الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تنبيه:
ما في هذا التَّنبيه من الفوائد مِمَّا (1) زادها على الأصل؛ وهي فوائد شريفةٌ مُهمّةٌ لا بدَّ (2) من معرفتها.
التَّعريفُ (3): يقصد به مُعيَّن عند السامع من حيثُ هو مُعيَّنٌ؛ كأنه؛ أي: كأن التَّعريفَ إشارةٌ إليه؛ أي: إلى ذلك المُعَيَّن بِذَلك الاعتبار؛ أي: باعتبار أنه مُعيّن عنده.
وأمّا النَّكرة (4): فيُقصدُ بها (5) التفاتُ النَّفسِ إلى المعيَّنِ من حيثُ هو؛ مِنْ غيرِ أَنْ يكون في اللَّفظِ مُلاحظة تَعيُّن، وإن كان لا يكونُ إلَّا معيَّنًا، فإن الفهمَ موقوفٌ على العلم بوضع اللَّفظِ له؛ أي: للمعنى الذي هو مُفادٌ من اللفظ؛ وذَلك؛ أي: العِلْم بالوضع إنَّما يكونُ بعد
= وإلا فعنده رأي آخر. ولم يفصح أنَّه أفاد هذه المعلومة من الكرمانيّ صراحة؛ وإنّما ذكر أن ناقلها عن الإيجي بعضُ تلاميذه. ثم علّق على الرأي المنقول بقوله (شرح الفوائد الغياثية: 52): "أقول: إني أستبعد صدور مثل هذا الكلام عن المصنّف؛ كيف وغرض السَّكاكيّ ليس إلا التّنظير بزيادة الفائدة مع زيادة خصوص الخبر؛ وإن لم يكن من قبيل التَّعريف والتَّنكير، وما ذكر إنّما ويردُ لو أراد السَّكاكيّ التَّمثيل. وكلامه ظاهر؛ والله أعلم".
(1)
في الأَصل: "ما" وهو تحريف بالنَّقص، والصّواب من: أ، ب.
(2)
في أ "فلا بدّ".
(3)
في أزيادة: "قد" ضمن كلام المصنّف؛ وليست في ف.
(4)
هكذا -أيضًا- في ف. وفي أ: "التّنكير".
(5)
هكذا -أيضًا- في ف. وفي أ: "به".
تصوُّره (1) ذلك المعنى، وتميّزه عنده عَمَّا عداه؛ لكنَّه لا يلاحظ في اللَّفظِ أنَّه مُعيَّن.
والحاصل: أَن الخطابَ لا يكون إلَّا بما يَكون مَعلومًا للمخاطب ومتصوَّرًا له، سواءٌ كان اللَّفظُ نكرةً أو معرفةً، لكن الفرْق: أن في لفظ المعرفة إشارةً إلى أنَّه يعرفة السَّامع دون المُنكّر (2)، فإذا قلتَ: ضربَ الرَّجلُ؛ فكأنك قلتَ: ضربَ الرَّجلُ الذي تعرفُه؛ [ففي اللفظ إشارةٌ إلى أنَّه يعرفه](3) بخلاف النّكرة (4).
وبهذا يُعرف الفرق بين أسد والأسدِ مُرادًا به الحقيقة، أي: إذا أُريد بالأسدِ الماهيَّة التي يُعبَّر عنها بالجنسِ في عُرفِ النُّحاةِ لا العهد والاستغراق (5)،
(1) في أزيادة: "أي" والسِّياق تامّ بدونها.
(2)
في أ: "النكرة".
(3)
ما بين المعقوفتين غير موجود في الأَصل. ومثبتٌ كان أ، ب.
(4)
فإذا قلت: "ضرب رجلٌ"؛ فليس فيه إشارة إلى رجل معيّنٍ عند السّامع، بل الإشارة إلى حقيقة الرَّجل المعلومة للمخاطب مع قطع النَّظر عن التّعيين والمعلومية.
(5)
في ب: "أو الاستغراق" بالعطف بـ " أو"، وقد ذكر النّحويّون أنّ "الْ" المعرفة نوعان: عهديَّة وجنسيَّة:
أَمَّا العهديّةُ فهي الّتي تدلّ على تعريف شيء معهود للمخاطب، ومثالها قوله تعالى:{كَمَا أَرْسَلْنَا إِلَى فِرْعَوْنَ رَسُولًا (15) فَعَصَى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ} [سورة المزّمّل: بعض الآية 15 وبعض الآية 16]. والعهد ثلاثة أنواع: ذكريّ -كما هو الشّأن في المثال المتقدّم-، وذهنيّ، وحضوريّ. =
ويعرفُ أن مُؤدَّاهما (1)؛ أي: معنى الأسد وأسد (2) بالحقيقة واحدٌ؛ وهو الماهية المعيَّنة (3) المعلومةُ للسَّامِع، وإِنَّما يختلف الاعتبارُ؛ وهو أَن في المعرفة إشارةً إلى تعيُّنه عند السَّامع، وفي النَّكرة لا إشارة إليه؛ ولذلك؛ أي: ولاتّحادِ المؤدَّى وعدمِ اختلافه إلّا بالاعتبار حكم النُّحَاةُ بتقارُبهما؛ أي: بِتقارُبِ المعرَّف باللام للحقيقة- لا لغيرها، من الاستغراقِ، أو العهد والنَّكرة (4)؛ وجُوِّز؛ أي: ولذلك جُوِّز وصف
= أَمَّا الجنسية فهي نوعان:
الأولى: لاستغراق الجنسي، وهي التي تفيد الشّمولَ والإحاطةَ لجميع أفراد الجنس، ومثالها قوله تعالى:{إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ} [سورة العصر: الآية 2].
والثانية: لتعريف الحقيقة؛ أي: حقيقة الجنس بقطع النظر عن أفراده؛ مثل قولك: الرَّجل خير من المرأة؛ أي: حقيقة الرَّجل خير من حقيقة المرأة بقطع النظر عن الأفراد. توضيح النَّحو؛ شرح ابن عقيل، د. عبد العزيز فاخر (1/ 176 - 177).
بتصرّف. وينظر: مغني اللبيب لابن هشام: (72 - 73).
وهذا النَّوع هو مراد المصنف رحمه الله بقوله: "والأسد مرادًا به الحقيقة"، والنَّوعان الآخران هما اللَّذان أشار إليهما الشَّارح رحمه الله بقوله:"لا العهد والاستغراق".
(1)
مؤدّاهما: أي: موصلهما؛ من أدَّى الشيءَ؛ إذا: أوْصَله. والاسم الأداء. ينظر: اللّسان: (أدا): (14/ 26).
(2)
في أ: "أسد والأسد".
(3)
في أ: "المقيّدة".
(4)
هذا هو الدَّليل الأوَّل على أن مؤدّى أسد والأسد مُرادًا به الحقيقة واحد؛ وبيانه أنّ علماء النّحو حكموا بتقارب اسم الجنس المنكر والمعرّف بتعريف =
المعرَّف هذا (1) التَّعريف؛ وهو تعريفُ الحقيقة بالنَّكرة؛ كما في قوله -تعالى-: {غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ} (2)؛ فإِن {غَيْرِ} نَكِرةٌ وصفَ بها المعرفة؛ وهو قوله -تعالى-: {صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ} (3). ولوْ قِيلَ: إن لفظ {غَيْرِ} بإضافته إلى أحد الضِّدَّين؛ -لأن المغضوبَ عليه ضِدُّ المنعم عليه- صار معرفةً، أو إن (4) تعريف الّذين أنعمت ليس من التَّعريف الذي فيه البحث- فبَعد التَّسليم الأمرُ فيه سَهْلٌ؛ لأن التَّمثيلَ للتَّفهيم لا للتَّحقيق (5).
= الجنس.
وعاملوهما معاملة واحدة؛ فلم يفرّقوا بين ضرب الضّرب وضرب ضربًا. وقالوا المصدر في كليهما للتَّأكيد والدّلالة فيهما على حقيقة الضرب من غير أمر زائد من النَّوعية والعدد وغير ذلك.
ينظر: الكتاب؛ لسيبويه: (1/ 231)، الأصول لابن السِّراج:(1/ 160)، الإيضاح العضدي لابن علي الفارسي:(1/ 193 - 194).
(1)
هكذا -أيضًا- في ف. وفي: أ، ب:"هذا".
(2)
سورة الفاتحة: من الآية: 7.
(3)
هذا هو الدَّليل الثاني الذي استدلّ به المصنِّف على أن مؤدّى أسد والأسد مرادًا به الحقيقة واحد. وبيانه ظاهرٌ في كلام الشَّارح.
(4)
في ب: "لأن".
(5)
ولأجل هذين الاعتراضين المتّجهين وغيرهما قدم المصنِّف بقوله: "وجُوِّز".
ولذلك قيل (1) -أيضًا- في قَوله (2):
وَلَقَدْ أَمُرُّ عَلَى اللّئِيمِ يَسبُّنِي
…
فَمَضيتُ ثُمَّتَ (3) قُلْتُ: لا يَعْنِينِي
(1) في الأَصل، ب:"وقيل ولذلك قيل" والمثبت من: أ. لكونه أخصر لفظًا وأسرع معنى؛ كما أنه هو الموافق لصنيع الشَّارح في مواضع مشابهة لهذا الموضع.
(2)
البيتُ من الكامل. وقد اختلفت المصادر النَّاقلة له روايةً ونسبة؛ حيث ورد هذه الرواية (المتن) منسوبا إلى رجل من بني سلول في الكتاب لسيبويه: (3/ 24)، والخصائص؛ لابن جنِيّ:(3/ 330)، وأمالي ابن الشجريّ:(2/ 203)، وخزانة الأدب ولب لباب لسان العرب؛ للبغداديّ:(1/ 357)، وشرح شواهد المغني:(107)، وشرح الأشمونيّ:(1/ 84).
وبها -أيضًا- منسوبًا إلى عميرة بن جابر الحنفيّ في عروس الأفراح: (1/ 325).
وبها بدون نسبة في دلائل الإعجاز: (206).
وبرواية: "وَلَقَدْ مَرَرْت عَلَى اللئِيمِ
…
" منسوبًا إلى شِمْر بن عمر الحنفيّ في الأصمعيّات: ص: (126) قطعة: (38).
