المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الفصل الأول: في علم المعاني والكلام في الخبر والطلب - تحقيق الفوائد الغياثية - جـ ١

[الكرماني، شمس الدين]

فهرس الكتاب

- ‌التّمهيد: التّعريف بالعضد الإيْجيّ وكتابه "الفوائد الغياثيّة

- ‌المبحث الأول التعريف بعضد الدّين الإيْجي

- ‌المبحث الثّانِي: التّعريف بكتابه "الفوائد الغياثيَّة

- ‌عنوانه:

- ‌سبب تأليفه:

- ‌مضمون الكتاب:

- ‌الفصل الأوّل: التّعريف بشمس الدِّين الكرمانيّ

- ‌التّمهيد: نبذةٌ موجزةٌ عن عصر الكرمانِيّ

- ‌1 - الحالةُ السّياسيةُ:

- ‌2 - الحالةُ الإجْتماعيّة:

- ‌3 - الحالةُ العلميَّة:

- ‌المبحث الأوّل: حياة الكرمانيّ

- ‌المطلب الأوّل: اسمه، ونسبه، ولقبه، وكنيته

- ‌المطلب الثّاني:‌‌ مولده، ونشأته، ورحلاته

- ‌ مولده

- ‌نشْأته ورحلاته:

- ‌المطلب الثّالث:‌‌ عقيدته، وأخلاقه، وصفاته

- ‌ عقيدته

- ‌أخلاقه وصفاته:

- ‌المبحثُ الثاني شُيوخُه، وتَلاميذُه، ومكانتُه العلميّة

- ‌المطلب الأوّل: شيوخه

- ‌المطلب الثّاني: تلاميذه

- ‌المطلب الثالثُ: في مَكانته العلميَّة

- ‌المبحث الثَّالثُ: مصنّفاتُه ووفاتُه

- ‌المطلب الأوّل: مصنّفاته

- ‌المطلب الثانِي: وفاته

- ‌الفَصلُ الثّاني: التَّعريف بكتاب "تحقيق الفوائد

- ‌المبحث الأوَّل: اسمُ الكتابِ، وتوثيقُ نسبتهِ للمؤلّفِ، ومنهجُ المؤلّف فيه

- ‌المطلب الأوّل: اسم الكتاب

- ‌المطلبُ الثَّاني: توثيقُ نسبته للمؤلِّف

- ‌المطلبُ الثَّالثُ: مَنْهج المؤلِّف فيه

- ‌المبحث الثَّاني: مصادرُ الكتاب وشواهدُه

- ‌المطلب الأوّل: مصادرُ الكتاب

- ‌المطلب الثّاني: شواهدُ الكتاب

- ‌المبحث الثّالث: تقويم الكتاب

- ‌المطلبُ الأَوَّل: مزايا الكتاب

- ‌1 - حسن التّبويب والتنظيم:

- ‌2 - التَّوسُّط والاعتدال:

- ‌3 - اشتمال الكتاب على بعض الفوائد المهمّة:

- ‌4 - ظهور شخصيّة المؤلّف العلميّة بشكل واضح:

- ‌5 - اشتمال تحقيق الفوائد على بعض آراء الإيجيّ الّتي لم ترد في مختصره:

- ‌6 - اشتمال تحقيق الفوائد على أصحّ نسخ المختصر:

- ‌7 - وضوح المعنى، وسلامة الأسلوب غالبًا:

- ‌المطلب الثّاني: المآخذ عليه

- ‌1 - أخطاء عقديّة:

- ‌2 - أخطاء منهجيَّة:

- ‌3 - خطأ علمي:

- ‌4 - أخطاء أسلوبيّة:

- ‌المبحث الرّابع: وصف مخطوطات الكتاب، ومنهج التّحقيق

- ‌المطلبُ الأوَّل: وصفُ مخطوطاتِ الكِتابِ

- ‌أوّلًا: النّسخ المعتمدة:

- ‌1 - النّسخة الأصل:

- ‌2 - النُّسخة (أ):

- ‌3 - النُّسخة (ب):

- ‌ثانيًا: النسخ المهملة:

- ‌1 - نسخة مكتبة شهيد:

- ‌2 - نسخة مكتبة مشهد:

- ‌3 - نسخة المتن:

- ‌المطلبُ الثاني: منهجُ التحقيق

- ‌المقدّمة

- ‌الفصل الأوّلُ: في علْمِ المعاني والكلامِ في الخَبر والطّلبِ

- ‌القانونُ الأوّلُ: في الخبر

- ‌الفنُّ الأوّلُ: في الإسنادِ:

