المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المطلب الثالث: منهج المؤلف فيه - تحقيق الفوائد الغياثية - جـ ١

[الكرماني، شمس الدين]

فهرس الكتاب

- ‌التّمهيد: التّعريف بالعضد الإيْجيّ وكتابه "الفوائد الغياثيّة

- ‌المبحث الأول التعريف بعضد الدّين الإيْجي

- ‌المبحث الثّانِي: التّعريف بكتابه "الفوائد الغياثيَّة

- ‌عنوانه:

- ‌سبب تأليفه:

- ‌مضمون الكتاب:

- ‌الفصل الأوّل: التّعريف بشمس الدِّين الكرمانيّ

- ‌التّمهيد: نبذةٌ موجزةٌ عن عصر الكرمانِيّ

- ‌1 - الحالةُ السّياسيةُ:

- ‌2 - الحالةُ الإجْتماعيّة:

- ‌3 - الحالةُ العلميَّة:

- ‌المبحث الأوّل: حياة الكرمانيّ

- ‌المطلب الأوّل: اسمه، ونسبه، ولقبه، وكنيته

- ‌المطلب الثّاني:‌‌ مولده، ونشأته، ورحلاته

- ‌ مولده

- ‌نشْأته ورحلاته:

- ‌المطلب الثّالث:‌‌ عقيدته، وأخلاقه، وصفاته

- ‌ عقيدته

- ‌أخلاقه وصفاته:

- ‌المبحثُ الثاني شُيوخُه، وتَلاميذُه، ومكانتُه العلميّة

- ‌المطلب الأوّل: شيوخه

- ‌المطلب الثّاني: تلاميذه

- ‌المطلب الثالثُ: في مَكانته العلميَّة

- ‌المبحث الثَّالثُ: مصنّفاتُه ووفاتُه

- ‌المطلب الأوّل: مصنّفاته

- ‌المطلب الثانِي: وفاته

- ‌الفَصلُ الثّاني: التَّعريف بكتاب "تحقيق الفوائد

- ‌المبحث الأوَّل: اسمُ الكتابِ، وتوثيقُ نسبتهِ للمؤلّفِ، ومنهجُ المؤلّف فيه

- ‌المطلب الأوّل: اسم الكتاب

- ‌المطلبُ الثَّاني: توثيقُ نسبته للمؤلِّف

- ‌المطلبُ الثَّالثُ: مَنْهج المؤلِّف فيه

- ‌المبحث الثَّاني: مصادرُ الكتاب وشواهدُه

- ‌المطلب الأوّل: مصادرُ الكتاب

- ‌المطلب الثّاني: شواهدُ الكتاب

- ‌المبحث الثّالث: تقويم الكتاب

- ‌المطلبُ الأَوَّل: مزايا الكتاب

- ‌1 - حسن التّبويب والتنظيم:

- ‌2 - التَّوسُّط والاعتدال:

- ‌3 - اشتمال الكتاب على بعض الفوائد المهمّة:

- ‌4 - ظهور شخصيّة المؤلّف العلميّة بشكل واضح:

- ‌5 - اشتمال تحقيق الفوائد على بعض آراء الإيجيّ الّتي لم ترد في مختصره:

- ‌6 - اشتمال تحقيق الفوائد على أصحّ نسخ المختصر:

- ‌7 - وضوح المعنى، وسلامة الأسلوب غالبًا:

- ‌المطلب الثّاني: المآخذ عليه

- ‌1 - أخطاء عقديّة:

- ‌2 - أخطاء منهجيَّة:

- ‌3 - خطأ علمي:

- ‌4 - أخطاء أسلوبيّة:

- ‌المبحث الرّابع: وصف مخطوطات الكتاب، ومنهج التّحقيق

- ‌المطلبُ الأوَّل: وصفُ مخطوطاتِ الكِتابِ

- ‌أوّلًا: النّسخ المعتمدة:

- ‌1 - النّسخة الأصل:

- ‌2 - النُّسخة (أ):

- ‌3 - النُّسخة (ب):

- ‌ثانيًا: النسخ المهملة:

- ‌1 - نسخة مكتبة شهيد:

- ‌2 - نسخة مكتبة مشهد:

- ‌3 - نسخة المتن:

- ‌المطلبُ الثاني: منهجُ التحقيق

- ‌المقدّمة

- ‌الفصل الأوّلُ: في علْمِ المعاني والكلامِ في الخَبر والطّلبِ

- ‌القانونُ الأوّلُ: في الخبر

- ‌الفنُّ الأوّلُ: في الإسنادِ:

