الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
جمة، لا تلبث أن تنمو وتكبر، حتى تظهر في الحال، أو المستقبل في أي شكلٍ من أشكال الهزال الجسدي، أو الانهيار الدخلي، والنفسي
(1)
.
إلا أنه ينبغي الحذر من أن يفضي بهم هذا اللعب والترفيه، ولو كان الرمي الذي أُمر الصحابة بتعليمه أبناءهم، إلى ارتكاب محرم! عندها لا بد من التدخل والإرشاد، كما فعلوا.
وتقدَّم معنا أن عبدالله بن عمر مرَّ ذات يوم بفتيان من قريش قد نصبوا طيرًا، وهم يرمونه، وقد جعلوا لصاحب الطير كل خاطئة من نبلهم، فلما رأوا ابن عمر تفرقوا، فقال ابن عمر:«من فعل هذا؟ لعن الله من فعل هذا، إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لعن من اتخذ شيئًا فيه الروح غرضا»
(2)
.
-
تعويدهم النوم المبكر، وعدم السهر، خاصَّة في الصغر:
تُشير عدد من الدراسات الطبية المعاصرة إلى أن للسهر أضرارًا على صحة الإنسان، خاصة الصغار، وأنه يؤثِّر على مناعتهم، وعلى نموِّهم كذلك
(3)
.
وقد أشار ابن القيِّم -قديمًا- إلى ضرر الاستعاضة بنوم النهار
(1)
محمد نور بن عبدالحفيظ سويد، «منهج التربية النبوية للطفل» (ص/ 343).
(2)
«صحيح مسلم» (1958).
(3)
مقال عن السهر وأضراره، على هذا الرابط:
http://articles.islamweb.net/media/index.php?page=article⟨=A&id=143358
عن نوم الليل؛ فقال:
"ونوم النهار رديء يورث الأمراض الرطوبية والنوازل، ويفسد اللون، ويورث الطحال، ويرخي العصب، ويكسل، ويضعف الشهوة؛ إلا في الصيف وقت الهاجرة، وأردؤه نوم أول النهار، وأردأ منه النوم آخره بعد العصر، ورأى عبدالله بن عباس ابنًا له نائمًا نومة الصبحة، فقال له: «قم، أتنام في الساعة التي تقسم فيها الأرزاق؟!» "
(1)
.
ونصيحة عبدالله بن عباس رضي الله عنه لابنه في وقت النوم، أوردها السخاوي مفصَّلة مطوَّلة؛ فقال:
"مرَّ ابنُ عباس بابنه الفضل وهو نائم نومة الضحى فركضه برجله، وقال:«قم، إنك لنائم الساعة التي يقسم الله فيها الرزق لعباده. أوما سمعت ما قالت العرب فيها؟»
قال: وما قالت العرب يا أبت؟
قال: «زعمت أنها مكسلة، مهرمة، مقساة للحاجة.
ثم يا بني نوم النهار على ثلاثة: نوم محق؛ وهي نومة الضحى، ونومة الخلق؛ وهي التي روي: قيلوا فإن الشياطين لا تقيل، ونومة الخرق؛ وهي نومة بعد العصر، لا ينامها إلا سكران، أو مجنون» "
(2)
.
(1)
ابن القيم، «زاد المعاد»
(2)
السخاوي، «المقاصد الحسنة» (ص/ 418).
قال السخاوي في أوله: "وفي رابع عشر المجالسة من جهة ابن الأعرابي؛ قال" فذكره، لكن بدون إسناد!
ومن خلال النظر في سير الصحب والآل والسَّلف: نجد أن عادتهم في تربية صغارهم؛ التعويد على النوم مبكِّرًا، وعدم تعويدهم السهر. ويدل على ذلك:
أن النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم لما أخَّر العشاء ذات ليلة عن وقتها، حتى دخل ثلث الليل الأول، وكان الصحابو نساؤهم وصغارهم ينتظرونه في المسجد، أراد عمر أن يُعلمه صلى الله عليه وسلم بمشقة ذلك عليهم، وتأخر الوقت عن المعتاد؛ فنادى وقال:«يا رسول الله! نام النساء والصبيان»
(1)
!
ففي قول عمر دليلٌ على ما اعتاد عليه الصغار، وأن الآباء لم يثنوهم عن عادتهم، ولو كان ذلك لأجل انتظار صلاة العشاء المتأخرة.
بالطبع لم تكن لديهم الأبحاث المعاصرة التي تنبئ عن خطورة السهر، إنما كانت نظرتهم إلى أمورٍ أخرى؛ كالمحافظة على صلاة الصبح في وقتها، والحفاظ على ذكر الله في جلسة الصُبحة، كما أن أعمالهم كانت نهارًا.
وأكثر هذه الأسباب لا يزال إلى الآن قائمًا، فإن أُضيف إليه ما أثبته الطبُّ الحديث من ضرر للسهر؛ تأكَّد أهمية هذا الأمر في تربية الصغار، وتعويدهم عليه.
(1)
متَّفقٌ عليه: أخرجه البخاري (566)، ومسلم (638) من حديث عائشة رضي الله عنها.