- ‌الفنُّ الثَّاني: في الْمُسْنَدِ والْمُسْنَد إليه

- ‌النوعُ الأَول: في‌‌ الحذفوالإثباتِ

- ‌ الحذف

- ‌الإثباتُ

- ‌النوعُ الثاني: في‌‌ التَّعريفبأَقْسامه (*)، والتَّنْكير

- ‌ التَّعريف

- ‌تنبيه:

- ‌تنبيه:

- ‌تَذْنِيب

- ‌التَّنكيرُ

- ‌النُّوعُ الثَّالثُ: في التَّوابع

- ‌الوصفُ

- ‌التَّوكيدُ

- ‌البيانُ

- ‌البَدَلُ

- ‌العطفُ

- ‌خاتمةٌ:

- ‌تذنيبٌ:

- ‌الفَنُّ الثَّالثُ: في وضع الطَّرفين (*) كُلّ عند صاحبه

- ‌ التَّقديم

- ‌النَّوعُ الأَوَّل: في التَّقديم والتَّأخير

- ‌تذنيباتٌ

- ‌النَّوعُ الثَّاني في الرَّبطِ والتَّعلُّق

- ‌تنبيهاتٌ

- ‌أدواته)

- ‌النوع الثالث (*): في القصر

- ‌ طرق القصرِ

- ‌خاتمةٌ:

- ‌الفنُّ الرّابعُ (*): في وضعِ الجملتينِ، والكلامِ في الوصلِ والفصل، وفي الإيجازِ والإطنابِ، وفي جعلِ إحداهما حالًا

- ‌النّوعُ الأوّلُ: في الفصلِ والوصلِ

- ‌الوصلُ

- ‌الفصلُ

الفصل: ‌الفصل الأول: في علم المعاني والكلام في الخبر والطلب

‌الفصل الأوّلُ: في علْمِ المعاني والكلامِ في الخَبر والطّلبِ

(*)

لَمَّا شغل (1) عَن تعريفِ العلمين وَمَا يتعلقُ بهما (2) - شغل (3) ببيَانِ المسائلِ وما تتوقفُ عليه.

لا يخفى عليكَ أن التعرُّضَ لخواصِّ تراكيبِ الكلامِ موقوفٌ على التَّعرُّضِ لِتَراكيبه؛ الّتي هي موضوع هذا العلم؛ لامتناع معرفة خاصيَّة الشَّيء دون معرفته. كما لا يخفى -أيضًا- حال التعرض لها (4) مُنْتشرةً (5)؛ فيجب المصيرُ إلى (6) إيرادها تحتَ الضَّبط (7)؛

(*) في الأصل: "والكلام في الطّلب والخبر" والمثبت من: أ، ب، ف، وإثباته بهذا الترتيب هو الأولى؛ لما جرى عليه البلاغيّون من تقدىم مباحث الخبر على الإنشاء؛ ومنهم المصنّف نفسه حيث بدأ بالخبر عقب ذلك مباشرة فقال: "فالخبرُ تصوّره ضروريّ

".

(1)

في أ: "فرغ". والمعنى واحد.

(2)

من: الإيضاح، والتَّقسيم، والغاية، والأَهميّة.

(3)

بمعنى: "ابتدأ". ولفظه: "شغل" مُتردِّدة بين معنين متضادّين؛ أحدهما: فرغ؛ كما تقدم في "شغل" الأولى، والثّانية:"بدأ"؛ كما في "شغل" الثّانية.

(4)

"لها" وما تلاها من كلمات مشابهة إلى نهاية الفقرة الضَّمير فيها يعود إلى التراكيب.

(5)

مُراده: أنّ حال التّعرض للتراكيب مُتعذّر؛ لتنوعها وتكثّر أفرادها.

(6)

قوله: "المصير إلى"ساقطة من: ب.

(7)

الضبط: لزوم الشّيءِ وحبسه، وضبط الشيءِ: حفظه بالحزم. اللّسان (ضبط): (7/ 340). =

ص: 239

بتعيين مَا هو أصلٌ لها وسابقٌ في الاعتبار (1)، ثم حَمل مَا عَدا ذلك عليه؛ بناء على موجب المساق.