وبرواية: "وَلَقَدْ
…
فأجوز ثم أَقُولُ: لا يعنيي" بدون نسبةٍ في الكامل للمبرّد: (3/ 80).
وبرواية: "وَلَقَدْ
…
فَمَضَيْت عنه، وقُلتُ لا يَعْنيني" منسوبًا إلى عميرة (المتقدّم) في حماسة البحتريّ:(171)، وبدون نسبةٍ في تفسير الطّبريّ:(2/ 351).
والشّاهد فيه: قوله: "اللّئيم يَسبُّني"؛ حيث وصف المعرّف بأل (اللّئيم) بالنَّكرة (يَسُبُّني) لكونه أريد به حقيقة الجِنْس.
(3)
هي "ثم" العاطفة، والعرب تزيد التّاء في آخرها فتختصّ بعطف الجُمل. ينظر: =
إن "يَسُبُّني" صفةٌ للئيم لا حال؛ لوجوبِ كون ذي الحالِ معرفةً واللئيم كالنَّكرة (1).
ومعنى البيتِ (2): إنِّي أمرُّ على لئيمٍ من اللِّئام؛ صفته؛ أنه يُسُبُّني؛ فأمضي هُناك (3) ولا ألتفتُ إليه؛ ثم أقولُ -في نفسي-: هو يُريدُ شخصًا آخر ولا يرُيدني، لا أَنِّي أمرُّ على اللئيمِ حال السَّبِّ فأقُول: لا يَعْنيني.
فإن قلتَ: فعرِّفني الفرقَ بين الأسدِ وأُسامة. ولِمَ قيلَ: الأسدُ اسمُ جنسٍ (4)، وأُسامةُ عَلَمُه! أي: عَلَم الجنس، مع أنهما -في المعنى- واحد؛ لأن معناهما مُعيَّن من حيث هو مُعيَّن باعتبارِ أَنه مُعَيّن.
قلتُ: أُسامةُ يَدلُّ على التعيين بجوهر اللفظ، ويُشيرُ إليه (5)
= النحو الوافي: (3/ 577).
(1)
ينظر -على سبيل المثال-: شرح الأشموني على ألفيّة ابن مالك: (3/ 46)، أوضح المسالك:(3/ 273).
وإنّما قال: "قيل" لأن بعض النّحاة زعم أنَّه يجوز في هذا البيت أن تكون الجملة حالًا كالأصل في الجملة الواقعة بعد المعرفة. ينظر -على سبيل المثال-: شرح ابن عقيل: (2/ 182 - 183).
ولا شك أن المعنى يأبى ذلك -كما سيأتي في كلام الشَّارح-.
(2)
في أ: "ومعناه".
(3)
كلمة: "هناك" ساقطة من ب.
(4)
هكذا -أيضًا- في ف. وفي أ، ب:"الجنس".
(5)
في أزيادة: "ذاته".
لا بحسب أمرٍ خارج من نفس اللفظ؛ فلا يحتمل غيره (1)؛ أي: الدّلالة على غير التعيين (2)، كما هو مقتضى العَلَميَّة، والأسدُ بخلافه؛ فإنَّه لم يدل على التَّعين بجوهر لفظه (3)؛ بل دلالته على التَّعين وإشارته إِليه تُستفاد (4) من الخارج؛ كما قال: فإن التعيين مُستفادٌ من اللام؛ ولهذا تحتمل الدّلالة على غير التَّعيين عند نَزْع اللام.
قال المصنِّفُ في "رُسيِّلةٍ له" في مسائلَ شتَّى في النَّحو (5): الفرقُ بين اسْمِ الجنس وعَلَم الجِنس: أن عَلَم الجنس كأُسامة وُضِع للتَّعيُّن (6) بجوهرِه، وأسد وضع لا لِمُعيَّن، ثُمَّ جاء التَّعيُّن وهو معنى فيه من اللّام؛ وهذا صَرَّح ابنُ مالكٍ (7).
(1) هكذا -أيضًا- في ف. وفي أ، ب:"غيرا".
(2)
في أ: "المعين" وزيد بعدها: "بحسب الإشارة".
(3)
في ب وردت الجملة هكذا: "يدل بجوهر لفظه على التعيين".
(4)
في أ: "مُستفاد".
(5)
لم أقف عليها. وقد أشار بعض من ترجم للإيجي أنّ له رسالة في علم الوضع، فلعلّها تكون هي.
ينظر: طبقات الشّافعية الكبرى؛ للسّبكي: (1/ 46)، بغية الوعاة:(2/ 75 - 76)، مفتاح السّعادة:(1/ 211)، شذرات الذهب:(6/ 174 - 175) طبعة المكتب التّجاريّ، البدر الطّالع:(1/ 326 - 327).
(6)
في أ، ب:"للمعيّن".
(7)
ينظر: ألفيّة ابن مالك: (21، 22).
ثمّ نقُول -في حَصْر المعارف-: التَّعيُّن: إمَّا أن يُفيده جَوهر اللفظ؛ وهو العَلَم، أَوْ لا. فإمَّا حرفٌ، وهو: التَّعريف (1) باللام أو النِّداء، أَوْ لا. فالقرينةُ، إمَّا في الكلام؛ وهو: المُضْمر (2)، أَوْ لا. ولا بُدَّ من إشارة (3)، إمّا إليه؛ وهو: اسمُ الإشارة (4). وإمَّا إلى نسبةٍ معلومةٍ له؛ إمَّا خبريّةٍ؛ وهو: الموصول، أوْ لا؛ وهو الإضافة، لكنَّ الإضافةَ إلىَ غيرِ المعين (5) لا تُفيد تعيينًا؛ فهو المضافُ إلى أحدِ الخمسة.
قدْ عُلم أن المعرفةَ هو (6) الذي يكون فيه إشَارةٌ إلى التَّعيُّن (7) عند السّامع؛ فذلك التَّعيُّنُ إمَّا أن يُفيدهُ (8) جوهرُ اللفظ (9) ويُشير إليه ذاته أو لا؛ الأَوَّل: العَلَم (10)، والثاني: إِمَّا أن يُفيده حرفٌ أو لا؛ الأَوَّل: هو المعرَّفُ
(1) في أ: "المُعرَّف".
(2)
في أ: "الضَّمير".
(3)
في أ: "الإشارة".
(4)
في الأَصل: "اسم إشارة"، والصّواب من: أ، ب، ف.
(5)
في الأَصل: "معيّن" والصّواب من أ، ب، ف.
(6)
الضّمير عائد إلى مذكّر مقدّر معلوم من السِّياق؛ قبل كلمة "المعرفة". وهو كلمة: "الاسم".
(7)
في أ: "التّعيّين".
(8)
في ب: "يفيد" وهو تحريف بالنَّقص.
(9)
أي: مجرَّدُ الاسم في أصلِ وضْعِه.
(10)
سواء كان علم شخصٍ كـ "زيد"، أو علم جِنسٍ كـ "أسامة" كما تقدّم.
باللام، أو المعرَّفُ (1) بالنِّداء. ولعدمِ الاعتداد بِتعريف المِيمِ؛ نحو قوله (2):"لَيْسَ مِن امْبِرّ امْصِيام (3) في امْسَفَر" لم يتعرَّض له (4). والثاني: لا بُدَّ أن يكون بقرينة ليُشار بها إليه (5)، وهي إِمَّا في الكلام [أي: في المكالمة والتَّخاطب] (6) أو لا؛ الأَوَّل: هو الْمُضمرات، والثاني: وإذ
(1) في ب: "والمعرف" بالعطف بالواو؛ دون "أو".
(2)
أي: قول الرّسول صلى الله عليه وسلم لذلك الأعرابيّ الّذي سأله: "هل من امبر امصيام في امسفر" والحديث أخرجه أحمد في مسنده: (5/ 434).
(3)
في ب: "في امصيام" وهو تحريف بالزيادة.
(4)
ولم يُعتدّ بتعريف الميم لعلَّة استعماله؛ إذ أنه يُستعمل في بعض اللّغات؛ مثل لغة: طئ، وتميم، وهذيل، وحمير.
أو لرجوعه إلى اللّام حقيقة.
ينظر: معاني الحروف، للرّماني:(71)، الجنى الداني في حروف المعاني؛ للمراديّ:(140)، فقه اللُّغة للثّعالبي:(73)، مغني اللّبيب عن كتب الأعاريب؛ لابن هشام:(71)، الزهر في علوم اللّغة وأنواعها؛ للسّيوطي:(1/ 223).
(5)
في ب: "لقرينة إشارتها إليه".
(6)
ما بين المعقوفين غير موجود في الأَصل، ومثبت من أ، ب؛ غير أنّ "أي" في العبارة أبدلت بـ "أو" في ب؛ وهو تحريف ظاهر.
وإنّما أَثْبَتُّ هذه الزيادة مع تمام السّياق بدونها -لما فيها من زيادة إيضاح؛ لأن القرينة لا تكون في الكلام وإنّما في التّكليم أو التَّخاطب، كما أنّ ناسخ الأَصل أشار في الموضع نفسه إلى وجود سقط؛ رامزًا له -كعادته- بخط معطوف "6" لكنّه لم يثبت تلك الزّيادة في الحاشية، ولعلّه غفل عنها.
لا بُدَّ فيه (1) من إشارةٍ؛ إذ بَينَا أن الإشارةَ (2) جزءُ مفهوم المعرفة؛ فتلك الإشارة؛ إِمَّا إليه أي: إلى الشَّيءِ الذي يُراد تعينه؛ وهو: اسم الإشارة أو لا (3)، بل إلى نسبةٍ لذلك الشَّيءِ معلومةٍ للسَّامع، وإلا امتنع (4) تعريفُ الشَّيءِ بها ومعرفته منها، أي: فالإشَارةُ إِمَّا حسيّةٌ أو عقليَّة (5)، وتلك النّسبة إمَّا إسناديّة خَبريَّة؛ وهو الموصُولات، أو لا؛ وهي النِّسبة الإضافيَّة؛ أي: التي حصلت بطريق الإضافةِ؛ وهو المضاف، لكنَّ الإضافةَ إلى غيرِ المعيَّن لا تُفيد (6) التَّعيين؛ إذ النِّسبةُ إلى الشَّيءِ لا تُفيدُ للمنتسب (7) ما ليس للمنتسب إليه؛ فالمعرَّفُ بالإضافة: ما أُضيفَ إلى أحد المعارفِ الخمسةِ، لكن بالشُّروط (8) الّتي ذكرها النُّحاة. فالمعارفُ ستةٌ: العَلَم، المعرَّف
(1) كلمة: "فيه" ساقطة من ب.
