المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌قَبَسٌ نَبَويّ كانت رسالة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم هي - آداب التربية في تراث الآل والأصحاب

[أحمد الجابري]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة مبرة الآل والآصحاب

- ‌المقدِّمة

- ‌عملي في هذا الكتاب:

- ‌تمهيد

- ‌المبحث الأول: التعريف بمصطلحات العنوان

- ‌أولًا: التعريف بالآداب

- ‌تعريف الأَدَب لغة:

- ‌تعريف الأَدَب اصطلاحًا:

- ‌ثانيًا: التعريف بالتربية

- ‌تعريف التربية لغةً:

- ‌تعريف التربية اصطلاحًا:

- ‌ثالثًا: التعريف بالتُّراث

- ‌تعريف التُّراث لغةً:

- ‌تعريف التُّراث اصطلاحًا:

- ‌رابعًا: التعريف بالآل

- ‌تعريف "الآل" لغةً

- ‌تعريف "الآل" اصطلاحًا:

- ‌خامسًا: التعريف بالأصحاب

- ‌تعريف "الأصحاب" لغةً:

- ‌تعريف "الأصحاب" اصطلاحًا:

- ‌المبحث الثانيعناية مبكِّرة

- ‌جابر بن عبدالله الأنصاري رضي الله عنه

- ‌علي بن أبي طالب رضي الله عنه

- ‌الفصل الأولالتربية العَقَديَّة

- ‌قَبَسٌ نَبَويّ

- ‌ففي جانب توحيد الله عز وجل وحبه ومراقبته والاستعانة به:

- ‌وفي جانب محبة النبي صلى الله عليه وسلم وتعظيمه:

- ‌التربية العَقَدية في تراث الآل والأصحاب

- ‌ حرصهم على بقاء الطفل على فطرة الإسلام، ومنع العبث بهذه العقيدة:

- ‌ حرصهم على أن تكون المرضعة مسلمة:

- ‌ تلقينهم الصغار كلمة التوحيد في أول نطقهم:

- ‌ دفْع الاعتقادات الخاطئة من قلوبهم، ونهيهم عن أفعال الشرك:

- ‌ ترسيخ محبة رسول الله صلى الله عليه وسلم في قلوبهم، وتعظيمه وتوقيره في نفوسهم:

- ‌1 - تعليم سيرته صلى الله عليه وسلم العطرة:

- ‌2 - إحضارهم عند النبي صلى الله عليه وسلم لمبايعته:

- ‌3 - تطييبهم بآثار النبي صلى الله عليه وسلم رجاء لبركته:

- ‌4 - تعظيم قدر النبي صلى الله عليه وسلم في نفوسهم، فلا يُسمَح لأحد بالمساس بجنابه الشريف:

- ‌5 - تعظيم أمر النبي صلى الله عليه وسلم ونهيه في نفوسهم، حتى لو كان على غير هواهم:

- ‌الفصل الثانيالتربية التعبُّدية

- ‌قَبَسٌ نَبَويّ

- ‌التربية التعبُّدية في تراث الآل والأصحاب

- ‌ الوضوء:

- ‌فأما التعليم العملي عن طريق القدوة والمثال:

- ‌وأما التعليم النظري عن طريق التلقين:

- ‌ الصلاة:

- ‌1 - يعلمون صغارهم الصلاة، ويأمرونهم بها في سنٍّ معين:

- ‌2 - يوقظونهم للصلاة من غير إيجاب:

- ‌3 - يعلمونهم الصلاة بشكل عملي، وبصورة تطبيقية على أنفسهم:

- ‌4 - يصلون أمامهم لتعليمهم بالقدوة والمثال:

- ‌5 - يقدمونهم للإمامة إن كانوا جديرين بها:

- ‌6 - يصححون لهم أخطاءهم فيها:

- ‌7 - يصحبونهم إلى المساجد لربطهم بها، وتعويدهم على الجماعات:

- ‌ الصيام:

- ‌ الزكاة:

- ‌ الحج والعمرة:

- ‌ قراءة القرآن:

- ‌ الدعاء:

- ‌ الجهاد:

- ‌عمر بن الخطاب رضي الله عنه

- ‌ الزبير بن العوام رضي الله عنه

- ‌الفصل الثالثالتربية الأخلاقية

- ‌قَبَسٌ نَبَويّ

- ‌التربية الأخلاقية في تراث الآل والأصحاب

- ‌ أولًا: خُلُق التأدُّب مع الكبار:

