الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فلما قضى صلاته أقبل إلى قومه بوجهه، فقال:«احفظوا تكبيري، وتعلموا ركوعي وسجودي؛ فإنها صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم التي كان يصلي لنا كذي الساعة من النهار»
(1)
.
4 - يصلون أمامهم لتعليمهم بالقدوة والمثال:
يختلف هذا الفعل عن سابقه: في أن الطريق السابق يعمد فيه المربي إلى الصبي ويقصده فيحضره ويريه الفعل، ويطلب منه أن يصنع مثله، أما هنا: فإنه لا يكلمه، ولا يطلب منه أن يقلده؛ إنما يكتفي فقط أن يفعل أمامه، ويتركه يشاهده، ثم إن بدا للصبي أن يسأل عن شيء سأل فأجابه.
والقدوة الصالحة من أعظم المعينات على تكوين العادات الطيبة، حتى إنها لتيسر معظم الجهد في كثير من الحالات، ذلك أن الطفل يحب المحاكاة من تلقاء نفسه، وأطفال المسلمين يحاكون أبويهم في الصلاة حتى من قبل أن يتعلموا النطق! فتصبح سهلة عليهم لاحقًا.
هذا جعفر الصادق، يرمق صلاةً معينة لوالده الباقر سنين عددًا،
(1)
في إسناده ضعف: أخرجه أحمد (22906) -واللفظ له- وأبو داود (677)، وفيه شهر بن حوشب، مع أن الحافظ قال عنه في «التقريب» (2830):"صدوق كثير الإرسال والأوهام"؛ إلا أن النفس لا تطمئن لتحسين حديث ينفرد به، فقد ضعَّفه عددٌ من العلماء كأبي حاتم، وابن عدي، والدارقطني، وغيرهم، في مقابل غيرهم.
والحديث ضعَّفه الألباني في «ضعيف أبي داود» (1/ 234، رقم: 105)، وذكر هنالك الكلام في شهر مفصَّلًا.
وهي صلاة ركعتي الفجر؛ ليعطي وصفًا بعد ذلك لمن بعده قائلًا: «ما رأيت أبي يصليهما قط، إلا وكأنه يبادر حاجة»
(1)
.
وهذا مصعب بن سعد بن أبي وقَّاص، يراقب أيضًا صلاة والده سعد رضي الله عنه، فيلحظ اختلافًا في الهيئة بين حالها في المسجد، وحالها بينهم في بيته؛ فيسأل ليتعلَّم.
يقول مصعب: كان أبي إذا صلى في المسجد تجوز وأتم الركوع والسجود، وإذا صلى في البيت أطال الركوع والسجود والصلاة! قلت: يا أبتاه! إذا صليت في المسجد جوَّزت، وإذا خلوت في البيت أطلت؟ قال:«يا بني! إننا أئمة يقتدى بنا»
(2)
.
وظاهرٌ من هذين الأثرين أن الآباء كانت لهم عبادة في بيوتهم، لا يراها إلا صغارهم وآل بيتهم، فيتعلمونها منهم، عن طريق القدوة والمشاهدة.
ولربما غفل الصغار عن المتابعة؛ فيحاول الوالد أن يلفت الانتباه لفعله، دون أن يناديهم أو يكلمهم.
كما كان يفعل عبدالله بن مسعود رضي الله عنه في بيته، إذ كان «يُسمع
(1)
أخرجه ابن أبي شيبة (6355) عن وكيع، عن أبي حميد، سمعه من جعفر؛ به. وأبو حميد هذا لم أهتدِ إليه!
(2)
إسناده صحيح: أخرجه عبدالرزاق (3729)، وابن أبي شيبة (4665)، والطبراني في «الكبير» (1/ رقم 317).