المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌خاتمةٌ: قد يُعْدلُ عن مُقْتضى الظَّاهر (1)، فيوضعُ اسمُ الإشارةِ موضعَ - تحقيق الفوائد الغياثية - جـ ١

[الكرماني، شمس الدين]

فهرس الكتاب

- ‌التّمهيد: التّعريف بالعضد الإيْجيّ وكتابه "الفوائد الغياثيّة

- ‌المبحث الأول التعريف بعضد الدّين الإيْجي

- ‌المبحث الثّانِي: التّعريف بكتابه "الفوائد الغياثيَّة

- ‌عنوانه:

- ‌سبب تأليفه:

- ‌مضمون الكتاب:

- ‌الفصل الأوّل: التّعريف بشمس الدِّين الكرمانيّ

- ‌التّمهيد: نبذةٌ موجزةٌ عن عصر الكرمانِيّ

- ‌1 - الحالةُ السّياسيةُ:

- ‌2 - الحالةُ الإجْتماعيّة:

- ‌3 - الحالةُ العلميَّة:

- ‌المبحث الأوّل: حياة الكرمانيّ

- ‌المطلب الأوّل: اسمه، ونسبه، ولقبه، وكنيته

- ‌المطلب الثّاني:‌‌ مولده، ونشأته، ورحلاته

- ‌ مولده

- ‌نشْأته ورحلاته:

- ‌المطلب الثّالث:‌‌ عقيدته، وأخلاقه، وصفاته

- ‌ عقيدته

- ‌أخلاقه وصفاته:

- ‌المبحثُ الثاني شُيوخُه، وتَلاميذُه، ومكانتُه العلميّة

- ‌المطلب الأوّل: شيوخه

- ‌المطلب الثّاني: تلاميذه

- ‌المطلب الثالثُ: في مَكانته العلميَّة

- ‌المبحث الثَّالثُ: مصنّفاتُه ووفاتُه

- ‌المطلب الأوّل: مصنّفاته

- ‌المطلب الثانِي: وفاته

- ‌الفَصلُ الثّاني: التَّعريف بكتاب "تحقيق الفوائد

- ‌المبحث الأوَّل: اسمُ الكتابِ، وتوثيقُ نسبتهِ للمؤلّفِ، ومنهجُ المؤلّف فيه

- ‌المطلب الأوّل: اسم الكتاب

- ‌المطلبُ الثَّاني: توثيقُ نسبته للمؤلِّف

- ‌المطلبُ الثَّالثُ: مَنْهج المؤلِّف فيه

- ‌المبحث الثَّاني: مصادرُ الكتاب وشواهدُه

- ‌المطلب الأوّل: مصادرُ الكتاب

- ‌المطلب الثّاني: شواهدُ الكتاب

- ‌المبحث الثّالث: تقويم الكتاب

- ‌المطلبُ الأَوَّل: مزايا الكتاب

- ‌1 - حسن التّبويب والتنظيم:

- ‌2 - التَّوسُّط والاعتدال:

- ‌3 - اشتمال الكتاب على بعض الفوائد المهمّة:

- ‌4 - ظهور شخصيّة المؤلّف العلميّة بشكل واضح:

- ‌5 - اشتمال تحقيق الفوائد على بعض آراء الإيجيّ الّتي لم ترد في مختصره:

- ‌6 - اشتمال تحقيق الفوائد على أصحّ نسخ المختصر:

- ‌7 - وضوح المعنى، وسلامة الأسلوب غالبًا:

- ‌المطلب الثّاني: المآخذ عليه

- ‌1 - أخطاء عقديّة:

- ‌2 - أخطاء منهجيَّة:

- ‌3 - خطأ علمي:

- ‌4 - أخطاء أسلوبيّة:

- ‌المبحث الرّابع: وصف مخطوطات الكتاب، ومنهج التّحقيق

- ‌المطلبُ الأوَّل: وصفُ مخطوطاتِ الكِتابِ

- ‌أوّلًا: النّسخ المعتمدة:

- ‌1 - النّسخة الأصل:

- ‌2 - النُّسخة (أ):

- ‌3 - النُّسخة (ب):

- ‌ثانيًا: النسخ المهملة:

- ‌1 - نسخة مكتبة شهيد:

- ‌2 - نسخة مكتبة مشهد:

- ‌3 - نسخة المتن:

- ‌المطلبُ الثاني: منهجُ التحقيق

- ‌المقدّمة

- ‌الفصل الأوّلُ: في علْمِ المعاني والكلامِ في الخَبر والطّلبِ

- ‌القانونُ الأوّلُ: في الخبر

- ‌الفنُّ الأوّلُ: في الإسنادِ:

- ‌الفنُّ الثَّاني: في الْمُسْنَدِ والْمُسْنَد إليه

- ‌النوعُ الأَول: في‌‌ الحذفوالإثباتِ

- ‌ الحذف

- ‌الإثباتُ

- ‌النوعُ الثاني: في‌‌ التَّعريفبأَقْسامه (*)، والتَّنْكير

- ‌ التَّعريف

- ‌تنبيه:

- ‌تنبيه:

- ‌تَذْنِيب

- ‌التَّنكيرُ

- ‌النُّوعُ الثَّالثُ: في التَّوابع

- ‌الوصفُ

- ‌التَّوكيدُ

- ‌البيانُ

- ‌البَدَلُ

- ‌العطفُ

- ‌خاتمةٌ:

- ‌تذنيبٌ:

- ‌الفَنُّ الثَّالثُ: في وضع الطَّرفين (*) كُلّ عند صاحبه

- ‌ التَّقديم

- ‌النَّوعُ الأَوَّل: في التَّقديم والتَّأخير

- ‌تذنيباتٌ

- ‌النَّوعُ الثَّاني في الرَّبطِ والتَّعلُّق

- ‌تنبيهاتٌ

- ‌أدواته)

- ‌النوع الثالث (*): في القصر

- ‌ طرق القصرِ

- ‌خاتمةٌ:

- ‌الفنُّ الرّابعُ (*): في وضعِ الجملتينِ، والكلامِ في الوصلِ والفصل، وفي الإيجازِ والإطنابِ، وفي جعلِ إحداهما حالًا

- ‌النّوعُ الأوّلُ: في الفصلِ والوصلِ

- ‌الوصلُ

- ‌الفصلُ

الفصل: ‌ ‌خاتمةٌ: قد يُعْدلُ عن مُقْتضى الظَّاهر (1)، فيوضعُ اسمُ الإشارةِ موضعَ

‌خاتمةٌ:

قد يُعْدلُ عن مُقْتضى الظَّاهر (1)، فيوضعُ اسمُ الإشارةِ موضعَ الضَّمير.

جميعُ ما ذكرنا من الحالاتِ المقتضيةِ لاختلافِ أحكامِ الْمُسندِ إليه أَوْ الْمُسندِ (2) هو مقتضى الظَّاهر، ثُمَّ قد يُعدل عنه ويُخرَجُ الكلامُ لا على مقتضى الظّاهر؛ فيُوضع اسمُ الإشارةِ موضع الضَّمير؛ وذلك إمَّا للعناية بتمييزه (3)؛ كقوله (4):

(1) جميع ما ساقه المصنِّف من أقوالٍ تتعلّق بالسند أو السند إليه؛ ابتداءً من مفتتح الفنّ الثّاني إلى ها هنا مما جرى على مقتضى الظّاهر.

وقد يجري بعض ما تعرّض له على خلاف مقتضى الظّاهر؛ فناسب أن يختم كلامه في نهاية الفن بما يوضّح ذلك.

(2)

قوله: "أو المسند" ساقط من أ.