(2)
هكذا العبارة في الأَصل، ب. وفي أ:"إذ بيان الإِشارة"، وكذا المعنيين مستقيم مع السّياق.
(3)
في ب زيادة عبارة: "أي: فالإشارة إمَّا حسيّة أو عقليّة". وليس هذا موضعها من السياق، وسيأتي بعد قليل.
(4)
في أ: "لامتنع".
(5)
عبارة: "فالإشارة إما حسيّة أو عقليّة" لم ترد في هذا الموضع من السّياق في ب، وقد سبق إيراد موضع إقحامها. ينظر: هامش رقم (3).
(6)
في الأَصل: "لا عند" والصواب من أ، ب.
(7)
في ب: "للمنتسبين" وهو تحريف بالزّيادة؛ بدليل إفراد ما بعده.
(8)
في الأَصل: "الشَّروط"، وفي ب: بالشّرط؛ وفيهما تحريف بالنَّقص. والصّواب من: أ.
وقد اشترط النُّحاة لذلك ما يلي: =
بالحرفِ (1)، المضمر، اسمُ الإشارةِ، الموصول، المضاف.
ويختارُ (2) العَلَمُ لوجوهٍ:
ومُخالفةُ السَّكّاكيّ في تقديم العَلَم على المضمر إِمَّا لأنَّه أعرف -كما هو رأي بعضٍ- (3)؛ لأن له وضعًا خاصًّا، وموضوعًا له خاصًّا، وإِمَّا لأنَّه أَوَّل خارجٍ من التَّقسيم - (4):
= 1 - أن لا يقع المضاف موقع نكرة لا تقبل التَّعريف، نحو:"رُبَّ رجل وأخيه".
2 -
أن لا يقبل المضاف التَّعريف لشدَّة إبهامه كـ "مثل" و"غير" وشبهه إذ لم يشتهر المضاف. بمشابهته المضاف إليه أو بمغايرته. قال ابن الحاجب: إضافة هذه وما أشبهها لا تزيل إبهامه إلا بأمر خارج عن الإضافة كوقوع: "غير" بين ضدّين. ينظر: شرح الكافية في النّحو، لابن الحاجب:(1/ 275). وينظر ما قاله الأشموني في شرحه: (2/ 307).
(1)
في الأَصل: "الحرف" وهو تحريف بالنقص. والصّواب من أ، ب.
(2)
في ب، والنُّسخة الأخرى للمتن:"فيختار".
(3)
مراده: أبو سيعد السِّيرافيّ؛ حيث يرى: "أنّ أعرف المعارف الاسم العَلَم، ثم المضمر، ثم المبهم، ثم ما عرِّف بالألف واللام، ثم ما أضيف إلى أحد هذه المعارف".
وقد اختلف النّحاة في مراتب المعارف إلى أقوال عدّة. انظرها في: الإنصاف في مسائل الخلاف: (2/ 707 - 709)، في علم الإعراب؛ للإسفرائيني:(1/ 494)، شرح المفصّل؛ لابن يعيش:(3/ 56، 5/ 87)، همع الهوامع في شرح جمع الجوامع؛ للسّيوطي:(1/ 191).
(4)
مراده بـ "التّقسيم": تقسيم المصنّف المتقدِّم في حصر المعارف.
الأَوّل: إحضارُه بعينه، أي: إحضارُ المتكلِّمِ المسْندَ إليه -مثلًا- (1) في ذهن السَّامع بشَخْصه (2) بحيث لا يُشاركه فيه غيره، بطريقٍ يخصُّه، أي: يختصُّ المسند إليه (3)، وما هو إلَّا لفظة العَلَم؛ لأنَّه طريقٌ لتعريفه خاصٌّ به؛ نحو: لفظة "الله" في قوله: {اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا} (4).
قوله: "بعينه" يُخرج الإحضار (5) بالصِّفات المختصَّة.
[و](6) قوله: "بطريق يخصّه" تخرج الإحضار بسائر المعارف؛ فعُلم أن ما لم زاد في "المفتاح" عليه بقوله: "ابتداءً" لا حاجةَ إليه (7)؛ ولهذا لم يذكره المصنِّفُ.
(1) كلمة: "مثلًا" ساقطة من: أ. والمقام يستدعيها؛ لأن المحضر بعينه قد يكون مسندًا إليه، وقد لا يكون مسندًا إليه. وتقييدُه بالمسند إليه هنا ليس إلا من باب التمثيل للإيضاح.
(2)
المراد بإحضاره في ذهن السّامع: لفت انتباهه وتوجيهه إليه.
(3)
هكذا في الأَصل. وفي أ: "بطريق يخصّ المسند إليه". وفي ب: "يختصّ بالمسند إليه".
(4)
سورة البقرة: من الآية 257.
(5)
في ب: "الاختصار" وهو تحريف.
(6)
ما بين المعقوفتين ساقطٌ من الأصل. ومثبت من: أ، ب.
(7)
قال السَّكاكي (ص 180): "وأمّا الحالةُ التي تقتضي كونه علمًا إذا كان المقام مقام إحضار له بعينه في ذهن السامع ابتداء بطريق يخصه".
فذكر ثلاثة قيود لاقتضاء كونه علمًا: أ - إحضاره بعينه. ب- كونه ابتداء. جـ - كونه بطريق يخصه.
ولَمَّا كان القيد الثالث مخرجًا للقيد الثاني ضرورةً؛ باعتبار أنه مخرج لسائر المعارف استغنى المصنِّف عن ذكره، واكتفى بالثالث؛ رومًا للاخْتصار؛ وذلك لأَن الإحضار ابتداءً مخرج للإحضار ثانيا؛ كما في ضمير الغائب؛ نحو: جاءني وهو =
الذي: التعظيم.
الثالثُ: الإهانة.
كما في (1) بعض الألقابِ والكُنى المحمودتين في الأَوَّل (2)، والمذمومتين في الثاني (3). قيلَ: العَلَمُ إِمَّا أن يكُون مُشْعرًا بمدحٍ أو ذمٍّ أو لا؛ الأَوَّل: اللقبُ (4)، والثاني: إِمَّا أن يكونَ مُصَدَّرًا بمثل: أبٍ وابنٍ (5)، أوْ لا؛ الأَوَّل: الكُنية (6)، والثاني: الاسمُ (7).
الرَّابعُ: الاستلذاذُ بذكرهِ (8).
= راكب؛ فإنه وإن أحضر شخصه في ذهن السامع لكنه إحضارٌ جاء ثانيًا. ولا يخفى أنه إحضارٌ بطريق آخر اعتمد على العلم، وبانتفاء الطريق الآخر بالقيد الثالث انتفى الإحضار. فلا حاجة لقوله:"ابتداء".
(1)
في الأصل، وبقية النّسخ:"كفى" والصواب من ف.
(2)
أي: التَّعظيم.
(3)
أي: الإهانة.
(4)
فالتَّعظيم به نحو: "قَدِم علينا نصرُ الدِّين". والإهانة به نحو: "رحل عنّا أنف الناقة".
(5)
في أزيادة: "وأم".
(6)
والتعظيم بها؛ نحو: "أقبل علينا أبو الخير". والإهانة بها؛ نحو: "ذهب عنا أبو الشر".
(7)
والتعظيم به؛ نحو: "كرَّ صاعدٌ"؛ لما فيه من معنى الصّعود، والإهانة به؛ نحو:"فر هابط"؛ لما فيه من معنى الهبوط.
(8)
في أ، ورد قوله:"بذِكْرِه" ضمن كلام المصنِّف وليس في ف.
ومن الاستلذاذ بالعَلَميّة قول المتنبي جامعًا للممدوح بين الاسم والكنية واللقب =
الخامس: التَّبرُّكُ بهِ، وذلك ظاهرٌ (1).
والمضمرُ لوجوهٍ (2):
الأَوَّل: الإشارة إلى مذكورٍ (3)، يقول الشّاعر (4):
بيُمنِ (5) أَبي إِسْحَاقَ (6) طَالتْ يَدُ العُلَى
…
وَقَامت قَنَاةُ الدِّين، واشتدَّ كَاهِلُه
= واسم بلده (ديوانه: 2/ 410 بشرح البرقوقيّ):
أبا شُجاعٍ بفارسٍ عَضُدَ الـ
…
ـدَّولةِ فَنَّا خُسْرو شَهَنْشاهَا
أسامِيًا لَمْ تَزِدْهُ معرفةً
…
وإِنَّمَا لَذَّةً ذَكَرْنَاهَا
(1)
في أ، أُدخل ضمن كلام المصنِّف:"به، وذلك ظاهر" وليس في ف. ومن التّبرك بالعَلَميّة. التّصريح بأسماء الله وأسماء رسله وأنبيائه وأسماء الصَّالحين؛ كقولنا -مثلًا-: "الله ربنا ومحمد نبينا" إذا تقدّم لهما ذكر في حديث سابق فيعاد ذكرهما تيمنًا وتبركًا.
ويلحظ أنّ المصنّف رحمه الله أهمل زيادةً أوردها السكاكي قبل هذين الغرضين، وهي لفظة:"إيهام" في قوله (المفتاح: 181): "أو مقام إيهام أنك تستلذّ اسم العلم، أو تتبرّك به، أو ما شاكل؛ كل ذلك مما له مدخل في الاعتبار".
والحق: إنّه لا معنى لا يراد تلك الزّيادة؛ وإن الاستلذاذ والتبرّك حاصلان تحقيقًا؛ والله أعلم.
(2)
أي: ويختار المضمر لوجوه.
(3)
هذا مختصٌّ بضمير الغائب. وتقدير الكلام: الإشارة إلى مذكور متقدّم.
(4)
البيتان من الطّويل، وقائلهما أبو تمام، وهما موجودان في ديوانه بشرح التّبريزيّ:(3/ 29) برواية: "هو اليمُّ
…
والجود ساحله" وذكر المحقّق أنّ في إحدى نسخ التحقيق: "هو البحر". والشاهد فيه: قوله: "هو البحر" حيث أتى به ضمير غائب مشيرًا به إلى مذكور به إلى مذكور متقدّم: "أبي إسحاق".
