الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
له وليٌّ من الذل وكبِّره تكبيرا}
(1)
.
ويُعلِّم ابن عمِّه الفتى الصغير ابن عبَّاس إفراد الله وحده بالسؤال والاستعانة، وأن النفع والضرَّ بيده وحده، وأن كل شيء سيتعرض له في حياته قد قُدِّر عند الله عز وجل؛ فيقول له:«يا غلام! إني أعلِّمك كلمات، احفظ الله يحفظْك، احفظ الله تجده تجاهك، إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله، واعلم أنَّ الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، ولو اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك، رُفعت الأقلام، وجفَّت الصُحُف»
(2)
.
وفي جانب محبة النبي صلى الله عليه وسلم وتعظيمه:
كان تعامله معهم -كبارًا وصغارًا- ورأفته بهم، وشفقته عليهم؛
(1)
إسناده ضعيف مرسَل: أخرجه عبدالرزاق (7976)، وابن أبي شيبة (3498، 30279) عن سفيان بن عيينة، عن عبدالكريم أبي أمية، عن عمرو بن شعيب؛ به.
ورواية عبدالرزاق بإسقاط عمرو بن شعيب!
وعمرو من صغار التابعين، فروايته هنا مرسلة، والمرسَل ضعيف، خاصة من صغار التابعين. والله أعلم.
(2)
إسناده صحيح: أخرجه أحمد (2669)، والترمذي (2516). وقال الترمذي:"هذا حديثٌ حسنٌ صحيح".
وقال ابن رجب في «جامع العلوم والحكم» (1/ 462) عن طريق الترمذي: "حسنة جيدة".
والحديث صحَّحه الألباني في «سلسلة الأحاديث الصحيحة» (5/ 497).
كفيلًا بأن تهواه الأفئدة، وتنقاد إليه القلوب، ويقدِّم مَنْ حوله طاعته على طاعة أقرب الناس إليهم؛ وهذا بخلاف آيات القرآن التي كانت تحضُّهم على محبته، والتسليم لحكمه، واتباع هديه.
ومع ذا: فكان يعلمهم هو بنفسه ثمرة محبته، وأنها من دلائل كمال الإيمان
(1)
، وأن صاحبها يبلغ بهذه المحبة مبلغًا عظيمًا في الآخرة، ويَسمعُ هذا الصبيان فيفرحون به.
هذا أنس بن مالك، الغلام الصغير الذي خدم النبي صلى الله عليه وسلم عشر سنين
(2)
، يشهد أعرابيًّا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فسأله قائلًا: متى الساعة؟
قال صلى الله عليه وسلم: «وماذا أعددتَ لها» ؟
قال: لا شيء، إلا أني أحبُّ الله ورسوله صلى الله عليه وسلم.
فقال: «أنت مع من أحببتَ» .
قال أنس: فما فرحنا بشيء، فَرَحَنا بقول النبي صلى الله عليه وسلم:«أنت مع من أحببتَ» .
قال أنس: فأنا أحبُّ النبي صلى الله عليه وسلم وأبا بكر، وعمر، وأرجو أن أكون معهم بحبي إياهم، وإن لم أعمل بمثل أعمالهم
(3)
.
(1)
كما في الحديث الذي أخرجه البخاري (15) ومسلم (44) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا يؤمن أحدكم، حتى أكون أحبَّ إليه من والده وولده والناس أجمعين» .
(2)
متَّفقٌ عليه: أخرجه البخاري (6038)، ومسلم (2309).
(3)
متَّفقٌ عليه: أخرجه البخاري (3688)، ومسلم (2639).
على هذين الأصلين، وما يتفرَّع عنهما: دَرَجَ الصحب والآل على تربية صغارهم، بالفعل والقول، وفيما يلي -إن شاء الله- نستعرض صورًا من هذه النماذج التطبيقية التي وصلت إلينا من سيرهم وأخبارهم.