(3)

لكونه مختصًّا بحكم بديع عجيب الشّأن. ينظر: المفتاح: (197).

(4)

البيتان من البسيط، وقائلهما: أحمد بن يحيى؛ المعروف بابن الرّوانديّ. وهما في المفتاح: (197)، والمصباح:(29) والإيضاح: (2/ 83)، والتّبيان:(245)، ومعاهد التّنصيص:(1/ 147).

والشَّاهد في اسم الإشارة "هذا"؛ حيث عاد إلى غير محسوس؛ وهو كون العاقل محرومًا والجاهل مرزوقًا، وكان الأَولى بالمقام الضّمير؛ لكونه موضوعًا لغير المحسوس؛ بخلاف اسم الإشارة فإنه موضوع للمحسوس. والحكم البديع الذي سوّغ ذلك هو جعل الأوهام حائرة، والعالِم المتقن زنديقًا.

ص: 387

كَمْ عَاقِلٍ عَاقِلٍ (1) أَعْيَتْ مَذَاهِبُهُ (2)

وَجَاهلٍ جَاهِلٍ تَلْقَاهُ مَرْزُوقا

هَذَا الَّذي تَركَ الأَوهامَ حائِرَةً

وصَيَّرَ العَالِمَ النِّحْرِيرَ (3) زِنْدِيقا (4)

أَوْ للتهكُّم؛ أي: للاستهزاء (5) والسُّخرية بالسَّامع، كما إذا كان فاقدَ البصرِ؛ فيسْخر منه؛ ويقال: هذا أبصر".

أَوْ لإيهام بَلادَةِ السَّامعِ بأنّه لا يُميِّزُ بين المحسوسِ بالبصرِ وبين غيرِه؛ فيُشار إلى غير المحسوسِ عنده بما يُشار إلى المحسوس؛ عسى أن يُدركَه.

أَوْ كمالِ فطَانتهِ، أي: لإيهامِ كمالِ فطانةِ السَّامع بأنَّ غيرَ المحسوسِ بالبصرِ عنده كالمحسوسِ عند غيره.

أَوْ لظهورِه؛ فهو عنده كالمحسوسِ؛ فيُشار إِليه باسمِ الإشارةِ،

(1)"عاقل" الثَّانية صفة لـ "عاقل" الأولى، أي: كامل العقل متناهٍ فيه. وقِسْ على ذلك "جاهل" الثَّانية.

(2)

عيِيَ فلان بالأمر: إذا عجز عنه. اللّسان: (عيا): (15/ 114).

ومراده بـ "أعيت مذاهبه": أعجزته وصعبت عليه طرق معايشته. معاهد التّنصيص: (1/ 148).

(3)

النّحرير: الحاذق الماهر العاقل المجرّب. وقيل: الرّجل الطَّبِن الفَطِن المتقن البصير.

اللّسان: (نحر): (5/ 197).

(4)

الزِّنديق: من الثَّنَويَّة، أو القائل بالنُّور والظّلمة، أو من لا يؤمن بالآخرة وبالرُّبوبية، أو من يُبْطن الكفرَ ويُظهر الإيمان، أو هو مُعرَّب: زن دين؛ أي: دين المرأة.

القاموس المحيط: (زنديق): (1150).

(5)

في أ، ب:"الاستهزاء".

ص: 388

كقوله (1):

تَعَاللْتِ (2) كَيْ أَشْجَى (3) وَمَا بِكِ عِلَّةٌ

تُرِيدِينَ قَتْلِي قَدْ ظَفِرْت بَذَلِكِ.

أي: بقتلي، وكان القياسُ أن يقولَ:"به" ولكن لَمَّا كان قتلُه بادِّعاءِ الشَّاعرِ كأنَّه ظهرَ ظهور المحسوس بالبصرِ أشار إليهِ باسمِ الإشارة لا بالضَّمير.

والمظهرُ؛ أي: ويُوضعُ (4) المظهرُ، موضعَ المضمر؛ فيوضع موضعَ الضَّميرِ (5) الغائب؛ لتمكين نقشه نقش المُظهر (6)، نحو: {اللهُ

(1) البيتُ من الطَّويل. وقد اختُلف في قائله ولفظه؛ والمشهور: أنّه لابن الدُّمينة، ولم أجده في ديوانه؛ لكن نسب إليه برواية المتن في الأغاني:(9/ 63)، ودلائل الإعجاز:(90)، والحماسة البصريّة:(2/ 107).

وبرواية: "تمارضت"؛ منسوبًا لعلية بنت المهديّ، في العقد الفريد؛ لابن عبد ربّه:(2/ 453)، وبرواية: "تمارضت

قد رضيتُ بذلك"؛ منسوبًا لمرّة؛ في أمالي القالي: (1/ 31) وفي كلا المصدرين المتقدّمين وردت الرّوايتان عن أبي العبّاس المبرّد؛ غير أنّي لم أعثر على الأبيات في كتابه الكامل.

وقد استُشهد بالبيت في نهاية الإيجاز: (110)، المفتاح:(197)، والمصباح:(29)، والإيضاح:(2/ 83)، والتّبيان:(245). وهو في معاهد التّنصيص: (1/ 159).

(2)

تعاللت: ادّعيت العلّة؛ أي: المرض. ينظر: اللِّسان: (علل): (11/ 471).

(3)

أشجى: أحزن. اللَّسان: (شجا): (14/ 423).

(4)

في ب: "يوضع" بحذف الواو.

(5)

في أورد قوله: "المضمر

الضّمير، ضمن كلام المصنِّف، وليس في ف.

(6)

في أورد قوله: "نقش المظهر" ضمن كلام المصنِّف، وليس في ف.

ص: 389

الصَّمَدُ} (1) دُون هُو الصَّمَد، أَوْ موضعَ الضَّميرِ المتكلِّم؛ لتربية المهابة في عينِ السَّامعِ، وإدخال الرَّوْعةِ في ضميره؛ كما يقولُ الخليفةُ:"أميرُ المؤمنين يأمرُك بكذا"، أَوْ:"الخليفةُ يرسمُ لك"، مكان:"أنا آمرُ"، أَوْ "أرسم". أَوْ لتقوية الدَّاعيةِ؛ أي: داعية المأمُور، نحو:{وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ} (2): تركَ (3) ضميرَ النَّفسِ (4) وهو: "اليَاء" بأن يقول: "وعليَّ"(5) إلى المظهر وهُو الله؛ فإنَّ داعيتَه إلى التَّوكّل تتقوَّى بسماع لفظةِ "الله" بخلافِه لو قيلَ: "وعليَّ"(6).

والمضمرُ (7)؛ أي: يوضعُ المضمَرُ موضعَ المظهرِ عكس المذكور؛ كقوله -تعالى-: {قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ} (8)، لأنَّه -أي: السَّامع- إذا لم يَفْهَمْ من الضَّمير معنيَّ ينتظرُ ما يردُ عليه فيتمكّن المسموعُ

(1) سورة الإخلاص، الآية:2.

(2)

سورة إبراهيم، من الآية:12.

(3)

في أ: "بترك".

(4)

في ب: "الضَّمير" بدلًا من قوله: "ضمير النّفس".

(5)

في: أ، ب:"عليَّ" بحذف الواو.

(6)

في ب: "عَلَيَّ" بحذف الواو.

(7)

هكذا -أيضًا- في ف. وفي ب: "المضمر" بحذف الواو.

(8)

سورة الإخلاص، الآية:1.