(5)
اليُمن: البركة، وقيل: خلاف الشّؤم. اللِّسان: (يمن): 13/ 458.
(6)
هو: أبو إسحاق؛ محمّد بن هارون الرشيد بن المهديّ؛ المعتصم بالنية. خليفةٌ عباسيٌّ، =
هو البَحرُ من أَيِّ النَّواحي أَتيتَه؛
…
فَلُجَّتُهُ (1) المعْرُوفُ، والبَرُّ (2) سَاحِلُهُ (3)
أَوْ ما في حكمِه؛ أي: حُكمِ المذكورِ؛ كما في قوله (4) -تعالى-: {اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى} (5).
الثاني: حكايةُ المتكلِّم واحدًا أَوْ فوقه، وكونُ المقام مقام التَّكلّمِ (6) كقول الشَّاعرِ (7):
ونحنُ التَّاركُونَ لِمَا سَخِطْنَا
…
ونحنُ الآخذُون لما رَضِينا
= بُويع بالخلافةِ بعد أخيه المأمون. فُتحت في عهده عمُّوريَّة، وبُنيت سامراء، بقى في الخلافة 8 سنين و 8 أشهر، وتوفي سنة 227 هـ.
ينظر في ترجمته: الكامل في التاريخ: (6/ 70)، وتاريخ بغداد:(3/ 342 - 347)، وتاريخ الطّبريّ:(9/ 118 - 119)، وسير أعلام النُّبلاء:(12/ 535 - 540).
(1)
لُجّة البحر: حيث لا يدْرك قَعْره، وقيل: حيث لا يرى طرفاه. اللِّسان: (لجج): (2/ 35).
(2)
في أ: "والجود" وصححتا في الهامش: "البرَّ".
(3)
في ب زيد بعد البيتين: "وكأَن الشَّاعر عنى به سلطان عصرنا، وخليفة دهرنا، خَلد الله سلطانه!، وأوضح على العالمين برهانه! ".
(4)
في أ، ب:"كقوله".
(5)
سورة المائدة، من الآية:8. فمرجع الضمير هو العدل؛ المدلول عليه بلفظ: "اعدلوا"؛ فهو لم يتقدّم لفظًا وإنّما تقدّم معناه في الفعل.
(6)
هذا مختصّ بضمير المتكلّم.
(7)
البيت من الوافر، وقائله عمرو بن كلثوم، والبيتُ ضمن معلّقته المشهورة، وهو موجود في: شرح القصائد المشهورات. الموسومة بالمعلقات لابن النَّحّاس: (2/ 114)، وشرح المعلّقات السَّبع للزَّوزنيّ:(199)، وديوان المعاني؛ للعسكريّ:(1/ 90).
الثّالثُ: تخصيصُ المخاطب (1)؛ يقول ابن الدُّمَيْنَة (2) -وكَتَبه (3) إلى امْرأتِه أُمَّامة (4) - (5):
(1) هذا مختصّ بضمير المخاطب.
(2)
في الأَصل: "ابن الدّميثة" وفي أ: "ابن الدّمية"، وفي ب:"ابن الدّهينة" والمثبت هو الصّواب.
وهو أبو السّري؛ عبد الله بن عبيد الله بن أحمد من بن عامر الخثعمي. والدُّمينة أمه. شاعر بدوي أمويّ من أرقّ النّاس شعرًا. أكثر شعره في الغزل والنّسيب والفخر. له ديوان شعر مطبوع. اغتيل إثر رجوعه من الحجّ سنة 130 هـ.
ينظر ترجمته في: الأغاني: (9/ 64)، وسمط اللآلي:(136)، ومعاهد التنصيص:(1/ 160).
(3)
في أ: "وقد كتبه".
(4)
كلمة: "أمامة" ساقطة من ب. وهي امرأة خثعمتة من قوم ابن الدُّمينة. وفي بعض المصادر أن اسمها أميمة. كان قد هويها وهاج بها مدة فلمّا وصلته تجنّى عليها، وجعل ينقطع عنها ثم زارها ذات يوم فتعاتبا عتابا طويلا وكان بينهما مجاذبة شعريَّة.
ينظر: ديوان ابن الدّمينة: (42)، والأغاني:(9/ 69)، ومعاهد التّنصيص:(1/ 163).
(5)
البيت من الطويل. وهو في ديوان الشاعر: (42)، البيان والتّبيين:(3/ 370) منسوبًا إلى جوهر جارية المهديّ، ولعلها تمثّلته، والحيوان:(3/ 55)، والحماسة لأبي تمام:(2/ 146)، ومعاهد التّنصيص:(1/ 162).
والبيت منسوب -أيضًا- إلى قيس بن الملوح. ديوانه: (52).
واستُشهد به في المفتاح: (179)، والتّبيان:(450).
وأنتِ الّتي (1) كَلَّفْتَنِي دَلَجَ (2) السُّرى
…
وُجُونَ القطا (3) بالجلهتين جُثُومُ (4)
وكجوابها (5) له (6):
وأنتَ الذي أَخْلَفْتَني مَا وَعَدْتني
…
وَأَشْمَتَّ بِي مَنْ كَان فِيكَ يَلُومُ
الجَلْهَةُ: طرف الوادي.
(1) في الأَصل: "الذي" والصّواب من: أ، ب، مصادر البيت.
(2)
في ب: "ولج". أما الدلج؛ فهو: إِما سير اللَّيل كلِّه، أَوْ سير آخره، أو سير أيّ ساعةٍ منه، ينظر: اللّسان: (دلج): (2/ 272).
وبإضافته إلى السُّرى؛ وهو سير اللّيل (اللّسان: "سرا": 14/ 381) تأكد أنّ مراده: سير اللّيل كلّه.
وقد ذكر المروزوقي في أثناء شرحه لهذا البيت ضمن شرحه لديوان الحماسة: (3/ 1379): "أن السّرى: سير اللَّيل، والدلج: السَّير في بعض اللّيل. ويقال: سار دلجة؛ أي: ساعة من أوّل الليل؛ فلذلك أضاف الدّلج إلى السُّرَى، فجرى مجرى إضافة البعض إلى الكُلّ".
(3)
الجُون: جمع: جَوْن. وهو كل لون سوادٍ أُشرب حمرة. اللّسان: (جون): (13/ 101). والقطا: طائر معروف لونه أسود مشوب بحمرة، وسُمِّي قطا لثقل مشيه. ينظر: اللّسان: (قطا): (15/ 189).
(4)
الجثوم: مصدر (جثم) يقال: جثمّ الطائر جثمًا وجُثومًا إذا لزِم مكانه فلم يبرح. ينظر: اللِّسان: (جمّ): (12/ 83).
(5)
في الأغاني: (17/ 69)، وفي معاهد التّنصيص:(1/ 162): أنها هي التي قالت الشعر في بادئ الأمر؛ ثم أجابها هو بمقطوعة أولها البيتُ المتقدّم.
(6)
وجوابها له في المصادر المتقدِّمة التي أوردت شعره.
قال المصنِّفُ: أمثالُ هذه المباحث وظيفُة اللُّغة أو النَّحو لا المعاني (1)؛ لكن بالسَّكّاكيِّ اقتديتُ في إيرادِها (2).
وحقُّ الخطابِ أن يكون مع مُعَيَّن، وقد يُعْدل (3) عنه؛ [أي] (4) عن الحقِّ إلى غير مُعَيَّن تَعْميمًا؛ أي: لِيَعمَّ كل مخاطبٍ؛ كما تقول: فلانٌ لئيمٌ؛ إن أكرمته أهانك، وإن أحسنت إليه أَسَاء إليك؛ فلا (5) تُريد بـ "أكرمت" و"أحسنت" (6) مخاطبًا مُعيّنًا؛ كأنك قلتَ: إنْ أكرم أهان، وإن أحسن إليه أساءَ. وعليه؛ أي: على التَّعميم يُحمل قولُه -تعالى - (7): {وَلَوْ تَرَى إِذِ الْمُجْرِمُونَ نَاكِسُوا
(1) والحقُّ -في نظري، والله أعلم- أنّ أمثال هذه المباحث؛ وإن كانت ذات صلة وطيدة بعلم اللغةِ أو النّحو في أصل وضعها؛ إلا أنها لا تنفك بأيّ حال من الأحوال عن علم المعاني الّذي يعرف به أحوال اللّفظ العربيّ؛ التي بها تتحقّق مطابقة الكلام لمقتضى الحال.
(2)
في ب زيادة: "فيه". ولم أقف على قول المصنّف في مؤلّفاته ولعلّه ممّا نقله عنه تلميذه الكرمانيّ.
(3)
في الأَصل: "تعدل" والمثبت من: أ، ب، ف.
(4)
ما بين المعقوفين غير موجود في الأَصل. ومثبت من: أ. وعليه درج الشَّارح.
(5)
في أ: "ولا".
(6)
في ب: "بـ (أحسنت) و (أكرمت) ".
(7)
هكذا وردت جملة: "قوله تعالى" ضمن كلام المصنِّف في الأَصل، ب، ف. وفي أ، ضمن كلام الشَّارح.
رُءُوسِهِمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ} (1) قصدًا إلى تفظيع (2) حال المجرمين، كأنه لوضُوحه (3) بحيث يمتنع خَفَاؤُها (4) حُقَّ أن يُخاطب به كُلُّ من يتأتى منه الرُّويةُ، ولا (5) يَخْتصّ براءٍ دُون راءٍ.
والموصولُ [لوجوه](6)؛ أي: يُختارُ (7) الموصولُ [لوجوهٍ](8)؛ وهو متى صحَّ إحضارُ الشَّيءِ في ذهن السَّامع بوساطة ذكرِ جملةٍ معلومة الانتساب إلى مشارٍ إليه، ومع ذلك اتَّصَل به غرضٌ من الأغراض، أو وجهٍ من الوُجُوه.
الأَول: ألا يَعْلم منه، من ذلك الشَّيءِ المخاطِبُ، أي: المتكلّم، أو المخاطَبُ، أي: السَّامعُ، أو هما (9) غرَ ذلك الإسنادِ والانْتسابِ، مثل:
(1) سورة السَّجدة، من الآية:12.
(2)
التَّفظيع: مشتق من الفظاعة، وفظع الأمر؛ إذا اشتدّ وشنع وجاوز المقدار. ينظر: اللِّسان: (فظع): (8/ 254).