- ‌الفنُّ الثَّاني: في الْمُسْنَدِ والْمُسْنَد إليه

- ‌النوعُ الأَول: في‌‌ الحذفوالإثباتِ

- ‌ الحذف

- ‌الإثباتُ

- ‌النوعُ الثاني: في‌‌ التَّعريفبأَقْسامه (*)، والتَّنْكير

- ‌ التَّعريف

- ‌تنبيه:

- ‌تنبيه:

- ‌تَذْنِيب

- ‌التَّنكيرُ

- ‌النُّوعُ الثَّالثُ: في التَّوابع

- ‌الوصفُ

- ‌التَّوكيدُ

- ‌البيانُ

- ‌البَدَلُ

- ‌العطفُ

- ‌خاتمةٌ:

- ‌تذنيبٌ:

- ‌الفَنُّ الثَّالثُ: في وضع الطَّرفين (*) كُلّ عند صاحبه

- ‌ التَّقديم

- ‌النَّوعُ الأَوَّل: في التَّقديم والتَّأخير

- ‌تذنيباتٌ

- ‌النَّوعُ الثَّاني في الرَّبطِ والتَّعلُّق

- ‌تنبيهاتٌ

- ‌أدواته)

- ‌النوع الثالث (*): في القصر

- ‌ طرق القصرِ

- ‌خاتمةٌ:

- ‌الفنُّ الرّابعُ (*): في وضعِ الجملتينِ، والكلامِ في الوصلِ والفصل، وفي الإيجازِ والإطنابِ، وفي جعلِ إحداهما حالًا

- ‌النّوعُ الأوّلُ: في الفصلِ والوصلِ

- ‌الوصلُ

- ‌الفصلُ

الفصل: ‌المطلب الثالث: منهج المؤلف فيه

‌المطلبُ الثَّالثُ: مَنْهج المؤلِّف فيه

لَمْ يشِر شَمْسُ الدِّين الكرمانيُّ -على غيرِ عَادتِه في بعضِ مقدِّماتِ كُتبِه- إلى المَنْهج الَّذي سَلَكه في تَألِيف كتابِه "تحقيق الفوائد" وبخلافِ ما دَرَج عليه المُصنِّفون في الغَالبِ من تَنْميقِ المقدِّماتِ وتَحْبيرها نَراه عَجِلًا إِلى الالتحامِ بكلامِ شَيخِه الإِيجيّ "صاحبِ المُختصر" فإِنَّك لا تَكادُ تَتَجاوز السَّطرين حتَّى تجدَ نَفْسكَ وجهًا لوجهٍ أَمام الإِيجيّ مُسْلِمًا له العنانَ في رحلةٍ طويلةٍ تبدأ من مبتدأ الكتاب وتنتهى بنهايتِه. وقَدْ تَتَساءلُ كيف يكونُ ذلك ونحنُ أمامَ كتابٍ للكرمانَيّ لا للإيجيّ؟!

وهُنا أقولُ: لقد أظهرَ الكرمانيُّ قدرةً فائقةً في الدَّمج بين كتابِه "تحقيق الفوائد" وكتابِ شيخِه "الفوائد الغياثية" حتَّى صارا كأنهما كتاب واحد؛ وكلُّ ذلك من غيرِ أن يغمطَ شيخَه حَرفًا واحدًا من كتابه. وأسوقُ للدِّلالة على ذلك النَّصَّ التَّالي (1):

"الثَّامنُ: إتباعُ الاستعمال؛ فإنَّه إذا كانَ الاستعمالُ واردًا على الحذف منه أَوْ من أمثالِه ونظائِره -كمَا قال في المفتاح- وقامت القرينَةَ لا بُدَّ من حذفِه؛ كَما في: (نعم الرّجل زيدٌ!)؛ على قولِ من يَرى أَصلَ الكلامِ "نعم الرَّجل هو زيد" وكمَا في: "ضَرْبي زيدًا

(1) قسم التّحقيق ص: (295 - 297).

ص: 105

قَائمًا" فإنَّ التَّقدير -على الأَصحّ-: "ضربي زيدًا حاصلٌ إذا كانَ قائمًا"، وكمَا في قَوْلهم: (سقيا)، إذ التَّقدير: "سَقَاك الله سقيًا"، وكَذا: (عجبًا) إذ التَّقدير: عَجبتُ عجبًا، وكما في قولها: إلَّا حَظيَّةٌ فَلا أَليَّةٌ".