ص: 390

بعده والواردُ عقيبه أكثرَ تمكُّن وأَفْضله (1)؛ لما (2) مرَّ غير مرَّة (3): أنَّ المحصولَ بعد الطَّلب أعزُّ من المُنْساقِ بلا تعبٍ. ولذلك؛ أي: ولتمكُّن (4) الواردِ أكثر تمكُّن. التُزِمَ تقديمُهُ؛ أي: تقديم ذلك الضَّمير -أي: ضمير الشَّأنِ الَّذي وضعَ موضعَ المُظْهر-.

ثمَّ إن الحكايةَ والخطابَ والغيبةَ ثلاثتها يُستعملُ كلٌّ مقامَ الآخر، أَوْ يُنتقلُ منه إليه؛ ويُسمَّى التفاتًا.

قال في "المفتاح"(5): "واعلم: أن هذا النَّوع -أعني: نقلَ الكلامِ عن (6) الحكايةِ إلى الغيبةِ- لا يختصُّ المسند إليه ولا هذا القدْر (7)،

(1) يقول الإمام عبد القاهر الجرجانيّ رحمه الله في بيان مزيّة ذلك (دلائل الإعجاز: 132 - 133): "ومن ها هنا قالوا: إن الشَّيءَ إذا أُضمر ثُمَّ فُسِّر كان ذلك أفخم له من أن يذكر من غير تقدِمة إضمار

ولم يكن ذلك كذلك إلَّا لأنّك تعلّمه إيّاه من بعد تقدمة وتنبيه؛ أنت به في حكم من بدأ وأعاد ووطد، ثم بنى ولوّح ثمّ صرّخ. ولا يخفى مكان المزيّة فيما طريقه هذا الطريق".

(2)

في أ: "كما".

(3)

راجع ما تقدّم ص (291) وص (333) من قسم التّحقيق.

(4)

في الأصل: "وليتمكن". والصَّواب من أ، ب؛ لأنّ العلّة في تقديمه تمكنّه لا تمكينه.

(5)

ص: (199).

(6)

كذا -أيضًا- في مصدر القول. وفي أ: "من".

(7)

أي: النّقل من الحكاية إلى الغيبة.

ص: 391

بل الحكايةُ والخطابُ والغيبةُ (1)، ثلاثتُها ينقلُ كلُّ واحد منها إلى الآخر.

ويُسمَّى هذا النقل: التفاتًا عند عُلَماء (2)[علمِ](3) المعاني".

ولَمَّا كان مُراد السَّكَّاكيِّ من النَّقلِ أعمَّ من النَّقلِ التَّحقيقيِّ؛ وهو أن يُعبَّرَ عنه بطريقٍ من هذه الطُّرقِ بعد ما عُبِّر عنه بطريقٍ آخر (4) منها، ومن النَّقل (5) التقديريِّ؛ وهو أن يُعبَّر عنه بطريقٍ مِنها فيما كانَ مقتضى الظَّاهرِ أن (6) يعبَّر عنه بغيره منها؛ بدليل الأمثلة؛ كما في أوَّلِ بيتِ امرئ القيْسِ (7)، حيثُ قال (8):

(1) الترتيب كذلك -أيضًا- في مصدر القول. وفي ب تقدمت كلمة "الغيبة" على كلمة "الخطاب".

(2)

في ب: "العلماء" ولا يستقيم السِّياق بها.

(3)

ما بين المعقوفتين غير موجود في الأصل، ومثبت من أ، مصدر القول.

(4)

كلمة: "آخر" ساقطة من: أ.

(5)

عبارة: "وهو أن يعبر

ومن النَّقل" ساقطةٌ من ب، وهو من انتقال النّظر.

(6)

في الأصل: "بأن". والمثبت من: أ، ب؛ وهو الأولى.

(7)

هو امرؤٌ القيس بن حُجر بن الحارث الكنديّ؛ آكل المرار، اشتهر بلقبه، واختلف في اسمه. إمام الشّعراء الجاهليين، وأطولهم قصيدًا، وأبرعهم افتنانًا، نشأ مترفًا، وظل سادرًا في لهوه حتّى قُتل أبوه ملكُ بني أسد؛ فأفاق وظلّ يطالب بثأر أبيه حتّى توفّي سنة 545 م تقريبًا.

ينظر في ترجمته: طبقات فحول الشّعراء؛ لابن سلام: (1/ 51)، الشّعر والشّعراء:(16)، الأغاني:(5/ 55 - 74)، وشرح الزّوزنيّ على المعلّقات:(17 - 30).

(8)

جزء من بيت المتقارب، وتمامه: =

ص: 392

"تطاولَ ليلُك (1) " فيما كان مُقتضى الظّاهرِ أن يقول: "ليلى" - صرَّحَ الأستاذُ بالقسمين تنبيهًا على مرادِه (2)؛ بأن أشارَ إلى التَّقديريِّ بقوله: "يُسْتعملُ كلٌّ مقام الآخر"، وإلى التَّحقيقيِّ بقوله:"أَوْ ينتقل (3) منه إليه".

قال صاحبُ "الإيضاح"(4): "المشهورُ عند الجمهور: أن الالتفاتَ هو التَّعبير عن معنى بطريقٍ من الطُّرقِ الثلاثةِ بعد التَّعبير عنه بطريقٍ آخر. وهذا (5) أخصُّ من تفسير السَّكَّاكيِّ؛ لأنَّه أراد بالنَّقل: أن يُعبَّر بطريقٍ من هذه الطُّرق عمَّا عُبِّرَ عنه [بغيره] (6)، أَوْ كان مقتضى الظَّاهر أن يُعبّر عنه بغيره منها (7)؛ فكلُّ التفاتٍ عندهم التفاتٌ عنده؛ من غير عكسٍ"(8).

= .......... بالأَثْمد

ونامَ الخَليُّ ولم تَرْقُدِ

وهو في ديوان الشَّاعر: (185).

(1)

في أ، ب زيادة:"بالأثمدِ" والاستشهاد تامٌّ بدونها.

(2)

أي: السَّكَّاكيّ.

(3)

في ب: "ينقلب" وهو خطأ ظاهر.

(4)

(2/ 86، 87).

(5)

كذا في مصدر القول وفي أ: "هذا" بحذف الواو. ومراده هذا: الالتفات المشهور عند الجمهور -حسبما ذكره صاحب الإيضاح-.

(6)

ما بين المعقوفتين ساقطٌ من الأصل، وبقيّة النّسخ، ومثبت من مصدر القول، ولا بدّ منه لتمام المعنى.

(7)

فعلى هذا يتحقّق الالتفات عند السَّكَّاكيّ بتعبير واحد؛ لكونه لا يشترط تقدّم التّعبير تعبيرٌ آخر، بل من ما ورد السِّياق بتعبير يخالف ما ينبغي أن يكون عليه مقتضى الظّاهر عُدَّ عنده التفاتًا.

(8)

يوحي قول الخطيب رحمه الله أنّ السَّكَّاكيّ سابق إلى هذا الرّأي، أو ربّما =

ص: 393

وقال الأستاذُ: كونُه مشهورًا عند الجُمْهور مَمْنوُعٌ؛ بلْ ما ذكره السَّكَّاكيُّ هو المشهور (1)؛ بل هو (2) أعمُّ -أيضًا- ممَّا ذكره السَّكَّاكيّ (3)؛ لأنّه قد يُقال: النَّقل من المُفردِ إلى المُثنَّى أَوْ الجمع (4) وبالعكسِ في نَوعٍ واحدٍ من التَّكلُّم (5) والخطابِ والغيبةِ من غير النَّقلِ إلى نوعٍ آخر -أيضًا- التفاتٌ (6). فعلى هذا نقولُ: الالتفاتُ وضعُ ضميرٍ (7) موضعَ آخر، وهو مثل قوله (8):

= فهم ذلك. والحقّ أنه مأخوذٌ عن الزّمخشريّ؛ فكان الأَولَى بالخطيب أن يسنده إلى أوّل من قاله، وبخاصّة أنّ الخطيب نفسه نقل في كتابه عن الزّمخشريّ وأسند إليه بعض آرائه الأخرى.