والسَّابقُ في الاعتبارِ -في كلامِ العربِ- شيئان: الخبرُ، والطلبُ المنحصرُ بحُكمِ الاستقراءِ في الأبواب الخمسة؛ الّتي هي: التَّمنِّي، والنِّداء، والأمْر، والنَّهي، والاسْتِفْهام، وما سوى ذلك نتائج امتِناع إجراء الكلام على الأصل (2)؛ هكذا قال السَّكاكيُّ (3)، والمصنِّفُ تلا تِلْوه (4) فيه؛ لكنَّ التَّقسيمَ الحقَّ عندَه رُباعيٌّ؛ لأن الكلامَ لا بُدَّ له من فائدة؛ فحصولها إمَّا من المتكلم، وإِمَّا من المخاطَب، وعَلى التَّقدِيرين؛ إمَّا أن تَحصُل في

= ومراده: إدراج جميع التَّراكيب تحت إطارٍ ضابط يَشْملها.

(1)

أي: في النَّظر.

(2)

قوله: "وما سوى ذلك نتائج

" أي: ما سوى الخمسة متفرّع عليها بواسطة إجراء الكلام على خلاف الأصل.

وما سوى الخمسة: كالاستبطاء في قوله تعالى: {أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ} [الحديد: 16]، والتّسوية في قوله تعالى:{أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ} [البقرة: 6]، والتنبيه أو التقرير في قوله تعالى:{أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآوَى (6)} [الضحى: 6]، والتحضيض في قوله تعالى:{ألا تُقَاتِلُونَ} [التوبة،: 13]، والتّوبيخ في قوله تعالى:{أَكَذَّبْتُمْ بِآيَاتِي} [النمل: 84].

(3)

المفتاح: (163 - 164) بتصرف يسير.

(4)

أي: اتَّبع مسْلَكه؛ يقال: "فلان يتْلو فُلانًا؛ أي: يَحْكيه ويَتْبع فعله". اللّسان: (تبع): (14/ 104)، وينظر: معجم مقاييس اللغة: (1/ 351).

ص: 240

الخارج، أَوْ في الذّهن؛ فما (1) من المتكلِّم وفي الخارج: إنشاءٌ، وفي الذِّهن: إخبارٌ. ومَا من المخَاطَب [و](2) في الخارج: أمرٌ، وما يُشْبهه؛ أي: الطلَب، وفي الذِّهن: استفهامٌ.

لا ثُنائيٌّ كما في "المفتاح"(3)، وكما قاله ابنُ الحاجب (4) في "مختصر منتهى السُّول والأمل": بأن الكلامَ إمَّا أن يدلّ على أن له متعلّقًا خَارِجيًّا أوْ لا (5).

الأوّلُ: الخبرُ، والثاني: الإنشاءُ.

ولا ثُلاثيٌّ كما قاله المنطقيّون (6): بِأنه إمَّا أَن يحتملَ الصِّدقَ

(1) في ب: "ما" بدون العطف.

(2)

ما بين المعقوفين ساقطٌ من الأصل. ومثبت من: أ، ب. ويطلبه السّياق.

(3)

إشارة إلى الخبر والطّلب المتقدّمين. ينظر: المفتاح: (164).

(4)

هو أبو عمرو؛ عُثْمان بن عمر بن أبي بكر بن يونس الكُرديّ، جمال الدِّين. ابن الحاجب، الفقيه، النّحوي. كان من كبار العلماء بالعربيَّة. له عدَّة مؤلّفاتٍ؛ منها "الكافية" في النّحو. و "الشّافية" في الصّرف. و "منتهى السُّول والأمل" جـ علمي الأصول والجدل، ومختصره:"مختصر منتهى السّول والأمل". نشأ في القاهرة، وسكن دمشق، وتوفّي بالإسكندريّة سنة 646 هـ.

ينظر في ترجمته: ذيل الرّوضتين لأبي شامة: (182)، وفيات الأعيان:(3/ 217 - 219)، سير أعلام النبلاء:(23/ 264 - 266)، والبداية والنهاية:(13/ 200).

(5)

ينظر: مختصر ابن الحاجب (ضمن شرحه السمّى بيان المختصر لشمس الدّين الأصبهانيّ (: (1/ 627).

(6)

والمنطقيّون: جمع منطقيّ؛ وهو الذي ينتسب إلى المنطق، ذلك العلم العمليّ الآَليّ؛ الذي تعصِمُ مراعاته الذِّهن عن الخطأ في الفِكر. ينظر: التّعريفات للجرجاني: (301).

