الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تَذْنِيب
(*):
قدْ يقعُ المعرفةُ (1) مُسندًا؛ وذلك إذا كان المُسندُ مشخَّصًا (2) عند السَّامع، مَعْلُومًا له بإحدى (3) طُرقِ التَّعريف. وكَوْنُه معلومًا مُعَيَّنًا عند السَّامع (4) لا يمنعُ كونَ الخبرِ مُفِيدًا، إذ قدْ يُقصدُ به لازمُ الفائدة، أَوْ الفائدة بأَنْ يكون السَّامعُ عَلِم ذاتين بصفتين، ثُمَّ يَشُكُّ في إحداهما؛ أهي الأخرى أم لا؟؛ فينفي عنه ذلك الشَّكّ.
قوله: "وكونه مَعْلومًا مَعيَّنًا لا يَمْنع" جوابٌ وسؤالٌ.
تقديرُ (5) السُّؤالِ: إنَّه إذا كانَ مُشَخَّصًا عنده (6) معلومًا له يكونُ المسندُ إليه لا مَحَالة -أيضًا- مَعْلُومًا له (7)؛ لأنَّ كون
(*) التَّذنيبُ: جَعْلُ الشَّيءِ ذَنَبًا، أَوْ ذنابة؛ بمعنى: تابعًا له، أو عقبًا على إثره.
ينظر: اللِّسان: (ذنب): (1/ 389) والمراد أَنَّ ما سيأتي متعلِّقٌ بمباحث التَّعريف؛ متمّم له.
(1)
قول المصنّف: "قد يقع المعرفة" ورد ضمن كلام الشَّارح في الأصل.
(2)
في أ، ب:"متشخصًا".
(3)
في أ: "بأحد".
(4)
قول الشَّارح: "عند السَّامع" ورد ضمن كلام المصنِّف في الأصل، أ، ب. ولم يرد في ف، وعدم إثباته ضمن كلام المصنِّف هو الأنسب؛ لمقام الاختصار.
(5)
في ب: "تقرير".
(6)
في أ: "عند السَّامع".
(7)
عبارة: "يكون السند معلومًا له" ساقطة من: أ. واستُدرك السَّقطُ بخطٍّ مغايرٍ في حاشية (أ) بعبارة: "تعيّن أن يكون السند إليه معلومًا مُعيّنًا مُشخصًا".
المسند إليه نكرة والمسند معرفة ليس في كلام العربِ. وإذا كانا معلومين فماذا يستفيدُ من ذلك الخبرِ؟.
وتقديرُ (1) الجوابِ: إِنَّه قد يَسْتفيدُ إِمَّا فائدة لازم الخبرِ (2)؛ كما في قولك لمن أثنى عليك بالغيبِ: "الَّذي أثنى عليَّ بالغيبِ أنت"؛ مُعَرِّفًا له أنّكَ عالمٌ بذلك، وإِمَّا نَفْس فائدةِ الخبرِ؛ وذلك فيما إذا كان السَّامعُ عَلِمَ ذَاتين بِصِفَتين، ثُمَّ يَشُكُّ في إِحْداهما وهي ما يَجْعله مسندًا، أَهي الأخرى أَمْ لا؟؛ فيُريد المُتَكلِّمُ أن يَنْفِي عنه ذَلك الشَّكَّ (3)، ويُخْبره بأنَّ ذلك الشَّيءَ مُتَّصفٌ بالأُخرى؛ فيورد اللَّفظ الدَّال على الأُولى مُسْندًا إليه، واللَّفظ الدَّال على الثَّانية (4) مُسْندًا، فيَسْتَفِيد السَّامعُ من ذلك ما كان يُخْبره له (5) من اتِّصافِ ذلك الشَّيء بالثَّانية (6)؛ كما في قَوْلك لمن يعرف
(1) في ب: "وتقرير".
