الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الخاتمة
بعد هذا الاستعراض الموجَز والمتنوِّع في تعامل الصحب والآل مع صغارهم، تبيَّن لنا صحَّة ما زعمناه في أول هذه الدراسة، وهو: أنَّ هؤلاء السَّلف وإن لم يكن لديهم من الكتب والأبحاث والدراسات ما هو مسطورٌ عن التربية وأصولها وأساليبها؛ إلا أنهم كانوا يمارسون هذا بالسليقة العربية، مهذَّبين بنصوص الوحي من الكتاب والسنة، وقد حاولنا في أول كل فصلٍ أن نشير إلى شيء من مصدر التلقِّي عندهم في هذا الأمر.
كما تبيَّن لنا أهمية هذا الجزء من حياة الأبناء، وإلا ما أَوْلاه هؤلاء كلَّ هذا الاهتمام والعناية، وتوارد العلماء بعدهم، كالغزالي، وابن القيم، وغيرهما، على التنبيه والتأكيد على أهمية الاهتمام بهذا النشء في هذا الوقت.
وتبيَّن أيضًا ما على الآباء والمربين من مسؤولية جسمية تجاه صغارهم، وهو ما كان يؤكِّد عليه العلماء، سلفًا وخلفًا، حتى قال نُمير بن أوس (ت: 121 هـ): «كانوا يقولون: الصلاح من الله، والأدب من الآباء»
(1)
.
(1)
في إسناده ضعف: أخرجه البخاري في «الأدب المفرَد» (92) من طريق الوليد بن نمير بن أوس، عن أبيه؛ به.
والوليد ترجم له الحافظ في «التقريب» (7460) وقال عنه: "مقبول".
وحذَّر الشيخ محمد الخضر حسين من التهاون في هذا الباب بقوله: "ليت شعري! بماذا تجادل عن نفسك أيها الكفيل، إذا أُلقيت على عواهنك مسؤولية إغفال الطفل في مراتع وخيمة، وأنت تعلم علمًا كاشفًا أَن لا محيص عنه في عرضه على بعض مطالب الاجتماع، ولم يكن بد من قيامه مقامًا يكون عدم تأهله له جناية على الهيئة بتمامها؟! أخشى أن يُضاعَف لك العذاب ضعفين، تُعذَّبُ على تشويه تلك الجوهرة المكرَّمة عذابًا نكرًا، وتحوز من عقوبة تلك الجناية العامة نصيبًا مفروضًا"
(1)
.
وخاتمة المقال، إن تعميم التربية بين طبقات الأمة شيء واجب، لا ينتظم لها العيش الناعم بدونه، ولا تشرق صحائف تاريخها بسواه.
(1)
محمد الخضر حسين، «الأعمال الكاملة- جمع علي الرضا الحسيني» (2/ 12).