فالكَلامُ المكتوبُ بالخطِّ المثقَّل للإِيجيّ؛ أي: كتاب "الفَوائد الغياثيّة" والكلامُ المكتوب بالخطِّ المخفَّف للكرَمانيِّ؛ أي: كتاب "تحقيق الفوائد". وكَمَا هو ملاحظٌ تحقَّقَ الرّبطُ بينهما بعناية فائقةٍ يَتعذَّرُ معها -لولا مغايرة حجم الخطِّ- التَّمييزُ بَيْنهما (1). كَمَا يظهرُ في الوقتِ نفسِه مثولُ نصِّ الإيجيِّ كما هو بقضِّه وقَضِيضه بحيث يمكنُ قراءة مخْتصرِه كامِلًا بلا أدنى زيادةٍ أو نَقْصٍ؛ ولك أَنْ تتحقَّق مِن ذلك بقصرِ النَّظرِ على قراءة الخطِّ المثقَّل.

وإذا كانَ الأمرُ كذلك فإنَّ كلا الكتابين يَنْضويان تحت أَرْوقة المدرسةِ السَّكَّاكيَّة، فالإِيجيّ "لَمْ يخلّ بالأَصلِ الَّذي اخْتصرَه فقد أَوْفىَ على الأَفكارِ الرَّئيسة المَوْجودة في المفتاح وشَفَعها بالأَدلَّة المَنْطقيَّة والفَلْسفيةِ اتّباعًا لأَصْلِه

، بَل ربَّما فاقَ السَّكَّاكيَّ في الإلحاحِ على الجدلِ الفَلْسفيّ" (2). والكرمانيُّ التزمَ بكتاب شيخِه واعتمدَ خطّته، وحتَّى عندما شَرَعَ في فكِّ رمُوزِه وتَفْصيلِ مُجْملِه لَمْ يغبْ عنه أَصْله أيضًا.

(1) ومن هنا تنبّه النُّسَّاخ إلى أهميّة التّمييز بين الكتابين؛ فعمدوا إلى المداد الأحمر وكتبوا به نصّ الإيجيّ، والمداد الأسود وكتبوا به نصّ الكرمانيّ.

(2)

الفوائد الغياثيّة؛ قسم الدّراسة، د / عاشق حسين:(37).

ص: 106

وكمَا هو معلومٌ فإنَّ المدرسةَ السَّكَّاكيَّة تعتمدُ على التَّقعيدِ والتَّنظيمِ، حيثُ التَّعريفاتُ، والتَّقسيماتُ، والتَّفريعاتُ، والتَّعليلاتُ، وإِخراجُ المُحْترزاتِ، وتوهمُ الاعتراضاتِ، ودفعُ الاحتمالاتِ. وكلُّ ما يمكن أَن يُسْهمَ في ضبطِ الدَّرسِ البلاغيِّ وحصرِه في إطارٍ محدَّدٍ واضحٍ.

هذا ما يتعلَّقُ باتجاه الكِتاب البلاغيِّ ومشربِه العامِّ، أمَّا إذا نَظرنا إلى التَّفصيلات الدَّقيقة فإنَّ منهجَه يتَّضحُ بالمعالمِ الآتية:

1 -

سارَ الكرَمانيُّ في كتابِه على الخطِّ نَفْسِه الَّذي رسمَه الإِيجيُّ في كِتابِه؛ حيثُ بناهُ على مقدّمةٍ وفَصْلين وذَيل.

جعلَ الفصلَ الأوّل في علمِ المعانِي والكلامِ في الخَبر والطَّلبِ. وقَسَّمهُ إِلى قَانُونَين، جعلَ القَانونَ الأَوَّلَ في الخبرِ. وقَسَّمه إلى فنون:

الفنُّ الأَوَّلُ: في الإِسناد.

الفنُّ الثَّاني: في المسند والمُسندِ إِليه، والكلامِ في الحذفِ والإِثباتِ، وفي التَّعريفِ بأَنواعه، والتَّنكيَر، وفي التَّوابع. وقَسَّمه إلى أَنْواع:

النَّوعُ الأَوَّلُ: في الحذفِ والإِثباتِ.

النَّوعُ الثَّانِي: في التَّعريفِ بأَقسامه والتَّنكير.

النَّوعُ الثَّالثِ: في التَّوابع.

الفنُّ الثَّالثُ: في وضعِ الطَّرفين كلِّ عِند صاحبه، والنَّظرِ في التَّقديم والتَّأخير وفي الرَّبط وفي القصر. وقسَّمه إلى أَنْواع:

النَّوعُ الأوّلُ: في التَّقديم والتَّأخير.

ص: 107

النَّوع الثَّاني: في الرَّبط.

النَّوع الثَّالث: في القَصْر.

الفنُّ الرّابعُ: في وضع الجُملتين والكلام في الوصل والفَصْل وفي الإِيجازِ والإِطْناب وفي جَعْل إِحداهما حالًا. وقسمَّه إلى أَنْواع:

النَّوعُ الأوَّل: في الفصلِ والوَصْل.