ص: 241

الكذبَ، أوْ لا؛ الأوَّلُ: خبر، والثاني: إمَّا أن يدل بالذّات على طلب (1)، أوْ لا، الأوّلُ: يُسمَّى: طلبًا، والثاني: تنبيهًا (2).

لأن في كُل منهما (3) حَزازَةً (4) تُعرف بالتَّأمّل؛ كما في قول السّكاكيِّ مثلًا؛ فإنّه يَلْزم عليه أن يكون مفهومُ النّداءِ طلبًا؛ لكنَّه ليس كذلك؛ لأن مفهومَ النِّداءِ صوتٌ يَهْتف (5) به الإنسانُ. صرَّحَ به الزَّمخشريُّ (6) في

(1) في ب: "الطّلب".

(2)

تنبه على الأمر: شعر به. اللِّسان: (نبه): (13/ 546).

(3)

أي: التقسيم الثُّنائيّ والثُّلاثي؛ المتقدّمين.

(4)

الحزَازَة -بالحاء المهملة- ما يقع في القلب ويَحِيكُ في الصَّدر. ينظر: اللّسان: (حزز): (5/ 335).

ومنه قول زفر الكلابي:

وقد يَنبت المَرعَى على دِمَن الثّرى .... وتبقى حَزَازَاتُ النُّفوس كما هِيَا

(5)

في الأصل: "يُهْتَفُ" بالبناءِ للمجهول، ولم تشكل في ب، والصّواب من أ، وهو الّذي صرّح به الزّمخشريّ -كما أشار إليه الشَّارح عقبه-. وهتَفْتُ بفلان؛ أي: دعوته. اللِّسان (هتف): (9/ 344).

(6)

هو أبو القاسم؛ محمود بن عمر بن محمّد الزمخشريُّ، الخوارزميّ. جاور بمكّة زمانًا فقيل له: جار الله. رأس في الاعتزال، وإمام في العربيّة وآدابها. له مصنفات عديدة؛ من أهمّها:"الكشّاف" و"المفصّل" و"الفائق". مات ليلة عرفة سنة 538 هـ.

ينظر في ترجمته: الأَنْساب: (6/ 297، 298)، نزهة الألباء:(391 - 393)، المنتظم:(10/ 112)، معجم الأدباء:(19/ 126 - 135)، سير أعلام النبلاء:(20/ 151 - 156).

ص: 242

"الكشَّاف"(1)، والطلبُ غايتُه، وكذا لا يَصحُّ كَوْن التَّمنِّي منه؛ لأنّ الطلب يقتضي مطلوبًا منه، ولا مطلوب منه للتَّمنِّي.

وعلَى هذا فالخبرُ: تَصوُّرهُ ضَرُوريٌّ في الأَصحِّ. اختلف في أَنَّ تصوُّر الخَبرِ من التَّصوّرات الضَّروريّة أَوْ الكسْبيّة حتى لا يحتاجُ إلى التَّعريف أوْ يحتاج!.

الأصحُّ: الأوّل. وذلك لِمَا أنَّ كلٌّ واحدٍ من العُقلاء ممّن لم يُمارس الحدود (2) والرُّسوم (3) يعرفون الصَّادقَ والكاذبَ، بدليل أنَّهم

(1) ينظر: (1/ 121).

(2)

الحُدود: جمع حدٍّ وهو لغة: الفصلُ بين الشّيئين لئلّا يختلط أحدهما بالآخر، أو لئلّا يتعدّى أحدهما على الآخر. اللِّسان:(حدد): (3/ 140).

ويطلق اصطلاحًا على: تعريف الشّيء بأجزائه، أو بلوازمه أو بما يتركّب منهما تعريفًا جامعًا مانعًا. وينقسم إلى قسمين:

أ- حدٌّ تامٌّ: وهو ما كان بالجنس والفصل القربيين؛ كتعريف الإنسان بالحيوان النّاطق.

ب- حدٌّ ناقصٌ: وهو ما كان بالجنس البعيد والفصل القريب، أو بالفصل وحده؛ كتعريف الإنسان بالجسم النّاطق، أو بالنّاطق فقط.

ينظر: المفتاح: (436)، والتعريفات:(112)، وتسهيل المنطق:(35، 36).

(3)

الرُّسوم: جمع رسمٍ؛ وهو لغة: الأثرُ أو بقيّته. اللِّسان: (رسم): (12/ 241).