- ‌ ثانيًا: خُلُق الصدق، والبعد عن الكذب:

- ‌ ثالثًا: خُلُق حفظ الأسرار:

- ‌ رابعًا: خُلُق الرحمة، ومراعاة مشاعر الآخرين:

- ‌ خامسًا: خُلُق الأمانة، وعدم التعدي على حقوق الناس:

- ‌ سادسًا: الخصال والأخلاق الحسنة بصفة عامة:

- ‌1 - النهي عن الغيبة:

- ‌2 - الحثُّ على الاستزادة من العلم قبل التصدُّر:

- ‌3 - النهي عن الكسل والضجر:

- ‌4 - وصايا جامعة نافعة:

- ‌الفصل الرابعالتربية الاجتماعية

- ‌قَبَسٌ نَبَويّ

- ‌التربية الاجتماعية في تراث الآل والأصحاب

- ‌ أوَّلًا: اصطحابهم إلى مجالس الكبار:

- ‌ ثانيًا: تعويدهم سنة السلام:

- ‌ ثالثًا: عيادتهم في المرض:

- ‌ رابعًا: اصطحابهم للحفلات المشروعة والأعراس:

- ‌ خامسًا: منحهم الحرية في اختيار أصدقائهم:

- ‌ سادسًا: حرصهم على تكنيتهم من الصغر حتى لا يُساء إليهم بلقب:

- ‌ سابعًا: القسمة لهم من بيت المال، واحتساب نفقة لهم:

- ‌الفصل الخامسالتربية البدنية

- ‌قَبَسٌ نَبَويّ

- ‌التربية البدنية في تراث الآل والأصحاب

- ‌أولًا: التربية الجسدية:

- ‌ ترخيصهم للحامل والمرضع في الإفطار في رمضان:

- ‌1 - عبدالله بن عباس رضي الله عنه

- ‌2 - عبدالله بن عمر رضي الله عنه

- ‌ حلقهم شعر المولود في اليوم السابع:

- ‌ تعويذهم الصغار بالرقى والمعوذات؛ لدفع العين والحسد عنهم:

- ‌1 - عبدالله بن عمرو بن العاص:

- ‌2 - أبو جعفر الباقر محمد بن علي بن الحسين:

- ‌ تعليمهم الرياضة التي تناسبهم، وتقوي مهاراتهم؛ مثل: السباحة، والرمي:

- ‌1 - السباحة:

- ‌2 - الرمي:

- ‌أ- سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه

- ‌ب- خالد بن الوليد رضي الله عنه

- ‌ تعويدهم النوم المبكر، وعدم السهر، خاصَّة في الصغر:

- ‌ثانيًا: التربية النفسية العاطفية:

- ‌ الحاجة إلى المحبة:

- ‌ الحاجة إلى التقدير الاجتماعي واحترام الشخصية:

- ‌1 - تقديمهم من يصلح للإمامة من الصغار لهذا المكان:

- ‌2 - تخييرهم في أمر معيشتهم، إذا انفصل الوالدان:

- ‌أ- أبو بكر الصدِّيق رضي الله عنه

- ‌ب- عمر بن الخطَّاب رضي الله عنه

- ‌جـ- علي بن أبي طالب رضي الله عنه

- ‌3 - السماح لهم بحضور بعض اللقاءات والزيارات للكبار:

- ‌ الحاجة إلى الرعاية الوالدية والتوجيه:

- ‌الخاتمة

- ‌المصادر والمراجع

الفصل: ‌ ‌قَبَسٌ نَبَويّ كانت رسالة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم هي

‌قَبَسٌ نَبَويّ

كانت رسالة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم هي الخاتمة، ولأنها الخاتمة فقد جاءت كاملة وشاملة، ومن جوانب شمولها: أنها لم تهتم بالتزكية النفسية والإصلاح القلبي فحسب، بل امتدت لتشمل الناحية الجسدية بالعناية، وفي عموم قوله عليه الصلاة والسلام:«المؤمن القوي خيرٌ وأحبُّ إلى الله من المؤمن الضعيف، وفي كلٍّ خير»

(1)

ما يدلُّ على هذا المعنى.