النَّوعُ الثَّاني: في الإِيجازِ والإِطْناب.

النَّوعُ الثَّالثُ: في جَعْل إِحدى الجُملتين حالًا.

وجعل القانون الثَّاني في: الطَّلب.

أَمَّا الفَصْلُ الثَّاني فَعَقَده: في علمِ البيانِ. وأداره على أُصولٍ أَرْبعة:

الأَصْل الأَوَّل: في التَّشبيه. وتَناوله بالحديثِ في أَنواعٍ خَمْسة.

النَّوعُ الأَوّل: في الطَّرفين.

النَّوعُ الثَّاني: في وجْه التَّشبيه.

النَّوعُ الثَّالث: في غرضِ التَّشبيه.

النَّوعُ الرَّابع: في حال التَّشبيه.

النَّوعُ الخَامس: في صِيغة التَّشبيه.

الأَصلُ الثَّاني في: المجاز. وقسَّمه إلى نوعين:

ما كان التَّصرّف فيه باللّفظ. وله أَقْسام.

ما كان التَّصرّف فيه بالمعنى. وله أَقْسام.

الأَصْل الثَّالث: في الاسْتعارة. وتَناوله من خِلال:

مُقَدّمةٍ.

تَقْسيماتٍ.

ص: 108

خَاتمَة

الأَصْلُ الرَّابعُ: في الكِناية. وقسَّمها إلى ثلاثةٍ:

ما كانَ المقصودُ بها الموصوفَ نفسَه.

ما كانَ المقصودُ بها الصِّفةَ نفسَها.

ما كانَ المقُصودُ بها اخْتصاصَ الصِّفة بالموصُوف.

أمّا الذَّيل فَعَقَده في علمِ البَديعِ. وجَعَله قِسْمين:

معنويّ. وذكرَ من أَصْنافه:

المطابقةَ.

الْمُقَابَلةَ.

الْمُشَاكلةَ.

مُراعاةَ النَّظير.

المُزَاوجة.

اللَّف والنَّشر.

الجَمع.

الفَرق.

الجمعَ مع التَّفريق.

الجمعَ مع التَّقْسِيم.

التَّقسيمَ مع الجَمع ....

الجَمْعَ مع التَّفريقِ والتَّقسيم.

ص: 109

الإِيهامَ.

التَّوجيه.

الاعْتِراض.

التَّجاهل.

الاسْتتباع.

لفظيّ. وذكرَ من أَصْنافه:

التَّجْنيس.

ردَّ العجزِ على الصَّدر.

القَلب.

السَّجع.

التَّرصيع.

وفي تَضَاعيفِ هذه الفصولِ والقَوانينِ والفُنونِ والأَنواع ساقَ كثيرًا من التَّنبيهاتِ والتَّذنيباتِ والخَواتيمِ؛ إِتمامًا للفائدةِ ومَزيدًا للإيضاحِ وإِن شَابها -أحيانًا- بعضُ النَّظرات الفَلْسفيَّة.

2 -

نثر الكرمانيُّ كتابَ شيخه داخلَ كتابِه -كما أسلفتُ- حيث يورد أَحْرفًا، أَوْ كلمات، أَو جُملًا، أَوْ عِبارات من المُخْتصر ويَصلُها بكلامه من غيرِ أَن يخرجَ بها عن مرادِ صاحبِ المُختصر ومقصده العامِّ، ولكيَ يخرج الكتابُ متَّصلًا في سياقٍ واحدٍ لم يجدْ الكِرمانيّ مناصًا من الآتي:

ص: 110

أ- التَّمهيد لعباراتِ المُخْتصر قبلَ إِيرادها بعباراتٍ من عنده حتَّى إذا ما الْتحَمت بها ظهرَ السِّياق مُنْسجمًا وكأَنَّه لشخَصٍ واحدٍ كقوله (1): "فالأوّل؛ كقوله: وقال إنّي في الهوى كاذبٌ

".

ب- فَصْل الجملةِ الواحدةِ وإعادة رَبْطها بعد إضافة ما يوضِّح مَعْناها بما يتَّسق معها من المُفْردات والجُمَل كقولِه (2): "وعلمُ البيانِ: معرفةُ مراتب العبارات الدَّالّة على معنى واحدٍ في الجلاء".

جـ - التَّعقيب على عباراتِ المُخْتصرَ بعد إِيرادها بعباراتِ مُتَمِّمة لها كَقَوله (3): "الرَّابع: (مثلُك لا يَبْخل)، و (غَيْرك يَبْخلَ) التُزم فيهما التَّقديم للتَّقوية؛ لأَنَّ بناءَ الفعْل عَلَى المبتدأ أَقْوى للحُكمِ

".

