الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
معه فرآه يقابل الصبيان في الطرقات فيُسلِّم عليهم.
رسخ الموقف في ذهن أنس، فشبَّ والمشهد في رأسه لا يشيب ولا يغيب، فبينما هو يمشي مع تلميذه ثابت البناني يومًا إذ لقي صبيانًا في طريقه، فاسحضر مشهد رسوله صلى الله عليه وسلم فجاءت استجابته فورية؛ فإذا به يلقي السلام على الصبيان!
ثم يلتفت إلى ثابت ويقول له: «كان النبي صلى الله عليه وسلم يفعله»
(1)
.
يقول ابن بطَّال: "فيه -أي: في هذا الفعل- تدريبٌ للصغار على تعليم السنن، ورياضة لهم على آداب الشريعة؛ ليبلغوا حد التكليف وهم متأدبون بأدب الإسلام"
(2)
.
-
ثالثًا: عيادتهم في المرض:
مما يُساعد على بناء الروابط الاجتماعية للأطفال: عيادتهم إذا مرضوا، فعندما يرى الطفل، وهو لا يزال في مرحلة الفطرة والصفاء، أن الرجال الكبار يأتونه؛ فيزداد ترابطًا معهم، واحترامًا لهم، ويتعوَّد هذه العادة الحسنة، كما أنها تُخفِّف من آلامه وأسقامه، وإذا ما دُعِمت بالدعاء له، وتوصيته بوصايا الخير والصبر؛ فإنها تؤتي أكلها كاملة مثمرة بإذن الله
(3)
.
(1)
متَّفقٌ عليه: أخرجه البخاري (6247)، ومسلم (2168).
(2)
ابن بطال، «شرح صحيح البخاري» (9/ 27).
(3)
محمد نور بن عبدالحفيظ سويد، «منهج التربية النبوية للطفل» (ص/ 277).
وقد بوَّب البخاري لهذا في «صحيحه» بقوله: "باب عيادة الصبيان"
(1)
.
هذه امرأة من آل بيته صلى الله عليه وسلم، بل هي من بنات صاحب البيت، إنها زينب عليها السلام
(2)
، تمرض ابنتها
(3)
مرضًا شديدًا يشفي بها على الموت، فتتلمس لها الزيارة، طمعًا في دعوة صالحة، تُشفَى بها البنت، أو تُخفَّف عنها بها آلام وسكرات الموت، إن حضر الأجل، فلم تجد خيرًا من أبيها لترسل إليه.
تحرَّك النبي صلى الله عليه وسلم إليها، لكنه لم يذهب وحده، بل معه عددٌ من الصحابة: سعد بن عبادة، ومعاذ بن جبل، وأبي بن كعب، وزيد بن ثابت رضي الله عنه، وغيرهم، فحضروا الزيارة
(4)
، ونفع الله بدعاء نبيِّه الصبية، وكُتبت لها الحياة
(5)
!
فكيف أثَّر في نفسها بعد ذلك هذا المشهد من زيارة جدِّها وأصحابه لها؟
وهذا أبو موسى الأشعري رضي الله عنه يسمع بمرض ابن أخيه الحسن بن
(1)
«صحيح البخاري» (10/ 118 - مع الفتح).
(2)
ورد التصريح باسمها عند ابن أبي شيبة (12123).
(3)
في بعض الروايات "ابن" مكان "ابنة"، ورجّح الحافظ في «فتح الباري» (3/ 156) أنها ابنة.
(4)
متَّفقٌ عليه: أخرجه البخاري (1284)، ومسلم (923)، من حديث أسامة بن زيد رضي الله عنه.
(5)
ذكر ذلك الحافظ في «فتح الباري» (3/ 156) وساق الأدلة عليه.