قال النووي: «المراد بالقوة هنا: عزيمة النفس والقريحة في أمور الآخرة، فيكون صاحب هذا الوصف أكثر إقدامًا على العدو في الجهاد، وأسرع خروجًا إليه، وذهابًا في طلبه، وأشد عزيمة في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والصبر على الأذى في كل ذلك، واحتمال المشاق في ذات الله تعالى، وأرغب في الصلاة، والصوم، والأذكار، وسائر العبادات، وأنشط طلبًا لها، ومحافظةً عليها، ونحو ذلك»

(2)

.

ولا شكَّ أن قوة البدن مما يُعين الإنسان على الطاعة، مع قوة

(1)

«صحيح مسلم» (2664)، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.

(2)

النووي، «المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج» (16/ 215).

ص: 167

الإيمان، والمسألة مفروضة في حالة تساوي المنسوب الإيماني؛ فتُصبح القوة البدنية مصدر عون زائد لصاحبها.

وقد اهتم النبي صلى الله عليه وسلم بصحَّة الجنين، مُذْ كان في بطن أمه، فأمر بقتل بعض أنواع الحيات، لأنها تصيب الحمل بالسوء وتسقطه؛ فقال يومًا على منبره: «اقتلوا الحيَّات، واقتلوا ذا الطُّفْيَتَيْن

(1)

، والأبتر

(2)

، فإنهما يطمسان البصر، ويستسقطان الحَبَل

(3)

»

(4)

.

ومن هذا الباب من الاهتمام: ترخيصه صلى الله عليه وسلم للحامل والمرضع في الإفطار في رمضان

(5)

، وفي ذلك عون لهما على تغذية الطفل والجنين.

ومن رعايته صلى الله عليه وسلم بتغذية الصغار والحفاظ على صحتهم: ما كان يقوم به من التبريك عليهم، وتحنيكهم

(6)

.

(1)

تثنية طُفْية، وهي نوع خبيث من الحيات، في ظهره خطان أبيضان.

(2)

الأبتر: مقطوع الذنب، وزاد النضر بن شميل: أنه أزرق اللون، لا تنظر إليه الحامل إلا ألقت.

(3)

قيل: معناه أن المرأة الحامل إذا نظرت إليهما وخافت؛ أسقطت الحمل -غالبًا-.

(4)

متَّفقٌ عليه: أخرجه البخاري (3297)، ومسلم (2233)، من حديث عبدالله بن عمر رضي الله عنه.

(5)

أخرج أحمد (19047)، وابن ماجه (1667)، وأبو داود (2408)، والترمذي (715) -وحسَّنه- والنسائي (2315)؛ من حديث أنس بن مالك رجل من بني عبد الأشهل أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:«إن الله عز وجل وضع عن المسافر شطر الصلاة، وعن المسافر والحامل والمرضع الصوم، أو الصيام» .

وحكم عليه الألباني في «صحيح سنن أبي داود» (7/ 169) بأنه: "حسنٌ صحيح".

(6)

«صحيح مسلم» (286) من حديث عائشة رضي الله عنها.

ص: 168

وقد أثبت الطبُّ الحديث ما في هذا التحنيك

(1)

من تغذية للمولود، ونفعٍ صحيٍّ له

(2)

.

كما كان صلى الله عليه وسلم يلتمس للصغار الدواء إذا رأى بهم مرضًا، والرقية إذا رأى بهم عينًا أو حسدًا، فلكل حالة ما يخصها من الدواء.

بعد وفاة جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه، كان صلى الله عليه وسلم يتفقَّد أحوال أبنائه، فرآهم ذات يوم وأجسادهم نحيفة، فأحسَّ فيها بالضعف والمرض، فسأل أمَّهم أسماء بنت عميس عن السبب؛ فقال لها: «ما لي أرى أجسام بني أخي ضارعة؟! أتصيبهم الحاجة

(3)

؟»

(1)

التحنيك: أن يُمضَغ التمر، أو نحوه، ثم يدلك به حنك الصغير.