يقول د. محمّد محمّد أبو موسى مشيرًا إلى إهمال متأخّري البلاغيّين التّنويه بسبق الزّمخشريّ ونسبة قوله إلى السَّكَّاكيّ (البلاغة القرآنية في تفسير الزمخشريّ: 443): "وجرت كتب المتأخرين على دراسة مذهبين في الالتفات؛ مذهب الجمهور ومذهب السَّكَّاكيّ. والواقع أنّ المذهب المنسوب إلى السَّكَّاكيّ هو طريقة الزّمخشريّ وارتضاها السَّكاكيّ وسار عليها". على أنّ قول (أبو موسى) مسبوق يقول الصعيدي فقد أشار إلى سبق الزمخشري. ينظر: بغية الإيضاح: (117).

(1)

هذا ردٌّ على قول صاحب الإيضاح المتقدِّم: "المشهور عند الجمهور

".

(2)

ضمير الغائب: "هو"ساقطٌ من ب.

(3)

هذا ردٌّ على قول صاحب الإيضاح المتقدِّم: "وهذا أخصُّ من تفسير السَّكَّاكيِّ

".

(4)

في أ: "والجمع" بالعطف بالواو؛ بدلًا من العطف بـ"أو".

(5)

في ب: "المتكلّم" وهو تحريفٌ بالزّيادة.

(6)

لم أقف على قول الإيجيّ -فيما بين يديّ من كتبه- ولعلّه مما نقله عنه تلميذه الكرمانيّ.

(7)

في أزيادة: "ونحوه".

(8)

صدر بيتٍ من الكامل. وقائله لبيد بن أبي ربيعة. وتمامه: =

ص: 394

فَوَقَفْتُ (1) أَسْأَلُهَا وَكيفَ (2) سُؤَالُنا

........................

بل الانتقالُ من المُظهر إلى المضمرِ مُتَكلِّمًا أَوْ مُخاطِبًا أَوْ غائبًا وبالعكس -أيضًا-: التفاتٌ؛ وعلى هذا: يحتاجُ إلى تعريفٍ أعمَّ منه.

وذكر المَرْزُوقيُّ (3) ما يُشعرُ بما قلنا (4)، ومَثَّل بقوله (5):

= .....................

صُمًّا خَوالدَ ما يُبِينُ كَلامُهَا؟!

والبيتُ ضمن معلّقته المشهورة. ديوانه: (165)، وشرح المعلّقات السّبع للزوزني:(241).

(1)

كلمة: "فوقفت" ساقطةٌ من ب.

(2)

في أ: "فكيف".

(3)

هو أبو عليّ؛ أحمد بن محمّد بن الحسن المرزوقيّ الأصبهانيّ. عالمٌ بالنّحو، وإمامٌ من أئمّة اللِّسان، له عدَّة مؤلّفات؛ منها:"شرح ديوان أبي تمام"، "الأزمنة والأمكنة"، "شرح الفصيح"؛ توفي سنة 421 هـ عن عمر يناهز التّسعين عامًا.

ينظر في ترجمته: معجم الأدباء؛ لياقوت الحموي: (5/ 34 - 35)، إنباه الرّواة على أنباه النّحاة؛ للقطفي:(1/ 106)، سير أعلام النّبلاء:(17/ 475 - 476)، الأعلام:(1/ 212).

(4)

حيث قال (شرح ديوان الحماسة: 1/ 248): "

ومثل هذا الكلام يسمّى التفاتًا. والعرب قد تجمع في الخطاب أو الأخبار بين عدَّةٍ؛ ثمّ تقبل أو تلتفت من بينهم إلى واحدٍ لكونه أكبرَهم، أو أحسنَهم سماعًا لما يلقَى إليه، أو أخصَّهم بالحال الّتي تنطق بالشّكوى بينهم؛ فتفرده بكلام".

(5)

عجز بيتٍ من البسيط، وصدره:

لَوْ كَانَ مدحة حيٍّ أَنْشرَت أَحَدًا

...................... =

ص: 395

........

أَحْيَا أَبَاكُنَّ يَا لَيْلَى الأمَادِيحُ.

وذكرَ الزَّمخشريُّ في سورةِ الأنفالِ (1) في "الكشَّاف" في قوله: {ذَلِكُمْ فَذُوقُوهُ وَأَنَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَابَ النَّارِ} (2) ما هوَ قريبٌ منه (3). بل صرَّحَ به في سورة النِّساءِ في قوله -تعالى-: {وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ} (4) إذْ قال (5): "ولم يقلْ: (واستغفرت لهم)، وعدلَ عنه (6) إلى طريقةِ الالتفاتِ تفخيمًا لشأنِ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، وتنبيهًا على أنَّ شفاعةَ (7) من اسمُه

= وقائلُه أبو ذؤيب الهذليّ. ينظر: ديوان الهذليّين: (1/ 113).

والالتفات المشار إليه -بحسب العموم- في قوله: "أباكنّ يا ليلى" حيث عبّر بما يدل على الجمع أوّلًا: "أباكنّ"، ثمّ عاد بما يدلّ على الأفراد:"ليلى".

(1)

في أ: "من".

(2)

سورة الأنفال، الآية:14.

(3)

إذ قال (2/ 195): "والمعنى ذوقوا هذا العذاب العاجل مع الآجل الّذي لكم في الآخرة؛ فوضع الظّاهر موضع الضّمير".

(4)

سورة النّساء، من الآية:64.

(5)

الكشّاف: (2/ 559 - 560). وفيه زيادة: "وتعظيمًا لاستغفاره"؛ حيث وردت بعد الجملة الدّعائيّة: "صلى الله عليه وسلم".

(6)

"عنه" ساقطة من: أ.

(7)

في الأصل، وبقيّة النّسخ:"الشَّفاعة". والصَّواب من مصدر القول. وبه يستقيم =

ص: 396

الرَّسُول من الله بمَكَان (1) ".

والحقُّ: أنَّ هذا النَّوعَ من الكلام كثيرٌ، مثل قوله -تعالى-:{يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ} (2)، ولا مُشاحَّة في تسميتِه الْتِفَاتًا، والأمثلة -بحسبِ التَّقديريّ والتَّحقيقيّ والمضمَر من نوعه أَوْ جنسه أَوْ بالنِّسبة إلى المظهر- لا تكادُ تُحْصى.

ثمَّ قولُ السَّكَّاكيِّ: إنّه التفاتٌ عند عُلماءِ علم المعاني (3)، لا يُنافي قولَ الآخرين، كالزَّمخشريِّ: إنّه التفاتٌ في علم البَيانِ (4)؛ كما ظنَّ بعضٌ، لأنَّ البيانَ قد يُطلقُ كثيرًا ويُرادُ به علمُ المعاني والبيان والبديع ثلاثتُها معًا؛ بل رُبَّما سُمِّي به؛ تسميةً للشَّيءِ (5) باسمِ أشرفِ أقسامِه، كما أنَّ بعضًا يسمِّي الثلاثةَ علم البديع؛ تسمية الشَّيءِ باسمِ أشهرِ أقسامه، ويُؤيِّده قولُ الزَّمخشريِّ في آخر سُورةِ مريم في قوله: {لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئًا

= السِّياق.

(1)

عبارة: "بل صرّح .... بمكان" ساقطة من ب.

(2)

سورة الطّلاق، من الآية:1.

