الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يقول عُمارة بن ربيعة الجرمي:
غزا أبي نحو البحر في بعض تلك المغازي، فقُتِل، فجاء عمي ليذهب بي، فخاصَمَتْه أُمِّي إلى علي، ومعي أخ لي صغير، فأرسلوني إلى علي فدعوته، فجاء فقصُّوا عليه، فقال:«أمُّك أحبُّ إليك أمْ عمُّك؟»
قلت: «بل أمي» ثلاث مرات، وكانوا يستحبون الثلاث في كل شيء.
فأبى عمي أن يرضى، فوكزه علي بيده، وضربه بدرته، وقال لي:«أنت مع أمك، وأخوك هذا إذا بلغ ما بلغت خُيِّر كما خُيِّرت» .
قال عمارة: وأنا غلام
(1)
.
3 - السماح لهم بحضور بعض اللقاءات والزيارات للكبار:
وقد مرَّ معنا في الفصل السابق، عند الحديث عن التربية الاجتماعية، نماذج من اصطحابهم الصغار معهم، وإدخالهم في مجالسهم، كما فعل عمر بن الخطاب مع ولده ابن عمر، ومع ابن عباس رضي الله عنهم.
-
الحاجة إلى الرعاية الوالدية والتوجيه:
من المعلوم أن الصغير لم يخلقه الله تعالى قويًا قادرًا، بل خلقه ضعيفًا لا يقوى على شيء، وقد قال تعالى:{وخُلِقَ الإنسانُ ضعيفًا}
(2)
،
(1)
إسناده صحيح: أخرجه عبدالرزاق (12609)، وابن أبي شيبة (19127).
(2)
سورة النساء (28).
فيحتاج الصغير إلى اهتمام وتوجيه من والديه، بمظهره، بملابسه، بأفعاله، إلى غير ذلك.
وقد كان للصحب والآل اهتمامٌ أيضًا بهذا الجانب عند الصغار، ومن أمثلة ذلك:
ما فعلته فاطمة عليها السلام بنت النبي صلى الله عليه وسلم مع ولدها الحسن بن علي رضي الله عنه من اهتمامها به، وتنظيفها له، وحرصها على أن يظهر بصورة حسنة عند استقبال جده صلى الله عليه وسلم.
يقول أبو هريرة: خرجت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في طائفة من النهار، لا يكلمني ولا أكلمه، حتى جاء سوق بني قينقاع، ثم انصرف، حتى أتى خباء فاطمة فقال: «أثمَّ لُكَع
(1)
؟ أثمَّ لُكَع؟» يعني حسنًا.
قال أبو هريرة: فظننا أنه إنما تحبسه أُمُّه لأن تغسله، وتلبسه سخابًا
(2)
.
فلم يلبث أن جاء يسعى، حتى اعتنق كل واحد منهما صاحبه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«اللهم إني أحبه، فأحبَّه، وأحبب من يحبه» .
قال أبو هريرة: فما كان أحدٌ أحبَّ إلي من الحسن بن علي، بعد ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما قال
(3)
.
(1)
يعني: الصغير.
(2)
السِّخَاب: خيط ينظم به الخرز ويلبس، وقيل: قلادة تتخذ من قرنفل، وطيب، ونحوه.
(3)
متَّفَقٌ عليه: أخرجه البخاري (5884)، ومسلم (2421).
وقد ترجم البخاري لهذا الحديث وأشباهه بقوله: «باب السِّخاب للصبيان»
(1)
، إشارة منه إلى الاهتمام بمظهر الصبيان، وجواز تحليتهم بمثل هذا.
(1)
«صحيح البخاري» (10/ 332 - مع الفتح).