(2)

يقول الدكتور فاروق مساهل، في كتابه «تكريم الإسلام للإنسان»:"والتحنيكة معجزة طبية للنبي صلى الله عليه وسلم لم تظهر الحكمة من ورائها إلا حديثًا، فالطفل بعد ولادته يجد نفسه وقد انفصل عن أمه، وانقطع سيل الغذاء الجاهز إليه، فليجأ للاعتماد على ما استطاع جسمه تخزينه من الطعام- وهذا ليس بالكثير- أثناء حمله في رحم أمه، لحين إفراز اللبن من ثدي والدته، ويستغرق إفراز اللبن وقتاً متفاوتاً، من 1 - 3 أيام، وبما أن نشاط أجهزة الجسم عند المولود تكون في قمتها، في محاولة لملاءمة الوضع الجديد، فإن المخزون في جسمه يستهلك بسرعة، وقد تنخفض تبعًا لذلك نسبة السكر في الدم. وحيث أن الفترة الحرجة في إطعام الطفل تقع ما بين انتهاء ولادته، وبدء رضاعته، فإننا نجد في تكريم المولود على يدي النبي صلى الله عليه وسلم، بتحنيكه بالتمر الممتلئ بالسكر، والذي يمتص في عروقه، فيحافظ على مستوى السكر في دمه لحكمة كبيرة". ومن هنا تتضح الأهمية العظمى للتحنيك في تغطية هذه الفجوة في تغذية المولود، بين ولادته وبدء رضاعته من ثدي أمه.

(3)

يعني: هل سبب هذا الفقر وقلة الطعام وغيره، لأن اليتم محل لذلك.

ص: 169

قالت: لا، ولكن العين تسرع إليهم، قال:«ارقيهم» .

قالت: فعرضتُ عليه، فقال:«ارقيهم»

(1)

.

على الجانب الموازي لهذا: راعى النبي صلى الله عليه وسلم عاطفة الأطفال ونفسيتهم، فإذا به يقبِّل الصبيان، ويستنكر حال هؤلاء الذين لا يمدون أطفالهم بهذا الجانب العاطفي المهم.

أبو هريرة رضي الله عنه حضر هذه الواقعة، ورأى المشهد فنقله؛ قال: قبَّل رسول الله صلى الله عليه وسلم الحسن بن علي، وعنده الأقرع بن حابس التميمي جالسًا، فقال الأقرع: إن لي عشرة من الولد ما قبلت منهم أحدًا، فنظر إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال:«من لا يرحم لا يرحم»

(2)

.

ولا شكَّ أن لهذه القبلة دورًا فعَّالًا في تحريك مشاعر الطفل وعاطفته، إضافة إلى الشعور بالارتباط الوثيق في تشييد علاقة الحب بين الكبير والصغير، وهي دليل رحمة القلب لهذا الصغير الناشئ، والنور الساطع الذي يبهر فؤاده، ويشرح نفسه، ويزيد من تفاعله مع من حوله

(3)

.

بل في مشهد عظيمٍ يبيِّن رعايته صلى الله عليه وسلم لمشاعر هؤلاء الصغار، وإشعارهم بقدرهم أمام الكبار، يؤتَى صلى الله عليه وسلم بشراب، فيشرب منه، وعن يمينه غلام أصغر القوم، وعن يساره أشياخ، وكان قد علمَّهم أن يبدؤوا

(1)

«صحيح مسلم» (2918) من حديث جابر بن عبدالله رضي الله عنه.

(2)

متَّفقٌ عليه: أخرجه البخاري (5997)، ومسلم (2318).

(3)

محمد نور بن عبدالحفيظ سويد، «منهج التربية النبوية للطفل» (ص/ 310).

ص: 170

باليمين، ولكنه يريد أيضًا أن ينزل الكبير منزلته، فراعى النبي صلى الله عليه وسلم مشاعر الغلام، فقال له:«يا غلام! أتأذن لي أن أعطي هؤلاء الأشياخ؟»

فإذا بالغلام يستأثر لنفسه بحقه، ويرفض طلب النبي صلى الله عليه وسلم بأدب؛ فيقول: لا والله، لا أوثر بنصيبي منك أحدًا يا رسول الله!

ولما كان استئذانه صلى الله عليه وسلم من الغلام حقيقيًّا، لا -كما يفعل البعض- صوريًّا؛ فقد أجاب طلب الغلام، وأعطاه الشراب

(1)

!

على مثل هذه التصرفات من المراعاة للبناء العاطفي، وقبله الجسدي؛ تربَّى صغار الصحابة في حضور آبائهم، فواصل هذه التربية الآباء، ونهض بها بعد البلوغ والكبر الأبناء، وفيما يلي صورٌ من هذه النماذج في تربيتهم لصغارهم.

(1)

متَّفقٌ عليه: أخرجه البخاري (2351)، ومسلم (2030)، من حديث سهل بن سعد رضي الله عنه.

ص: 171