والالتفات المشار إليه ضمن هذا النوع متحقّق بالانتقال من التّعبير بصيغة المفرد إلى التّعبير بصيغة الجمع.

(3)

تقدّم قوله ص: (183) من هذا البحث.

(4)

ينظر: الكشّاف: (1/ 56).

(5)

هكذا في الأصل. وفي أ، ب:"الشّيء" ولا اختلاف في المعنى.

ص: 397

إِدًّا} ـ (1): أنَّه يُسمَّى الالتفات في علمِ البلاغةِ (2).

ويزيدُ، أي: الكلام بسببِ (3) الالتفاتِ في القبولِ والنَّشاطِ للسَّامعِ؛ كاختلافِ الألوانِ في قرى الأشْباح (4)، فإنَّه أشهى غِذاءً وأطيبُ تناوُلا. أليس ذلكَ؛ أي: قرى الأشباح دأبهم [أي](5) عادتهم وشأنُهم مُخالفين فيه (6) بين [لون ولون، وطعم وطعم؛ فكذلك عَمِلوا في قرى الأرواح مخالفين فيه بين](7) أسلوبٍ وأسلوب، في إيرادٍ وإيرادٍ؛ ليكونَ (8) أدخل في القبُول، وأحسن في التَّطرية (9).

(1) سورة مريم، الآية:89.

(2)

ينظر: الكشّاف: (3/ 47). وتحقّق الالتفات بمجي الآية الكريمة بعد قوله: {وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا} ؛ فانتقل الأسلوب من الغيبة إلى الخطاب.

(3)

في أ: "بحسب".

(4)

الأشباح: جمع: شبح، وهو: ما بدا لك شخصُه من الناس وغيره من الخلْق. أو ما أدركته الرّؤية والحسّ. اللّسان: (شبح): (2/ 494).

والمراد: أشخاص بني الإنسان؛ فهم الذين يميّزون بين أسلوب وأسلوب، وإيراد وإيراد -كما سيأتي-.

(5)

ما بين المعقوفتين ساقطٌ من الأصل، ومثبت من: أ. وعلى مثله درج الشَّارح.

(6)

"فيه" ساقطةٌ من ب.

(7)

ما بين المعقوفتين ساقطٌ من الأصل، ومثبت من أ، ب. وسقوطه من انتقال النَّظر.

(8)

في أ: "فيكون".

(9)

التّطرية: المدح والثَّناء. ينظر: اللِّسان: (طرا): (15/ 6).

ص: 398

ويختصُّ مواقعُه؛ أي: الالتفات. بفوائدَ؛ أي: بعد الفائدةِ (1) العامّة -الَّتي هي الزِّيادةِ في القبولِ والنَّشاطِ- لكُلِّ التفاتةٍ خاصَّةٍ في موقعها؛ أيضًا؛ فائدةٌ خاصَّةٌ؛ من فضل بهاءٍ ورونقٍ، وزيادةِ هزة (2)، ورفعة منزلةٍ، لا يُدركها إلَّا أربابُ الذّوقِ من البُلغاءِ النَّحاريرِ، والحُذَّاقِ المهرةِ (3).

مَلاكُ إدراكِها (4) الذَّوقُ السَّليمُ والطَّبعُ المستقيمُ. والملاكُ: ما يُمْلكُ به الأَمرُ (5). فيزدادُ الحسنُ؛ أي: إذا اختصَّ موقعُ الالتفات بشيءٍ من تلك الفوائد ازدادَ الكلامُ حسنًا؛ كأنْ تشكُو وتَشْكُر؛ أي: تشكو (6) حاضرًا له جناياتٌ [كثيرة](7) -في حَقِّك- إلى غيره مُحَوِّلًا وجهكَ عن الجاني إلى الغيرِ تُعدِّدُ (8) جناياته؛ واحدةً فواحدة؛ فتجد من نَفْسكَ داعيًا يدعوكَ إلى مُواجهته -ذلك الجاني- بهما؛ بالشُّكْرِ

(1) في أ: "الفوائد" والإفراد يلائم السِّياق بعدَه.

(2)

في الأصل: "نضرة"، والصَّواب من: أ، ب. وبه ورد لفظ المفتاح. ويبدو أنّها حرفت في الأصل بجعل حرف الهاء حرفين، وهما:"النُّون والضّاد" ونقل نقطة الزّاي إلى الحرف الأخير قبلَه.

(3)

في ب: "والمهرة".

(4)

في الأصل: "إدراك"، والصَّوابُ من أ، ب، ف.

(5)

في أ: "أمره".

(6)

في ب: "تَشْكر" وهو تحريف؛ يدلّ عليه ما بعدَه.

(7)

ما بين المعقوفتين غير موجود في الأصل، ومثبت من أ، ب. ويناسب إيراده المقام، كما أَنَّها ذكرت -فيما بعد- في المقام المقابل "مقام الشّكر".

(8)

في أ، ب:"معدّدًا".

ص: 399

والشِّكاية. تُغَالبُه؛ أَي: وأنت (1) تغالبُ ذلك الدَّاعيَ ولا تَلْتفتُ إِليه حتَّى يغلبكَ، ويحملكَ -من حيثُ لا تدري- على أن تُشافِهَ ذلكَ الغير بالسُّوءِ والتَّسفيه؛ فَتَلْتفت من الغَيْبةِ إلى الخطابِ. وكذا فيما تشكرُ حاضِرًا ذا نعمٍ عليكَ كثيرة إلى غيره، فإذا أخذتَ في تَعْداد (2) نعَمِه العِظَام؛ أحسستَ من نفسك كأنَّها تطالبُكَ بالإقبالِ على مُنْعمك، ولا تزال تزايد -ما دُمت في تعدادها-؛ حتَّى تغلِبَكَ؛ فتلْتَفتَ إليه مُثْنيًا عليه، داعيًا له، شاكرًا لصنايعه وعوارفه.

أَوْ تذْكُر له؛ أي: للغير؛ عطفٌ على "تشكر"؛ يريدُ أن يُشيرَ إلى لطفِ الفائدة الخاصَّةِ في موقعِ الالتفاتِ الَّتي في الفاتحة، صفات جلالٍ بحضورِ قلبٍ يزدادُ، حتَّى كأنَّكَ ماثلٌ بين يديه؛ فَتَقُول:{إِيَّاكَ نَعْبُدُ} (3) يا من هذه صِفَاتُه؛ وهذا ظاهرٌ، لكن ننقلُ كلامَ السَّكَّاكيِّ [فيه] (4)؛ لأنَّ فيه بسطًا؛ قال (5): "من حقِّ العبدِ إذا أخذَ في القراءةِ أَنْ يكونَ افتتاحُهُ التَّحميدَ عن (6) قلبٍ حاضرٍ ونفسٍ ذاكرةٍ تعقلُ فِيمَ هو،

(1)"وأنت" ساقطة من أ.

(2)

عبارة: "ذا نعم

في تعداد" ساقطةٌ من ب.

(3)

سورة الفاتحة؛ من الآية: 4.

(4)

ما بين المعقوفتين غير موجود في الأصل، ومثبت من: أ، ب.

(5)

المفتاح: (202 - 203) بتصرّف يسير في أوّله.

(6)

هكذا -أيضًا- في مصدر القول. وفي أ: "من".

