والشَوْبك، قد كاتبوهم، وقالوا إنّه بعيد، والفُرصة قد أمكنت [5] .

وكاتبوا «سِنانًا» صاحب الحشيشيَّة بأن الدّعوة واحدة، والكلمة جامعة، واستدعوا منه مَن يغتال المملوك. وكان الرَّسُول خال ابن فرجلة، فقتل اللَّه تعالى بسيف الشّرع والفتاوى جماعة من الغُواة الدُّعاة إلى النّار، وشُنِقوا عَلَى أبواب قصورهم، وصُلِبوا عَلَى الجذوع المواجهة لدُورهم، ووقع التَّتَبُّع لأتباعهم، وشُرِّدت الإسماعيليَّة، ونودي بأنْ يرحل كافَّة الأجناد وحاشية القصر إلى أقصى الصّعيد، وثغر الإسكندريّة، فظهر بِهِ داعيةٌ يُسمَّى «قديد

[1] في الروضتين: «لا تخلو سنة تمرّ، ولا شهر يكرّ، من مكر يجتمعون عليه» .

[2]

في الروضتين: «يستريحون» .

[3]

يختصر المؤلّف- رحمه الله بعض الجمل من النص. انظر: الروضتين ج 1 ق 2/ 563، ومفرّج الكروب 1/ 248.

[4]

انظر الروضتين ففيه زيادة.

[5]

انظر الروضتين ففيه زيادة.

ص: 367