د- الإكْثار من (أَيْ) التَّفْسيريَّةِ، والجُملِ الاعْتراضِيَّة بين الشَّرحِ والمَشْروح عَلى أَنَّهما لَمْ يحدثا في السِّياق انْقِطاعًا لاتِّسام الكتَابين بِهما عَلَى حدٍّ سَواء. نَحْو (4):"فـ (ما ضربت إِلَّا زيدًا)؛ أَيْ: أَحدًا، أي: يُقَدر (أحدًا) مَفْعولًا لِقَوله (ضَربت) لأنَّه عامٌّ مناسبٌ للمُسْتثنى في الجنس والوَصْف، و (إلَّا راكبًا)؛ أَيْ: عَلَى حال؛ أي: ما ضَربتُ على حالٍ إلَّا راكبًا والمقدَّر فيه ذلك لمُناسَبته له. و (إِلَّا تَأديبًا) أي: لغرضٍ؛ أي: مَا ضَربْتُ لغرضٍ إِلَّا تَأدَيبًا".

(1) ص (539) قسم التّحقيق.

(2)

ص (229) قسم التّحقيق.

(3)

ص: (442) قسم التّحقيق.

(4)

ص: (514) قسم التّحقيق.

ص: 111

وأخيرًا يَنْبغي أَنْ أُشير إِلى أنّ الكتابَ لَمْ يجرِ على وتيرةٍ واحدةٍ من الاتِّصال، بل التَّمازجُ هو السَّمةُ الغَالبةُ والطَّابع العامُّ. وهناك مواضعُ متفَرِّقةٌ في الكتاب يبدو فيها الانْفصال واضِحًا حيثُ يعمدُ الشَّارحُ إِلى إيرادِ جملةٍ من المُخْتصر ويعقبها بكلامٍ مُسْتأنفٍ يشرحُها. وكَثُر هذا المَسْلَك عند شرحِ المُفْردات الغَريبة والتَّعليق على الجملِ البليغة؛ الأمر الَّذي يحتِّمُ عليه قطعَ اتِّصال المعلومة ليَشْرعَ فِيما هو أهمّ -وهو إِيضَاحُها-. ومن ذلك قولُه في أَوَّل الكتاب (1):

"الحمدُ لله الذي خلقَ الإِنْسانَ. الحَمدُ: الثَّناءُ على الجَميل عَلى جهةِ التَّعظيمِ، وهو باللِّسانِ وحده. والشُّكر

أَلْهمه المَعَاني وعلَّمه البَيانَ؛ فيه من حسنِ المَطْلعِ وبراعة الاسْتهلالِ ما لا يَخْفى. والصَّلاةُ عَلَى نبيِّه محمَّدٍ

".

3 -

حرصَ الكرمانيُّ على إيضاحِ عباراتِ المُخْتصرِ الغَامضةِ وشَرْحِ مفرداتِه الغَريبة، وكَثُر تعرّضُه للغريب في مقدِّمةِ الكتابِ، وعُقَيب الشَّواهد الشِّعريَّة.

4 -

اعْتنَى الكِرمانِيُّ بتوثيقِ الأَقْوالِ، ونسْبتها إِلى قَائِليها في الغَالب. وهو إِنْ لَمْ يجمعْ بين الكتاب وصَاحِبِه فإِنَّه يَذكرُ أَحدَهما.

فمثالُ ما جمعَ فيه بَيْن الكتاب وصاحبِه قولُه (2): "قَال الشَّيخُ في دلائلِ الإِعْجاز

"، وقولُه (3): "وقال الزَّمخشريُّ في الكشّاف

".

(1) ص: (207 - 209) قسم التّحقيق.

(2)

ص: (231) قسم التّحقيق.

(3)

ص: (692) قسم التّحقيق.

ص: 112

ومثال مَا ذكرَ فيه اسم الكتاب وحده، قولُه (1): "قال في الإِيْضاح

"، وقولُه (2): "قَال في المِفْتاح

".

ومثالُ ما ذكرَ فيه صاحب الكتاب وحده قولُه (3): "كَمَا قال ابنُ الحاجب

"، وقولُه (4): "وقال السَّكَّاكيُّ

".

ويلحظُ -في هذا الصَّدد- أنّه أكثر النّقل عن السّكّاكيّ، وشيخه الإيجيِّ، والزَّمخشريِّ، والجُرجانيِّ، وابنِ الحاجبِ، والقَزوينيِّ. وصرَّح بمؤلَّفاتهم.