ويمكن تعريفه بأنه: تعريف الشَّيء بالخارج اللّازم له، وينقسم إلى قسمين:

أ- رسم تامٌّ: وهو ما كان بالجنس القريب والخاصّة؛ كتعريف الإنسان بالحيوان الضاحك.

ب- رسمٌ ناقصٌ: وهو ما كان بالجنس البعيد والخاصّة، أو بها وحدها؛ كتعريف الإنسان بالجسم الضّاحك، أو بالضّاحك فقط.

ينظر: المفتاح: (436)، التّعريفات:(148)، تسهيل المنطق:(35 - 36).

وبمقارنة الحدّ بالرسم يظهر أن الحدَّ أتمُّ، وأنّ الرّسمَ أعمُّ. ينظر: المفتاح: (436).

ص: 243

يُصدِّقون أبدًا في مقام التَّصديق، ويُكذِّبون أبدًا (1) في مقام التَّكذيب، والعلم بالصَّادق والكاذب مَوْقوفٌ على العلم بالخبرِ الصِّدق والخبر الكذب؛ فكان تَصَوُّر الخبر ضَروريًّا؛ لاستحالة كون تصوُّر الكُلِّ ضرُوَريًّا [دون جزئه](2).

وتَعريفاتُهُ (3) تَنْبيهاتٌ (4)؛ كان التَّعريفَ قد لا يُرادُ به إِحداثُ تَصَوُّرٍ بل الالْتفاتُ إلى تَصَوُّرٍ حاصلٍ ليتَمَيَّز (5) من بين التّصوُّراتِ؛ فيُعلَمَ أنَّه المراد.

إِشارةٌ إلى سُؤالٍ وجَوابِ.

تقديرُ (6) السُّؤال: لا يشْتغلُ العقلاءُ بتَعريف التَّصوّراتِ البديهيَّة كَمَا لا يُبرهنُ على القضايا البديهيّة؛ فلو كان الخبرُ ضروريا لَمَا عَرَّفُوه.

لكنَّهم عرَّفُوه (7) كقَوْلهم (8): "هُوَ الكلامُ المُحتَمِلُ للصِّدقِ والكذبِ"،

(1) كلمة: "أبدًا" ساقطةٌ من ب.

(2)

ما بين المعقوفين ساقطٌ من الأصل. مثبتٌ من: أ، ب؛ وبه يتم المعنى المراد.

(3)

أي: الخبر.

(4)

التنبيهات: جمع تنبيه. وقد تقدّم معناه ص (33).

(5)

في ب: "ليُميِّز".

(6)

في أ: "تقرير".

(7)

قولهم: "لكنّهم عرفوهُ" ساقط من ب.

(8)

التّعريفات: (129). وينظر: الإحكام في أصول الأحكام: (2/ 6) وعزاه إلى المعتزلة؛ كالجبائيّ، وابنه، وأبي عبد الله البصريّ، والقاضي عبد الجبّار، وغيرهم.

ص: 244

وكقولهم (1): "هو الكلامُ المفيدُ بنفسهِ إضافة أمرٍ من الأمورِ إلى أمرٍ من الأمور إثْباتًا أَوْ (2) نفيًا"(3).

تقديرُ (4) الجوابِ: أن هذه تنبيهات لا تعريفاتٌ تنافي الضَّرورَة؛ فإنَّها ليست لإفادة تصوُّرٍ وإحدَاثِه؛ بل لتمييز (5) ما هو (6) المراد به من بين سائر التَّصَوُّرات الحاصلة عنده، والتفات النّفس إليه بخُصوصه؛ كما أن الإنسان يُطلق على حيوان ذِي أوصافٍ؛ من كونه: ناطقًا، وضاحكًا، ومنتصبَ القامةِ، وعريضَ الأظفَار -مثلًا-، ولا يُعرف أنه بإزاء أيِّ شيءٍ منها وُضِع؛ فيُقال:"الإنسانُ: حيوان ناطقٌ"، ليُعلم المراد منها؛ وهذا مِمَّا زاد على "المفتاح"(7).

(1) الإحكام في أصول الأحكام: (2/ 9) وعزاه إلى أبي الحسن البصريّ. ونقله عنه الإيجي في شرحه لمختصر ابن الحاجب: (2/ 48).

(2)

الهمزة في: "أَوْ" ساقطة من: أ.

(3)

أورد السَّكاكي رحمه الله في المفتاح هذين التَّعريفين وغيرهما وعلق على قصورها بقوله: "ليتها صلحت للتّعويل"، ثم شرع في بيان المآخذ عليها؛ تعريفًا تعريفًا. ولمزيد من الإيضاح ينظر المفتاح:(164 - 165).