(2)
هكذا في الأصل بتقديم "فائدة" على "لازم"، ولا مانع؛ لأنَّ لازم الخبر فائدةٌ؛ كما قرَّر ذلك البلاغيّون، بل إن هذا التَّقديم -في نظري- هو الأولى، وبخاصّة في هذا المقام؛ لأنّه وقع في إجابة سؤال يستفهم عن الفائدة؛ فناسب تصدير الإجابة بتقديمها؛ إذ قال: "إنه قد يستفيد إمّا فائدة لازم الخبر
…
وإِمَّا نفس فائدة الخبر". وفي أ، ب: "لازم فائدة الخبر".
(3)
في ب: "الخبر".
(4)
في أ: "الثَّاني" وهو تحريف بالنَّقص.
(5)
في أ: "به".
(6)
في الأصل: "الثَّاني" وهو تحريف بالنَّقص. والمراد اتِّصافه بالصّفة الثَّانية.
أنَّ له أخًا، ويعرف أنَّ (1) إِنسانًا يُسمَّى زيدًا؛ ولكن (2) لا يعرف أنَّ ذلك الإنسانَ هو أَخُوه:"زيدٌ أَخُوك، أَوْ أخُوك زيدٌ"(3).
والحاصلُ (4): أنَّ العلمَ بالطَّرفينِ غيرُ العلم بالنِّسبة والحَمْل، ثمَّ لا يُقَدَّمُ فيما نحنُ فيه ما تَقَدَّمَ بسلامة الأمير (5)؛ أي: جُزافًا (6) من غير عِلَّةٍ حتَّى يكون مُخَيَّرًا في التَّقديم والتَّأخير كيف اتَّفق؛ بل لا بُدَّ أن يكون التَّقديمُ لعِلَّةٍ على حسب ما يقتضيه المقامُ. فيُقدَّم في مسألةِ الأخ
(1)"أنَّ" ساقطة من أ، ب.
(2)
في ب: "لكن" بدون الواو.
(3)
لمزيد من الإيضاح حول هذه القضيّة يراجع المفتاح ص (212 - 216).
(4)
في ب: "فالحاصل".
(5)
في الأصل: "الأمر" والصَّواب من: أ، ب، المفتاح.
وقوله: "بسلامة الأمير" مقْتبسٌ من كلام السَّكَّاكيّ: (المفتاح: 213) ولعلّه أوّل من أورده في مصنّف، إذ لم أقف عليه في المصنّفات السّابقة له.
وفي بيان معناه يقول الشِّيرازيّ في شرحه للمفتاح: (324): "هذا مثَلٌ يُضرب في العمل لا معنى له".
كما يقول الشَّريف الجرجانيّ في شرحه للمفتاح -أيضًا - (232): "وهذا مثل في المعجم، فإنّ الغلمة من الخدم يأخذون من السّوقة أشياء، ويتمسّكون في ذلك بسلامة الأمير".
(6)
جزافًا: كلمة فارسيّة معرّبة من الجزف، وهو المجهول القدر. ينظر: اللّسان: (جزف): (9/ 27).
والمراد: عدم أخذ الأمر بالمساهلة.
وزيدٍ -مثلًا- ما يُرادُ الحُكْم عليه، ونَفْي شكِّ ثبوت الآخر لَه (1) عنه؛ فتقولُ لمن يعرفُ زيدًا بعينه وباسمه، لكن لا يعرف أنَّه أخُوه، وهو كالطَّالب حكمًا له، وكان معتقدًا أنَّ له أخًا لكن لا يعلمُه على التَّعيين:"زيدٌ أخوكَ"، على ما يتصوَّرُه من السَّامعِ من كونه طالِبًا للحُكْمِ على زيدٍ، وكذا عكسه؛ تقول لمن يعتقد أنَّ أخًا لنفسه؛ لكن لا يعرفه على التَّعيين، وهو كالطَّالب منك الحُكم على أخيه بالتَّعين:"أخوك زيدٌ"، فيورد الحكم على ما يتصوَّره من السَّامع.
