الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بسم الله الرحمن الرحيم
مقدمة مبرة الآل والآصحاب
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبيِّنا محمدٍ وعلى آله وصحابته الطيبين الطاهرين الغر الميامين، أما بعد؛
فلا ريب أن للقدوات الصالحة أثرًا بالغ الأهمية في الارتقاء بحياة الأمم والشعوب؛ وذلك أنهم هم الذين يقدمون الدليل الواقعي والتطبيق العملي للتعاليم التي تمثّل منظومة القيم والأخلاق التي تشكّل هوية تلك الأمم، وتعتبر مثالها السامي الذي تستهدف احتذاء حذوه والاهتداء بهديه.
وقد نبّه القرآن الكريم على ذلك المعنى وأشاد به في آيات كثيرة، مبينًا فضلَ الاقتداء بالأنبياء والصالحين، قال تعالى:{لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا} [الأحزاب: 21]، وقال عز وجل:{قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ} [الممتحنة: 4] وقال سبحانه: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِيهِمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ} [الممتحنة: 6] وقال عقب ذكر صفوةٍ من رسله وأنبيائه: {أُولَئِكَ الَّذِينَ
هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ} [الأنعام: 90]، وقال عزّ مِن قائل:{فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ} [الأحقاف: 35]، وغير ذلك مما يفهم من النصوص بأدنى تأمّل.
والواجب على أمتنا الإسلامية أن تصوغ رؤيتها الأخلاقية والقيمية والحضارية انطلاقًا من الوحي قرآنًا وسنةً، في تناغم مع معطيات العلم في جميع المجالات، ومواكبةٍ لمستجدات العصر الذي نعيش فيه وما يزخز به من تحدياتِ عظيمة. فلا يحسن أن نقتصر في تدبرنا للوحي على مجرد الأمور الدينية العبادية المحضة، فإن الوحي قد أنزله الله هدى ونورًا للإنسانية تنتفع به في معاشها ومعادها، وإن كان مقصوده الأساس الفلاح الأخروي وما يقرب إليه؛ إلا أنه لا شك في كونه يرشدنا بهداياته في جميع مناحي الحياة العملية، ولو في صورة ضوابط ومعايير وقيم كلية نافعة، نستلهم منه ما يرضي ربنا ويحقق فلاحنا في الدنيا، مع عدم إغفال البحث والعلم في جميع المجالات بأدواتها ووسائلها.
ونحن إذا ذهبنا نستلهم قيم الوحي على مختلف الأصعدة العلمية والسلوكية؛ لم نجد امتثالًا وتطبياقًا وتفعيلً؛ خيرًا مما نجده عن صحابة النبي صلى الله عليه وسلم الأخيار وأهل بيته الأطهار، فهم الذين انتهجوا الوحي كتابًا وسنة في جميع جوانب حياتهم، فسادوا وقادوا، وصاروا أئمة أعلامًا هداة.
وقد أخذت (مبرة الآل والأصحاب) كعادتها على عاتقها مهمةَ تفعيلِ ذلك المعنى، وتقديمه في صورة بحثية توعوية منضبطة؛ لكونها
مؤسسة متخصصة في تراث الآل والأصحاب حتى صار لها - بفضل الله الريادة في ذلك المجال.
وقد كان أصل هذا المشروع الذي بين أيدينا فكرةً من قِبل رئيس مجلس إدارة المبرة د. عبدالمحسن الجارالله الخرافي تتضمن توسيع نطاق الأبحاث المتعلقة بالآل والأصحاب لتضمّ مجالات جديدة ورحابًا أوسع ولا تقتصر على الموضوعات الدينية المألوفة، ثم أوعز بهذه الفكرة وبعض عناصرها إلى مركز البحوث والدراسات بالمبرة؛ فقام المركز مشكورًا مأجورًا بوضع خطة طموحة تتضمن العديد من الموضوعات الهادفة، العلمية والعملية؛ التي نستهدف أن نستضيء فيها بتراث الآل والأصحاب، ونكشف عن ملامح تطبيقهم الوحي على جميع الأصعدة والأنحاء، بشكل يتجلّى فيه الجانب الإبداعي من تخصص المبرة في خدمة تراث الآل والأصحاب، و"التخصص يقود إلى الإبداع" بحمد الله وتوفيقه، بحيث نقدم للمكتبة العلمية والدعوية تجميعًا غير مسبوق لبعض الجوانب الدقيقة في تراث الآل والأصحاب؛ ومِن ثَمَّ نسَّق المركز مع مجموعة من الباحثين ليقدموا جهودهم في تحويل تلك الأفكار والموضوعات إلى أبحاث علمية وفق منهجية مركز البحوث والدراسات المنضبطة، القائمة على التحقيق العلمي، والاستدلال الصحيح، والاسترشاد بكتب أهل العلم السابقين والمعاصرين، واستمر جهد المركز في متابعة الأبحاث ومراجعتها وتعديل ما يحتاج منها إلى تعديل، عبر خلية عمل تفرغت للمشروع تحت إشراف رئيس مركز
البحوث والدراسات الشيخ محمد سالم الخضر مباشرة، فالشكر موصول لجميع الباحثين الكرام في المركز.
ثم تضافرت جهود أقسام المبرة الأخرى كقسم الإعلام في إتمام العمل بتنسيق الكتب وإخراجها؛ فكانت هذه السلسلة من الموضوعات، التي تندرج في سلسلة (تراث الآل والأصحاب)؛ ثمرةً لهذا التعاون المبارك.
وقد أرفقنا في ذيل هذا الكتاب قائمةً بعناوين هذه المجموعة المتكاملة من الموضوعات الدقيقة والمهمة في تراث الآل والأصحاب.
نرجو من الله عز وجل أن يوفقنا في مسعانا، وأن يجعله خالصًا لوجهه الكريم، وأن يجمع لنا الأجرين: أجر الاجتهاد وأجر الصواب، إنه ولي ذلك والقادر عليه.
مبرة الآل والأصحاب