الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وكقوله (1):
نَضَّرَ اللهُ أَعْظُمًا دَفنوهَا
…
بِسِجِسْتَانَ (2) طَلْحَةَ (3) الطَّلَحَاتِ
فإنَّه بعضُ الظَّنِّ؛ لأنَّ الأوَّلَ بدلُ الاشتمال؛ لاشْتمالِه على القَمَر.
والثَّاني: بدلُ البعضِ الكُلِّ؛ لأنَّ طلحةَ بعضُ الأعظُم المدفونةِ بسجستان (4).
و
العطفُ
لتفصيلٍ مع اختصارٍ؛ فلما دخل عليه الواوُ؛ أي:
(1) البيتُ من الخفيف، وقائله عبيد الله بن قيس الرّقيّات، والبيت برواية المتن في ديوانه:(20)، ومعجم البلدان:(3/ 190)، وبرواية:"رحم الله" في الحيوان للجاحظ: (1/ 332)، والإنصاف:(1/ 41).
(2)
سِجِسْتَان -بكسر أوّله وثانية-: اسم لناحية كبيرة وولاية واسعة تقع بين خراسان وكرمان، وتضمّ عدّة مدن؛ أعظمها زرنج، أرضها سبخة، ورياحها لا تسكن أبدًا، وأهلها أخيار.
ينظر: تقويم البلدان؛ لعماد الدّين الأفضل: (340 - 341)، مراصد الاطلاع؛ لصفيّ الدّين البغداديّ:(2/ 694)، آثار البلاد وأخبار العباد؛ للقزويني:(201 - 202).
(3)
في ب زيادة: "من"؛ ولم ترد في المصادر النّاقلة للبيت.
وطلحة الطّلحات؛ هو: طلحة بن عبد الله الخزاعيّ؛ أحد أجواد العرب، ولّاه الأمويّون سجستان، وبها توفّي سنة 65 هـ.
ينظر: المحبّر؛ لمحمّد بن حبيب: (156)، وخزانة البغدادي:(3/ 394)، والأعلام:(1/ 226).
(4)
أرى أنّ توجيه الكرمانيّ رحمه الله للمثال الّذى ورد في البيت لبدل البعض- فيه تكلّف؛ لأَنَّ الأعظم بعض الإنسان وليس الإنسان بعض عظامه؛ كما أراد.
فلتفصيل ما دخل عليه؛ وهو الفاعل (1) -مثلًا- في قولنا: "جاء زيدٌ وعمرو". ولفظةُ "الواوُ"، فإنَّ فيه تفصيلًا للفاعل مع (2) اختصار لطيّ الفعل وحذفه من المعطُوف (3)، وليسَ فيه تفصيلٌ لصاحبه؛ أي: الفعل؛ كالمجيءِ (4) لجوازِ أن يكون مجيئُهما (5) في زمانٍ واحدَ. [ولصاحِبه مع التَّعقيب الفاء؛ أي: ولتفصيل صاحب](6) ما دخل عليه وهو الفعل -مثلًا- مع التَّعقيبِ لفظةُ "الفاء"؛ نحو: "جاء زيدٌ فعمرو"؛ فإنَّ فيه تفصيلًا للفعل؛ إذ التَّعقيبُ يقتضي تغايُرَ أزمنةِ المجئِ، واختصارً بحذف الفعل. قال سيبويه (7): المُرورُ في قول القائل: "مررتُ برجلٍ ثمَّ امرأةٍ"
(1) في الأصل زيادة: "على" والسِّياق بها لا يستقيم، وليست في بقيّة النّسخ.
(2)
في الأصل: "في "والصواب من: أ، ب.
(3)
فإنّ أصل الكلام فيه: "جاء زيدٌ، جاء عمرو".
(4)
في ب: "كما يجي"، وهو تحريف.
(5)
الضّمير يعود على "زيد وعمرو" في المثال المتقدِّم.
(6)
ما بين المعقوفتين ساقطٌ من الأصل، ومثبت من أ، ب. على أنّ الجزء الوارد ضمن كلام المصنّف موجود في ف.
(7)
هو أبو بشر؛ عمرو بن عثمان بن قنبر الفارسيّ، ثمّ البصريّ، اشتهر بلقبه "سيبويه". إمام النّحاة وحجّة العرب. أقبل على العربيّة فبرع وساد، وألّف فيها كتابه المشهور:"كتاب سيبويه". اختُلف في وفاته على أقوال أرجحها سنة 180 هـ.