ص: 400

وعند من هو. فإذا انتقلَ من (1) التَّحميدِ إلى الصِّفاتِ أن يكونَ انتقالُهُ مَحْذوًّا به حذو الافْتتاح؛ فإنَّه متى افتتحَ على الوجهِ الَّذي عرفتَ؛ مُجْريًا على لِسانه: {الْحَمْدُ لِلَّهِ} (2) أفلا يجدُ محرِّكًا للإقبالِ على من يَحْمَدُ؛ من معبودٍ عظيمِ الشَّأنَ!، حقيقٍ بالثَّناءِ والشُّكر!، مستحقٍّ للعبادة!، ثمَّ إذا انتقل [على] (3) نحو الافتتاح إلى قوله:{رَبِّ الْعَالمِينَ} (4) واصفًا له بكونه ربًّا مالكًا للخلْقِ، لا يخرجُ شيءٌ من ملكوته وربوبِيَّته؛ أَفَتَرَى ذلكَ المحرِّكَ لا يقْوى. ثمَّ إذا قال:{الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} (5) فوصفهُ بما يُنبئُ عن (6) كَوْنه مُنعمًا على الخلْقِ بأنواع النِّعَم؛ جلائِلِهَا ودقائِقِها، مُصيبًا إيَّاهُم بكلِّ معروفٍ؛ أَفلا تتضاعفُ قوَّةُ ذلكَ المحرِّك عند هذا!. ثمَّ إذا آلَ الأمرُ إلى خاتمةِ هذه الصِّفاتِ، وهي:{مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} (7) المُنادِية (8) على كونه

(1) هكذا -أيضًا- في مصدر القول. وفي أ: "عن".

(2)

سورة الفاتحة، من الآية:

(3)

ما بين المعقوفين ساقطٌ من الأصل وبقيّة النّسخ. ومثبت من مصدر القول، وبه يستقيم السِّياق.

(4)

سورة الفاتحة، من الآية:2.

(5)

سورة الفاتحة، الآية:3.

(6)

هكذا -أيضًا- في مصدر القول. وفي أ: "من".

(7)

سورة الفاتحة، الآية:4.

(8)

في الأصل: "المتأدّية". والصَّواب من: أ، ب، مصدر القول.

ص: 401

مالكًا للأَمرِ كُلِّه في العاقبةِ يومَ الحَشْرِ للثَّوابِ والعقابِ؛ فما ظنُّكَ بذلكَ المحرِّك؟؛ أيسعُ ذهنُك ألَّا يصير إلى حَدٍّ (1) يوجبُ عليك الإقبال على مَوْلًى شأن نفسك معه منذُ افتتحت التّحميدَ ما تصوّرت، فتستطع أن لا تقول:{إِيَّاكَ} يا منْ هذه صفاتُه {نَعْبُّدُ} و {نَسْتَعِينُ} (2) لا غَيْرك؛ فلا يَنطق على المنزلِ على ما هو عليه".

وفي أَبياتِ ابن حُجْرٍ الكِنْديِّ -وهو امْرُؤُ القيسِ (3) - بالحاءِ المُهْملة المضمومَةِ، ثمَّ الجيم-، وهو الشهودُ لي بكمالِ البلاغةِ (4)؛ المعقودُ (5) بالخُنْصر في شأنِ الفصاحةِ- ثلاثُ التفاتاتِ (6). والأبيات هي هذه (7):

(1)

في الأصل: "حمد". الصَّواب من: أ، ب، مصدر القول.

(2)

سورة الفاتحة، من الآية:4.

(3)

تقدّمت ترجمته ص (392) قسم التّحقيق.

(4)

قولُ المصنِّف: "وهو المشهود له بكمال البلاغة" جملةٌ معترضةٌ بين المبتدأ والخبر.

(5)

في: أ، ب:"المشار إليه" وتعبير الأصل أدقّ؛ لأنّ الإشارة لا تكون بالخنصر وإنَّما بالسَّبَّابة.

(6)

في أزيادة: "في ثلاث أبيات" وليست ضمن كلام الإيجي على اعتبار أنّها منه. ولا تلائم الشَّرح لما يَنْشأ عنها من حشو في الكلام؛ إذ لو كانت منه لما ساغ قوله بعدها: "والأبيات. . ." ولا اكتفى بإيراد الضّمير "هي" بعدها مباشرة.

(7)

الأبيات من المتقارب وهي في ديوان الشاعر: (185) برواية: "وأُنبئتُه".

واستُشهد بها أو ببعضها في المفتاح: (203)، المصباح:(35)، =

ص: 402

تَطَاوَلَ لَيْلُكَ بِالأَثْمد

وَنَامَ الخَلِيُّ وَلَمْ تَرْقُدِ

وباتَ وبَاتتْ لَه لَيْلَةٌ

كَلَيْلَةِ ذِي العَائِر الأَرْمَدِ

وذلكَ مِنْ نَبَأٍ جَاءَنِي

وَخُبِّرتُهُ عَنْ أَبي الأَسْودِ

الأَثْمُدُ -بفتح الهمزة، وضمِّ الميمِ-: موضعٌ (1). والخليُّ: الخالي من الهموم. والعائرُ: ذو قَذَى العينِ. والأَرمدُ: ذُو الرَّمَد. وأَبو الأَسودِ: كُنْية من نعى هو عنه. وقيلَ: أبي؛ إضافةٌ إلى ياءِ المتكلِّم، والأسودُ مُشْتَقٌّ من السِّيادة، صفةٌ له، لأنَّه نعى بخبرِ (2) وفاتِ أبيهِ- والله أعلم.

وأمَّا الالتفاتاتُ (3) الثَّلاثةُ:

فالأوَّلُ: في البيتِ الأوَّلِ، من الحكايةِ إلى الخطابِ، إذ مُقتضى الظَّاهر أن يقول:"لَيْلِي"، وهذا من النَّقل التَّقديريِّ (4).

= الإيضاح: (2/ 88)، التبيان:(423).

وأوردها صاحب معاهد التّنصيص؛ منسوبةً إلى امرئ القيس بن عابس الكنديّ: (1/ 170 - 171).

(1)

هكذا -أيضًا- بدون تحديد في معجم ما استعجم للبكري: (1/ 108)، ومعحم البلدان للحمويّ:(1/ 92)، والأخير نصّ عليه بالكَسْرِ ثمّ السّكون وكسر الميم:"إثْمِدِ".

(2)

في أ: "بالخبر".

(3)

في ب: "الالتفات"، وهو خطأ ظاهر.

(4)

تقدّم ص (393) انه: التّعبير بأحد الطّرق الثّلاثة فيما كان مقتضى الظّاهر أن يعبر عنه بغيره.

ص: 403

والثَّاني: في البيتِ الثَّاني؛ من الخطابِ إلى الغيبةِ، إذ القياس:"بِتَّ وباتَتْ لكَ" بالخطابِ.

والثَّالثُ: في الثَّالثِ، من الغيبةِ إلى التَّكلُّمِ؛ إذ كان القياسُ:"جاءَه".

وأما "خُبِّرته" فهوَ على طريقة "جاءني"، ولا التفات (1) فِيه.

والزَّمخشريُّ -أيضًا- قَال: إِنَّ فيه ثلاثَ التفاتاتٍ في ثلاث أَبياتٍ (2)؛ ومنه يظهر ضعفُ قولِ صاحبِ "الإيضاح"(3) من وجهين، لأنَّ الزّمخشريَّ لَمَّا قال (4):"في ثلاث أبياتٍ" عُلِمَ أنَّ في كُلِّ بيتٍ التفاتًا، فكيفَ يصحُّ أن يقول: لا التفات عند الجمهوو بالنَّقل التَّقديريِّ، ثم يقول (5):"فتعيَّنَ أن يكون عنده في الثَّالث التفاتان؟! "؛ ولعلَّهُ ذَهلَ عن قوله (6): "في ثلاثة أبيات".

(1) في ب: "والالتفات"، وهو خطأٌ ظاهرٌ.