(3)
هكذا -أيضًا- في ف، وفي أ:"لوضوحها".
(4)
أي: الرّؤية.
(5)
في أ: "فلا".
(6)
ما بين المعقوفتين ساقطٌ من الأَصل. ومثبت من: أ، ب، ف.
(7)
في أ: "ويختار".
(8)
ما بين المعقوفتين ساقطٌ من الأَصل، ومثبت من: أ، ب.
(9)
أي: المتكلِّم والسامع.
"الذي كان معك أمس لا أعرفه"(1)، أو "الذي كان معنا أمس رجلٌ عارفٌ فاعرف"(2)، أو "الذين في بلاد الشَّرق لا نعرفهم"(3).
الثاني: استهجانُ (4) التَّصريح بالاسم لكونه من الأَسْماء المذمومة؛ فلا تقول: "حنظلةُ فعل كذا"؛ بل "الذي كان معكَ فعل كذا"(5).
الثالثُ: الإخفاءُ، وذلك حيثُ لو ذُكر الاسم لعَلِمه غَيْرُ المخاطب؛ فيُعدل إلى الموصول إخفاءً من غيره (6).
الرابعُ: زيادةُ التقرير؛ أي: تقرير الخبر؛ نحو قوله: {وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا} (7)؛ فإن في كونه في بيتها؛ المُسْتلزمِ لزيادةِ الاختلاط والانبساط - زيادةَ تقررٍ (8) للمُراودة ليستْ في إيراد لفظةِ العَلَم؛ التي هي "زليخا"(9).
(1) مثال يصدق على المتكلِّم.
(2)
مثال: يصدق على المخاطب.
(3)
مثال يصدق على المتكلِّم والمخاطب. وتنظر جميع هذه الأمثلة في المفتاح: (181).
(4)
الاستهجان: استفعال من هجن. والهُجنة من الكلام: ما يعيب. ينظر: اللّسان: (هجن): (13/ 431).
(5)
وإنما عدل عن الاسم إلى الموصول لما في الاسم من معنى الحنظل؛ وهو شجرٌ مرَّ الطعم تأباه الأذواقُ، وتنفر من ذكره الطِّباع.
(6)
وهذا الوجه ممّا زاد المصنِّف على المفتاح.
(7)
سورة يوسف، من الآية:23.
(8)
في أ: "التّقرير".
(9)
قيل: إنّه اسم امرأة العزيز، وقيل: إن اسمها: "رغبل". ينظر: الجامع لأحكام القرآن: (9/ 167)، وشرح عقود الجمان للسّيوطيّ:(16)، وفتح القدير:(3/ 16). =
هكذا وجَّهَهُ المصنِّفُ، لكن قال صاحبُ "الإيضاح": زيادةُ التَّقريرِ لتنْزيه يُوسفَ؛ لأن الآيةَ مَسُوقةٌ لتنْزيهه عن الفَحْشاءِ، والمذكور أدلُّ عليه من امرأة العزيزِ (1)، ولفظُ "المفتاح" مُحْتملٌ للوجهينِ (2).
= ولم تتحقّق زيادة التقرير بإيراد لفظة العلم أو الوصف المجرد كقوله: "زليخا" أو "امرأة العزيز"؛ "لأن مثل هذا يقرر الغرض فقط ولا يزيده تأكيدًا؛ بخلاف التَّعريف بالموصولية فإنّه يزيد الغرض المسوق له الكلام تأ كيدًا؛ لاشتمال الصلة على ما يفيد هذه الزيادة في التّقرير
…
؛ لأن وجوده عليه السلام في بيتها مع مالها من سعة السّلطان، وقوّة النّفوذ، ومع فرط الاختلاط والألفة -أدل على وقوع المراودة وصدور الاحتيال منها". من سمات التّراكيب دراسة تحليليّة لمسائل علم المعاني، أ. د عبد الستار زمّوط ص:(157).
(1)
ينظر: الإيضاح: (2/ 14 - 15). وكان الموصول أدل على نزاهة يُوسف من التّصريح أو بامرأة العزيز؛ لأنه في بيتها وتمكّن من أداء ما طلبت منه؛ حيث هيّأت له كل أسباب التّمكن؛ ومع ذلك عفّ وامتنع فكان ذلك غاية في نزاهته عن الفحشاء". من سمات التّراكيب: (157).
(2)
أي: زيادة تقرير المراودة، وزيادة تقرير نزاهة يوسف عليه السلام؛ حيث إنّ لفظه لم يتجاوز زيادة التَّقرير؛ فكان صالحًا لكلا الوجهين.
على أن الآية تصلح أن تكون مثالًا للوجوه الثّلاثة المتقدّمة.
أَمَّا الوجه الأوَّل: "عدمُ علم المخاطب أو غيره إلا بالصّلة"؛ فلإمكان عدم علم الرّسول صلى الله عليه وسلم باسمها.
أمَّا الوجه الثاني: "استهجان التّصريح"؛ فلأنه يستهجن في الآيات القرآنية التصريح باسم المرأة الطّالبة للبغاء. وقد صرَّح صاحب المفتاح عقب إيراده الآية بما يدلّ على ذلك؛ حيث قال ص (181): "والعدول عن التّصريح باب من البلاغة يصار إليه كثيرًا". =
الخامسُ: توجُّه الذِّهن (1) لما سيردُ عليه من الخبر عن الموصول؛ مُنتظرًا لِوُروده (2) عليه (3) حتَّى يأخذ (4) منه (5) مكانه إذا وَرَد -كما هُو المشهُور في لسانِ القومِ (6): "الْمَحْصُولُ بَعْد الطلَبِ أَعَزُّ مِن المُنْسَاقِ بِلا تَعبٍ"- يقول الشَّاعر (7):
والذِي حَارَتِ (8) البَرِيَّةُ فِيهِ
…
حَيَوانٌ مُسْتَحَدثٌ مِنْ جَمَادِ (9)
= أَمَّا الوجه الثّالث: "الإخفاء" فلأنه لو صرّح به لعلمه غير المخاطب.
(1)
أي: ذهن السّامع.
(2)
أي: الخبر.
(3)
أي: على الموصول.
(4)
أي: الخبر.
(5)
أي: من ذهن السَّامع.
(6)
تقدّم تخريجه ص (87) قسم التّحقيق.
(7)
البيتُ من الخفيف. وقائله: أحمد بن عبد الله التّنوخيّ؛ المعروف بأبي العلاء المعرّي: قاله ضمن قصيدة يرثي بها فقيهًا حنفيًّا، والبيت في سقط الزّند:(12)، وشروح سقط الزّند:(3/ 127)، وشرح التّنوير على سقط الزّند؛ لأبي يعقوب يوسف بن طاهر:(1/ 217)، واستشهد به -في هذا الموضع وفي غيره- السَّكاكيُّ في المفتاح:(183)، وبدر الدّين بن مالك في المصباح:(15)، والقزويني في الإيضاح:(2/ 51)، والطّيبيّ في التّبيان:(243)، وهو في المعاهد:(1/ 135).
(8)
حارت: بمعنى: اختلفت؛ من إطلاق الملزوم وإرادة اللازم؛ على سبيل المجاز المرسل.
(9)
اختلف البلاغيّون في موضع الاستشهاد بهذا البيت، وتباينت حوله وجهاتُ نظرهم؛ فمنهم من أورده شاهدًا لكون المسند إليه موصولًا -كما فعل =
وهو إِمَّا آدم عليه السلام، أو ناقةُ صالحٍ، أو غيرُهما؛ من جمادٍ صار حيوانًا، إذا كان مجازًا للعُقولِ (1).
= الشَّارح-؛ ومن هؤلاء: السكاكيِّ، وبدر الدِّين بن مالك، والطِّيبي. وفي بيان وجهة نظرهم يقول الطيبي (التّبيان: 243): "والاستشهاد به هنا أوقع منه في باب تقديم المسند إليه؛ لما أن التشويق المستحسن إحدى خواصّ الأخبار بالذي؛ لما فيه من الإيهام الّذي هو سبب للتّشويق، وتطويله بالصلة هو سبب استحسانه على أنه مستلزم للتقديم".
ومنهم من أورده شاهدًا لتقديم السند إليه؛ كما هو الحال عند القزويني ومن لف لفه ممّن تأخير عنه، وفي بيان وجهة نظرهم يقول القزوينِي:(الإيضاح: 2/ 51): "وأمّا تقديمه فلكون ذكره أهمّ؛ إمَّا لأنه الأَصل ولا مقتضى للعدول عنه، وإما ليتمكن في ذهن السّامع؛ وإن في المبتدأ تشويقًا إليه؛ كقوله:
والَّذي حَارَت البرية فِيهِ
…
حَيَوان مُسْتَحْدَثٌ من جَمَاد
وهذا أَوْلَى من جعله شاهدًا لكون السند إليه موصولًا؛ كما فعل السَّكاكيُّ".
والّذي يترجّح لي -والله أعلم- أن النُّكت البلاغية لا تتزاحم، وليس من مانع على أن يكون البيت شاهدًا على الحالين؛ كما فعله السُّيوطيّ رحمه الله في شرح عقود الجمان: ص (17، 23)؛ إذ أورده شاهدًا عليهما.
(1)
رجّح سعد الدّين التفتازاني وبعض من جاء بعدَه من البلاغيين أنّ المراد بالحيوان المستحدث من الجماد: الإنسان؛ إما من حيث عوده بعد الفناء، أو حياته بالروح وموته بمفارقتها، بدليل السياق قبل البيت وبعده؛ أما قبله؛ فقوله:
بأن أمرُ الإلهِ واختلفَ النَّاس
…
فداعٍ إلى ضَلالٍ وهَادِي
وأمّا بعده؛ فقوله:
فاللبيبُ اللبيبُ من ليسَ يَغترُّ
…
يكون مَصِيره للفَسادِ =
السّادسُ: بناءُ الخبرِ عليهِ [أي: على الموصول](1) تعظيمًا؛ [أي: تعظيمًا للخبرِ](2) نحو:
إِن الذِي سمَكَ (3) السَّماءَ بَنَى لنا
…
بَيْتًا (4) دَعَائِمُهُ (5) أَعَزُّ وَأَطْولُ (6).