5 -

يَنْزعُ الكِرمانيُّ -أحيانًا- إلى الاسْتِطرادِ في إيضاح بعض مَا يَعْرضُ من ألفاظٍ غَريبة أو شواهد سَواءٌ أكانت قُرآنية أَمْ شِعريَّة أَمْ أمثالًا.

ومنْ أَمثلةِ ذلك استطراده في تَفْسيرِ قولِه تَعالى: {وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ} قال (5): "ونَظِيرُه

قولُه تعالى: {وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ} ؛ أَثْبتَ الرَّميةَ لرسولِ الله صلى الله عليه وسلم؛ إِذْ هو الرَّامي بحسبِ

(1) ص: (766) قسم التّحقيق.

(2)

ص: (391) قسم التّحقيق.

(3)

ص: (475) قسم التّحقيق.

(4)

ص: (811) قسم التّحقيق.

(5)

ص: (271) قسم التّحقيق.

ص: 113

الصُّورة، ونَفَاها عنه بحسبِ التَّأثِير إذ لا مُؤثِّر إِلَّا الله، ولا سيَّما في الأَثر العَظيم الَّذي ليسَ في قوّةِ البَشر، روي أَنَّه عليه السلام لَمَّا طَلَعت قريشٌ قَال:"هذه قريشٌ قد جَاءت بخُيلائِها وفَخْرها يُكَذِّبون رسولك: اللَّهم أَسأَلك مَا وَعدتَّني! "، فأَتاه جبريلُ فقال: خُذ قبضةً من ترابِ فَارْمهم بِه، فقَال النَّبيُّ عليه السلام لعليٍّ رضي الله عنه لَمَّا التقَى الجمعانُ:"أعطني قبضةً من الحصبان"، فَرمى بِها في وجوههِم، وقال:"شَاهتِ الوُجوه"، فلم يبق كافرٌ إِلا شُغل بعينه فانْهزَموا".

- حَرِص الكرمانيُّ على ضَبْط كثيرٍ من الأَسماء الغَريبةِ وبعضِ الأَلْفاظ الملْبسة سواءٌ في ذلك الوارِدة في شَرْحه أَمْ في المُخْتصر. فمِن ذلك قولُه (1): "وفي أبياتِ ابن حجر الكنديِّ -وهو امرؤُ القَيس؛ بالحاءِ المُهْملة المَضْمومة ثمَّ الجيم

".

وقولُه (2): "الأَثْمُد -بفتحِ الهمزة، وضمِّ الميم-: مَوْضع".

وقولُه (3): "أَو لأَنَّه لَما دهش -بكسر الهاءِ- عَنْ مُقْتضى الظَّاهر".

- حرصَ الكرمانيُّ على إِتمامِ ما اخْتصرَه الإيجيُّ من الشَّواهد القُرآنية أَوْ الشِّعريّة. مُقْتصرًا على موضعِ الشَّاهد أحيانًا. ومتجاوزًا ذلك إلى نهايةِ الآيةِ، أَوْ ذكر البيتِ المجاورِ أحيانًا أُخرى.

(1) ص: (402) قسم التّحقيق.

(2)

ص: (403) قسم التّحقيق.

(3)

ص: (407) قسم التّحقيق.

ص: 114

ومن أمثلة ذلك قوله (1): "والإِطْناب كقولِه - تعالى -: {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنْفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ مَاءٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ} ".

وقولُه (2): "كما قال الشَّاعرُ، أي: كَمَا فَعلَ تَأَبَّط شرًّا في قوله:

بأَنِّي قَدْ لقيتُ الغُولَ تَهْوي

بسَهبٍ كالصَّحيفةِ صَحْصَحان

فأَضْربها بلا دهش فَخَرَّت

صَريعًا لليَدين وللجِرانِ".

- حرص الكرمانيُّ على ذِكرِ أَقْوال العُلماء ومُناقَشتها أَحْيانًا، وكذا التَّرجِيح بَينها أَحْيانًا أخرى.

ومن ذلك قولُه في مبحثِ الالْتفاتِ (3): "ثم إِنَّ الحكايةَ والخطابَ والغيبةَ ثلاثتَها تُسْتعملُ كلٌّ في مقامِ الآخر أَوْ يُنْتقل منه إِليه ويُسَمَّى التفاتًا. قَال في المِفْتاح: (واعلم أَنَّ هذا النَّوع أعني: نقل الكلامِ عن الحكايةِ إلى الغيبة لا يختصُّ بالمسند إليه ولا هَذا القدر؛ بل الحكايةُ والخطابُ والغيبةُ ثلاثتُها يُنْقلُ كلُّ وَاحدٍ منها إلى الآخر، ويُسمّى هذا النَّقل: الْتِفاتًا عند علماءِ علم المعاني). ولَمَّا كان مُرادُ السَّكّاكيِّ أعمَّ

صرَّح الأستاذُ بالقِسْمين.