(2)

ينظر: الكشّاف: (1/ 56).

(3)

تقدّم قوله الَّذي نسبه للجمهور ص: (404) وفي قول الكرمانيّ: "ومنه يظهر. . ." ردٌّ على الخطيب في ادّعائه أنّ الالتفات عند الجمهور بالنّقل التّحقيقيّ فقط.

(4)

الكشّاف: (1/ 56).

(5)

أي: صاحب الإيضاح: (2/ 90).

واستوقف توجيهه هذا الشّيخ عبد المتعال الصّعيديّ؛ فعلّق عليه قائلًا (بغية الإيضاح: 117): "قد ذكروا أن مذهبَ السَّكَّاكيِّ في الالتفات هو مذهب الزّمخشريّ؛ فلا معنى لتكلّف تحقيق الالتفات الّذي ذكره في البيتين على مذهب الجمهور لأنّ مذهبه يخالف مذهبهم".

(6)

أي: قول الزّمخشريّ المتقدّم.

ص: 404

كانَ يُمكنُ تَرْكها، وذلك بأن يسوقَ الكلامَ على [الحكاية في الأبياتِ الثَّلاثة، ويُمكن الاكتفاءُ بواحدٍ منها، بأن يُجرى الكلام على](1) الخطابِ مثلًا في الكلِّ، [بأن يقولَ: ليلُك، وبِتَّ، وباتت لكَ، وجاءَك، وخُبِّرتَه] (2)، قال:

تَطَاوَلَ لَيلُكَ بالأَثْمُد (3)

وَباتَ وبَاتتْ لَهُ لَيلَةٌ (4)

كأنَّه (5)؛ يريدُ أن يُشيرَ إلى لطائف مَواقعِ التفاتاته، فذكرَ في التفاتِه (6) الأوَّل (7) أربعةَ أوجهٍ، وفي الثاني (8) ثلاثةَ أوجهٍ، وفي الثَّالث (9) وجهًا واحدًا.

(1) ما بين المعقوفين ساقطٌ من الأصل، وظاهره من انتقال النّظر. ومثبت من أ، ب. ولا بدَّ منه لإقامة السِّياق.

(2)

ما بين المعقوفين غير موجود في الأصل، ب. ومثبت من أ. وبه يتضح المعنى.

(3)

كلمة: "بالأَثْمد" ساقطة من أ.

(4)

كلمتا: "له ليلة" سقطا من أ.

(5)

أي: ابن حُجر.

(6)

جملة: "فذكر في التفاته" ساقطة من ب.

(7)

وهو الالتفات التَّقديريُّ؛ الّذي التفت فيه من التَّكلُّمِ إلى الخطاب: "تطاول ليلك".

(8)

في ب: "الثّالث" وهو تحريف، وأراد بالالتفات الثاني: الالتفات من الخطاب إلى الغيبة: "وبات وباتت له".

(9)

أي: الالتفات من الغيبهّ إلى التَّكلَم: "وذلك من نبأ جاءني".

ص: 405

جعلهُ ثَكْلى (1) يُسلِّيها (2) الملوكُ؛ هذا هو الوجهُ الأوَّلُ من الالتفات الأوَّلِ؛ أي: جعل نفسه ثَكلى صاجما عزاءٍ لا تتسلَّى إلَّا أن يَذْكُر لها مَلِكٌ من الملوكِ موجباتِ التَّسلِّي، ويُسَلى إيَّاها؛ ففعل ذلك لكونه مقتضى الحالِ هنالك (3).

أوْ لأنَّه لَمَّا لم يصبر كالملوكِ ظنَّه (4) غيره؛ هو الثَّاني مِنَ الأوَّل؛ أي: لأَنَّه لَمَّا لَمْ يصبر عليه وجَزِعَ (5) وقَلِق، وكان مِنْ حقِّه أن يَتَثبَّتَ ويَتَصَبَّر -كما هو دَيْدَنُ الملوكِ وعَادتُهم عند طوارق النَّوائبِ وبوارقِ المصائب- شَكَكته (6) في أنَّها نفسُه؛ بَلْ ظنَّه غيره؛ فخاطب له.

ثمَّ نبَّه أنَّ التَّحزُّنَ (7) تحزُّنُ صدقٍ خاطب أَمْ لا؛ هو الأوَّلُ من الثَّاني (8)؛

(1) الثّكلى: هي المرأة الّتي فقدت ولدَها، وقيل: الّتي فقدت حبيبها. ينظر: اللِّسان: (ثكل): (11/ 88).

(2)

في أزيد ضمن كلام المصنِّف: "تسلية"، وليست في ف.

(3)

ويكشف هذا الوجه عن شدة مصاب الشَّاعر في أبيه، وعمق أثر وقع النَّبأ عليه، الأمر الَّذي كان معه كالثّكلى؛ قليل الصّبر، كثير الجزع؛ لا يكاد يتسلّى بعض التَّسلية إلَّا بتسلية الملوك لها بالتَّحزّن لما نابها.

(4)

أي: ظنَّ نفسه غيره.

(5)

في ب: "جزع" بدون العطف.

(6)

أي: نفسه.

(7)

هكذا -أيضًا- في ف، وفي ب:"التَّحزين".

(8)

كان المنتظر أنْ يؤخّر هذا القسم حتى ينتهي من بيان أوجه القسم الأول "إلَّا أَنَّه قدّم بعضَ فوائد الأول على فوائد الثاني، وأخّر بعضها عن بعض لتوقّف تصوّره=

ص: 406

وإنَّما لا (1) يتفاوت الحال، لأنَّ التَّحزُّنَ لَمَّا كان تحزَّنَ صدقٍ (2) لَمْ يَتَسلَّ خاطبه أَمْ لم (3) يُخاطبه؛ بخلافه إذَا كانَ تحزُّنًا تَكَلُّفيًّا، فإنّه إذا خَاطَبه يتسلَّى (4)؛ فلهذا عدلَ إلى الغَيْبةِ.

أو لأَنَّه (5) لَمَّا دَهِش (6) -بكسرِ الهاءِ- عن مُقْتضى الظَّاهرِ غَلَبتهُ العادةُ؛ هو الثَّالثُ من الأَوَّل؛ أي: لَمَّا أَطارَ ذلك النَّبأُ قلبه، وأباد لُبَّه، وصيَّره مَدْهوشًا غافلًا عن مقتضى الظَّاهر- غلبته العادةُ ممّا (7) كان ألِفَه به من الخطابِ الدَّائرِ في مجاري أُمُور الكبارِ؛ أَمْرًا ونهيًا؛ فعدل (8) إلى مُقتضى الحال، وخاطب. وفي بعضِ النُّسخ:"مقتضى الحال" والظَّاهرُ

= عليه، وأخّر فائدة الثَّالث لاطراده مع كل فائدة من الفوائد الأُولَيَيْن على ما ستقف عليه". شرح الفوائد الغياثيّة طاش كبري:(99).

(1)

في أ: "لم".

(2)

في ب زيادة: "له"، والسِّياق تامّ بدونها.

(3)

في أ، ب:"أو"، والأَوْلى ما جاء في الأصل.

(4)

في ب: "يستهلى" وهو تحريف بالزّيادة.

(5)

أي: ابن حُجر.

(6)

ويقال: "دُهِش" بضم الدَّال وكسر الهاء.

والدُّهشُ: ذهاب العقل من الذهل والوله، وقيل: من الفزع ونحوه.

اللِّسان: (دهش): (6/ 303).

(7)

في أ، ب:"وما".

(8)

في أ، وردت كلمة:"فعدل" ضمن كلام المصنِّف، وليست في ف.