وفيه تعظيمٌ؛ حيثُ كان باني بيته سامكَ السَّماءِ. ونحو:
= وظاهر أنهم أفادوا في ترجيحهم المتقدِّم من شارح سقط الزند؛ أبو محمّد البطليوسي؛ إذ قال في شرح البيت: (شروح سقط الزند: 3/ 1005): "يريد أنّ الجسم موات بطبعه، وإنما يصير حسّاسًا متحركًا باختيار باتصال النّفس به، فإذا فارقته عند الموت عاد إلى طبعه؛ فالحياة للنَّفس جوهريّة، وللجسم عرضيّة؛ فلذلك يعدم الجسم الحياة إذا فارقته النّفس، ولا تعدمها النفس".
ينظر: المطول: (1/ 107)، معاهد التّنصيص:(1/ 136).
(1)
ما بين المعقوفتين غير موجود في الأَصل، ومثبت من: أ، ب، وعلى مثله درج الشَّارح.
(2)
ما بين المعقوفتين غير موجود في الأَصل، ومثبت من: أ، ب، وعلى مثله درج الشَّارح.
(3)
السمْكُ: الرَّفع. ينظر: اللِّسان: (سمك): (10/ 443).
(4)
اختُلف في المراد بالبيت؛ فقيل: الكعبة، وقيل: أهل البيت، والراجح: أن المراد به بيت المجد والشرف؛ لمناسبة الفخر له.
(5)
الدعائم: جمع دِعامة -بالكسر-؛ وهي: عماد البيت الذي يقوم عليه. اللِّسان: (دعم): (12/ 202).
(6)
البيتُ من الكامل. وقائله: همام بن غالب المعروف بـ "الفرزدق". والبيتُ في ديوانه: (2/ 209)، وفي المعاهد:(1/ 103).
إن الذِي خَلَقَ الأَشْيَاءَ صَوَّرني
…
نارًا مِنَ البَأسِ في بَحْرٍ (1) مِن الجُودِ (2)!.
أو تحقيقًا؛ نحو:
إن التي ضَرَبَتْ بَيْتًا مُهَاجرَة
…
بكُوفةِ الجُنْدِ (3) غَالتْ (4) ودَّها غُوْلُ (5)، (6)
(1) في اأَصل: "وبحرًا". والصواب من بقيَّة النّسخ، وهو المناسب للسياق.
(2)
البيت من البسيط، ولم أهتد إلى قائله -فيما بين يديَ من المصادر-.
(3)
هي مدينة الكوفة المشهورة، وإنّما أضيفت إلى "الجند" لمقام الجند بها، وهي مِصْر من سواد العراق؛ اختطها المسلمون في السَّنة 17 هـ.
ينظر: معجم ما استعجم: (4/ 1141)، ومعجم البلدان:(4/ 490 - 494)، والكامل في التاريخ:(2/ 372).
(4)
غالت: أي: أهلكت خفية. من الغَول -بالفتح-؛ وهو الإهلاك الذي لم يُدْر به.
ينظر: اللِّسان: (غول): (11/ 507).
(5)
الغُوْلُ -بالضّم-: جنس السعلاة، والجمع: أغوال وغيلان. وقيل: الداهية، وقيل: كل ما اغتال. ينظر: اللِّسان: (غول): (11/ 507)، ومختار الصحاح:(202).
(6)
البيتُ من البسيط؛ وهو لعبدة بن الطيب. ورد ضمن قصيدة طويلة في شعره: (59)، وفي المفضّليّات؛ للضبي:(135)، وفي بهجة المجالس وأنس المجالس؛ للقرطبي:(781)، كما ورد منفردًا في المفتاح:(182)، والصباح:(17)، والإيضاح:(2/ 17)، والتّبيان:(242).
وقد أورد أبو زيد في نوادره: (156) البيت برواية: "بكوفةِ الخُلدِ" على أنه موضع. غير أن البكري نقل ما يدفع ذلك؛ إذْ قال (معجم ما استعجم: 4/ 1143): "وقال الأصمعي: إنّما هو بكوفة الجُنْد. والأول تصحيف. وهكذا نقلتُه من خط =
وفيهِ تحقيقُ الخبرِ؛ لأنها إذا هَجَرت وضَرَبت البيتَ بكُوفةِ الجندِ عازمةً للسَّفرِ - كان ودُّها هالكًا. يُقال: غَالته غولٌ: إذا وقعَ في مهلكة.
أَوْ تَعْلِيلًا، نحو (1):{إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ} (2). وهذا؛ أي: اختيار الموصولِ لبناءِ الخبرِ عليه تعليلًا قدْ يتبعه تعظيمٌ للمتكلِّم، نحو:"الذي يُرافقني يستحقُّ الإجلال"، أو للسامع؛ نحو:"الذي يُرافقُك (3) يستحقُّ الإكرام"، أو للمذكور وهو المسند إليه؛ نحو:"الذي عنده السُّلطان يستحقُّ التَّعزير (4) والتَّوقير"، أو
= أبي عليّ القالي".
(1)
في ب: "كقوله" ولا اختلاف في المعنى.
(2)
سورة الكهف، من الآية:107. وتمامها: {نُزُلًا}.
وأوضح من التّعليل الّذي نصّ عليه المصنّف أن يكون الغرض: الإيحاء إلى بناء الخبر وأنه من جنس الخبر، قياسًا على المثال الّذي أورده صاحب الإيضاح (1/ 66):{إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ} [غافر: 60].
ففي المثال إيحاء إلى وجه بناء الخبر، وأنه من جنس الشّر.
وإنّما قلت: "وأوضح من التّعليل" وإن المثال الّذي ذكره الإيجي لا يتضمّن تعليلًا صريحًا ظاهرًا. والله أعلم.
(3)
في الأَصل: "رافق" والصّواب من: أ، ب.
(4)
هكذا في الأصل. وفي أ، ب:"التعظيم" وهما بمعنى متقارب.
لغيرهم (1)؛ أي: غير المتكلم والسَّامع والمذكور؛ نحو: قوله -تعالى-: {الَّذِينَ كَذَّبُوا شُعَيْبًا كَانُوا هُمُ الْخَاسِرِينَ} (2)؛ فإن في بناءِ كونهم خاسرين على تكذيبهم شُعَيبًا تعريضًا بتعظيمِ المصَدِّقين وتَنْزيههم عن الخُسْران (3). أو إِهانةٌ عطفٌ على قوله: "تعظيم"؛ نحو: "الذي (4) يفارقُني أو يُفارقك يستحقُّ الإكرام"، أو:"الذِي عنده الحرافيش"(5) يستحقُّ اللوم". أو تنبيهًا -بالنَّصْبِ- عطفًا (6) على قوله: "تعظيمًا"، والرَّفع (7) عطفٌ (8) على قوله: "تعظيم" والطاهرُ: أن النَّصبَ أقربُ إلى ما في "المفتاح" (9)
(1) في ب: "لغيرها" وهو خطأ ظاهر.
(2)
سورة الأعراف، من الآية:92.
(3)
الّذي يبدو لي -والله أعلم- أنّ التّعظيم المراد ينصرف إلى شأن نبي الله شعيب؛ إذ أن تكذيبه أوجب هذا الخسران المبين. وهذا التّوجيه هو ما نجده في كتب البلاغيين المتأخّرين مثل: البغية: (1/ 166)، والمنهاج الواضح؛ لحامد عوني:(4/ 106 - 107).
(4)
في أ: "إنّ الذي" ولا وجه للتأكيد، ولم يرد في مثال المفتاح.
(5)
الحرافيش أو الخرافيش: أوغادُ الناس وأرذالهم.
(6)
في أ: "عطف" بالرفع.
(7)
في أ: "وبالرفع".
(8)
كلمة: "عطف" ساقطة من: أ.
(9)
وهو قول السكاكي (182): "وربّما جعل ذريعة إلى التَّنبيه للمخاطب على خطأ".
على خطأ (1)؛ نحو (2):
إن الذينَ تَرَونهم [إِخوانكُمْ](3) يَشْفي
…
غَلِيلَ صُدُورِهم أَنْ تُصْرَعُوا (4).
الغليلُ: حرارةُ العطشِ، والضِّغنُ (5)، والحقدُ -أيضًا-. أو غيرُها -بالنَّصْبِ والرَّفع، تابعين لرفع التَّنبيه ونصبه-؛ أي: غير المذكورات؛ بنحو: تطييبُ (6) قلوبِ الفقراءِ، أو غيره؛ يقول الشَّاعرِ (7):
(1) في أ، ف:"الخطأ".
(2)
كلمة: "نحو" ساقطة من: أ.
(3)
ما بين المعقوفين ساقطٌ من الأَصل، ومثبت من: أ، ب، ف.
(4)
البيتُ من الكامل. وقائلُه: عبدة بن الطيب، قاله ضمن قصيدة يعظُ فيها بنيه.
والبيت في شعره: (48) وفي المفضليّات: (147)، حماسة البحتريّ:(155)، والحيوان:(4/ 167) برواية:
إن الذي تَرَونَهُمْ خُلانكم
…
يَشْفِي صداعَ رُؤُوسِهم أن تُصْرَعوا
ونسب ابن المعتزّ في البديع: (98) هذه الرِّواية إلى جرير، ولم أعثر عليها في ديوانه.
واستشهد بالبيت صاحبُ المفتاح: (182)، والمصباح:(17)، والإيضاح:(2/ 15)، والتبيان:(242)، وهو في المعاهد:(1/ 100).
(5)
في أرسمت هكذا: "والظّعن".
(6)
في أ: "تطيب" وهو تحريف بالنقص.
(7)
هكذا -أيضًا- وردت جملة: "كقول الشاعر" ضمن كلام المصنِف في: أ، ب. وليست ضمن ف.
والبيتُ من السَّريع، وقائلُه أبو العلاء المعرِّي. قاله ضمن قصيدة يرثي بها جعفر بن =
إن الذِي الوَحْشَةُ في دَارِه
…
تُؤْنِسُهُ الرحْمَةُ في لَحْدِهِ
وإنَّما أوردَ السَّكّاكي هذا البيتَ مثالًا للتَّنبيه على معنى آخر غير الخطأ (1)، كعلى (2) التَّطييب، فعلى هذا هو مثال لما هو قسمٌ للتَّنبيه، وعلى ما فعله المصنِّفُ لما هو قسيم للتَّنبيه (3).
