الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تذنيبٌ:
ومن هذا القبيلِ (1):
وضعُ الماضي موضعَ المظارع؛ أي: من قبيلِ ما عُدلَ فيه عن مُقتضى الظَّاهر: وضعُ الفعلِ الماضى (2) موضعَ الفعلِ المضارع (3) للتَّحقيق والتَّوكيدِ؛ نحو: {وَنَادَى أَصْحَابُ الْجَنَّةِ} (4) فإنّه كان مُقتضى الظَّاهرِ أن يُقال: "ويُنادى"؛ لأَنَّه في القيامةِ؛ لكنَّهُ عدلَ إلى الماضي بيانًا لتحقُّقه وتوكيدًا؛ لأنَّ (5) هذا النِّداءَ ضروريُّ الوقوعِ.
(1) القبيل: الجماعةُ من النّاس يكونون من الثلاثة فصاعدًا من قوم شتّى، كالزّنج والرّوم والعرب. اللِّسان:(قبل): (11/ 541. ويبدو أنَّ أول من استعمل هذه اللّفظة في العلوم للإشارة إلى المباحث المتشابهة هم النّحويّون؛ حيث استعملها "سيبويه في الجمع والتّصغير وغيرهما من الأبواب المتشابهة". المصدر السّابق: (قبل): (11/ 541.
وإنّما قال: "ومن هذا القبيل"، ولم يقل:"ومنه"؛ لأنّ ما قبله كان من باب وضع الظّاهر موضع المضمر وعكسه، وهذا من باب وضع الفعل الماضى موضع المضارع وعكسه؛ فاختلفا.
(2)
كلمة: "الماضي ساقطةٌ في ب.
(3)
في أ: "المستقبل" وظاهر أنّه قابل المستقبل بالماضي.
(4)
سورة الأعراف؛ من الآية: 44.
(5)
في ب: "لا أن" وهو خطأٌ ظاهرٌ يعكس المراد.
فالحاصلُ: أنَّ ما هو للوقوع أخذه كالواقع لتحقُّقِ وقوعهِ.
والحاضرُ؛ أي: ومن هذا القبيلِ وضعُ (1) الحاضرِ موضعَ (2) الماضي؛ لإيهام المُشاهدةِ؛ مشاهدةِ تلكَ الحالةِ واستحضارها في ذهن المُخاطَب.
كما قال الشَّاعر؛ أي: كما فعلَ تأَبَّط شرًّا (3) في قوله (4):
(1) في أ، ب؛ زيادة:"الفعل".
(2)
في ب زيادة: "الفعل" ضمن كلام المصنّف، وليست في ف.
(3)
هو أبو زهير؛ ثابت بن جابر بن سفيان، ولقّب بـ "تأبّط شرًّا" لأنّه أخذ سيفًا ووضعه تحت إبطه فلما سُئلت أمُّه عنه؛ قالت: تأبّط شرًّا وخرج. شاعرٌ جاهليّ صعلوك من فتّاك العرب في الجاهلية. سكن تهامة، وقُتل في بلادِ هذيلٍ قبل الهجرة بثمانين سنة تقريبًا.
ينظر في ترجمته: المحبّر؛ لابن حبيب: (196)، والمبهج في تفسير أسماء شعراء الحماسة؛ لابن جنِيّ:(17)، وسمط اللآلي في شرح أمالي القالي؛ للبكريّ:(1/ 158 - 159)، وخزانة الأدب:(1/ 66).
(4)
البيتان من الوافر، وهما برواية "وإنّي" في شعره:(173 - 174)، وإليه نسبا بنفس الرواية في الأغاني:(11/ 87)، وبرواية المتن في المثل السّائر؛ لابن الأثير:(2/ 183). ووردا في الحماسة البصرية: (2/ 397 - 398) ضمن مجموعة أبيات منسوبة إلى أبي البلاد الطَّهوي برواية:
لقيتُ الغُولَ تَسْرِي في ظَلامٍ
…
بسهبٍ كالصَّحيفةِ صَحْصَان
فَقَد سراتها والبركَ مِنْها
…
فَخَرَّتْ لليدينِ وللجِرانِ
ونسبهما البغدادي في الخزانة: (6/ 438) لأبي الغول الطهويّ.
وقد استشْهد بهما في المفتاح: (247)، والمصباح:(57)، =
بأنِّي قَدْ لَقِيتُ الغُولَ تَهْوي
…
بسَهْبٍ (1) كالصَّحِيفةِ صَحْصَحان
فَأَضْرِبها بلا دهَشٍ فَخرَّتْ
…
صَرِيعًا لِلْيَدَيْنِ وللجِرانِ
وكان مُقتضَى الظَّاهرِ: "فَضَربْتُها"، لكِنّه عَدلَ إلى الحاضرِ قَصْدًا أَنْ يُصوِّرَ لقومه الحالة الَّتي تشجَّعَ فيها بضربِ الغُولِ، كأنَّه يُبَصِّرُهم إيَّاها -أي: تلكَ الحالة- ويُطْلعُهم على كُنْهِهَا، ويتطلَّبُ منهم مُشَاهَدَتها؛ تعجيبًا من جُرْأته على كلِّ هَوْلٍ، وثباتِهِ عند كُلِّ شِدَّةٍ.
والسَّهبُ -بالسِّين والصَّاد المهملتين-: الفلاةُ.
والصَّحْصَحَانُ: المُسْتوي (2)، أي: بفلاةٍ كالقِرطاسِ مستويةٍ.
لليدين؛ أي: على اليدين.
والجرانُ: مقدَّمُ عنقِ البعيرِ من مَذْبحه إلى مَنْحَره.
= والإيضاح: (2/ 127)، والتّبيان:(262 - 263).
(1)
أغلب المصادر النّاقلة لهذا البيت روته هكذا: "بسهب" ومن المصادر البلاغيّة، المفتاح، والمصباح، والتبيان، والإيضاح (تحقيق خفاجي) وسيأتي -في كلام الشَّارح- أَنَّهما تُنْطقان بالسِّين والصَّاد.
(2)
في ب: "أي: مُستوى". وبإيراد "أي" ثانية في أوّل الجملة بعدها يضطرب السّياق.