ينظر في ترجمته: المعارف لابن قتيبة: (237)، أخبار النّحويّين البصريّين؛ لأبي سعيد السِّيرافيّ:(48)، طبقات النّحويّين واللّغويّين:(66 - 72)، الفهرست لابن النّديم:(57).
مرُوران (1)؛ لأَنَّهما متغايران في الزَّمانِ لا مُتّحدان فيه؛ وكذا في أخواته (2)؛ يعني: "الفاء، وحتَّى"، والمُرادُ: أنَّ تفصيلَ الفعل هو المقصود فيه؛ لأنَّ تفصيلَ الفاعلِ فيه لازمٌ.
وبِتراخٍ (3)؛ أي: ولتفصيل صاحبِ ما دخلَ عليه مع التَّراخِي كلمةُ: "ثُمَّ"؛ نحو: "جاءَ (4) زيدٌ ثمَّ عمرو". والتَّراخي على نوعين؛ فإنَّه كما يكون بحسب الزَّمانِ (5) يكونُ بحسب المرتبةِ (6).
وبتدريجٍ؛ أي: ولتفصيل صاحبه مع تدريج "حتَّى"، ويفيد (7) لِما
(1) ينظر: الكتاب: (1/ 438).
(2)
هكذا في الأصل. وفي أ، ب:"أخويه".
(3)
التّراخ: التّأخّر والمهلة.
(4)
في أ: "جاءني".
(5)
كما هو الحال في المثال المتقدِّم.
(6)
وذلك بتخريج الكلام لا على ظاهره بأن تكون مرتبة المعطوف عليه بعيدة عن مرتبة المعطوف؛ إِمَّا أعلى أو أدنى، تنزيلًا للبعد الرُّتبي منزلة البعد الزَّماني؛ نحو قوله تعالى:{فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ (11) وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ (12) فَكُّ رَقَبَةٍ (13) أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ (14) يَتِيمًا ذَا مَقْرَبَةٍ (15) أَوْ مِسْكِينًا ذَا مَتْرَبَةٍ (16) ثُمَّ كَانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا} [سورة البلد، الآيات: 11، 12، 13، 14، 15، 16، وبعض الآية 17] فقد عطف بـ {ثُمَّ} ليدلَّ على أنَّ مرتبة الإيمان أعلى من مرتبة الاطعام.
(7)
في ب: "يفيد" لما بدون العطف.
بعده قُوَّةً أَوْ ضَعْفًا نحو: "قَدِمَ الحاجُّ حتَّى المُشاة"(1)، و "مات الناسُ حتَّى الأنبياءُ"(2).
قال صاحبُ (3)"المفتاح"(4): وهو "للتَّدريج (5) كما يُنبئُ عنه قولُه (6):
(1) التّرتيب في هذا المثال من الأعلى إلى الأدنى؛ حيث إنّ المعطوف بـ "حتّى"؛ "المشاة" أضعف من المعطوف عليه؛ "الحاجّ"؛ المدلول عليه بالسِّياق أَنَّه الحاجُّ الرّاكب.
(2)
التّرتيب في هذا المثال من الأدنى إلى الأعلى؛ حيث إنّ المعطوف بـ "حتّى": "الأنبياء"؛ أقوى من المعطوف عليه "النّاس".
وكان الأَوْلَى بالشَّارح رحمه الله أن يقدّم المثال الثّاني على الأوّل، أو يقدّم قوله:"ضعفًا" على "قوة" ليلائم بين المثال والممثّل له في التّرتيب.
(3)
في أ، ب:"في"؛ بدلًا من "صاحب".
(4)
المفتاح: (191).
(5)
في الأصل: "التَّدريج" والصَّواب من: أ، ب، مصدر القول.
(6)
كذا في الأصل، ب، وإحدى روايتي المفتاح كما نصَّ عليه الشّيرازيُّ (مفتاح المفتاح: 209). وفي أ، رواية المفتاح الشهورة:"قول من قال".
والبيت من الطّويل. ونُسب إلى الحسن بن هانئ المعروف بأبي نواس، ولم أجده في ديوانه المطبوع.
والبيت برواية المتن في الإيضاح؛ شرح محمَّد عبد المنعم خفاجي: (2/ 47)، عروس الأفراح:(1/ 381). وبرواية: "فارتقى" في الإيضاح؛ شرح وتعليق عبد المتعال الصّعيديّ: (1/ 87). ولم أقف على من استشهد بهذا البيت قبل السَّكَّاكيّ من البلاغيّين.