= على رضي الله عنه. وقد ورد في سقط الزّند: (28)، وشروح سقط الرند:(3/ 127)، وشرح التنوير على سقط الزّند:(2/ 10).
واستشهد به صاحبُ المفتاح: (182)، والتبيان:(242).
(1)
حيث قال (مفتاح العلوم: 182): "وربّما جعل ذريعة إلى التّنبيه للمخاطب إلى خطأ؛ كقوله: إن الذين ترونهم
…
أو على معنى آخربم كقولهم: إنّ الذي الوحشة
…
".
(2)
في الأَصل: "كعلة" والصّواب من: أ، ب. وهو الموافق للسّياق قبله.
(3)
وحاصلُ الخلاف بين المصنِّف والسَّكاكيِّ في الاستشهاد بالبيت يعود إلى سببين رئيسين:
الأوَّل: سبب مباشر؛ وهو اختلاف التَّقسيم بينهما -في هذا الموضع-؛ حيث إنّ المصنِّف لم يفرّق بين الإيماء إلى وجه بناء الخبر مطلقًا، وبين ما يتفرع من الاعتبارات الأخرى؛ فقد جعل المصنِّف التَّعظيم والإهانة مختصا بالتّعليل؛ بينما جعله السَّكاكيُّ من فروع الإيماء إلى وحه البناء مطلقًا.
كما أنّ المصنِّف جعل التّعليل مقابلًا للفروع؛ بينما لحظه السَّكاكيّ في الكلّ.
وتبعًا لاختلاف التقسيم اختلف إيراد البيت.
الثاني: سبب غيرُ مباشر؛ وهو اختلاف المنهج بين المصنّف والسَّكاكيِّ في عرض مباحثهما بعامّة؛ حيث إِن المصنِّف عالج مباحث أحوال المسند إليه وأحوال المسند من خلال الدّمج بينهما -رومًا للاختصار؛ بخلاف السَّكاكيِّ الذي فَصَل بينهما؛ ممّا نتج عنه اختصاص بعض الأحوال إمَّا بالمسند إليه أو بالمسند، وعدم صلاحيّتها للتَّعميم؛ الأمر الذي تعذّر معه -أحيانًا- مسايرة المصنِّف للسكّاكي =
وحاصلُه: أن معنى بناءِ الخبرِ على الموصول كونُ الموصولِ مَع صلتهِ بحيثُ يكون بينه وبينَ الخبرِ تعلُّقٌ يقتضِي بناءَه عليه وإسناده إليه، ويكُون هو الباعثُ على الإِخبار، وذلك إِمَّا بالتَّعريض للتَّعظيم؛ نحو:"إن الذِي سمك السَّماءَ"، وإِمَّا بالعَلِّية لميّة (1)، نحو:{إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا} (2)، أو آنيَّة (3)، وهو الذي عبَّر عنه بتحقيق الخَبر، نحو:"إن الّتي ضَرَبت"، وإِمَّا بالرَّدِّ عليه والتَّنبيه على الخطأ، نحو:"إِن الذين ترونهم (4) "، وإِمَّا بغيرِ (5) المذكورات، نحو:"إن الذي الوحشة في داره (6) ". وعلى هذا التَّوجيه لا يَرِدُ اعتراضٌ، فتأَمَّل.
= بدقّة تامّة.
(1)
عنى بقوله: "لميّة" الشَّيءَ المنتظرَ الوقوع. من "لَمّا". ينظر: اللِّسان: (لمم): (12/ 553).
(2)
سورة الكهف: من الآية: 107. وفي أ، ب: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ}.
(3)
عنى بقوله: "آنية" الشّيءَ الحائنَ الوقوع. من "أوان" أو "إوان" بمعنى الحين.
ينظر: اللّسان: (أون): (13/ 39).
(4)
في أ، ب، زيد:"إخوانكم".
(5)
في أ: "لغير".
(6)
قوله: "في داره" ساقط من ب.
والإشارةُ؛ أي: يُختارُ الإِشارةُ، وهو (1) متى صحَّ إِحْضاره الشَّيءَ في ذهن السامع بواسطةِ الإشارةِ الحسِّيَّةِ إليه؛ لا الإشارةِ العَقْليَّة (2) -كما في الموصولاتِ- لوجوهٍ:
الأَوَّل: تعيُّنه؛ أي: اسم الإشارة طريقًا إلى إحضاره (3)،
بأن لا يكون لكَ أو لسامعك طريقٌ إليه سواها (4).
الثاني: العنايةُ بكمالِ التَمييزِ، إذ التَّمييزُ والتَّعيينُ بالحسِّ أَكملُ؛ كقوله (5):
(1) هكذا في الأَصل، ب؛ بالتَّذكير؛ على اعتبار مضاف محذوف تقديره:"اسم" أعني: اسم الإشارة. وفي أ: "وهي" بالتّأنيث. والأول أولى لوجود ما يدل على المحذوف قبل الضَّمير؛ وهو قوله: "يختار"، وبعده؛ وهو قوله:"تعينه" وكلاهما للمذكّر. أما تأنيث الضمير في المفتاح فمردّه إلى أنّ الضَّمير يعود إلى مؤنّث في قوله: "وأما الحالة".
(2)
وذلك لأن الأَصل في "أسماء الإشارة أَنْ يشار بها إلى مشاهد محسوس قريبٍ أو بعيد؛ فإن أشير بها إلى محسوس غير مشاهد، أو إلى ما يستحيل إحساسه ومشاهدته؛ فلتصيِّره كالمشاهد، وتنزيل الإشارة العقلية منزلة الحسية" المطوّل؛ للتفتازاني: (77).
(3)
و (4) الضمير فيهما يعود إلى الشَّيء المراد إحضاره في ذهن السامع. ومثاله: قولك عمن لا يمكن إحضاره بطرق التَّعريف الأخرى: "هذا رجل عالم؛ فاعرفه! " أو "هذا لا أعرفه؛ فمن هو؟ ".
(5)
البيتان من الكامل. وقد وردا مَنْسوبين لأكثر من شاعر؛ فقيل: إنهما لرجل يمدح حاتمًا. (عروس الأفراح للسّبكي -ضمن شروح التلخيص-: 1/ 313، =
وإذَا تَأَمَّلَ شَخْصَ ضَيْفٍ مُقْبلٍ
…
مُتَسَرْبِلٍ سِربال (1) لَيْلٍ أَغْبَر
أوما (2) إِلى الكَوْمَاءِ (3): هذا طَارِقٌ
…
نَحَرَتْنِيَ الأَعْدَاءُ إن لَمْ تُنْحَر!
فإنّه لَمَّا أراد أن يُميِّز المشارَ إليه أكملَ تمييزٍ ذكرَ اسمَ الإشارةِ؛ وقال: "هذا طارقٌ".
الثّالثُ: التَّنبيهُ على غباوةِ السَّامع وادعاء أن الشَّيءَ لا يتميَّز عنده إلَّا بالحسِّ؛ ولا يَفهم إلا (4) بالإشارة الحسية؛ كقولِ الفرزدقِ (5) في
= ومعاهد التّنصيص: 1/ 108). وقيل: إنهما لحسَّان بن ثابت رضي الله عنه: (غاية الأرب: 3/ 203)، وهما في ديوانه ضمن الشِّعر المنسوب له:(387).
وقيل: إنهما لابن المولى؛ محمَّد بن عبد الله بن مسلم: (سمط اللآلي: 1/ 182). وقيل: إنهما للعلويِّ صاحبِ الزّنج: (مجموعة المعاني: 34). وقيل: إنهما لأعرابي: (زهر الآداب: 2/ 845)، وقيل: إنهما لبعض الإسلاميين: (ديوان المعاني: 1/ 47).
والبيتان من غير نسبة في كتاب الأمالي للقالي: (1/ 45) برواية: "متسربل أثواب عيش أغبر".
واستشهد بهما في المفتاح: (183)، والمصباح:(17)، والإيضاح:(2/ 18).
(1)
مُتسربل السِّربال: لابس القميص. ينظر: اللِّسان: (سربل): (11/ 335).
(2)
أَوْ ما: مخففة: (أومأ)؟ بمعنى: أشار. ينظر: اللّسان: (ومى): (15/ 415).
(3)
الكوماءُ: النَّاقةُ العظيمة السِّنام. ينظر: اللِّسان: (كوم): (12/ 529).
(4)
أداة الاستثناء: "إلا" ساقطة من أ؛ ومستدركة في الحاشية.
(5)
هو أبو فراس؛ همّام بن غالب بن صَعْصَة التَّميميّ البصريّ، اشتهر بالفرزدق. شاعر ذا أثر عظّيم في اللّغة؛ قيل عنه: لولا شعر الفرزدق لذهب ثلث لغة العرب. كان شريفا في قومه، عزيزا في نفسِه. له ديون شعر، توفّي في بادية البصرة سنة 110 هـ. =
خطابه جَريرًا (1):
أولئِكَ آبائِي، فَجِئْني بِمثْلِهِم،
…
إذا جَمَعَتْنا يا جَرِيرُ المَجَامعُ! (2)
الرّابع: التَّهكُّمُ؛ أي: الاستهزاء أو التَّمَسْخُر (3)، كما تقول (4) للأعمى:"هذا هذا"؛ وليس ثَمةَ شيء يُشارُ إليهِ.
= ينظر في ترجمته: طبقات ابن سلّام: (2/ 298)، الشّعر والشعراء؛ لابن قتيبة:(111)، الأغاني:(5/ 221)، معجم المرزباني:(411)، سير أعلام النبلاء:(4/ 590).
(1)
هو أبو حرزة؛ جرير بن عطيّة بن الخطفي التّميميّ البصريّ. شاعر مطبوع، ولد باليمامة، ونشأ بالبادية؛ فانطلق لسانُه، وتفتقت موهبتُه، ثم ارتحل إلى البصرة ينتجع الكرماء، ويمدح الكبراء؛ فشبّت بينه وبين الفرزدق والأخطل نارُ الهجاء. توفّي سنة 110 هـ ودفن باليمامة.
ينظر في ترجمته: طبقات ابن سلّام: (2/ 297)، والشّعر والشعراء:(108)، وفيات الأعيان:(1/ 301 - 307)، وسير أعلام النُّبلاء:(4/ 590 - 591).