وبهذا يُعلم الفرْقُ بين "زيد أخوك" و "أخوك زيد"(2)؛ فظهر الفرْقُ بهذا بين العبارتين فإنّه لأيّ شيء في الأوَّل، الحكم على زيد بالأَخ، وفي الثَّاني بالعكس. ويُعرفُ معنى قول النُّحاة:"المقدَّمُ من المعرفتين هو المبتدأ"(3)؛ لأنَّك تجعل المشكُوك في ثبوته للآخر (4) مُسندًا فتُؤخّره، والآخر مُسندًا إليه فتُقَدِّمه (5)، معَ أنَّه؛ [أي: مع أنَّ الخبر
(1) في أزيادة: "ونفيه" والسِّياق مستقيم بدونها؛ إذ المراد نفي الشّكّ الثّابت للآخر عنه.
(2)
هكذا -أيضًا- في ف. وفي أ: "بين (أخوك زيد)، (وزيد أخوك) ".
(3)
ينظر على سبيل المثال: شرح ابن عقيل: (1/ 217)، مغني اللّبيب:(589).
(4)
في الأصل: "الآخر" وهو تحريف بالنَّقص، والصَّواب من: أ، ب.
(5)
يوحي قول المصنِّف: "ويعرف معنى
…
" وتعقيب الشَّارح بعده بقوله: "لأنّك تجعل
…
فتقدّمه"؛ يوحي باتّفاق البلاغيّين والنّحاة على العلَّة الموجبة للتّقديم.
والحقُّ أنّها مثار اختلاف بينهما؛ فالبلاغيّون يعلّلون بمطابقة الكلام لمقتضى الحال، والنَّحويّون يعلّلون بأمور لفطة؛ منها؛ دفع الالتباس. فالنّتيجة وإن اتّحدت إلا أن =
المعرف باللَّام] (1) إذا أُريدَ به الحقيقة أفاد حصرها في المبتدأ، أي: كونه مَعْلومًا لا يمنع كونِ الخبر مُفيدًا (2). إذ قد يُقْصَدُ به لازم الفائدةِ، أَوْ الفائدة نفسها؛ مع أنَّه قد يُقْصدُ به فائدة أُخرى هي (3): الحصر (4)؛ وهو إذا كان اللَّامُ (5) للتَّعريف وأُريد به (6) الحقيقة والجنس؛ فإنَّكَ إذا قلت: "زيدٌ المنطلق"؛ وأَردتَّ حقيقة المنطلق أفادَ حصر الانطلاق في زيدٍ؛ لأنَّ حقيقةَ المنطلق -حينئذٍ- هو زيد؛ فلا (7) يكون غيره منطلقًا.
قال السَّكَّاكيُّ: "زيدٌ المنطلق"، و "المنطلقُ زيدٌ"، كلا العبارتين تستلزمُ انحصار الانطلاق في زيدٍ (8). وعبارةُ الأُسْتاذ تُشعرُ بخلافِهِ.
وأيضًا: بنَى السَّكَّاكيُّ الحصرَ على الاستغراق؛ فإنَّه بعدما ذَكَر أنَّ المقامَ إذا كان خطابيًّا، مثل:"المؤمِنُ غِرٌّ كَرِيمٌ"(9) حُمل على
= الطّريق إليها مختلف.
(1)
ما بين المعقوفتين غير موجود في الأصل. ومثبت من أ، ب. وبه يتّضح المعنى.
(2)
في الأصل: "مفيد". والصَّواب من: أ، ب.
(3)
في أ: "وهي".
(4)
أي: قصر الخبر على المبتدأ بحيث لا يتجاوزه إلى غيره؛ حقيقة أو ادّعاء.
(5)
في ب: "باللّام"؛ وهو تحريف بالزّيادة.
(6)
في ب: زيادة "حصر"، والسِّياق يرفضها.
(7)
في ب: "ولا".
(8)
ينظر: المفتاح: (216).
(9)
حديثٌ أخرجه أبو داود في سننه: (5/ 144)، والترمذي في جامعه:(4/ 303)، والإمام أحمد في مسنده:(2/ 294). وتمامُه: "والفاجِرُ خِبٌّ لئيم". وقال عنه =