ص: 407

"الظَّاهر"؛ كما قرّرنا (1)، ثم ببعضِ الإفاقةِ لم يجدْ نفسَه معه؛ هذا هوَ الثَّاني من الثَّاني، أي: بعد الصَّدمةِ الأولى حينَ أفاق بعضَ الإفاقة، ولم يجدْ نفسَه معه بنَى الكلامَ على الغَيْبة.

أو لأنَّه غاظَه جَزعُه فوبَّخَ مُخاطبًا، الرَّابع من الأوَّلِ، أي: لأنَّ (2) نفسَه حين لم تَتَثبَّتْ ولم تتصبَّر غاظه جزعه، فأقامها (3) مقام المستحقِّ للعتاب، مخاطبًا له على سبيل التَّوبيخِ.

ثمَّ سكتَ عنه الغضبُ بالعتابِ فأَعرضَ يدمدم (4)؛ هو الثَّالثُ من الثَّاني؛ أي: لمّا كان الحاملُ للخطابِ والعتابِ هو الغضب، فحين سكت عنه بالعتابِ الأَوَّل أعرضَ (5) عنه الوجه مُدَمْدمًا (6) -أي: مُتَكلِّمًا مع النَّفْسِ الدَّمْدَمَهّ؛ هي: الكلامُ والحديثُ مع النَّفسِ- فعدلَ إلى الغيبة.

وأمَّا قولُه، "جاءني" فليُعلم -من الإعلام- أنَّ ذلكَ كلَّه

(1) لأَنّ الالتفات -في حقيقة أمره- إخراج للكلام لا على مقتضى الظّاهر؛ وهو أخصُّ من مقتضى الحال.

(2)

في أ، ب:"أنّ".

(3)

في أ: "فأقامه".

(4)

في أ، زيد ضمن كلام المصنِّف:"نفسه"، وليست في ف. وزيد عقبه ضمن كلام الشَّارح "ثمَّ" والسِّياق تامٌّ بدونها.

(5)

في ب: "عرض" وهو تحريف بالنّقص.

(6)

في ب: "مذمومًا" وفيه تحريف وتصحيف.

ص: 408

مِمَّا يَخُصُّه (1) غيرُ متعدٍ إلى من سواه؛ هذه إشارةٌ إلى فائدةِ الالتفاتِ الثَّالث هذا؛ أي: هذا الذي ذُكر إنّما ذُكر ليُعلمَ أنْ لا يُعترف بالبلاغةِ لمن لا لطائفَ في افتناناته (2).

قوله: "يُعترفُ" بالرَّفْع؛ أي: أنَّه (3) لا يُعترفُ؛ لأنّ "أنْ"(4) المذكورة بعدَ العلم مخفّفةٌ من الثّقيلة، وليست بناصبة؛ أي: لِيُعلم (5) أن الفحولَ البُزْلَ (6) لا يقيمونَ لكلامٍ وزنًا، ولا يعترفونَ بالبلاغةِ

(1) أي: كل ما ذكر في الالتفاتات المتقدِّمة؛ من جعل نفسه ثكلى لقلّة تصبّره، ومن ظنّه نفسه غيره لجزعه، ومن دهشه عن ما يقتضيه الظّاهر لشدَّة ما أصابه، ومن توبيخه نفسه لغيظه، وما ترتّب على ذلك في الالتفات الثّاني؛ كلّ ما تقدّم ليُعْلِم ابن حجر سامعَه أنّ ما ذكر متعلّق به دون غيرِه.

وجاء هذا الإعلام في النِّهاية موافقًا للظّاهر؛ بالحكاية عن نفسه؛ لأنّه قد زال موجب العدول عن الظّاهر بالتَّسلية والإفاقة والعتاب.

(2)

على أنّ كل ما تقدّم من توجيه الالتفاتات في أبيات ابن حجر لا يخلو من تكلّف ظاهر -في نظري-؛ بدليل تعدّد التَّوجيهات واختلافها -بحسب تصوّر الموقف وأبعاده- في نظر موجهيها، ومحال أن تتداعى كل تلك الأفكار أو حتّى بعضها في ذهن ابن حجر؛ ليعالجها -بتلك البراعة- وفق ما ذكر، وبخاصة مع مفاجأته بالنّبأ. هذا إذا سلّمنا بأنه قال أبياته بمجرّد طروقه الخبر؛ كما تنبي عنه التَّوجيهات السَّابقة. على أن النَّصَّ من حيث كونه نصًّا محتملٌ لكلّ ما ذكر.

(3)

في ب: "لأنّه" وهو تحريف بالزِّيادة. وضمير الشّأن اسم أنَّ.

(4)

"أن" ساقطة من ب.

(5)

في ب: "العلم" وهو خطأ ظاهر.

(6)

البُزْل: جمع بازل؛ وهو المسنّ من الإبل. وقد قالوا: رجل بازل على التَّشبيه =

ص: 409

لأحدٍ؛ ما لم يعثروا من مطاوي افْتناناته على لطائف اعتبارات.

والتَّفاضلُ في الكلامِ قلَّما يكَون لَغيرها (1)، بل لا يكون إلَّا بها، وما إعجازُ القرآن؛ أي: أَنَّ (2) كلامَ الله -تعالى- وهو قرآنهُ الكريمُ وفُرقانهُ العَظيمُ لم يكتسِ تلَكَ الطُّلاوة (3)؛ ولا استودع تلك الحلاوةَ، وما كانَ بحيثُ يعلُو ولا يُعلى، ويبلُغ (4) -في الإعجاز- الدَّرَجة العُليا (5)؛ إلّا لانصبابهِ في تلك القواليب (6)، ولورُوده على (7) تلكَ الأساليبِ.

= بالبعير؛ يعنون به كماله في عقله وتجربته. ينظر: اللِّسان: (بزل): (11/ 52).

(1)

هكذا -أيضًا- في ف. وفي أ، ب:"بغيرها".

(2)

"أنّ" ساقطة من أ.

(3)

الطّلاوة -بضم الطاء المشدَّدة وفتحها-: الحسن والبهجة. اللِّسان: (طلى): (15/ 14).

(4)

في أ: "ولا يبلغ من".

(5)

عبارة: "وما إعجاز. . . العُلْيا" ساقطة من ب. وظاهر تأثّر بعض فقرات العبارة بمقولة الوليد بن المغيرة بعد أن استمع إلى القرآن الكريم وهو يُتْلى (الكشّاف: 4/ 651): "والله لقد سمعت من محمّد آنفًا كلامًا ما هو من كلام الإنس ولا من كلام الجنّ؛ إنّ له لحلاوة، وإن عليه لطلاوة، وإنّ أعلاه لمثمر، وإن أسفله لمغدق، وإنّه يعلو وما يعلى".

(6)

هكذا -أيضًا- في ف، المفتاح.

وكان الأَولى بالمصنّف أن يوردها على "قوالب"؛ لأنّها جمع قالب، بخلاف قواليب؛ لكنه ربَّما نقل اللَّفظة عن السَّكّاكيّ؛ الّذي راعى في إيرادها بالياء المزاوجة لما بعدها "الأساليب".

أمّا القالب -بكسر اللام وفتحها- فإنه: الشَّيء الَّذي تُفرَغُ فيه الجواهر، ليكون مثالًا لما يُصاغ منها. اللِّسان:(قلب): (1/ 689).

وفي قول المصنِّف: "وما إعجاز. . . القواليب" ردٌّ على من زعم أنّ الإعجاز في القرآن قائم على الصرفة.

(7)

في الأصل: "في"، والمثبت من أ، ب، المفتاح. وهو الأَولى بالسِّياق.

ص: 410