(2)
البيتُ من الطّويل. وهو في ديوان الشّاعر: (2/ 42) ضمن قصيدة طويلة يهجو فيها جريرا ويفتخر بنسبه. وهو -أيضًا- في النقائض: (2/ 699)، والإشارات:(184).
واستُشْهد به في المفتاح: (184)، والمصباح:(18)، والإيضاح:(2/ 19)، والتّبيان:(244).
(3)
في ب: "والتَّمسخر" بالعطف بالواو. وحرف العطف والكلمة بعده سقطا من: أ.
(4)
في أ: "كما يقال".
الخامسُ: بيان حالهِ في القربِ والبعدِ والتَّوسُّطِ بـ "هذا" و"ذلك" و"ذاك" فإن "هذا" يشار به إلى القَريب، و"ذلك" إلى البعيد، و"ذاك" إلى المتوسِّط. وكأنه (1) بحسبِ زيادة الحروفِ يزداد البُعدُ؛ إذ به كمال التمييز [إذ ببيانِ حالهِ من التَّوسُّطِ وطَرَفيْه يحصل كمال التّمييز](2) المطلوب من الإشارة، نحو:{أُولَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} (3).
وقد يعتبرُ القربُ في الرُّتبةِ تَحْقيرًا (4)، وذلك فيما يُشار إليه إشارة القريب، ويُراد قربه في المرتبةِ -لا القرب المكاني- وانحطاطُه فيها، تحقيرًا للمشار إليه واستِرْذالًا له؛ نحو:{أَهَذَا الَّذِي بَعَثَ اللَّهُ رَسُولًا} (5)، وكما يحكيه القائل عن امرأته (6):
(1) في أ: "فكأنه". وفي ب: "وكانت" ولا وجه له.
(2)
ما بين المعقوفتين ساقط من الأَصل، ومثبت من: أ، ب. ولعلّه سقط من انتقال النَّظر.
(3)
سورة البقرة، الآية:5.
(4)
هكذا وردت العبارة في ف. وفي ب: "وقد يُعتبر القربُ والبعدُ تحقيرًا".
(5)
سورة الفرقان، من الآية: 41، وقبل الجزء المستشهد به:{وَإِذَا رَأَوْكَ إِنْ يَتَّخِذُونَكَ إلا هُزُوًا} .
(6)
في ب: "امرأة".
والبيتُ من الطويل؛ وقد ورد منسوبًا إلى الهذلول بن كعب العنبريّ في ديوان الحماسة شرح التّبريزي: (2/ 228) برواية: "تقول وصكت"وفي شرح المرزوقيّ: (2/ 696) برواية: "تقول ودقَّتْ صدرها".
كما ورد منسوبًا إلى أعرابي من بن سعد بن زيد بن مناة بن تيميم في قول أبي =
تَقُولُ وَدَقَّتْ نَحْرَهَا بِيَمِينِها
…
أبعْلِي هَذَا بالرَّحى الْمُتَقَاعِسُ؟! (1).
أَوْ البُعْدُ [أي](2) وقد يُعتبر البعدُ فيها -في الرُّتبةِ- تعظيمًا، وذلك فيما يُشارُ إليه إشارة البعيد، ويُرادُ بعدُه في المرتبة (3) وارتفاعُه فيها؛ كأنه بلغ الدَّرجَةَ العليا، بحيثُ لا يُدرك قُربه، نحو: قوله -تعالى-:
{الم (1) ذَلِكَ الْكِتَابُ} (4) ذهابًا إلى بُعدِه درجةً، فإن الكتابَ لَمَّا كان قريبًا وأُشير إليه إشارةَ البعيدِ عُلِم أنَّه لا يريدُ البُعدَ المكاني، بل البُعدَ الرُّتبيَّ.
= العبّاس، وإلى ابن محلم السعدي في قول أبي الحسن، في الكامل في اللغة والأدب:(1/ 35). برواية: "تقول وصكت صدرها". وإلى الأخير نسَبهُ صاحبُ العقد الفريد: (1/ 109) برواية: "تقول وصكت وجهها".
وبرواية المتن استشهد بالبيت في المفتاح: (184)، والإيضاح:(2/ 20)، والتّبيان:(245).
(1)
المُتقاعِسُ: الذي يدخل ظهره ويخرج صدره، ضدّ الأحدب. ينظر: اللّسان: (قعس): (6/ 177).
(2)
ما بين المعقوفتين مثبت من: أ، وعلى مثله درج الشارح.
(3)
في الأَصل: "الرتبة" والصَّواب من: أ، ب، وهو الموافق لا يقابله قبله؛ وهو قوله:"ويراد قربه في المرتبة".
(4)
سورة البقرة، الآية: 1، وبعض الآية:2.
أَوْ خلافه (1) قد يُعتبر البُعدُ في الرُّتبة بخلاف التَّعظيم، أي (2):
التَّحقير؛ كما يُقال: ذلك اللعين، وهو حاضرٌ تبعيدًا له عن ساحة العزَّةِ لاسْتِرْذَالِه. هذا كما هو في "المفتاح" (3)؛ لكن قال المصنِّف بحمله -أيضًا- على التَّعظيم (4)؛ أي: ذلك اللعينُ العظيمُ المرتبة الرَّفيعها (5) في اللعن.
قوله: "أوْ خلافه" بالنَّصبِ عطفٌ على قوله: "تعظيمًا"؛ ولا يجبُ في معطوفِ المفعولِ له التَّنكيرُ؛ بل في نفس المفعولِ له.
(1) هكذا في الأصل. وفي أ، زيادة:"أو" والمعنى تام بدونها. وفي ب: "أي" وقد وردت "أي" في جميع النّسخ مرّة أخرى في نفس الفقرة عندما قال الشّارح عقب ذلك بقليل: "أي: التحقير" وليس من عادة الشَّارح تكرارها في فقرة واحدة.
(2)
في ب: "أو" وعليه تندرجُ نكتٌ أخرى خلاف التَّعظيم والتَّحقير، والمثال بعده يضعف ذلك.
(3)
ينظر ص (184).
(4)
هذا القولُ من جملة ما نقلَه الكرمانيُّ عن شيخه الإيجي، ولم أعثر عليه في مؤلّفات المصنّف التي بين يديّ.
(5)
هكذا في الأصل، ب. وفي أ:"الرّفيع".
والمُعَرَّفُ باللامِ للإشارة إلى الحقيقةِ؛ أي: يُختار المعرَّفُ باللام إذا كان المقصودُ به الإشارة (1) إلى نَفْس الحقيقةِ -أي: الماهيّة التي يُعبَّر عنها في عُرْفهم بالجنس-، وهذا التَّعريفُ يُسمَّى: تعريفُ الجنسِ، وتعريف الماهيَّةِ، وتعريف الحقيقة (2). نحو:{وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ} (3) أَي: جعلنا مبدأَ كلِّ شيءٍ حي هذا الجنسِ الذي هو جنس الماءِ؛ حتَّى الملائكة؛ فإنَّها خُلقت من ريح خُلِقت من الماءِ، والجنّ فإِنَّه خُلق (4) من نارٍ خُلقت من الماء -كمَا جاء في الرِّوايات- (5).
أَوْ للاستغراق؛ أي: وإذا (6) كان المقصودُ العمومَ إمَّا مُطلقًا؛ وذلك بأَن لَمْ ينقلْ عن الحقيقة اللُّغويَّة، ولم يُقيَّد بعُرفٍ أَوْ غيره، فيَستغرق جميعَ أفراد ذلك الاسم بحسب اللغة؛ وهو الاسْتغراقُ الحقيقيُّ؟ نحو:{إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ} (7) أي: جميع أفراد الإنسان بشهادة استثناء
(1) قوله: وإذا كان المقصود به الإشارة"، ورد على أنه من كلام الإيجي في الأصل.
وليس في ف. ويبدو أنه وهمٌ من النّاسخ.
(2)
ينظر: شرح قطر النَّدى وبلّ الصّدى؛ لابن هشام: (89).
(3)
سورة الأنبياء، من الآية:30.
(4)
في أ: "فإنها خلقت" وكلاهما جائز.
(5)
ينظر: الكشّاف: (3/ 195) طبعة الاستقامة.
(6)
في أ،:"إذا" بحذف الواو. وفي ب: "أو إذا" بزيادة الهمزة قبل الواو. وعلى الكل المعنى ظاهر.
(7)
سورة العصر: من الآية 2.
{إلا الَّذِينَ آمَنُوا} (1) عنه؛ إذ الاسْتثناءُ مِعْيارُ العُمومِ. أَوْ مقيدًا (2)؛ وهو بخلافه (3)؛ فيستغرق لم جميع أَفرادِه بحسبِ ذلك القيدِ (4)؛ كالعُرفِ -مثلًا-، وهو الاستغراقُ العُرفي؛ نحو:"جمعَ الأَميرُ الصاغة"؛ إذا جمع صاغةَ مملكته لا صاغةَ الدُّنيا.
أَوْ للَعهد؛ أي: وإذا (5) كان المقصودُ حِصَّةً معهودةً من الحقيقة؛ كما إذا قال [قائلٌ](6): "جاءني رجلٌ من قبيلةِ كذا"، فتقول:"الرَّجلُ فعلَ كذا" لفظا؛ نحو: {كَمَا أَرْسَلْنَا إِلَى فِرْعَوْنَ رَسُولًا (15) فَعَصَى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ} (7)، (8) أَوْ ذِهْنًا؛ نحو:{أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ} (9)(10).
(1) سورة العصر: من الآية 3.
(2)
هكذا -أيضًا- في ف. وفي أ: "وإِمَّا مقيّدًا" بالعطف بالواو، وزيادة:"إمَّا" ضمن كلام الشّارح. وفي ب: "أو إمّا مقيّدًا" بالعطف بـ "أو"، وزيادة إما ضمن كلام الشارح.
(3)
أي: بخلاف الاستغراق الحقيقيّ.
(4)
في ب: "المقيّد".
(5)
هكذا في الأصل. وفي أ، ب:"أو إذا".
(6)
ما بين المعقوفتين ساقط من الأَصل، ومثبت من: أ، ب. ولا بد منه لاستقامة السِّياق.
(7)
أي: الرسول المذكور سابقًا.
(8)
سورة المزمل، من الآيتين: 15، 16.
(9)
أي: محمدًا، المعهود في أذهانكم.
(10)
سورة محمّد، من الآية:33.