الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
من خالف الفريضة، وارتكب المحرَّم، وأفطر في نهار رمضان من الكبار.
يقول عبدالله بن أبي الهذيل: أُتي عمرُ بشيخ شرب الخمر في رمضان، فلما رُفع إليه عثر، فقال:«على وجهك -أو: بوجهك- (للمِنْخَرين للمِنْخَرين)، (في رمضان) وصبياننا صيام؟ فضربه الحدَّ، (ثمانين)، وكان إذا غضب على إنسان سيَّره إلى الشام، فسيَّره إلى الشام»
(1)
.
وقبل أن ننتقل إلى عبادة أخرى من التي ربَّى الصحب والآل صغارهم عليها؛ نؤكِّد على أنه ليست الصلاة والصيام فقط هما اللذان يضبطان سلوك المرء ورغباته، بل كل عبادة هي في الحقيقة ضبط لشهوة من الشهوات، وتعويد للنفس أن تضبط مشاعرها وتضبط سلوكها، وتختار طريقها بين مختلف الطرق، تختار طريق الحقِّ والإحسان والإخلاص.
-
الزكاة:
وهل على الصغير زكاة؟!
ربما يطرأ هذا السؤال على أذهان البعض حين يُطالع لأول وهلة عنوان هذه العبادة ضمن ما ربَّى عليه الصحب والآل صغارهم، والجواب: أنَّ الصغير إذا صارت له ذمَّة ماليَّةٌ مستقلة خاصَّة؛ فهنا صار على أمواله
(1)
إسناده صحيح: أخرجه عبدالرزاق (13557، 17043)، والبغوي في «الجعديات» (ص/ 101) واللفظ له، وما بين القوسين من رواية عبدالرزاق. والأثر أخرجه البخاري (4/ 200 - مع الفتح) تعليقًا عن عمر بن الخطاب.
زكاة، يؤدِّيها عنه وليُّه
(1)
؛ وبهذا يتربَّى الصغار على تعظيم هذه الشعيرة، وأهمية أدائها.
يُضافُ إلى هذا: أن بعض أصناف الزكاة فُرضت على الصغير والكبير من المسلمين، فيؤدِّيها عن الصغير وليُّه، كما هو الشأن في زكاة الفطر، وهذا أيضًا له أثره في نفوسهم.
يقول عبدالله بن عمر رضي الله عنهما: «فَرَضَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر صاعًا من تمر، أو صاعًا من شعير على العبد والحرّ، والذكر والأنثى، والصغير والكبير من المسلمين، وأمر بها أن تؤدَّى قبل خروج الناس إلى الصلاة»
(2)
.
وأما عن أداء الزكاة من أموال الصغار أنفسهم:
فهذا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه كان يلي أموال أيتام أبي رافع، فلما دفعها إليهم وجدوها ناقصة! فأتوا عليًّا فأخبروه، فقال:«أحسبتم زكاتها» ؟ قالوا: لا. فحسبوا زكاتها فوجدوها سواء، فقال علي:«كنتم ترون أن يكون عندي مال لا أزكيه؟!»
(3)
.
(1)
وثمَّ خلافٌ فقهي في هذه المسألة، ليس هذا موطن بسطه وشرحه.
(2)
متَّفقٌ عليه: أخرجه البخاري (1503) ومسلم (984).
(3)
في أسانيده مقال: أخرجه البخاري في «التاريخ الكبير» (4/ 302)، والدارقطني (1974، 1975)، من طريق أَشعَث، عن حَبِيب بن أبي ثابت، عن صَلت المَكِّيّ، عن ابن أبي رافع؛ به.
وأشعث المذكور هو ابن سوَّار، حكم عليه الحافظ في «التقريب» (524) بأنه: ضعيف.
كما أنه خولف أيضًا في إسناد هذا الأثر:
فأخرجه البخاري في «التاريخ الكبير» (4/ 302) تعليقًا، والبيهقي (4/ 180)، من طريق سفيان الثوري، عن حبيب عن ابن أبي رافع، بدون ذكر صلت المكي.
وأخرجه أبو عبيد في «الأموال» (ص/ 549) من طريق حجاج بن أرطاة، والبيهقي (6/ 466) من طريق منصور بن المعتمر.
كلاهما (حجاج، وأرطاة) عن حبيب بن أبي ثابت، أن عليًّا؛ به. بدون ذكر الصلت، وابن أبي رافع.
وأخرجه أبو عبيد في «الأموال» (1305)، وابن أبي شيبة (10113)، والطحاوي في «شرح مشكل الآثار» (12/ 392)، والدارقطني (1980)؛ من طريق أبي اليقظان، عن عبدالرحمن بن أبي ليلى؛ أن عليًّا؛ به. بدون ذكر الصلت، وابن أبي رافع.
وأبو اليقظان هو عثمان بن عمير، حكم عليه الحافظ في «التقريب» (4507) بأنه:"ضعيف اختلط".
وأخرجه البيهقي في «معرفة السنن والآثار» (8017) من طريق محمد بن عبدالرحمن بن أبي ليلى، عن الحكم بن عتيبة، أن عليًّا؛ به.
وابن أبي ليلى حكم عليه الحافظ في «التقريب» (6081) بأنه: "صدوق سيء الحفظ جدًّا"، والحكم لم يدرك عليًّا!
وعلى منوال علي: نسجت أمُّ المؤمنين عائشة رضي الله عنها، إذ كانت تزكي أموال أيتامٍ لها، كانوا في حجرها
(1)
.
(1)
إسناده صحيح: أخرجه مالك (ص/ 251).