(1) ص: (547) قسم التّحقيق.

(2)

ص: (412 - 413) قسم التّحقيق.

(3)

قسم التّحقيق ص: (391 - 398).

ص: 115

قال صاحبُ الإِيضاحِ: (المَشْهورُ عِنْد الْجُمهورِ أَنَّ الالْتِفات هو التَّعبير عن معنًى بطريقٍ من الطُّرق الثَّلاثة بعد التَّعبير عنه بطريقٍ آخر، وهذا أَخصُّ من تَفْسير السَّكاكيِّ

).

وقال الأستاذُ: كونُه مَشْهورًا عِنْد الجَمْهور مَمْنوعٌ بَلْ ما ذَكره السَّكاكيُّ هو المَشْهورُ بَلْ هو أعمُّ ....

وذكرَ الزَّمخشريُّ في سُورةِ الأَنْفالِ في الكشَّافِ في قَوْلِه: {ذَلِكُمْ فَذُوقُوهُ وَأَنَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَابَ النَّارِ} ما هو قريبٌ منه ....

والحقُّ: أن هذا النَّوع مِن الكلامِ كثيرٌ

ولا مشاحَّة في تَسْميته الْتِفاتًا. والأَمثِلَة -بحسب التَّقديريّ والتَّحقيقيّ والمضمر من نوعه أو بالنّسبة إلى المظهر- لا تكاد تحصى".

- نَبَّه الكِرمانيُّ إِلى اخْتلافاتِ نسخ الكتابِ في تِسْعةَ عَشر مَوْضِعًا، وكشفَ عن اطِّلاعٍ واسعٍ بها، كما أَشارَ إلى مَعْرِفة شيخِه لبعضِ تلك الاخْتلافاتِ وإجازتهِ لها.

وفي مرَّات عديدةٍ صرَّح بمَراءَتِه نُسْختَه على المُؤلِّف. وممَّا ذكر في هذا الصَّدد قولُه (1): "اعْلم أَنَّ في هذه الصَّفحة اختلفت النُّسخ بحسب تَقْديم بَعْض؛ لكنَّ النُّسخةَ الصَّحيحةَ والموافِقة للمفتاح كَمَا شَرْحناه".

وقولُه (2): "هَذا على مَا في النُّسخةِ الَّتي قرأتُها على المصنِّف. وفي

(1) ص: (456) قسم التّحقيق.

(2)

ص: (506) قسم التّحقيق.

ص: 116

بعضِ النُّسخِ: (

) فلا حَاجةَ إِلى مَا ذَكرْناه".

وقوله (1): "وفي بعضِ النُّسخ (

) وكلاهما مَقْروآن عَلَى المُصنِّف".

وقولُه (2): "وفي بَعْض النُّسخ مكان قَوله: (

) قوله: (

) وهو سَهوٌ من النَّاسخِ".

- ربطَ الكرمانيُّ بين المُخْتصرِ وأَصْلِه مقارنةً، وإتمامًا، وإِيْضاحًا، وربَّما كشفَ عن رأيٍ لصاحبِ المختصر بخلافِ ما أَوْرده في كتابه مُعْتذرًا عن ذلك بِمُتابعة السَّكَّاكيّ كقولِه (3): "والمصنِّفُ ينقلُ كلامَ السَّكَّاكيِّ وإلَّا فالحقُّ عنده عَلى طرفِ التَّمام وهو

" أَوْ (4): "والمصنِّف قلَّد فيه السَّكَّاكيّ لا أَنَّه الحقّ عِنْده".

وقد يسوقُ صاحبُ المُخْتصرِ أَوْ الشَّارح ما لا يَرِدُ في المفْتاح. ومَتى وقعَ نبَّه عليه بقولِه (5): "وهذه المسأَلةُ زائدةٌ على المِفْتاح"، أَو (6):"وهذا مِمّا زاد على المِفْتاح".

(1) ص: (525) قسم التّحقيق.

(2)

ص: (814) قسم التّحقيق.

(3)

ص: (663) قسم التّحقيق.

(4)

ص: (247) قسم التّحقيق.

(5)

ص: (286) قسم التّحقيق.

(6)

ص: (245) قسم التّحقيق.

ص: 117

- ساقَ الكِرمانيُّ بعضَ الأسئلة الافْتراضيَّة وأجابَ عليها. وذَلك عِندما يَشْعر أَنَّ المخاطبَ يخالفه الرَّأَيَ، فيطرحُ ما يتصوَّر أنّه عالقٌ في ذهنه مِنْ شُبهٍ في قالبِ سُؤالٍ ثمَّ يَشْرع في الإجابةِ عَلَيها.