وكُنتُ فتًى مِنْ جُندِ إِبْلِيسَ فارْتَمى
…
بِي الحَالُ حتَّى صَارَ إِبْلِيسُ مِنْ جُنْدِي"
وفيه نظرٌ، لجوازِ أَنْ يُستفاد معنى التَّدريج من خصوصيَّة المحلِّ (1).
وللإضرابِ، عطفٌ على "لتفصيل"؛ أي: العطفُ للإضراب؛ وهو صرفُ حكمِكَ عن محكومٍ له إلى آخر، "بَلْ"، نحو:"جاءني (2) زيدٌ بلْ عمرٌو"، فإنَّه صرفَ المجيءَ المثبتَ لزيدٍ عنه وأثبته لعمرو؛ نحو:"ما جاءني زيدٌ بل عمرو"، وهذا المثالُ يَحتملُ أن يصرفَ النَّفْي عن زيدٍ ويثبته لعمرو (3) حتَّى يكون جائيًا، وأن يصْرفَ النَّفْي عنه ويثْبته لعمرو حتَّى لا يكونَ جائيًا. نصَّ عليه ابنُ الحاجب (4). ولرَدِّ قالبٍ للحُكم؛ أي: مَنْ يعتقد نفيَ ما أثبته، أَوْ إثبات ما تنفيه، أوْ شاكٍّ، أي: من يعتقد أحدَ الأمرين بلا ترجيحٍ. أوْ مُعمِّمٍ، أي: مَن يعتقد أمرين معًا. "لا،
(1) قوله: "وفيه نظر؛
…
المحل" إشارة إلى أن البيت قد يحمل على الاستشهاد المعنويِّ لا اللّفظيِّ؛ إذ التّدريج فيه مستفاد من خصوصيّة المحلّ؛ لجواز أن تكون "حتّى" فيه ليست عاطفة؛ لأنّ المشهور أنّها لا تأتي في عطف الجمل، ولأنّ الجملة قبلها لا يستقلّ الكلام بها حتَّى يصحّ العطف.
ينظر: أوضح المسالك؛ (3/ 324)، توضيح النّحو:(4/ 51).
(2)
في أ: "جاء".
(3)
عبارة: "نحو: ما جاءني
…
لعمرو" ساقطة من ب، وسقوطها من انتقال النّظر.
(4)
ينظر: الإيضاح في شرح المفصّل: (2/ 214).
ولكن"؛ أي: ولردِّ (1) السَّامع عن الخطأ إلى الصَّوابِ: "لا، ولكن"؛ وذلك إمَّا ردّ من يقلبُ الحكمَ ويحكُمُ بخلافِ ما هو واقعٌ؛ كما إذا اعتقدَ أنَّ زيدًا شاعرٌ لا منجِّم؛ فيقول:"زيدٌ منجِّمٌ لا شاعرٌ"(2)، أَوْ يشكُّ أنَّ زيدًا على أحدِ الوصفين -مثلًا- من القيام والقُعودِ من غير ترجيحٍ؛ فيقول (3):"زيدٌ قائمٌ لا قاعدٌ" معيِّنًا أحدَ الطَّرفين بالتَّرجيح (4)، أَوْ يُعمِّمُ (5) الحكمَ فيعتقده شاعرًا ومنجِّمًا؟ فيقول:"زيدٌ شاعرٌ لا منجِّمٌ"(6).
وفي كتاب "المفتاح": وإن لم يذكُرْ مسألةَ الشَّاكِّ في بابِ العطفِ (7)، لكن ذكره في باب القَصْر (8).
هذا حكمُ "لا" وهو لا يُستعملُ إلَّا بعد الإثبات.
وأمَّا "لكن" فلم يَذكر في "باب العطْف" إلَّا مثال القَلْبِ، وفي "باب القصْر" لَمْ يتعرَّضْ لشيءٍ له أصلًا.
(1) في الأصل. "وكردّ" وهو تحريف، والصَّواب من: أ، ب.
(2)
ويُسمّى: قصرَ قلبٍ.
(3)
في ب زيادةٌ بتكرار العبارة المتقدِّمة: "زيدٌ منجّم
…
أن زيدًا" وهي من انتقال النّظر.
(4)
ويُسمّى: قصرَ تعيينٍ.