(4)

في أ: "تقرير". وفي ب: "وتقرير".

(5)

في ب: "ليتميّز".

(6)

في الأصل: "ما ما" بالتّكرار، ولا وجه له.

(7)

أي: قول المصنّف رحمه الله: "وتعريفاته تنبيهات

المراد" فإنّه من الفوائد التي زادَها على ما جاء في المفتاح. =

ص: 245

وكذلكَ الطلبُ (1) بأقسامِه (2)؛ فإنّ كلًّا يُميّزُ بينها، ويُوردُ كلّا (3) في موضعه، ويجيبُ عنه بِمَا يُطابقه؛ حتى الصبْيانُ (4) ومن لا يَتَأتى منه النَّظَرُ (5)؛ أي: وكذلك الطلبُ بأقسامه تَصَوّرُه ضرُوريّ -على الأصحِّ من المذاهب- (6)؛ فإن كل أحدٍ (7) حتَّى الصِّبيان ومن لا يتأتى منه النَّظرُ -كالمعاتيه (8) والمجانين- يُدركُ التَّفرقَة بِالبديهةِ بين الأقسام، ويُميِّز

= وقد تناول العلامة أبو الحسن الآمدي حقيقة الخبر وأقسامه بشيء من التفصيل متعرضًا لأقوال العلماء وحججهم؛ إيرادًا وردًّا توجيهًا ونقدًا، مشتملًا في ذلك كلّه ما أوجزه الشّارح هنا.

ولمزيد من الإيضاح حول هذه المسألة ينظر: الإحكام في أصول الأحكام: (2/ 3 - 14).

(1)

أي: تصوره ضروري.

(2)

الباء للمصاحبة، وأقسام الطلب خمسة -على ما أورده صاحب المفتاح- هي: التمني، الاستفهام، الأمر، النَّهي، النِّداء. ينظر: المفتاح: (165).

(3)

هكذا -أيضًا- في ف. وفي أ، زيادة:"منها" والسِّياق تامٌّ بدونها.

(4)

كلمة: "الصِّبيان" يجوز فيها الحركاتُ الثّلاثُ؛ النَّصب؛ على أنّ (حتّى) عاطفة على (كلا)، والجرُّ؛ على أنها جارَّة، والضمُّ؛ على أنها ابتدائيّةٌ.

وأشار بـ "الصبيان" إلى الفاقدين للكسب بحسب الطبع والوقت.

(5)

أشار بـ "من لا يتأتى منه النّظر" إلى الفاقدين للكسب بحسب العوارض؛ كالمعاتيه والمجانين -كما سيأتي-.

(6)

قوله: "على الأصحّ من المذاهب" ساقطٌ من: أ، ب.

(7)

في أ، ب:"واحد".

(8)

المعاتيه: جمع معتوه؛ وهو المدهوش من غير مسّ جنون. وقيل: المجنون، وقيل: النّاقص العقل. اللّسان: (عته): (13/ 513).

ص: 246

بينها، ويُورِدُ كُل واحد منها في موضعه؛ فيتمنَّى في مقام التَّمنّى، وينهى في موضع (1) النَّهى، وهكذا، ويُجيبُ (2) عن كل بما يُطابقه؛ وكلٌّ منها طلبٌ مخصوصٌ، والعِلم به مَسْبوقٌ بنَفْس الطلبِ.

والمصنِّفُ قلّدَ فيه (3) السَّكاكيَّ؛ لا (4) أنَّه الحقُّ عنده؛ للفَرق (5) بينَ التصوُّر والحُصول؛ فإن المُتَميِّزَ الحصول لا التَّصَوُّر؛ فيلزم كون الحصول ضروريًّا دُون التَّصوُّر؛ فلا يَتمُّ المقصودُ.

(1) في أ: "مقام" وهما -في هذا السّياق- بمعنى.

(2)

في ب: "يجيب" بدون العطف.

(3)

أي: في كون تصور الطلب بأقسامه ضروريًّا.

(4)

في ب: "إلا"؛ وهو تحريف بالزيادة.

(5)

في ب: "الفرق" ولا وجه له. وتستقيم العبارة -في هذه النّسخة- بحذف الضمير في: "أنه" فيكون السياق: "إلّا أنّ الحقّ عنده الفرق بين التّصور والحصول".

ص: 247