ومِنْ ذلك قولُه (1): "فإِنْ قُلتَ: فَمَا الفرقُ حينئذٍ بَيْنه وبينَ الحرفِ؟، قلتُ: لوجهين، الأَوَّل: أَنَّ معناه وإِنْ لم يتحَصَّلْ إِلَّا بذكر المتعلّق؛ لكنَّه إذا تحصَّل فَفِي نَفْسه بخلاف الحرفِ فإنَّه في غَيْره. والثّاني: أَنَّه بعد ذِكر متعلّقه يصيرُ إِسنادًا تامًّا مُفيدًا بخلافِ الحرف. وإِن قُلتَ -أيضًا-: سَلَّمنا أَنَّه لا يتحصَّل إِلَّا بالمسندِ إليه، لكنَّه أعمُّ من أن يكونَ مذكورًا أَوْ مَحْذوفًا عِند القَرينة؟، قلتُ: العللُ النَّحويَّة تعليلاتٌ بعد الوقوع ولا تَوْجيه للنَّقضِ عَليها. فإنْ قُلتَ: فَمَا تَقُول في فاعلِ المصدر فإِنَّه جائزُ الحذفِ؟. قُلت: لأَنَّ المصدر وضِع للنِّسبة المُطلقةِ لا المُقيَّدة، والتَّقريب ظاهرٌ. كيفَ وبحثُنا في فاعلِ الفعلِ لا مُطْلَقًا! ".

- ختمَ الكرمانيُّ حديثَه حولَ بعضِ المسائلِ الَّتي تَنَاولها بِخُلاصةٍ موجزةٍ يُقرِّر فيها المسأَلَة ويَفْصلُ القولَ فيها وغالبًا ما يَبْدؤها بقولِه: "والحاصلُ" أَوْ "وحَاصلُه" ومن ذلكَ قولُه (2): "

وَضْعُ الفعل الماضي مَوْضِع الفِعْل المُضَارع للتَّحقيق والتَّوكيد؛ نحو: {وَنَادَى أَصْحَابُ الْجَنَّةِ} فإِنَّه كان مُقْتضى الظَّاهر أَنْ يُقَال: (وينادى)

(1) ص: (285 - 286) قسم التّحقيق.

(2)

ص: (411).

ص: 118

لأَنَّه في القِيامة. لكنَّه عدلَ إلى الماضِي بيانًا لتَحقّقه وتَوْكيدًا؛ لأَنَّ هذا النِّداءَ ضَروريُّ الوُقوعِ.

فالحَاصلُ: أَنَّ ما هو للوقوع أَخْذه كالوَاقع لتَحقُّقِ وقوعِه".

- حَرِصَ الكِرمانيّ عَلى التَّأدّبِ مَعَ العُلَماءِ وتَوْقيرِهم والثَّناءِ عليهم والدُّعاءِ لهم، وبخاصَّةٍ شيخه الإيجي، وفي أَكْثر من مَوضع وجدته يَتْلمس العذرَ لمخطئهم منكرًا التَّشنيعَ عليه حتَّى وإِن أَبْعد.

ومِنْ ذلك قولُه (1): "وأَمَّا المنقولُ من الرّبعيِّ

فَهُو مِمَّن خَطَّأ فأَخطأ ومع إمكانِ أَنْ يُحْمل على مَحْمل صَحِيح لا حاجة إلى مِثْل هَذا التَّشْنِيع عَلى مِثل الإمام؛ ذلك الرَّجلِ الفَاضلِ والفَحْل البَازلِ".

- صرَّح الكِرمانيُّ بأَنَّ شَيْخَه إِذا أَطْلق لَفْظَ "الشَّيخٍ" فإِنَّه يَعْني السَّكَّاكيَّ. وإذا أَطْلقَ لفظَ "الإِمام" فإِنَّه يَعْني عبدَ القاهر الجُرجانيّ (2).

أَمَّا الكرمانيُّ فوجدتُه إِذَا أَطْلق لَفْظَ "الأُستاذِ" أو "المصنِّف" فإِنَّه يَعْني شَيخَه الإِيجيّ. وإذَا أَطْلق "الشَّيخ" فإِنَّه يَعْني عبدَ القَاهرِ الجُرْجانيّ، أمَّا "شارح المفتاح" فإِنَّه يَعْني به الشِّيرزايَّ.

(1) ص: (503) قسم التّحقيق.

(2)

ينظر ص: (746) قسم التّحقيق.

ص: 119