(5)
في الأصل: "معمّم". والمثبت من: أ، ب. وهو المناسب للمثالين السّابقين قبله.
(6)
ويُسمّى: قصر إفراد.
(7)
ص: (191).
(8)
ينظر: ص: (293).
والظَّاهرُ تساويهما في الثَّلاثة (1)، اللَّهُمَّ إلَّا أن يقال: الاسْتداركُ استئنافُ كلامٍ بعد كلامٍ، فالمُناسبُ أن يكونَ في اعتقاد السَّامع -أيضًا- كلامانِ ليتطابقا، وهذا صادقٌ في القلبِ؛ لأَنَّ في التَّعميم والشَّكّ ليس كلامان، بل حكم واحد، وأمّا أمتلتُه فتكونُ عكسَ أمثلة "لا" لأنَّها لازمةٌ للنَّفْيِ (2).
وللتَّشكيك أَوْ الشَّكّ (3)"أوْ، وإمّا"، نحو:"جاءني زيدٌ أَوْ عمرو"، و "إمَّا زيدٌ وإمَّا عمرو"، فإنَّه يُحتمل أن يُستعملَ في الشَّكّ؛ [وذلك](4) إذا كان المُتكلِّمُ جاهلًا بالتَّعيين، ويُحتملُ أن يُستعملَ في التَّشكيك، وذلك إذا كان المُتكلِّمُ عالمًا به ويُريد (5) تشكيك (6) المخاطَب.
(1) في ب زيادة: "في القصر والتَّشكيك والتَّعميم" وظاهر أنَّ لفظة "القصر" محرّفة عن "القلب"؛ فهي القسيم المناسب للقسمين الآخرين: "التّشكيك والتّعميم؛ ناهيك عن أنّ هذه الأقسام الثّلاثة أقسام للقصر باعتبار اعتقاد المخاطب وليست قسيمة له؛ كما تنبئ عن ذلك اللّفظة المحرّفة.
(2)
فتقول لردِّ من يقلب الحكم ويحكم بخلاف الواقع؛ كما إذا أعتقد أنَّ زيدًا منجّم لا شاعر: "ما زيد منجّم لكن شاعر".
وتقول لمن يشكّ أنّ زيدًا على أحد الوصفين من القيام والقعود من غير ترجيح: "ما زيد قائم لكن قاعد". معيّنًا أحد الطّرفين بالتّرجيح.
وتقول لمن يُعمّم الحكم ويعتقد أنّ زيدًا شاعر ومنّجم: ما زيد منجّم لكن شاعر.
(3)
هكذا في الأصل، ب. وفي أ:"للشَّكّ" والكلمة ساقطة من ف.
(4)
ما بين المعقوفتين ساقطٌ من الأصل. ومثبت من أ، ب. وهو الموافق لنظيره بعده.
(5)
في أزيادة "به" والمعنى تامٌّ بدونها.
(6)
في ب: "التَّشكيك" ولا تستقيم مع ما بعدها.
قال: (وللتَّفسير: "أي" عندي)؛ أي: قال صاحبُ "المفتاح": والعطفُ قد يكونُ للتَّفسيرِ؛ كما في قولك: "جاءني أخوك؛ أي: زيدٌ"؛ فإنَّه حرْفُ عطف للتَّفسير عندي (1)؛ لصِدْقِ الحَدِّ الَّذي حُدَّ له (2) عليه؛ وهو إتْباع الثَّاني الأوَّل في الإعراب بتوسُّطِ حرْفٍ (3).
وإذ (4) لَمْ يَرْتَضِ المُصَنِّفُ ذلك؛ لأنَّه يقتضي المُشاركةَ في الحكمِ والنِّسبةِ ولا يكفي فيه مُجرَّدُ شركة الإعراب -قال: "قال" ولا تشاحَّ (5) في الاصطلاح.
(1) ينظر ص: (191).
(2)
الضَّمير في "له" عائدٌ إلى حرف العطف قَبْلَه.
(3)
عبارة: "لصدق الحدِّ
…
في الإعراب" ساقطة من ب. وينظر "حدّ العطف" في الإيضاح في شرح المفصّل؛ لابن الحاجب: (1/ 454)، وشرح ابن عقيل:(2/ 206)، وشرح قطر النّدى وبلّ الصّدى:(259).
(4)
في أ: "وإذا".
(5)
لا تشاحّ: لا منازعة. ينظر: اللِّسان: (شحح): (2/ 495).