الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وعليه فإن تدخّله بالجملة السّابقة أوقع في فهم خلاف المراد.
وكان الأَوْلَى -إن كان لا بدّ متدخّلًا- أن يقول: "كما حكاه السَّكاكيّ".
ج / خطؤه في نقل بيت شعريّ دون أن يكون ما أورده رواية ذُكرت له. والبيت مشهور عند البلاغيّين. استشهد به الإمام عبد القاهر ومن جاء بعده بما فيهم السَّكاكيّ عمدة المختصر والشّرح. وهو (1):
"وقال: إني في الهوى كاذب انتقم الله من الكاذب".
أَمَّا خطؤه فيه فقد وقع في أوّل البيت؛ حيث قال: "قد قال"، ولم أقف على مصدر متقدّم أَوْ متأخّر أورده بهذا النّقل. وقد يقول معترض: ربّما وقع هذا الخطأ من النّاسخ دون المؤلّف!! فأقول: قد يكون، وربّما كان الأمر كذلك!!، إلّا أنّ جميع نسخ الكتاب على هذا النّقل، الأمر الَّذي يقوّي أن يكون من المؤلّف. والله أعلم.
3 - خطأ علمي:
وتحقّق هذا الخطأ عندما فهم الشّارح من كلام المصنّف ما لم يقصده، فحمّل كلامه ما لا يحتمل؛ وقد يبدو هذا الخطأ واردًا بل ربّما وقع فيه كلّ من يقرأ المختصر إلّا أنَّنا لم ننتظره من الكرمانيّ بالذّات فهو أقرب الناس إلى شيخه وأعرف التّلاميذ بكلامه ومراده، فكيف فاته ألّا يميّز بين كلام شيخه وكلام غيره!!
(1) ص (539) قسم التّحقيق.
ولنتبيّن الأمر بجلاء أسوق من الكتاب النصّ الآتي (1):
"قال الرّبعيّ، أي: عليُّ بن عيسى الرّبعي نحويُّ بغداد: (إنّ) للتَّحقيق، أي كلمة إنّ للتّحقيق ولتأكيد إثبات المسند للمسند إليه و (ما) مؤكّدة؛ لا نافية كما قال من لا خبرة له بالنّحو؛ قيل عرّض به للإمام الرَّازي
…
".
أقول: الظّاهرُ المتبادرُ إلى الذّهن من هذا النّصّ أنّ قول الرّبعيّ يمتدّ -فيما ساقه المصنّف- إلى نهاية الجملة؛ أي: "
…
من لا خبرة له بالنّحو" وهو ما تبادرَ إلى ذهنِ الشَّارع؛ بدليل قوله فيما بعد (2): "وقال الربعيّ: إنّها قول من لا خبرة له بالنّحو
…
" فقد فهم أنّ الجملة السّابقة كلّها مقول للرّبعي؛ لكن الحقيقة تبدو بالرّجوع إلى "المفتاح" وشروحه خلاف ما تبادر؛ فحملة "وما مؤكّده؛ لا نافية؛ كما قال من لا خبرة له بالنّحو" ليست من كلام الرّبعيّ؛ كما ظنّ الكرمانيّ، وإنّما هي من الإيجيّ يحكيها عن السَّكاكيّ الَّذي علَّق عليها في "المفتاح" بقوله (3): "ثم اتّصلت بها [أي: بـ "إنّ"] ما الموكّدة لا النّافية على ما يظنّه من لا وقوف له بعلم النّحو"؛ وقد أبان شرّاح المفتاح (4)؛ بل الكرمانيّ عقب الجملة
(1) ص: (500) قسم التّحقيق.
(2)
ص (502) قسم التّحقيق.
(3)
مفتاح العلوم: (291).
(4)
ينظر شرح الشّيرازيّ: (689)، شرح الجرجانيّ:(511).