الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إشباعها، ويمكننا تلمُّس ذلك من خلال مواقفهم التالية، والتي سنعرضها بحسب احتياجات الصغير النفسية
(1)
؛ وهي:
-
الحاجة إلى المحبة:
وهذه من أهم الحاجات النفسية التي يسعى الصغير لإشباعها، فهو يريد أن يشعر أنه مرغوب فيه، وأنه يُحِبُّ ويُحَبُّ
(2)
. وقد تفطَّن لها الصحب والآل، فأَوْلَوْها حقها، كما سنرى.
يخرج أبو بكر الصِّدِّيق رضي الله عنه من المسجد النبوي ذات يوم بعد صلاة العصر، وذلك بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم بليال، أي أن أبا بكر الآن هو الخليفة، ومع أبي بكر يمشي علي بن أبي طالب رضي الله عنه، فرأى أبو بكر الحسنَ بن علي يلعب مع الصبيان، ففاجأه أبو بكر وأباه فحمل الصغير على عاتقه، وقال:«بأبي، شبيه بالنبي لا شبيه بعلي» ! وعلي يضحك
(3)
.
فكم من المحبة والود في هذا الفعل، الذي أظهره خليفة المسلمين لصبي صغير، حتى حمله أمام أصحابه الصغار، وأمام والده!
وهذا خليفة الخليفة، أمير المؤمنين في زمانه: عمر بن الخطَّاب
(1)
استفدتُ بعض عناوين هذه الاحتياجات من رسالة ماجستير للطالبة أسماء عبدالله السلطان، بعنوان:«تربية الطفل في ضوء القرآن والسنة» ، قُدِّمت لكلية التربية للبنات بالرياض، وتم اعتمادها عام 1409 هـ/ 1989 م، (ص/ 74 - 81).
(2)
حامد زهران، «علم نفس النمو، الطفولة والمراهقة» (ص/ 250).
(3)
«صحيح البخاري» (3542) من حديث عقبة بن الحارث رضي الله عنه.
- رضي الله عنه، يهتم بهذه العاطفة ويظهرها، فيدخل ذات يومٍ على زوجه أم كلثوم بنت علي بن أبي طالب، فيجد عندها أخاها محمد ابن الحنفية، فيضمُّه عمر، ويقول لزوجه:«ألطفيه بالحلواء»
(1)
.
ولم يقتصر إظهار عمر لهذه العاطفة للصغار في بيته وأمام زوجه فقط، بل أظهره أمام رعيته وعماله، فلما رآه أحد عماله؛ قال له: إن لي كذا وكذا من الولد، ما قبَّلتُ واحدًا منهم!
فقال عمر: «إن الله عز وجل لا يرحم من عباده إلا أبرهم»
(2)
.
وفي رواية: أن ذلك العامل قال لعمر: تقبله وأنت أمير المؤمنين؟! لو كنت أنا ما فعلته.
فقال عمر رضي الله عنه: «فما ذنبي إن كان قد نُزِع من قلبك الرحمة؟! إن الله لا يرحم من عباده إلا الرحماء» .
ونزعه عمر عن عمله، وقال: «أنت لا ترحم ولدك؛ فكيف ترحم
(1)
إسناده حسن: أخرجه ابن عساكر في «تاريخ دمشق» (54/ 330) من طريق زيد بن الحباب، ثنا الربيع بن المنذر المؤدب، حدثنا أبي قال سمعت ابن الحنفية؛ فذكره.
وهذا إسناد رجاله ثقات، سوى ابن الحباب، فقد قال عنه الحافظ في «التقريب» (2124):"صدوق، يخطئ في حديث الثوري".
ورواية ابن عساكر ليس فيها لفظة: "ألطفيه"، وإنما هي من طريق الذهبي في «سير أعلام النبلاء» (4/ 115).
(2)
إسناده صحيح: أخرجه البخاري في «الأدب المفرَد» (99).